شرح مختصر الخرقي - كتاب الجنائز (06)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:   

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: والمحرم يغسل بماء وسدر" دليل ذلك ما ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الذي وقصته دابته أن يغسل بماء وسدر، وأن لا يمس طيباً، وأن يخمر رأسه، وفي بعض الروايات: "ولا وجهه، ويكفن في ثوبيه".

يقول المؤلف: "والمحرم يغسل بماء وسدر" الماء منظف، والسدر كذلك، وليس بطيب ليدخله المحظور "ولا يقرب طيباً" لأن حكم الإحرام بالنسبة له لم ينقطع، كما جاء النص على ذلك ((أنه يبعث يوم القيامة ملبياً)) دل على أنه على إحرامه، والمحرم ممنوع من الطيب فلا يُطيب، والمحرم لا يمنع من الاغتسال بالمنظفات التي لا طيب فيها، ولذا يغسل بالماء والسدر، لكن الطيب المحظور على المحرم يمنع منه من مات وهو في إحرامه.

"ويكفن في ثوبيه" المحرم هذا الذي مات وهو متلبس بالإحرام هل يختلف أمره بين ما قبل التحلل الأول وما بعده؟ المحرم الذي لبس ثيابه وله أن يتطيب؛ لأن في حديث عائشة: "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" دل على أنه يتطيب قبل التحلل الثاني، يتطيب المحرم قبل التحلل الثاني، فإذا مات بين التحللين هل يدخل في قوله: "والمحرم يغسل بماء وسدر، ولا يقرب طيباً" لأن المحرم الحي يتطيب، والمقصود به الباقي على إحرامه الكامل الذي لم يحل منه، ولم يلبس ثيابه.

"ولا يقرب طيباً، ويكفن في ثوبيه" وعلى هذا إذا كان قد تحلل التحلل الأول أنه يكفن في ثلاثة أثواب كالحلال؛ لأنه يلبس ثيابه المعتادة "ولا يغطى رأسه" وقل مثل هذا إذا تحلل التحلل الأول، وجاز له أن يغطي رأسه وهو حي يغطى رأسه إذا مات.

"وانقطعت التلبية في حقه" فلا يقال: إنه يبعث يوم القيام ملبياً؛ لأن التلبية انقطعت عنه في حال حياته.

"ولا يغطى رأسه ولا رجلاه".

طالب: لكن -أحسن الله إليك- إذا قلنا: إن التلبية شعار الحاج وهو لا زال حاجا؟

لكنه ما دام حياً لا يلبي انقطعت التلبية في حقه، فمن باب أولى إذا مات، أن العلة أنه يبعث محرما ملبيا، كل هذه الأمور مربوطة بما قبل التحلل الأول؛ لأنها إنما يمنع منها المحرم قبل التحلل الأول.

"ولا يغطى رأسه" هذا ظاهر، وجاء به النص، فلا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه، في بعض الروايات وهي صحيحة: "ولا وجه" وإن كان بعضهم يحكم عليها بالشذوذ؛ لأن الأكثر لم يذكروها، لكنها صحيحة في الجملة، وهي زيادة على ذكره الأكثر غير مخالفة، فيجتنب تغطية رأسه هذا مؤكد، وكذلك وجه على هذه الرواية.

"ولا رجلاه" هذا الذي لا دليل عليه، تغطية الرجلين لا دليل عليها، وتفرد بروايتها عن الإمام أحمد حنبل ولم يوافقه عليها أحد من الرواة، مع أنها لا يسندها دليل، ولا يعضدها برهان، فلا يعمل بها، نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

صح.

طالب:........

نعم.

طالب:........

لكن لو غطاه بلحاف، بردائه، ليس عليه شيء.

طالب:........

 لا، ليس عليه شيء.

طالب: يشترط.......

يشترط ماذا؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

لا ما يدخل فيه الاشتراط؛ لأن هذا الحابس ما صده عن إكمال نسكه حكماً، وإن صده حقيقة وواقعاً، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً، ما زال على إحرامه، ولا يستفيد من هذا الاشتراط، نعم؟

طالب:........

إذا كانت عليه ملابس الإحرام فالقرينة تدل على أنه لم يتحلل، نعم؟

طالب:........

المقصود ما دام عليه لباس الإحرام فالقرينة تدل على أنه لم يتحلل؛ لأنه لو تحلل لبادر للبس الثياب، نعم؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

من مضى في حج فاسد، الآن هو في هذا الحج الفاسد يلبي أو ما يلبي؟ ممنوع من الطيب وممنوع من المحظورات أو ليس ممنوعا؟

طالب:........

إذن الحكم واحد.

عرفنا أن قوله: "ولا رجلاه" لا دليل عليه، وعلى هذا لا مانع من تغطية الرجلين بغير ما يمنع منه المحرم، من الخف والجوارب وما أشبهها من المخيط.

"وإن سقط من الميت شيء" إما سن أو شعر أو أصبع أو عضو، سقط منه شيء "غسل معه، وجعل معه في أكفانه" لأن حكم الجزء حكم الكل، وهو محترم "وإن كان شاربه طويلاً أخذ" طيب إذا كان محرما؟ هاه؟

طالب:........

يُمنع، وجعل معه كالعضو الذي يسقط منه، ولا شك أن أخذ الشارب الطويل من باب الزينة، جاء في خبر: ((افعلوا بموتاكم كما تفعلوا بعرائسكم)) لكنه ضعيف، عندكم المغني؟ مخرج؟

طالب:........

((افعلوا بموتاكم كما تفعلوا بعرائسكم)).

طالب:........

من معه المغني؟

أو الزركشي أو غيره، تفضل، اقرأ التخريج.

طالب:........

واضح من لفظه أنه لا أصل له.

قال -رحمه الله-: "ويستحب تعزية أهل الميت" جاء أيضاً في الخبر: ((من عزى مصاباً فله مثل أجره)) ولا يسلم أيضاً من كلام لأهل العلم، لكن على كل حال من باب مواساة المسلم وإدخال السرور عليه، وتخفيف المصيبة على قلبه فيستحب من هذه الحيثية.

"ويستحب تعزية أهل الميت" بقول المعزي: أحسن الله عزاءكم، وجبر مصابكم، إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، ثم يدعو للميت، هذا إذا كان الميت مسلما وأهله مسلمون، إذا كان الميت مسلماً وأهله مسلمون يعزون، ويدعى لميتهم، بخلاف ما إذا لم يكونوا مسلمين فإنهم لا يعزون، وإن قال بعضهم: إن حكم التعزية حكم الزيارة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- زار الشاب اليهودي، على كل حال إذا كانت هناك مصلحة راجحة فلا مانع من الزيارة والعيادة لمريضهم، والتعزية في مصابهم، وإذا كان الميت غير مسلم فإنه لا يدعى له.

"يستحب تعزية أهل الميت، والبكاء غير مكروه" لماذا؟ لأنه حصل منه -عليه الصلاة والسلام- ((العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب)) بكى النبي -عليه الصلاة والسلام- على بعض الأموات، وقيل له: وأنت يا رسول الله! قال: ((وأنا)) هذه رحمة يجعلها الله -جل وعلا- في قلوب عباده، لكن لا يصل إلى حد رفع الصوت بالبكاء أو النياحة، أو يحصل مع ذلك فعل من ضرب للصدور، وقطع للشعور، أو جز للشعور، وما أشبه ذلك، هذه النياحة المحرمة -نسأل الله العافية-، والنائحة تبعث يوم القيامة...

طالب: عليها قميص من........

عليها قميص من قطران، ودرع من جرب -نسأل الله العافية-، وقلنا في مناسبات سابقة على هذا الحديث أن الجرب يعالج بالقطران، هذا ما زال الجرب يعالج بالقطران، فهل يمكن أن يقال في هذا الحديث شيء؟ يعني: المرض وعلاجه، يعني: الجمع بينهما من باب التخفيف على هذه النائحة، أو من باب التشديد عليها؟

طالب:........

الآن فيها الداء والدواء، صار تخفيفا أو تشديدا؟

طالب: تشديد.

هاه؟

طالب: تشديد يا شيخ!

تشديد لماذا؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

نعم، لكن هذا يقاوم هذا، هذا يقاوم ويكافح، كيف يصل هذا الداء والدواء بينه وبين الجسد؟

طالب: بالنسبة....

أنت معنا في المسألة؟

طالب:........

سمعتها؟! طيب.

طالب:........

من زيادة التعذيب، لماذا؟

طالب: للجمع بين الداء والدواء........

هاه؟

طالب:........

الدواء العازل.

طالب:........

الآن من يعرف أن هذا يعالج به وكيفية علاجه، حتى نفهم المسألة، كيف يعالج الجرب بالقطران؟

طالب: يطلى به...

يطلى، صحيح يطلى، لكن يطلى على هيئته، أو يُحل بمئات الأضعاف بالماء، نعم؟

طالب:........

أضعاف، مئات الأضعاف بالماء، يعني: فنجان صغير من القطران يوضع في برميل ماء، ويعالج به الدواب، لكن ماذا لو كان القطران مركزا يقطع ويمزق الجسم تمزيقا، فعلى هذا يكون داء وليس بدواء؛ لأن بعضهم يستشكل يقول: ما دام الداء والدواء موجودا -الحمد لله- هذا يقاوم هذا وانتهى الإشكال، وليسفيه وعيد، نقول: لا، يعالج بما نسبته أقل من واحد بالمائة، لكن لو كان مركزا مائة بالمائة؟

طالب:........

نعم، صار أشد من الجرب لو وضع عليه مركزا، نعم؟

طالب:.......

استخدامه محلول، فنجان واحدة توضع في برميل، يعني: نسبة واحد إلى ألف، ويطلى به، ويخف الجرب.

طالب:........

كيف؟

طالب:........

لا بد من إحداث ألم، لكنه ألم مما يستشفى به، مثل ما تعالج الحكة وبعض الالتهابات بالحك وشبه يوجد شيئاً.

طالب........

على كل حال الإشكال غير وارد؛ لأن القطران إذا استعمل على حقيقته مزق الجسم أشد من الجرب، أشد من الداء، الآن أليسوا يداوون ببعض السميات، يضعونها مركزة أو مخففة بنسبة يسيرة جداً؟

طالب:........

نعم؛ لأنها لو كانت مركزة قتلت، وهذا مثلها.

طالب:..............

لا، لكن هو معه الجرب.

طالب:...... القطران.....

لا، إذا قلنا: إنه مركز على هيئته خلاص صار هو عذاب بنفسه ما صار دواء، هو ليس بدواء يرتفع الإشكال من أصله إذا كان مركزاً.

"والبكاء غير مكروه" لكن بعض الناس مع ما أمر به من الصبر والاحتساب، وعدم التسخط والرضا بالقضاء، لا يستطيع أن يوفق بين هذا كله مع البكاء، ولذا عرف عن -أظن- أبي يزيد البسطامي أنه ضحك لما مات ولده، ما استوعب الجمع بينهما، كثير من الناس في هذه المضايق لا يستطيع أن يستوعب الجمع بين الأمرين المتضادين، الرسول -عليه الصلاة والسلام- في هذا أكمل الخلق، وفي كل باب من أبواب الدين أكمل الخلق استطاع أن يوفق والذي لم يستطع ضحك، فهل المطلوب من المسلم ترجيح جانب ما أمر به من الصبر والاحتساب والرضا وغير ذلك على جانب ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من البكاء؟ إذا قال: أنا والله لا أستطيع التوفيق إن بكيت تسخطت ووجدت في نفسي الحزن الشديد وعدم الرضا، فلا بد أن أقطع وأنصرف عن هذا البكاء؛ لأن بعض الناس يلاحظ كثيرا من الناس من هذا الباب تجده يتجلد ويتصبر، ثم إذا رأى أحدا يبكي أمامه انفجر، هذا موجود، فيقول: أنا أنصرف عن هذه الأمور البكاء وغير البكاء وأتسلى بحيث لا أورده على قلبي ألبتة، أصرف قلبي عن هذا الحدث، هل نقول: إن الأفضل أن تصرف قلبك عن هذا الحديث، وبدلاً من أن تبكي إما أن تنشغل بأمر من الأمور، أو تزيد على ذلك فتضحك؟ نقول: حاله -عليه الصلاة والسلام- أكمل الأحوال، والذي لا يستطيعه الإنسان لا يؤاخذ عليه، إنما عليه أن يجاهد، وعليه أن يربي نفسه على وفق ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-.

"والبكاء غير مكروه إذا لم يكن معه ندب ولا نياحة" يعني: معه رفع صوت وندب، واجبلاه، وافلاناه، وانقطاع ظهراه "ولا نياحة" كما تفعله النائحات الأجيرات -نسأل الله العافية-، بعض الناس يستأجر من ينوح، وهذا أمر مأثور عن العرب في جاهليتهم يسمونه إسعاد، إذا جاءت تنوح معناه أنها جاءت تسعدهم، على كل حال هذا من عظائم الأمور، ومن كبائر الذنوب، نسأل الله العافية.

طالب: أحسن الله إليك تعداد محاسن الميت في مجلس العزاء؟

تعداد محاسن الميت وقصائد الرثاء، نعم؟

طالب: نعم.

يجي في قصائد الرثاء تعداد، وفي خطب الجمعة.

أولاً: بالنسبة للنعي جاء النهي عنه، ونعى النبي -عليه الصلاة والسلام- النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج بهم إلى المصلى فصلى عليه، النعي الذي هو مجرد الإخبار الذي يترتب عليه مصلحة من المبادرة بتجهيزه، أو كثرة الحضور للصلاة عليه، أو قضاء ديونه؛ لأن بعض الناس ما يعرف أنه مات وهو في ذمته له دين، فهذا لا مانع منه إلا أنه ينبغي أن يكون بقدر الحاجة؛ لأنه خلاف الأصل، أما الإعلان في وسائل الإعلام بحيث تتم المصلحة بما هو دونه فلا ينبغي، النعي الذي جاء النهي عنه هو ما كان معتاداً عند العرب في جاهليتهم أن أهل الميت يقفون في السكك وعلى الأبواب وينادون بأعلى أصواتهم: ألا إن فلاناً ابن فلان قد مات، وهو الفاعل كذا وكذا، يعددون محاسنه، هذا النعي المنهي عنه، وفي الصحف يذكرون شيئا من هذا بلفظ النعي، يعني: لو اجتنبوه إخبار عن موت فلان، فمن كانت له حاجة أو دين أو له به متعلق هذا أمره أخف -إن شاء الله-، والله المستعان.

طالب:........

الحزن لا بد منه، لكن تجديده، بعض أهل العلم يحده بثلاث، كما أبيح للمرأة أن تحد على غير زوجها ثلاث، قالوا: إن استمراره لا يمكن أن يتغافل عنه إذا كان قريبا منه أو عزيزا عليه، لكن لا يستمر معه، هذا إذا كان يستطيع دفعه؛ لأن بعض الناس إذا هجم على قلبه مثل هذا الأمر لا يستطيع أن يدفعه، إذا تذكر ميته من والد أو والدة أو ولد أو أخ عزيز، إذا تذكره ولو بعد شهر تجد الألم يعتصر قلبه، مثل هذا من حديث النفس أو فعل القلب الذي لا يؤخذ عليه -إن شاء الله-، نعم؟

طالب:........

هذا هو فعل الجاهلية.

تعداد محاسن الميت، هاه؟

طالب:........

في مجلس العزاء، طيب يرد في كتب التراجم أنهم يعددون محاسن أهل العلم، ويثنون عليهم، ويطرونهم، ويذكرون ما قيل فيهم من مراثي، هذا مؤثر أو غير مؤثر؟ في الكتب، في كتب التواريخ والتراجم، يعني: ما لم يصل إلى حد الغلو، وهو مجرد وصف للانتفاع بعلمه هذا القصد منه، والاقتداء به فيما أحسنه من عمل أو علم هذا يغتفر، والأمة سارت على هذا من الصدر الأول، يترجمون ويثنون، والشافعي يثني على مالك، وأحمد يثني على الشافعي والعكس، هذا ليس فيه إشكال -إن شاء الله تعالى- بهذا المقدار، أما إذا وصل إلى حد الغلو فيمنع لا في حق ميت ولا حي، نعم؟

طالب: حديث: ((اذكروا محاسن موتاكم))؟

نعم، ((وكفوا عن مساوئهم)) ((اذكروا محاسن موتاكم، ولا تسبوا الأموات)) أيضاً ((ولا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء)) يعني الاقتصار على المحاسن فقط من أجل ألا يتطاول أحد فيذمه بالقدر المقبول، أما تعداد المحاسن فقد كان يفعل وقد كان يفعل ويفعل ويفعل في مجلس العزاء، أو في خطب الجمعة هذا ممنوع، المراثي إذا كان أهل لأن يرثى ووصف بما هو أهل له، فهذا فعله أهل العلم، ورثى بعضهم بعضاً، مما لا يتجاوز الحد، نعم؟

طالب: دليل على المنع؟

منع ماذا؟

طالب:........

لأنه يدخل في الندبة.

"ولا بأس أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث به إليهم" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث عبد الله بن جعفر لما زارهم بعد قتله قال: ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فإنه جاءهم ما يلهيهم أو يشغلهم)) فهم منشغلون عن صنع الطعام، فلا مانع من صنع الطعام بقدر الحاجة، بقدر حاجتهم، ولا يكون وليمة تقدم للعشرات، بل أحياناً المئات، كأنها وليمة عرس، هذا ما صار عزاء، صار هذا فرحا ، فمثل هذا يُمنع؛ لأن هذا الطعام مع الاجتماع في حديث جرير هو النياحة: "كنا نعده من النياحة" لكن يتأكد المنع إذا كان صنع الطعام من أهل الميت، أما إذا كان قد صنع لهم فالأمر أخف على أنه لا يتجاوز به حاجة أهل الميت الذين جاءهم ما يشغلهم، لكن لو جاءهم من أقاربهم، من بلدان أخرى، أو من ضواحي، أو ما أشبه ذلك، واحتاجوا أن يطعموهم مما أُطعموا، والمسألة مفترضة أيضاً في بلد ليس فيه أماكن للإطعام من مطاعم وفنادق، وما أشبه ذلك، يتسامح في مثل هذا -إن شاء الله-، لكن لا يتوسع فيه؛ لأنه على خلاف الأصل، فيبقى بقدر الحاجة، نعم؟

طالب:........

والله الورع عدم الأكل منه، يعني: يتسامح في الشيء اليسير، الماء والقهوة والشاي أمر سهل، أما الطعام فلا، نعم؟

طالب:........

الاجتماع الأمور بمقاصدها، إذا كان الاجتماع من أجل تلاقح هذا الحزن وكل واحد يلفظ بكلمة، وكل واحد يحزن الثاني هذا لا يجوز بحال، وأما إذا كان القصد منه التيسير على المعزيين، مات زيد من الناس وله عشرة أولاد كل واحد في حي، ومرورهم في بيوتهم هذا يشق على الناس، إذا كان القصد منه التيسير بقدر الحاجة، لا يمكث عندهم، ويعزيهم وينصرف هذا -إن شاء الله- لا إشكال فيه.

طالب:........

هاه؟

طالب:........

لا، مرة واحدة؛ لأن هذا يكرر الحزن، تكرار العزاء يكرر الحزن، نعم؟

طالب:........

على كل حال إذا تعدى عن قدر الحاجة، الأصل ((اصنعوا لآل جعفر)) ما قال: لهم ولضيوفهم وكذا، ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فإنهم جاءهم...)) هذا الأصل، لكن لو قدر أن إنسانا جاء من مكان بعيد، وليس له مأوى يأوي إليه، ولا مكان يأكل فيه وأكل، لا لأن هذا قدم لهم من أجل، الورع حسم المادة بالكلية لا من قبل المعزِين ولا المعزَين هذا الورع، لكن الرفق بالناس أيضاً مطلوب بحيث لا يسترسلون حتى يصلوا إلى حيز الابتداع.

"ولا بأس أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث به إليهم" الآن يبعث به إليهم، ويحضر المضيف، ومعه ضيوفه، وضيوف المعزيين، وتصير المسألة كأنها وليمة عرس "ولا يصلحون هم طعاماً يطعمون الناس" الآن العلة في هذا الطعام أنه جاءهم ما يشغلهم، فكيف يزاد في شغلهم؟! وأيضاً هذا المال من مال من؟! إن كان من مال الميت لا يجوز بحال، وهذا أيضاً من عمل الجاهلية أنهم يصنعون الطعام، وينشغلون به إضافة إلى ما جاءهم مما يشغلهم هذا لا يجوز بحال؛ لأنهم بصدد أن يعانوا على ما هم عليه من الشغل، لا أنهم يزاد عليهم ويضاعف عليهم الشغل بصنع الطعام.

هناك أمور يسيرة مثل ما ذكرنا مثل ماء يقدم، إنسان عطش من هؤلاء الزائرين المعزين لا مانع من أن يشرب الماء، أو جلس وصُب له فنجان من القهوة أيضاً الأمر فيه سهل، لكن الطعام بحال لا يجوز، لا سيما إذا كان من أهل الميت، أما إذا كان من غيرهم فالورع تركه، الماء في أماكن الدفن في المقبرة، وبعضهم يأتي بعصير، وبعضهم يتوسع ويأتي بمرطبات، هذا كله لا يجوز، الماء أمره أخف إذا وجدت الحاجة على أن لا يكون من أهل الميت، أحياناً يكون الدفن في حر شديد، ويحتاج الناس للماء، فإما أن يتركوا الدفن والتشييع إلى أن يخرج أو يشربوا أو ييسر عليهم ويؤتى به إذا كان من غير أهل الميت، فالأمر -إن شاء الله- فيه شيء من السعة، نعم؟

طالب:........

يعني مثلما عندنا، يأتي في رسائل جوال أن عدد الجنائز كذا، أو مات فلان ويدفن كذا، ويصلى عليه في مكان كذا.

طالب:........

لا لا، مثل صنيع أهل الجاهلية.

طالب:........

يعني وقوف أهل الجاهلية في السكك وعلى الأبواب يبلغون والناس بأصوات مرتفعة، كل هذا ممنوع.

طالب:........

نحن مر علينا هذا قبل هذه الوسائل إذا صلى الناس قال الإمام: فلان قد مات تصلون عليه في المكان الفلاني، في الوقت الفلاني، وانتهى الإشكال.

طالب:........

إذا كانت الحاجة تدعو إليها، يعني الجماعة كثيرون -إن شاء الله- الأمور سهلة، نعم؟

طالب:........

لا هو ما له حد، حتى أن بعضهم يكرهه بعد الدفن، من أهل العلم من يكرهه بعد الدفن؛ لئلا يتجدد الحزن، لكن إذا قرب العهد بالوفاة والدفن الأمر -إن شاء الله- سهل، لكن لا يطال الأمد فيجدد الحزن.

طالب:........

نعم  الناس اعتادوا هذا وإلا لا يوجد ما يدل عليه، نعم؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

كل ما قرب من المصيبة إذا وجد سبب آخر غير هذه، وجد سبب لارتباط له بالموت الأمر سهل.

طالب: أحسن الله إليك.......

يعني مثلاً لو ولد له ولد اليوم، وفي اليوم الخامس أو السادس مات له قريب، وجلس للعزاء من باب التيسير على الناس، وفي السابع بعد يوم أو يومين يضع العقيقة، هذه مرتبطة بسبب آخر لا علاقة له بالموت.

طالب:........

نعم.

طالب:........

نعم.

طالب:........

الضيافة بابها آخر على أن لا يكون السبب لا عند هذا الطرف ولا الطرف الآخر مرتبط بالموت، نعم؟

طالب:........

ليس فيه إشكال -إن شاء الله تعالى-، السفر للتعزية والصلاة على الجنازة ليس فيها شيء؛ لأنه لم يقصد بقعة معينة، يعني مثل عيادته لو كان مريضاً وسافر من أجله، أو صلة رحم أو ما أشبه ذلك لا إشكال.

طالب: أحسن الله إليك....

نريد أن نكمل الباب؛ لأن هذا هو الدرس الأخير.

طالب:........

هاه؟

طالب:........

هذا آخر أسبوع وتتوقف كل الدروس إلا التفسير.

يقول: "والمرأة إذا ماتت وفي بطنها ولد يتحرك فلا يشق بطنها، وتسطو القوابل عليه فيخرجنه" هذا إذا أمكن أن يكون إخراجه بمثابة الولادة التي يسمونها طبيعية فهذا يفعل بالميت كما يفعل بالحي، لكن إذا تعذر إخراجه من بطنها إلا أن يشق بطنها أو يموت فلا شك أن الحي أولى بالمراعاة من الميت، نعم فيه تمثيل بالمرأة، لكنها مفسدة مغمورة في صدد الإبقاء على هذه النفس الحية.

"والمرأة إذا ماتت وفي بطنها ولد يتحرك فلا يشق بطنها، وتسطو القوابل عليه فيخرجنه" إذا أمكن هذا فلا شك أنه أولى، لكن إذا لم يمكن إلا ببقر بطنها فلا مانع منه -إن شاء الله تعالى-كما يفعل بها وهي حية.

قال: "وإذا حضرت الجنازة وصلاة الفجر بدئ بالجنازة" لماذا؟ لأن ما بعد صلاة الفجر وقت نهي، مع أن ما قبل صلاة الفجر مختلف فيه، من أهل العلم من يقول: إنه وقت نهي وهو المعروف في المذهب ((إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر)) هو أيضاً وقت نهي، لكنه أخف مما بعد الصلاة، على كل حال قوله: "إذا حضرت الجنازة وصلاة الفجر بدئ بالجنازة" لأن ما بعد الصلاة وقت نهي، لكنه وقت موسع، ومخفف لسعته.

"وإذا حضرت وصلاة المغرب" هنا قال: "حضرت الجنازة وصلاة الفجر" هذا ما فيه إشكال العطف على الظاهر، لكن وإذا حضرت وصلاة المغرب هذا مشكل؛ لأنه عطف على ضمير الرفع المتصل، لا يجوز إلا بفاصل، قال: وإذا حضرت هي يعني: الجنازة، لا بد أن نقول هي، يعني: الجنازة وصلاة المغرب.

وإن على ضمير رفع متصل ج

أو فاصل ما وبلا فصل يرد

 

عطفت فافصل بالضمير المنفصل

في النظم فاشياً وضعفه اعتقد

لكن لا ضرورة هنا لأن يترك الفاصل.

"وإذا حضرت وصلاة المغرب بدئ بالمغرب" لماذا؟ لأن ما بعدها ليس بوقت للنهي، بعد صلاة العصر قبل صلاة العصر وبعدها مثل الصبح؛ لأنه وقت نهي، لكن المرجح أنه يصلى عليها بعد جميع الصلوات، ولا يُمنع من الصلاة عليها إلا في الأوقات الثلاثة المضيقة، في حديث عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا" وذكر: "حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب" هذه هي الأوقات الثلاثة المضيقة، وهي المرجح أنه لا صلاة فيها إلا المكتوبة، إذا ذكر الإنسان صلاة مكتوبة يصليها بدليل: ((من أدرك من صلاة الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) ومعلوم أنه لا بد من إضافة ركعة أخرى كما جاء في بعض الروايات عند البيهقي وغيره ((وإذا أدرك من صلاة العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) فالمكتوبة غير داخلة في النهي، أما التطوعات كلها داخلة في النهي، وتمنع في الأوقات الثلاثة المضيقة، وهذا سبق أن بحثناه في وقته.

"وإذا حضرت وصلاة المغرب بدئ بالمغرب" وعرفنا السبب في التفريق بين الصلاتين.

"ولا يصلي الإمام على الغال" الذي يأخذ شيئا من الغنيمة قبل أن تقسم، أو يكتم شيئاً مما غنمه، هذا غال لا يصلي عليه الإمام؛ لأنه قدم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((صلوا على صاحبكم)) وهذا من باب التعزير والعقوبة له.

"ولا على من قتل نفسه" لا يصلي عليه الإمام، لكن عموم الناس يصلون عليه؛ لأنه مسلم، لا على الغال ولا على من قتل نفسه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يصل عليه.

 المدين...، نعم؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

لا، هو إذا كان من باب التعزير، ومن باب التحذير من فعله فإنه يستوي فيه الأئمة من بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن هذا له وقع كبير في النفوس، إذا قال الإمام: صلوا على صاحبكم، يقع فيه شيء من التعزير، وإن كان ليس بقدر التعزير الذي يكون متسبباً لصلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، يختلف لكن التعزير باق، وكثير من حقوقه -عليه الصلاة والسلام- بصفته إمام أعظم سلطان تثبت لمن بعده من الأئمة.

المدين لما قدم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((هل عليه دين؟)) قالوا: نعم، قال: ((صلوا على صاحبكم)) ولم يصل عليه حتى ضمنه أبو قتادة، نعم؟

طالب:........

يعني عدم الصلاة عليه خاص.

طالب: نعم؟

لا، وفي حكمه الأئمة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعله بصفته إماما، وفي حكمه الأئمة.

طالب:........

هاه؟

طالب:........

ليس هناك ما يمنع، المقصود أنه يبين للناس أن هذا لا يستحق أن يصلي عليه الإمام؛ لأنه إذا صلى عليه صلاة عادية وصلى عليه في المسجد ما أحد يدري عنه، ولا عن مخالفته، والمقصود من ذلك الزجر عن هذه المخالفة، نعم؟

طالب:........

لا، يصلون جمعة، يصلي بهم واحد منهم، نعم؟

طالب:........

المقصود من يتحقق به الهدف وإلا معروف أن الملك لن يصليَ على الناس كلهم، كي  يقال: والله هذا غال أو قاتل نفسه، فمن يتحقق به الهدف وهو الزجر والتعزير لهذا الغال، والزجر عن فعله، يتحقق بعدم صلاة الإمام عليه.

طالب: أحسن الله إليكم، يشرع للإمام إذا قدمت إليه جنازة أن يسأل: أعليه دين؟

كان هذا في الأول؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام-كان في الأول يسأل ولا يصلي، ثم قال: ((من مات وعليه دين فعليَّ)).

"وإذا حضرت جنازة رجل وامرأة وصبي جعل الرجل مما يلي الإمام" لأن منزلة الرجل أو جنس الرجل مفضل على جنس المرأة، وأمر بتأخير النساء، وجاء الترغيب في الصفوف المتأخرة بالنسبة للنساء؛ لأنها أبعد، فيقدم الرجل على المرأة "جعل الرجل مما يلي الإمام" لأن جنسه أفضل من جنس المرأة "والمرأة خلفه، والصبي خلفهما" لماذا قدمت على الصبي؟ لأنها مكلفة كالرجل، كأنهم يرون أنه كل ما قرب إلى الإمام كانت الشفاعة في حقه أقوى، فهي أولى بالشفاعة من الصبي، لكن المسألة مسألة تمييز جنس على جنس، فجنس المرأة مؤخر بالنسبة لجنس الرجل، ولذا كان الأولى أن يقدم الصبي على المرأة، الرجل ثم الصبي ثم المرأة كصفوفهم في الصلاة، والمرأة تكون بعيدة، نعم ليس الموطن موطن إثارة، أو موطن خشية فتنة لأنها ميتة، لا تحقق بها أنظار الناس، وإن كان يوجد من بعض النفوس الرديئة الدنيئة التي استحوذ عليها الشهوات والشبهات من ينظر إلى هذه المرأة نظر شهوة كما قيل في تغطية القبر، وكما قيل في العلة في كون الرجل الإمام يلي وسط المرأة ليستر هذا الوسط من أنظار بعض هؤلاء المرضى مرضى القلوب، الأصل أن الرجال صفهم الأول، يليهم الصبيان، ثم النساء، هكذا في الصلاة، وليكن الأمر كذلك في الصلاة عليهم، نعم؟

طالب: الصبية.

الصبية بعد المرأة.

"والصبي خلفهما، وإن دفنوا في قبر واحد" دفنوا في قبر واحد، يعني: هناك وباء أو حرب جعل الناس لا يستطيعون أن يحفروا قبورا بعدد الأموات، وهذا يحصل في أزمان الأوبئة والحروب، تحفر مقابر جماعية، نسأل الله -جل وعلا- أن يدفع عن المسلمين كل بلاء ومحنة، إذا احتيج إلى أن يدفن أكثر من واحد في قبر كما حصل في غزوة أحد.

"وإن دفنوا في قبر واحد يكون الرجل في القبلة" في القبلة مما يلي جدار القبر القبلي؛ لأنه أفضل فيقدم كما في صفه في الصلاة "والمرأة خلفه، الصبي خلفهما" وحكم المسألة هذه كالمسألة التي قبلها، يجعل الرجل إلى جهة القبلة، ثم الصبي من الذكور، ثم المرأة، ثم الصبية من الإناث.

"إذا قبر أكثر من واحد في قبر واحد" ومعلوم أنهم عليهم الأكفان فيحصل الحاجز بالكفن، لكنه حاجز رقيق يستحب أهل العلم أن "يجعل بين كل اثنين حاجز من تراب" ليكون مكانه كالقبر المستقل.

"ويُجعل بين كل اثنين حاجز من تراب، وإن ماتت نصرانية" نعم؟

طالب:........

مثل ما يقدمون في الصلاة عليهم، الأقرب إلى الإمام أكثرهم أخذاً للقرآن، وجاء في قتلى أحد: ((أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟)) إذا ما عُلم أو استووا قرعة، نعم الأول له نصيب في الأولوية، كما يقول أهل العلم، الأولية لها حظ في الأولوية، فإذا جيء بهذا قبل غيره يقدم، إذا استووا أو جُهل الأفضل، وإذا جاؤوا دفعة واحدة، وتشاحوا فالقرعة.

يقول: ذكر صاحب الواضح في شرح الخرقي تحت مسألة: "والمحرم يغسل بماء وسدر، ولا يقرب طيباً، ويكفن في ثوبيه، ولا يغطى رأسه ولا رجلاه" دليل لهذه المسألة وهو ما أخرجه النسائي عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يُغسل المحرم في ثوبيه اللذين أحرم فيهما، واغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسوه طيباً، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة محرماً))...

إلى هذا الحد ليس فيه إشكال، لكن الإشكال في رجليه.

ثم نقل عن أبي داود أنه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: في هذا الحديث خمس سنن: كفنوه في ثوبيه، وأن يكون في الغسلات كلها سدر، ولا تخمروا رأسه، ولا تقربوه طيباً، وكون الكفن من جميع المال، فكيف استنبط الإمام أحمد هذه المسألة من هذا الحديث؟ خصوصاً أن الحديث لم ينص عليها صريحاً؟

كون الكفن من جميع المال، أن ثوبه اشتري من جميع المال، الثوبان اللذان عليه اشتريا من جميع المال من أصل المال، ما يقال: والله هذان الثوبان اللذان اشتريا من جميع المال، وللورثة تعلق بهما يباع ويكفن في غيره؟ لا، هاه؟

طالب:........

لا، لكنها أحق من الصبي.

يقول: ذكرتم أن الإنسان قد لا يستطيع أن يجمع بين المتضادين، فهل هذا منافٍ لكون الشريعة لم تجمع بين المضادات؟ وكيف يوفق بين الأمرين:

الأمر الأول: أن الشريعة ما جاءت بالجمع بين المتضادات.

والثاني: أن الإنسان إذا صبر وبكى قد يكون جمع بين المتضادين، أما أن البكاء ليس مضاداً للصبر؟ أرجو التوضيح.

يعني: بعض الناس يضيق عليه تجاوز مثل هذا الحديث، فتجده إن صبر واحتسب تجلد ولم يبكِ، وإن فتح المجال للبكاء أدنى قدر يسير من البكاء تجده لا يملك نفسه، نقول: هذا موجود من بعض الناس، يعني: موجود عند بعض الناس أنه يفعل الأسباب المأمور بها، لكنه لا يملك نفسه أن يقول: والله أنا الأسباب مجرد أسباب، والمسبب هو الله -جل وعلا-، ولا يلتفت إليها بحال، تجده إذا دخل على الطبيب يعرف أن الشفاء بيد الله، وهذا أمر مقرر عند المسلمين قاطبة، لكن هل يتساوون في نظرتهم إلى الطبيب، وأنه بإمكانه أن ينفع هذا المريض أكثر مما يستطيعه؟ ما معنى أنه يلح على الطبيب، وترجاه وأحرص وأفعل وأترك؟ إلا أنه يرى أن فيه قدرا من النفع قد يلتفت إليه قلبه، ولذا جاء حسم بعض الأسباب؛ لئلا يقع الإنسان في مثل هذه المضايق، وإلا فالرقية والكي من الأسباب، وجاءت الأدلة على أنها أسباب معتبرة شرعاً، لكن لا بد من ملاحظتها عند بعض الناس، تجد بعض الناس لا يستطيع أن يوفق أن هذا مجرد سبب، وأنه لا نفع فيه ألبتة إلا إذا قدر الله -جل وعلا- هذا النفع، فهذه مضايق هي في الأصل حققها النبي -عليه الصلاة والسلام- بتمام الانفصال، لكن غيره هل يستطيع أن يحقق مثل هذا التحقيق؟ هل يستطيع أن يرضى بما قدر الرحمن وهو يتسخط ويتشكى أو يبكي؟ لا يستطيع، فبعض الناس يقول: ما دام أنا بين أمرين، إما أن أبكي ويحصل في نفسي شيء من الاعتراض على القدر، أو أحسم المادة بالكلية، وانصرف عن الموضوع، وأصرف قلبي عنه، ولا يحصل شيء من الاعتراض، يعني: هذا موقف الذي ضحك، وبعض الناس ينشغل بشغل يلهيه عن هذه المصيبة بجميع ما تتطلبه هذه المصيبة من بكاء مشروع، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه يقول: إذا فتحت المجال لنفسي ما استطعت، يعني: كثير من الناس في أمور التي تحتاج إلى شيء من التوازن لا يستطيع يتوازن، في تصريف الأموال، تجد بعض الناس يقول: والله ما أستطيع إذا أنفقت أسرفت، فأمسك، وبعض الناس يقول: إن أمسكت قترت لا بد أن أصرف، فلا يقف على قلب الميزان، ما يستطيع، إما أن ترجح هذه الكفة أو هذه الكفة، هذا ما هو موجود في حياة الناس؟ مثل ما معنا، هذه مضايق تحتاج إلى اعتدال، تحتاج أولاً إلى توفيق الله -جل وعلا-، ما نقول: إن الشرع جاء بمتضادات، الشرع جاء بهذا وهذا، نعم، لكن واقع كثير من الناس يجعل هذه الأمور متضادة؛ لأنه لا يستطيع تحقيقها، أما النبي -عليه الصلاة والسلام- فقد فعل هذا وهذا، وظهر أمره واضحاً جلياً في تحقيق الرحمة التي جعلها الله -جل وعلا- في قلوب العباد، وتحقيق تمام الصبر والاحتساب والرضا بالقضاء، لكن كثير من الناس لا يستطيع، ومرده إلى ضعف هذا الشخص، هذا التضاد مرده إلى ضعف هذا الشخص لتحمل مثل هذا الأمر، يعني من منا من يذهب إلى الطبيب سواء كان طبيبا شعبيا أو حديثا ولا يلتفت إليه ألبتة؟ وأن له أثر، وقد يزيد على ذلك بحيث يوقعه شيء من الشرك -نسأل الله العافية-، وينظر إلى العلاج وأنه مؤثر؛ لكن المطلوب التوازن، تفعل هذا السبب وأنه لا أثر له في ذاته، فيه تأثير الله -جل وعلا-هو الذي جعل فيه تأثيرا، لا تقول: والله العلاج استعمله أو ما استعمله على حد سواء مثل ما تقول الأشعرية، ولا تقول: إن هذا العلاج بنفسه مؤثر كما تقول المعتزلة، أنت بحاجة إلى توازن، لكن من يملك هذا التوازن من عموم الناس؟ قلة، هذا الذي نقصده بالتضاد لا في أصل التشريع، وإنما بالنسبة لبعض الناس الذي لا يستطيع أن يحقق هذا التوازن يكون عنده شيء من التضاد، فإما أن يفعل هذا أو هذا.

قال: "وإذا ماتت نصرانية" يعني: امرأة نصرانية تحت مسلم؛ لأنه يجوز نكاح الكتابية، فإذا حبلت من المسلم صار ولدها مسلما، لماذا؟ لأن الولد يتبع خير أبويه ديناً، يحكم له بأنه مسلم؛ لأن أباه مسلمٌ، لكن يتصور العكس؟ لا يتصور، لماذا؟ لأن المسلمة لا يجوز لغير المسلم أن يتزوجها، نعم؟

طالب:........

وجد، ولا وجد إلا هذا، الله المستعان، نعم؟

طالب:........

نعم أسلمت بعد أن انفصلت عنه.

طالب:........

نعم، يعني: في الفترة بين إسلامها ووضعها، تابع لها، يتبع خير أبويه ديناً؛ لأن الحكم الذي يحكم به عليه من حين إسلامها، لكن إذا وضعته ثم أسلمت، كانت تحت كافر ثم وضعت ثم أسلمت لها؛ لأنه ولد بين أبوين كافرين.

"وإذا ماتت نصرانية وهي حامل من مسلم دفنت بين مقبرة المسلمين والنصارى" فلا تدفن في مقابر المسلمين لأنها غير مسلمة، قالوا: يتأذى المسلمون بعذابها، ولا تدفن في مقابر النصارى لئلا يتأذى الولد بعذابهم "وإذا دفنت وهو في بطنها جعل ظهرها إلى القبلة" جعل ظهرها إلى القبلة؛ تكون على جنبها الأيسر، ووجهها إلى ضد القبلة؛ ليكون وجه الجنين أو اتجاهه إلى القبلة، ويكون على جنبه الأيمن.

طالب:........

إذا كان ميتا، لا ما يترتب عليه شيء، بقر بطنها مثلة، أما إذا كان حيا تعين هذا.

"دفنت بين مقبرة المسلمين والنصارى" يعني: نظير ذلك إذا أراد غير المسلمين الاستسقاء -بالمناسبة غداً هناك صلاة استسقاء- فأراد غير المسلمين أن يستسقوا لا يمنعون؛ لأن لهم مصلحة في السقيا، لكن هل يستسقون مع المسلمين في يوم واحد، أو يفردون بيوم؟ يفردون بيوم أو مع المسلمين؟ المسلمون يستسقون يوم الاثنين ويستسقون يوم الثلاثاء، مع المسلمين، لماذا؟ لئلا يسقى الناس في يومهم، ويحرمون في يوم المسلمين، فيفتتن بعض الناس، يكون هذا فتنة لبعض الناس.

"ويخلع النعال إذا دخل المقابر" أولاً: المسلمون لهم حرمة في قبورهم فيخلع النعل إذا دخل المقابر، والمراد بذلك بين القبور، أما في المساحات التي ليس فيها قبور، ليس فيه محظور، ولا بأس -إن شاء الله تعالى-، لكن بين القبور؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر صاحب السبتيتين أن يخلعهما؛ لأن فيه إهانة، ولا يجوز الجلوس على القبر، ولا وطأ القبر؛ لحديث أبي مرثد الغنوي: ((لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها)) وعامة أهل العلم على المنع من الجلوس على القبر، ومثله دوسه بالأقدام، بل هذا من باب أولى، وإن كان الإمام مالك يرخص في هذا، ويحمل القعود على القبر على القعود عليه لقضاء الحاجة ((لا تجلسوا على القبور)) يعني لقضاء الحاجة، والجمهور على أن المراد به الجلوس المعتاد، ويستدل المالكية لنصرة إمامهم بأن ابن عمر كان يجلس على القبر، ويضطجع عليه، لكنه قول صحابي في مقابل نص فلا عبرة به.

"ويخلع النعال إذا دخل المقابر" ويقول في السلام عليهم، المأثور: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين))... إلى آخره، بالتعريف: ((السلام عليكم)) لأنه لم يرد بغير هذه الصيغة، بخلاف الأحياء فإن المسلم يخير بين التعريف والتنكير، ويدعو للأموات، ويستفيد من الزيارة ويعتبر، وقد جاء الأمر بها: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها -العلة- فإنها تذكركم بالآخرة)).

"ولا بأس أن يزور الرجال المقابر" لا يكفي أن يقال: لا بأس، بل هي سنة، وفيها مصالح للزائر والمزور، إذا كانت شرعية، أما إذا كانت زيارة بدعية فهي ممنوعة.

"ويكره للنساء" تكره زيارة القبور للنساء؛ لثبوت اللعن ((لعن الله زوارات القبور)) وأيضاً قوله: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها)) هذا خالص بالرجال، بدليل حديث أم عطية: "نهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا".

طالب:........

هاه؟

طالب:........

والله اللعن يدل على التحريم، هناك وقائع وحوادث حصلت من عائشة ومن غيرها يستدل بها من يقول بالجواز، لكن لا كلام لأحد مع ثبوت اللعن، منهم من يقول: إن الزوارات صيغة مبالغة، فلا تصدق إلا على من يكثر الزيارة، لكن اللعن شديد، لا يخفف في مفرداته؛ لأنه لعن، وكونه جاء بهذه الصيغة، جاء أيضاً بصيغة اسم الفاعل ((زائرات القبور)) نعم؟

طالب:........

صحيح، لكن هل هذا قبل المنع أو بعده؟

طالب:........

والذي قبله ما يأتي بدليل؟ لا، لا بد من البيان، والحظر مقدم على الإباحة عند أهل العلم، إذا جاء نص في مسألة يدل على المنع ونص يدل على الإباحة فالحظر عند عامة أهل العلم مقدم على الإباحة.

طالب:........

على كل حال، في قضايا يستدل بها من يجيز ذلك، وقول أم عطية: "ولم يعزم علينا" أيضاً، لكنه في مقابل اللعن كأنها فهمت أن النهي ليس بشديد، لكن مع ثبوت اللعن لا كلام لأحد.

إذا مر على القبور من وراء السور، وهو واقف عند إشارة، والمقبرة على يمينه أو على يساره، وقد يرى القبور أحياناً، في هذه الحالة يسلم عليهم كما يسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-ودونه الأسوار، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب: إذا زار قريباً له في المقبرة، فهل له أن يسلم عليه تلقاء وجه أو لا...؟

نعم، السلام على الميت تلقاء وجهه، والدعاء له مع استقبال القبلة.

طالب:........

((لحشرتِ مع جدكِ)).

طالب:........

عند أبي داود.

طالب:........

حسن، حسن.

طالب:........

هاه؟

طالب:........

ما به؟

طالب:........

مع "كنا نعد" صحيح "كنا نعد" صحيح، لكن العلة مركبة من الأمرين: الجلوس وإعداد الطعام.

طالب: الجلوس لكل مصاب.... أو فقط لأهل الميت؟

المقصود أن جلوس أهل الميت والمصابين مقرون بإعداد الطعام، فإذا كان جلوس من غير إعداد الطعام فلا بأس، لأن العلة ما تمت، نعم؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

على كل حال تدفن لا في هذا ولا في هذا، إذا كان في بطنها ولد مسلم ما تدفن مع النصارى، ولا تدفن مع المسلمين....

طالب:........

ولو... يبحث لها عن مكان ثان.

طالب:........

هاه؟

طالب: تسفر.

هذا الإشكال إذا سفرت وفي بطنها ولد مسلم مثل هذا قد يترجح إخراجه؛ لئلا يقبر في مقابر النصارى.

طالب:........

غداً -إن شاء الله-.

طالب:........

بعده، نعم.

طالب:........

نعم.

أول من فعلته فاطمة -رضي الله عنها-.

طالب:........

لا يوجد مرفوعا، لكن أول من فعله فاطمة -رضي الله عنها-.

طالب:الأمر مشهور........

 لا يوجد؛ لأنها بصدد أن تستر.

طالب:........

ناقصة بلا شك، الكمال في فعله -عليه الصلاة والسلام-، لكنه أكمل ممن جزع وفعل المحرم.

اللهم صل على محمد وعلى آله....

"
يقول: رجل أراد أن يهب نفسه عبداً مملوكاً لأحد العلماء لخدمته وطلب العلم على يده فهل له ذلك وما هي...؟

مملوكاً؟! يعني له أن يبيعه؟ هذا ما قال به أحد، ليس له أن يهب نفسه، لكن إذا وهب المنفعة في خدمته في مقابل تيسر طلب العلم عليه هذا الأمر لا يعدوه.