تعليق على تفسير سورة البقرة من أضواء البيان (18)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الإمام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله تعالى-:

وفي هذه الروايات دلالة واضحة لنسخ المراجعة بعد الثلاث وإنكار المازري رحمه الله ادعاء النسخ. "

المؤلف- رحمه الله- يتحدث عن طلاق الثلاث وما جاء فيها مِمَّا نقل عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث ابن عباس: "كانت الثلاث في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر كانت الثلاث واحدة ثم أمضاها عمر- رضي الله عنه- يعني الثلاث ثلاث ولا شك أن في هذا إشكال كبير لاسيما وأن القول المعتمد عند عامة أهل العلم وجماهير أهل العلم هو أن الثلاث ثلاث على ما فعل عمر- رضي الله عنه- حديث ابن عباس صحيح هذا فيه إشكال كبير جدًا كيف الأئمة الأربعة وأتباعهم يخالفون ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبي بكر ثم يعتمدون ما قرره عمر- رضي الله عنه- في كلام طويل للمؤلف ولغيره، المؤلف من جانب ولابن القيم من جانب آخر، يعني المؤلف ينصر قول الجمهور وابن القيم ينصر ما اختاره شيخه وأفتى به من كون الثلاث واحدة بناء على ما جاء في حديث ابن عباس؛ إذًا لا بد من مخرج من هذا المأزَق لا شك أن هذا مأزَق لا بد من مخرج، الشيخ- رحمه الله- في كلام طويل له تقدم يقول: إن الثلاث التي كانت واحدة في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ليست بلفظ واحد وإنما هي بألفاظ متعددة، قد يقول قائل أن التي بألفاظ متعددة أشد من التي بلفظ واحد لا، يقول اللفظ الواحد إذا قال أنت طالق ثلاثًا لا يحتمل خلاص لا يحتمل تأكيدا، لكن إذا قال طالق طالق طالق يحتمل أن تكون الثانية مؤكِّدة للأولى والثالثة مؤكدة فتكون واحدة، يقول هذا هو المراد بالثلاث التي كانت واحدة في عهده -عليه الصلاة والسلام- وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر، والناس في أول الأمر لا يوقعون خلاف ما أراده الله- جل وعلا-؛ لأن طلاق الثلاث بدعة وحرام لا يمكن أن يوقعوه إنما يريدون بذلك التكرار فلا يقع إلا واحدة، فلما جاء عمر وتغيرت أحوال الناس ووجد من يتلاعب بأحكام الله ألزمهم بمقتضى لفظهم، وقد يكون هذا مرادهم أنها ثلاث لا يكون مرادهم التوكيد، من المخارج أن هذا الحكم منسوخ وأورد ما يدل على نسخه في كلام الإحاطة به تحتاج إلى وقت؛ لأنه تقدم كلام طويل جدًا إذ لا يمكن أن ينسخ الحكم الشرعي باجتهاد صحابي النسخ من خواص النصوص فلا بد من مستند لصنيع عمر وهو الناسخ لما كان بعهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وصدر من خلافة عمر.

"وإنكار المازري- رحمه الله- ادعاء النسخ مردود بما رده به الحافظ ابن حجر في فتح الباري فإنه لما نقل عن المازري إنكاره للنسخ من أوجه متعددة قال بعده ما نصه: "قلت نقل النووي هذا الفصل في شرح مسلم وأقرّه وهو متعقَّب في مواضع الأول: أن الذي ادعى نسخ الحكم لم يقل إن عمر هو الذي نسخ حتى يَلزَم ما ذكر وإنما قال ما تقدم يشبه أن يكون علم شيئًا من ذلك نُسخ.."

يعني نظير ذلك المسائل التي يُذكر فيها الاتفاق والدليل على خلافها ظاهر؛ لأنه توجد مسائل من هذا النوع، قالوا الاتفاق يدل على وجود ناسخ ولو لم نطلع عليه؛ لأن هناك أحاديث ونصوص صحيحة وصريحة اتفق العلماء على عدم العمل بها، وفي جامع الترمذي ذكر حديثين وشرح ابن رجب على العلل أضاف أحاديث، المقصود أن هذا النوع لا بد له من مخرج حديث صحيح صريح يتفق أهل العلم على عدم العمل به، لا بد من وجود ناسخ ولو لم نطلع عليه وليس الاتفاق هو الناسخ لا، النسخ من خواص النصوص.

"أي اطلع على ناسخ للحكم الذي رواه مرفوعًا ولذلك أفتى بخلافه، وقد سلّم المازري في أثناء كلامه أن إجماعهم يدل على ناسخ وهذا هو مراد من ادعى النسخ، الثاني: إنكاره الخروج عن الظاهر عجيب فإن الذي يحاول الجمع بالتأويل يرتكب خلاف الظاهر حتمًا".

نعم الذي يريد أن يوفِّق بين النصوص ويؤلِّف بين الأحاديث المختلفة لا بد أن يرتكب ما يرتكب، قد يقرب من أفهام الناس وقد يبعد؛ لأن هذا لا بد فيه من ارتكاب مثل هذه الأمور، إذا وجد حديثان متعارضان ولا يمكن أن يتعارض ويتضاد خبران ثابتان عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- بمعنى التعارض التام إلا أن يكون أحدهما منسوخًا والآخر ناسخًا، أمَّا إذا كانا محكمين فلا بد من التوافق؛ ولذلك يسلك أهل العلم في هذا النوع ضروبا من الجمع والتوفيق، ولابن خزيمة في هذا كما ذُكر عنه القِدح المعلى في الأحاديث المختلفة المتعارضة، وإذا قرأت في كتب مختلف الحديث وجدت أن بعض الجموع ظاهرة وبعضها فيها شيء من التعسف عند فلان وتجد عند غيره ما هو ظاهر وهكذا لا بد من احتمال على ما قال، فإن الذي يحاول الجمع بالتأويل يرتكب خلاف الظاهر حتمًا، الآن عندنا حديث الوعيد شديد على من أم قومًا فخص نفسه بدعوة دونهم، شيخ الإسلام يقول المقصود بذلك الذي يؤمَّن عليه، وإلاَّ فالرسول -عليه الصلاة والسلام- قال «اللهم باعد بيني وبين خطاياي» خص نفسه، الذي يؤمن عليه هذا جمع ظاهر، فلا يقول إمام والناس خلفه يؤمنون: اللهم اهدني فيمن هديت لا يجوز أن يخص نفسه دونهم لكن يقول في السجود: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني إلى آخره، ويقول بين السجدتين ما يقول لا يجوز أن يجمع الضمير؛ لأن النهي عن الدعاء الذي يؤمن عليه الآن هذا الجمع ظاهر أو ليس ظاهر؟ ظاهر، يقول السخاوي: هذا فيما لا يشترك فيه الإمام مع المأموم، هذا لا يجوز أن يخص نفسه، والذي يشترك فيه الإمام مع المأموم هذا يجوز فيه أن يخص نفسه يعني للإمام أن يقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي؛ لأن المأموم سوف يستفتح ويقول هذا الدعاء وغيره؛ لأن دعاء الاستفتاح مشترك هذا الجمع فيه، يقول الإمام اللهم اغفر لي وارحمني وعافني إلى آخره بين السجدتين، لكن إذا دعا في السجود لا يجوز أن يخص نفسه دونهم؛ لأن أكثر المأمومين قد لا يتمكن من الدعاء وقد لا يدعو فلا يشترك؛ لأن الأصل في السجود التسبيح هذا الجمع فيه ضرب من التأويل وفيه بعد قليل، يعني ليس مثل الأول وهكذا في جميع الأحاديث المختلفة حينما يوجد التعارض لا بد من أن يسلك مسلكا للجمع قرُب أو بعُد حسب ما يوفق له الإمام الذي جمع، ابن خزيمة وهو المعروف برسوخه في هذا الشأن حكم على الحديث بأنه موضوع- الحديث الذي فيه التحذير من تخصيص الإمام نفسه بالدعاء- وهو صحيح أقل أحواله الحسن لكن لماذا حكم عليه بأنه موضوع؟ لأنه عارض الحديث المتفق عليه حديث أبي هريرة فلا يتسنى للإنسان حضور العبارة المناسبة أو القول الذي تأتلف به الأحاديث أو الآيات أو النصوص، قد يعرض في وقت من الأوقات يلوح للإنسان شيء مناسب جدًا ثم يزول عنها ثم يتكلف غيره هذه كلها اجتهادات ويبنى عليها أجور المصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد، الثاني: إنكاره الخروج عن الظاهر عجيب يعني الظاهر أنهم كانوا يقولون الثلاث متفرقة لا يقولون إنها مجتمعة، يقول: أن الظاهر أنهم يقولونها مجتمعة أنت طالق ثلاثًا والمؤلف ومن قال قبله بهذا القول يقول لا، المظنون بأهل ذلك العصر أنهم لا يوقعونها مجتمعة إنما يوقعونها متفرقة ويريدون بذلك التأكيد لا العدد.

"الثالث: أن تغليطه من قال المراد."

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

الثلاث والسبع من هذه الأعداد من بين الأعداد الثلاث والسبع لها وقع عندهم عند العرب، إذا تكلم تكلم ثلاثًا، إذا دعا دعا ثلاثًا، إذا فعل كذا فالثنتين ما لهن ذكر ولا الأربع إلا في القليل النادر الذي لا يلتفت إليه.

طالب: ...........

احبسِ احبسِ، لا، المسألة مثل ما قيل فإن الذي يحاول الجمع بالتأويل يرتكب خلاف الظاهر حتمًا لا بد يعني أنت كيف قرأت في كتب مختلف الحديث وتأويل الحديث ووجدت من هذا أنواعا ووجدت عند هذا العالم ما شاء الله شيئا لاح له مثل الشمس وتقتنع به من أول وهلة، وتقرأ له مرة ثانية تقول كيف هجم ذهنه على هذا الجمع وهو بعيد جدًا هي فهوم وإلهام من الله- جل وعلا-.

"الثالث أن تغليطه من قال المراد ظهور النسخ عجيب أيضًا؛ لأن المراد بظهوره انتشاره وكلام ابن عباس أنه كان يُفعل في زمن أبي بكر محمول على أن الذي كان يَفعله من لم يبلغه النسخ فلا يلزم ما ذكر من إجماعهم على الخطأ انتهى محل الحاجة من فتح الباري بلفظه، ولا إشكال فيه؛ لأن كثيرًا من الصحابة اطلع على كثير من الأحكام لم يكن يعلمها، وقد وقع ذلك في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، فأبو بكر لم يكن عالمًا بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

يعني في قضايا معينة تخفى على أبي بكر وقضايا تخفى على عمر وقضايا من الذي يجمع العلم كله؟!

"فأبو بكر لم يكن عالمًا بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ميراث الجدة حتى أخبره المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة، وعمر لم يكن علم بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دية الجنين حتى أخبره المذكوران قبل، ولم يكن عنده علم من أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجزية من مجوس هجر حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف، ولا من الاستئذان ثلاثًا حتى  أخبره أبو موسى الأشعري وأبو سعيد الخدري، وعثمان لم يكن عنده علم بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوجب السكنى للمتوفى عنها زمن العدة حتى أخبرته فريعة بنت مالك، والعباس بن عبد المطلب وفاطمة الزهراء- رضي الله عنهما- لم يكن عندهما علم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إنا معاشر الأنبياء لا نورث» الحديث حتى طلبا ميراثهما من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمثال هذا كثيرة جدًا، وأوضح دليل يزيل الإشكال عن القول بالنسخ المذكور وقوع مثله واعتراف المخالِف به في نكاح المتعة، فإن مسلمًا روى عن جابر- رضي الله عنه- أن متعة النساء كانت تفعل في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر قال: ثم نهانا عمر عنها فانتهينا وهذا مثل ما وقع في طلاق الثلاث طبقا ما أشبه الليلة بالبارحة".

فإلا يكنها أو تكنه فإنه

 

أخوها غذت................"

غذته.

"............................

 

.........غذته أمها بلبانها

فمن الغريب أن يسلم منصف إمكان النسخ في إحداهما ويدعي استحالته في الأخرى مع أن كلا منهما روى مسلم فيها عن صحابي جليل أن ذلك الأمر كان يفعل في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر في مسألة تتعلق.."

مطابقة تامة بين الصورتين، كيف تقول أن المتعة منسوخة بنص مرفوع ولا تقول أن الطلاق الثلاث منسوخ بنص مرفوع وإنما تقول هو من فعل عمر والصورة متطابقة، نعم وقفنا على النص المرفوع في قضية المتعة، جاءت أحاديث كثيرة تدل على نسخها مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"في مسألة تتعلق بالفروج ثم غيرة عمر ومن أجاز نسخ نكاح المتعة وأحال".

طالب: ...........

ثم غيَّره.

غيّره؟

غيره عمر.

"في مسألة تتعلق بالفروج ثم غيَّره عمر ومن أجاز نسخ نكاح المتعة وأحال نسخ جعل الثلاث واحدة يقال له ما لبائك تجر وبائي لا تجر فإن قيل نكاح المتعة صح."

ما لبائك تجر وبائي لا تجر قال ما فعل أبوك بحمارِه قال باعِه، قال قل باعَه، قال: ما لبائك تجر بحمارِه وأنا عندي باء مثلها تجر، ومرة واحد من الشيوخ القدامى تولى القضاء قديمًا لكنه في العربية ليس بذاك أحضر لي المصحف { تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُ }ۥ سبأ: ١٤  قال لماذا من ما تجر؟ لماذا ما تصير منسأتِه؟! قلت هذه ليست حرف جر هذه من أصل الكلمة.

"فإن قيل نكاح المتعة صح النص بنسخه قلنا رأيت الروايات المتقدمة بنسخ المراجعة بعد الثلاث، وممن جزم بنسخ جعل الثلاث واحدة الإمام أبو داود- رحمه الله تعالى- ورأى أن جعلها واحدة إنما هو في الزمن الذي كان يُرتجع فيه بعد ثلاث تطليقات وأكثر، قال في سننه: باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث ثم ساق بسنده حديث ابن عباس قال { وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكۡتُمۡنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيٓ أَرۡحَامِهِنَّ } البقرة: ٢٢٨  الآية وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثا فنسخ ذلك وقال { ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ } البقرة: ٢٢٩  الآية".

يعني الطلاق الذي تسوغ بعد المراجعة مرتان.

"وأخرج نحوه النسائي وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد قال فيه ابن حجر في التقريب صدوق يهم، وروى مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتُها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى امرأةٍ فطلقها".

امرأته.

"فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا أشرفت على انقضاء عدتها راجعها ثم قال لا آويك ولا أطلقك فأنزل الله { ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖ } البقرة: ٢٢٩  فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ من كان طلق منهم أو لم يطلق ويؤيد هذا".

يعني بدأ العدد من جديد كلهم كل ابتدأ واستأنف من جديد.

ويؤيد هذا أن عمر.

لكن هنا مسألة من طلّق زوجته مرة أو مرتين وخرجت من العدة ثم نكحت زوجًا آخر تستأنف من جديد أو ترجع بطلقاتها؟ معروف أنه إذا طلق ثلاثا نكحت زوجًا غيره ترجع من جديد صفر، لكن لو طلقها مرة وخرجت من العدة وتزوجت ثم تزوجها بعد الزوج الثاني ترجع بطلقاتها أليست أولى من البائن؟ يعني ما تصفّر ما تكون مثل المطلقة ثلاثا؟

طالب: ...........

ما هو؟

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

نعم، عمر بن الخطاب أراد أن يختبر فقه أبي هريرة فألقى عليه هذه المسألة فأفتى أبو هريرة بأنها ترجع بطلقاتها وقال لو لم تقل ذلك، عمر- رضي الله عنه- يؤدب ليس هناك شيء ضائع أو شيء سائب، كل يفتي برأيه وكل يرتكب ما يشاء لا، ولو بغير علم مثل ما عندنا!

طالب: ...........

ماذا بها؟

طالب: ...........

ما هو؟

طالب: ...........

باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث.

طالب: ...........

باب نسخ المراجعة يعني خلاص كان له أن يراجعها.

طالب: ...........

أي نعم.

طالب: ...........

الترجمة على ما كان عليه الأمر الأول أنه له أن يطلق ويراجع ويطلق ويراجع مرة، مرتان، ثلاث، عشر، ما كان عليه الأمر الأول ثم نسخ هذا التصرف ونسخت الرجعة بعد الثلاث، تقول أنت ما الرابط بين هذا وما نحن فيه؟ وممن جزم بنسخ جعل الثلاث واحدة الإمام أبو داود- رحمه الله تعالى- ورأى أن جعلها واحدة إنما هو في الزمن الأول الذي كان يرتجع فيه، في الزمن الأول يعني مثل نظير ما قيل سابقا أنهم يريدون بالثلاث: الثلاث المتفرقة من أجل التأكيد هذا مرادهم بالثلاث، والنسخ الذي يراه أبو داود في الثلاث فما زاد في الصدر الأول قبل التحديد.

"ويؤيد هذا أن عمر لم ينكر عليه أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-إيقاع الثلاث دفعة مع كثرتهم وعلمهم وورعهم ويؤيده أن كثيرًا."

مثل هذه المسائل تحتاج إلى شجاعة علمية وإلا تتابع الناس إلى عهد شيخ الإسلام وهم على فتوى عمر، قد يوجد نوادر وشواذ لكن لا يصرحون بما صرح به شيخ الإسلام؛ ولذلك شيخ الإسلام أوذي وسجن بسبب هذه الفتاوى، الأئمة الأربعة كلهم وأتباعهم يقولون برأي وأنت تقول كذا ولو معك الدليل، أحيانًا الواحد يتردد بسبب القلة معه وإن كانت القلة والكثرة ليست دليلا وليست برهانا على إصابة الحق، لكن يبقى أن عموم المسلمين بعلمائهم لا شك أن لهم هيبة، بعض العلماء إذا نُقل الإجماع في مسألة لم يتردد في مخالفته، قال: العلماء يتساهلون في نقل الإجماع، والشوكاني- رحمه الله- يقول دعاوى الإجماع التي ينقلها فلان وفلان تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، الآن إذا وجدت الأئمة الأربعة  فقط على مسألة وخالفهم كثير من أهل العلم من السلف والخلف يصير عندك ثاني حال لا بد أن تراجع المسألة وتتأكد من أدلتها ليس بمجرد ما تسمع أنه خالف فلان وفلان تتبعهم؛ لأن اجتماع الأئمة مع أتباعهم في مذاهبهم المؤصلة المقعدة المبنية على الأدلة مثل مذهب أحمد ومالك والشافعي وعلى القواعد المنضبطة كمذهب أبي حنيفة إذا اجتمع الأربعة كلهم يعني مثل ما يقول العوام إذا قابلك واحد فرد عليه لكن إذا جاءك ثاني حك رأسك، يصير عندك ثاني حال فكيف إذا كان الأئمة الأربعة وإذا كان معهم غيرهم من جماهير الأمة تحتاج المسألة إلى شيء من الشجاعة وليست الشجاعة التي هي تهور وإقدام من غير رصيد علمي كما يفعله بعض الناس اليوم لا، شيخ الإسلام عنده شجاعة علمية مبنية على أصول مبنية على مخزون علمي ما جاءت من فراغ وإلاَّ من يستطيع أن يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- «أحابستنا هي» ويقول شيخ الإسلام ما تحبس الرفقة إلا بعد النظر في قواعد عامة وخاصة ولها نظائر في الشرع، وكذا والمضطر والمحتاج إلى آخره، الصحابة ما أنكروا على عمر- رضي الله عنه- حينما قرر ما قرر مما يدل على أن هناك ناسخ.

طالب: ...........

ابن القيم لو تقرأ له في تهذيب السنن استسلمت، وشيخ الإسلام أبلغ.

طالب: ...........

معروف نعم.

طالب: ...........

معروف كلام شيخ الإسلام ولا أقنع الناس إلا مدافعته وإلاَّ سهل نسف القول، سهل القول بالنسخ أو أي تأويل ماشي لكن الذي يقرأ في الطرف الثاني مشكلة؛ ولذلك هذه المسألة ليست من المسائل السهلة هذه يسمونها من عضل المسائل عند أهل العلم مسألة الطلاق في الحيض، اقرأ لابن القيم واقرأ لغيره الذي تقدم معنا للمؤلف ولابن القيم كلام طويل جدًا هذا يوجِد ترددا عند طالب العلم حتى المتوسط حتى بعض المتمكنين الذين ليس عندهم جرأة أن يتخطوا مثل هذه الأمور يبقون على ما كانوا عليه.

طالب: ...........

معروف ومعروف المسائل في العصور كلها شيخ الإسلام سجن وأوذي وضرب.

هذا ليس فيه احتياط لا، ما تقول احتياطًا، لا.

طالب: ...........

لا، ليس فيه احتياط.

"ويؤيده أن كثيرًا جدًا من الصحابة الأجلاء العلماء صح عنهم القول بذلك كابن عباس وعمر وابن عمر وخلق لا يحصى والناسخ الذي نسخ المراجعة بعد الثلاث قال بعض العلماء إنه قوله تعالى الطلاق مرتان كما جاء مبيَّنًا في الروايات المتقدمة ولا مانع عقلاً ولا عادة من أن يُجهل مثل هذا الناسخ كثير من الناس إلى خلافة عمر مع أنه -صلى الله عليه وسلم- صرح بنسخها صرح.."

لا، سطر.. كثير من الناس إلى خلافة عمر كما جهل كثير من الناس نسخ نكاح المتعة إلى خلافة عمر مع أنه -صلى الله عليه وسلم- سطر.

كما جاء.

خلافة عمر كما جهل كثير من الناس نسخ نكاح المتعة إلى خلافة عمر، في آداب الكتابة يُذكر في كتب علوم الحديث في كتابة الحديث وضبطه يقولون لا تجعل السطر يبدأ بكلمة والذي يليه بنفس الكلمة لأن النظر يزول ويترك سطرا يعني في الغالب وبعضهم انطلاقا من هذا يقول حتى في المصحف لا تجعل الصفحة تنتهي بآية لاسيما إذا كانت الآية تنتهي بنفس التعقيب الذي في الصفحة التي قبلها، ومثلاً سميع بصير والتي تليها سميع بصير ربَّما تتجاوز صفحة يقولون مثل هذا في آداب النسخ.

طالب: ...........

الطابع نعم.

"كما جهل كثير من الناس نسخ نكاح المتعة إلى خلافة عمر مع أنه -صلى الله عليه وسلم- صرّح بنسخها وتحريمها إلى يوم القيامة في غزوة الفتح وفي حجة الوداع أيضًا كما جاء في رواية عنه".

عند مسلم.

"كما جاء في رواية عند مسلم ومع أن القرآن دل على تحريم غير الزوجة والسرّية بقوله { وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَٰفِظُونَ ٥ إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ } المؤمنون: ٥ - ٦  ومعلوم أن المرأة المتمتع بها ليست بزوجة ولا سرية كما يأتي تحقيقه- إن شاء الله تعالى- في سورة النساء في الكلام على قوله تعالى:{ فَمَا ٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهِۦ مِنۡهُنَّ } النساء: ٢٤  الآية، والذين قالوا بالنسخ قالوا في معنى قول عمر إن الناس استعجلوا في أمر كانت لهم كانت لهم فيه أناة إن المراد بالأناة أنهم كانوا يتأنون في الطلاق فلا يوقعون الثلاث في وقت واحد، ومعنى استعجالهم أنهم صاروا يوقعونها بلفظ واحد على القول بأن ذلك هو معنى الحديث، وقد قدمنا أنه لا يتعين كونه هو معناه وإمضاؤه له عليهم وإمضاؤه له عليهم إذًا هو اللازم ولا ينافيه قوله فلو أمضيناه عليهم يعني ألزمناهم بمقتضى ما قالوا ونظيره.."

يقول: لو أمضيناه كأنه رد المسألة إلى رأيه يعني الذي يقرأ مثل هذا الكلام يقول إن عمر رد المسألة إلى رأيه يقول لو أمضيناه هو يعرض الموضوع على من عنده من الصحابة فالمسألة اجتهاد من عمر- رضي الله عنه- مرد هذا التراخي في مثل هذا الأسلوب أن الحكم مبني على نية المطلِّق، المطلِّق إذا أراده تأكيدا صارت واحدة، وإذا أراده عددا صار ثلاثا؛ ولذلك قالوا إذا قال طالق ثلاثًا حتى في تقرير الشيخ تكون ثلاث، لكن إذا قال طالق طالق طالق ثلاث بثلاثة ألفاظ الاحتمال قائم أنه يريد تأكيدا أو يريد تأسيسا؟ لوجود هذا الاحتمال في أول الأمر في الصدر الأول في عهده -عليه الصلاة والسلام- وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر في عند الناس من الدين والورع ما يمنعهم من إيقاع الثلاث في مجلس واحد أو دفعة واحدة، بعد ذلك تساهل الناس وتراخوا وصار يقع كثيرًا بهذه النية أنها ثلاث، وعمر من المجتمع وتصله الأخبار ويعرف أحوال الناس وليس بغافل ولا مضيع، يعرف أحوال الناس وأن الناس أقدموا على هذا الأمر المحرّم وصار بدل ما يكررون للتأكيد صاروا يكررون للتأسيس فأمضاه عليهم؛ لأنه كان في السابق لا يمضى؛ لأن المقصود التأكيد وهنا يمضى لأن المقصود التأسيس لاختلاف أحوال الناس.

"ونظيره قول جابر عند مسلم في نكاح المتعة فنهانا عنها عمر فظاهر كل منهما أنه اجتهاد من عمر والنسخ ثابت فيهما معًا كما رأيت، وليست الأناة في المنسوخ وإنما هي في عدم الاستعجال بإيقاع الثلاث دفعة، وعلى القول الأول إن المراد بالثلاث التي كانت تجعل واحدة أنتِ طالق أنتِ طالق أنتِ طالق فالظاهر في إمضائه لها عليهم أنه من حيث تغير قصدهم من التأكيد إلى التأسيس كما تقدم ولا إشكال في ذلك، وأما كون عمر كان يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يجعل الثلاث بلفظ واحد واحدة فتعمَّد مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعلها ثلاثًا ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فلا يخفى بعدُه والعلم عند الله تعالى. الجواب الرابع عن حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رواية طاووس عن ابن عباس مخالفة لما رواه عنه الحفاظ من أصحابه، فقد روى عنه لزوم الثلاث دفعة سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وعكرمة وعمرو بن دينار ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكير ومعاوية بن أبي عياش الأنصاري كما نقله البيهقي في السنن الكبرى والقرطبي وغيرهما، وقال البيهقي في السنن الكبرى: إن البخاري لم يخرّج هذا الحديث لمخالفة هؤلاء لرواية طاوس عن ابن عباس، وقال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن حديث ابن عباس كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر- رضي الله عنهما- طلاق الثلاث واحدة بأي شيء تدفعه".

يعني بأي شيء تجيب عنه كلام صريح وصحيح ومرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وتعتمد قول عمر بأي شيء تدفع وبأي شيء تجيب عن الحديث الصحيح حديث ابن عباس.

طالب: أبو عبد الله الإمام أحمد؟ أبو عبد الله.

الإمام أحمد.

"بأي شيء تدفعه؟ قال: برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه، وكذلك نقل عنه ابن منصور قاله العلامة ابن القيم- رحمه الله تعالى- قال مقيده- عفا الله عنه- فهذا إمام المحدثين وسيد المسلمين في عصره الذي تدارك الله به الإسلام بعدما كاد تتزلزل قواعده وتغير عقائده أبو عبد الله أحمد بن حنبل- رحمه الله تعالى- قال للأثرم وابن منصور إنه رفض حديث ابن عباس قصدًا؛ لأنه يرى عدم الاحتجاج به في لزوم الثلاث بلفظ واحد لرواية الحفاظ عن ابن عباس ما يخالف ذلك، وهذا الإمام محمد بن إسماعيل البخاري ذكر عنه الحافظ البيهقي أنه ترك هذا الحديث عمدا لذلك الموجِب الذي تركه من أجله الإمام أحمد، ولا شك أنهما ما تركاه إلا لموجب يقتضي ذلك، فإن قيل: رواية طاووس في حكم المرفوع ورواية الجماعة المذكورين موقوفة على ابن عباس والمرفوع لا يُعارَض بالموقوف، فالجواب: أن الصحابي إذا خالف ما روى ففيه للعلماء قولان وهما روايتان عن أحمد- رحمه الله- الأولى: أنه لا يحتج بالحديث؛ لأن أعلم الناس به راويه وقد ترك العمل به وهو عدل عارف وعلى هذه الرواية فلا إشكال، وعلى الرواية الأخرى التي هي المشهورة عند العلماء".

وهي أن العبرة بما روى لا بما رأى لنا روايته وله رأيه.

"أن العبرة بروايته لا بقوله فإنه لا تُقدَّم روايته إلا إذا كانت صريحة المعنى أو ظاهرة فيها ظهورًا".

فيه.

فيه؟

أو ظاهرة فيه يعني في المعنى.

"أو ظاهرة فيه ظهورًا يضعف معه احتمال مقابله، أمَّا إذا كانت محتملة لغير ذلك المعنى احتمالاً قويًا فإن مخالفة الراوي لما روى تدل على أن ذلك المحتمِل المحتمَل الذي ترك ليس هو معنى ما روى".

أن يكون ما رواه هذا الصحابي يحتمِل معنيين فيكون قبول رأي الصحابي من باب ترجيح أحد المعنيين لا يكون هو في مقابل النص وإنما هو مرجِّح لأحد الاحتمالين مما يحتمله النص وهذه مسألة ثانية ليس بمقابل النص.

"وقد قدمنا أن لفظ طلاق الثلاث في حديث طاوس المذكور محتمل احتمالاً قويًا لأن تكون الطلقات مفرقة كما جزم به النسائي وصححه النووي والقرطبي وابن سريج، فالحاصل أن ترك ابن عباس لجعل الثلاث بفم واحد واحدة يدل على أن معنى الحديث الذي روى ليس كونها لفظ واحد كما سترى بيانه في كلام القرطبي في المفهم في الجواب الذي بعد هذا، واعلم أن ابن عباس لم يثبت عنه أنه أفتى في الثلاث بفم واحد أنها واحدة وما روى عنه أبو داود من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أن ابن عباس قال: إذا قال أنتِ طالق ثلاثًا بفم واحد فهي واحدة فهو معارَض بما رواه أبو داود نفسه من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة أن ذلك من قول عكرمة لا من قول ابن عباس، وترجَّح رواية إسماعيل بن إبراهيم على رواية حمّاد بموافقة الحافظ لإسماعيل في أن ابن عباس يجعلها ثلاثًا لا واحدة الجواب الخامس."

بموافقة الحفاظ.

"وترجح رواية إسماعيل بن إبراهيم على رواية حماد".

إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن عليَّة.

"بموافقة الحفاظ لإسماعيل في أن ابن عباس يجعلها ثلاثًا لا واحدة، الجواب الخامس: هو ادعاء ضعفه وممن حاول تضعيفه ابن العربي المالكي وابن عبد البر والقرطبي قال ابن العربي المالكي: زلّ قوم في آخر الزمان فقالوا إن الطلاق الثلاث في كلمة لا يلزم وجعلوه واحدة ونسبوه إلى السلف الأول فحكوه عن علي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وابن عباس وعزوه إلى الحجاة ابن أرطأة الضعيف المنزلة المغمور المرتبة ورووا في ذلك حديثا ليس له أصل، وروى قوم من أهل المسائل فتتبعوا الأهواء المبتدعة فيه وقالوا إن قوله أنتِ طالق ثلاثا كذب؛ لأنه لم يطلِّق ثلاثا كما لو قال طلقت ثلاثا ولم يطلِّق إلا واحدة، وكما لو قال: أحلف ثلاثا كانت يمينا واحدة ولقد طوّفت في الآفاق ولقيت من علماء الإسلام وأرباب المذاهب كل صادق فما سمعت لهذه المسألة بخبر ولا أحسست لها بأثر يرون إلا الشيعة الذين يرون نكاح المتعة جائزًا ولا يرون الطلاق واقعًا ولذلك قال فيهم ابن سكّرة الهاشمي:

يا من يرى المتعة في دينه

 

حلاً وإن كانت بلا مهر

ولا يرى تسعين تطليقة

 

تبين منه ربة الخدر

من هاهنا طابت مواليدكم

 

فاغتنموها يا بني الفطر

وقد اتفق علماء الإسلام وأرباب الحَل والعقد في الأحكام على أن الطلاق الثلاث في كلمة وإن كان حرامًا في قول بعضهم وبدعة في قول الآخر لازم، وأين هؤلاء البؤساء من عالم الدين وعلم الإسلام محمد بن إسماعيل البخاري وقد قال في صحيحه باب جواز الطلاق الثلاث لقوله تعالى { ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ } البقرة: ٢٢٩  وذكر حديث اللعان فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يغيِّر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يقر على الباطل؛ لأنه جمع ما فسخ.."

فُسح.

"ولأنه جمع ما فُسح له في تفريقه فألزمته الشريعة حكمه وما نسبوه إلى الصحابة كذب بحت لا أصل له في كتاب ولا رواية له عن أحد".

هذا من ابن العربي إقدامه في غير موضعه وجرأة في غير مكانها، خبر مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-وإلى أبي بكر وإلى جملة من الصحابة يقول فيه مثل هذا الكلام؟! وعنده بعض العبارات غير اللائقة منها ما هو بصدد الحديث عن بعض النصوص، ومنها ما هو بصدد الكلام عن اختيارات بعض أهل العلم بل في الأشخاص أحيانًا، فعنده عبارات قوية لكن الإشكال أنها تكون في مقابل نصوص صحيحة ثابتة، الإنسان في مثل هذه المواطن التي إن بان له الحق ولاح له الحق هذا من توفيق الله-جل وعلا-لكن أحيانًا يضيق به النظر ولا يلوح له الحق ويستغلق عليه الأمر وتكون الكفة متعادلة حينئذٍ يجب التوقف، أمَّا أن تقول مثل هذا الكلام زل قوم في آخر الزمان كيف في آخر الزمان؟! وقالوا إن الطلاق الثلاث في كلمة لا يلزم يعني موجود في عصره وقبل شيخ الإسلام لكنهم قلة وندرة، فالناس ينظرون لهم باعتبار قلتهم أن الحق جانبهم، لكن ماذا عن النصوص التي في مسلم وغيره نعم البخاري تجنب روايتها بل قرر خلافها لكن لا يعني أن البخاري الحق معه باستمرار وما نسبوه إلى الصحابة كذب بحت لا أصل له في كتاب ولا رواية له عن أحد.

"وقد أدخل مالك في موطئه عن علي أن الحرام ثلاث لا زمة في كلمة فهذا في معناها فكيف إذا صرّح بها، وأما حديث الحجاج بن أرطأة فغير مقبول في الملة ولا عند أحد من الأئمة، فإن قيل: ففي صحيح مسلم عن ابن عباس وذكر حديث أبي الصهباء المذكور قلنا هذا لا متعلق فيه من خمسة أوجه، الأول: أنه حديث مختلَف في صحته فكيف يقدَّم على إجماع الأمة ولم يعرف لها في هذه المسألة خلاف إلا عن قوم انحطوا عن رتبة التابعين وقد سبق العصران الكريمان والاتفاق على لزوم الثلاث فإن رضوا ذلك عن أحد منهم فلا تقبلوا منهم إلا ما يقبلون منكم نقل العدل عن العدل ولا تجد هذه المسألة منسوبة إلى أحد من السلف أبدًا".

ألا يكفي أن تنسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-وأبي بكر وصدر من خلافة عمر مع أنها نسبت إلى بعضهم، نعم خفي القول بعد أن اعتمد عمر- رضي الله عنه- خلافه وتابعه الصحابة، ولا شك أن هذا له شأن يعني ليس بتصرف من عمر- رضي الله عنه- على حسب التشهي ومرده إلى رأيه المحض لا، عمر يأوي إلى ركن شديد، يأوي إلى علم، يأوي إلى دين، يأوي إلى ورع، ومع ذلك الكلام في الطرفين غير مناسب وغير لائق.

"الثاني: أن هذا الحديث لم يروَ إلا عن ابن عباس ولم يروَ عنه إلى من طريق طاوس فكيف يقبل ما لم يروه من الصحابة إلا واحد وما لم يروه عن ذلك الصحابي إلا واحد؟ وكيف خفي على جميع الصحابة وسكتوا عنه إلا ابن عباس؟ وكيف خفي على أصحاب ابن عباس".

حديث «إنما الأعمال بالنيات» الذي لا يستغني عنه مسلم ويدخل في جمع أبواب الدين ما رواه إلا عمر، وما رواه عن عمر إلا علقمة، وما رواه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولا رواه عنه إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، يعني حديث تحتاجه الأمة لا يستغني عنه متدين في جميع تصرفاته، وخطب به على المنبر فلم ينقله إلا واحد إذا أردنا أن نطبق هذه القاعدة وهذا الكلام معناه أنا رددنا الأفراد من الأحاديث.

"وكيف خفي على جميع الصحابة وسكتوا عنه إلا ابن عباس، وكيف خفي على أصحاب ابن عباس إلا طاوس انتهى محل الغرض من كلام ابن العربي. وقال ابن عبد البر ورواية طاوس وهم وغلط لم يعرّج عليها أحد من فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق والمشرق والمغرب، وقد قيل إن أبا الصهباء لا يعرف في موالي ابن عباس، قال مقيده-عفا الله عنه-إن مثل هذا لا يثبت به تضعيف هذا الحديث؛ لأن الأئمة كمعمر وابن جريج وغيرهما رووه عن ابن طاوس وهو إمام عن طاوس عن ابن عباس، ورواه عن طاوس أيضًا إبراهيم بن ميسرة وهو ثقة حافظ وانفراد الصحابي لا يضر ولو لم يروَ عنه أصلاً إلا واحد كما أشار إليه العراقي في ألفيته بقوله:

ففي الصحيح أخرج المسيبَ

 

وأخرج الجعفي لابن تغلبَ

يعني أن الشيخين أخرجا حديث المسيب بن حزن ولم يرو عنه أحد غير ابنه سعيد، وأخرج البخاري حديث عمرو بن تغلب النمري".

الأصل في الراوي الذي لم يرو عنه إلا واحد يسمونه مجهول العين، مجهول العين إذا لم يرو عنه إلا واحد، طيب في الصحيحين رواة ما روى عنهم إلا واحد المسيب بن حزن ما روى عنه إلا ابنه سعيد، لكن تخريج صاحب الصحيح له في حكم توثيقه وتوثيق عملي له، والمسألة مفترضة فيمن لم يوثَّق أما من وثق مع رواية واحد عنه يكفي.

"وأخرج البخاري حديث عمرو بن تغلب النمْري".

النمَري.

"النمَري ويقال العبدي ولم يرو عنه غير الحسن البصري هذا مراده، وقد ذكر ابن أبي حاتم أن عمرو بن تغلب روى عنه أيضًا الحكم بن الأعرج قاله ابن حجر وابن عبد البر وغيرهما، والحاصل أن حديث طاوس ثابت في صحيح مسلم بسند صحيح وما كان كذلك لا يمكن تضعيفه إلا بأمر واضح، نعم لقائل أن يقول إن خبر الآحاد إذا كانت الدواعي متوافرة إلى نقله ولم ينقله إلا واحد ونحوه إن ذلك يدل على عدم صحته، ووجهه: أن توافر الدواعي يلزم منه النقل تواترا والاشتهار فإن لم يشتهر".

إذا خطب به على المنبر واحتاجته الأمة بكامله لا يستغني عنه متدين ومع ذلك ما نقله إلا واحد تطبَّق عليه هذه القاعدة؟! الدواعي متوافرة على نقله حديث «الأعمال بالنيات» كل الناس يحتاجونه هل نقول أنه ضعيف وقد أجمعت الأمة على صحته وقد تفرد به عمر، وتفرد به عنه علقمة، عن علقمة تفرد به محمد في أربع طبقات من إسناده وغير ذلك في جملة من غرائب الصحيح.

"فإن لم يشتهر دل على أنه."

يقولون مثل هذا الكلام في رد الشمس لعلي الأمة تتوافر الدواعي على نقله ما نقله إلا واحد في حدث مثل هذا الشمس في كبد السماء لا ينقله إلا واحد؟! أو مثل قتل الخطيب على المنبر يُقتل الخطيب على المنبر ويخرج الناس من المسجد الجامع أو من مصلى العيد وما ينقله إلا واحد، مثل هذا ممكن، وأما في أمور الديانات وما يتعبد به تثبت الحجة بنقل واحد؛ لأن هذا دين، كون الإنسان يعتمد على غيره في النقل نعم خلاص إذا نقله من تثبت الحجة بنقله انتهى الإشكال، ولا يلزم أن ينقله كل من سمع.

"لأن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم وهذه قاعدة مقررة في الأصول أشار إليها في مراقي السعود بقوله عاطفًا على ما يحكم فيه بعدم صحة الخبر:

........................

 

وخبر الآحاد في السني

حيث دواعي نقله تواترا

 

ترى لها........................."

نرى

"..............................

 

نرى لها لو قاله تقرُرا

وجزم بها غير واحد من الأصوليين وقال صاحب جمع الجوامع عاطفًا على ما يجزم فيه بعدم صحة الخبر والمنقول آحاد فيما تتوفر الداعي إلى نقله".

الدواعي.

"فيما تتوفر الدواعي إلى نقله خلافًا للرافضة انتهى منه بلفظه، ومراده أن مما يجزم بعدم صحته الخبر المنقول آحادًا مع توافر الدواعي إلى نقله، وقال ابن الحاجب في مختصره الأصولي: مسألة إذا انفرد واحد فيما تتوافر الدواعي إلى نقله وقد شاركه خلق كثير كما لو انفرد واحد بقتل خطيب على المنبر في مدينة فهو كاذب قطعًا خلافًا للشيعة انتهى محل الغرض منه بلفظه، وفي المسألة مناقشات وأجوبة عنها معروفة في الأصول، قال مقيده- عفا الله عنه- ولا شك أنه على القول بأن معنى حديث طاووس المذكور أن الثلاث بلفظ واحد كانت تجعل واحدة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر، ثم إن عمر غيَّر ما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون في زمن أبي بكر وعامة الصحابة أو جلهم يعلمون ذلك فالدواعي إلى نقل ما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون من بعده متوافرون توافرًا لا يمكن إنكاره لأن يرد بذلك التغيير الذي أحدثه عمر فسكوت جميع الصحابة عنه وكون ذلك لم يُنقل منه حرف عن غير ابن عباس يدل دلالة واضحة على أحد أمرين، أحدهما: أن حديث طاووس الذي رواه عن ابن عباس ليس معناه أنها بلفظ واحد بل بثلاثة ألفاظ في وقت واحد كما قدّمنا وكما جزم به النسائي وصحح.."

وحينئذ يحتمل اللفظ التوكيد لا التأسيس.

"وكما جزم به النسائي وصححه النووي والقرطبي وابن سريج وعليه فلا إشكال؛ لأن تغيير عمر للحكم مبني على تغيير قصدهم".

تغيُّر.

"على تغيُّر قصدهم والنبي -صلى الله عليه وسلم-قال «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» فمن قال أنتِ طالق أنتِ طالق أنتِ طالق ونوى التأكيد فواحدة وإن نوى الاستئناف بكل واحدة فثلاث واختلاف محامل اللفظ الواحد لاختلاف نيات اللافظين به لا إشكال فيه لقوله -صلى الله عليه وسلم- «وإنما لكل امرئ ما نوى»".

والأمور بمقاصدها كما يقرر أهل العلم.

"والثاني: أن يكون الحديث غير محكوم بصحته لنقله آحادًا مع توافر الدواعي إلى نقله والأول أولى وأخف من الثاني وقال القرطبي في المُفهِم في الكلام على حديث طاوس."

الأول أولى لأنه تأويل له نوع قبول والثاني أولى، الأول أولى وأخف يعني الثاني فيه ثقل وعدم القول بصحته لأنه خبر تتوافر الدواعي على نقله ولا نقله إلا واحد، لكن مجيئه في الصحيح يجعل طالب العلم يسلّم للعالم؛ لأن الصحيحين تلقتهما الأمة بالقبول ولا كلام لأحد.

طالب: ...........

ما هو؟

طالب: ...........

تفريع على ما تقدم، هذا كله تقدم.

"وقال القرطبي في المفهِم في الكلام على حديث طاوس المذكور: وظاهر سياقه يقتضي عن جميعهم أن معظمهم كانوا يرون ذلك والعادة في مثل هذا أن يفشو الحكم وينتشر فكيف ينفرد به واحد عن واحد؟ قال: فهذا الوجه يقتضي التوقف عن العمل بظاهره إن لم يقتضي القطع ببطلانه انتهى منه بواسطة نقل ابن حجر في فتح الباري عنه وهو قوي جدًا بحسب المقرر في الأصول كما ترى".

يقول كلام القرطبي أبي العباس صاحب المفهم في شرح تلخيص مسلم له يقول في الكلام على حديث طاوس المذكور: وظاهر سياقه يقتضي عن جميعهم أن معظمهم كانوا يرون ذلك والعادة في مثل هذا أن يفشو الحكم وينتشر فكيف ينفرد به واحد عن واحد؟ قال فهذا الوجه يقتضي التوقف عن العمل بظاهره إن لم يقتضي القطع ببطلانه قال- المؤلف رحمه الله- وهو قوي جدًا بحسب المقرر في علم الأصول يعني من القاعدة المقررة السابقة أنه إذا كان الخبر مما تتوفر الدواعي إلى نقله ولم ينقل هذا مظنة وعلامة على عدم ثبوته، لكن هذا الكلام قيل في مثل رد الشمس لعلي في كبد السماء وتُرد لعلي- رضي الله عنه- ولا ينقله إلا واحد؟! هذا لا شك أنه قد يقول الشيعة أنكم فرقتم وقلتم هذا ونفيتم هذا وأثبتم هذا لكن الأمور بطبعها مختلفة، من يقول أن مثل حديث «الأعمال بالنيات» مثل رد الشمس؟! لا أحد يقول أو مثل إيقاع عمر الطلاق أو وقوع الطلاق منه -عليه الصلاة والسلام- مثل رد الشمس لعلي المسألة علمية نظرية مثل أشياء محسوسة؟!

 

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"