شرح مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (27)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المصنف -رحمه الله تعالى-: ومن صلى خلف الصف وحده" يعني منفرداً، وهذه حال، وإن كانت مضافة، تعريفها لفظي، مؤولة بنكرة، يعني منفرداً "من صلى خلف الصف" خلف منصوب على الظرفية، والصف مضاف إليه، ووحده حال، صلى خلف الصف حال كونه منفرداً "أو قام بجنب الإمام عن يساره أعاد الصلاة" أما الصلاة خلف الصف فجاء فيها حديث وابصة بن معبد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما انصرف من صلاته رأى رجلاً خلف الصف منفرداً فقال: ((لا صلاة لفذ -أو لمنفرد- خلف الصف)) وقال الإمام أحمد: هذا حديث حسن.

المقصود أن من صلى خلف الصف صلاته ليست بصحيحة باطلة، عملاً بهذا الحديث، ودلالته صريحة على المطلوب.

كثير من أهل العلم يرى أن الصلاة صحيحة، ومنهم من يرى أنه يعني صحيحة مطلقاً، ومنهم من يرى أنه إذا استفرغ وسعه وبذل جهده في البحث عن مكان يصاف فيه من يصاف من المأمومين أو الإمام وإلا حينئذٍ تكون صلاته صحيحة للحاجة، لكن لا اجتهاد مع النص، ما دام النص ثابت فلا كلام لأحد، لا تصح الصلاة خلف الصف، فإذا لم يجد من يصافه إن استطاع أن يصف عن يمين الإمام بها ونعمت، إن وجد في الصف فرجة فهو أولى وأكمل، إن لم يجد قال بعضهم: يجتذب من الصف من يصلي معه، لكن حديث الاختلاج ضعيف، وهو اعتداء على المصلي، وتشويش عليه فلا ينبغي.

نعم إن رجع أحد بطوعه واختياره ليتصدق عليه فيصف معه هذا مأجور -إن شاء الله-، ولا يقال: إنه أوجد فرجة في الصف أو تأخر من الفاضل إلى المفضول، وذلك لتحصيل مصلحة صحة صلاة هذا الذي لم يجد من يصف معه، هذا إذا صف خلف الصف، ثم بعد ذلك جاء من يصافه قبل الركوع أو في أثناء الركوع هذا لا إشكال فيه؛ لأنه أدرك معه الركعة، وصلاته حينئذٍ صحيحة، أما إذا رفع الإمام من الركوع فلا يعتد بهذه الركعة التي صلاها خلف الصف.

من يقول بصحة صلاة الفذ خلف الصف حجته حديث أبي بكرة، وأنه ركع دون الصف، والحديث مخرج في الصحيح وغيره، ركع دون الصف، فابتدأ صلاته منفرداً خلف الصف، ثم بعد ذلك لحق في الصف، وقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((زادك الله حرصاً ولا تَعد)) أو لا تُعِد، وفي بعض الروايات: ولا تَعْدو، يعني لا تسرع في المشي تمشي عدواً، وعلى كل حال قيل له: ((ولا تُعد)) أو لا تَعد، وكل من الروايتين يدل على صحة الصلاة في مثل هذه الصورة، فمن ركع دون الصف ثم لحق بالإمام قبل أن يرفع من الركوع هذا لا إشكال فيه، لكن إن لحق بالإمام بعد أن رفع من الركوع تصح باعتبار أنه لحق بالإمام وأدرك الركوع والصورة صورة أبي بكرة واضحة في هذا إلا أنه إدراك الركوع له شأن؛ لأنه تدرك به الركعة، فقال بعضهم: إن لم يدرك الإمام راكعاً، ويلتحق بالصف قبل أن يرفع الإمام وإلا فلا يعتد بهذه الركعة، وحديث أبي بكرة معول من يقول بأن المسبوق لا تلزمه الفاتحة؛ لأن أبا بكرة  فاته القيام بقراءة الفاتحة، فأدرك الركوع واعتد بهذه الركعة، فدل على أن المسبوق لا تلزمه الفاتحة، وهذا قول جماهير أهل العلم أبو هريرة والبخاري والشوكاني وبعض أهل العلم يرون أن الفاتحة لازمة على كل حال حتى المسبوق، لكن حديث أبي بكرة دليل للجمهور بأن المسبوق تسقط عنه الفاتحة، الجمهور حينما استدلوا، نعم؟

طالب:.......

لا لا، التي فيها الرواية وإن كانت بعيدة أو ضعيفة جداً: "لا تعدو" إيه.

طالب:.......

يأتي كلام للمؤلف حول حديث أبي بكرة، والتفريق بين من عنده علم بالمسألة، علم بالنهي ((لا تعد)) وبين من لا علم عنده.

الصلاة خلف الصف وحده، بعضهم يقول: إذا ضاقت به المسالك، وعجز فإنه حينئذٍ يصلي على أي حال، وقلنا: إنه مع ثبوت الخبر أنه لا اجتهاد، الذي قال له: ((لا صلاة لفذ)) هو أحرص منه على أن يدرك المسلم الصلاة، لا شك أنا لسنا بأحرص من النبي -عليه الصلاة والسلام- على ما ينفعنا.

لو افترضنا أن الصف الثاني فيه واحد في أقصاه من اليمين والثاني في أقصاه من الشمال نسميه فذ أو معه أحد؟

طالب:.......

لو شخص في أقصى الصف من اليمين، والثاني في أقصى الصف من الشمال هذه مصافة أو نقول: هذا فذ وهذا فذ؟ أو نقول: هما اثنان؟ هاه؟

طالب:.......

فذ؟ هل هذه مصافة؟ ليست مصافة، لكن هل يصح أن يقال: هذا فذ في هذا المكان، وهذا فذ في هذا المكان؟ هل يصح أن يقال: وحده؟ صلى خلف الصف وحده؟ ألا يمكن أن يحصل مثل هذا؟ يعني يقال له: أعد أولا تعد؟

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

خلف الصف، افترض أن الصف الأول قصير ألا يتصور؟ والصف الثاني أطول منه.

طالب:.......

يعني أليي هناك مساجد في صدرها ضيق ثم تتسع؟ أنت افترض أن في الصف المتسع شخص صلى في أقصى اليمين، وواحد صلى في المسجد النبوي في التوسعة واحد صلى في أقصى اليمين وواحد في أقصى الشمال؟

طالب: لكنه حكماً يا شيخ في حكم من صلى خلف الصف.

واحد أو اثنين؟

طالب: هما اثنان صليا خلف الصف، وإن كان الصف الأول قصيرا والثاني طويلا، حكماً هما صليا خلف الصف.

نعم.

طالب:.......

يعني إذا وجد في الصف فرجة تنقطع المصافة أو ما تنقطع؟

طالب:.......

إيه.

طالب: ما يقال مثل هذا تحدي بحيث إذا رأى الرائي إن كان يعني مما يقال يطلق عليه... كما قيل في الحركة في الصلاة...

يعني يترك هذا إلى العرف؟ يترك إلى العرف إن عُد مصافاً له وإلا فلا؟ نعم؟

طالب:.......

نعم نفس الشيء الحكم واحد، نعم؟

طالب:.......

لا، واحد دخل مع الباب الشمالي وكبر وركع لكي يدرك الركعة، والثاني دخل مع الباب الجنوبي وكبر في أقرب مكان له ليدرك الركعة، يقول: ما شاء الله ما دام في واحد الحمد لله لست بفذ.

طالب:.......

لكن عرفاً ما يقال: مثل هذا صف؟

طالب:.......

والآن صلاتهم صحيحة أو باطلة على القول ببطلان صلاة الفذ؟

طالب:.......

يعني ليس بصف، كل واحد منهما فذ؟

طالب:.......

لو نظرنا إلى اللفظ وحده، يعني منفرداً هذا لم ينفرد، وإن كان باعتبار الرؤية والعرف منفرداً، نعم؟

طالب:.......

إيه صلي على....

طالب:.......

طيب، الصف الأول ملتحم، نعم هذا ليس فيه إشكال، لكن الثاني؟

طالب:.......

هذا ليس بصف، يعني واحد في أقصى الشمال وواحد..، هذا ليس بصف قطعاً، لكن هل نسميه فذا؟

طالب:.......

الآن فيها اثنان وليس بواحد، وقل في الوسط ثالث بعد.

طالب:.......

نعم.

طالب: شرط الالتحام يعني.....

وتصح الصلاة؟

طالب:.......

إذا كان لا يستوعب إلا واحد؟ ولا يسمى مسجدا بعد.

طالب:.......

إيه، لكن أقول: مفهوم الحديث هل يخرج الواحد أو يخرج ما ليس بصف؟

طالب:.......

معروف، إيه.

طالب:.......

هم يقولون: ما داموا في سور المسجد وهم اثنان متراصان ليس بواحد هذا ما فيه إشكال، صلاتهم صحيحة، ومر بنا، لكن الكلام فيما إذا كان واحد في جهة، والثاني في جهة في صف واحد، على سمت واحد، هل نستطيع أن نقول: إن هذا صلى خلف الصف وحده يعني حال كونه منفرداً؟ هو منفرد بلا شك شئناً أم أبينا هو منفرد ليس بجواره أحد.

طالب:.......

طيب.

طالب:.......

والله في تصحيح الصلاة في مثل هذه الصورة مع القول ببطلان صلاة المنفرد ما..، تحتاج إلى..، نعم؟

طالب:.......

هو فذ بلا شك باعتبار أن النص يدل على العموم نكرة في سياق نفي تفيد العموم، فذ أي فذ كان، لكن هل نستطيع أن نسميه فذ ومعه في آخر الصف الواحد أحد، ثم إذا قلت بالصحة أو بالبطلان افترض في ثالث في الوسط، هاه؟

طالب:.......

لا لا، اثنان في اليمين متصافين لا إشكال.

طالب:.......

المخالفة موجودة، التراص لا بد منه، وسد الفرج لا بد منه، نعم؟

طالب:.......

عندنا خلف الصف، والصف متحقق الذي هو الأول.

طالب:.......

الصف الثاني لا يشترط تمامه، المقصود أنه لا يصلي فذا.

طالب:.......

الاثنان ليسا بفذ، هاه؟

طالب:.......

لا هذا خلل، لا شك أنه خلل، عدم التراص خلل في الاصطفاف، لكنه لا يعني بطلان الصلاة، نعم؟

طالب:.......

يعني ابتعدا بحيث يقول القائل: إنهما ليسا بصف.

طالب:.......

أما وجود فرجة بمقدار شبر أو نحوه هذا لا أحد يقول: إنه ليس بصف.

طالب:.......

أثموا، لكن أنت إذا رأيت، أو إذا رأى الرائي هل يقول: هذا صاف مع هذا؟

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

نحن لم نفرق بين من وجد ومن لم يجد.

طالب:.......

كلاهما باطلة صلاته، نحن ما شيين على هذا، لكن يبقى أن الصورة التي أوردناها تحتاج إلى...

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

وما يدريك أن الاحتمالات كلها موجودة مع هذا الذي أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإعادة، ما تدري، اللفظ يحتمل هذا ويحتمل هذا، ولا اجتهاد مع النص يعني، نحن ما نكلفه غرامة أو سجنا أو ضربا أو شيئا، لا، نقول: أعد الصلاة، الأمر سهل يعني، نعم؟

طالب: لو دخل ينتظر.....

يعني مثل الفرجة والسارية في حكم الالتصاق مع أنه جاء النهي عن الصلاة بين السواري، لكنها إذا احتيج إليها في حكم الالتصاق، الفاصل غير معتبر.

طالب:.......

والله إن في النفس منها شيء، يعني إبطال الصلاة فيه شيء؛ لأنه ليس بفذ، وتصحيح الصلاة في النفس منه شيء؛ لأنهما لا يقول القائل بأن بعضهما مع بعض، وتحتاج المسألة إلى..، يعني العرف في تسميته فذا، يعني هل يسمى فذا أو لا يسمى فذا؟

طالب:.......

لا لا، ينتظر.

طالب: لا يصلي؟

لا، ما يصلي، يصلي صلاة باطلة ما له داعي.

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

والله إن في النفس منه شيء كون الإنسان ما صف، ومن شاف واحد بعيداً عن الثاني عشرين أوثلاثين مترا هذا في النفس منه شيء، فضلاً عن أن يكون في مثل المسجد النبوي، تراه لوحده تقول: معه أحد، هذا معه أحد؟ هل معه أحد؟ والذي ليس معه أحد منفرد، يعني في النفس شيء، حقيقة يعني...

طالب:.......

له ذلك.

طالب:.......

يقف إلى أن يحضر معه أحد، وتفوته الصلاة، عذر، من قصد الجماعة فوجدهم قد صلوا فله مثل أجرهم.

"أو قام بجنب الإمام عن يساره أعاد الصلاة" النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاة قيام الليل قام ابن عباس معه، حينما بات عند خالته ميمونة فقام عن يساره، فأداره النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى جهة اليمين، نعم؟

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:.......

إيه، نعم، يعني إذا وجد امرأة في صف فأراد أن يصف معها لايوجد رجال، هل نقول: إنه فذ، أو نقول: ليس بفذ؟

طالب:.......

لا لا خلف الصف امرأة.

طالب:.......

أجنبية إيه، أو محرم، افترضها على الجهتين؛ لأنهم صححوا الصلاة بجوار الأجنبية، يعني ما لم يحصل خلوة، ولا مماسة ولا شيء، منهم من قال ببطلانها، لكن الذي عليه الأكثر التصحيح، نعم يعني ما لم يحصل شيء يؤثر على الصلاة، مصافاة المرأة معروف أنه يشغل، نعم؟

طالب:.......

كيف بالمقاربة؟

طالب:.......

يعني هم غير مستويين، فيأمرهم بالاستواء، يعني قصر الإمام في رصهم، فجاء شخص وجعلهم يتساوون مطلوب هذا، يتراصون.

طالب:.......

لا، لا نقول وجوب، لكن هذا من إكمال صلاتهم، يعني من الإحسان إليهم قبل الإحسان إليه.

طالب:.......

ويش فيه؟

طالب:.......

إيه معروف؛ لأن هذا خلل في الصف، الفرج هذه خلل، وهو يسوي هذا الخلل محسن إليهم ومحسن إلى نفسه.

طالب:.......

الوجوب لا، لا يصعب أن يقول بالوجوب، لكن رأينا من الطرائف في هذا الباب أن شخصاً يساوي الصف ويحاول أن تلتئم هذه الفرج، ثم جاء شخص ودخل فيما تحصل من فراغ، وأعجب منه من اختلج وجذب شخصا ليصف معه، فلما رجع جلس مكانه، يعني اللؤم يصل إلى هذا الحد.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

صلاته صحيحة، لكنه أثم.

طالب:.......

هو أولى به.

طالب:.......

لا، إبطال الصلاة فيه ما فيه، لكن أجر ذاك أعظم، ما دام حصل له ما حصل.

طالب: أحسن الله إليك لو قام في الصف صبياً غير مميز ولم يجد فرجة؟

الأصل في إدخال الصبي غير المميز في الصف أنه خطأ وخلل في الصف، فرجة هذه.

طالب: هل له.....

هذا فرجة، ومسألة من يكفر ببدعته ويصاف الناس حكمه، هاه؟

طالب:.......

حكم السواري إن كانت الحاجة داعية لا بأس، وإن لم تدع الحاجة فلا يصف بجواره.

طالب: الحرم يا شيخ؟

حكمه حكم السارية.

طالب: أطفال مميزين.

بين أطفال مميزين صلاتهم صحيحة لأنفسهم ولا إشكال، لكن غير مميزين فرج فهؤلاء وجودهم مثل عدمهم، دعونا نكمل لأنه لا يوجد غير هذا الدرس، نريد أن نكمل الباب.

"أو قام بجنب الإمام عن يساره أعاد الصلاة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أدار ابن عباس إلى جهة اليمين" والجمهور يخالفون في المسألتين، فيقولون: إن أبا بكرة صف خلف الصف، فجزء من صلاته خلف الصف، وهذا الجزء أقره النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه، وأيضاً ابن عباس جزء من صلاته عن يسار الإمام، ولم يأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بإعادة ما مضى من صلاته، ولو أقل تكبيرة الإحرام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في مرض موته جاء وأبو بكر يصلي بالناس فجلس عن يساره، على رواية أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مأموم، وهذه عند مالك في الموطأ وغيره، ويرجحها، ويستدل بها من يقول بجواز الصلاة عن يسار الإمام، وعلى رواية الأكثر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الإمام وأبو بكر مأموم يأتم به، والناس يأتمون بصلاة أبي بكر، وهذا الذي عليه أكثر الرواة لا يكون في الحديث دليل على هذا.

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:.......

لا يوجد نهي، في فعل.

طالب:.......

لا قل فعل، إدارة النبي -عليه الصلاة والسلام- لابن عباس من اليسار إلى اليمين، هل هذا يقتضي بطلان الصلاة؟ كونه فعل ما يخل بالصلاة، نعم يعني كون الإنسان ينتقل من مكانه من غير حاجة، فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- يديره من مكان إلى مكان، هذا لا شك أنه يخل بالصلاة.

طالب:.......

إيه، لكن ما يترتب على هذا الفعل؟ ليس المقصود الفعل المقصود ما يترتب على الفعل، نعم؟

طالب:.......

هذا مرور لا يوجد فعل أصلاً، مجرد مرور، يعني ما يسمى فعلا، مكث أو بقي خلف الصف.

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

أو خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني لو صف واحد خلف الإمام بمفرده يقولون: لا تصح صلاته كالفذ، لو صلى فرد خلف الإمام قلنا: إنه مثل الفذ خلف الصف، ما تصح صلاته، وأما إدارة النبي -عليه الصلاة والسلام- لابن عباس فلا شك أنها باعتبار أنه ترتب عليها ما يخل بالصلاة دل على الوجوب، دل على وجوب الإدارة، ومفهوم هذا أن الصف خلف أو عن يسار الإمام لا يجوز، والجمهور الذين قالوا: إن الصلاة صحيحة وإن كانت خلاف الأولى أو على الأقل الكراهة يقولون: إنه صلى جزءاً من صلاته عن يسار الإمام، وما أمر بالاستئناف، لو كانت صلاته باطلة لأمر بالاستئناف.

طالب:.......

نعم، لما صف جابر عن يمينه، وجبار أو جبارة عن يساره أرجعهما النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى خلفه، صف واحد عن يمينه والآخر عن شماله، فأرجعهما النبي -عليه الصلاة والسلام- وراءه، ابن مسعود صلى بين علقمة والأسود، مما يدل على جواز أن يكون الإمام في الصف وسط المأمومين.

هنا مسألة، مسألة الجلوس -جلوس الإمام- وماذا يصنع المأموم معه؟

قال: "وإذا صلى إمام الحي جالساً صلى من وراءه جلوساً، فإن ابتدأ بهم الصلاة قائماً ثم اعتل فجلس أتموا خلفه قياماً" جاء في المسألة أحاديث متعارضة، منها ما يستدل به المالكية في أن إمامة القاعد لا تصح مطلقاً، سواء صلوا خلفه قياماً أو قعوداً، ويستدلون بحديث: ((لا يؤمن أحدكم بعدي قاعداً قوماً قياماً)) لكن هذا الحديث ضعيف جدا، فلا اعتبار له.

في المسألة مما يصح: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) إلى أن قال: ((وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين أو أجمعون)) وهذا في الصحيح، وهو عمدة المذهب حينما قالوا: إنه إذا صلى إمام الحي، أو ابتدأ إمام الحي الصلاة قاعداً لعلة يرجى برؤها، فإنهم يصلون خلفه قعوداً ((وإذا صلى قاعداً فصلوا خلفه قعوداً أجمعون)).

طالب:.......

لأن النبي -عليه الصلاة والسلام-كان إماماً للحي، وغيره لا يحتاج إليه في أن يصلي بالناس وهو قاعد.

قال: "وإذا صلى إمام الحي" الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو الإمام الرسمي، هو الإمام الراتب، فلا يؤتى بإمام طارئ زائر، ثم يقال: صل جالساً من أجل أن نصلي جلوسا وراءك، لا، فلا بد أن يكون إمام الحي؛ لأن إمام الحي له شأن في الحي، وله نوع ولاية في مسجده وحيه، فلا يقوم غيره مقامه إذا ابتدأ، لا بد أن يبتدئ، لماذا قلنا: إذا ابتدأ؟ لنوفق بين حديث: ((وإذا صلى قاعداً فصلوا خلفه قعوداً أجمعون)) وبين صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- في مرض موته وهو جالس وهم قيام؛ لأن الصلاة افتتحت من قيام، افتتحها أبو بكر من قيام، وصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن يساره إماماً قاعداً، وصلوا خلفه قياماً، هذا عمدة الحنابلة ليوفقوا بين النصين جاءوا بهذه القيود، إذا ابتدأ، لا بد أن تبتدأ الصلاة من قعود، أما إذا ابتدئت من قيام كصلاة مرض موته -عليه الصلاة والسلام- حيث ابتدأها أبو بكر من قيام فإنهم يصلون قياماً، إذا ابتدأ إمام الحي فلا يؤتى بأي إمام يترخص الناس فيه، يؤتى بإمام لو يستأجر من أجل أن يصلوا جالسين، أي إمام، لا، المسألة إمام الحي الذي له نوع ولاية في هذا المكان، كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- في مسجده.

ابتدأ إمام الحي الصلاة من قعود لعلة يرجى برؤها، إمام الحي إذا أقعد أصيب بشلل، هل يستمر الناس يصلون وراءه قعودا؟ لا، إنما قالوا: لعلة يرجى برؤها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى لعلة يرجى برؤها، لما صلى قاعداً لعلة يرجى برؤها؛ لما سقط من الدابة فجحش شقه الأيمن فصلى جالساً، وقاموا أشار إليهم: أن اجلسوا، وقال: ((كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم)) فأمرهم بالقعود؛ لأن هذه العلة يرجى برؤها.

"صلوا وراءه جلوساً" أما إذا كان غير إمام الحي فهذا لا يصلى وراءه، وإذا كان ابتدئ الصلاة من قيام فهذا يصلون من قيام كما حصل في مرض موته -عليه الصلاة والسلام-، إذا كان لعلة لا يرجى برؤها فإنه حينئذٍ لا يصلى وراءه من قعود.

"فإن ابتدأ بهم الصلاة قائماً ثم اعتل فجلس أتموا خلفه قياماً" المالكية عرفنا رأيهم أن القاعد لا تصح إمامته، ولا يصلى وراءه لا من قيام ولا من قعود، الحنابلة هذا مذهبهم بالقيود التي ذكرناها، الشافعية والحنفية يرون أنه لا تجوز صلاة القادر على القيام قاعداً، فلا تصح صلاته، ولو صلى الإمام جالساً، يصلي الإمام جالساً، لكن مع ذلك يصلون من قيام، كما حصل في مرض موته -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- إمام، وصلى جالسا وصلوا قياما، فقالوا: هذا ناسخ لما حصل منه -عليه الصلاة والسلام- من أمرهم بالجلوس، ومن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((وإذا صلى قاعداً فصلوا خلفه قعوداً أجمعون)).

طالب:.......

صلى قائم؟

طالب:.......

خلاص يصلون قياما، ولذلك قال: "فإن ابتدأ بهم الصلاة قائماً".

طالب:.......

نعم، فإن ابتدأ بهم الصلاة قائماً ثم اعتل فجلس أتموا؛ لأن ابتداء الصلاة قيد عندهم؛ ليخرجوا بذلك الصورة التي حصلت في مرض موته -عليه الصلاة والسلام- التي يقول الشافعية والحنفية: إنها ناسخة للحديث.

طالب:.......

ما يلزم من المحاولة أي شخص يصلي يبدأ من قيام لا يجوز على أي حال يصلى وراءه من قعود، سواءً كان إمام الحي أو غير إمام الحي.

طالب:.......

لا لا ما تلزم، أي إمام أتموا خلفه قياماً؛ لأن الذي ابتدأ بالقيام أبو بكر، وليس إمام الحي، نعم؟

طالب:.......

والشافعية، نعم.

طالب:.......

لا لا عندنا نصوص، الآن أنت تتابع الإمام فيما يبطل صلاتك لو كنت منفردا، يعني هل يمكن أن تصلي منفرداً المغرب بأربعة تشهدات؟ ما تصلي أربعة تشهدات، تبطل صلاتك، فأنت تتابع الإمام حتى فيما يبطل صلاتك لو كنت منفرداً، وفي هذه الحالة يتابع ولو كان القيام ركنا، نعم؟

طالب:.......

فقام يقومون، نعم؛ لأن العلة مشابهة فارس والروم، فإذا قام فلا مشابهة.

باقي كثير يا إخوان، باقي.

طالب:.......

الكرسي قاعد، قاعد.

طالب:.......

إيه يجلسون على الأرض قعودا.

"ومن أدرك الإمام راكعاً فركع دون الصف" يعني مثل قضية أبي بكرة "ثم مشى حتى دخل في الصف، وهو لا يعلم بقول النبي –عليه الصلاة والسلام- لأبي بكرة: ((زادك الله حرصاً ولا تَعد)) قيل له: لا تَعد" ولا تُعِد أيضاً.

"إذا ابتدأ إمام الحي لعلة يرجى برؤها" أصيب بشلل وانتهى، يصلون بقية عمره كلهم قعودا، لا.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

وجوب، نعم؟

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

لا، لكن قصة النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أبي بكر للتوفيق بين القصتين، ابتدئت الصلاة من قيام إذاً لا يصلون قعودا.

قال -رحمه الله-: "ومن أدرك الإمام راكعاً فركع دون الصف، ثم مشى حتى دخل في الصف، فلا يخلو: إما أن يكون عالماً بقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي بكرة ((زادك الله حرصاً ولا تعد))" يعني لمثل هذا العمل، إما أن يكون جاهلاً به، أو عالماً به، فإن كان جاهلاً به صار حكمه حكم أبي بكرة قبل أن يقول له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تعد)) وإن كان عالماً به صار حكمه حكم أبي بكرة بعد أن قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تعد)).

طالب:.......

على كلام المؤلف لا، إن كان جاهلا حكمه حكم أبي بكرة قبل أن يقول له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تعد)) وإن كان عالماً بالحديث صار حكمه حكم أبي بكرة بعد أن قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تعد)) ولذلك قال: وهو لا يعلم بقول النبي –صلى الله عليه وسلم- لأبي بكرة: ((زادك الله حرصاً ولا تعد)) قيل له: لا تعد، ولا تُعد، لكن لا تعد مرة ثانية "وقد أجزأته صلاته" يعني كما أن أبا بكرة لم يؤمر بإعادتها هذا أيضاً لا يؤمر بإعادتها، لكنه نهي عن العود إلى مثل هذا الفعل، والنهي يقتضي الفساد، فإن عاد بعد علمه بقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تعد)) فإنه حينئذٍ يقال له: صلاتك لا تجزئك، بل أعدها.

"فإن عاد بعد النهي لم تجزئه صلاته، ونص أحمد -رحمه الله تعالى- على هذا في رواية أبي طالب" يعني التفريق بين من بلغه الخبر، وبين من لم يبلغه الخبر، هل هذا مطرد؟ يعني نفترض أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أبطل صلاة شخص فقبل الصلوات التي صلاها قبل إبطالها، يعني المسيء مثلاً هل يقال له: تعيد كل الصلوات التي صليتها على هذه الكيفية ما جاء ذلك، ولا قيل له، أما بعد أن أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإعادة، وشرح له الصلاة الصحيحة المجزئة لا يجوز له أن يعود إلى ما كان عليه قبل ذلك، وغيره، الآن النص صحيح وثابت، يعني..، أو فرق بين من يكون الخبر بسببه وبين من يكون الخبر بسبب غيره لكن قبله، يعني الحكم في هذا الحديث مستقر للجاهل في هذه الأوقات قبل وجوده بقرون، أربعة عشر قرنا، استقر الحكم، لكن هل يلزم العمل بالحكم قبل بلوغه أو بعده؟ يعني الناسخ مثلاً أنت عندك نص منسوخ، لكن ما تدري أنه منسوخ، فصرت مستمراً على العمل بالمنسوخ، ثم بلغك الناسخ.

أهل العلم يقولون: العمل بالناسخ من بلوغه، لكن هنا في مثل هذا تقرير شرع، ثبت قبل وجودك بقرون، استقر التشريع على هذا، يعني فرق بين أبي بكرة ومن يحصل له هذا العمل في هذا الوقت، لماذا؟ لأن أبا بكرة تقرير حكم جديد، تشريع جديد، ما يدري كيف يفعل؟ ولو سأل ما أجيب، ولو أراد أن يصل إلى الحقيقة ما استطاع قبل ورود النص، لكن من أراد أن يصل إلى الحقيقة في مثل وقتنا هذا يستطيع أن يصل، ولو كان جاهلاً يسأل، إذا ما سأل وصلى مثل ما صلى أبو بكرة على كلام المؤلف أجزأته صلاته، فإن عرف الحكم فيما بعد، وبلغه الخبر، وعرف هذه القصة فأصر على عمله، وركع دون الصف يقال له حينئذٍ: أعد، ولا تَعُد.

قوله: ((ولا تعد)) هل يقتضي هذا النهي بطلان الصلاة؛ لأن النهي هذا إما لخلل مؤثر في الصلاة، أو لخلل غير مؤثر في صحتها؛ لأن أبا بكرة جاء مسرعاً فأخذه النفس والبهر، وسمع نفسه ممن هو أمامه، سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- فهل قوله: ((لا تعد)) لأن ما فعلت مؤثر في صلاتك تأثيرا لا يخل بها، أو ما فعلته مؤثر تأثيرا مخلا مبطلا؟

يعني الكلام مفهوم أو ليس بمفهوم؟ لأن المؤلف قال: إن كان لا يعلم بقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تعد)) قيل له: لا تعد، مثل ما حصل لأبي بكرة، يعني هل مثل هذا مطرد في النصوص التي صُحح فيها بعض العبادات، وأبطل فيها البعض يكون حكم من فعل ذلك بألف وأربعمائة سنة حكمه حكم من فعلها وقت التشريع؟ نعم؟ طيب لو لم يرد أو لو شخص ضحى بعناق، وحصلت الصورة كاملة، ذبح قبل الإمام، وعنده عناق ضحى بها، ولا يعرف ما جاء في حديث أبي بردة، وشخص يعرف الذي يعرف نقول: عناقك لا تجزئ، والذي لا يعرف؟ على شان نطبق ((لا تجزئ لأحد بعدك))...

طالب:.......

لكن شيخ الإسلام تدري ماذا يقول؟ يقول: تجزئ، إذا صارت منطبقة مثل ما هنا، جاء شخص فضحى قبل الإمام، وذبح شيئا لا يجزئ ولا عنده غيره، نقول: تجزئ، مثل من كانت صورته مثل صورة أبي بردة، مثل الصورة التي معنا، لكن المسألة مفترضة عندنا في شخص لا يعلم، يعني علمه بهذه المسألة كعلم أبي بكرة.

طالب:.......

حكم جديد هو ما يدري، يقال له: لا تعد؟ وهذا ياإخوان فيه مسائل كثيرة جداً لا يمكن حصرها، في كل المسائل نقول مثل هذا؟ وهذا يلزم عليه لوازم يا إخوان.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

طيب.

طالب:.......

هذا الذي ذكرت أنا قبل قليل، أقول: التنظير هل هو مطابق أو غير مطابق؟ نعم؟

طالب:.......

بلى، نعم؟

طالب:.......

لا ما نقول كذا، نقول: لأن الخلل مبطل للصلاة، مؤثر في صحة الصلاة، وهنا نقول: الخلل غير مؤثر في صحة الصلاة، يعني في أقصاه من اليمين، ثم بدلاً من أن أمشي إلى الأمام أمشي إلى اليسار نفس الحكم.

طالب:.......

كل هذا يرجع إلى أرجح الروايات في "لا تَعد" أو "لا تعد" أو "لا تعد لمثل هذا العمل" وهل هذا النهي يقتضي البطلان أو لا؟ وهل هذا من أجل خلل مؤثر في الصحة أو في الكمال؟ كل هذا يعتري مثل هذا النص.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

على كلام المؤلف إذا كان يعرف الحكم يلزمه أن ينتظر إلى الصف، إذا كان لا يعرف الحكم لو صنع مثل صنيع أبي بكرة ما عليه شيء.

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

يعني هل النهي في قوله: ((لا تعد)) عائد إلى ذات المنهي عنه، أو إلى ركنه المؤثر، أو إلى شرطه، أو إلى أمر خارج؟ هاه؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

حتى صلاته فيها خلل بلا شك، لكن هل هو خلل مؤثر في صحة أو في كمال؟ هذا محل النظر.

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:.......

ويش فيه؟

طالب:.......

مثل ما عندنا، هاه؟ هذا يؤيد كلام شيخ الإسلام.

يا إخوان نريد أن نكمل ما بقي إلا سطرين، وفي كلام أيضاً.

قال -رحمه الله-: "وسترة الإمام سترة لمن خلفه" إذا استتر الإمام فالمأموم لا تلزمه السترة؛ لأن ابن عباس جاء على أتان والنبي -عليه الصلاة والسلام-يصلي فنزل عن الأتان، ومرت بين يدي بعض الصف ولا أثرت في صلاتهم، مع أن الحمار يقطع الصلاة كما في الحديث الصحيح، ما أثرت، فدل على أن الإمام إذا استتر فالمرور بين يديه هو المؤثر، فسترة الإمام سترة لمن خلفه، منهم من يقول: إن الإمام سترة لمن خلفه، لكن يلزم عليه أنه إذا مر بين الإمام ومن خلفه انقطعت الصلاة، فقولهم: سترة الإمام سترة لمن خلفه أدق.

"ومن مر بين يدي المصلي فليردده" الآن جاء في الحديث الصحيح أنه يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود قطع إبطال، وهذا هو الظاهر من الحديث، ومنهم من يقول: القطع المراد به في الحديث نقص الأجر والصلاة صحيحة، ومنهم من يقول: بأن الثلاثة كلها تقطع الصلاة، ويلزم إعادة صلاة من مر بين يديه امرأة أو كلب أو حمار، ومنهم من يقول كما اختاره المؤلف: الكلب الأسود البهيم فقط، وهذا هو المشهور عند متأخري الحنابلة، والجمهور لا يرون القطع، وإنما يرون نقص الصلاة، طيب ما الذي يخرج المرأة والحمار من الثلاثة الذي جاء نسقها في حديث واحد؟

قالوا: الحمار بحديث ابن عباس يخرج، والمرأة كانت عائشة تصلي بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- معترضة، فإذا سجد غمزها فكفت رجلها، وما أشبه ذلك، قالوا: لو كانت المرأة تقطع الصلاة لقطعت عائشة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو كان الحمار يقطع الصلاة لقطعت أتان ابن عباس صلاة الصحابة، لكن الإجابة عن هذين الحديثين، أولاً: عائشة قارة وليست مارة، والذي يقطع الصلاة المرور بين يدي المصلي.

أتان ابن عباس مرت بين يدي الصف ولم تمر بين المنفرد وسترته، ولا بين الإمام وسترته، وسترة الإمام سترة لمن خلفه.

"ومن مر بين يدي المصلي فليردده" من مر بين يدي المصلي فليردده مفاده مطلقاً، سواء استتر أو لم يستتر، يصلي يرد كل من مر بين يديه، سواء كان أمامه سترة، أو ليس أمامه سترة، مع أن الحديث: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليردده)) فهذا يدل على أن الرد خاص بمن استتر، أما من فرط ولم يتخذ سترة فليس له أن يرد، هذه مسألة.

المسألة الثانية: هل السترة تتخذ من أجل المصلي أو من أجل المار؟ بمعنى أنه لو كان المار بيده عصا فوضع العصا أمام المصلي وتجاوز وأخذ عصاه وهو بيده ما ثبته، ماسك العصا أمام المصلي وبعد ما مر أخذ العصا ومشى؟

طالب:.......

لكن هذه سترة أو ما تعد سترة؟

طالب:.......

هذه نظير النهي عن سفر المرأة بغير محرم ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)) ذو محرم له أو لها؟ لأن بعض الناس يقول: أنا معي محرم وأسوق سيارة وأودي نساء، وقد يتفرد بواحدة، معه محرماً له ليس لها، وبعض الشراح قالوا: له، لكن الأكثر على أن المحرم لها، لو معها ذو محرم يعني لها هو الذي يحميها، ويرد عنها، وبه تتحقق الحكمة والعلة، أما محرم له سهل يعني، يستطيع أن يصرف من تحت يده.

الآن هذه السترة، قلنا: إنها للمصلي، وإلا بالإمكان يمشي شخص يقطع صلاة صف كامل، الناس يصلون بعد صلاة الجمعة يتنفلون بغير سترة، ثم هذا معه عصاه كلما أراد أن يتجاوز شخصا أمسكها ووضعها بيده أمامه واجتازها ومشى، هذه ليست بسترة؛ لأن المقصود سترة للمصلي ((إذا صلى أحدكم فليستتر)) والسترة سنة عند الجمهور، وأوجبها بعضهم.

((إذا صلى أحدكم فليستتر)) هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، لكن ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار، قال ابن عباس: يعني إلى غير سترة، وهذا صارف.

النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه -فليرده- فإن أبى فليقاتله، فإن معه القرين)) المقاتلة يعني بالدفع الأشد من الأول، ولا يلزم معه أن يأخذ آلة حرب أو سلاح أو مسدس أو سيف أو شيء، من مر بين يديه أنهاه، لا، ولا على قول من يقول: فليقاتله بالسب والشتم؛ لأن بعضهم يقول مثل ما يقال في قاتل الله اليهود يعني لعنهم، قاتله العنه وسبه واشتمه، هذا بعيد كل البعد عن مقاصد الصلاة.

شخص مضطر للمرور بين يدي المصلي، يعني أبو سعيد لما أراد الشاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه لم يجد مساغاً، الشاب لم يجد مساغاً، ومع ذلك رده أبو سعيد، رده أبو سعيد مرة مرتين ثلاث إلى أن سلم انتهى؛ لأنه لم يجد مساغاً، ويقول بعض أهل العلم: إذا كان المصلي قد استتر وللمار مندوحة، يعني له طريق ثاني فالإثم على المار، وإذا لم يستتر المصلي وليس للمار مندوحة عن هذا الطريق فالإثم على المصلي.

إذا استتر المصلي وليس للمار مندوحة لا إثم عليهما، إذا لم يستتر وللمار مندوحة الإثم عليهما، لكن هذا التقسيم يرده حديث أبي سعيد.

قال: "ولا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود البهيم" يعني فقط، البهيم خاص بالأسود هذا مقتضى كلام بعضهم، الحريري في درة الغواص يقول: ومن هذا النمط، يعني ما يغلط فيه الخواص، ويهمون فيه، توهمهم أن البهيم نعت يختص بالأسود لاستماعهم ليل بهيم، بل البهيم اللون الخالص -هذا كلام الحريري- بل البهيم اللون الخالص الذي لا يخالطه لون آخر، ولا يمتزج به شية غير شيته، ولذلك لم يقولوا لليل المقمر: ليل بهيم لاختلاط ضوء القمر به، فعلى مقتضى هذا الكلام يجوز أن يقال: أبيض بهيم، وأشقر بهيم، هذا كلام الحريري.

لكن يقول الشهاب الخفاجي في شرحها- شرح الدرة-، يقول: هذا أيضاً قول لبعض أهل اللغة، يعني ما ذهب إليه الحريري قول لبعض أهل اللغة، وخصه بعضهم بالأسود، وخصه بعضهم يعني بعض أهل اللغة بالأسود، وفي القاموس وغيره البهيم الأسود، انتهى.

قال: وبه جرى الاستعمال فليس ما أنكره بمنكر، يعني تخصيص البهيم بالأسود، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. 

"