التعليق على تفسير القرطبي - سورة الزخرف (04)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا. فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ "وَمَنْ يَعْشَ" بِفَتْحِ الشِّينِ، وَمَعْنَاهُ يَعْمَى، يُقَالُ مِنْهُ عَشِيَ يَعْشَى عَشًا إِذَا عَمِيَ. وَرَجُلٌ أَعْشَى وَامْرَأَةٌ عَشْوَاءُ إِذَا كَانَ لَا يُبْصِرُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:

رَأَتْ رجلًا غائب الوافدين ... مُخْتَلِفَ الْخَلْقِ أَعْشَى ضَرِيرَا"

ومن العجائب أن يكون الشاعر هو الأعشى، وهو ليس بأعمى، الأعشى ليس بأعمى، الشاعر ليس بأعمى، وإنما أعشى، ومع ذلك يقول:

رَأَتْ رجلا غائب الوافدين ... مُخْتَلِفَ الْخَلْقِ أَعْشَى ضَرِيرَا

يعني أعمى، فوصف الأعشى بأنه ضرير، وواقعه وحاله أنه أعشى، لكنه ليس بضرير.

"وَقَوْلُهُ:

أَأَنْ رَأَتْ رَجُلًا أَعْشَى أَضَرَّ بِهِ ... رَيْبُ الْمَنُونِ وَدَهْرٌ مُفْنِدٌ خَبِلُ
والْبَاقُونَ بِالضَّمِّ، مِنْ عَشَا يَعْشُو إذا لحقه ما يلحق الْأَعْشَى".

يعن الآخر المادة الألف اللينة عشا يعشى، أو آخرها الواو عشا يعشو، من رأى أن آخرها الألف قال: عشى يعشى، ومن يعشى، ومن قال: إن آخره الواو قال: عشا يعشو.

"وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْعُشُوُّ هُوَ النَّظَرُ بِبَصَرٍ ضَعِيفٍ، وَأَنْشَدَ:

مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ
وَقَالَ آخَرُ:

لَنِعْمَ الْفَتَى يَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ ... إِذَا الرِّيحُ هَبَّتْ وَالْمَكَانُ جَدِيبُ
الْجَوْهَرِيُّ: وَالْعَشَا (مَقْصُورٌ) مَصْدَرُ الْأَعْشَى، وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ، وَيُبْصِرُ بِالنَّهَارِ. وَالْمَرْأَةُ عَشْوَاءٌ، وَامْرَأَتَانِ عَشْوَاوَانِ. وَأَعْشَاهُ اللَّهُ فَعَشِيَ (بِالْكَسْرِ) يَعْشَى عَشًى، وَهُمَا يَعْشَيَانِ، وَلَمْ يَقُولُوا: يَعْشُوَانِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَمَّا صَارَتْ فِي الْوَاحِدِ يَاءً؛ لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، تُرِكَتْ فِي التَّثْنِيَةِ عَلَى حَالِهَا، وَتَعَاشَى إِذَا أَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ أَعْشَى."

إذا أرى، إذا أرى غيره.

" وَالنِّسْبَةُ إِلَى أَعْشَى أَعْشَوِيٌّ. وَإِلَى الْعَشِيَّةِ عَشَوِيٌ. وَالْعَشْوَاءُ: النَّاقَةُ الَّتِي لَا تُبْصِرُ أَمَامَهَا، فَهِيَ تَخْبِطُ بيديها كل شيء. وَرَكِبَ فُلَانُ الْعَشْوَاءَ إِذَا خَبَطَ أَمْرَهُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ. وَفُلَانٌ خَابِطٌ خَبْطَ عَشْوَاءٍ."

سواء كان العشى هذا عمى وذهابًا للبصر بالكلية أو ذهابًا لأغلبه الذي لا يلتفت إلى ذكر الرحمن الذي هو القرآن لا شك أنه سواء انصرف عنه بالكلية أو انصرف عنه بغالب قلبه والتفت إلى غيره، وإن التفت إليه نادرًا فهذا لا شك أن الشياطين تتولاه -والله المستعان-.

" وَهَذِهِ الآية تتصل بقول أول السورة: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} [الزخرف: 5] أَيْ نُوَاصِلُ لَكُمُ الذِّكْرَ، فَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذَلِكَ الذِّكْرِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ إِلَى أَقَاوِيلِ الْمُضِلِّينَ وَأَبَاطِيلِهِمْ".

وهذه الآية تجعل طالب العلم يكون أكثر اهتمامه منصبًّا إلى كتاب الله –جل وعلا-، فلا يشتغل عنه بغيره، نعم يشتغل بما ينفعه، يشتغل بما يعينه على فهم كتاب الله، وأما أن يشتغل بما لا يعينه على فهم كتاب الله فهذه غفلة عن الذكر، فيُخشَى أن يقيض له شيطان، كما هو حال كثير ممن ينتسب إلى العلم ممن انصرف عن هذا الذكر فابتُلي بالبدع، ابتُلي بالشذوذ، ابتُلي بأشياء كثيرة أثَّر ذلك على القلب ظاهرًا.

"{نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا} أَيْ نُسَبِّبُ لَهُ شَيْطَانًا جَزَاءً لَهُ عَلَى كُفْرِهِ، " فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ" قِيلَ: فِي الدُّنْيَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْحَلَالِ، وَيَبْعَثُهُ عَلَى الْحَرَامِ، وَيَنْهَاهُ عَنِ الطَّاعَةِ، وَيَأْمُرُهُ بالمعصية، وهو معنى قول ابن عباس. وَقِيلَ: فِي الْآخِرَةِ إِذَا قَامَ مِنْ قَبْرِهِ، قَالَهُ سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ. وَفِي الْخَبَرِ: أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ يُشْفَعُ بِشَيْطَانٍ لَا يَزَالُ مَعَهُ حَتَّى يَدْخُلَا النَّارَ. وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ يُشْفَعُ بِمَلَكٍ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَ خَلْقِهِ، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ.

وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَالصَّحِيحُ فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ".

الأصل أنه له قرين في الدنيا التي هي دار التكليف، والآخرة نتيجة تابعة لها.

" وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ وَالْأَزْهَرِيُّ: عَشَوْتُ إِلَى كَذَا أَيْ قَصَدْتُهُ. وَعَشَوْتُ عَنْ كَذَا أَيْ أَعْرَضْتُ عَنْهُ."

مثل رغبت فيه ورغبت عنه.

" فَتُفَرِّقُ بَيْنَ" إِلَى" وَ" عَنْ"، مِثْلُ: مِلْتُ إِلَيْهِ وَمِلْتُ عَنْهُ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ: يَعْشُ، يُعْرِضُ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ. النَّحَّاسُ: وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ. وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: يُوَلِّي ظَهْرَهُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ: تُظْلِمُ عَيْنُهُ. وَأَنْكَرَ الْعُتْبِيُّ عَشَوْتُ بِمَعْنَى أَعْرَضْتُ، قَالَ: وَإِنَّمَا الصَّوَابُ تَعَاشَيْتُ. وَالْقَوْلُ قَوْلُ أَبِي الْهَيْثَمِ وَالْأَزْهَرِيِّ. وَكَذَلِكَ قَالَ جَمِيعُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.

 وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبُ وَعِصْمَةُ عَنْ عَاصِمٍ وَعَنِ الْأَعْمَشِ" يُقَيِّضُ" (بِالْيَاءِ) لِذِكْرِ" الرَّحْمنِ" أَوَّلًا، أَيْ يُقَيِّضُ لَهُ الرَّحْمَنُ شَيْطَانًا. والْبَاقُونَ بِالنُّونِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {يُقَيَّضُ لَهُ شَيْطَانٌ فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} أَيْ مُلَازِمٌ وَمُصَاحِبٌ. قِيلَ:" فَهُوَ" كِنَايَةٌ عَنِ الشَّيْطَانِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: عَنِ الْإِعْرَاضِ  عَنِ الْقُرْآنِ، أَيْ هُوَ قَرِينٌ لِلشَّيْطَانِ."

الظاهر أن ضمير الكناية يعود إلى الشيطان، وهو أي الشيطان قرين لهذا المعرض.

"{وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} أي وإن الشياطين لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ سَبِيلِ الْهُدَى، وَذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ " مَنْ" فِي قَوْلِهِ: " وَمَنْ يَعْشُ" فِي مَعْنَى الْجَمْعِ. {وَيَحْسَبُونَ"} وَيَحْسَبُ الْكُفَّارُ {أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} وَقِيلَ: وَيَحْسَبُ الْكُفَّارُ إِنَّ الشَّيَاطِينَ مُهْتَدُونَ فَيُطِيعُونَهُمْ، {حَتَّى إِذا جاءَنا} عَلَى التَّوْحِيدِ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ، يَعْنِي الْكَافِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ."

على التوحيد بإفراد الضمير، بالإفراد؛ لأنه قال: حتى إذا جاءنا على التوحيد الوصل هذا قد يوقع في لبس، أن هذا المعرض جاء على التوحيد، يعني جاء موحدًا؟ لا، المقصود به ضميره مفرد، نعم.

"والْبَاقُونَ: " جَاءَانَا" عَلَى التَّثْنِيَةِ، يَعْنِي الْكَافِرُ وَقَرِينهُ، وَقَدْ جُعِلَا فِي سَلْسَلَةٍ وَاحِدَةٍ، فيقول الكافر: {يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} أَيْ مَشْرِقُ الشِّتَاءِ وَمَشْرِقُ الصَّيْفِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ}[الرحمن: 17]".

يعني إذا ثُني المشرق والمغرب فالمراد به مشرق الصيف ومشرق الشتاء، وقد يُفرد رب المشرق والمغرب، وقد يُجمع المشارق والمغارب، فإذا أُفرد يُراد به الجنس، وإذا ثُني يراد به مشرق الصيف ومشرق الشتاء، وإذا جُمع يراد به مشرق كل يوم بعينه، الشمس لها مشرق كل يوم من السنة غير مشرق أمس، والمغرب كذلك، فهو رب المشارق والمغارب.

طالب: معنى يا شيخ ان يكون له قرين ...

واحد.

طالب:..........

هذا خاص بمن أعرض، غير القرينين الذين يكتبان الحسنات والسيئات.

طالب: قرين الشيطان ........

هذا الذي أعرض عن الذكر ما له قرين من الملائكة، قرينه شيطان، غير الذي يكتب عن اليمين والشمال.

طالب: والمرأة؟

المرأة؟

طالب: نعم.

ماذا فيها؟

طالب:....أكثر من الشيطان...

إذا خرجت استشرفها الشيطان، هذا بالنسبة لمن يراها على هذه الهيئة ما يلزمه إذا خرجت على هيئة مخالفة لما أُمرت به شرعًا استشرفها الشيطان، وإذا خرجت على هيئة موافقة لما أُمرت به شرعًا لم يستشرفها الشيطان. فمربوط المخالفة.

طالب: الشيطان...؟

نعم، كل شيء ... نقيض له شيطانًا.

" وَنَحْوُهُ قَوْلُ مُقَاتِلٍ. وَقِرَاءَةُ التَّوْحِيدِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا الْإِفْرَادَ فَالْمَعْنَى لَهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ عرف وَعَيْنٌ لَهَا حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ ... شُقَّتْ مَآقِيهِمَا مِنْ أخر".

يعن إذا جاء المفرد يراد به ما يشمل الاثنين، يعني يكون المراد به الجنس، وإذا ثنى فهي نص في الموضوع «لا يصلى أحدكم بالثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء»، في الراوية الأخرى في الصحيح «على عاتقيه منه شيء» يعني لا مخالفة بينهما، فالإفراد يراد به جنس العاتق، ومثله هنا جنس القرين.

"قَالَ مُقَاتِلٌ: يَتَمَنَّى الْكَافِرُ أَنَّ بَيْنَهُمَا بُعْدَ مَشْرِقِ أَطْوَلُ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ إِلَى مَشْرِقِ أَقْصَرِ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: {بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ"}. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَرَادَ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ، فَغَلَّبَ اسْمَ أَحَدِهِمَا، كَمَا يُقَالُ: الْقَمَرَانِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَالْعُمَرَانِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالْبَصْرَتَانِ لِلْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَالْعَصْرَانِ لِلْغَدَاةِ وَالْعَصْرِ."

وكأن السياق يؤدي الأخير هذا؛ لأن بعد ما بين مشرق الصيف ومشرق الشتاء ليس بكبير مثل بعد ما بين المشرق والمغرب، والسياق سياق تهويل وتعظيم.

 "وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَخَذْنَا بِآفَاقِ السَّمَاءِ عَلَيْكُمُ ... لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُومُ الطَّوَالِعُ

وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِجَرِيرٍ:

مَا كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللَّهِ فِعْلَهُمُ ... وَالْعُمَرَانِ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ

وأنشد سيبويه:

قَدْنِيَ من نصر الخبيثين قَدِي".

يعني يكفي نصب السابق، الخبيبان المراد بهما عبد الله بن الزبير ومصعب، وأبو خبيب هو عبد الله بن الزبير كنيته لا كنية أخيه.

"يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ وَمُصْعَبًا ابْنَيِ الزُّبَيْرِ، وَإِنَّمَا أَبُو خُبَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ. { فَبِئْسَ الْقَرِينُ} أَيْ فَبِئْسَ الصَّاحِبُ أَنْتَ؛ لِأَنَّهُ يُورِدُهُ إِلَى النَّارِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: إِذَا بُعِثَ الْكَافِرُ زُوِّجَ بِقَرِينِهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ."

يعني قُرن به كما يقترن الزوج بزوجته.

"فَلَا يُفَارِقُهُ حتى يصير به إلى النار.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} إِذْ" بَدَلٌ مِنَ الْيَوْمِ، أَيْ يَقُولُ اللَّهُ لِلْكَافِرِ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ أَشْرَكْتُمْ فِي الدُّنْيَا هَذَا الْكَلَامِ، وَهُوَ قَوْلُ الكافر: {يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ"} أَيْ لَا تَنْفَعُ النَّدَامَةُ الْيَوْمَ." إِنَّكُمْ" بِالْكَسْرِ {فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ} وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنُ عَامِرٍ بِاخْتِلَافٍ عَنْهُ. الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ. وَهِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ تَقْدِيرُهُ: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ اشْتِرَاكُكُمْ فِي الْعَذَابِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ الْأَوْفَرَ مِنْهُ. أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ مَنَعَ أَهْلَ النَّارِ التَّأَسِّي كَمَا يَتَأَسَّى أَهْلُ الْمَصَائِبِ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ أَنَّ التَّأَسِّيَ يَسْتَرْوِحَهُ أَهْلُ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: لِي فِي الْبَلَاءِ وَالْمُصِيبَةِ أُسْوَةٌ، فَيُسَكِّنُ ذَلِكَ مِنْ حُزْنِهِ، كَمَا قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:

فَلَوْلَا كَثْرَةُ الْبَاكِينَ حَوْلِي ... عَلَى إِخْوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي

وَمَا يَبْكُونَ مِثْلَ أَخِي وَلَكِنْ ... أُعَزِّي النَّفْسَ عَنْهُ بِالتَّأَسِّي"

يعن إذا كان أهل الجنة يُنزع ما في صدورهم من غل، يعني منازل متفاوتة متباينة، ولا يرى الأدنى أن الأعلى أفضل منه، هذا بالنسبة لأهل الجنة؛ لئلا يحصل شيء مما يكدر عليه صفو نعيم هذه الجنة، هؤلاء يُنزع ما في صدورهم من غل، وهؤلاء لن ينفعهم اليوم {ولن ينفعكم اليوم إن ظلمتم إنكم في العذاب مشتركون} يعني كون البلاء يحصل لجماعة في الدنيا أخف من كونه يعني على نفوسهم، أخف من كونه يحصل على واحد في نفسه بالذات، منهم من يرد إلى موضع الهلاك ويقول: إن الموت مع الجماعة رحمة، أفضل من كونه احتمال أن يموت بمكان بمفرده، فلا شك أن المصيبة العامة أخف على النفوس من المصيبة الخاصة، وسُمِع من يدعو، ممن أصابه مرض، والإشكال أنه ممن ينتسب إلى شيء من العلم، وإن لم يكن شرعي، لكنه صاحب شهادات عليا، أُصيب بمرض فقال: اللهم ارفع عني هذا المرض، أو أصب به الناس جميعًا –نسأل الله العافية-.

 يعني سمع هذا من شخص قد يقال: ما أعلمه، ما أعقله، ما أحلمه، –نسأل الله السلامة-. هؤلاء كونهم في النار ما يسلي بعضهم بعضًا أنهم كثرة أو جمع مثل ما يحصل لأهل الدنيا/ بخلاف أهل الجنة الذين لا يرى أحدهم أن غيره أفضل منه، وإن كان بينه وبينه من المنازل أبعد مما بين السماء والأرض، والله المستعان.

"فَإِذَا كَانَ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَنْفَعْهُمُ التَّأَسِّي شَيْئًا لِشُغْلِهِمْ بِالْعَذَابِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لَنْ يَنْفَعَكُمُ الِاعْتِذَارُ وَالنَّدَمُ الْيَوْمَ، لِأَنَّ قُرَنَاءَكُمْ وَأَنْتُمْ فِي العذاب مشتركون كما اشتركتم في الكفر.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} يَا مُحَمَّدُ، " وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" أَيْ لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ فَلَا يَضِيقُ صَدْرُكَ إِنْ كَفَرُوا، فَفِيهِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنَّ الْهُدَى وَالرُّشْدَ وَالْخِذْلَانَ فِي الْقَلْبِ خَلْقُ اللَّهِ تَعَالَى، يضل من يشاء ويهدي من يشاء."

نعم أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي؟ هذا إذا كان يخاطب به النبي –عليه الصلاة والسلام- وأنه لا يهدي، مع أن الله –جل وعلا- قال عنه: {إنك لا تهدي إلى صراط مستقيم} فكيف بغيره؟ فالهداية هداية التوفيق والقبول إنما هي لله وحده، وليست لغيره، وفي هذا رد على القدرية، الذين يرون أن الإنسان يخلق فعله، وأن بيديه الهداية، وبيده الضلال، ولذلك استحق العذاب، بخلاف الجبرية الذين يرون أن العبد لا مدخل له ولاسبيل له في هذا الباب لا من قريب ولا من بعيد، هم يسلبونه حتى التصرفات الظاهرة.

 قال: وأن الهدى والرشد والخذلان في القلب خلق الله، لا شك أن الله – جل وعلا- يخلق العباد ويخلق ما يعملون، وهذه من أعمالهم، فتكون خلقًا لله، لكن أكثر من يعبر بهذا الأشعرية، خذلان، في القلب خلق الله، وهذا له ارتباط في القدرة والاستطاعة عندهم، وأن الإنسان ليست لديه قدرة ولا استطاعة إلا مقترنة بالعمل، يخلقه الله فجأة فيه، بينما أهل السنة عندهم أن القدرة والاستطاعة هي من الله- جل وعلا- بلا شك، لكن تتقدم الفعل، تتقدم الفعل بوقت إما طويل وإما قصير، وأما بالنسبة لهم فالاستطاعة عندهم مع الفعل، وقبل الفعل لا قدرة لهم على ذلك.

طالب: تقسيم النار إلى قسمين قسم للموحدين وقسم للكفار هل هذا صحيح يا شيخ؟

هو ما فيه شك أنها دركات، منها من أهله مخلدون، خالدون مخلدون، ومنهم من هو بالدرك الأسفل كالمنافقين، ومنها ما هي لأهل التوحيد من أهل الكبائر الذين يُعذبون بقدر ذنوبهم ويخرجون منها.

طالب: شيخ...بتعليقات على...القرطبي ..

ما أذكر شيئًا بينًا، لكن هل يعلق على مثل ما في طبعة التركي؟ موجودة مع الإخوان؟

طالب: ........

هذه الأمور تمر على كثير من المحققين، ولا يلتفتون إليها، ويلتفت بعض من له عناية في العقائد والفرق تمر عليه بعض الأشياء ما يلتفتون إليها، يعني في الجلالين: أن الظن لا يغني من الحق شيئًا، قال: فيما سبيله العلم، أو فيما طريقه العلم، نعم، هذا قول من يقول: إن العقائد لا تثبت بالظن، بأدلة ظنية، هذا قول المبتدعة من الأشاعرة والمعتزلة وغيرهما، كلهم يقولون هذا.

"قَوْلُهُ تعالى: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} يريد نخرجنك مِنْ مَكَّةَ مِنْ أَذَى قُرَيْشٍ، {فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ. أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ} وَهُوَ الِانْتِقَامُ مِنْهُمْ فِي حَيَاتِكَ {فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ"} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ أَرَاهُ اللَّهُ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: هِيَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ، يُرِيدُ مَا كَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الفتن. و{نَذْهَبَنَّ بِكَ} عَلَى هَذَا نَتَوَفَّيَنَّكَ. وَقَدْ كَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِقْمَةٌ شَدِيدَةٌ، فَأَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَذَهَبَ بِهِ فَلَمْ يُرِهْ فِي أُمَّتِهِ إِلَّا الَّتِي تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ وَأَبْقَى النِّقْمَةَ بَعْدَهُ."

{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} فوجود النبي أمنة لقومه.

" وَلَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أُرِيَ النِّقْمَةَ فِي أُمَّتِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُرِيَ مَا لَقِيَتْ أُمَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَمَا زَالَ مُنْقَبِضًا، فمَا انْبَسَطَ ضَاحِكًا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-".

مخرج؟

 طالب: أخرجه الطبري بسند صحيح عن قتادة مرسلًا، وأوصله الحاكم بذكر أنس، لكن صورته الإرسال، حيث قال قتادة: قال أنس، وقتادة مدلس في الظاهر أنه لم يسمعه من أنس، والله أعلم.

"وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِأُمَّةٍ خَيْرًا قَبَضَ نبيها قبلها فجعله لها فرطًا وسلفًا، وإذا أَرَادَ اللَّهُ بِأُمَّةٍ عَذَابًا عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ؛ لتقر عينه لما كذبوه وعصوا أمره»".

يعني يرد في هذا ما يرد من كلام سبق في مسألة التسلية بإهلاك المكذبين، وأن هذا مما ينبغي أن يتسلى به أو لا ينبغي، المفسِّرون كلهم مطبِقون على أن ذكر القصص، قصص الأمم الخالية تسلي النبي –عليه الصلاة والسلام- ذكرنا في هذا كلامًا يعني لا نحتاج إلى إعادته، مثل هذا يُخبر بأنهم معذَّبون، وأنا منهم منتقمون، كل هذا تسلية للنبي –عليه الصلاة والسلام- باعتبار ما جُبل عليه الإنسان من محبة الانتقام ممن خالفه، أو آذاه، أو شيء من ذلك، وأما بالنسبة للمحبة الشرعية فلا شك أن النبي وغيره من أتباعه يودون الهداية، ولا يتسلون بالانتقام، اللهم إلا إذا كان ممن زاد ضرره، وتعدى ظلمه، من باب ونشفي صدور قوم مؤمنين، من باب شفاء الصدور فقط بمثل هؤلاء الظلمة، كما صنع جبريل مع فرعون لما غرق قال: أمنت، فأخذ يضع في فيه التراب والطين – والله المستعان-.

 مثل هذه الأمور من المضايق، يعني الإنسان كونه يحب للناس الخير، وكونه يفرح بالانتقام من الأعداء، هذا مضيق من المضايق بلا شك؛ لأنه تحتاج إلى دقة في النظر، يعني قد يكون بعض الناس لا يستوعب مثل هذه المواقف، ويخرج بما يرضاه الشرع منها مثل حزن القلب ودمع العين مع تمام الرضا بالقدر، يعني قد لا يتخلص منه كثير من الناس إلى هذه الصورة، ولذلك ضحك الفضيل بن عياض لما مات ابنه؛ لأنه لا يستطيع أن  يحقق المقام النبوي، يحزن القلب، وتدمع العين، ومع ذلك يكون تمام الرضا، فهذه أمور لا شك أنها تحتاج إلى معانة، قد لا يطيقها كثير من الناس، ولا يستطيعون الجمع بين طرفيها، نعم، بينما النبي –عليه الصلاة والسلام- له المقام الأكمل من هذا، ينظر إلى مثل هذه الحالة بنظر شرعي، وينظر فيما يضاده بنظر شرعي نعم.

طالب: كم واحد فينا يسأل يقول إن خرجت من الأسهم قبل السقوط يقول: أشعر بالفرح، هل آثم على ذلك؟ يعني الحمد لله طلعت قبل .... الناس ...

يعني هو لو نظر إلى القضية بعين واحدة، ما أراد أن يوفِّق بين الأنظار؛ لأن الإنسان قد يجتمع عنده في آن واحد فرح وحزن، فيفرح بما أصابه وما حصل له، ويحزن على ما أصاب إخوانه، لكن عليه ألا يغفل عن إخوانه الآخرين.

طالب: المحقِّق كما قال: أخرجه من حديث ... الضعفاء قال: أخرجه ....صدره منه حديث أبي موسى وأعله ..... نقلًا عن النسائي، قوله: وليس بقوي والحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

لا كلام لأحد، هذا لا كلام لأحد فيه.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} يُرِيدُ الْقُرْآنَ، وَإِنْ كَذَّبَ بِهِ مَنْ كَذَّبَ، فَ{إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} يُوصِلُكَ إِلَى اللَّهِ وَرِضَاهُ وَثَوَابِهِ، {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} يَعْنِي الْقُرْآنَ شَرَفٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ مِنْ قُرَيْشٍ، إِذْ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ وَعَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، نَظِيرُهُ {لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} [الأنبياء: 10] أَيْ شَرَفُكُمْ. فَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَإِيَّاهُمْ خَاطَبَ، فَاحْتَاجَ أَهْلُ اللُّغَاتِ كُلِّهَا إِلَى لِسَانِهِمْ، كُلُّ مَنْ آمَنَ بِذَلِكَ فَصَارُوا عِيَالًا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ لُغَةٍ احْتَاجُوا إِلَى أَنْ يَأْخُذُوهُ مِنْ لُغَتِهِمْ حَتَّى يَقِفُوا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي عُنِيَ بِهِ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَجَمِيعِ مَا فِيهِ مِنَ الْأَنْبَاءِ، فَشُرِّفُوا بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ أَهْلِ اللُّغَاتِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ عَرَبِيًّا."

لعل المراد هنا بالقوم العرب الذين يفهمون القرآن؛ لأنه نزل بلغتهم، وإن كان فيه بعض الألفاظ التي نزلت بلغة بعض القبائل دون بعض تحتاج إلى استبيان واستيضاح من هذه القبيلة، ففي الجملة هو عربي، لكن منه ما هو بلغة قريش، وهو الكثير والغالب، ومنه ما هو بلغة هذيل، ومنه ما هو بلغة تميم، وهكذا، ولا يخرج بذلك عن كونه عربيًّا، وقومهم العرب أما الذي يحتاجون إلى أن ينتقل نقلة تامة في لغتهم فهم الأعاجم حتى يفهموا القرآن، وأما العربي فلن يعجز عن فهم القرآن، وإن كان بلغة غير قبيلته.

طالب: ......الإمام مسلم – رحمه الله – قال حدثت عن أبى أسامة وممن روي ذلك عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا أبو مصعب.... قال الحافظ ابن كثير: تفرد به مسلم سندًا ومتنًا...فهل هذا الإخراج ...

ما يضر، ما يضر، ما يضره.

"وَقِيلَ: بَيَانٌ لَكَ وَلِأُمَّتِكَ فِيمَا بِكُمْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ. وَقِيلَ: تَذْكِرَةٌ تَذْكُرُونَ بِهِ أَمْرَ الدِّينِ وَتَعْمَلُونَ بِهِ. وَقِيلَ: " وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ" يَعْنِي الْخِلَافَةَ فَإِنَّهَا فِي قُرَيْشٍ لَا تَكُونُ فِي غَيْرِهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ»".

القول الأول هو الظاهر؛ لأن {وأنه لذكر لك ولقومك} جاء عقب {فاستمسك بالذي أوحي إليك} وهو القرآن، أما كونه يُعنى به الخلافة والإمامة فالإمامة والخلافة لها أدلتها من الأحاديث الصحيحة، «الناس تبع لقريش»، «الأئمة من قريش» جمع الحافظ ابن حجر طرقه، طرق حديث الأئمة من قريش في كتاب سماه لذة العيش، ومعلوم أن هذا في حالة الاختيار أنه لا يجوز اختيار غير قرشي، أما في حال الإجبار فالسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيًّا.

"وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، حَكَاهُ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَلَمْ أَجِدْ فِي الْإِسْلَامِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ لِأَحَدٍ إِلَّا بِبَغْدَادَ، فَإِنَّ بَنِي التَّمِيمِيِّ بِهَا يَقُولُونَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-."

وكانوا تسعة كل واحد منهم يقول: حدثني أبي، لكنه سند لا يُفرح به؛ لأن فيه من هو في غاية الضعف، بل اتُّهم بالوضع.

" وَبِذَلِكَ شَرُفَتْ أَقْدَارُهُمْ، وَعَظَّمَ النَّاسُ شَأْنَهُمْ، وَتُهُمِّمَتِ الْخِلَافَةُ بِهِمْ. وَرَأَيْتُ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ ابْنَيْ أَبِي مُحَمَّدٍ رِزْقِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْأَسَدِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سُلَيْمَانَ بن أسود بن سفيان بن يزيد بن أُكَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيِّ وَكَانَا يَقُولَانِ: سَمِعْنَا أَبَانَا رِزْقَ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ علي بن أبي طالب يَقُولُ، وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْحَنَّانِ الْمَنَّانِ فَقَالَ: الْحَنَّانُ الَّذِي يُقْبِلُ عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ، وَالْمَنَّانُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ. وَالْقَائِلُ سَمِعْتُ عَلِيًّا: أُكَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ جَدُّهُمُ الْأَعْلَى."

ذكر شيئًا؟ ما خرَّج الخبر؟ ما ذكر شيئًا؟

طالب: ........

باعتباره موقوفًا لا يهتم بالموقوفات.

طالب: قال: لا يصح عن علي فهو منقطع الحجة.

نعم.

طالب: يقال: لفظ المنان .. يختلف الناس يا حنان يا منان.

هو معروف، يعني جاء، لكن ليس فيه خبر واحد يثبت به، لكن بمجموعه، بمجموع ما جاء فيه أثبته بعضهم في الأسماء الحسنى.

طالب: والحنان.

كلاهما مقترنان، الحنان والمنان.

" وَالْأَقْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} يَعْنِي الْقُرْآنَ، فَعَلَيْهِ انْبَنَى الْكَلَامُ وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ الْمَصِيرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: " وَلِقَوْمِكَ" فِيهِمْ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: مَنِ اتَّبَعَكَ مِنْ أُمَّتِكَ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنِ الْحَسَنِ.

الثَّانِي: لِقَوْمِكَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَيُقَالُ: مِمَّنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ مِنَ الْعَرَبِ، فَيُقَالُ مِنْ أَيِّ الْعَرَبِ؟ فَيُقَالُ: مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ.

قُلْتُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ شَرَفٌ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ، كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ. رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مِنْ سَرِيَّةٍ أَوْ غَزَاةٍ، فَدَعَا فَاطِمَةَ فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ اشْتَرِي نَفْسَكِ مِنَ اللَّهِ، فَإِنِّي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» ، وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ لِنِسْوَتِهِ، وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ لِعِتْرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «مَا بَنُو هَاشِمٍ بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ، وَلَا قُرَيْشٌ بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ، وَلَا الْأَنْصَارُ بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ، وَلَا الْمَوَالِي بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ. إِنَّمَا أَنْتُمْ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ»".

يعن كمال قال -جل وعلا-: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، والتشريف والتفضيل إنما هو بالتقوى، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.

"إِنَّمَا أَنْتُمْ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ"، وَأَنْتُمْ كَجِمَامِ الصَّاعِ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى".

مخرج؟

طالب: نعم.

ماذا قال؟

طالب: حديث ابن عباس قال: صحيح أخرجه البخاري ومسلم في حديث أبي هريرة في أتم منه أقره مسلم، وتمم بحديث عائشة.

يعني حتى بلفظه الأخير.

طالب: لا.

إنما أنتم من رجل وامرأة في الصحيح هذا؟

طالب: ........

ماذا يقول عندك؟

طالب:..........

طالب: لكن هذا ... حديث واحد أخرجه ....

أما كونه دعا الأقارب والأباعد وقال: لا أغني عنكم من الله، فهذا معروف، هذا في الصحيحين.

طالب: يا فاطمة، اشتري نفسك.

ماذا؟

 طالب: ... يا فاطمة.

يا فاطمة، يا صفية، يا فلانة، يا فلان إلى آخره، المقصود أن أوله ما فيه إشكال، لكن آخره، إنما أنتم من رجل واحد، وأنتم كجمام الصاع ليس لأحد عل أحد فضل إلا بالتقوى، بغير هذا اللفظ ما فيه إشكال ثابت.

" وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِفَحْمٍ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ أَوْ يَكُونُونَ شَرًّا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ النَّتَنَ بِأَنْفِهَا، كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، إِنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عيبة الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، النَّاسُ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ»، خَرَّجَهُمَا الطَّبَرِيُّ. وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي الْحُجُرَاتِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

{وَسَوْفَ تسألون} أي عن الشكر عليه، قاله مُقَاتِلٌ وَالْفَرَّاءُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَيْ تُسْأَلُونَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى مَا أَتَاكَ. وَقِيلَ تسألون عما عملتم فيه، والمعنى متقارب."

ماذا قال عن الحديث الأخير؟

طالب: قال: حسن أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة وحسَّنه، وهو كما قال، وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الترمذي، وهو حديث حسن، ويأتي بالحجرات ......إذ أخرجه أحمد، وحسنه الألباني، ونقل عن ابن تيمية تصحيحه.

« لينتهين أقوام يفتخرون بفحم من فحم جهنم» يعني ينتسبون إليهم، ويفتخرون بهم سواء كانوا في سلسلة آبائهم أو من قومهم وقد ماتوا على الضلال – نسأل الله السلام والعافية-.

طالب: السلام عليكم حديث ألا إن لكم رحمًا.......كيف أوفق يا شيخ من هذا الحديث؟

يعني من باب المكافأة، من باب الصلة، ولا يمنع الإنسان من صلة رحمه، ولو كان عنده ما عنده.

طالب: شيخ السلام عليكم، الأسماء أسماء الله –عز وجل- مثل بعض الخياطين مثلا .... وضع على ثوب اسم خيطه.... عبد القادر أو كذا ...

من باب الدعاية.

طالب: طيب يلبسها الإنسان.

إذا كان اللباس يلبس فوق فلا بأس؛ لأنه ليس امتهانًا، أما إذا كان أسفل فلا. يمتهن.

طالب:.....

فرق بين الجزء الأعلى من البدن الذي هو محل الرفعة والاحترام، بينما ما يلبس تحت فهو محل امتهان.

 

" قوله تعالى: {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ زَيْدٍ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى- وَهُوَ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ- بَعَثَ اللَّهُ لَهُ آدَمَ وَمَنْ وُلِدَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، وَجِبْرِيلُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَذَّنَ جِبْرِيلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ أَقَامَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، تَقَدَّمْ فَصَلِّ بِهِمْ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لَهُ جِبْرِيلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سَلْ يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا أَسْأَلُ، قَدِ اكْتَفَيْتُ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانُوا سَبْعِينَ نَبِيًّا مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ-، فَلَمْ يَسْأَلْهُمْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْهُمْ. فِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَصَلُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعَةَ صُفُوفٍ، الْمُرْسَلُونَ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ وَالنَّبِيُّونَ أَرْبَعَةٌ، وَكَانَ يَلِي ظَهْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ، وَعَلَى يَمِينِهِ إِسْمَاعِيلُ وَعَلَى يَسَارهِ إِسْحَاقُ، ثُمَّ مُوسَى، ثُمَّ سَائِرُ الْمُرْسَلِينَ، فَأَمَّهُمْ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ  قَامَ فَقَالَ: «إِنَّ رَبِّي أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أَسْأَلَكُمْ هَلْ أُرْسِلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ» فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَشْهَدُ إِنَّا أُرْسِلْنَا أَجْمَعِينَ بِدَعْوَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ بَاطِلٌ، وَأَنَّكَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، قَدِ اسْتَبَانَ ذَلِكَ لَنَا بِإِمَامَتِكَ إِيَّانَا، وَأَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلا عيسى بن مَرْيَمَ، فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ أَنْ يَتَّبِعَ أَثَركَ ."

ماذا؟

 طالب: الأول قال: قد اكتفيت قال: ذكره البغوي في تفسيره عن ابن عباس مختصرًا بدون إسناد، وهو واهٍ وبعده قال: راجع الطبري .... وابن كثير، وهذه الروايات كلها واهية لا حجة في شيء منها.

يعني يأتي الطلب والسؤال ولا يراد به حقيقة الطلب والسؤال، ليس من باب التكليف أن يسأل النبي –عليه الصلاة والسلام- من أرسل من قبله هل أرسلوا بالشرك، جميع الأنبياء والمرسلين إنما دعوا إلى التوحيد، ومن باب التذكير فقط، لا من باب الطلب منه –عليه الصلاة والسلام- أن يسأل ويتأكد؛ لأن الرسالات كلها مبنية على التوحيد.

" وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا} قَالَ: لَقِيَ الرُّسُلَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بن مسلم في قوله تعالى: {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا} قَالَ: سألت عن ذلك خليد بْنَ دَعْلَجٍ، فَحَدَّثَنِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلَهُمْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، لَقِيَ الْأَنْبِيَاءَ وَلَقِيَ آدَمَ، ومالك خَازِنَ النَّارِ.

قُلْتُ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي تفسير هذه الآية. و" من" الَّتِي قَبْلَ" رُسُلِنا" عَلَى هَذَا الْقَوْلِ غَيْرُ زَائِدَةٍ."

وتكون بيانية، تكون بيانية، ليست زائدة.

" وَقَالَ الْمُبَرِّدُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْمَعْنَى وَاسْأَلْ أُمَمَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا. وَرُوِيَ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: {وَاسْأَلِ الَّذِينَ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ رسلنا} وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ مُفَسِّرَةٌ، فَ" مِنْ" عَلَى هَذَا زَائِدَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ وَالضَّحَّاكِ".

ومع ذلك تُزاد في مثل هذا الموضع؛ لتأكيد الكلام وتقويته.

"وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. أَيْ وَاسْأَلْ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى سَلْنَا يَا مُحَمَّدُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ، فَحُذِفَتْ" عَنْ"، وَالْوَقْفُ عَلَى " رُسُلِنَا" عَلَى هَذَا تَامٌّ، ثُمَّ ابْتَدَأَ بِالِاسْتِفْهَامِ عَلَى طَرِيقِالْإِنْكَارِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَاسْأَلْ تُبَّاعَ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا، فَحَذَفَ الْمُضَافَ."

يعني باعتبار أنه لم يدرك الأنبياء من قبله فيسأل أتباعهم، فيكون على تقدير المضاف، وكونه رآهم ليلة الإسراء جعل بعض أهل العلم يجعلون السؤال حقيقيًّا، وأنه يسألهم مباشرة، لكن الله –جل وعلا- أرسله بالتوحيد وهدم الشرك وقواعد الشرك، وطلب منه أن يسأل، يعني لو كان في شك فيسأل.

 مثل أن تأتي إلى صاحب بضاعة فيطلب عليك مبلغًا من المال ويقول: اسأل كم تساوي، فأنت وثقتك بهذا القائل، إن كانت ثقتك به قوية فما تحتاج إلى أن تسأل، وإن كنت في شك من قوله سألت، والنبي –عليه الصلاة والسلام- ليس في شك من قول الله –جل وعلا- ورسالته له.

طالب: أحسن الله إليك، الآية التي في يونس {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك}.

نعم يعني إن كنت في شك، يعني مثل ما يقول صاحب السلعة: إن كنت ما تصدق أن هذه قيمتها فاسأل، وعليه أن تكون أنت وثقتك بهذا القائل، والنبي –عليه الصلاة والسلام- واثق الصلة بربه تمام الثقة، فلن يسأل.

طالب: ...هذا أسلوب عربي يُستخدم في تثبيت المعلومة وزيادة اليقين..

نعم، لكن ما يلزم منه الاستجابة.

طالب: لا يراد به الحقيقة.

يعني لا يراد به الحقيقة.

طالب: إنما أسلوب يستخدم.

هو أسلوب مستخدم، وإذا وجد الشك تأكد، لكن لا شك هنا.

طالب:....الآية أليست نصًّا أن النبي –صلى الله عليه وسلم – سأل..

لا، لا ما فيه ما يدل على أنه سأل إلا في الأحاديث الضعيفة الواهية التي تقدمت.

"وَالْخِطَاب لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ {أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} أَخْبَرَ عَنِ الْآلِهَةِ كَمَا أَخْبَرَ عَمَّنْ يَعْقِلُ فَقَالَ: " يُعْبَدُونَ".

يعني جمع المذكر السالم إنما هو من خواص العقلاء، لا يُجمع جمع مذكر سالم إلا عاقل، وهنا باعتبارهم عبدوها، ونزَّلوها منزلة من يعقل عبر عنها بالأسلوب الذي هو من خواص العقلاء، نعم.

"يَعْقِلُ فَقَالَ: " يُعْبَدُونَ"، وَلَمْ يَقُلْ تُعْبَدُ، وَلَا يُعْبَدْنَ؛ لِأَنَّ الْآلِهَةَ جَرَتْ عِنْدَهُمْ مَجْرَى مَنْ يَعْقِلُ، فَأَجْرَى الْخَبَرَ عَنْهُمْ مَجْرَى الْخَبَرِ عَمَّنْ يَعْقِلُ.

وَسَبَبُ هَذَا الْأَمْرِ بِالسُّؤَالِ أَنَّ الْيَهُودَ وَالْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ مَا جِئْتَ بِهِ مُخَالِفٌ لِمَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِسُؤَالِهِ الْأَنْبِيَاءَ عَلَى جِهَةِ التَّوْقِيفِ وَالتَّقْرِيرِ، لَا لِأَنَّهُ كَانَ فِي شَكٍّ مِنْهُ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي سُؤَالِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سَأَلَهُمْ، فَقَالَتِ الرُّسُلُ: بُعِثْنَا بِالتَّوْحِيدِ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُمْ؛ لِيَقِينِهِ بِاللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ-، حَتَّى حَكَى ابْنُ زَيْدٍ أَنَّ مِيكَائِيلَ قَالَ لِجِبْرِيلَ: (هَلْ سَأَلَكَ مُحَمَّدٌ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ: هُوَ أَشَدُّ إِيمَانًا وَأَعْظَمُ يَقِينًا مِنْ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ ذَلِكَ). وَقَدْ تَقَدَّمَ هذا المعنى في الروايتين حسبما ذكرناه."

لكن الروايتين لا يصح شيء منهما.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا} لَمَّا أَعْلَمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ مُنْتَقِمٌ لَهُ مِنْ عَدُوِّهِ، وَأَقَامَ الْحُجَّةَ بِاسْتِشْهَادِ الْأَنْبِيَاءِ وَاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى التَّوْحِيدِ، أَكَّدَ ذَلِكَ بقصة مُوسَى وَفِرْعَوْنَ، وَمَا كَانَ مِنْ فِرْعَوْنَ مِنَ التَّكْذِيبِ، وَمَا نَزَلَ بِهِ وَبِقَوْمِهِ مِنَ الْإِغْرَاقِ والتكذيب، أَيْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِالْمُعْجِزَاتِ، وَهِيَ التِّسْعُ الْآيَاتُ فَكُذِّبَ، فَجُعِلَتِ الْعَاقِبَةُ الْجَمِيلَةُ لَهُ، فَكَذَلِكَ أَنْتَ. وَمَعْنَى" يَضْحَكُونَ" اسْتِهْزَاءً وَسُخْرِيَةً، يُوهِمُونَ أَتْبَاعَهُمْ أَنَّ تِلْكَ الْآيَاتِ سِحْرٌ وَتَخْيِيلٌ، وَأَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا.

وَقَوْلُهُ: { وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها} أَيْ كَانَتْ آيَاتُ مُوسَى من كبار الْآيَاتِ، وَكَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَعْظَمَ مِمَّا قَبْلَهَا، وَقِيلَ: { إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها}؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَقْتَضِي عِلْمًا، وَالثَّانِيَةُ تَقْتَضِي عِلْمًا، فَتُضَمُّ الثَّانِيَةُ إِلَى الْأُولَى فَيَزْدَادُ الْوُضُوحُ. وَمَعْنَى الْأُخُوَّةِ الْمُشَاكَلَةُ وَالْمُنَاسَبَةُ."

الظاهر من السياق أن هذه الآيات التسع متدرجة على سبيل الترقي من الأدنى إلى الأعلى، {وما نريهم من أية إلا هي أكبر من أختها}، وظاهر القول الثاني أنها متساوية، كلها فيها ما يدل على وجود الخالق وعلى ربوبيته، وأنه المستحق للعبادة على حد سواء، لكن ما يحصل في النفس من أثر الآية الأولى يزداد إذا انضمت إليه الآية الثانية، فالآية الثانية بمدلولها ومدلول الآية الأولى أعظم من مدلول الآية الأولى فقط، هذا معنى القول الثاني الذي ذكره، لكن الظاهر هو الأول، نعم.

"وَمَعْنَى الْأُخُوَّةِ الْمُشَاكَلَةُ وَالْمُنَاسَبَةُ، كَمَا يُقَالُ: هَذِهِ صَاحِبَةُ هَذِهِ، أي هما قريبتان في المعنى".

يعني الصحبة تطلق لأدنى مناسبة، لأدنى مناسبة، يعني يقال: هذا صاحب فلان باعتبار أن له به عناية، كما يقال: صاحب العباء، صاحب يعني يُنسب إلى ما عُرف به ولو لم يكن ملازمًا له ولو لمدة يسيرة، فينسب إليه كما جاء في الحديث: «إنكن صواحب يوسف» نعم من قضية واحدة نعم.

"{وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ} أَيْ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ بِتِلْكَ الْآيَاتِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ} [الأعراف: 130]. وَالطُّوفَانُ وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ. وَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الْأَخِيرَةُ عَذَابًا لَهُمْ وَآيَاتٍ لِمُوسَى { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} مِنْ كُفْرِهِمْ."

لكن ما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون، يعني مفترض أن كل آية تزيدهم شيئًا من اليقين، وتقرِّبهم إلى التصديق، ومع ذلك ما استفادوا.

طالب: عفا الله عنك، ابن كثير في البداية والنهاية عد أكثر من تسع آيات.

نعم، لكن أعظمها يعني التنصيص على التسع لا على سبيل الحصر، وبعد ذلك يزاد ما يزاد، نعم.

"{وَقالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ} لَمَّا عَايَنُوا الْعَذَابَ قَالُوا: يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ، نَادَوْهُ بِمَا كَانُوا يُنَادُونَهُ بِهِ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ عَلَى حَسْبِ عَادَتِهِمْ. وَقِيلَ: كَانُوا يُسَمُّونَ الْعُلَمَاءَ سَحَرَةً، فَنَادَوْهُ بِذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ} يَا أَيُّهَا الْعَالِمُ، وَكَانَ السَّاحِرُ فِيهِمْ عَظِيمًا يُوَقِّرُونَهُ، وَلَمْ يَكُنِ السِّحْرُ صِفَةَ ذَمٍّ.

وَقِيلَ: يَا أَيُّهَا الَّذِي غَلَبَنَا بِسِحْرِهِ، يُقَالُ: سَاحَرْتُهُ فَسَحَرْتُهُ، أَيْ غَلَبْتُهُ بِالسِّحْرِ، كَقَوْلِ الْعَرَبِ: خَاصَمْتُهُ فَخَصَمْتُهُ، أَيْ غَلَبْتُهُ بِالْخُصُومَةِ، وَفَاضَلْتُهُ فَفَضَلْتُهُ، وَنَحْوَهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادُوا بِهِ السَّاحِرَ عَلَى الْحَقِيقَةِ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ، فَلَمْ يَلُمْهُمْ عَلَى ذَلِكَ رَجَاءَ أَنْ يُؤْمِنُوا.

وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو حَيْوَةَ ويحيى بن وثاب: " وايه السَّاحِرُ" بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَالْهَاءُ مَضْمُومَةٌ، وَعِلَّتُهَا أَنَّ الْهَاءَ خُلِطَتْ بِمَا قَبْلَهَا، وَأُلْزِمَتْ ضَمَّ الْيَاءِ الذي أوجبه النداء المفرد. "

أوجبه النداء المفرد المقترن بأل، المقترن بأل لا بد أن يتوسط بأي من أجل نداء المقترن بأل، وإلا فالأصل أن المقترن بأل لا ينادى بيا ولا بغيرها إلا مع الله، ومحكي الجمل، كما جاء في الألفية.

طالب: يعني يصير هنا مدحًا يأيها الساحر.

ما يُفهم، السياق يأبى هذا.

طالب: من باب السقيم.

هو الظاهر اتهموه بالسحر؛ لأن ما جاء به فوق طاقتهم، وهم لا يعرفون إلا السحر.

"وأنشد الفراء:

يا أيها الْقَلْبُ اللَّجُوجُ النَّفَسِ ... أَفِقْ عَنِ الْبِيضِ الْحِسَانِ اللعس"
يا أيها الْقَلْبُ اللَّجُوجُ النَّفَسِ ... أَفِقْ عَنِ الْبِيضِ الْحِسَانِ اللعس

يا أيها الْقَلْبُ اللَّجُوجُ النَّفَس من باب الإضافة، إضافة ما فيه أل إلى ما فيه أل؛ لأن الإضافة ليست محضة ولا معنوية، وإنما هي لفظية، فيجوز أن يقترن المضاف بأل.

 ووصل أل بذا المضاف مغتفر          إن وصلت بالثاني كالجعد الشعر

"وأنشد الفراء:

يا أيها الْقَلْبُ اللَّجُوجُ النَّفَسِ ... أَفِقْ عَنِ الْبِيضِ الْحِسَانِ اللعس"

وفَضَمَّ الْهَاءَ حَمْلًا عَلَى ضَمِّ الْيَاءِ، وَقَدْ مَضَى فِي " النُّورِ"  مَعْنَى هَذَا. وَوَقَفَ أَبو عَمْرٍو وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَيَحْيَى وَالْكِسَائِيُّ" أَيُّهَا" بِالْأَلِفِ عَلَى الْأَصْلِ. والْبَاقُونَ بِغَيْرِ أَلِفٍ، لِأَنَّهَا كَذَلِكَ وَقَعَتْ فِي الْمُصْحَفِر {ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ} أَيْ بِمَا أَخْبَرَنَا عَنْ عَهْدِهِ إِلَيْكَ إِنَّا إِنْ آمَنَّا كَشَفَ عَنَّا، فَسَلْهُ يَكْشِفُ عَنَّا {إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ} أَيْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ {فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ} أَيْ فَدَعَا فَكَشَفْنَا {إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ} أَيْ يَنْقُضُونَ الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَلَمْ يُؤْمِنُوا. وَقِيلَ: قَوْلُهُمْ: {إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ} إِخْبَارٌ مِنْهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِالْإِيمَانِ، فَلَمَّا كَشَفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ ارْتَدُّوا."

هو مجرد وعد، يعني لم يؤمنوا حقيقة، إنما وعدوه إذا كُشف عنهم العذاب أنهم يهتدون فلم يهتدوا؛ لما سبق عليهم من الشقاوة.

" قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ} قِيلَ: لَمَّا رَأَى تِلْكَ الْآيَاتِ خَافَ مَيْلَ الْقَوْمِ إِلَيْهِ فَجَمَعَ قَوْمَهُ فَقَالَ، فَنَادَى بِمَعْنَى قَالَ، قَالَهُ أَبُو مَالِكٍ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عُظَمَاءُ الْقِبْطِ فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَنْشُرُ عَنْهُ فِي جُمُوعِ الْقِبْطِ، وَكَأَنَّهُ نُودِيَ بَيْنَهُمْ. وَقِيلَ: إِنَّهُ أَمَرَ مَنْ يُنَادِي فِي قَوْمِهِ، قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، { قالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ}".

إذا أمر فقد فعل، وينسب إلى العظيم ما يأمر به كما يقال: بنى الأمير، حفر الأمير، بينما أمر بذلك.

"أَيْ لَا يُنَازِعُنِي فِيهِ أَحَدٌ. قِيلَ: إِنَّهُ مَلَكَ مِنْهَا أَرْبَعِينَ فَرْسَخًا فِي مِثْلِهَا، حَكَاهُ النَّقَّاشُ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْمُلْكِ هُنَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ. " وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي" يَعْنِي أَنْهَارَ النِّيلِ، وَمُعْظَمُهَا أَرْبَعَةٌ نَهَرُ الْمُلْكِ وَنَهَرُ طُولُونَ، وَنَهَرُ دِمْيَاطَ، وَنَهَرُ تَنِيسَ."

التحديد، تحديد البقعة مصر يعني خاضع لما يُطلق عليه مصر في وقته لا في وقتنا ولا فيما بعده، وإنما الحدود تختلف، وكانت مصر تُطلق على جزء من القطر المعروف، والقاهرة غير داخلة في مصر، ولذا يعطفون عليه في أخبار مصر والقاهرة، تكون مصر على الفسطاط وما والاها، وكل بلد باسمه، ثم بعد ذلك صار يطلق على القطر الأعم مصر.

والأصل أنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث إذا أريد البقعة، لكنه ثلاثي ساكن الوسط، يعني المقتضى أن يكون مصروفًا مثل هند، ليت هندًا، يعني ثلاثي ساكن الوسط ممنوع لعلتين، قامت هذه الخفة كونه ثلاثي ساكن الوسط في مقابل إحدى العلتين فانصرف، لكن هناك اهبطوا مصرًا غير مصر هذه، مصر أي بلد كان، يعني عمر بن الخطاب –رضي الله تعالى عنه- هو الذي أسَّس المصرين الكوفة والبصرة، والأمصار المراد بها الأقطار والبلدان والأقاليم، فأي مصر من الأمصار لا على سبيل الخصوص البلد المعروف حينئذ يكون نكرة فيُنون، اهبطوا مصرًا، وليس تنوينه تنوين إعراب لهذه البقعة المعروفة لا وإنما هو تنوين تنكير.

هنا ممنوع من الصرف للعلتين، لكن القاعدة فيما كان ثلاثيًّا ساكن الوسط أنه يعرب، فلماذا لم يعرب هنا؟ هل نقول: إن فيه ثلاث علل مثل حمص؟ حمص فيها ثلاث علل، وكونه ثلاثيًّا ساكن الوسط هذه تقاوم علة واحدة، فيبقى علتان، فلا يصرف، وهنا هل هو مثله؟ علمية وتأنيث وعجمة؟ يعني فيما حمص علمية وتأنيث وعجمة، كونه ثلاث علل، كونه ثلاثيًّا ساكن الوسط قاوم علة واحدة فقط، وبقي علتان، فمنع من الصرف، يحتاج إلى مقاوم ثانٍ، وهنا هل نقول: إنه مثل حمص ثلاث علل، أو نقول: مثل غيره علتان فيبقى كون الثلاثي ساكن الوسط يخفف إحدى العلتين كما في هند، نوح، ولوط؟

 نعم فيه جواب؟

طالب: بالنسبة لساكن الوسط فيه وجهان، ولكن الراجح ......

طالب: ممنوع من الصرف..

طالب:....

يعني ساكن الوسط يمنع من الصرف؟

طالب: هذا هو الوجه الراجح.

يعني هند ممنوع من الصرف؟

طالب: ........

 المقرر في العربية غير هذا.

طالب: وجهان في العادم تذكيرًا سبق      وعجمة كهند والمنع أحق

 قاله ابن مالك.

لكنه قامت مقام علة واحدة، فبقيت العلة الثانية يعني مثل ما قالوا حمص قالوا فيه ثلاث علل قالوا: ثلاثي ساكن الوسط قاوم واحدة من هذه العلل، فبقي ممنوعًا، أما كونه فيه وجهان إذا كان ثلاثيًّا ساكن الوسط يمنع أو يصرف فهذا ما فيه شك أنه خلاف موجود، لكن على القول بأنه يُصرف مثل هند، ليت هندًا أنجزتنا، هل نقول: إنه مثل حمص فيه ثلاث علل، وتبقى علتان بعد أن قومت واحدة منها أو نقول: إنه مشى على القول الآخر أنه منع لعلتين يبقى ممنوعًا ولو كان ثلاثيًّا ساكن الوسط؟

" قال قَتَادَةُ: كَانَتْ جِنَانًا وَأَنْهَارًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِ قُصُورِهِ. وَقِيلَ: مِنْ تَحْتِ سَرِيرِهِ. وَقِيلَ:" مِنْ تَحْتِي" أَيْ تَصَرُّفِي نَافِذٌ فِيهَا مِنْ غَيْرِ صَانِعٍ. وَقِيلَ: كَانَ إِذَا أَمْسَكَ عَنَانَهُ أَمْسَكَ النِّيلُ عَنِ الْجَرْيِ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَيَجُوزُ ظُهُورُ خَوَارِقِ الْعَادَةِ عَلَى مُدَّعِي الرُّبُوبِيَّةِ، إِذْ لَا حَاجَةَ فِي تَمْيِيزِ الْإِلَهِ مِنْ غَيْرِ الْإِلَهِ إِلَى فِعْلٍ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ."

لا شك أن أولياء الرحمن يحصل لهم من الخوارق ما يحصل، والمعجزات للأنبياء، تبقى خوارق العادات للأولياء الذين يكون بها تأييديهم فيما يدعونه غير دعوة النبوة التي هي للأنبياء، وهناك خوارق ومخارق لأولياء الشيطان؛ من أجل الابتلاء، الابتلاء؛ لأن من رآه قد يصدقه فيبتلى، كما يحصل بالنسبة للدجال، ويبتلى كثير من الناس بهذه الخوارق والمخارق، فتختلف هذه عن هذه، قد يقول قائل: إنه يلتبس الأمر. والفيصل في ذلك عرض الأعمال على الكتاب والسنة، من كانت أعماله موافقة لما جاء عن الله وعن رسوله فهذه خوارق لأولياء الله، لأولياء الرحمن، وإذا كان عمله مخالفًا فإنه يكون من أولياء الشيطان، وحينئذ لا يصدق ولو طار في الهواء، ولو مشى على الماء.

أما إذا كان إذا أمسك العنان وأمسك السحاب فهذا من الإسرائيليات.

" وَقِيلَ: مَعْنَى " وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي" أَيْ الْقُوَّادُ وَالرُّؤَسَاءُ والجبابرة يسيرون تَحْتِ لِوَائِي، قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْأَنْهَارِ الْأَمْوَالَ، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْأَنْهَارِ؛ لِكَثْرَتِهَا وَظُهُورِهَا. وَقَوْلُهُ: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} أَيْ أُفَرِّقُهَا عَلَى مَنْ يَتْبَعُنِي؛ لِأَنَّ التَّرْغِيبَ وَالْقُدْرَةَ فِي الْأَمْوَالِ دُونَ
"الْأَنْهَارِ. {أَفَلا تُبْصِرُونَ} عَظَمَتِي وَقُوَّتِي وَضَعْفَ مُوسَى."

ما فيه شك أن كون الأنهار تجري من تحته أو من تحت سريره أو من تحت عرشه فهذه لا شك أنها بالنسبة له مما يفتخر به، لكن أين هذه الأنهار من أنهار الجنة؟

 أنهاره من غير إخدود جرت     سبحان ممسكها عن الفيضان

هذه الأنهار عادية، يعني قد يجري النيل من تحته يكون له عرش يمتد، وقد يكون هناك خلجان وفروع من النيل تجري من تحته فهذا لا يمنع، ووصل الملك في بعض ممن ملك الدنيا كلها كذي القرنين وغيره ما هو أعظم من ملك فرعون الذي يتبجح به، وملوك اليوم الآن لاسيما كبارهم وعظماءهم عندهم مثل هذا وأعظم، لكن العبرة بما يوصل إلى الله- جل وعلا- وإلى ما يرضيه.

" وَقِيلَ: قُدْرَتِي عَلَى نَفَقَتِكُمْ وَعَجْزَ مُوسَى وَالْوَاوُ فِي" وَهذِهِ" يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً لِلْأَنْهَارِ على" مُلْكُ مِصْرَ" و " تَجْرِي" نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنْهَاوَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ وَاوَ الْحَالِ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ، وَ" الْأَنْهارُ" صفة لاسم الإشارة، و" تَجْرِي" خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَأِ.

 وَفَتَحَ الْيَاءَ مِنْ" تَحْتِي" أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْبَزِّيُّ وَأَبُو عَمْرٍو، وَأَسْكَنَ الْبَاقُونَ وَعَنِ الرَّشِيدِ أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَهَا قَالَ: لَأُوَلِّيَنَّهَا أَحْسَنَ عَبِيدِي، فَوَلَّاهَا الْخَصِيبَ، وَكَانَ عَلَى وُضُوئِهِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ أَنَّهُ وَلِيَهَا فَخَرَجَ إِلَيْهَا فَلَمَّا شَارَفَهَا، وَوَقَعَ عَلَيْهَا بَصَرُهُ قَالَ: أَهَذِهِ الْقَرْيَةُ الَّتِي افْتَخَرَ بِهَا فِرْعَوْنُ حَتَّى قَالَ: " أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ"؟! وَاللَّهِ لَهِيَ عِنْدِي أَقَلُّ مِنْ أَنْ أَدْخُلَهَا! فَثَنَّى عَنَانَهُ. ثُمَّ صَرَّحَ بِحَالِهِ فَقَالَ: " أَمْ أَنَا خَيْرٌ" قال أبو عبيدة السدي: " أَمْ" بِمَعْنَى " بَلْ" وَلَيْسَتْ بِحَرْفِ عَطْفٍ، عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَالْمَعْنَى: قَالَ فِرْعَوْنُ لِقَوْمِهِ بَلْ أَنَا خَيْرٌ" مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ" أَيْ لَا عَزَّ لَهُ فَهُوَ يَمْتَهِنُ نَفْسَهُ فِي حَاجَاتِهِ لِحَقَارَتِهِ وَضَعْفِهِ" وَلا يَكادُ يُبِينُ" يَعْنِي مَا كَانَ فِي لِسَانِهِ مِنَ الْعُقْدَةِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي " طه". وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِي "أَمْ" وَجْهَانِ: إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا مِنَ الِاسْتِفْهَامِ الَّذِي جَعَلَ بِأَمْ لِاتِّصَالِهِ بِكَلَامٍ قَبْلَهُ."

قوله: ولا يكاد يبين، هل فيه دليل على أن دعوة موسى أُجيبت أو لم تجب: وأحلل عقدة من لساني، أجيبت أو لم تجب؟

طالب: أجيبت.

نعم؟

طالب: أجيبت.

لكن لا يكاد يبين.

طالب: ......... دعوة.

يعني أجيبت بنفسها أو بغيرها؟ ما أجيبت بنفسها، استمرت العقدة، ولذا قال: ولا يكاد يبين، أو إنه باعتبار ما مضي وعرف عنه من حاله؟

طالب: ............ باعتبار....

باعتبار ما كان يعرفه عنه قال: إنه لا يكاد يبين، ثم بعد ذلك لو كانت أجيبت الدعوة انتهى هذه الدعوة.

" وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا نَسَقًا عَلَى قَوْلِهِ: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} وَقِيلَ: هِيَ زَائِدَةٌ. وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ " أَمْ" زَائِدَةً، وَالْمَعْنَى أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالْمَعْنَى أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ تُبْصِرُونَ، كَمَا قال:

أَيَا ظَبْيَةَ الْوَعْسَاءِ بَيْنَ جُلَاجِلٍ ... وَبَيْنَ النَّقَا أنت أَمْ أُمُّ سَالِمٍ
أَيْ أَنْتِ أَحْسَنُ أَمْ أُمُّ سَالِمٍ. ثُمَّ ابْتِدَأَ فَقَالَ: أَنَا خَيْرٌ. وَقَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ: الْمَعْنَى أَفَلَا تُبْصِرُونَ، أَمْ أَنْتُمْ بُصَرَاءُ، فَعَطَفَ بِ" أَمْ" عَلَى{أَفَلا تُبْصِرُونَ}؛ لِأَنَّ مَعْنَى " أَمْ أَنَا خَيْرٌ" أَمْ أَيَّ تُبْصِرُونَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا قَالُوا لَهُ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْهُ كَانُوا عِنْدَهُ بُصَرَاءُ."

أم أنما يعطف بها بعد همزة التسوية أو همزة تغنى عن أي، يعني شيء منهما؟ موجود همزة تسوية هنا؟ إذا قلنا إنها عاطفة؟

طالب:......

وأن بها اعطف إثر همزة تسوية، هل موجود شيء منهما؟ فيه شيء منهما، أو يقدر؟ إذا قلنا: إن العاطفة لا بد من التقدير: أأستوي مع هذا الذي هو مهين أم أنا خير منه؟ لا بد من التقدير.

طالب: ....من بيت الشعر ...

هي معروفة.

طالب:....

هو الظاهر.

" وَرُوِيَ عن عيسى الثَّقَفِيِّ وَيَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُمَا وَقَفَا عَلَى" أَمْ" عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ تُبْصِرُونَ، فَحَذَفَ تُبْصِرُونَ الثَّانِي. وَقِيلَ: مَنْ وَقَفَ عَلَى" أَمْ" جَعَلَهَا زَائِدَةً، وَكَأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى" تُبْصِرُونَ" مِنْ قَوْلِهِ: {أَفَلا تُبْصِرُونَ} وَلَا يَتِمُّ الْكَلَامُ عَلَى" تُبْصِرُونَ" عِنْدَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ، لِأَنَّ" أَمْ" تَقْتَضِي الِاتِّصَالَ بِمَا قَبْلَهَا. وَقَالَ قَوْمٌ: الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: {أَفَلا تُبْصِرُونَ} ثُمَّ ابْتَدَأَ" أَمْ أَنَا خَيْرٌ" بمعنى بل أنا خير، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:

بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى ... وَصُورَتِهَا أَمْ أَنْتَ فِي الْعَيْنِ أَمْلَحُ
فَمَعْنَاهُ: بَلْ أَنْتَ أَمْلَحُ. وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ بَعْضَ الْقُرَّاءِ قَرَأَ: " أَمَّا أَنَا خَيْرٌ"، وَمَعْنَى هَذَا أَلَسْتُ خَيْرًا. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى" أَمْ" ثُمَّ يَبْتَدِئُ" أَنَا خَيْرٌ" وقد ذكر."

وهذا جارٍ على من يقول بأن الحروف تتقارض وتتبادل، ويأتي الحرف بمعنى غيره من الحروف، وهذا يقول به كثير من أهل العلم من اللغويين وغيرهم، لكن شيخ الإسلام يرى أن تضمين الأفعال أولى من تبادل حروف وتقارضها.

 اللهم صلى على محمد.

طالب:.......

العمرين أبو بكر وعمر.

طالب: ما هو وجه......

قد يكون أول من أطلقهما إعجابه بمشورة عمر وقوة عمر، وكذا أطلقهما. 

طالب:...المشرقين ..

كذلك شروق الشمس عند الناس الذي هو بداية العمل وكذا أكثر من نهايته.

طالب: يعني الشروق ........

هذا واضح عند الناس كلهم بداية العمل والنشاط والتفاؤل بالشروق أكثر من الغروب، الغروب فيه السكينة والنوم.

طالب: عمر-رضي الله عنه- ......والفتوحات..

لكن ذكرت مرارًا أن بعض الكُتَّاب كان إعجابه بعمر أكثر؛ لأنهم لا يعرفون خفايا الأمة، ينظرون على الظاهر، وعمر له حضور في المواقف، له حضور، يعني أبي بكر لولا أن ما في قلبه من إيمان يعدل عمر، وإيمان عمر وغير عمر لكان ظاهرًا، عمر له مواقف كثيرة، –والله المستعان-.

طالب:...يسأل...أرسلنا هل هذا يمنع أن الرسول –عليه الصلاة والسلام-....يمنع ...{ربي أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}

وقال النبي عليه الصلاة والسلام......

 اللهم صلي على وسلم

طالب:....

نعم؟

طالب: ........