شرح علم التصريف من النقاية (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالفن السابع من المتون المختصرة التي أودعها السيوطي في كتابه الجامع لأربعة عشر فنًّا وأسماه النُّقاية هو فن التصريف وهو شقيق النحو، وإذا كان النحو يبحث عن تغيير أواخر الكلم فالتصريف يبحث فيما عدا ذلك من أوائل الكلمات وأواسطها، وإذا كان النحو مشبَّهًا بعلم الطب فالتصريف أو الصرف مشبَّه بالتشريح وكل من الطب والتشريح لها نصيب في هذا الكتاب، التصريف مصدر كالتكريم والتكليم مصدر المضعَّف صرَّف يصرف تصريفا مثل كلم يكلم تكليما، وكرم يكرم تكريما، الصرف والتصريف والنحو علمان في غاية الأهمية لمن يريد أن يتعلم الكتاب والسنة، ولا يستطيع بحال من الأحوال أن يتقن الوحيين الكتاب الذي نزل على محمد -عليه الصلاة والسلام- العربي {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [سورة الشعراء:195] وكذلك السنة التي هي بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ أقواله -عليه الصلاة والسلام- وأفعاله وتقاريره وأوصافه وهو المتحدِّث بلسان العرب بل هو أفصح العرب لا يستطيع أن يتقن هذا العلم إلا بمعرفة علوم العربية وعلى رأسها النحو والصرف وفنون البلاغة، وستأتي الثلاثة البيان والمعاني والبديع كلها ستأتي في هذا الكتاب- إن شاء الله تعالى- قالوا عن علم التصريف أو علم الصرف صَرَف يصرف صرْفا مصدر والتصريف مصدر يصرف تصريفا والتشديد والتضعيف للتكثير قالوا: "علم يبحث فيه عن أبنية الكلم وأحوالها صحة وإعلالا"، فقول السيوطي: "علم" جنس يدخل فيه جميع العلوم، وقولهم "يُبحَث فيه عن أبنية الكلم" أي ذواتها كأوزان الاسم والفعل على ما سيأتي تفصيله أوزان الاسم والفعل، نحن أخذنا في النحو أن الكلمة أو الكلم ثلاثة أقسام اسم وفعل وحرف، الحرف لا مدخل له في علم التصريف مبني جامد على صورة واحدة فهو مختص بأبنية الكلم من الأسماء والأفعال "كأوزان الاسم والفعل بأنواعهما والمصدر" وهو داخل في الاسم والصفات كذلك وما يتعلق بهما، وقد تكون الصفة جملة مبدوءة باسم أو بفعل لأن الجمل بعد النكرات صفات، وعلى كل حال كل ما قيل لو اقتصر على الاسم والفعل كفى لكنهم أضافوا المصدر لأنه اسم بل هو أصل المشتقات كلها والصفات أيضًا وما يتعلق بهما كالزيادة والحذف، الزيادة مثل استخرج استشفى استسقى، والحذف كيد ودم حُذِف آخرها، قالوا "كالزيادة والحذف والإبدال" الإبدال الاصطفاء أُبدلت تاء الافتعال طاء، والإدغام إدغام المتجانسين هذا أيضًا من مباحث علم الصرف، ومتى يحسن الإدغام ومتى يحسن الفك ومتى يستوي الأمران؟ من يرتد ومن يرتدد، وعدُّوا مما يخل بالفصاحة الفك مع إمكان الإدغام كما في قول الشاعر:

الحمد العلي الأجلل

 

 

 

.....................

 

ومثلوا به في كتب البلاغة "علم" هذا جنس يدخل فيه جميع العلوم، وما ذكر من القيود يبحث فيه بأبنية الكلم "بأنواعها" أي ذواتها كأوزان الاسم والفعل وأحوالها صحة وإعلالا ثم بعد ذلك التمثيل كالزيادة والحذف والإبدال والإدغام وبذلك يخرج سائر العلوم، هل هذا الحد ينطبق على النحو؟ لا، ينطبق على الفقه؟ لا، أما علم يدخل فيه النحو، يدخل فيه الفقه، يدخل فيه سائر العلوم، قال: "وبذلك يخرج سائر العلوم" الاسم تقدَّم، سبق في النحو أنه أشرف من الفعل من قسيميه الفعل والحرف وعلاماته.

بالجر والتنوين والندا و(ال)

 

 

 

ومسند للاسم تمييز حصل

 

يعرف الاسم من هذه العلامات، الاسم منه الثلاثي، والرباعي، والخماسي، ويصل بالزيادة إلى سداسي وسباعي، "فالثلاثي وله (فَعَل) مثلث الفاء" يعني بضم الفاء وكسرها وفتحها وله فعل مثلث الفاء، فعل بالنسبة للفاء مثلث يعني بالحركات الثلاث، فرس مفتوح الفاء، عنب مكسور الفاء، صرد مضموم الفاء، فما يتعلق بالفاء له ثلاث حركات، وما يتعلق بالعين أربع حركات فهو مثلث الفاء مربع العين، فما تفتح فيه الفاء تفتح فيه العين فتقول فرس وتكسر العين فتقول كبد، وتضم العين فتقول عضد، وتسكَّن العين فتقول فلْس، لماذا صار الفاء ثلاثة فقط والعين أربعة؟ لماذا زاد؟ لأنه لا يُبدأ بساكن فزادت العين وهي في وسط الكلمة زادت السكون ولا توجد في الفاء لأن الفاء في بداية الكلمة والكلة لا تُبدَأ بساكن، فمفتوح الفاء تفتح فيه العين كفرس، وتكسر ككبد، وتضم كعضد، وتسكَّن كفلْس، ومكسور الفاء لأنا قلنا أن الفاء مثلثة مفتوحة ومكسورة ومضمومة، مكسور الفاء كذلك عينه إما أن تكون مفتوحة كعنَب، أو مكسورة كإبل، أو مضمومة مثل حِبُك، أو ساكنة مثل جذع، والحِبُك هذه ليست اللفظة التي وردت في سورة {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [  26/195] الذاريات غيره هذه مهملة هذا اللفظ مهمل عندهم، طيب لماذا أتوا وهو مهمل؟ لأنه سمع وما تكرر، وأما بالنسبة للنادر مثل دُئل وهو قليل وجد وله وزن وله أمثلة أما حِبُك ما له أمثلة غير هذا، مكسور الفاء مفتوح العين مثل عنَب، ومكسور العين مثل إبل، ومضموم العين مثل حِبُك، وساكن العين مثل جذع، ومضموم الفاء مفتوح العين مثل صُرَد، ومكسور العين كدُئل، ومنها شخص له علاقة في هذه الفنون أبو الأسود الدؤلي، ومضموم العين مثل عنق، وساكن العين مثل بُرْد، الآن الفاء تضبط بثلاث حركات والعين بأربع حركات كم يصير عندنا من لفظ؟ نتيجة ضرب ثلاثة في أربعة اثنا عشر، إذا ضربنا ثلاثة في أربعة كانت النتيجة اثنتي عشرة كلمة؛ ولذلك لو عددنا الكلمات التي ذكرتها صارت اثنتي عشرة، قالوا لكن باب حِبُك مهمل، وباب دُئل قليل؛ والفرق بينهما أن المهمل لا تجد له مثالا غير هذه الكلمة، والقليل تجد له أمثلة لكنها نادرة هذا بالنسبة للثلاثي وهذه أوزانه، ورباعي كجعفر، وخماسي كسفرجل، هذه الأزان الثلاثي والرباعي والخماسي هذه بدون زيادات مجردة، وأما مع الزيادة فهناك السداسي كانطلاق، والسباعي كاستخراج، وأوزانه الأصلية هي ما تقدم الثلاثي والرباعي والخماسي، والمزيدة السداسي والسباعي ولا يزيد على هذه الأوزان إلا إذا اقترن به تاء التأنيث أو نحوها، ولا ينقص عن ثلاثة إلا بالحذف وتقدم في الحد في التعريف وما يتعلق بهما بالفعل بالاسم والفعل كالزيادة والحذف، وقلنا أن الزيادة مثل الاستخراج واستخرج استخراجا بالنسبة للاسم، واستخرج بالنسبة للفعل، وأما بالنسبة للحذف فقلنا أنه مثل يد ودم كل منهما من حرفين لكن أصلها ثلاثي دَمَوٌ ويَدَيٌ أصلها ثلاثة حروف، والفعل ثلاثي وله فعل مثلث العين، فعَل فعُل فعِل مفتوح الفاء كضرب يعني مع فتح العين كله مفتوح العين، الفعل الثلاثي كله مفتوح العين إذا كان باقيا على أصله ما تصرف فيه ببنائه لغير المعلوم، مثلا مثل ضُرِب وعُلِمَ لا، إذا كان باقيا على بنائه للمعلوم يبقى مفتوح الفاء، وأما العين فمثلثة ما معنى مثلثة؟ يعني فيها الحركات الثلاث: مفتوح العين كضرَب، مكسور العين كعلِم، مضموم العين كشرُف، قال: "ثلاثي ورباعي وله فعْلَلَ كدَحْرَج وافْعَنْلَلَ كاقْعَنْسَسَ وافْعَلَّ وافْعَلَّلَ كاقْشَعَرَّ وأفْعَلَ كأكْرَمَ وفَعِل".. "ورباعي وله فعلل ومزيد الخماسي وفعلل وافعنلل"، ما زلنا في الرباعي! فعَّل وفاعل، يقول: وله "فعل مثلث العين ورباعي ولو فعلل ومزيده خماسي وسداسي تفَعْلَلَ وافْعَنْلَل وافعَلَّل وافعلَّ وفعَّل وفاعل وتفاعل" هذا موجود في المتن عندكم، افعنلل كاقعنسس، وأفعل كأكرم، وفاعل كقاتل، وتفاعل كتخاصم، وتفعَّل كتكسر، وافتعل كاجتمع، وانفعل كانقطع، واستفعل كاستخرج، وافعلَّ كاحمرَّ، يقول: "فإن سلمت أصوله" وهي الحروف الأصلية "فإن سلمت أصوله" حروفه الأصلية الموزونة بفعل "فإن سلمت أصوله الموزونة بفعل" الأصل الفاء والعين واللام، إذا سلمت وهي الموزونة بفعل بخلاف غيرها "فإن الزائد يوزن بلفظه" يعني الفاء والعين واللام هذا الأصل في الوزن، لكن لو جاء مزيدا: فاعَل تفعَّل تزن بنفس الحرف المزيد: قاتل فاعَل، الفاء والعين واللام ثابتة لأنها هي الحروف الأصلية يوزَن بها الحروف الأصلية، كيف تعرف أن هذا الحرف مزيد؟ زِنْه بما يوافقه من فعل مع زيادة المزيد، الأصول الأصلية تزن بها الحروف الثابتة التي هي الفاء والعين واللام تعرف أن الألف زائدة، قاتل كيف تعرف أن الألف زائدة؟ زنه قل فاعَل تعرف أن الفاء أصلي يقابل القاف، والألف تقابل الألف وليست موجودة بفعل مما يدل على أنها زائدة، والتاء هي عين الكلمة لأنك لو رددته إلى الفعل فعل قتل وجدت أن الفاء هي القاف فاء الكلمة، والتاء عين الكلمة، واللام هي لام الكلمة، "فإن الزائد يوزَن بلفظه" الزيادة ألف توزن بألف، الزيادة ياء توزن بياء وهكذا، "كضرب" وزنه فعل فكله أصول، "وضارَب" بزيادة الألف فاعَل فألفه زائدة، "فإن سلمت أصوله" وهي "الموزونة بفعل" بخلاف غيرها "من حرف علة" حروف العلة مجموعة بوأي كما في المتن عندكم بالواو والألف والياء لأنهم وضعوا عليها همزة وهي ليست همزة هي ألف وليست همزة، الواو والألف والياء هي حروف المد وهي حروف العلة، "فإن سلمت أصوله الموزونة بفعل من حرف علة فصحيح وإلا فمعتلّ" لماذا؟ لأنه دخله أو زيد فيه فإنه اشتمل على أحد حروف العلة الثلاثة، وعرفنا حروف العلة الثلاثة الواو والألف والياء، إن سلم من حروف العلة "فصحيح وإلا" يعني وإن لم تسلم أصوله منها بأن كان فيه أحد الحروف الثلاثة حروف العلة فهو معتل، إذا كان حرف العلة فاء الكلمة مثل وعَد فهو مثال قالوا للمماثلته الصحيح في عدم التغيُّر، ومعتلّ العين أي عين الكلمة كقال هو الأجوف لماذا؟ لأن العلة في جوفه، الجوف يكون فوق أو أسفل؟ في الوسط "قال" أين حرف العلة في أوله أو في آخره؟ في وسطه قالوا، ومعتل العين أي عين الكلمة كقال هو الأجوف؛ لأن حرف العلة جاء في جوف الكلمة ووسطها، ومعتلُّ اللام مثل رضي ومثل سعى يسمونه منقوصا لنقصان آخره من بعض الحركات، رضي لأنه قد يكون آخره ياء، هل جميع الحركات تظهر على الياء؟ الفتحة تظهر لكن الضمة لا تظهر، والسكون لا تظهر فيه الحركة، لكن يحذف حرف العلة من أجل السكون لم يرضَ، ومعتل اللام كرضي منقوص لنقصان آخره من بعض الحركات، معنا- الشرح- شرح المصنِّف، قال: وذو الثلاثة لأنه يصير عند إسناده إلى تاء الفاعل على ثلاثة أحرف كقلتُ، وذو الأربعة لصيرورته عند إسناده إلى التاء يعني تاء الفاعل على أربعة أحرف كرضيت، والمعتل بحرفين يسمونه لفيفا، فإن كان الحرفان من حروف العلة متواليين سمي مقرونًا، "ثم هو مقرون إن تواليا" يعني حرفا العلة فتوى كتوى توى وثوى مثلها، لكن توى يعني هلك والتاوي الهالك، "وإن لم يتواليا" بأن فصل بينهما بحرف غير حروف العلة فيسمونه مفروقا بدل مقرون، سمي الأول مقرونا لاقتران الحرفين بجوار بعضهما، وسمي الثاني مفروقا للتفريق بين حرفي العلة، مثل وهى الأول حرف علة الواو والأخير ألف وبينهما هاء، وفُرِّق بين حرفي العلة بالهاء فسمي مفروقًا، والأول مقرون، "وما نصب المفعول به من الأفعال فهو متعدٍّ لتعديه إلى المفعول بغير واسطة" ضرب زيدٌ عمرًا نصب المفعول بدون واسطة وتعدى، وما يتعدى إليه بواسطة مر به يسمونه لازما، ومثله قام وجلس هذه لا تتعدى لازمة، "وما نصب المفعول به من الأفعال فهو متعدٍّ لتعديه إليه" يعني من غير واسطة "وغيره بأن لم ينصبه وإن نصب سائر المفاعيل" هناك أمثلة كثيرة للأفعال المتعدية "وإن لم ينصب المفعول به فهو لازم وإن نصب سائر المفاعيل" نصب المفعول فيه الذي هو الظرف، ونصب المفعول له أو لأجله، أو نصب المفعول المطلق، يعني لو نصب أي مفعول غير المفعول به الذي وقع عليه الفعل، إذا نصب ما وقع عليه الفعل فهو متعدٍّ، وإذا نصب لم ينصب شيئا أو نصب أي مفعول غير المفعول به فإنه يكون لازما كقام قيامًا، جلس جلوسًا، نصب مفعولا هل هو متعدي؟ قام قيامًا، وجلس جلوسا، نصب المفعول هل هو لازم أو متعدي؟ لازم لماذا؟ لم ينصب مفعولا به وإنما نصب المفعول المطلق فهو لازم وليس بمتعدي، "والمضارع بناؤه بزيادة حرف المضارَعة" يعني تأتي إلى الفعل الماضي وتزيد عليه حرف المضارَعة، وهي المجموعة في "أنيت" أو "نأتي" أي النون والهمزة والتاء والياء تزيد أحد هذه الحروف على الماضي على صيغته فينقلب إلى مضارع، فالماضي ينقلب إلى مضارع بزيادة أحد الحروف الأربعة بدلا من أن يكون الحدث وقع في الزمن الماضي إذا زدت أحد الحروف الأربعة يكون الحدث وقع في الحال أو الاستقبال، ومتى ينقلب الفعل من الحال والاستقبال إلى المضي؟ يعني عرفنا أنه إذا زيد عليه أحد الحروف الأربعة انقلب من الماضي إلى الحال أو الاستقبال، العكس متى؟

طالب: ................

إذا ماذا؟

طالب: ................

لا، إذا دخلت عليه لم؛ لأن لم حرف نفي وقلب وجزم، حرف نفي وقلب تقلب الفعل من المضارع إلى الماضي؛ ولذلك لا تدخل على الماضي لأنها تقلب المضارع إلى ماضي فماذا تفعل في الماضي ومن أصله مقلوب؟ أصله حدث في الزمن الماضي، من نباهة بعض الطلاب المدرس يشرح وهو غافل، سأله المدرس ليختبر مدى انتباهه قال: هل تدخل لم على الماضي قال نعم، كلامه ليس بصحيح قال هات مثالا، قال مثاله قول الناظم:

وجوزوا دخول لم على المضي

 

 

 

كلم سعى ولم دعى ولم رضي

 

هذه سرعة بديهة لكن علم مغلوط ليس بصحيح.

فالمضارع بناؤه بزيادة حرف المضارعة أحد الحروف المجموعة في نأتي أو أنيت، أحد الحروف الأربعة، وسمي الفعل الدال على حصول الحدث في الحال أو الاستقبال مضارعا لمضارعته الاسم في التصرف وقبول العلامات، لمضارعته إياه في الإعراب بينما الماضي مبني، والحرف مبني، والأمر مبني، فالمشبه للاسم في الإعراب هو الفعل المضارع فسموه مضارعا لمماثلته، المضارعة المماثلة، فإن كان الماضي مجردًا على فعل بالفتح ثُلِّثَت عينه أو ثَلَّثْتَ عينه أي يعين المضارع كضرَب يضرب، ونصر ينصُر، وسأل يسأل، ضرب يضرِب هذا مكسور العين، ونصر ينصُر مضموم العين، سأل يسأَل مفتوح العين، كثير من طلاب العلم ممن ليست لهم معرفة بهذه الأوزان بل بعلم التصريف بالكلية إذا مر عليهم حديث كنا ننتظر صلاة العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى تخفق رؤوسنا، حتى تخفِق قالوا على زنة تضرِب لأنا سمعنا من يقرؤها تخفُق، وفرق بين الراية تخفُق وبين الراس يخفِق، قالوا على زنة يضرِب يعني مكسور العين فضبطها تخفِق وليست تخفُق، ومن قرأ في شروح الأحاديث وجد العجائب من إحاطة الشراح بجميع ما يُحتاج إليه من الفنون، "فإن كان الماضي مجردا على فعل بالفتح ثَلَّثْتَ عينه" يعني عين المضارع فتكسر في ضرب يضرب ونصر ينصر؛ ولذلك تلاحظون أنهم لا يحتاجون إلى أن يقال بفتح العين بكسر العين بضم العين يقول من باب نصر وينتهي الإشكال، ما معنى من باب نصر؟ أنه مضموم العين، أو من باب ضرب يعني أنه مكسور العين، وسأل مفتوح العين سأل يسأل، "وشرط الفتح" الذي مثلوا له بسأل يسأل "شرط الفتح لها كونها" يعني العين كون العين أو اللام "حرفا من حروف الحلق"، حروف الحلق هي حروف الإظهار الهمزة والهاء، والعين والحاء، والغين والخاء، هي حروف الحلق "وشرط الفتح لها كونها" أي العين أو اللام كون العين حرف حلق أو اللام "حرف حلق" كرأى يرى ومنع الهمزة رأى، وكون الحرف الأخير حرف حلق مثاله كلأ يكلأ وشذ نحو أبى يأبى، لماذا قالوا شذ؟ لأن حرف الحلق أتى في أول الكلمة لا في عينها أو لامها، إنما أتى في فائها، قالوا أو كان الماضي على فعِل بالكسر فُتحت عين المضارع كعلِم يعلَم ومثله فهِم يفهَم، أو كان الماضي على فعُل يعني مضموم العين ضُمت عينه في المضارع كذلك مثل حسُن يحْسُن، في حديث النعمان بن بشير «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلَحت صلَح الجسد كله» صلُحت تصلُح يعني مثل حسُن يحسُن «إذا صلَحت صلَح الجسد كله» لكن إذا جاءت مضمومة ضمت تبعا لذلك عين المضارع، والأكثر على أنها مفتوحة "وغيره" انتهينا من الفعل المجرَّد، وغير المجرد وهو المزيد لأنه قال فإن كان مجردا يعني ماضيه فإن كان مجردا ثلثت عينه إلى آخر ما تقدم. "وغيره" أي غير المجرد وهو الذي يقابل المجرد "المزيد" أي غير المجرد وهو "المزيد يُكسَر ما قبل آخره أبدا" يعني دائما أبدا ما لم يكن أول ماضيه تاء زائدة فيُفتَح كيتعلَّم ويتكسَّر ويتدحرج، "يُكسَر ما قبل آخره أبدًا ما لم يكن أول ماضيه تاء زائدة فيُفتح" كيتعلم ويتكسر الأمثلة التي تقدمت من الأفعال المزيدة، مثلا قاتل مضارع يقاتل مكسور ما قبل الآخر، خاصم يخاصِم، اجتمع يجتمِع، انقطع ينقطِع فهو مكسور ما قبل الآخر أبدًا يعني دائما، إذا كان أول ماضيه تاء زائدة فيفتح تعلَّم يتعلَّم، تكسر يتكسر، تدحرَج يتدحرَج، المضارع إن كان ثلاثيا فمضارعه مفتوح الأول يعني حرف المضارَعة يُفتح إذا كان الماضي ثلاثي دحرج يدحرِج، أجاب يجيب، أكرم يكرم، هذا ماذا؟ هذا الرباعي لكن الثلاثي ضرب يضرب، نصر ينصُر، سأل يسأل، إذا كان ثلاثيا فحرف المضارَعة مفتوحٌ، وإذا كان رباعيا يُضَم حرف المضارعة أكرم يكرم، دحرج يدحرج، أجاب يجيب، فرح هذا ثلاثي يفرح، طيب من غير الثلاثي والرباعي مثل الخماسي والسداسي هل تفتح كالثلاثي أو تضم كالرباعي؟ انقطع ينقطع، استخرج يستخرج، اجتمع يجتمع، احمَرَّ يحمَرُّ فما زاد على الرباعي يكون كالثلاثي مفتوح حرف المضارعة، يعني متى يُفتَح ويُضَم حرف المضارعة؟ يُضَم إذا كان ماضيه رباعيا دحرج يدحرج، إذا كان ثلاثيا يُفتَح ضرب يضرب، طيب خماسي يفتح سداسي يفتح فلا يُضَم إلا إذا كان ماضيه ثلاثيا "ويُفتَح من غيره" يعني من غير الثلاثي ويفتح من غيره يعني ماذا؟ الرباعي لأن الرباعي يضم "فيفتح من غيره" يعني الثلاثي والخماسي والسداسي كيقعنسس، ويقشعر، ويجتمع، وينقطع، ويستخرج، ويحمَرُّ، والأصل ماذا؟ إذا فككنا الإدغام في اقشعر واحمر اقشعرر والثاني..

طالب: ..........

أنت شددت وفككت صارت ثلاث حروف بدل حرفين؛ لأن الحرف المشدد عبارة عن حرفين أولهما ساكن والثاني متحرك، فإذا قلت بم نطقت به صار ثلاث حروف جئتَ بالمشدد وأردفته بالمخفف، بعض الكلمات يصعب نطقها في كلام العرب؛ ولذلك يعدلون إلى ما يخفف مثل التقاء ساكنين تعدل منه إلى حركة وإن كانت بعيدة كل البعد عن الكلمة {يَرْفَعِ اللَّهُ} [سورة المجادلة:11] الفعل يُجَرّ؟ يجر الفعل؟ من علامات الاسم الجر لماذا كُسِرَت.

طالب: ..........

نعم اتقاء لالتقاء الساكنين،إذن لماذا ما جئنا بشيء يصلح للفعل السكون وقلنا لا يلتقي ساكنان يصلح للفعل الفتح والضم.

طالب: ..........

نعم، حتى لا يتوهم أنه مضموم فيلغى عمل العامل به، العامل هنا ما هو؟ {يَرْفَعِ اللَّهُ} [سورة المجادلة:11] جواب الشرط مجزوم، طيب لو رفعناه ألغينا عمل الشرط ولو فتحناه كان الفتح بغير سبب؟ طيب جررناه بغير سبب لو فتحناه بغير سبب ما لفت النظر فيقرأ طبيعي، الذي يقرأ من غير تدبر وليس عنده إلمام بمثل هذه الأمور يمشي عليه لكن إذا جُرّ والفعل لا يجرّ يسأل لماذا جر وسيصل إلى الحقيقة «إنا لم نرده إليك إلا أنا حرم » تستطيع أن تجره في مثل هذه الحالة؟ إذا فككت الإدغام قدرت، لم نردده لكن الآن مدغَم، كيف تسكنه بلم قبل جازم؟ وإذا فعلت به مثل ما فعلت أو مثل ما قال الله- جل وعلا- {يَرْفَعِ اللَّهُ} [سورة المجادلة:11] حركته بالكسر ما استطعت، الكسر متعذر، السكون متعذر، يبقى عندنا الفتح والضم فهل يفتح أو يضم؟

طالب: ..........

لماذا؟

طالب: ..........

«لم نرده إليك إلا أنا حرم» النووي يقول يضم لأن بعده ضمة مناسبة؛ ولذلك لو قال لم نردها فُتح، النووي هكذا يرى، لكن إذا أرجعناه إلى أصله قبل دخول العامل وهو الضم ألا يمكن أن يتصور أن العامل ملغى إذا رددناه إلى أصله وهو الضم؟ قد يتصور القارئ إلغاء العامل، وإذا فتحناه والقارئ يعرف أن تأثير العامل الجزم لايكون عنده نوع إشكال فيبحث عن السبب، الآن الجزم متعذِّر، الكسر متعذِّر، لم يبق عندنا إلا الضم والفتح أيهما أولى؟ النووي - رحمه الله- يرى الضم متعيِّنا؛ لأن ما بعده مضموم فيكون أيسر، "لم نردُّه" وقال لو أن فيها هاء الهاء لو أن الضمير يعود إلى مؤنث لم نردَّها قال الفتح هو المتعيِّن، المسألة مسألة لزوم أو استحسان في مثل هذه الصورة لأن تعليلهم ليس ملزِما؛ ولذلك اختلفوا في مثل هذا، هو مسألة استحسان لكن هل الأحسن أن نأتي بالفعل على ما كان عليه قبل دخول العامل فيتصور في مثل هذه الحالة إلغاء العامل؟ أو ننقل الفعل من حالته قبل دخول العامل لأن فيه عامل مؤثر وأثره مستحيل أثره الأصلي وأثره البديل أيضا متعذر؟ إن أرجعناه إلى أصله وهو الضم تصور القارئ أن العامل ملغى، وإذا حركناه بحركة غير عوده إلى أصله وغير حركة العامل التي لا يمكن الإتيان بها وحركة البديل الذي هو الكسر لالتقاء ساكنين هذه كلها متعذرة، يبقى عندنا الفتح الذي يورث تسائلا عند القارئ بحيث أن هذه لم حرف جزم لماذا فتحت، يعني لو ضم رجع إلى أصله لم نردُّه القارئ يقول ملغاة ملغاة ورجع إلى أصله، لكن إذا رآها مفتوحة أين الناصب يتساءل حتى يصل إلى أن العامل عامل مؤثر لكن لم يظهر لتعذر ذلك ولا بديله فلا نستطيع أن نرجع لئلا يترتب عليه إلغاء العامل ولم يبق عندنا إلا الفتح.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد...