بلوغ المرام - كتاب الجنائز (1)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
يقول الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله-:
كتاب الجنائز:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكثروا ذكر هادم الذات الموت)) رواه الترمذي والنسائي وصححه ابن حبان.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"كتاب الجنائز" الكتاب مر التعريف به مراراً، والجنائز جمع جَنازة وجِنازة بفتح الجيم وكسرها، واللفظان للميت أو للسرير وعليه الميت، ومنهم من يجعل الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل، جَنازة للميت وجِنازة للسرير، نعم؟ أقول: منهم من يجعل الأعلى للأعلى ويطردون هذا في كثير من الألفاظ الأعلى الفتحة والأسفل الكسرة الأعلى للأعلى الأعلى الميت إذا وضع على سريره، والأسفل الجِنازة للسرير نفسه، يطردون هذا في بعض الألفاظ، فمثلاً يقولون: دَجاجة بالفتح للذكر وبالكسر للأنثى، والمايح والماتح، الماتح بالتاء المثناة من فوق الذي يكون في أعلى البئر والمائح الذي في أسفله عند استقاء الماء من البئر، وعلى كل حال مثل هذه الألفاظ المعروفة الجنازة والجنائز أمر لا يختلف فيه اثنان في حقيقته والمراد به، ولذا لا تجدون في كتب المتقدمين تعريف مثل هذه الألفاظ المعروفة، إنما احتاج إليها المتأخرون لاحتمال أن يوجد من لا يعرف هذا اللفظ وما المراد به لكثرة الاختلاط بين من يحسن ويعرف هذه الاصطلاحات مع غيرها، ويرون أن الأحكام المترتبة على هذا اللفظ لا تكون إلا بعد تصوره، وهذا هو الترتيب العلمي في اصطلاح العلماء أن يعرف الشيء ثم بعد ذلك تذكر الأحكام المتعلقة به، ولذا تجدونه في مطلع كل كتاب وكل باب يعرفون، يبدؤون بالتعاريف والحدود ثم يرتبون عليها ما يريدون.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الأول:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكثروا ذكر هادم اللذات الموت)) الحديث مخرج في سنن الترمذي والنسائي، ومصحح عند ابن حبان والحاكم وابن السكن، وجمع من أهل العلم صححوه، وله طرق وشواهد تجعل لتصحيحهم وجهاً، وهادم اللذات وجاء في بعض الألفاظ بالدال المهملة "هادم" وجاء في بعضها "هازم" والفرق بين هذه الألفاظ أن الهاذم هو القاطع، والهادم هو المزيل كالذي يهدم البناء، والهازم هو الغالب، وإذا نظرنا إلى الموت وجدنا فيه هذه الألفاظ كلها، فهو يقطع اللذات، والمراد باللذات المحسوسة من استمتاع بمتع هذه الحياة فيحول بين المرء وبينها فيقطعه من الاستمتاع بالأكل والشرب ومعاشرة الأقران والنساء وما أشبه ذلك من متع هذه الحياة الدنيا على أنه قد ينقل الإنسان إلى ما هو أشد متعة ولذة منها، لكن هذا بالنسبة لمستوى الناس كلهم الذين يشتركون فيه في متعال الحياة الدنيا، لكن من الناس من ينتقل إلى ما هو أفضل من حاله وعيشه، ومنهم من ينتقل إلى حال سيء -نسأل الله السلامة والعافية- فهو قاطع وحائل بينه وبين لذاته، وهو أيضاً هادم مثل ما يهدم البناء ويتحطم فهو مزيل لهذه النعم سواء أكانت حقيقته أو ذكره عند من أحياء الله قلبه، مزيل للتلذذ بهذه النعم واللذات، وهو أيضاً غالب لها، ولذا يتقزز كثير من الناس من ذكر الموت أثناء الطعام، وينكر على من يذكر الموت في أوقات الفرح مثلاً في الأعياد وفي الأفراح وفي الأعراس وفي غيرها وأثناء الأكل والشرب ينكر يقول: الناس جاءوا ينبسطوا ويفرحوا ويتلذذوا بالحياة لكن أولى ما يذكر فيه الموت في هذه المواطن، مع أنه ينبغي أن يكون على لسان الإنسان على لسان المسلم امتثالاً لهذا الحديث، وللمصلحة المترتبة على ذكره؛ لأن الإنسان الذي يكثر من ذكر الموت، الموت لا يذكر في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا كثره، إذا كانت عندك الأموال الطائلة إذا ذكرت الموت أمنت من الطغيان؛ لأنك رأيت أنك استغنيت، فإذا عرفت أن وراءك موت تأمن من هذه الآفة، وإذا كنت فقيراً لا تجد ما يكفيك تكاد نفسك تتقطع حسرات إذا رأيت ما عند الناس من أموال ذكرت الموت فهان عليك كل شيء، فهذا الأمر على المسلم أن يتمثله، لماذا؟ لئلا يسترسل في إتباع شهواته وملذاته وينسى ما أمامه من أهوال، فإذا استحضر ذكر الموت ارتاح ضميره، وعمل لما بعد الموت، لا يذكر في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا كثره، وجاء في بعض الألفاظ لهذا الحديث بعد الأمر بذكره أن من أكثر ذكره أحيا الله قلبه، من أكثر ذكر الموت أحيا الله قلبه، ومعناه صحيح، معناه صحيح إذا تصورت ما أمامك عملت، وإذا نسيت ما أمامك أهملت وغلفت، فلا شك أن هذا الأمر على كل مسلم أن يتمثله لا سيما من ينتسب إلى العلم وطلبه تجد الناس ويوجد هذا في مجالس طلاب العلم أيضاً يكثر فيها الهزل، يكثر فيها الضحك، يكثر فيها القيل والقال، لكن لو ذكر الموت الموت شبح أمام الناس كلهم، مخيف يقفون عند حدهم، والله المستعان.
سم.
قال -رحمه الله-:
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنياً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي)) متفق عليه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وعن أنس بن مالك خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتمنين أحدكم الموت)) يكثر ذكر الموت ليعمل ليحدوه ذلك إلى العلم، لكن ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) فيتعجل، يتعجل الموت لما يقاسيه من آلام ومشاق، وبعض الناس عنده ضيق شديد في الخلق لأدنى شيء يتمنى الموت له أو لغيره، أنت تدري أن الموت الذي تمنيته يقطع عنك الزاد الموصل إلى مرضاة الله -جل وعلا- وإلى جناته، خلاص إذا مت طويت الصحف، انقطع عملك إلا ما استثني، والمسلم كلما طال عمره وحسن عمله كان خيراً له، قيل لشخص من السلف يعني رجل من السلف كبرت سنه قيل له: هل تتمنى الموت؟ قال: لا أتمنى طول العمر، لماذا؟ يقول: الآن كنت غافل لما كنت في الشباب، لكن الآن إذا جلست قلت: بسم الله، إذا قمت قلت: كذا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، يعني غراس هو يغرس في هذه الحياة الدنيا، لكن الإنسان الذي يتصور الهدف الحقيقي من وجوده على هذه الحياة ويتمنى أن تكون عاقبته حسنة لا يتمنى انقطاع وقت الزرع، بل ليزداد من حياته لموته ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) لهذا السبب لا يتمنى لضر نزل به في بدنه في ولده في ماله، لكن لغير ذلك لغير الضر في أمور الدنيا لأمر من أمور الآخرة، رأى أسباب الفتن قد انعقدت، وغلب على ظنه أنه لا يثبت أمام هذه الفتن، فإذا خشي فتنة في دينه لا بأس أن يتمنى الموت خشية أن يفتن في دينه؛ لأنه ما يدري، هو يتمنى طول الحياة لا لذات الحياة وإنما ليغرس فيها ويعمل لآخرته، لكن إذا كان الغالب على ظنه أن يتضرر من هذه الحياة لا مانع، ومريم بنت عمران تمنت ذلك {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} [(23) سورة مريم] لأن هذه فتنة في الدين، امرأة تأتي بولد من غير زوج! هذه يخشى عليها من الفتنة، إذا تسلط الناس عليها يخشى عليها أن تفتن في دينها، والإنسان لا يصبر على مثل هذه الأمور، المقصود أنه إذا وجد مبرر شرعي ديني وخشي الإنسان على دينه لا على دنياه له أن يتمنى، ومن ذلك تمنى الشهادة، والشهادة موت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((وددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا فأقتل، ثم أحيا ثم فأقتل، ثم أحيا ثم فأقتل))... إلى أخره، فهذه تمني، فإذا وجد مبرر شرعي لهذا التمني جاز، ولذا قال: ((ليتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنياً)) يعني ما احتمل المصيبة التي يعيشها ((فإن كان لا بد متمنياً فليقل: اللهم أحييني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) هو لا يدري، ما يدري ماذا يحصل له؟ المستقبل غيب، لا يعرف المرء نتائجه، والله -جل وعلا- هو الذي يعلم الغيب، فيكل الأمر إلى الله -جل وعلا-، فيجعل الخيرة لله -جل وعلا- يختار له ما يصلحه في دينه وديناه، إن كانت الحياة خير له بمعنى أنه يزداد من الأعمال الصالحة الزاد الحقيقي الذي يوصله إلى الآخرة أحيني ما كانت الحياة خير لي بحيث أزداد فيها من الزاد الحقيقي، ((وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) لأن المسألة لا بد من المحاسبة، فإذا كانت نتيجة الحساب الحسنات غالبة على السيئات كانت الحياة خيراً للمرء، وإذا كان العكس فالوفاة خيراً له، يعني هذه الأيام والليالي التي ينتج عن مجموعها السنون، ومن مجموع السنين عمر الإنسان ظرف خزائن بحسب ما يودع فيها، فإن أودع الإنسان فيها الخير وسعى لفعل الخير، واجتهد لطلب الخير كانت خيراً له، وإذا كان الأمر بالعكس فرط في أعمال الخير، وارتكب بعض ما حرم الله عليه كانت الوفاة خيراً له، لكن الإنسان ما يدري عن المستقبل، هو ينوي الخير، لكن ما يدري ما يعرض له من شبهات وشهوات تحرفه عما تمناه، فالله –جل وعلا- يختار له وإذا نهينا عن تمنى الموت فمن باب أولى، هذا مجرد التمني، لا يجوز جاء النهي عنه هنا مجرد التمني فكيف بمباشرته؟! أما مباشرة الموت الذي هو إزهاق نفس هذا لا شك في تحريمه بغير حقه لا شك في تحريمه، وجاءت فيه النصوص المستفيضة من الكتاب والسنة، وكون الإنسان يباشر قتل نفسه إذا نهي عن مجرد التمني كونه أيضاً يباشر قتل نفسه أيضاً لا يوجد في النصوص ما يدل على جوازه، بل جاء في النصوص ما يدل على تحريمه والتشديد في أمره، ومن قتل نفسه بشيء جاء به يوم القيامة يكرر قتل نفسه هناك، من قتل نفسه بحديدة، من قتل نفسه بسم، يأتي به يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية، فمباشرة المسلم لقتل نفسه حرام، ولا يوجد في النصوص ما يبيح للمسلم أن يقتل نفسه يباشر القتل نعم قد يوجد ما يجعل الإنسان يكون سبب في قتل نفسه دون مباشرة، سبب لقتل نفسه بأن يقتحم صفاً، أو ينزل في بكرة في حصن على الكفار ويغلب الظن أنه يقتل، أو يدل العدو على كيفية قتله، كما في قصة الغلام التي هي في شرع من قبلنا، لكنها سيقت مساق المدح في شرعنا، يكون المرء سبب في قتل نفسه إذا كانت المصلحة راجحة، أما أن يباشر قتل نفسه فلا أعلم في النصوص ما يدل على ذلك، مهما يكون المبرر، وفرق بين التسبب والمباشرة، على كل حال من أفتى في هذه المسائل وأن للإنسان له أن يقتل نفسه إذا ترجحت المصلحة ولا سيما المصلحة العامة إذا كانت لديه أسرار وخشي أن يفشيها للكفار اتجه القول بجواز ذلك عند بعض أهل العلم ومثل العمليات التي يختلفون فيها من رأى أن فيها نكاية للعدو، وأنه لا وسيلة لتحصيل الحقوق إلا بها أجازها بعض أهل العلم، أما أنا فلا أعرف نصاً يبيح ذلك، والمسألة اجتهادية، يعني وجد ما يبيح التسبب مما يقرب من المباشرة، يعني كونهم يعجزون عن قتله ويقول: خذوا سهماً من كنانتي وقولوا: كذا وكذا مصلحة راجحة، لكن ما باشر هو تسبب تسبُب قريب من المباشرة، ولنعرف الفرق بين التسبب والمباشرة، جاء في الحديث حديث الدعاء: ((إذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون)) نعم، وهذا من الخوف على الدين، وجاء في يوسف -عليه السلام-: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [(101) سورة يوسف] ظاهر في كونه يطلب الوفاة، لكن لا مطلقاً إنما على الإسلام، ولا يلزم من ذلك أن تكون الوفاة الآن أو قريباً من الآن، إنما يطلب أن يكون حال وفاته مسلماً فلا تعارض، وكل يتمنى بل يدعو أن يموت على الإسلام، كل يدعو ربه أن يموت على الإسلام ولو بعد حين.
بالنسبة لطول الأمل ذم طول الأمل هل فيه مخالفة مع النهي عن تمنى الموت طول الأمل يعني النهي عن تمني الموت تمني الموت تعجيل الموت وطول الأمل المنهي عنه تأخير الموت، يعني هل الإنسان.. يعني دعاء الإنسان بطول العمر يقابل الدعاء بالموت، وتمنى الموت، هل مفهوم الحديث: ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) أن يدعو بطول العمر أو يترك الأمر لله -جل وعلا- ويعمل بما أمر به؟ ولذا جاء النهي وذم طول الأمل ((يشب ابن آدم ويشب منه خصلتان حب الدنيا وطول الأمل)) بل جاء بما يدل على تقصير الأمل فرق أن يسعى في تقصير عمره وبين أن يعمل على مقتضى قصر العمر، وما يقتضيه قصر العمر ما يقتضيه قصر العمر اغتنام الوقت، وما يقتضيه طول الأمل تفريط في الأوقات فنظراً لما يقتضيه الأمران استحب هذا وذم هذا، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) وجاء ذم طول الأمل، حب الدنيا وطول الأمل؛ لأن تصور الإنسان أنه غريب يحدوه هذا إلى مضاعفة جهده، يجتهد في أن يكسب الحسنات، يبتعد عن السيئات، يحرص على أن يملأ هذه الخزائن بما يسره غداً يوم القيامة، هذا ما يقتضيه الأمل ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) ولذا قال ابن عمر راوي الحديث: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" وكل له أثره في واقع المسلم، فالذي ينظر إلى هذه الدنيا وأنها قصيرة وأنه قد تخترمه المنية اليوم أو غداً أو الساعة أو التي تليها لا شك أنه يغتنم أنفاسه بخلاف من يمد في أمانيه الشخص الذي يدخل السلك الوظيفي، وأمامه من فسحة العمل أربعين سنة مثلاً، ويخطط ما يصنع بعد التقاعد؟ يعني بعد الستين ماذا يصنع؟ يعني هذا عنده قصر أمل أو طول أمل؟ نعم طول أمل، يعني واقع الناس حتى صرح به بعضهم أنه دعه يتنعم في هذه الدنيا فإذا وصل الستين والسبعين التفت، لكن ما الذي يضمن له أن يعيش إلى الستين أو السبعين، وقد أعذر الله لامرئ بلغه الستين، والناظم -رحمه الله- ابن عبد القوي يقول:
ومن سار نحو الدار ستين حجة |
| فقد حان منه الملتقى وكأن قدِ |
يعني وصل خلاص، بلغه الستين ويش ينتظر بعد؟ ومن القصص الواقعية أن شخصاً بلغ الستين ولم يتزوج ولا يصلي، ذهب إليه قريب له لينصحه ويحثه على الصلاة وسائر الطاعات، وأن يتزوج عله أن يولد له ولد يذكره إذا مات ويدعو له، وكان هذا الكلام في يوم الجمعة قال له ذلك: يا فلان ألا تتزوج فتنجب ولداً يدعو لك بعد موتك، فيستمر عملك وتلتفت إلى ربك وتصلي وتزكي عنده أموال وعنده ضياع، لكنه محروم، نسأل الله السلامة والعافية، قال له: أنا الآن عمري ستين تدري كم عمر والدي يوم يموت؟ تدري كم عمره؟ قال: مائة وعشرون، قال: وعمي؟ قال: مائة وخمسة وعشر، قال: وخالي مائة وثلاثين، قال: أنا من قوم أعمارهم طويلة، فقلت له: يا أخي لا علاقة لك بأبيك ولا عمك، هذه منايا، وأنت تشوف الآن الحوادث حصادها في الشباب أكثر من حصادها في الشيوخ...، فأيس منه فرجع إلى بلده وبلغه خبر وفاته في الجمعة التي تليها، سبحان الله هذا الحاصل، هذا الحاصل في الجمعة التي تليها بلغه خبر وفاته، فعلى الإنسان أن يغتنم هذه الأنفاس، ويغتنم هذه الليالي والأيام، وأن تكون زاداً له، ومركباً توصله إلى ساحل النجاة، فالدنيا تموج بالفتن ويخشى على المسلم أن يفتن في دينه، وأنتم ترون الآن حتى من ينتسب إلى العلم ترون واقعهم وفتواهم وبعضهم ما ينطقون به ويتفوهون به وما يكتب -نسأل الله السلام والعافية-، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، والذي يضمن بإذن الله -جل وعلا- حسن العاقبة الحرص على العمل بإخلاص، فمن عمل لغير الله مكر به فعلى الإنسان أن يعمل، وأن يكون عمله خالصاً لوجه الله، نعم.
قال -رحمه الله-:
وعن بريدة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المؤمن يموت بعرق الجبين)) رواه الثلاثة وصححه ابن حبان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن بريدة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المؤمن يموت بعرق الجبين)) رواه الثلاثة، من المراد بالثلاثة؟ أيوه؟ نعم أبو داود والترمذي والنسائي، لكن التخريج عندكم؟ نعم؟
طالب:........
لم يخرجه أبو داود وإنما خرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، فهذا يرد على اصطلاحه، اصطلاحه في الثلاثة أبو داود والترمذي والنسائي وهذا خرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن حبان، وله شاهد من حديث ابن مسعود وغيره، وهو قابل للتصحيح، قابل للتصحيح بشاهده.
يقول: عن بريدة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المؤمن يموت بعرق الجبين)) وهذا عبارة عن ما يكابده المؤمن عند نزع روحه، فالمؤمن يكابد شدة عن نزع الروح، وذلك لما له من الأجر عند الله -جل وعلا- من عظم الأجر يكابد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال له ابن مسعود: إنك توعك وعك شديد، قال: ((أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم)) قال: ذلك أن لك أجرين؟ قال: ((أجل)) فكلما زادت منزلة المرء عند الله -جل وعلا- زادت المشقة عليه ليعظم أجره، فالمؤمن يموت بعرق الجبين، فأثناء النزع يجد شدة والموت له سكرات، ومنهم من يرى أن تفسير الحديث أن المؤمن ينصب ويتعب في هذه الدنيا في طلب الحلال ليطعم الحلال ويشرب الحلال يلبس الحلال وينكح الحلال مع تعبه لدينه فهو يسعى جاهداً لما يرضي الله -جل وعلا- في أمر دينه ودنياه وأمر الدنيا إذا قترن بالنية الصالحة أجر عليه الإنسان، وصار من أمر الآخرة، يعني هذا الشخص الذي يلهث وراء الدنيا إما أن يكون عمله خالص للدنيا وهذا لا أجر له فيه إن سلم من وسائل الكسب المحرمة وسائل الصرف المحرمة لا له ولا عليه، لكن اقترن بذلك نية صالحة يريد بذلك إعفاف نفسه والإنفاق على من تحت يده والإنفاق في سبيل الله -جل وعلا- مثل هذا يؤجر ولو كد وتعب في تحصيل الدنيا لأنها انقلبت بالنية الصالحة إلى عبادة إضافة إلى ما يكابده لآخرته ويوجد من هذا النوع -ولله الحمد- جمع يوجد من يتعب في أمر الدنيا، وحصل منها من الأموال الطائلة، ومع ذلكم لم ينس الآخرة بل الآخرة هي عمله وهي همه، فديدنه مصحفه، وصيامه قيامه، مع ما فتح عليه من أمور الدنيا، فمثل هذا يكابد، لكن يكابد ليرضي الله -جل وعلا-، ومن الناس من يكابد ليل نهار ولم يحصل لا على خير الدنيا ولا على خير الآخرة، من الناس من يتعب لكسب الحرام وبإمكانه أن يصرف هذا الجهد لكسب الحلال فالذي يوفقه الله -جل وعلا- ويفتح له من أبواب الخير سواء كانت من أمور الدين أو الدنيا مع أن المسلم لا سيما من ينتسب إلى العلم ينبغي أن يكون همه الدين والدنيا تأتي تبع ووجه إلى ذلك ويفهم من قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] أن الأصل في المسلم أنه للآخرة يكون عمله محض للآخرة، ولذا وجه إلى ألا ينسى الدنيا ليستعين بها على تحقيق الهدف وهو العبودية، فالمؤمن يموت بعرق الجبين يعرق لأمور ديناه وأمور أخرته، يعرق جبينه في أمور دنياه وأمور آخرته، وإذا جاءه النزع ضوعف عليه الشدة ضوعفت عليه ليزداد أجره بذلك، وكأن الحديث فيه حث على متابعة السعي وعدم الكسل، وأن يكون المسلم عضواً فاعلاً -كما يقولون- نافعاً لنفسه ولولده ولمن تحت يده ولأمته يتابع العمل ما يقول: أنا والله وصلت إلى حد ارتاح، مالك راحة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [(99) سورة الحجر] إلى الموت ليستمر عملك ونصبك وعرقك إلى أن يأتيك اليقين حتى تموت وأنت على هذه الحالة، نعم.
قال -رحمه الله-:
وعن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) رواه مسلم والأربعة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) رواه مسلم والأربعة، وهذا من أجل أن يكون أخر ما ينطق به المسلم من هذه الدنيا لا إله إلا الله، وقد جاء في الحديث الصحيح: ((من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)) فالتلقين مستحب، يلقن الشهادة، موتاكم يعني المسلمين، فإذا حضر أحدهم الموت والمراد بالموتى هنا من قربت وفاته جمع ميت وهو من سيموت يعني من قربت وحضرت وفاته يلقن لا إله إلا الله لا أنه يلقن الشهادة بعد وفاته انتهى ((من كان أخر كلامه من الدنيا)) ما قال من الآخرة؛ لأنه انتقل من هذه الدنيا فلا تنفعه إنما يلقن وكيف يلقن وهو ميت والميت لا يقبل التلقين، إنما من يقبل التلقين ليقول لا إله إلا الله ويختم بها حياته، وهل يلقن... الميت انتهينا منه لا يقبل التلقين ولا يسمع ولا يرد الجواب، لكن الذي يسمع أو في حكم من يسمع وهو من روحه في جسده وإن كان مغمى عليه وظهرت علامات الموت يلقن أو يترك؟ عموم الحديث يشمل ((لقنوا موتاكم)) وهذا من موتاكم، وما يدريك عله يسمع، ويقولها حسب استطاعته، حتى من قرر الأطباء أنه مات دماغياً يلقن لا إله إلا الله، وما يدريك، وكلامهم نعم يغلب على الظن ثبوته والواقع يشهد بذلك لكنه ليس بقطعي بدليل قصة واقعة شخص قرر ثلاثة من الأطباء أنه مات دماغياً، وأحضر أخوته الأربعة من أجل أن يتبرعوا بأعضائه طلب منهم هذا فوافق ثلاثة وامتنع الرابع، والله لا نستطيع هو لا أوصى ولا نملك ولا شيء وهم ماشين على الجواز، وإن كان المتجه المنع أي كان لا من الشخص نفسه ولا من غيره أن يتصرف فيه لأنه لا يملك، رفض الرابع، فما الذي حصل؟ حصل أن الرجل أفاق، وهو مقرر أنه ميت دماغياً، فصارت العداوة بينه وبين أخوته الثلاثة، وصار أخوه الرابع أحب شيء إليه حتى من نفسه وولده، يعني تصور شخص بين ثلاثة مجتمعين هم يتبرعون بأعضائه يقول: إنه ذكر أنه سمع كل ما دار، لكن لا يتحرك منه شعرة فمثل هذا إذا وصل إلى هذا الحد يدخل في عموم الحديث يلقن، وزيارة المريض وعيادته سنة، ولو كان لا يحس بمن حوله وقد ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب زيارة المغمى عليه، وزار النبي -عليه الصلاة والسلام- جابر بن عبد الله وهو مغمى عليه فمثل هذه الأمور الإنسان المسلم ما دامت روحه في جسده كامل الحقوق لا يجوز التعدي عليه بحال، ما لم تفارق روحه بدنه، كثير من يسأل الأطباء عندهم بعض المرضى مثلاً يجلس أشهر ستة أشهر حاجز سرير وحاجز أجهزة لو رفعت عنه الأجهزة مات هل يجوز رفع الأجهزة عنه وهو مسلم كامل الحقوق روحه في جسده؟ لا يجوز رفع الأجهزة عنه، لكن قد يقال فيما لو حضر مريض بحاجة إلى هذه الأجهزة وهو أرجى منه في الحياة بحيث لو ترك مات، ونسبة حياته ستين خمسين بالمائة، وهذا نسبة حياته واحد بالمائة مثلاً أو عشرة بالمائة هذا محل نظر يعني هل تعرف عنه الأجهزة أو نقول: إنها لمن سبق؟ لكن رفع الأجهزة دون حاجة لا يجوز، والله المستعان، فمثل هذا داخل في التلقين عله أن يسمع هذه اللفظة هذه الشهادة كلمة التوحيد ثم يقولها ولو بالطريقة التي يعلمها الله -جل وعلا- ولو لم يعلمها البشر، موتاكم المخاطب بذلك المسلمون، وموتاهم يعني المسلمين، وإن كان يتناول على بعد الميت القريب من المسلم، وإن كان غير مسلم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عرض الشهادة على عمه أبي طالب، وعرضها على اليهودي الذي زاره، المقصود أنها تعرض حتى على غير المسلم، علّ الله -جل وعلا- أن ينفعه بها، وينقذه بها، لا سيما من ظهر نفعه في المسلمين، لا مانع، الدليل يدل على أنه تعرض عليه الشهادة، وإن كان قوله: ((موتاكم)) خاص بالمسلمين موت المسلمين؛ لأنه يخاطب المسلمين والكافر ليس بميت لمسلم بل هو بعيد عنه، والصلة منقطعة تماماً عنه، لكن لو عرضت على الكافر علّ الله أن ينفعه بها تنفعه عند الله كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)) و..... اليهودي مع العرض والتلقين أولاً لا بد أن يكون التلقين برفق، ولا يكرر عليه إلا بقدر الحاجة، بالأسلوب المناسب؛ لأن الإنسان في هذا الظرف يضيق خلقه، ويسوء فيخشى أن ينطق بكلمة تضاد هذه الكلمة، الأمر الثاني مما ذكره أهل العلم في هذا الباب أن تذكر أن يذكر من أعماله الصالحة التي عرف بها ليحسن الظن بالله -جل وعلا-؛ لأنه جاء في الحديث الصحيح ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)) وقال الله -جل وعلا- في الحديث القدسي: ((إنا عند حسن ظن عبدي بي)) فإذا ذكرت له أعماله الصالحة أحسن الظن بربه، وانشرح صدره، وتمنى لقاء الله، بخلاف ما إذا ذكرت أعماله السيئة، اللهم إلا لو كانت هناك في فسحة من الأمر ليذكر بها فيتوب عنها، أما إذا ضاق الوقت بحيث لا يتمكن من هذا بل تخشى العواقب والآثار السيئة تترك وإنما يذكر بسعة رحمة الله -جل وعلا-، وأنه كان يعمل وكان يعمل وكان يعمل وكان يفعل على الإنسان أن يعمل في حياته من الأعمال الصالحة ما يجعله يحسن الظن بالله -جل وعلا-، وما يكون سبباً في حسن العاقبة وحسن الخاتمة، والشواهد من المحتضرين كثيرة جداً على هذا وعلى ضده فمن عاش على شيء مات عليه، وأهل العلم يقولون: الفواتح عنوان الخواتم، فمن عاش على شيء مات عليه مات على شيء بعث عليه من لزم الأعمال الصالحة ذكرها عند موته وكررها وقت اختلاطه وهرمه وشغف بها وأحبها وكم من شخص وشواهد الأحوال كثيرة على هذا، كم من شخص يحصل له من يحصل من إغماء وهو من أهل القرآن يردد القرآن، وهو لا يعرف أحداً، ولا يستطيع أن يتكلم بكلمة، ومع ذلك يسمع منه القرآن واضح، وكم من مؤذن إذا جاء وقت الصلاة سمع منه أذان وهو في حالة إغماء وبالمقابل من كان يزاول الأعمال السيئة والجرائم والمنكرات تجده يكررها، وذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الجواب الكافي بعض القصص المخيفة، فينتبه الإنسان لهذا، وإذا قيل لبعض الناس ممن شغف بالخمر قل: لا إله إلا الله أجاب بما عاش عليه، وإذا كان مشغوف بالغناء قيل له: قل: لا إله إلا الله ردد أغنية، وإذا كان مشغوف بالنساء إذا قيل له: قل لا إله إلا الله ذكر بعض النساء المومسات، نسأل الله السلامة والعافية، فعلى الإنسان أن يعمر حياته بطاعة الله -جل وعلا- ليستصحبها إلى وفاته، قد يكون في نفس الإنسان هواجس وخواطر يرددها وأماني تغلب على تفكيره ذكر ابن القيم في حلية الصابرين أن كثير من الناس ممن غلبت عليهم هذه الهموم والهواجس إذا صار في حالة من إغماء أو خرف أو تخليط صار يرددها عند الناس، وكل له همه فمن الناس من كان همه في الدين ونصر الدين يردد هذا، من كان همه في الدنيا رددها، من كان همه في الأكل ردد الأكل إذا خرف، أدركت شخصاً من كبار السن من المسلمين كف بصره وصار يجلس في الشارع وكل من مر قال -يعني بلهجته-: من يراهن على دجاجة، يبي أحد يجيب له دجاجة يأكلها كاملة، هذا أيام كان الدجاج قليل جداً لا يوجد، فاستصحب هذا الأمر إلى أن خرف وصار يردد هذه الكلمة، بعد أن وسع الله على المسلمين وصار الدجاج يعني أكثر من التراب؛ لأنه عاش على هذا الأمر ومن عاش على ذكر الله ردد الذكر، ومن عاش على التلاوة ردد التلاوة وهكذا، والجزاء من جنس العمل، وتجد بعض من خرف.. أقول: بعض من خرف يُحجب عن الزائرين حتى أقرب الناس إليه لأنه يتكلم بكلام حقيقة يخجل السامع فضلاً عن القريب لماذا؟ لأنه كان يردده في حياته، وفرق بين من تدخل العناية المركزة في المستشفى وتجد شخصاً يقرأ القرآن، وأخر يؤذن، وثالث يلعن ويشتم ويسب من لا شعور هو ما يدري عن شيء، شيء مشاهد يعني، ومن أراد أن يعتبر ويدكر كما قال القرطبي في تفسير {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [(1) سورة التكاثر] يقول: من أراد الاعتبار والادكار يزور المقابر، يقول: إن كان مع كثرة زيارته للمقابر قد قل أثرها في نفسه وتأثيرها عليه فليحضر المحتضرين، يعني حال حال سبحان الله العظيم من شاهدها لا شك أنها تؤثر من في قلبه أدنى حياة، لكن الميت! مال لجرح بميت إيلام، قلب الميت ما في فائدة، ويشارك في التغسيل، ويحضر الجنائز، ومع ذلكم بعض الناس يشهد هذه المشاهد ولا تؤثر فيه شيئاً، لا شك أن كثرة الإمساس وكثرة معاناة هذه الأمور قد تخففها على النفس، لكن يبقى أنها لا بد من استحضار حال الإنسان في هذا الظرف، فمن استحضر حاله في هذا الظرف لا بد أن يتأثر، وعثمان -رضي الله عنه وأرضاه- إذا رأى القبر بكى بكاءً شديداً يقول: هذا أول منازل الآخرة إذا نجينا من هذا المنزل خلاص عتقنا، ويوجد الآن رأي العين من يدخن على شفير القبر موجود، وليس بشاب لا كهل نصف لحيته أبيض ويدخن على شفير القبر فضلاً عن من يبيع ويشتري ومواعيد ونكت في المقبرة فكل حالة لها لبوسها، والله المستعان.
قال الإمام الحافظ -رحمه الله-:
وعن معقل بن يسار -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اقرؤوا على موتاكم ياسين)) رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان.
حديث معقل الذي ذكره الحافظ -رحمه الله تعالى- في قراءة سورة ياسين هذا ضعيف، مضعف عند أهل العلم، رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة، ورواه ابن حبان في صحيحه، لكنه حديث ضعيف والموتى هنا مثل ما في الحديث السابق من سيموت، وذكروا من فائدة قراءة سورة ياسين أنها تخفف وتهون وتسهل خروج الروح كما قالوا، والحديث ضعيف، كما قال الدارقطني مضطرب الإسناد، مجهول، لا يصح، على كل حال الحديث ضعيف فلا يتكلف اعتباره ولا شرحه، نعم.
وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال: ((إن الروح إذا قبض اتبعه البصر)) فضج ناس من أهله، فقالوا: ((لا تدعو على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون)) ثم قال: ((اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقبه))
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي سلمة وقد شق بصره" شخص ارتفع؛ لأن الروح إذا خرجت تبعها البصر، شخصه بصره ارتفع لينظر أين تذهب هذه الروح فأغمضه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا يستحب تغميض عين الميت؛ لأن منظره مخيف إذا كان بصره شاخصاً وهو في حال موت، لا شك أن إغماض بصره أكمل؛ لأن قيمة البصر في الإبصار وقد انتهى الإبصار فانتهت قيمة البصر فيغمض، ويخشى أن يدخل في عينيه شيء أو تتأثر عيناه مما في الجو، وتتعفن، المقصود أن إغماض البصر سنة كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر.
وشق بصره بفتح الشين وبصره فاعل وضبطه بعضهم بالنصب يعني شق المرء بصره، ((إن الروح إذا قبض تبعه البصر)) هل هذه التبعية حسية بمعنى أن الروح تمكن رؤيتها أو لا تمكن؟ بمعنى هل هي جسم أو عرض ليست بجسم؟ يتكلم العلماء في هذا كثيراً لكن الجواب الإلهي {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [(85) سورة الإسراء] ما لأحد كلام في هذا الباب {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [(85) سورة الإسراء] والبراهين على ذلك ما في الآية نفسها الروح بين جنبي الإنسان مائة سنة ولا يدري ما هي، فيغالط نفسه، ويكذب على نفسه من يريد أن يطلع على كل شيء، ويعرف كل شيء، فضلاً عن من يزعم أنه يعرف كل شيء روحه التي بين جنبيه لا يدري ما حقيقتها، فهذه التبعية الله أعلم بها، تبعاً للمتبوع، أما البصر في حال الحياة إتباعه للأمور مدرك، يتبع المرئيات يميناً وشمالاً، نعم مدرك لكن المتبوع هنا وهو الروح غير مدرك فهذه التبعية تبعاً لهذا المتبوع غير مدرك.
يقول: فضج ناس من أهله لأنهم فهموا من كلامه -عليه الصلاة والسلام- أن الروح إذا قبض خلاص الرجل مات فهموا أن الرجل قد مات، كان قبل ذلك يرجى أن تعود له الروح، وأن تعود له الحياة، لكن قبضت الروح انتهى كل شيء، فضج ناس من أهله بالبكاء والأصوات، فقالوا: ((لا تدعو على أنفسكم)) لأنه في الغالب أن الإنسان في هذه الحال مع شدة الفزع يدعو على نفسه بالهلاك أو بالبوار أو بأي شيء من شدة الفزع يصاحب ذلك شيء من الدعاء ((لا تدعو على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون)) أي من الدعاء، ثم قال: ((اللهم اغفر لأبي سلمة)) ضج ناس من أهله البكاء على الميت جاء الخبر أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه تأتي الإشارة إليه، والمراد به، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، دعا له -عليه الصلاة والسلام-، اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، في بعض الألفاظ: ((واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه)) وهنا اقتصر على قوله: ((اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقده)) وهذا الحديث في المسند وتعرض العلماء والشّراح والمفسرون لبيان حقيقة الروح لكن الأولى أن لا يتعرض لها، وكل من تكلم فيها فكلامه ضرب من الظن والتخمين؛ لأن الله -جل وعلا- قطع الطريق على من أراد أن يتلكم فيها ولم يجب من سأل عنها {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [(85) سورة الإسراء] وانتهى الإشكال، وما كل ما يسمع الإنسان يقف على حقيقته، وما كل ما يبلغه يجيد فهمه أو يصل إلى كنهه، بل من الأمور مما لا بد أن يقف المسلم فيه عند حده، ولا يجوز له أن يسترسل فيها، وقد جاء الكف عن الاسترسال في الأسئلة، يعني الأسئلة التي يترتب بضعها على بعض، والشيطان يلقي على لسان الإنسان أسئلة تكون فيها شبهات، فإذا وصل الإنسان إلى هذا الحد عليه بالتسليم، وهناك شبه لا يمكن الجواب عنها، بل يقف العقل البشري حائر تجاهها، ولذا يخطأ في حق عوام الناس، في حق عوام المسلمين من يطلب المناظرة أمامهم في مسائل كبرى أو في قضايا قد يوجد شبة لا يستطيع المدافع أن يجيب عنها، فما موقف العوام في مثل هذه الشبه موقف طلبة العلم فضلاً عن العوام؛ لأن الشبه إذا علقت بالأذهان يصعب اجتثاثها نعم هذه الأمور نسبية قد يكون الإنسان يستطيع أن يجيب عن هذه الشبة وغيره لا يستطيع والعكس، ومن الذي تتوافر فيه الأهلية للإجابة عن جميع ما يلقى من شبهة هذا ما يمكن، فلذا من الخطأ والإجرام في حق عوام المسلمين أن تتطلب المناظرات على المستوى العام لا شك أن هذه جريمة، لا بد من الوقوف عن حد معين، العقل البشري لا يدرك كل شيء، هناك أمور لا بد أن يقف عندها المسلم، كما قال أهل العلم: قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، هناك أمور ذكرت..، من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- وهو يرد على شبه المبتدعة ما يقف عنده كبار أهل العلم حائراً يكون في حيرة لا يستطع أن يفهم الرد فضلاً عن الشبه، فمثل هذه القضايا تنزل منازلها، ولا يطلع عليها إلا من يدركها ويحتملها عقله، والله المستعان، نعم.
قال الإمام -رحمه لله-:
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي سجي ببرد حبرة.
متفق عليه.
وعنها -رضي الله عنها- أن أبا بكر قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته. رواه البخاري.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وعن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي سجي" التسجية: التغطية، يعني غطي ببرد حبرة، مخطط، وفيه أعلام، غطي بعد أن مات -عليه الصلاة والسلام-، وقبل تغسيله وتكفينه، غطي ببرد حبرة هذه التسجية مطلوبة لئلا ينكشف الميت، فيبدو منه شيء، وهذا الحديث في الصحيحين، وكما سمعنا التسجية التغطية، وحكمتها صيانة الميت عن الانكشاف؛ لأن الميت إذا مات وفارقت روحه بدونه تتغير صورته وشكله فيفزع رائيه، وعلى هذا المشروع التغطية.د
يقول: "وعنها -رضي الله عنها- أي عائشة- أن أباها أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته" رواه البخاري، فتقبيل الميت لا سيما بالنسبة لذويه ومحبيه مشروعة، وقبل النبي -عليه الصلاة والسلام- عثمان بن مضعون وهو ميت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عيناه تذرفان رحمة وشفقة ومودة لهذا الصحابي الجليل فتقبيله سنة بالنسبة لمحبيه وذويه كالتوديع له.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه)) رواه أحمد والترمذي وحسنه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه)) فالميت لا يزال مشغولاً يهمه أمر الدين؛ لأنه سوف يطالب به ويحاسب عليه حتى يقضى، فإذا قضي عنه دينه بردت جلدته، وقد ورد التشديد في الدين، حتى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ترك الصلاة على المدين حتى ضمن الدين، والشهادة يغفر للشهيد عند أول دفعة من دمه إلا الدين، فالدين شأنه عظيم، وهو في الدنيا وفي حال الحياة ظل في النهار وهم في الليل، وقال بعضهم: إنه ما دخل الدين في قلب امرئ إلا ذهب من عقله بقدره ما لا يعود إليه، فالدين شأنه عظيم، ولا شك أنه ذل، يعني كل إنسان جرب الحاجة إلى الناس، فهو ذل، وشأنه في الآخرة أيضاً عظيم؛ لأنه لا بد من الوفاء وهذه حقوق الناس، فإذا كان يغفر للشهيد حتى ما اقترفه من الكبائر، يغفر له كل شيء إلا الدين، والناس في هذه الأزمان يلاحظ عليهم التتابع والاسترسال، وعدم الاكتراث من الدين، ووجد ما يسهل ذلك، وبعض الناس عنده أن أي شيء لا تدفع قيمته فوراً كأنه يأخذه مجاناً من أسهل الأمور عليه أن يأخذ شيء بالدين، ولا يحسب أي حساب للعواقب، ولذا تجد الآن النسب المدينة كبيرة جداً نسب بين الناس يعني قل أن تجد من ليس بمدين بسبب مسكن، بسبب سيارة، بسبب زواج لأي سبب من الأسباب، وهو داخل في هذا الحديث، وبعض الناس يتساهل في الدين إذا كان لبيت المال، بل بعضهم نسأل الله السلامة والعافية وهو يبرم العقد ويوقع على الشروط وفي نيته ألا يسدد هذا موجود، أقول: بعض الناس وهو يبرم العقد ويوقع عليه وعلى الشروط وفي نيته أنه لا يسدد، ومن أخذ أموال الناس وفي نيته الوفاء والسداد وفّى الله عنه وسدد عنه، لكن من في نيته عدم الوفاء هذا عكس من ذلك ووصل الدين إلى الكبار والصغار والرجال والنساء بشكل مخيف، امرأة تملك من المال تقول: مائتين وثلاثين ألف عندها الآن في رصيدها، وتريد أن تشتري بيت، بيت مناسب تجد بيت مناسب بمائتين وثلاثين ألف وليست بحاجة إلى دين، لكن تقول: إنها وجدت بيت مناسب تدفع المائتين والثلاثين مقدم، وبقية الثمن تقسط أقساط شهرية قيمة كل قسط أربعة ألاف وثمانمائة ريال لمدة ستة عشر سنة هذا سؤال امرأة، امرأة تقول هذا الكلام، والسجون مملوءة بالمدينين، وامرأة تقول هذا! من يضمن لها أن تستمر لها الوظيفة ألا يمكن أن تصاب بعاهة تمنعها من الوظيفة؟ كيف تسدد هذه؟ ألا يمكن أن تخترمها المنية اليوم أو غداً؟ وقل مثل هذا في كل من تساهل في الدين، كل من أراد شيء راح وقسط وأصحاب الأموال يضحكون على الناس النسبة خمسة بالمائة، خمسة بالمائة، لكن إذا أخذت لمدة ستة عشر سنة كم النسبة؟ النسبة ثمانين بالمائة، خمسة نضربها في عدد السنين، نعم، فالمسألة ليست سهلة، ليست هينة، يتساهل الناس ويتتابعون على الديون من غير نظر إلى العواقب، فنفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، كثير من الناس يموت وعليه دين فيسعى أولاده جاهدين لسداد هذا الدين، وهذا من برهم به، لكن قد لا يستطيعون السداد، كل من ذهبوا إليه أعطاهم اللي يعطي مائة واللي يعطي مائتين والديون كبيرة، يعني وجد من بعض الناس قال: كم دينك يا فلان؟ يعني يتفاخرون بهذا، قال: مائة ألف، قال: دين حرمة هذا، ما هو بدين رجال، صحيح إلا ما هو بملايين ما هو بدين رجال، يعني انتكاس في الفطر، وفي المفاهيم، وين الدين؟ الدين مما يفتخر به؟! يعني هو في ذهنه ويسول له الشيطان أن الناس وثقوا به وأعطوه أموالهم أنت ما يثقون بك، ما أنت على مستوى يثق بك الناس على الملايين، وهو ما يدري المسكين أنه مضحوك عليه، وهذا الذي يقول: دين حرمة أنا أعرف أجزم أنه من الذين يأخذون التجار قبل البنوك عاد، الذين يأخذون النسب المرتفعة جداً، بعضهم من السنة الواحدة يأخذون خمسين بالمائة، وهذا موجود إلى وقت قريب، فعلى المسلم أن يهتم بهذا الأمر، ويبادر بإبراء ذمته، ويحتاط لنفسه بما في ذلك الديون التي لبيت المال؛ لأن بيت المال يتعلق به جميع الناس، نعم.
قال الإمام الحافظ -رحمه الله-:
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الذي سقط عن راحلته فمات ((اغسلوه بماء و سدر وكفنوه في ثوبين)) متفق عليه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الذي سقط عن راحلته فمات وهو واقف بعرفة سقط عن الراحلة وقصته دابته فمات: ((اغسلوه بماء سدر)) وفي رواية: ((لا تحنطوه وكفنوه في ثوبين)) وفي رواية: ((في ثوبيه)) يعني الإزار والرداء الذي عليه، متفق عليه.
اغسلوه بماء وسدر فالسدر يجعل في الماء فيغسل به لمزيد النظافة، وغسل الميت تعبدي لا لنجاسته، ولا لأن الموت حدث موجب للغسل، إنما هو تعبد ((اغسلوه)) أمر بالغسل، ولذا عامة أهل العلم على أن غسل الميت فرض كفاية، يعني لو ترك الميت المسلم دون غسل أثم من علم بحاله، وإن رجح بعضهم من المالكية أنه سنة، لكن الأمر صريح في ذلك ((اغسلوه))، وفي حديث أم عطية الأتي: ((اغسلنها)) أوامر ((اغسلوه بماء وسدر)) فالماء هو الأصل في الغسل، والسدر للتنظيف، ويكفن في ثوبيه، ولا يغطى رأسه، ولا وجهه، ولا يمس طيب ولا حنوط؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً، وعلى هذا لا يكمل عليه الحج؛ لأن بعض الناس يتصور أنه مات في عرفة خلاص يكمل عنه حجه، يناب عنه لا خلاص تمت حجته فيبعث يوم القيامة ملبياً، هل يخلط الماء في السدر أو يكون السدر مستقل ويصب عليه الماء أو يكون السدر في غسله من الغسلات ويتابع عليه الماء بدون سدر؟ لأن أهل العلم في مسألة ما يخلط الماء من الطاهرات هل يسلبه الطهورية أم لا؟ مسألة تقدمت في كتاب الطهارة لكن يغسل بالماء والسدر ثم بعد ذلك يتبع بالماء.
وفي قوله: ((وكفنوه)) ما يدل على وجوب التكفين، وأنه لا يشترط أن يكون وتر، النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن في ثلاثة أثواب، وهذا قال: ((كفنوه في ثوبيه)) لأنه ثوب زاول فيه هذه العبادة، وسوف يستمر في هذين الثوبين حتى يفرغ من هذه العبادة، ولن يفرغ منها حتى يبعث يوم القيامة، يلبي في حكم الحاج فيكفن في ثوبيه الذين مات فيهما، وفي قوله: ((يبعث ملبياًً)) التي لم يذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- لأنها لا تدخل في هذا الباب، ما يدل على أن من شرع في عمل طاعة ثم اخترمته المنية دون إتمامه أنه يحصل له ما يؤمله ويرجوه من الله -جل وعلا- كاملاً قياساً على هذا الذي يبعث يلبي، وأن الله يكتب له أجر ذلك العمل، نعم.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما أرادوا غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: والله ما ندري نجرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما نجرد موتانا.. الحديث، رواه أحمد وأبو داود.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما أرادوا غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته ترددوا، قالوا: والله ما ندري نجرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ثيابه كما نجرد موتانا، دل على أن الأموات يجردون من ثيابهم عند الغسل على أن تستر العورات، ولا تباشر باليد عند الغسل، فيجردون، قولها: كما نجرد موتانا دليل على أن الميت يجرد، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- وله من الوضع الخاص ما يميزه عن غيره، هل يفعل به كما يفعل بغيره فيجرد من ثيابه كغيره أم يغسل عليه ثيابه تمام الحديث عند أبي داود: "فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره" نوم، "ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي -عليه الصلاة والسلام- وعليه ثيابه" فغسلوه وعليه قميصه، وتولى الغسل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وعائشة -رضي الله عنها- قالت: لو استقبلنا من الأمر لما تولى غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا نسائه، وعلى كل حال الرجل يغسله الرجال، وللزوجة أن تغسل زوجها، على ما سيأتي، والمرأة يغسلها النساء، وللزوج أن يغسل زوجته على خلاف في ذلك سيأتي -إن شاء الله تعالى- والحديث مخرج في المسند وسنن أبي داود، وهو حديث حسن.
"يطلبون التوقف من أجل يتسنى للطلاب الراحة، نعم؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
إيه عندنا درس ثاني بعد العشاء -إن شاء الله- وبعض الأسئلة ما لها علاقة بالجنائز، يعني أسئلة عامة ليس لها علاقة بالجنائز.
هذه أعظم من الدين هي دين بغير رضا صاحبها، وإذا كانت النصوص في الدين مع الاتفاق والرضا بين الطرفين فدخول السرقة والغصب والمظالم من باب أولى.
ونكتفي بهذا...
يعني إذا وصل إلى مرحلة خروج الروح هو قبل ذلك يموت بعرق الجبين، لكن إذا وصل إلى مرحلة خروج الروح تخرج روحه كما تخرج القطرة من في السقاء بخلاف روح الكافر.
التخطيط للمستقبل يعني يعرف أنه غداً سوف يذهب إلى المكان الفلاني، وإذا جاء وقت الحج سوف يحج ولو كان بعد أشهر ولو كان كذا سوف يفعل ينوي نية الخير ولو طال أمله هذا، وقصر الأمر المطلوب إنما هو في أمور الدنيا، والمذموم منه ما يبعث على ترك العمل، والتواني فيه والتراخي.
هذا سائل من الإمارات يقول: في العمل لدينا شخص من مجموعة العمل يتهرب من أحد أعباء العمل والمفترض أن الهرب من أحد أعباء العمل بالاتفاق بيننا وقد أخذ هذا العبء جميع من في المجموعة، ومن المفترض أن يحمله هذا الشخص هذه السنة تبعاً للحق لكنه رفض حمله واضطر أحد أعضاء المجموعة أخذه فقمت بنصحه بأن من العدل أن يأخذ العبء ولا يتهرب من جميع المسؤوليات لكنه رفض متحججاً بأمور كثيرة أرشدونا؟
هذا إذا كان مما اشترط عليه في أصل العقد لزمه أن يقوم به، فإن قام به على الوجه الأكمل وإلا فما يأخذه من مقابل هذا العبء الذي تركه لا يحل له أخذه.