شرح الموطأ - كتاب الحج (28)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سم.

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا واغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: باب فدية من حلق قبل أن ينحر

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن مالك الجزَري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عُجرة -رضي الله عنه- أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محرمًا، فآذاه القمل في رأسه، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحلق رأسه، وقال: «صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين مُدّين مُدّين لكل إنسان، أو انسك بشاة، أي ذلك فعلت أجزأ عنك».

حدثني عن مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد أبي الحجاج عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عُجرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «لعلك آذاك هوامك» فقلت: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «احلق رأسك وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك بشاة».

وحدثني عن مالك عن عطاء بن عبد الله الخرساني أنه قال: حدثني شيخ بسوق البرم بالكوفة عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- أنه قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أنفخ تحت قدر لأصحابي، وقد امتلأ رأسي ولحيتي قملاً، فأخذ بجبهته ثم قال: احلق هذا الشعر وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علم أنه ليس عندي ما أنسك به، قال مالك في فدية الأذى: إن الأمر فيه أن أحدًا لا يفتدي حتى يفعل ما يوجب عليه الفدية، وإن الكفارة إنما تكون بعد وجوبها على صاحبها، وأنه يضع فديته حيثما شاء النسك أو الصيام أو الصدقة بمكة أو بغيرها من البلاد.

قال مالك: لا يصلح للمحرم أن ينتف من شعره شيئًا ولا يحلقه ولا يقصره حتى يحل إلا أن يصيبه أذى في رأسه، فعليه فدية كما أمره الله تعالى، ولا يصلح له أن يقلم أظافره، ولا يقتل قملة، ولا يطرحها من رأسه إلى الأرض ولا من جلده ولا من ثوبه، فإن طرحها المحرم من جلده أو من ثوبه فليطعم حفنة من طعام.

قال مالك: من نتف شعرًا من أنفه أو من إبطه أو أطلى جسده بنوَرة، أو يحلق عن شجة في رأسه لضرورة، أو يحلق قفاه لموضع المحاجم وهو محرمٌ ناسيًا أو جاهلاً، إن من فعل شيئًا من ذلك فعليه الفدية في ذلك كله، ولا ينبغي له أن يحلق موضع المحاجم، ومن جهل فحلق رأسه قبل أن يرمي الجمرة افتدى.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب فدية من حلق قبل أن ينحر، من حلق قبل أن ينحر إذا كان في يوم العيد والحلق والنحر من أعمال يوم العيد، فقد جاء في أعمال يوم العيد الأسئلة المعروفة: حلقت قبل أن أرمي، رميت قبل أن أنحر، نحرت قبل أن أحلق، وفي كلها يقول -عليه الصلاة والسلام-: «افعل ولا حرج»، فإذا كان الحلق قبل النحر في يوم العيد فهذا لا بأس به، سواء قُدم أو أخر، ما سئل عن شيء قدم ولا أُخر في ذلك اليوم إلا قال: «افعل ولا حرج»، وكأن مراد المؤلف لما ترجم بهذه الترجمة على قصة كعب بن عجرة أن حلق الرأس ليس المراد به النسك، وإنما يراد به للحاجة إلى الحلق، فهل ينحر قبل أن يحلق، هل يكفر، هل يدفع الفدية قبل أن يفعل أو يفعل قبل؟ من أجل هذا عقدت هذه الترجمة.

يقول: حدثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محرمًا، فآذاه القمل في رأسه، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحلق رأسه. أولاً الإسناد -إسناد الإمام مالك- لا يسلم، لكن القصة في الصحيحين وغيرهما، عبد الكريم بن مالك الجزري، ماذا قالوا فيه؟ عندك عبد الكريم بن مالك الجزري، ماذا قال فيه؟

أحسن الله إليك

قال: بفتح الجيم والزاي أبي سعيد مولى بني أمية الحراني، وثقه الأئمة، وقال ابن معين: ثقة ثبت، وحُكي عنه أن حديثه عن عطاء رديء، قاله ابن معين عني بذلك حديث عائشة رضي الله عنها كان -صلى الله عليه وسلم- يقبلها ولا يتوضأ.

أنا أريد ما يتعلق بهذا الحديث عبد الكريم بن مالك الجزري، الصواب أنه يرويه عن مجاهد عن عبد الرحمن، عن مجاهد يعني بينه وبين عبد الرحمن بن أبي ليلى واسطة، لكن القصة في الصحيحين وغيرهما، وهي سبب نزول قوله تعالى:       ﯵﯶ البقرة: ١٩٦  والقصة مشهورة في الصحيحين وغيرهما، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الكريم، ماذا عندك، ما الطبعة التي معك؟

طالب: .................

ارفع، أعرفه بس من شكله.. لا يا أخي، لا تعتمد عن عبد الكريم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة معروف من رجال الصحيح، وابنه الفقيه القاضي محمد إمام في فقهه وقضائه، لكنه عند أهل العلم بالحديث سيء الحفظ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة الصحابي الجليل أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محرمًا فآذاه القمل في رأسه، ترتب على هذا الأذى أن يحتاج إلى حلق شعره، الحاجة قائمة، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحلق للحاجة فلا إثم عليه، ارتكب محظورًا لكنه محتاج إلى فعله فلا إثم عليه، لكن هل يعفى من أجل الحاجة عن الفدية لا يعفى فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحلق رأسه وقال: «صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين أو انسك بشاة» «صم ثلاثة أيام»، وفي بعض الروايات: «أتجد شاة»؟ قال: لا. قال: «صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين»، وعلى كل حال القول المرجح المحقق في المسألة أن الفدية على التخيير: «صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك بشاة» على ما جاء في الآية، هذا هو الموافق للآية: ﯵﯶ البقرة: ١٩٦  فـ (أو) هنا للتخيير.

طالب: .................

هو أرشده إلى الأفضل «أتجد شاة؟» أرشده إلى الأفضل، لا شك أن الشاة أفضل وأكمل، فعلى هذا من احتاج إلى فعل محظور يفعله من غير إثم لكن عليه فديته، بخلاف من فعل المحظور من غير حاجة فعليه الفدية والإثم، وكل هذا في العمد، أما في النسيان والخطأ فلا شيء فيه:   ﯫﯬ البقرة: ٢٨٦  والجهل « مُدَّيْن مُدين لكل إنسان» دل على أن الفدية والإطعام في سائر الكفّارات يختلف فيه أهل العلم هل لا بد من أن يكون مُدين، يعني نصف صاع أو ربع صاع، مد واحد؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، والحديث مُفسَر «مدين مدين لكل إنسان» فالأحوط أن تجعل نصف صاع، وإن جاء ما يدل على المد، «أو انسك بشاة» الباء هذه أو نضمن الفعل انسك تقرب أو افتدي بشاة يُضمن الفعل فعلا يتعدى بالباء، «أي ذلك فعلت أجزأ عنك» فدل على أن الفدية على التخيير.

قال: حدثني عن مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد أبي الحجاج عن أبي ليلى عن كعب بن عُجرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «لعله آذاك هوامك؟» يعني القمل الذي أشير إليه في الرواية السابقة، «لعلك آذاك هوامُك؟» فقلت: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «احلق رأسك»، يعني احلق شعر رأسك للحاجة، «وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك بشاة» وهذا موافق لما قبله، والكفارة على ما ذكرنا على التخيير.

وحدثني عن مالك عن عطاء بن عبد الله الخرساني أنه قال: حدثني شيخ بسوق البرم بالكوفة عن كعب بن عجرة أنه قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أنفخ تحت قدر لي. السند مثل ما سمعتم عن شيخ يعني مجهول، شيخ مبهم يحتاج إلى تعيين، فعلى هذا الخبر بهذا الإسناد يكون ضعيفًا، إلا أن القصة معروفة، القصة ثابتة في الصحيحين وغيرهما.

قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أنفخ تحت قدر لأصحابي، وقد امتلأ رأسي ولحيتي قملاً، فأخذ بجبهتي وقال: احلق هذا الشعر، يعني الذي هو سبب اجتماع القمل، إذا كان شعر الرأس يمكن حلقه، لكن ماذا عن شعر اللحية؟ هل تحلق للحاجة؟ لأن القمل في اللحية تحلق والا ..، مثل الرأس؟ لا ما تحلق؛ ولذا أخذ بجبهته وقال: «احلق هذا الشعر»، وفي الروايات الأخرى: «احلق رأسك»؛ لأن اللحية سهل يعني تنظيفها، أما الرأس يصعب تنظيفه، اللحية يسهل تنظيفها، ثم قال: «احلق هذا الشعر، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين»، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علم أنه ليس عندي ما أنسك به، علم أنه ليس عنده ما ينسك، فقير، فدل على أن الكفّارة إذا كانت ذات خصال، وعرف من حال السائل أو من وقع فيما يوجب الكفارة أنه لا يستطيع خصلة من الخصال، أن المفتي ينتقل فيه إلى الخصال الأخرى؛ ولذا لو سئل مثلاً عن كفارة اليمين في هذه الظروف يكفي أن يقول المسؤول: أطعم عشرة مساكين أو اكسهم، فإن لم تجد صم ثلاثة أيام، ما يحتاج أن يقول له: رقبة، لماذا؟ لأنه يعرف أنه لا يستطيع الرقبة، والرقبة لا وجود لها الآن، فمثل هذا لا يلزم أن تذكر جميع الخصال، مع أنها بينت في الآية التي يعرفها الخاص والعام، فلا يقال: إن هذا ظرفه خاص فلا يبين له، إذًا ماذا عن بقية الأمة؟ لأنه لو أفتي بمثل هذا في وقت التشريع والحكم لا يوجد فيه إلا هذا النص، عرفنا أنه ليس فيه التخيير إلا بين اثنين، لكن عرفنا الأمر الثالث من الآية التي يعرفها الخاص والعام، مع أنه جاء في بعض الروايات التخيير بين الثلاثة، نعم.

طالب: إذا غلب على الظن يا شيخ أن الفقراء موجودون، وقال له: أطعم عشرة مساكين اقتصر على...

لا، فيه خصال يمكن ما يستطيع أن يطعم، عنده ثياب جالسة ويستطيع أن يكسوها.

طالب: والكسوة كل واحد ثوب.

نعم، كل واحد ثوب.

المقرر الآن ختم الجزء وهو طويل جدًّا، ونحتاج إلى أن نمشي ونحيل في تفصيل هذه المسائل كغيرها من مسائل الحج التي أجملناها على الكتب الأخرى التي شرح فيها كتاب الحج، كصحيح البخاري وصحيح مسلم وزاد المستقنع، وكتب كثيرة شرح فيها كتاب الحج فيحال عليه.

قال مالك في فدية الأذى: إن الأمر فيه -يعني في هذه المسألة- أن أحدًا لا يفتدي حتى يفعل ما يوجب عليه الفدية، وإن الكفارة إنما تكون بعد وجوبها على صاحبها، وأنه يضع فديته حيثما شاء، أن أحدًا لا يفتدي حتى يفعل ما يوجب عليه الفدية، ما الذي أوجب عليه الفدية؟ الحلق حلق الشعر، هذا يقال فيه ما تقدم من أنه إذا كان للعبادة وقت سبب وجوب ووقت وجوب فلا يجوز تقديم الكفارة على السبب والوقت، لا يجوز تقديمها على السبب اتفاقًا ويجوز تأخيرها عن الوقت أو في الوقت إلى الوقت إجماعًا، والخلاف ما بين الأمرين هو الذي يشير إليه الإمام مالك أن أحدًا لا يفتدي حتى يفعل ما يوجب عليه الفدية، شخص حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منه، هل الذي هو خير ثم يكفر أو يكفر ثم يأتي الذي هو خير؟ على كلام مالك.

طالب: .................

نعم يأتي الذي هو خير، ثم يكفر.

طالب: .................

لا الرواية الأخرى العكس، هنا يأتي كلام الإمام مالك، لو قال مثلاً: يكفر قبل أن يحنث، قال: ما بعد يجب عليه كفارة فيخرجها قبل وقت وجوبها، والخلاف معروف في المسألة والنص صريح، فليكفر عن يمينه، ثم يأتي الذي هو خير، هذا دليل على الجواز، ماذا؟

طالب: .................

يعني يقبل النيابة أم لا يقبل؟ أو شخص احتاج إلى يمين فقال: احلف له يا فلان، يصلح أم ما يصلح؟ أما بالنسبة للكفارة فهي تقبل النيابة، أما بالنسبة لليمين لا.

طالب: .................

نفس الشيء.

طالب: .................

نعم، إيه يطرد، والمسألة خلافية بين..

طالب: .................

هذه مسألة أقول: مسألة ذات فروع كثيرة جدًّا، يعني مثل ما جاء في الحديث الصحيح من الثلاثة الذين يؤتون أجرهم مرتين: «ورجل عنده أمة فأدّبها وأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها، وجعل عتقها صداقها، أو أعتقها فتزوجها» الرواية الأخرى مالك وغيره يقولون مثل هذا لا يصلح أبدًا، يجعل العتق هو الصداق لماذا؟ لأنه لا يخلو إما أن يتزوجها قبل أن يعتقها، وقد ملك أمرها بملك اليمين، وله سلطان عليها، وهذا لا ينطبق عليه ما جاء في الحديث، أو يكون الزواج بعد العتق فإذا عَتقت صارت كغيرها وصار أسوة الخطاب.

طالب: .................

لها مهر المثل؛ لأنها صار أسوة الخطاب صارت حرة تملك نفسها، وبعض المسائل حقيقة، يعني وجد مثلاً الزواج الذي يسمونه المسيار، امرأة تتنازل عن كثير من حقوقها، قال بعضهم: يمنع لماذا؟ لأن المرأة تنازلت عن هذه الحقوق قبل ملكها، ما بعد عقد عليها لتملك هذه الحقوق، ما ملكت هذه الحقوق، عُرف المأخذ لكن هذا ليس بشيء، لو أن إنسانًا خرج بسيارته إلى المعارض وقال: أنا أريد بهذه السيارة خمسين ألفًا، فقال واحد: لا أربعين، قال: نصيبك، هو تنازل عن هذه العشرة قبل أن يملكها، وهذا يطرد في كثير من الصور، مثل هذا الذي لم يملك بعد هو في حكم المملوك، ولو منع مثل هذا ما صحح شرط؛ لأن الشروط كلها قبل أن تملك، الشروط التي يجعلها المتعاقدان كلها قبل أن يملك، قبل أن يثبت العقد، وإذا قلنا بقول مالك أو بقول من يقول: إنها ما ملكت الحقوق من أجل أن تتنازل على هذا ما صححنا أي شرط من الشروط؛ لأنه قبل أن يملك، فمثل هذا كلام الإمام مالك فيه ما فيه، فله أن يكفر ثم يحلق، وله أن يحلق ثم يكفر كاليمين، ماذا فيه؟

طالب: .................

المسألة مسألة حاجة للطرفين، المسألة مثل ما ترون عرض وطلب، يعني إذا كان الرجل يتنازل عن بعض شروطه ولن يحصل أن تتنازل المرأة عن شيء من شروطها إلا إذا تنازل الرجل عن شيء بشروطه، لولا أنها المسألة مسألة كغيرها من متع الدنيا، كلها قابلة للعرض والطلب، الحين لا نتصور أن امرأة كاملة من كل وجه تبغي تتنازل لرجل أقل من مستواها إلا أنها تسدد وتقارب من أجل أن تحصل على مثل هذا، وهو أيضًا يتنازل عن بعض شروطه، فتحصل له مثل هذا. المقصود أن مثل هذه الأمور أمرها سهل يعني إذا تمل العقد بأركانه وشروطه فما يظهر فيه إشكال إن شاء الله تعالى، والأمر لا يعدوهما. يقول: إن الأمر فيه -في فدية الأذى- إن الأمر فيه أن أحدًا لا يفتدي حتى يفعل ما يوجب عليه الفدية، وإن الكفارة إنما تكون بعد وجوبها على صاحبها، وأنه يضع فديته حيثما شاء، النسك أو الصيام أو الصدقة بمكة أو بغيرها من البلاد، يعني هذا رأي الإمام مالك، ويرى غيره أن ما كان من ذبح أو إطعام فلمساكين الحرم، والصيام يصح في أي مكان كان الذبح النسك والإطعام خاص بمساكين الحرم، والصيام يصح في أي مكان، والإمام مالك لا يفرق بين النسك والصيام والصدقة بمكة أو بغيرها من البلاد، والذي يظهر أن سكان الحرم لهم خصيصة ولهم ميزة، وجاء ما يدل على أن بعض الأنساك لهم.

طالب: .................

على قراءة ابن مسعود في كفارة اليمين.

طالب: .................

والله الأحوط وإن فرقها فلا شيء إن شاء الله.

قال مالك: لا يصلح للمحرم أن ينتف من شعره شيئًا ولا يحلقه ولا يقصره حتى يحل، إلا أن يصيبه أذى في رأسه، فعليه فدية كما أمره الله تعالى، فعليه فدية، وإن حلقه فعليه فدية كما أمره الله تعالى، ولا يصلح له أن يقلم أظفاره ولا يقتل قملة ولا يطرحها من رأسه إلى الأرض ولا من جلده ولا من ثوبه، فإن طرحها المحرم من جلده أو من ثوبه فليطعم حفنة من طعام، طيب هو ما قتلها وهي مؤذية يريد أن يتخلص منها، كيف نلزمه بالفدية؟ هم يقولون: إن مجرد الإلقاء تعريض للتلف، مجرد إلقاءها من الجلد؛ لأنها تستفيد عيشها على ما تمتصه من دم الإنسان، فعلى هذا لو ألقاها عرضها للتلف، يكون قد عرضها للتلف فعليه فدية على كلام الإمام مالك، وأمرها سهل يعني حفنة من طعام وهذا أحوط، لكن الإلزام بمثل هذا بمجرد إلقائها لدفع الأذى عنه من غير أن يتعرض لمحظور آخر الذي يظهر -والله أعلم- ما فيه شيء إن شاء الله تعالى، لكن إن أطعم حفنة من طعام يكون أحوط.

قال مالك: ومن نتف شعرًا من أنفه أو من إبطه.

طالب: .................

بعوض؟

طالب: .................

مثله ما هو يطرحه يقتله هذا مؤذٍ، يقتل الفواسق هذه تقتل، ما في الفواسق هل يقاس عليها كل مؤذٍ؟ فالبعوض مثلاً إذا تردد عليه وآذاه وأقلقه وشغله عن عبادته وعن نومه مثل هذا حكمه حكم الفواسق.

قال مالك: ومن نتف شعرًا من أنفه أو من إبطه، أو طلى جسده بنورة، أو يحلق عن شجة في رأسه لضرورة، يعني لو وجد شجة مثلاً وذهب إلى المستشفى لتخاط لا بد أن يحلقوا ما حولها من الشعر لضرورة، أو يحلق قفاه لموضع المحاجم وهو محرم ناسيًا أو جاهلاً، أن من فعل شيئًا من ذلك فعليه الفدية في ذلك كله، أما من تعمد وهو محتاج لهذا فلا إثم عليه، لكن عليه الفدية، أما الناسي والجاهل فهو معذور إن شاء الله تعالى، ولا ينبغي أن يحلق موضع المحاجم، ومن جهل فحلق رأسه قبل أن يرمي الجمرة افتدى وهو عنوان الترجمة، والمراد بذلك من جهل فحلق رأسه قبل أن يرمي الجمرة افتدى، نعم كيف؟

طالب: .................

هذا كلامه، من حلق ومن جهل فحلق رأسه قبل أن يرمي الجمرة افتدى، ما السبب؟

طالب: .................

يفدي؟

طالب: .................

يعني إذا تعجل وحلق شعره قبل أن يرمي الجمرة يفدي؟

طالب: .................

لا، على كلامه يشمل ولو المساء من يوم العيد، لماذا؟ لأن حلق الشعر عنده نسك أم ليس بنسك؟

طالب: .................

هو إن كان نسكًا صار مثل الرمي.

طالب: .................

يعني هو الإطلاق المحظور يسمونه أو نسك هو محظور في الأصل محظور ولم يتحلل بعد وارتكب هذا المحظور، وعلى هذا نسك أم ليس بنسك؟

طالب: .................

إنه ليس بنسك، فإذا كان ليس بنسك بل هو محظور لا يجوز تقديمه على ما يتحلل به، فإذا فعله قبل أن يتحلل كما لو فعله في يوم عرفة أو في مزدلفة يلزمه، سم.

طالب: .................

بدل الحلق أو بدل النسك الآن يخير فيه ما يخير بالحلق.

طالب: .................

ما هو بالمفاضلة بين الحلق والنسك والصيام، لا، المفاضلة في الحلق في كفارة الحلق هل هي نسك شاة أو صيام أو إطعام، ما هو بقسيم لهذه الأمور، الحلق هي مُسببة عنه، نعم.

أحسن الله إليك.

باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئًا

حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: من نسي من نسكه شيئًا أو تركه فليهرق دمًا. قال أيوب: لا أدري قال: ترك أو نسي. قال مالك: ما كان من ذلك هديًا فلا يكون إلا بمكة، وما كان من ذلك نسكًا فهو يكون حيث أحب صاحب النسك.

يعني مثل ما قلنا في الكلام على النحر، ما دام يجوز له أن يرمي في هذا الوقت يجوز له ما يجوز تقديمه عليه، مع أن الأحوط -وهو قول كثير من أهل العلم- أن وقت ذبح الهدي هو وقت الأضحية، يعني هذه حلق مادام من أسباب التحلل، كما أن الرمي من أسباب التحلل، كما أن الطواف من أسباب الطواف، وما سئل عن شيء قُدم ولا أُخر في ذلك اليوم إلا قال: «افعل ولا حرج».

قال: حدثني يحيى عن مالك باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئًا.

قال: حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختيان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: من نسي من نسكه، من تركه، شيئًا أو تركه فليهرق دمًا، من نسي من تركه شيئًا أو تركه فليهرق.

وعن أيوب لا أدري قال أو ترك أو نسي؟ فــ "أو" هنا للشك، هل قال ابن عباس: من نسي من نسكه شيئًا، أو قال: من ترك من نسكه شيئًا، وكلام ابن عباس -رضي الله عنهما- هذا مُعوَّل الجمهور في إلزام من ترك من أعمال الحج شيئًا من الواجبات، أما السنن فلا لا يلزمه شيء، وأما الأركان فلا يكفي إراقة الدم، بل لا بد من الإتيان به، فلو افترضنا أن شخصًا سافر قبل أن يطوف طواف الإفاضة نقول: يأتي يرجع ويأتي بطواف الإفاضة ويذبح عن طواف الوداع لو قال: إنه وادع.

طالب: .................

ما يجزئ؛ لأنه الوداع يكون آخر شيء، آخر عهده بالبيت، وقد بقي من أعمال الحج الإفاضة، على أن من أهل العلم من يرى أنه لو طاف للوداع حل محل طواف الإفاضة، وسبق الإشارة إلى هذا، فهذا مُعول جمهور أهل العلم في الإلزام بالنسك لكل من ترك واجًبا من واجبات الحج، هل يوجد فيه مرفوع؟ لا، ليس فيه مرفوع، وهل يثبت بمثل هذا حجة يلزم به الناس؟ بعض أهل العلم يرى أن في النفس شيئًا؛ ولذا لا ينسب هذا القول لنفسه ما يلزم الناس بدم إنما يقول ابن عباس يقول كذا أو أهل العلم يفتون بكذا، أو عامة أهل العلم على هذا بمثل هذا يتخلص، نعم.

طالب: .................

هو ما نعرف له مخالف، لكن يبقى هل بمثل هذا يكون حجة، أو يقال: إن هذا حكم شرعي لا يمكن أن يقوله ابن عباس إلا بتوقيف فله حكم الرفع، وقد قيل بهذا، وعلى هذا القول ينحل الإشكال، نعم.

طالب: .................

والله المسألة تحتاج إلى مزيد استقصاء، الإنسان ما يقدم على مثل هذا حتى يتم له الاستقراء، قال مالك: ما كان من ذلك هديًا فلا يكون إلا بمكة المائدة: ٩٥ ، وما كان من ذلك نُسكًا فهو يكون حيث أحب صاحب النسك حتى لو ترك مأمورًا أو فعل محظورًا حيث شاء على ما تقدم، نعم.

أحسن الله إليك.

باب جامع الفدية

قال مالك فيمن أراد أن يلبس الثياب التي لا ينبغي له أن يلبسها وهو محرم، أو يقصر شعره، أو يمس طيبًا من غير ضرورة ليسارة مؤونة الفدية عليه قال: لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك، وإنما أُرخص فيه للضرورة، وعلى من فعل ذلك الفدية.

وسئل مالك عن الفدية من الصيام أو الصدقة أو النسك: أصاحبه بالخيار في ذلك؟ وما النسك؟ وكم الطعام؟ وبأي مُد هو؟ وكم الصيام؟ وهل يؤخر شيئًا من ذلك، أم يفعله في فوره ذلك؟ قال مالك: كل شيء في كتاب الله في الكفارات كذا أو كذا فصاحبه مخير في ذلك، أي شيء أحب أن يفعل ذلك فعل، قال: وأما النسك فشاة، وأما الصيام فثلاثة أيام، وأما الطعام فيطعم ستة مساكين لكل مسكين مدان بالمد الأول، مد النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال مالك: وسمعت بعض أهل العلم يقول: إذا رمى المحرم شيئًا فأصاب شيئًا من الصيد لم يرده فقتله، إن عليه أن يفديه، وكذلك الحلال يرمي في الحرم شيئًا فيصيب صيدًا لم يرده فيقتله، إن عليه أن يفديه؛ لأن العمد والخطأ في ذلك بمنزلة سواء.

قال مالك في القوم يصيبون الصيد جميعًا وهو محرمون، أو في الحرم قال: أرى أن على كل إنسان منهم جزاؤه، إن حُكم عليهم بالهدي فعلى كل إنسان منهم هدي، وإن حكم عليهم بالصيام كان على كل إنسان منهم الصيام، ومثل ذلك القوم يقتلون الرجل خطأ، فتكون كفارة ذلك عتق رقبة على كل إنسان منهم، أو صيام شهرين متتابعين على كل إنسان منهم.

قال مالك: من رمى صيدًا أو صاده بعد رميه الجمرة وحلاق رأسه، غير أنه لم يفض، إن عليه جزاء ذلك الصيد؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: ﯟﯠ المائدة: ٢ ، ومن لم يفض فقد بقي عليه مس الطيب والنساء. قال مالك: ليس على المحرم فيما قطع من الشجر في الحرم شيء، ولم يبلغنا أن أحدًا حكم عليه فيه بشيء، وبئس ما صنع. قال مالك في الذي يجهل أو ينسى صيام ثلاثة أيام في الحج، أو يمرض فيها فلا يصومها حتى يقدم بلده، قال: ليهدي إن وجد هديًا، أو فليصم ثلاثة أيام في أهله وسبعة بعد ذلك.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب جامع الفدية، وهو من كلام مالك رحمه الله.

قال مالك فيمن أراد أن يلبس شيئًا من الثياب التي لا ينبغي له أن يلبسها وهو محرم، فيقصر شعره أو يمس طيبًا من غير ضرورة، تقدم في حديث كعب من الحاجة إلى حلق الشعر، لكن افترض المسألة في شخص لا حاجة له، يتضايق من الإزار والرداء، ويقول: عنده استعداد يلبس الثوب ويفدي، هذا لا يجوز إلا من حاجة، يعني إذا احتاج إلى ذلك لا بأس، أو يقصر شعره أو يمس طيبًا من غير ضرورة ليسار مؤونة الفدية عليه، قال: لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك، وإنما أرخص فيه للضرورة يعني من حاله كحال كعب..، وإلا كثير من الناس من أهل الترفُّه عنده استعداد يترك جميع الواجبات، ويرتكب ما شاء من محظورات، ويلتزم بلوازمها، يقول: المسألة كلها خمسة آلاف، ستة آلاف، سهل ويصير كأنه حلال ما حج، كأنه في بلده، ما يبقى عليه إلا أن يتنقل كأنه في نزهة من مكان إلى مكان، هذا لا يجوز؛ ولذا بعض الناس تحدثه نفسه أنه في يوم العيد يقول: أذهب ثلاثة الأيام ما أجلس، وواجب المبيت يذبح عنه، وواجب الرمي يذبح عنه، وواجب الوداع يذبح عنه، ما صار شيء. نقول: لا يا أخي، إذا لم يكن هناك ضرورة تدعوك إلى هذا، وإلا فأنت مُكَلَّف.

طالب: .................

أين؟

طالب: .................

الشيء يُجعل له بدل يتساهل فيه بعض الناس، يقول: مادام له بدل، لولا أن البدل يكفي ما جعل بدلًا لهذا، لكن فرق بين أن يعمل المحظور ناسيًا أو جاهلاً، وبين أن يعمله متعمدًا محتاجًا إليه أو غير محتاج، المقصود أن مثل هذا ينتبه له ليسارة مؤونة الفدية عليه؛ ولذا لما وطئ في نهار رمضان وسهل عليه أنه يعتق عن كل يوم رقبة ملك من الملوك رأى بعضُ أهل العلم أن يعدل عن العتق إلى الصيام، إذا كان يبغي أن يصوم شهرين متتابعين عن يوم من رمضان لن يفطر، مع أن هذا الاجتهاد والنظر في هذه المصلحة قول لا حظّ له من النظر، لماذا؟ لأنه مخالف للنص قال: لا ينبغي أن يفعل ذلك، وإنما أرخص فيه للضرورة على من فعل ذلك الفدية، يعني يأثم مع وجوب الفدية، نعم.

طالب: .................

فدية الأذى.

طالب: .................

لا، المخيَّرة على التخيير.

طالب: .................

لا، مادام خالف نصًّا؛ ولذلك رُدّ عليه.

طالب: .................

لا، هذا حكم الله التخيير، لا بد أن يخيره إلا إذا عرف من حاله أنه لا يستطيع أن ينسك، تجاوز النسك.

طالب: .................

هذا ترخيص نبوي وسُكت عن إلزامه بالفدية، وارتكاب محظور عن عمد لحاجة، يعني هو نظير حلق شعر الرأس عند الحاجة، لكن في حالة حلق شعر الرأس ألزمه بالفدية، وفي حالة لبس السراويل لم يذكر شيئًا، فهل نقول: إنه تلزمه الفدية كما لزمت من احتاج إلى حلق الشعر؟ أو نقول: لا تلزمه الفدية؛ لأن المسألة مسألة بيان وهو وقت حاجة، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة؟ له وجه، نعم.

طالب: .................

ما أحفظه.

طالب: .................

أين؟

طالب: .................

هو المسألة المعوّل في هذا على حديث كعب بن عجرة احتاج وألزم بالفدية.

طالب: .................

نعم، ما فيه شك أن فيه فرق، لكن مادام يمنعون من الشعرة والشعرتين والثلاث فهو داخل في المحظور.

وسئل مالك عن الفدية بين الصيام أو الصدقة أو النسك، هل صاحبه بالخيار في ذلك؟ وما النسك؟ وكم الطعام؟ وبأي مد هو؟ وكم الصيام؟ وهل يؤخر شيئًا من ذلك؟ أم يفعله في فوره ذلك؟ قال مالك: كل شيء في كتاب الله في الكفارة كذا أو كذا فصاحبه مُخَيَّر في ذلك، صاحبه مخير في ذلك، أي شيء أحبَّ أن يفعل ذلك فعل، قال: وأما النسك فشاة، وأما الصيام فثلاثة أيام، وأما الطعام فيطعم ستة مساكين، لكل مسكين مُدان بالمد الأول، مد النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال مالك: وسمعت بعض أهل العلم يقولون: إذا رمى المحرم شيئًا، رمى حجرًا فأصاب شيئًا من الصيد لم يرده، يعني قتله خطأً لم يرده فقتله، أن عليه الفدية، مع أن الآية فيها التنصيص المائدة: ٩٥  مفهومه أن من قتله مخطئًا أنه لا شيء عليه، وهنا يقول: لم يرد قتله فقتله أن عليه أن يفديه، وكذلك الحلال يرمي في الحرم شيئًا فيصيب صيدًا لم يرده ويقتله أن عليه أن يفديه؛ لأن العمد والخطأ بذلك بمنزلة سواء، لكن الآية ظاهرة في كونه لا يلزم إلا المتعمد.

قال مالك في القوم يصيبون الصيد جميعًا ومحرمون أو في الحرم قال: على كل إنسان منهم جزاؤه، عشرة ضربوا حمامة قتلوها، عليهم عشر شياة، كل واحد عليه شاة؛ لأن الدم لا يتبعض، إن حكم عليهم بالهدي فعلى كل إنسان منهم هدي، وإن حكم عليهم بالصيام كان على كل إنسان منهم الصيام، ومثل ذلك القوم يقتلون الرجل خطأً، فتكون كفارة ذلك عتق رقبة على كل إنسان منهم، أو صيام شهرين متتابعين على كل إنسان منهم، يعني لو اجتمع مثلاً فئام من الناس وقتلوا رجلاً عمدًا يقادون به أو لا يقادون؟ يقادون؛ لأن القتل لا يتجزأ، لكن لو اجتمعوا وقتلوه خطأ وعُدل إلى الدية يدفع أكثر من دية أم دية واحدة؟ على كلام مالك يدفع من الديات بعدد من شارك في القتل كان على كل إنسان منهم الصيام، ومثل ذلك القوم يقتلون الرجل خطاً فتكون كفارة ذلك عتق رقبة على كل إنسان منهم، أو صيام شهرين متتابعين على كل إنسان منهم، وما دامت الدية تتجزأ ما الذي جعلهم يجعلون قتل العمد موجبًا للقصاص ولو اشترك مجموعة؟ لأن القتل ما يتبعض، يعني ما يقال: اقطعوا من هذا رِجل ومن هذا يد ومن هذا... ما يتبعض، لكن الدية تتبعض؛ ولذا يرى كثير من أهل العلم أنهم يشتركون في جزاء واحد.

طالب: .................

الصيام يتجزأ أم لا يتجزأ؟ يعني لو اجتمع أربعة وقتلوا شخصًا خطأً وألزموا بالدية كل واحد يدفع ثلاثين ألفًا مثلاً، والصيام هم أربعة كل واحد يصوم نصف شهر، الصيام حق لله جل وعلا، فلا يتجزأ، الآن في القسامة، القاسمة لو وجد قتيل ولا يعرف قاتله واتجهت التهمة إلى أقوام قبيلة رجالها جمع غفير، وحضر خمسون منهم، كل واحد حلف يمينًا، يكفي أم ما يكفي؟ يكفي، وهنا يصوم كل واحد نصف شهر أم ما يكفي؟ ما يكفي، بل كل إنسان عليه كفارة يصوم شهرين متتابعين.

قال مالك: ومن رمى صيدًا أو صاده بعد رميه الجمرة وحلق الرأس غير أنه لم يفض، أن عليه جزاء ذلك الصيد؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: ﯟﯠ المائدة: ٢ ، ومن لم يقض أو لم يفض، من لم يفض فقد بقي عليه مس الطيب والنساء، يعني أنه ما زال فيه شوب للإحرام، يعني ما تحلل بالكلية. قال مالك: ليس على المحرم فيما قطع من الشجر في الحرم شيء، ومن لم يبلغنا أن أحدا حكم عليه به بشيء وبئس ما صنع، لا شك أنه آثم، الذي يقطع شيئًا من الشجر جاء النهي عن ذلك، لكن هل تفدى الشجر؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، فالشجرة الكبيرة عند بعض أهل العلم فيها بدنة، والمتوسطة فيها بقرة، والصغيرة فيها شاة، والإمام مالك يقول: لم يبلغنا أن أحدًا حكم عليه بشيء، وبئس ما صنع، لا شك أنه قد خالف النهي، فبئس ما صنع.

قال مالك في الذي يجهل أو ينسى صيام ثلاثة أيام في الحج أو يمرض فيها فلا يصومها حتى يقدم بلده، فقال: ليهدي إن وجد هديًا، أو وإلا فليصم ثلاثة أيم في الحج وسبعة إذا رجع.

طالب: .................

والله الذي يظهر أنهم يشتركون. فالذي يجهل أو ينسى صيام ثلاثة أيام في الحج أو يمرض فيها فلا يصومها حتى يقدم بلده، قال: ليهدي إن وجد هديًا، وإلا فليصم؛ لأنها كأنه يريد أن مكانها في الحج السبعة في الحج، فإذا لم تصم في الحج لا بد أن يُهدي إن وجد، وإلا فليصم مكانها.

أحسن الله إليك.

باب جامع الحج

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه قال: وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للناس بمنًى، والناس يسألونه فجاءه رجل فقال له: يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «انحر ولا حرج» ثم جاءه آخر فقال: يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال: «ارم ولا حرج» قال: فما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شيء قُدّم ولا أخر إلا قال: «افعل ولا حرج».

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يُكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده».

وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّ بامرأة وهي في محفتها، فقيل لها: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخذت بضَبُعي صبي كان معها فقالت: ألهذا حج يا رسول الله؟ قال: «نعم ولك أجر». وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما رُئي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذلك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما أري يوم بدر» قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: «أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة».

وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفضل الدعاء: دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له».

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المِغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال له: يا رسول الله، ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اقتلوه». قال مالك: ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ محرمًا والله أعلم.

وحدثني عن مالك عن نافع أن أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أقبل من مكة حتى إذا كان بقُديد جاءه خبر من المدينة، فرجع فدخل مكة بغير إحرام. وحدثني عن مالك عن ابن شهاب بمثل ذلك.

وحدثني عن مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه أنه قال: عدل إلي عبد الله بن عمر وأنا نازل تحت سرحة بطريق مكة، فقال: ما أنزلك تحت هذه السرحة؟ فقلت: أردت ظلها، فقال: هل غير ذلك؟ فقلت: لا، ما أنزلني إلا ذلك، فقال عبد الله بن عمر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كنت بين الأخشبين من منى ونفخ بيديه نحو المشرق فإن هناك واديًا يقال له: السرر، به شجرة سرة تحتها سبعون نبيًا».

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مرّ بامرأة مجذومة، وهي تطوف بالبيت، فقال لها: يا أمة الله، لا تؤذ الناس لو جلست في بيتك، فجلست فمرّ بها رجل بعد ذلك، فقال لها: إن الذي قد نهاك قد مات فاخرجي، فقالت: ما كنت لأطيعه حيًّا وأعصيه ميتًا.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- كان يقول: ما بين الركن والباب مُلتزم.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أنه سمع أنه سمعه يذكر أن رجلاً مر على أبي ذر بالرَّبَذة، وأن أبا ذر سأله: أين تريد؟ فقال: أردت الحج، فقال: هل نزعك غيره؟ فقال: لا، قال: فائتنف العمل. قال الرجل: فخرجت حتى قدمت مكة فمكثت ما شاء الله، ثم إذا أنا بالناس منقصفين على رجل، فضاغطت عليه الناس، فإذا أنا بالشيخ الذي وجدت بالربذة، يعني أبا ذر رضي الله عنه، فلما رآني عرفني، فقال: هو الذي حدثتك.

وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الاستثناء في الحج؟ فقال: أو يصنع ذلك أحد، وأنكر ذلك. سئل مالك هل يحتش الرجل لدابته من الحرم؟ فقال: لا.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب جامع الحج.

جرت العادة عند بعض المؤلفين أنهم في أواخر الأبواب، أواخر الكتب، يجعلون هناك بابًا جامعًا أو كتابًا جامعًا من كتاب، ويجمعون فيه الأحاديث المتفرقة التي لا تدخل تحت الأبواب السابقة، ولا يضبطها ضابط، بحيث يترجم عليها بترجمة تدل عليه.

يقول: باب جامع الحج، أحاديث موضوعها في الحج لا يربط رابط بحيث يترجم عليها بهذا الرابط، ولا تنطوي تحت الأبواب السابقة.

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنى والناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: يا رسول الله لم أشعر، كأنه نسي وزال عنه شعوره، وفقد التقديم والتأخير، فحلقت قبل أن أنحر، فقال له الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «انحر ولا حرج»، وبعضهم يرى أن هذا القيد مؤثر في الحكم، وأنه لا يجوز تعمد التقديم والتأخير، وأما إذا نسي أو جهل فلا شيء عليه، والقاعدة العامة، ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج، فهذا يدل أن هذا مراد، ماذا فيه؟

طالب: .................

سيأتي.

لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «انحر ولا حرج»، الرسول -عليه الصلاة والسلام- رتب، فلما نزل من المزدلفة بدأ برمي جمرة العقبة، ثم بعد ذلك نحر هديه، ثم حلق شعره، ثم أفاض، طاف على هذا الترتيب، وهذا هو الأفضل فعله، وقال: «خذوا عني مناسككم»، لكن لو حصل تقديم وتأخير بين هذه الأعمال، فالقاعدة تقول: ما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم إلا قال: «افعل ولا حرج»، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «انحر ولا حرج»، ثم جاءه رجل وجاءه آخر فقال: يا رسول الله لم أشعر، يعني لم أنتبه، فنحرت قبل أن أرمي، فقال: «ارم ولا حرج» قال: فما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: «افعل ولا حرج»، يعني افعل هذا الذي بقي عليك من غير إثم.

نعم.

طالب: .................

والله الذي يظهر أنه في ذلك اليوم، والا لو قال مثلاً: وقفت بمزدلفة قبل عرفة، ماذا تقول؟ يصلح أم ما يصلح؟ جاء فيه أيضًا حديث أسامة بن شريك: سعيت قبل أن أطوف، قال: «افعل ولا حرج»، جاءت في رواية ذلك اليوم، لكن لو مثلاً أخر طواف الإفاضة، أو مثلاً أخر الحلق لليوم الثاني، وأخّر النحر، أخر أعمال يوم النحر إلى اليوم الثاني، وأراد أن يقدم وأن يُؤخر، نقول: ما يجوز أو يجوز؟ يجوز، لماذا؟ لأنها وإن كانت في غير ذلك اليوم إلا أنها من أعمال ذلك اليوم.

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة، يكبر على كل شرف، إذا علا كبر وإذا هبط سبّح، يكبر على كل شرف من الأرض، إذا قفل يعني رجع، ثلاث تكبيرات، ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له» يسأل أحيانًا في غير السفر شخص بسيارته طلع جسر مثلاً أو نزل في نفق هل نقول: كبِّر إذا طلعت على الجسر، وسبِّح إذا نزلت في النفق؟ ما فيه ما يمنع أبدًا، المعنى ظاهر؛ لأن العلو يناسب التكبير والنزول يناسب التسبيح والتنزيه، يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، ثم يزيد بعد ذلك: «آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده»، «صدق الله وعده ونصر عبده» محمد -صلى الله عليه وسلم- في يوم الأحزاب، وهزم الأحزاب وحده يعني من غير فعل بشر، ويقول قائلهم ممن يتصدر في وسائل الإعلام لما قيل له: البقرة: ٢٤٩  قال نستمر على هذا وننتظر والناس تصنع الطائرات والصواريخ والبواخر والمدري ويش وننتظر النصر وكم من فئة قليلة هذا على خطر عظيم هذا يعارض كلام من؟ يعارض كلام الله جل وعلا هذا خطر مثل هذا الكلام مزلة.

طالب: .................

وردت في السنن.

 حدثني عن مالك عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس، عن ابن عباس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بامرأة وهي في محفتها، فقيل لها: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هي لا تعرفه لكن لما قيل لها: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخذت بضبُعي صبي كان معها فقالت: ألهذا حج يا رسول الله؟ قال «نعم، ولك أجر» له حج، ما معنى له حج؟ يعني أنه يصح منه الحج، فلا يشترط في صحة الحج البلوغ ولا التمييز، أيضًا له حج، كيف له حج؟ يعني أنه يصح، وعلى قول من يقول: إن غير المكلف تكتب له الحسنات يكون له أجرها ولها أجر، حيث تسببت في هذا الأجر وهذا الحج وهذه العبادة، وبعض الناس يحج بالصبيان، ويعرف أنهم غير مكلفين ويقول فلان: لأبي حجته، وفلانة: حجتها لأمي، وفلان: حجة لجدتي، وفلانة: حجتها لجدتي، وهكذا مادام له حج، وهو ما يكتب له شيء ولا يكتب عليه، وليس بحاجة إلى هذه الحجة، فيصرف أجرها لمن يحتاجه، وهذا بناء على أن الحج يقبل النيابة: «حج عن أبيك» هذه من جهة، والأمر الثاني أنه على قول من يقول: إن أي قربة فعلها فأهدى ثوابها لحي أو ميت نفعه، هذا ماشي، لكن لها أن تهدي ما ثبت لها من الأجر لمن شاءت «ولك أجر»، لكن أجر الصبي أو حج الصبي لها أن تتصرف فيه؟ ليس لها ذلك، لكن أن تهدي ما ثبت لها من الأجر الوارد في هذا الحديث جاري على قول من يطرد وصول الثواب في جميع العبادات إلى من أهدي له، أما من يقول: إنه لا يصل إلا ما ثبت به النص، وما عدا ذلك يبقى على المنع، فهؤلاء لهم أيضًا رأيهم.

وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن طلحة بن عبد الله بن كريز أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما رئي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ» أذل وأبعد عن الخير وأشد غيظًا وحنقًا «منه في يوم عرفة، وما ذلك إلا لما رأى من تنزل الرحمة» هو لا يريد الرحمة في بني آدم، هو يريد أن يشاركوه فيدخلوا معه النار؛ ولهذا كانت هذه وظيفته وأقسم عليها: ص: ٨٢ ، فيغيظه أن يكسبوا الحسنات، يغيظه أن تمحى عنهم ذنوبهم وتكفر عنهم سيئاتهم: « إلا لما رأى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام» جاء في خبر رواه ابن ماجه وفيه ضعف: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في عشية عرفة سأل الله جل وعلا أن يغفر للحجاج جميع ذنوبهم - فقال الله جل وعلا: قد فعلت إلا المظالم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «والمظالم» فلم يُجَب، فلما كان في المزدلفة سأل هذه المسألة فأجيب. المقصود أن هذا الحديث مضعف عند أهل العلم والبخاري لا يثبته.

«إلا ما أري يوم بدر»؛ لأنه رأى النصر المبين، وهذا لا شك أنه يغيظه، لما رأى من النصر، قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: «أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة» يصفهم ويرتبهم، يقدم ويؤخر، وإذا حضر الملائكة حضر النصر معهم. المقصود أن مثل يغيظه، والذي يغيظه مثل هذه الأمور لا شك أنه من جنده الذي يغيظه انتصار المسلمين وارتفاع سهم الأخيار أو انتصار لشعائر الدين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد وغيرها والدعوة، الذي يغيظه مثل هذه الأمور لا شك أن فيه من صفاته، بل هو من جنده، بعض الناس يسعى جاهدًا ألا تقوم قائمة لهذه الأعمال، لسانه مُصلت على أهل الخير من خيار هذه الأمة من علمائها وأهل الحسبة وأهل الدعوة، لا يريد أن ينتشر الخير والله المستعان.

يقول: وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عيَّاش بن أبي ربيعة عن طلحة بن عبد الله بن كريز أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زياد بن أبي زياد هذا متكلم فيه، لكنه خرّج له الإمام مسلم.

حيث يقول : جملة الصحيح لا

 

توجد عند مالك والنبلا      .

فاحتاج أن ينزل في الإسناد 

 

إلى يزيد بن أبي زياد       .

عن طلحة بن عبد الله بن كَريز أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفضل الدعاء: دعاء يوم عرفة» والقصد من هذا الحث عليه، فليكثر منه، شرع الجمع بين الصلاتين جمع تقديم في أول وقت صلاة الظهر ليطول الوقت للذكر والدعاء، «وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي» هذا الذكر، التوحيد «لا إله إلا الله وحده لا شريك له».

قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر" دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فدل على أنه لم يكن محرمًا، وأن مكة فتحت عَنوة، فلما نزعه جاءه رجل فقال له: يا رسول الله، ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، وقد فعل ما فعل من هجو النبي -عليه الصلاة والسلام- والإغراء به وذمه وذم دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اقتلوه» يعني ولو كان متعلقًا بأستار الكعبة؛ لأن التعلق بأستار الكعبة لا يعيذ ولا يعفي المجرم. قال مالك: ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذٍ محرمًا، نعم.

طالب: .................

ما هو؟

طالب: .................

منهم من قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر التعلق بالأستار، لكن إذا كان أمره أعظم من ذلك وهو بصدد أن يقتل، فكيف ينكر عليه؟ هذا ما فيه دليل وإن قيل بذلك.

طالب: .................

لكن ما نُبه في وقته هذا وقت حاجة.

طالب: .................

لا هو الكلام ماذا عليه؟ على أنه بصدد أن يقتل، كيف ينكر عليه؟ لو قال واحد بعد الرجل مسبل وإلا فيه المسألة أعظم من ذلك، فيه الشرك الأكبر والقتل وهجو النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: .................

لا، ما فيه إشكال يعني ما فيها أي دليل.

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر أقبل من مكة حتى إذا كان بالقُديد جاءه خبر من المدينة والقرية الجامعة، نعم.

طالب: .................

لا شك أنه بدعة، سيأتي ما ذكره في الملتزم.

حدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر أقبل من مكة حتى إذا كان بالقُديد جاءه الخبر من المدينة، فرجع فدخل مكة بغير إحرام، فعلى هذا الذي لا يريد الحج ولا العمرة له أن يدخل مكة بغير إحرام، وله أن يتجاوز المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة» فدل على أن الذي لا يريد الحج ولا العمرة له أن يدخل بغير إحرام، والمسألة خلافية ذهب ذكرها.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب مثل ذلك، وحدثني عن مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه أنه قال: "عدل إلي عبد الله بن عمر" عدل إلي عبد الله بن عمر يعني لعله مال إليه، وأنا نازل تحت سرحة بطريق مكة، السرحة هي الشجرة الكبيرة لها شعب ولها فروع. فقال: ما أنزلك تحت هذه السرحة، فقلت: أردت ظلها، فقال: هل غير ذلك؟ فقلت: لا، ما أنزلني إلا ذلك. فقال عبد الله بن عمر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا كنت بين الأخشبين من منى ونفخ بيده نحو المشرق فإن هناك واديًا يقال له: السُّرر، به شجرة سُرَّ تحتها سبعون نبيًّا» والأخشبان هم الجبلان المحيطان بمكة، ومنهم من يقول: إن الأخاشب هي اسم لجبال مكة «سر تحتها سبعون نبيًّا» أي: ولد تحتها فقطع سرهم، وهو ما تفعله القابلة بالولد، والحديث مخرج عند النسائي لكن لا يسلم من مقال محمد بن أبي عمران بن أبي حلحلة الأنصاري عن أبيه، وهنا يقول: فقال عبد الله بن عمر، نعم.

طالب: .................

على كلامه أنهم ولدوا تحتها سبعين نبيًّا، على كل حال هذه الشجرة لا وجود لها، ومثلها مما يتعلق به الجهال، ويكون سببًا للشرك والتبرك بمثل هذه الشجرة، ينبغي أن يعمى مكانها، وهكذا حصل. قال: وحدثني عن مالك عن عبد الله بن حزم عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب مر بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت، فقال لها: يا أمة الله لا تؤذ الناس، لو جلست ببيتك، فجلست فمر بها رجل بعد ذلك فقال لها: إن الذي كان قد نهاك قد مات فاخرجي، فقالت: ما كنت لأطيعه حيًّا وأعصيه ميتا. نعم هي تعرف قدر ولي الأمر، وما جاء من النصوص في وجوب طاعته، وأن أمره يكتسب الشرعية من قول الله جل وعلا: ﯾﯿ النساء: ٥٩  فعلى هذا لا يعلق أمره بوجوده، إنما أمره ما دام شرعيًا فإنه يمتثل في وجوده وبعد وفاته.

طالب: .................

أحد قال: مجنونة؟ مجذومة.

طالب: .................

لا، مجذومة، أصابها داء الجذام؛ لأنه ينبعث منه روائح تؤذي الناس، وبعضهم يقول: إن الاتصال والقرب منه سبب للعدوى على الخلاف بين أهل العلم في العدوى. قال عن مالك: إنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقول: ما بين الركن والباب ملتزم، وكان يلتزمه ابن عباس، وثبت عن ابن عمر أيضًا أنه كان يلتزمه ويلصق به صدره وذراعيه ما بين الركن، نعم الحجر الأسود والباب لا بأس من التعلق بها والتزامه، ولم يثبت في ذلك شيء من المرفوع.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حَبان -بفتح الحاء- ابن واسع أنه سمعه يذكر أن رجل مر على أبي ذر بالربَذة، وأن أبا ذر سأله: أين تريد؟ فقال: أردت الحج، فقال: هل نزعك غيره؟ فقال: لا، قال: فائتنف العمل، ما معنى ائتنف العمل؟ استقبله الأمر أنف يعني مستقبل ومستأنف، وروضة أنف يعني لم ترع، ائتنف العمل، قال الرجل: فخرجت حتى قدمت مكة، فمكثت ما شاء الله، ثم إذا أنا بالناس منقصفين على رجل يعني مجتمعين عليه، فضاغطت عليه الناس، فإذا أنا بالشيخ الذي وجدت بالربَذة، يعني أبا ذر، قال: فلما رآني عرفني، فقال: هو الذي حدثتك. طيب أبو ذر لما جاء إلى المدينة من الشام اجتمع عليه الناس، وجاء إلى مكة من الربذة اجتمع عليه الناس، لماذا؟ سببه أن الناس عندهم حب استطلاع عمومًا في القديم والحديث، هذا بينه وبين أبي ذر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- بينه وبين ولاة الأمر في ذلك الوقت معاوية وغير معاوية خلاف في توزيع الأموال، له رأي في قِسمة الأموال بين الناس، أموال بيت المال، فلما حصل أنه نفي إلى الشام ثم رجع إلى المدينة، ثم نُفي من المدينة لما اجتمع عليه الناس إلى الربَذة، مصداقًا لما جاء في حقه من أنه يعيش وحده ويموت وحده.

المقصود أن الناس يجتمعون على مثل هذا ويلتفون حوله من باب حب الاستطلاع من هذا الشخص الذي خالف ولي الأمر، ونفاه ولي الأمر وفعل كذا. المقصود أن مثل هذا يلتف عليه الناس وقصته في الصحيح لما اجتمع عليه الناس بالمدينة لما نُفي من الشام.

وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الاستثناء في الحج، أبو ذر -رضي الله تعالى عنه- يرى أن ادخار الأموال مخالف لما جاء في النصوص من تقديم الأموال ولو أن..، وما يسرني أن لي مثل أحد ذهبًا، تأتي على ثالثة إلا وعندي منه درهم إلا شيء أرصده لدين إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا، هذه وجهة نظره، وهي تستمسك به من يرى أو من يشرع للمذاهب الباطلة الفاسدة من الاشتراكية وغيرها، كتبوا في هذا مؤلفات الاشتراكي الزاهد أبو ذر، لكن هم يصطادون مثل هذه الأمور ويشرِّعون بها، ما يروجونه من باطلهم، وأبو ذر منها براء؛ لأنه يرى أن في المال حق سوى الزكاة، لا يمكن أن يوجد محتاج من المسلمين وأخوه يكنز الأموال.

وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الاستثناء في الحج فقال: أوَ يصنع ذلك أحد؟ وأنكر ذلك، يستثني في الحج فيقول: إن حبسني فمحلي حيث تحبسني، فهذا رأي ابن شهاب، سُئل مالك هل في الاستثناء شيء؟ والاستثناء فيه حديث.

طالب: .................

الاستثناء وقت الإحرام، يعني.

طالب: .................

الاستثناء وقت الإحرام، هل ينفع أو ما ينفع؟ يعني ما بذهنه شيء هل يخشى أن يحصل شيء، هذا شخص ما بذهنه شيء والذي يغلب على ظنه أنه لا يعترضه أمر، والثاني عنده مقدمات، فيخشى أن يُصد عن البيت، يخشى أن يمرض فلا يتابع. المقصود أنه يخشى عنده مقدمات، وشخص ثالث صورته لا مرض وإنما يخشى أن يصد؛ لأنه ليس معه رخصة، رخصة حج، فهل ينفع في مثل هذه الأحوال، امرأة تخشى من الحيض فتشترط ينفع أو ما ينفع؟ جاء حديث ضُباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها أرادت الحج وهي شاكية، وهذا في الصحيح في البخاري، فقال لها النبي -عليه الصلاة والسلام-: «حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت» فينفعها في مثل هذه الحالة، وينفع من كان حاله مثل حالها، خلافًا لمن قال: إنه خاص بهذه المرأة ولا ينفع لأحد بعدها، وهذا قول، ومنهم من قال: إنه ينفع مطلقًا من كانت عنده مقدمات، أو ليس عنده مقدمات، والقول الوسط أنه ينفع من كانت المقدمات في..، التي تحول..، مقدمات ما يحول بينه وبين إتمام الحج.

سئل مالك: هل يحتش الرجل لدابته من الحرم؟ فقال: لا؛ لأنه جاء النهي عن الحشيش لا يختلا خلاها، وهو الحشيش، ولا يستثنى من ذلك إلا الإذخر، نعم.

أحسن الله إليك.

باب حج المرأة بغير ذي محرم.

قال مالك في الصَرورة من النساء التي لم تحج قط: إنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها، أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها، أنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج لتخرج في جماعة النساء.

يقول -رحمه الله-: باب حج المرأة بغير محرم

جاءت النصوص المتكاثرة المتضافرة على تحريم سفر المرأة من غير محرم، والمقصود بالمحرم من هو زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد، وما عدا ذلك فلا يكون محرمًا وله شروط إذا توافرت فيه بحيث يستطيع منعها ومنع من أرادها صحت محرميته، وإلا فلا. قال مالك في الصرورة من النساء، الصرورة الذي لم يحج، ويقال لمن لم يتزوج صرورة أيضًا، في الصرورة من النساء التي لم تحج قط أنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها، أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها: إنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج لتخرج في جماعة النساء. الإمام مالك يرى أن المرأة مع أمن الفتن ومع جمع من النساء أن لها أن تحج من غير محرم، هذا إذا أمنت الفتنة ووجد جمع من النسوة، لكن لا عبرة بقول مالك ولا غير مالك، إنما العبرة بما ثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- فالمَحرم شرط لوجوب الحج على المرأة، ومالك -رحمه الله- يقول: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، وكل يؤخذ من قوله ويرد كما قال الإمام مالك إلا صاحب الحجرة النبي، عليه الصلاة والسلام.

باب صيام التمتع

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها كانت تقول: الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج، لمن لم يجد هديًا، ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة فإن لم يصم صام أيام منى.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول في ذلك مثل قول عائشة رضي الله تعالى عنها.

يقول -رحمه الله تعالى-: باب صيام التمتع: صيام التمتع يعني الصيام لمن لم يجد دم التمتع:       ﯿ  ﰁﰂ                ﰍﰎ ﰑﰒ البقرة: ١٩٦  إذا لم يجد ما استيسر من الهدي يعدل إلى الصيام، صيام ثلاثة أيام في الحج، يعني ظرفها الحج، وأما السبعة فإذا رجع. قال: حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تقول: الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يجد هديًا، ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة، يعني على هذا يحرم بالحج قبل يوم عرفة بثلاثة أيام فيصوم السادس والسابع والثامن، فيحرم قبل السادس ليصوم السادس والسابع والثامن، وتقدم ما في صيام يوم عرفة وإذا لم يستطع كان معه ما يستطيع أن يشتري به هديًا فضاع في اليوم الثالث، فقد نقوده التي هو عازم على أن يشتري بها هديًا، فيصوم أيام منى وصيام أيام منى لا يجوز أيام منى أيام أكل وشرب، فلا يجوز صيامها إلا لمن لم يجد الهدي فيصومها، فإن لم يصم صام أيام منى.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في ذلك مثل قول عائشة رضي الله تعالى عنها.

 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"