شرح مختصر الخرقي - كتاب المرتد (02)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المصنف -رحمه الله تعالى-: ومن أسلم من الأبوين كان أولاده الأصاغر تبعًا له؛ لأنهم تبعًا لخير الأبوين دينًا الصغير يتبع أمه حرية ورقًّا، ويتبع خير أبويه دينًا، وكذلك من مات من الأبوين على كفره قُسِم له الميراث، وكان مسلمًا بموت من مات منهما. كلام فيه غرابة، وعامة بل جمهور أهل العلم يخالفون في هذا، وأنه لا يحكم بإسلام الصبي بمجرد موت أحد أبويه، ما العلة في هذا الكلام؟ وما وجهه؟ وما دليله إن كان له دليل؟
طالب: ..........
على الفطرة، طيِّب ماداما حيين فلهما تأثير عليه، وإذا ماتا أو مات أحدهما انتهى ذلك التأثير، فرجع إلى الفطرة، هذا وجه اختيار المؤلف، ماداما على قيد الحياة فلهما أثر على الصغير فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، لهما تأثير عليه، فإذا ماتا ذهب ذلك التأثير أو مات أحدهما كذلك فرجع إلى فطرته التي هي الإسلام، وكذلك من مات من الأبوين على كفره قسم له الميراث، قسم للصغير.
طالب: ..........
هم يفرقون، بعضهم يفرق بين ما إذا كان في دار الحرب أو في دار الإسلام وعلى كل حال المسألة الأولى واضحة، أما المسألة الثانية هي التي فيها خفاء، مع أن استدلالهم بالحديث ما هو ظاهر، يعني ويفرقون في هذه المسألة بين دار الإسلام ودار الكفر.
طالب: ..........
نعم فأبواه، طيب تأثير الحي ما له اعتبار؟
طالب: لعله نظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث ذكرهما مجموعين فكأن التأثير لهما مجتمعين، لكن إذا انفرد أحدهما قل تأثيره.
يقل تأثيره، لكنه موجود أكثر من تأثير الميِّت.
طالب: لكن يرجع إلى الفطرة، يعني قل التأثير، يبقى المؤثر ضعيفًا فتنمو الفطرة.
يعني تأثير الفطرة أقوى من تأثير الحي؟
طالب: بناءً على كلامه..
على كلامه نعم.
طالب: ..........
ما وجهه؟ ضعف الدلالة أن الموجود من الأبوين له من التأثير ما فيه قوة، ويبقى أنه تبع له، والثاني مات ما له حكم ينتهي حكمه، يبقى الحكم للمؤثر الموجود.
طالب: ..........
ولا قصة أنه حكم بإسلام أولادهم، وعلى كل حال هذا ما هو قول الأكثر، هذا قول قلة، الأكثر على خلافه.
قسم له من الميراث، طيب أبوه مات على الكفر، وأنت حكمت عليه بالإسلام ما اختلف معه في الدين إلا بعد الوفاة وقت الوفاة، الموجب للميراث مثله يتوارثون؛ لأن كلهم كفار انتقل إلى الإسلام بموته، ظاهر؟ وكان مسلمًا بموت من مات منهما ما أسلم إلا بعد أن مات واستحق الميراث؛ لاتفاقهما في الدين الذي هو الكفر، يعني ما حُكِم بإسلامه إلا بعد أن استحق الميراث بموت مورِّثه.
يقول: ومن شُهِد عليه بالردة يعني ثبتت ردته بالشهادة بشهادة اثنين، وهذا قول الأكثر وقال بعضهم بشهادة أربعة؛ لأن فيها قتل كالزاني المحصَن لا بد من شهادة أربعة، ولكن عامة أهل العلم باثنين كالقصاص، القصاص يثبت باثنين بشهادة اثنين، ومن شهد عليه بالردة فقال: ما كفرت قال: ما كفرت يقبل قوله في مقابل الشهادة؟ مجرد قوله لا يقبل، فإن شهد أن لا إلا الله وأن محمدًا رسول الله لم يكشف عن شيء خلاص «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله» إذا أتى بالشهادة يكفي، ولذا المذهب عند الحنابلة أنه إذا صلى كان مسلمًا حكمًا؛ لأن الصلاة متضمنة للشهادة؛ لأن فيها الشهادة فإن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله لم يكشف عن شيء، طيب إذا شهد عليه بالردة والانتقال إلى مذهب معيَّن ما يضاف إلى الشهادة من هذا المذهب الذي انتقل إليه؟ يقول: لم يكشف عن شيء خلاص تكفي الشهادة إذا كان جاحدًا لشيء لا بد أن يقر به إذا كان منتقلًا إلى ملة أخرى لا بد أن يتبرأ منها، والمؤلف ماذا يقول لم يكشف عن شيء خلاص شهد أن لا إله إلا الله، والحديث أمرت.
طالب: ..........
كفر إجمالي، لكن هو انتقل إلى مذهب بعينه.
طالب: ..........
قال: ما كفرت؛ لاحتمال أنه يعتقد صحة ما ذهب إليه يعتقد صحة ما ذهب إليه وهناك من يقول كالجاحظ والعنبري يقولون: إذا اجتهد في الملل وأداه اجتهاده إلى صحة ملة من الملل عذر في اجتهاده، هذا كلام باطل ومخالف لجميع الأئمة، والقائل به لا يعتد به الجاحظ والعنبري مثله. على كل حال إذا عرف عنه شيء لا بد أن يتبرأ منه، وليس بالأمر الصعب أو المكلف، انتقل إلى اليهودية أو انتقل إلى النصرانية، لو انتقل إلى اليهودية وقال: هو موحِّد قال: أنا موحِّد لو قال: أشهد أن لا إله إلا الله.
طالب: ............
بخلاف النصرانية؛ لأنهم يقولون بالتثليث، فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله انتفى التثليث، فلا بد أن يضيف وأن محمدًا عبده ورسوله، فإن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله لم يكشف عن شيء. وعلى كل حال الكشف عن الشيء لا يكلِّف شيئًا والاستفصال مطلوب؛ لاحتمال أن يرى صحة ما ذهب إليه وأنه توحيد، وأنه اجتهد في ذلك على حد زعم الجاحظ والعنبري فلا بد من الاستفصال؛ لأن التوريات والكنايات أمور مستعملة في الكلام العادي، ففي مثل هذا لا بد أن يُكشَف ويَذكُر البراءة مما انتسب إليه.
طالب: ............
ماذا يقال له؟ ماذا تريد أن يقال له؟ ماذا تريد أن نقول له؟
طالب: ............
يعني اعتقد بدعة مكفِّرة هكذا؟ اعتقد بدعة مكفِّرة.
طالب: ............
هي البدعة المذهب كله بدعة، يعني انتقل إلى أن يكون جهميًّا مثلاً أو من الخوارج أو.. لا بد أن يتبرأ من هذا المذهب، مع أنه إذا لم يدع إلى مذهبه هو إذا انتقل وهو في الأصل على مذهب أهل السنة شيء، لكن إذا كان في بيئة منذ أن ولد وهم على هذا المذهب شيء آخر، على كل حال البدع المكفرة ليست مثل الردة؛ لأن المبتدع له نوع شبهة، له نوع شبهة، لا يُقتَل بها، لكن إن دعا إلى بدعته يُكَفّ.
طالب: ............
لا بد نعم، ما يرجع إلى الإسلام إلا بالشهادة.
طالب: ............
يأتي الكلام هذا القيد {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [سورة البقرة:217] هل هو معتبر أو غير معتبَر؟
طالب: ............
الشهادتان لا بد منهما هي علامة الإسلام، هي علامة الدخول في الإسلام.
ومن ارتد وهو سكران لم يُقتل حتى يُفيق، يعني هل تصح ردة السكران؟
طالب: ............
مغطي عقله مائة بالمائة كالمجنون، يعني في الجملة هل السكران مكلَّف أو ارتفع عنه التكليف كالجنون؟ وهل يصح إقراره وردته وطلاقه ورجعته هذه مع الخلاف بين أهل العلم معروف تقدَّم في الطلاق طلاق السكران، لكن من ارتد وهو سكران لم يقتل حتى يفيق، يعني ما يقتل أثناء سكره؛ لأنه كيف يستتاب؟!
طالب: ............
أوقعها، لكنه حتى يفيق إذا أفاق وقال: أنا ما قلت شيئًا، ما ارتددت. حتى يفيق ويتم له ثلاثة أيام من وقت ردته، من وقت ردته، نفترض أن السكر استغرق يومًا كاملًا يبقى له من أيام الاستتابة يومان وإن استمر في سكره يومين يبقى له يوم واحد، ومن أفاق في آخر لحظة من الثلاثة وافترض أنه بعد أن انتهت الثلاثة يستتاب فورًا من إفاقته؛ لأنه ما يستتاب وهو حال سكره يستتاب فإن تاب وإلا قتل في الحال.
طالب: ............
أين؟
طالب: ............
لا، هو يقول من ردته، هذا كلام المؤلف.
ويتم له ثلاثة أيام من وقت ردته؛ لأنا صححناها، صححنا الردة وقت السكر على كلام المؤلف، فإن مات في سكره مات كافرًا لماذا؟ لأن السكران على اختياره مكلَّف، مكلَّف ما هو مثل المجنون أو مثل النائم؛ لأن ارتفاع العقل وزوال العقل كان باختياره، بخلاف النائم وبخلاف المجنون، طيِّب من زال تكليفه بفعل فاعل لمصلحته كالمريض مثلاً يبنج لمصلحته فارتد أثناء البنج، هل يقال له مثل المجنون تصح ردته أم مثل السكران؟
طالب: ............
لأنه بغير اختياره، ولذا ينبني على ذلك هل يقضي الصلوات كالنائم أو لا يقضي كالمجنون، في قصة عمار أنه أغمي عليه ثلاثة أيام، فلما أفاق فقالوا لا يقضي؛ لأنه ما يصير نوم ثلاثة أيام، وجعلوا ذلك حدًّا في القضاء فقالوا: إذا أغمي عليه أقل من ثلاثة أيام كان حكمه حكم النائم يقضي، وإذا كانت أكثر من ثلاثة أيام فأكثر قالوا: حكمه حكم المجنون لا يقضي.
طالب: ............
لا، هذا ما هو متواصل مثل الجنون المتقطع مثل الجنون المتقطع هو في حال إفاقته مكلَّف.
طالب: ............
كيف؟
طالب: ............
نعم يُقبَل مثل ما قبلنا ردته نقبل إسلامه، فإذا أفاق فإذا أفاق إن رجع عن هذا الإسلام فهو مرتد.
طالب: ............
الردة من السكران؟
طالب: ............
ماذا فيه؟
طالب: ............
حمزة حمزة هل أنتم إلا عبيد لأبي؟! وبقر بطون النوق التي أعدها علي لوليمة عرسه.
طالب: ............
نعم لأنا صححناها.
طالب: ............
الله أعلم، الباطن عند الله، لكن في الظاهر يعامَل معاملة الكفار.
في تفسير القرطبي راجع الثالث يا أبا عبد الله.
طالب: ............
لأنه أزال عقله باختياره، أزال عقله باختياره فيؤاخذ.
طالب: بالنسبة لقصة حمزة ألا يقال: إنه حين كانت الخمر مباحة كان مأذونًا فيها شرعًا.. كان بمأذون فيه شرعًا..
راجع صفحة سبع وأربعين.
طالب: ............
لا لا لا.
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
موفَّق أنت!
طالب: ............
لا لا، ما هو كلهن يا أبا عبد الله الصفحة التي تليها ما هو بياض.. صفحة كم هذي؟
طالب: ............
خلها قريبة إذا وصلناها.. ضعها معك.. تضيق عليك؟!
طالب: ............
النشوان الذي يدرك هذا مكلَّف هذا {حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} [سورة النساء:43].
القرطبي رحمه الله تعالى في سورة البقرة في قوله جل وعلا {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة:217] يعني قيد {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [سورة البقرة:217] هل هو معتبَر أو غير معتبَر؟
اقرأ يا شيخ من المسألة الثامنة.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
الثامنة: قوله تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ} [سورة البقرة:217] أن يرجع عن الإسلام إلى الكفر {فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ} [سورة البقرة:217] أي بطلت وفسدت، ومنه الحبَط وهو فساد يلحق المواشي في بطونها من كثرة أكلها الكلأ، فتنتفخ أجوافها وربما تموت من ذلك، فالآية تهديد للمسلمين ليثبتوا على دين الإسلام.
التاسعة: واختلف العلماء في المرتد هل يستتاب أم لا، وهل يحبط عمله بنفس الردة أم لا إلا على الموافاة على الكفر..
الموت الموت الموافاة الموت على الكفر {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [سورة البقرة:217].
وهل يورث أم لا؟ فهذه ثلاث مسائل الأولى: قالت طائفة: يستتاب فإن تاب وإلا قتل. وقال بعضهم: ساعة واحدة. وقال آخرون: يستتاب شهرًا وقال آخرون: يستتاب ثلاثًا على ما روي عن عمر وعثمان، وهو قول مالك، رواه عنه ابن القاسم. وقال الحسن: يستتاب مائة مرة، وقد روي عنه أنه يقتل دون استتابة، وبه قال الشافعي في أحد قوليه، وهو أحد قولي طاوس وعبيد بن عمير، وذكر سحنون أن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون كان يقول: يُقتَل المرتد، ولا يستتاب، واحتج بحديث معاذ وأبي موسى. وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بعث أبا موسى إلى اليمن أتبعه معاذ بن جبل فلما قدم عليه قال: انزل وألقِ إليه وسادة وإذا رجل عنده موثَق قال: ما هذا؟ قال هذا كان يهوديًّا فأسلم ثم راجع دينه دين السوء فتهو،د قال: لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فقال: اجلس قال: نعم لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، فأمر به فقُتل.
في الحديث الصحيح «من بدله دينه فاقتلوه».
خرَّجه مسلم وغيره، وذكر أبو يوسف عن أبي حنيفة أن المرتد يعرض عليه الإسلام فإن أسلم وإلا قتل مكانه، إلا أن يطلب أن يؤجل، فإن طلب ذلك أجل ثلاثة أيام، والمشهور عنه وعن أصحابه أن المرتد لا يقتل حتى يستتاب والزنديق عندهم والمرتد سواء، وقال مالك: وتقتل..
الزنديق هو المنافق على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر.
وقال مالك: وتقتل الزنادقة ولا يستتابون، وقد مضى هذا أول البقرة، واختلفوا فيمن خرج من كفر إلى كفر فقال مالك وجمهور الفقهاء: لا يتعرض له؛ لأنه انتقل إلى ما لو كان عليه في الابتداء لأقر عليه، وحكى ابن عبد الحكم عن الشافعي أنه يُقتل؛ لقوله -عليه السلام-: «من بدل دينه فاقتلوه» ولم يخص مسلمًا من كافر.
عند الحنابلة إن تهوَّد نصراني أو عكسه تنصَّر يهودي لم يقبل منه إلا الإسلام، لا يقبل منه لا دينه، ولا الذي انتقل إليه؛ لأن دينه تركه دينه الذي انتقل إليه باطل.
نكمل يا شيخ؟
خله يؤذن.
في زماننا هذا وبعد انتشار الأقوال والأفعال وإشاعة هذه الأقوال والأفعال وسرعة انتشارها وبلوغها الأقطار، كثر من يغيِّر ويبدِّل تغييرًا سريعًا، وتجد الإنسان على الجادة ثم تفاجَأ بأنه تغيَّر، وهذا في الأقوال والأفعال حتى المظاهر ما أسرع ما يتغير من كان على الجادة، وهذا مصداق لقوله -عليه الصلاة والسلام- «يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا» المقصود أن هذا شيء كثير، وسمعنا الكلام المخرج من الملة من سب الله وسب رسوله وسب كتابه وشريعته.. أو إنكار ما ثبت من شرع الله بالدلائل القطعية، وتعرَّضوا لكتاب الله بالعبث وللمساجد بالكتابات، وسمعنا من ذلك نماذج وصورت وانتشرت، كل هذا تطبيقًا لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- أو مصداقًا لقوله -عليه الصلاة والسلام-: «يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا».
المقصود أن هؤلاء كثروا، لا كثرهم الله، والله المستعان، وكثر من ينعق ويقول بإبطال حد الردة؛ ليأخذوا راحتهم يقولون ما يشاؤون ويفعلون ما يريدون، ولا يتعرض لهم، الله المستعان «من بدل دينه فاقتلوه» وعند الجمهور أنه لا فرق بين الرجل والمرأة، وأن المرأة إذا ارتدت تقتل؛ لعموم هذا الحديث، وسبقت الإشارة إلى هذه المسألة في أول الباب.
وحكى ابن عبد الحكم عن الشافعي أنه يُقتَل؛ لقوله -عليه السلام- «من بدل دينه فاقتلوه» ولم يخص مسلمًا من كافر. وقال مالك: معنى الحديث من خرج من الإسلام إلى الكفر، وأما من خرج من كفر إلى كفر فلم يعن بهذا الحديث، وهو قول جماعة من الفقهاء والمشهور عن الشافعي ما ذكره المزني والربيع أن المبدِّل لدينه من أهل الذمة يلحقه الإمام بأرض الحرب ويخرجه من بلده، ويستحل ما له مع أموال الحربيين إن غلب على الدار؛ لأنه إنما جعل له الذمة على الدين الذي كان عليه في حين في حين عقد العهد، واختلفوا في المرتدة.
باعتبار هذا مثل ارتكابه للجرائم والجرائم هذا ناقض للعهد يقولون: لو زنى بمسلمة انتقض عهده، فكيف إذا ارتد عن دينه الذي أُقِرَّ واتفق عليه معهم.
واختلفوا في المرتدة، فقال مالك والأوزاعي والشافعي والليث بن سعد: تقتل كما يقتل المرتد سواء، وحجتهم ظاهر الحديث «من بدل دينه فاقتلوه»، ومن يصلح للذكر والأنثى، وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: لا تقتل المرتدة، وهو قول ابن شبرمة، وإليه ذهب ابن علية، وهو قول عطاء والحسن، واحتجوا بأن ابن عباس روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من بدل دينه فاقتلوه» ثم إن ابن عباس لم يقتل المرتدة، ومن روى حديثًا كان أعلم بتأويله، وروي عن علي مثله، ونهى -صلى الله عليه وسلم-..
والأكثر على أنه إذا خالف رأي الراوي روايته فالعبرة بما روى لا بما رأى.
ونهى -صلى الله عليه وسلم- عن قتل النساء والصبيان، واحتج الأولون بقوله -عليه السلام-: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان» فعمَّ كل من كفر بعد إيمانه وهو أصح.
العاشرة: قال الشافعي: إن من ارتد ثم عاد إلى الإسلام لم يحبط عمله ولا حجه الذي فرغ منه، بل إن مات على الردة فحينئذ تحبط أعماله، وقال مالك: تحبط بنفس الردة.
يعني على الآية المقيدة القول الأول والثاني على الآية المطلقة.
ويظهر الخلاف في المسلم إذا حج ثم ارتد ثم أسلم فقال مالك: يلزمه الحج؛ لأن الأول قد حبط بالردة، وقال الشافعي: لا إعادة عليه؛ لأن عمله باقٍ واستظهر علماؤنا بقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [سورة الزمر:65] قال: وهو خطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمراد أمته؛ لأنه -عليه السلام- يستحيل منه الردة شرعًا، وقال أصحاب الشافعي: بل هو خطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- على طريق التغليظ على الأمة، وبيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- على شرف منزلته لو أشرك لحبط عمله، فكيف أنتم، لكنه لا يشرك لفضل مرتبته كما قال: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [سورة الأحزاب:30] وذلك لشرف منزلتهن، وإلا فلا يتصور إتيان منهن؛ صيانة لزوجهن المكرم المعظم.
ابن العربي: وقال علماؤنا: إنما ذكر الله الموافاة شرطًا هاهنا؛ لأنه علق عليها الخلود في النار جزاءً، فمن وافى على الكفر خلده الله في النار بهذه الآية، ومن أشرك حبط عمله بالآية الأخرى، فهما آيتان مفيدتان لمعنيين وحكمين متغايرين، وما خوطب به -عليه السلام- فهو لأمته حتى يثبت اختصاصه، وما ورد في أزواجه فإنما قيل ذلك فيهن؛ ليبين أنه لو تُصوِّر لكان هتكان أحدهما لحرمة الدين، والثاني لحرمة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكل هتْك حرمة وعقاب وينزل ذلك منزلة من عصى في الشهر الحرام أو في البلد الحرام أو في المسجد الحرام يضاعف عليه العذاب بعدد ما هتك من الحرمات، والله أعلم.
كما أن الواحدة منهن إذا أحسنت تؤتى أجرها مرتين.
طالب: ........
ماذا يقول؟
طالب: ........
يقول: إن العذاب مرتين لأصل المعصية ولما يتعلق به -عليه الصلاة والسلام-.
الحادية عشرة: وهي اختلاف العلماء في ميراث المرتد، فقال علي بن أبي طالب والحسن والشعبي والحكم والليث وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه: ميراث المرتد لورثته من المسلمين. وقال مالك وربيعة وابن أبي ليلى والشافعي وأبو ثور: ميراثه في بيت المال، وقال..
فيء؛ لأنه لا يرث المسلم الكافر.
وقال ابن شبرمة وأبو يوسف ومحمد والأوزاعي في إحدى الروايتين: ما اكتسبه المرتد بعد الردة فهو لورثته المسلمين. وقال أبو حنيفة: ما اكتسبه المرتد في حال الردة فهو فيء، وما كان مكتسبًا في حالة الإسلام ثم ارتد يرثه ورثته المسلمون. وأما ابن شبرمة وأبو يوسف ومحمد فلا يفصلون بين الأمرين، ومطلق قوله -عليه السلام-: «لا وراثة بين أهل ملتين» يدل على بطلان قولهم، وأجمعوا على أن ورثته من الكفار لا يرثونه سوى عمر بن عبد العزيز فإنه قال: يرثونه.
انتهى كلامه على الآية يا شيخ.
نعم، لأنه على الخلاف بين أهل العلم هل الكفر ملة واحدة أو ملل شتى، فإذا قيل: الكفر ملة واحدة قيل: الكفار يتوارثون، وإذا قيل بأنهم ملل شتى وجاء الخبر: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» يعني مختلفتين، وعلى كل حال العبرة بالسلم في إرثه وتوريثه والكفار الذين هم تحت السيطرة والحكم تطبق عليهم أحكام الإسلام. انتهى كلامه على الردة كلها؟
انتهى كلامه.. نعم على الآية كلها انتهى..
طالب: ........
القول الثاني بالعكس.
طالب: .............
ماذا؟
طالب: .............
ماذا؟
القول الثاني عكس هذا الذي اختاره أكثر أهل العلم.