شرح مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (08)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قرأت إلى فإذا فرغ كبر"؟

طالب:.......

نعم "ثم يرفع رأسه".

خلاص، طيب.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: 

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"ويرفع يديه إلى فروع أذنيه، أو إلى حذو منكبيه" يرفع يديه مع تكبيرة الإحرام، ومع تكبيرة الركوع، ومع قول سمع الله لمن حمده إذا رفع من الركوع، هذا هو المعروف في المذهب في المواضع الثلاثة، وأما الموضع الرابع فالحنابلة لا يقولون به، وهو بعد الركعتين إذا قام من التشهد، والحنابلة لا يقولون به، مع أن دليله في البخاري، من حديث ابن عمر، لكن الحنابلة لا سيما المقلدين منهم لا يلامون على هذا، المقلد إنما يتبع إمامه، لكن العبرة بمن يبلغه الدليل، ويعرف ثبوته هذا الذي يلام، أما المقلد الذي يأخذ قول الإمام بلا حجة هذا معذور، والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يرى أن حديث ابن عمر من فعله ليس بمرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو موقوف عنده على ابن عمر، وما يوقف على ابن عمر ليس بحجة ملزمة؛ لأنه فعل صحابي، والإمام البخاري خرج الحديث مرفوعاً فثبت عنده رفعه، هذا بالنسبة للموضع الرابع.

الموضع الأول: وهو رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام لم يختلف في مشروعيته في الجملة، وعامة أهل العلم على أنه سنة، وأوجبه بعض أهل العلم، الحميدي شيخ البخاري، وداود الظاهري، وبعض أهل العلم أوجبوا رفع اليدين في هذا الموضع، وأما مجرد المشروعية والقول بالاستحباب، فهذا لم يختلف فيه، حتى الحنفية الذين لم يقولوا برفع اليدين في بقية المواضع يرون مشروعية الرفع في هذا الموضع.

يرفع يديه مكبراً قائلاً: الله أكبر، على ما تقدم في تكبيرة الإحرام، إلى فروع أذنيه، أو إلى حذو منكبيه، وبهما جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديث وائل بن حجر، وحديث ابن عمر وغيرهما، ومنهم من يرجح، والإمام أحمد كأنه يميل إلى حذو المنكبين، ولو رفع إلى فروع الأذنين فحسن، لكن المرجح عنده حذو المنكبين، ولا شك أن دليله صحيح، وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي حميد وغيره.

"حذو منكبيه" يعني مقابل منكبيه، بإزاء منكبيه، وجاء أيضاً من حديث ابن عمر وغيره "إلى فروع أذنيه" وهذا الاختلاف ليس باختلاف تضاد إنما هو تنوع، فلو رفع حذو المنكبين أحياناً، وإلى فروع الأذنين أحياناً فقد عمل بالسنة، ومنهم من يرى التوفيق بين هذه الأحاديث بأن تكون ظهور اليدين حذو المنكبين، وأطراف الأصابع إلى فروع الأذنين، ويرون أن فروع الأذنين منتهى الرفع، وحذو المنكبين بدايته، يعني أوله.

على كل حال الأمر في هذا سهل، لكن الإشكال فيما يفعله كثير من المصلين ويشاهد بكثرة من غير نكير، بل بعض من ينتسب إلى طلب العلم يفعل ذلك، يرفع رفعاً لا يجاوز السرة، وهذا عبث لا تتأدى به السنة، ولا تتحقق به إلا شخص في يديه عسر، لا يستطيع رفعهما أكثر من ذلك، فهو معذور، يرفع إلى القدر الذي يستطيعه، وإذا كانت يده لا تطاوعه فتنثني بحيث إذا رفعها تعدت رأسه؛ لأن بعض الناس يده لا تطاوعه، فإن رفعها تجاوزت الرأس، فمثل هذا يقال له: ارفع ولو تعديت السنة أو لا ترفع؟ لأنه بين أمرين، إما أن يترك الرفع بالكلية، أو يرفع رفعاً زائداً على القدر المشروع، نعم؟

طالب:.......

نعم يرفع.

طالب:.......

يعني ما هو مشاهد أن بعض الناس ما يستطيع أن يثني يده، فإما أن يرفع رفعاً يسيراً، أو يرفع رفعاً..؛ لأنه لا يستطيع أن يثني يده فترتفع يده فوق رأسه هكذا، نعم؟

طالب:.......

يعني هل مجرد تحريك اليد هكذا هو رفع وإلا..؟

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

الأولى ماذا؟

طالب:.......

الأولى عدم الرفع يقول أخونا، نعم؟

طالب: يفعل الذي يستطيع.

نعم هو يفعل ما يستطيع، فإما أن لا يرفع لأن مجرد تحريك اليد ليس برفع، وقد يستطيع أن يرفع إلى جهة الأمام، أو يرفع إلى ما يحاذي الأذنين وهي بعيدة عنهما، بعيدة عن الأذنين هكذا يستطيع أن يرفع بما يحاذي فروع الأذنين، هل نقول: إن هذا فعل ما استطاع مع أن هذه الصورة ليست هي الصورة المشروعة ولا تقرب منها، لكن إذا حاذى الأذنين، وحاذى المنكب ببعض اليد ولو في أثنائها قرب من الصورة المشروعة نعم؟

طالب:.......

الحكمة ليست منصوصة، وإنما هي مستنبطة، يقولون: إشارة إلى رفع الحجاب بين العبد وبين ربه، هاه؟

طالب:.......

على كل حال العلل كلها مستنبطة، يعني ليس هناك  شيء منصوص، المسألة مفترضة في شخص لا تطاوعه يده فيها تصلب، وترون أحياناً بعض الناس فيه شيء من هذا، فإما أن يرفع هكذا بعيدة كل البعد عن الأذنين، أو يقرب من الأذنين، لكن ترتفع يده، وإذا ارتفعت يده لصلابة فيها هل نقول: إنه تجاوز القدر المشروع أو لا؟ طيب مثل هذا كيف ننصحه؟ ماذا نقول له: افعل أو اترك؟

طالب: الذي يظهر يا شيخ أنه يفعل، تجاوز القدر المشروع معفو عنه في مثل هذه الصورة.

أولاً: لأنه غير مقصود، الأمر الثاني: أن القدر المشروع لا يستطاع، وهو أقرب إلى الصورة المشروعة، يعني كونه يتجاوز هكذا أقرب إلى الصورة المشروعة من كونه يمدها أمامه، أو لا يفعل شيئاً.

"ويرفع يديه إلى فروع أذنيه أو إلى حذو منكبيه" وبهما وردت الأحاديث الصحيحة، وإن فعل هذا أحياناً وذاك أحياناً فلا بأس كله حسن، وإن عمل بالجمع الذي أشار إليه الإمام الشافعي -رحمه الله-، وأن حذو المنكبين لظهور الأكف، وأطراف الأصابع تحاذي فروع الأذنين، نعم؟

طالب:.......

صفة واحدة على هذا، بالجمع تكون صفة واحدة، وإذا قلنا: إنه اختلاف تنوع تكون صفات، نعم؟

طالب:.......

إذا أمكن الجمع هو الأصل وهو المقدم.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

لا، الجمع ليس فيه تنويع، الجمع صورة واحدة.

طالب:.......

نعم لأنك إذا عملت بواحد ألغيت الثاني، وإذا عملت بالثاني ألغيت الأول، لكن إذا جمعت، هذا حين لا يمكن الجمع بصورة واحدة، إذا لم يمكن جمع النصوص بصورة واحدة، إذا أمكن جمعها في صورة واحدة تكون عملت بجميع النصوص في كل الصلوات.

طالب:.......

هذا إذا لا يمكن التوفيق بينها، تقول: اختلاف تنوع، وتكون عملت بكل النصوص لا على سبيل الاطراد، إنما أحياناً تعمل بهذا، وأحياناً تعمل بهذا، ومعلوم أنك إذا عملت بهذا تركت هذا؛ لأنه لا يمكن الجمع بينها، لكن في مثل هذه الصورة مع كلام الإمام الشافعي -رحمه الله-، وهو أن فروع الأذنين هذا منتهى الرفع، ويحاذي أطراف الأصابع هكذا، وظهور الأكف تحاذي المنكبين، نعم؟

طالب:.......

لا، لا هذه ليست بصحيحة.

طالب:.......

لا، لا كثير من المصلين يدخل إبهاميه في أذنيه، وهذا شاهدناه، يدخل إبهامه في أذنيه، أو يجعل شحمة الأذن في الإبهامين وهذا مشاهد، وهذا ليس عليه أثارة من علم.

"ثم يضع يده اليمنى على كوعه اليسرى" أين الكوع؟

طالب:.......

نعم؛ لأن العرف يطلقون الكوع على المرفق، والعامة إذا أرادوا أن يعبروا عن جهل إنسان قالوا: هذا لا يعرف كوعه من كرسوعه، وإذا سألت القائل وجدته لا يعرف في غالب الأحوال.

عظم يلي الإبهام كوع وما يلي

 

لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط

يعني الوسط بينهما.

وعظم يلي إبهام رجل ملقب ببوع

 

خذ بالعلم واحذر من الغلط
ج

فالكوع الذي هو العظم الذي يلي الإبهام.

ثم يضع يده اليمنى على كوعه اليسرى، لكن المراد بالكوع هنا ما يشمل كل ما يحاذيه هكذا، كل ما يحاذيه، ولا يختص بالكوع الذي يلي الإبهام.

"على كوعه اليسرى، ويجعلهما تحت سرته" يجعل اليدين تحت سرته، قبض اليد اليسرى باليمنى هذا هو السنة، وبه ثبتت الأحاديث الكثيرة جداً عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبه يقول جماهير أهل العلم، ويذكر عن مالك، بل رواية معروفة مشهورة عند أصحابه، بل لو قيل: إن العمل عليها عند جمهور المالكية لما بعد، كثير متداول في كتبهم أن الإمام مالك يرى إرسال اليدين لا القبض.

طوائف المبتدعة الذين ترونهم في الحرمين يرسلون أيضاً مثل الشيعة، ومثل الإباضية وغيرهم، فالذي يذكر عن الإمام مالك مع مخالفته بالسنة، والإمام مالك -رحمه الله- من أعرف الناس بالسنن، بل هو نجم السنن، وعاش في بلد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يتصور أنهم تواطئوا على ترك هذه السنة، مما يقوي أن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- إنما فعل ذلك مضطرا إليه لما ضرب، ضرب الإمام مالك أو ما ضرب؟

طالب:.......

هكذا يقول بعض أصحابه، بحيث لم يستطع القبض، ومنهم من يقول: إن الإمام مالك رجع، نُقل عن الإمام مالك أنه رجع عن الإرسال إلى القبض، وهذا هو اللائق  بأهل العلم إذا بلغتهم السنة أنهم يرجعون، على كل حال هذا القول معروف عند المالكية، ومشهور عندهم، ومستفيض في كتبهم.

وقول آخر وهو منقول عن الإمام مالك القول بالقبض مع أن بعض المبتدعة يقولون في القبض: إنه لا يجوز فضلاً عن كونه مشروعاً، ويستدلون عليه بقوله: {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} [(67) سورة التوبة] ومنهم من قال: إنه ينافي الخشوع، وهذا كله لا قيمة له، نعم؟

طالب:.......

إلا.

طالب:.......

يتركها باستمرار؟

طالب:.......

بيان الوجوب إنما يتم في بعض الأحيان، إذا خشي العالم من ظن العامة أن هذا العمل واجب، ولا يجوز تركه يتركه أحياناً، ويؤجر على هذا، لكن يكون ديدنه الترك لا، فهم يقولون: إن الإمام مالك ما كان يصنعه، ما كان يفعله، ولا يرى مشروعيته، وهذه رواية معروفة عند المالكية عنه، ورواية أخرى وهي ثابتة عنه القول كقول الجمهور بالقبض.

"ويجعلهما تحت سرته" لحديث علي -رضي الله عنه-: من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة، لكن هذا الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ، ما صححه أحد من الأئمة، وقول الصحابي من السنة له حكم الرفع لو ثبت، لكن ما دام الخبر ضعيفاً فلا يلتفت إليه، وأصح شيء في هذا الباب حديث وائل بن حجر عند ابن خزيمة أنها توضع على الصدر، ويرد حديث علي -رضي الله تعالى عنه- المنسوب إليه مما ذكرناه تفسيره لقول الله -جل وعلا-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] أن المراد به وضع اليدين على النحر في الصلاة، وليس المراد بوضعهما على النحر يعني ما يشبه الغِل أو الغُل؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

الغُل نعم، نعم الغِل الحقد، والغُل واحد الأغلال، فوضعهما على الصدر هو السنة.

من أهل العلم من يقول: إنه مخير، ما دام جاء فيه هذا وهذا فهو مخير، إن شاء وضعهما على الصدر، وإن شاء فوق السرة على البطن، وإن شاء تحت السرة، لكن ما دام وجدنا الصحيح في المسألة وما يقابله ضعيف فالعمل على الصحيح.

"ثم يقول مستفتحاً الصلاة بعد تكبيرة الإحرام" نعم؟

طالب:.......

جاء فوق سرته وتحت سرته كلها ضعيفة، نعم؟

طالب:.......

يعني مثل ماذا؟

طالب:.......

نعم يقبض، وذكروا صفات، منهم من يقول: يضعها ولا يقبض، ومنهم من يقول بالقبض، ومنهم من يقول: على الساعد بدلاً من الرسغ، نعم، على كل الصفات هذه أولاها.

"ثم يقول مستفتحاً" يعني بعد تكبيرة الإحرام، ووضع اليدين على الصدر، بعد قبض اليسرى باليمنى على الصفة المشروحة "يقول مستفتحاً" بدعاء الاستفتاح المعروف الثابت في صحيح مسلم من حديث عمر حيث علمه الصحابة، وسياقه سياق الموقوف على عمر، فيقول: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك".

هذا الاستفتاح مقدم عند الحنابلة على غيره من أنواع الاستفتاحات، مع أنه وردت صيغ كثيرة في الاستفتاح، ومن أصحها -إن لم يكن هو الأصح- حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما حيث سأل النبي -عليه الصلاة والسلام-: أرأيت سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول؟ فقال: ((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب...)) إلى آخره، وهذا في الصحيحين، مصرح فيه بالرفع، وهذا في مسلم سياقه سياق الوقف، لكن هل يمكن أن يقول عمر مثل هذا الدعاء المرتب بهذه الصيغ من تلقاء نفسه؟ من غير توقيف من النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أهل العلم يقولون: هذا له حكم الرفع، وإن لم يصرح عمر برفعه، وذكره عمر -رضي الله تعالى عنه- على المنبر، ولم يستدرك عليه أحد من الصحابة، والمرجحات لهذا الاستفتاح على غيره من أنواع الاستفتاح، أو من صيغ الاستفتاح استوفاها ابن القيم في الهدي، في زاد المعاد، وجعله أولى من غيره، والحنابلة يعتمدونه مع أن حديث أبي هريرة أصح منه في الصحيحين وغيرهم، وهناك أنواع استفتاحات، وصيغ وألفاظ وجمل استفتح النبي -عليه الصلاة والسلام- بها صلاته، فمنها ما يحمل على صلاة الليل ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة...)) إلى آخره، ومنها ما أطلق فيه أنه استفتح به، فيسوغ أن يستفتح به في الفريضة والنافلة للمنفرد والجماعة، إلا أن الاستفتاحات المطولة مما يشق على المأموم ينبغي أن تكون في حال الانفراد، ولا يمنع أن يستفتح بها أحياناً.

أما الجمع بين أكثر من استفتاح فلا؛ لأن بعض الناس يقول ما دامت الاستفتاحات كلها ثابتة لماذا لا يجمع بينها؟ فتسمع من بعض الناس، سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره، ثم يقول: اللهم باعد بيني وبين خطايا، وقال بهذا بعض من ينتسب إلى العلم، يعني مثلما قيل في الصلاة خير من النوم لا حول ولا قوة إلا بالله، يجمع بينها، فيقول: الصلاة خير من النوم للدليل العام، أقول مثل ما يقول، ويقول: ربنا ولك الحمد للدليل الخاص، فيجمع بينها.

المقصود أن هذه الاستفتاحات من النبي -عليه الصلاة والسلام- الصحيحة الثابتة يراوح بينها، فمرة يستفتح بهذا ((سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)) ثم يستعيذ، ويستفتح أحياناً باستفتاحات أبي هريرة، وأحياناً بغيرهما من أنواع الاستفتاحات الثابتة.

الإمام مالك -رحمه الله تعالى- لا يرى دعاء الاستفتاح، تكبير ثم الحمد لله رب العالمين، لا استفتاح ولا استعاذة ولا بسملة؛ لما جاء في الحديث أنهم كانوا يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، وفي بعض الألفاظ يستفتحون الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين، والمراد بالصلاة التي تستفتح بالحمد هي الفاتحة، القراءة؛ لحديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)) والمراد الفاتحة، واستفتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين يعني بالسورة، واستفتاحه بالسورة لا ينفي ما قبلها، استفتاح القراءة لا ينفي استفتاح الصلاة بما قبلها.

"ثم يستعيذ" للأمر العام {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ} [(98) سورة النحل] وجاء في صفة قراءته -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو قال: أعوذ بالله، هذا الأصل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [(98) سورة النحل] ولو قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم لكان حسناً؛ لأنه جاء في بعض الروايات أنه كان يقول هكذا -عليه الصلاة والسلام-، ويدل له {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [(36) سورة فصلت] وعلى كل حال الأمر في هذا سعة، سواءً كان في الصلاة أو خارج الصلاة، إن قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فحسن، وإن زاد السميع العليم فحسن.

طالب: لو انشغل بالاستفتاح والاستعاذة ألا يتمكن من قراءة الفاتحة أو من إتمامها؟

أما عند من يقول بلزوم قراءة الفاتحة لكل مصلٍ فإنه يحرص على أداء ما أوجب الله عليه ويترك المستحب، يبدأ بالفاتحة إذا خشي من ضيق الوقت، أن الإمام يركع يقرأ الفاتحة، والحنابلة باعتبار أن المأموم لا تلزمه قراءة الفاتحة يقولون: يستفتح ويستعيذ، ويأتي بما يستطيع.

"ثم يستعيذ، ويقرأ الحمد لله رب العالمين، ويبتدئها ببسم الله الرحمن الرحيم، ولا يجهر بها" في حديث أنس: "صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" وبهذا يستدل الإمام مالك أن البسملة غير مشروعة، والخلاف في البسملة، وهل هي آية من الفاتحة فقط؟ أو ليست بآية مطلقاً؟ أو آية في كل سورة من سور القرآن؟ أو آية واحدة نزلت للفصل بين السور؟ خلاف معروف بين أهل العلم.

فمنهم من يرى أنها آية من الفاتحة فقط، وهذا قول الشافعية، ورواية عند الحنابلة، ومنهم من يرى أنها ليست بآية مطلقاً، ومنهم من يرى أنها آية في بداية كل سورة ذكرت معها، بعد إجماعهم على أنها ليست بآية من التوبة، وأنها بعض آية في سورة النمل، هذا محل إجماع، والخلاف فيما عدا ذلك، وهناك قول بأن البسملة آية نزلت للفصل بين السور، هي آية واحدة نزلت للفصل بين السور، فهي قرآن، لها أحكام القرآن، لكنها ليست بمائة وثلاثة عشرة آية كما في القول الآخر، والاستدلال لهذه الأقوال، والمسألة من عضل المسائل؛ لأن المسألة تتعلق بالقرآن، والقرآن الثابت بالقطع أنه محفوظ من الزيادة والنقصان، فمن قال: هي آية من كل سورة قال: إجماع الصحابة على كتابتها في المصحف دليل على أنها آية، بدليل أنهم لم يكتبوا غير القرآن، والذي يقول: إنها ليست بآية، يستدل باختلاف العلماء فيها، إذ القرآن لم يختلف في حرف منه، ولا يسوغ الخلاف في حرف واحد من القرآن، ولو كانت من القرآن لما ساغ الاختلاف فيها، والقول السابق يستدل بإجماع الصحابة على كتابتها، وتواتر وتتابع الأمة على إثباتها وقراءتها في الصلاة وخارج الصلاة مع هذه السورة.

والذي يميل إليه شيخ الإسلام -رحمه الله- أنها آية واحدة تنزل مع كل سورة للفصل بينها وبين التي قبلها، وليست مائة وثلاث عشرة آية، وعلى كل حال سواء قلنا: هي قرآن، أو ليست بقرآن؟ هي تقرأ، تقرأ مع القرآن، تقرأ معه داخل الصلاة وخارجها.

وقوله: يقرؤوا، أو يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين يعني القراءة بالسورة، والسورة تستفتح بالبسملة، ولما نزلت سورة الكوثر قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أنزل علي سورة هي ثلاث آيات)) فقرأ: ((بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [(1) سورة الكوثر] فدل على أنها تقرأ، وأنها ليست بقرآن، يعني ليست من السورة نفسها؛ لأنها ثلاث آيات بدون البسملة، وكونه قرأها معها دليل على أنها تقرأ.

"يقرأ: الحمد لله رب العالمين" في صحيح مسلم من حديث أنس: "فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم لا في أول القراءة ولا في آخرها" وهذا في الصحيح، في صحيح مسلم، لكنه خبر معل، لماذا؟ لأن الراوي توهم أن قول أنس: "يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" أنهم لا يذكرون قبل الحمد شيئاً، يعني لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، توهم فروى على حسب وهمه، ومثَّل الحافظ العراقي لعلة المتن بهذا، فقال:

وعلة المتن كنفي البسمله

 

إذ ظن راوٍ نفيها فنقله

يعني توهم الراوي أنه ما دام يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ما في بسملة، والحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- قال: "يحمل عدم الذكر على عدم الجهر" فوجه الخبر وصانه من العلة والضعف؛ لأنه في الصحيح على محمل صحيح، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها يعني جهراً، يعني لا يذكرون، لا يجهرون، والقراءة سراً التي لا يسمعها المأموم، ما لا يسمعه المأموم يصح نفيه؛ لأنه ما سمع، نعم؟

طالب:.......

من قبله، يعني أنت لو يقرأ الإمام سراً سورة الأعلى فيقال: هل قرأ سورة الأعلى؟ تقول: لا، ما قرأ؛ لأني ما سمعته، فنفيك عدم القراءة بناءً على نفي السماع، فهذا الراوي ظن أو نفى الذكر، والمقصود به نفي السماع، لا سيما وأن هذا الراوي يعتمد على فهم لكلام أنس، كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولو كانت البسملة تقرأ لسمعت كالفاتحة، وهذا الجمع جيد، صيانة الصحيح مطلوبة، والخبر في صحيح مسلم، منهم من يعله بأنه من رواية قتادة، وقتادة ولد أكمه، بالمكاتبة وقتادة ولد أكمه، فكيف يكتب أو يُكتب له؟ على كل حال هذه العلل ليست بشيء إذا توجه كلام الحافظ ابن حجر، وصنا الصحيح عن مثل هذا.

"ويقرأ والحمد لله رب العالمين" وقراءة الفاتحة..، نعم؟

طالب:.......

لا لا، حتى وجهه في البلوغ.

"يقرأ الحمد لله رب العالمين" يعني في إلى آخر السورة، كما جاء في الحديث الصحيح: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله -جل وعلا-: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: مجدني عبدي)) قال ماذا؟ ((أثنى علي عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي...)) إلى آخره، ثم قال: ((هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)) فتكون الصلاة مقسومة قسمين.

إذا قلنا: بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة فهل تنقسم الفاتحة إلى نصفين؟ هل يمكن قسمتها إلى نصفين؟ يكون لله -جل وعلا- منها أربع آيات، الآن الآية الأولى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [(2) سورة الفاتحة] الثانية: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} [(3) سورة الفاتحة] الثالثة: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [(4) سورة الفاتحة] ثم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(5) سورة الفاتحة] هذه بينهما، فيكون ثلاث آيات ونصف لله -جل وعلا-، وثلاث آيات ونصف للعبد، والسورة سبع آيات بالاتفاق، هناك قول شاذ بأنها ست، وآخر بأنها ثمان، كلاهما شاذ، فالفاتحة بالاتفاق سبع آيات، فإذا أضفنا إليها البسملة صارت؟

طالب:.......

حتى على قول بأنها سبع.

طالب:.......

نعم {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] تصير واحدة فتكون سبعا بالبسملة، لكن يكون لله -جل وعلا- أربع آيات ونصف، وللعبد آيتان ونصف، و((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)) مخالف لهذا التقسيم، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

إذا قلنا: بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة، وفي الحديث القدسي: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين)) أولاً: ما ذكر البسملة في هذا الحديث الصحيح، فدل على أنها ليست منها، لكن على سبيل التنزل أنها منها، فجعلنا لله -جل وعلا-: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [(1-4) سورة الفاتحة] ونصف: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(5) سورة الفاتحة] كم يكون لله -جل وعلا-؟ أربع ونصف، ويكون للعبد آيتين ونصف، حتى تكون الآيات سبعا؛ لأنها سبع آيات بالاتفاق، على كل حال مسألة البسملة وهل هي آية أو ليست بآية؟ فيها كلام طويل لأهل العلم، نعم؟

طالب:.......

ما تأتي، في بعض الأحرف آية، لكن مسألة الخلاف الذي يوهن ويضعف القول بأنها آية مسألة الخلاف فيها، القرآن بالاتفاق ليس فيه خلاف، حتى قال أهل العلم: لو خالف أحد في حرف من القرآن يكفر نسأل الله العافية.

على كل حال المسألة طويلة الذيول، ومباحث أهل العلم لا تنتهي في مثل هذا، ومسألة من عضل المسائل، وعلى كل حال حمل قول أنس -رضي الله تعالى عنه-: "يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" على عدم الجهر، فيكون التكبير جهرا، والاستفتاح سرا، والاستعاذة والبسملة كذلك سرا؛ لأنهم يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، وجاء ما يدل على الجهر بالبسملة، وهو قول الشافعية، لكن الإسرار بها في النصوص أكثر وأقوى، وهو الراجح، لكن لو جهر بالبسملة أحياناً فلا بأس، نعم؟

طالب:.......

على كل حال ما دام يجهر بالآية أحياناً في صلاة الظهر، فالجهر بالبسملة لا يضر حتى على القول أنه لم يرد أصلاً، مع أنه ورد ما يدل عليه، وبه يتمسك الشافعية.

طالب: عفا الله عنك الجهر بها خاص بالفاتحة أو حتى مع السور الأخرى؟

الثاني سيأتي الآن، في السورة الثانية ولا يجهر بها.

طالب: قصدي إذا قيل: إنه لا بأس أن يجهر بها التعليل؟

قلنا: يجهر بها أحياناً، لا يمنع أن يجهر بها في الفاتحة، وكذلك السور الأخرى، كلها حكمها واحد.

الشيخ عبد الله بن الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب يقول في رسالته إلى أهل مكة: "ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة، ولا نصلي خلف الحنفي الذي لا يطمئن في صلاته" لأن الأثر كبير أو يسير؟ في البسملة يسير، لا يؤثر على الصلاة، لكن في الطمأنينة؟ الطمأنينة ركن من أركان الصلاة مؤثر، وهكذا ينبغي أن ينظر إلى الإمام بهذه النظرة، فإن كانت مخالفته للمأموم محتملة، ولا أثر لها في صحة الصلاة فليتابع وإلا فلا، لكن إذا كان المأموم يرى بطلان صلاة الإمام، والإمام يرى صحة صلاته، ولكل منهما دليله، الإمام لا يرى الوضوء من لحم الإبل مثلاً، فأكل من لحم الإبل وصف يصلي، والمأموم يرى أن صلاته باطلة؛ لأنه صلى من غير طهارة، فهل نقول: يصلي وراءه أو لا يصلي؟ هاه؟

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

مثل هذه الأمور المؤثرة على حسب عمدتها والمعول عليها، الآن أنا مأموم أرى نقض الوضوء من لحم الإبل، والإمام يرى عدم نقض الوضوء من لحم الإبل، وأنا في قرارة نفسي أن رأيي هو الراجح، لكن رأي الخصم، الرأي المقابل، رأي الإمام له حظ من النظر أو ليس له حظ؟ له حظ كبير من النظر، وأهل العلم يقولون: من صحت صلاته صحت إمامته، صلاته صحيحة، هل يمكن أن يؤمر بالإعادة؟ لا يؤمر بالإعادة، فمن هذه الحيثية يصلى وراءه، لكن من تورع وقال: والله ما دام أني أعتقد أن صلاته باطلة لا أصلي وراءه، لا سيما عند الحنابلة الذين يقولون: تبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه، من تورع وبحث عن غيره؛ ليؤدي فرضه بيقين هذا الأصل ، وإن لم يجد غيره فالأمر فيه سعة، ما دام قوله وجيه، وله حظ من النظر وإن كان مرجوحاً عندي.

طالب: ما الفرق بين هذه -سلمك الله- وبين الاختلاف في القبلة، كل واحد يرى صحة صلاته في نفسه، وبطلان صلاة صاحبه، ونقول: لا يقتدي أحدهما بالآخر؟

إيه، لا يقتدي أحدهما بالآخر؛ لأن القبلة والجماعة إنما شرعت للائتلاف؛ ولأن الاقتداء في مسألة الطهارة لا يترتب عليه اختلاف في الوجهة، يعني لو أن واحداً رأى أن القبلة هنا، والثاني هنا، فيقتدي وهذا إلى جهة وهذا إلى جهة، ليس مثل مسألة الوضوء من لحم الإبل التي الوجهة فيها واحدة، ولا خلاف لا في سورة ولا في شيء.

طالب:.......

لا لا، يختلف هذا عن هذا، يعني ما يمكن أن يقتدي شخص يصلي إلى الشمال والآخر إلى الجنوب، يعني  هذا مخالفة في الظاهر فضلاً عن الباطن، لكن هناك مسائل: لو كان الإمام لا يرى رفع اليدين، والمأموم يرى أو العكس، هذه مخالفة، لكنها لا تقتضي مفارقة، لو كان الإمام يرى جلسة الاستراحة أو العكس والمأموم لا يراها، قلنا: أيضاً هذه لا تقتضي مفارقة؛ لأنه اختلاف يسير غير مؤثر في الصلاة، حتى لو جلس الإنسان للاستراحة والإمام لا يجلس ما يؤثر؛ لأنها ليست بطويلة يعني، حتى لو كان الذي يجلس في الاستراحة يقوم قبل بعض المأمومين الذين لا يجلسونها.

على كل حال مثل هذه الأمور تراعى، ولا ينبغي الاختلاف في الظاهر؛ لأن الاختلاف في الظاهر يؤدي إلى الاختلاف في الباطن، ما لم يكن هناك حجة ملزمة، نعم؟

طالب:.......

ذكر بسم الله؟

طالب:.......

هو قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، وبعض الروايات وإن لم تكن في الصحيح "فاقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر".

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

إيه ما فيها، كل النصوص إذا قيل: اقرأ سورة البقرة هل ينص على البسملة؟ ما ينص عليها.

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

لا، تقبض، القبض معروف.

طالب:.......

ماهو؟

طالب:.......

نعم معروف هذه صورة من الصور، الثاني القبض الذي أشرنا إليه، والثالث على الساعد.

طالب:.......

صحيح، لكن القبض أرجح وأولى.

"ويقرأ الحمد لله رب العالمين، يبتدئها ببسم الله الرحمن الرحيم، ولا يجهر بها" وعدم الجهر بها هو الراجح على ما ذكرنا، والشافعية يرون الجهر، ولهم ما يستمسكون به، ويستدلون به، لكن أدلة الإسرار أقوى.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.

يقول -رحمه الله تعالى-: "فإذا قال: ولا الضالين، قال: آمين" وهذا في الصلاة وخارجها، يسن التأمين، ويقولها كل مصلٍ، من إمام ومأموم ومنفرد، ويقولها أيضاً خارج الصلاة، فإذا قرأ الفاتحة وفرغ منها قال: آمين، وفي الحديث: ((إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)) ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) مقتضى هذا الحديث أن تأمين المأموم يقع بعد تأمين إمامه، مثل: ((إذا كبروا فكبروا)) فإذا فرغ الإمام من قول: آمين، يؤمن المأموم، لكن هل هذا الفهم صحيح أو في الحديث ما يرده؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

مثل ما ذكرنا يعني، إما الفراغ منه، فعل ماضي، أو الشروع فيه، أو إرادته، الآن لو قلنا بالمفهوم الظاهر من الخبر: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) مثل: ((إذا كبر فكبروا)) لا نكبر، لا نوافق الإمام في التكبير، بل إذا فرغ من تكبيره نكبر، فهل إذا فرغ من تأمينه نؤمن أو نؤمن معه في وقت واحد؟ نعم؛ لقوله: ((فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة)) يدل على التوافق بين الإمام والمأموم والملائكة، ويدل لذلك قوله في الحديث الآخر: ((وإذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين)) وهذا الحديث يستدل به من يقول: إن الإمام لا يقول: آمين، بل يكون من نصيبه {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] والمأموم يقول: آمين، نظير ما قالوا: فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فالمأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، والإمام لا يقول: ربنا ولك الحمد، لكل منهما ما يخصه.

لكن الصحيح أن الإمام والمنفرد يقولان: سمع الله لمن حمد، وأما بالنسبة لربنا ولك الحمد فيقولها كل مصلٍ، ربنا ولك الحمد، وجمع بينهما النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولذا يرى الشافعية أن الإمام والمأموم وكل مصلٍ يقول: سمع الله لمن حمد ربنا ولك الحمد، وهذا سيأتي في الدرس القادم -إن شاء الله تعالى-.

الذي يهمنا الآن مسألة التأمين، فإذا قال المصلي: ولا الضالين، قال: آمين، والقارئ عموماً إذا قال: ولا الضالين، قال: آمين، ويقولها المأموم مع إمامه موافقة، هل يتحرى المأموم أن يكون قوله: آمين بعد فراغه من الفاتحة، أو لا علاقة لقوله: آمين بقراءته إنما هو ينظر إلى قراءة إمامه؟ نعم؟

طالب:.......

الآن المطلوب إذا قال: ولا الضالين...، ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) بغض النظر عن موافقة قراءتكم لقراءته، والغالب أنه لا تتفق قراءة الإمام مع المأموم إلا إذا كان ممن يتتبع خطاه، يعني يقرأ وراءه، إذا قال الإمام: الحمد لله رب العالمين، قال: الحمد لله رب العالمين، لا سيما إذا كان هناك سكتات يسيرة من الإمام يستغلها المأموم، وإلا فالأصل أن القراءة منفصلة عن قراءة الإمام.

فيقول: آمين، إذا قال الإمام: ولا الضالين، بغض النظر عن كونه وصلها أو لم يصلها، افترض أن المأموم يقرأ خلف إمامه، وقلنا: إن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها بالنسبة لكل مصلٍ إلا المسبوق، فقال المأموم: أخشى أن يقرأ الإمام سورة قصيرة جداً بعد الفاتحة لا أتمكن من قراءة الفاتحة، وهي ركن، فأقرأ من أول قراءته، ففرغ الإمام من قراءة الفاتحة فقال: ولا الضالين، والمأموم في أثنائها، قال المأموم: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(5) سورة الفاتحة] فقال الإمام: ولا الضالين، يقول: آمين أو ما يقول؟ يقول: آمين؛ لأنه مأمور بقولها بعد قول الإمام: ولا الضالين.

طالب:.......

للإمام نعم، موافقة لتأمين الإمام؛ لأن المأمومين لا يمكن أن يتفقوا.

طالب:.......

لا بد، نعم هم يتبعونه، فإذا قال: ولا الضالين، فقولوا: آمين، بغض النظر هل وصلتموها في قراءتكم أو لا؟ احتمال ما شرع المأموم في القراءة، يقول: آمين مع الإمام بغض النظر عن قراءته، فإذا فرغ من الفاتحة قال: آمين.

طالب:.......

لا، موافقة الإمام.

طالب:.......

لا، الإمام يأخذ نفسا بعد آمين.

طالب:.......

لا لا، ما يقول: ولا الضالين ويسكت، لا، إلا عند من يقول: إن الإمام يقول: ولا الضالين، والمأموم يقول: آمين، والإمام لا يقول: آمين عند بعضهم؛ لأنه يفهم من قوله: ((فإذا قال: ولا الضالين، فقولوا: آمين)) أنه لا يقول: آمين.

طالب:.......

ولا الضالين آمين من دون فصل، والسكتة إن وجدت على ما سيأتي تكون بعد آمين.

كون المأموم يقحم آمين تبعاً لإمامه بين قراءته بين الآيات التي يقرأها من الفاتحة يحتمل أو ما يحتمل؟ الاحتمال قائم.

ننظر في مسألة أخرى: عندنا من يطوف بالبيت ويقرأ القرآن متتابعاً في الطواف، إذا جاء إلى الركن يكبر في أثناء قراءته أو ما يكبر؟ يكبر، يقول بين الركنين: ربنا آتنا في الدنيا حسنة أو لا يقول؟ إذا كانت آيات متتابعة، افتتح سورة وما انتهت، هل يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة في أثناء السورة؟ افترض أنه يقرأ آية الدين، هل يقف في أثنائها ويقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة أو لا يقف؟ نعم؟ أو يترك هذه السنة لأنه منشغل بغيرها؟

طالب: يأتي بها، ويستأنف الآيات من جديد.

إذا كان مروره بين الركنين بين سورتين هذا ليس فيه إشكال، لكن الكلام بين آيتين، أو في أثناء آية كآية الدين، نعم؟

طالب: يأتي بها فصل يسير لا يؤثر.

يعني كما لو مرت به آية رحمة فسأل، أو آية عذاب فاستعاذ، يعني يأتي بها ولا يضر.

طالب: وكما لو سلم عليه فرد السلام يا شيخ.

نعم هذا الذي يظهر أنه يأتي بالمشروع، ويعود إلى ما هو بصدده.

لو مرت به آية سجدة وهو يطوف يسجد أو ما يسجد؟ هاه؟

طالب:.......

ما في زحام، يعني كونه يسجد يؤثر في طوافه أو ما يؤثر؟ يعني لو أقيمت صلاة مكتوبة، وقطع الطواف وصلى ثم استأنف، طوافه صحيح أولا؟ صحيح، صلاة جنازة يقطع أو ما يقطع؟ يقطع ثم يستأنف ولا شيء عليه.

طيب السجدة؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

سنة قيل بوجوبها، الحنفية يوجبونها، وشيخ الإسلام يوجبها، فهي متأكدة جداً، فهل مثل هذا مؤثر؟ لو عطش عطشاً شديداً فاحتاج أن يشرب، يؤثر أو ما يؤثر؟ لا يؤثر، فمثل هذه الأمور اليسيرة ما تؤثر، نعم؟

طالب:.......

يمد مدا مثله، آمين فيها لغات، تقال بالمد وتقال بالقصر.

طالب:.......

الموافقة أعم من أن تكون في الوقت، الوقت وحضور القلب والإخلاص والخشوع، يعني من وافق تأمينه تأمين الملائكة من كل وجه، هذا ليس فيه إشكال، لكن كالموافقة في الصورة الظاهرة تقود إلى الموافقة في الباطن، فعلى الإنسان أن يستحضر؛ لأن التأمين دعاء، والله -جل وعلا- لا يستجيب من قلب غافل.

طالب:.......

إذا لم يكن للإمام سكتات، وقلنا بوجوبه على كل مصلٍ........

طالب:.......

إن كان عرف من عادة إمامه أنه يمكنه من القراءة في سكتة أو غيرها ينتظر، والسكتات المروية سكتتان، الأولى متفق عليها، وهي التي بين التكبير والقراءة هذه متفق عليها، الثانية مختلف فيها حتى جعل بعضهم السكتات ثلاث، فجاء ما يدل على أن السكتة بعد قراءة الفاتحة، وجاء ما يدل على أنها بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع، فبعض الأحاديث ثبتت فيها السكتة قبل القراءة وبعد القراءة، بعد القراءة يحتمل أن تكون بعد قراءة الفاتحة، والاحتمال الثاني أن تكون بعد قراءته وقبل الركوع ليتراد النفس، وليست بسكتة طويلة، وأما السكتة بعد قراءة الفاتحة فاستحبها جمع من أهل العلم فهماً من هذا الحديث، وأيضاً تمكيناً للمأموم أن يقرأ الفاتحة التي هي بالنسبة له ركن، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، نعم؟

طالب:.......

الوصل، نهى عن الوصال في الصلاة، جاء ما يدل على النهي في الوصال، فلا يقول: الله أكبر الحمد لله رب العالمين، ما يصلح هذا، كما يفعل من قبل الأئمة في صلاة التراويح، ينبغي أن تكون صلاته فيها شيء من التؤدة، فيها شيء من السكون؛ لأنه قد يفوت المأموم آيات قبل أن يستتم قائماً، ومعلوم أنه إذا فاته من الفاتحة ثلاث آيات عند جمع من أهل العلم أن الركعة لا تصح، لماذا؟ لأن الفاتحة ركن القيام، ومضى أكثر الفاتحة قبل أن يستتم قائماً، فعلى هذا صلاته في خطر، على كل حال على الإمام أن يتأنى في صلاته، وإذا كبر يسكت في كل تكبيرة، سواءً كانت تكبيرة إحرام أو انتقال، نعم؟

طالب:.......

لا، مثل هذا السبق لا يؤثر، كما لو كانت قراءته أسرع من قراءة إمامه.

على كل حال إذا عرف من إمامه أنه يمكنه من قراءة الفاتحة بعد فراغه من الفاتحة فلتكن قراءته بعد قراءة إمامه، لا سيما وأن أفعال المأموم جاءت معطوفة على أفعال الإمام بالفاء، في كل أجزاء الصلاة، وليكن هذا منها.

طالب:.......

لا بد من أن يسمع نفسه.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"