تعليق على تفسير سورة المائدة من أضواء البيان (17)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول: هذه المسألة جاء ذكرها في الدرس الماضي، وهذه آراء المذاهب في المسألة اتفق العلماء على حصول الرجعة بالقول، يعني إذا قال: راجعتك، واختلفوا في حصول الرجعة بالفعل كالوطء ومقدماته من اللمس والتقبيل على أربعة أقوال:

القول الأول: أن الرجعة تحصل بكل فعلٍ من وطءٍ ولمسٍ وتقبيل، وهو مذهب الحنفية؛ لأنهم اعتبروا ذلك كله رجعةً للدلالة، فكأنه بوطئها قد رضي أن تعود إلى عصمته.

القول الثاني: أن الرجعة تحصل بالفعل كالوطء ومقدماته بشرط أن ينوي الزوج الرجعة بهذه الأفعال، وهو مذهب المالكية؛ لأن اللفظ عبارةٌ عما في النفس، فإذا نوى في نفسه أنه قد راجعها، واعتقد ذلك في ضميره صحت رجعته فيما بينه وبين الله تعالى.

القول الثالث: أن الرجعة لا تحصل إلا بالقول، ولا تصح بالفعل مطلقًا سواءٌ كان مصحوبًا بنية الرجعة أو لا، وهذا مذهب الشافعية؛ لأن ابتداء النكاح لا يحصل بالفعل، وبه فارق حصول الإجازة والفسخ به في زمن الخيار؛ لأن المِلك يحصل به كالسبي.

القول الرابع: أن الرجعة تحصل بالوطء سواءً كان نوى الزوج الرجعة أو لم ينوها، ولا تحصل الرجعة بمقدمات الوطء على الصحيح من المذهب، ويرى ابن تيمية أن الرجعة لا تصح بالوطء إلا بنية المراجعة.

من الذي أحضر هذا؟

طالب:........

لا لا، هذه من باب أولى من الأقوال كلها التي ذُكِرت.

طالب:........

أين؟

طالب:........

لأنه وطء غير زوجته، وطء امرأةً هي غير زوجته، إذا كانت لا تحصل بفعل ولا نوى؛ لأن بعض الناس يُريد أن يغيظ هذه المرأة لا يُريد أن يُراجعها، يُريد أن يتشفى منها فقط، وهذا موجود، لو كانت مسألة إكمال العدة كالوطء من غيره تحتاج إلى أن تُستبرئ، لكن مع ذلك ليس كالزنا من كل وجه؛ لأنه له شُبهة، القول بأنه كالزنا من كل وجه ما هو بصحيح، هو إذا قال: لن أراجع أطأ هذه المطلقة ولن أراجعها يلزم من تعزيره.

طالب:........

الحد قلنا: إنه له فيه شبهة، ومن أهل العلم من يقول هكذا، فأي شيء يُدرأ بالشبهة.

طالب:........

هو حرام مادام ما نوى، يُريد أن يتشفى من هذ المرأة المطلقة، افترض أن سبب الرجعة شيء ما هو بطيب حصل أن زنت مثلاً واستبرأها، ثم وطئها وهو لا ينوي مراجعتها، ولو وُضِع السيف على رقبته ما راجعها، وعرفنا المذاهب الثلاثة كلهم لا بُد من النية.

طالب:........

لا، هي من غير نية العدم، فرق بين نية العدم ونية الوجود، الآن إذا قام إلى الوضوء، ونوى الوضوء استمر الوضوء على النية الأولى، ولا يُشترط استصحاب النية، لكن استصحاب حكمها لا بُد منها أن لا ينوي قطعها، عرفنا أن المذاهب هكذا.

يقول: القول الأول: أن الرجعة تحصل بكل فعلٍ من وطءٍ ولمسٍ وتقبيل، وهو مذهب الحنفية؛ لأنهم اعتبروا ذلك كله رجعةً للدلالة، فكأنه بوطئها قد رضي أن تعود إلى عصمته.

القول الثاني: أن الرجعة تحصل بالفعل كالوطء ومقدماته بشرط أن ينوي الزوج الرجعة بهذه الأفعال وهو مذهب المالكية؛ لأن اللفظ عبارةٌ عما في النفس فإذا نوى في نفسه أنه قد راجعها واعتقد ذلك في ضميره صحت رجعته فيما بينه وبين الله تعالى.

القول الثالث: أن الرجعة لا تحصل إلا بالقول، ولا تصح بالفعل مطلقًا سواءٌ كان مصحوبًا بنية الرجعة أو لا، وهذا مذهب الشافعية؛ لأن ابتداء النكاح لا يحصل بالفعل، وبه فارق....إلى آخره.

القول الرابع: أن الرجعة تحصل بالوطء سواءً كان نوى الزوج الرجعة أو لم ينوها، ولا تحصل الرجعة بمقدمات الوطء على الصحيح من المذهب، ويرى ابن تيمية أن الرجعة لا تحصل بالوطء إلا بنية المراجعة.

طالب:........

نعم.

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله تعالى-: "المسألة الرابعة: لو فعل المحلوف عن فعله ناسيًا".

عندنا "لو فعلت المحلوف عن فعله ناسيًا" ما تجيء "فعله ناسيًا" ناسيًا حال من فاعل فعل، وناسيًا حال من المذكر ينبغي أن يكون لو فعل أو يقول: ناسيةً.

طالب:........

يخاطبك، الشيخ يخاطبك، يعني لو أنت فعلت المحلوف عن فعله ناسيًا يقول الشيخ: ففيه ثلاثة أقوال، ما تجيء، إما أن يكون الفاعل الحالف أو المحلوف عليه ناسيًا.

 

"لو فعل المحلوف عن فعله ناسيًا، ففيه للعلماء ثلاثة مذاهب:

الأول: لا حنث عليه مطلقًا؛ لأنه معذور بالنسيان، والله تعالى يقول: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}[الأحزاب:5] وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»، وهذا الحديث وإن أعله الإمام أحمد، وابن أبي حاتم، فإن العلماء تلقَّوه بالقبول قديمًا وحديثًا، ويشهد له ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قرأ: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة:286]، قال الله: «نَعَمْ»، ومن حديث ابن عباس: قال الله: «قَدْ فَعَلْتُ»، وكون من فعل ناسيًا لا يحنث هو قول عطاءٍ، وعمرو بن دينار، وابن أبي نجيح، وإسحاق، وروايةً عن أحمد، كما قاله صاحب (المغني)، ووجه هذا القول ظاهر للأدلة التي ذكرنا.

وذهب قومٌ إلى أنه يحنث مطلقًا، وهو مشهور مذهب مالك".

والقاعدة عند أهل العلم أن النسيان يُنزِّل الموجود منزلة المعدوم، ولا يُنزِّل المعدوم منزلة الموجود، إن حلف أن تفعل، فلم تفعل تركته ناسيةً، ماذا يصير؟ النسيان ما يُنزِّل المعدوم، وهذا معدوم، بخلاف ما إذا حلف ألا تفعل ففعلت.

"وبه قال سعيد بن جبير، ومجاهد، والزهري، وقتادة".

طالب:........

نعم.

طالب:........

في مسألتنا؟

طالب:........

عام إذا صليت ثلاثًا، وقلت: نسيت أصلي رابعة، ماذا يصير؟ لازم تأتي برابعة، صليت خمسًا قلت: ما دريت، نقول: صلاتك باطلة مثل الثلاث؟ يُنزَّل الموجود منزلة المعدوم، لكنك تَجبر هذا النسيان بسجود السهو، وإلا مثالنا معروف حلف أن تفعل، وحلف ألا تفعل.

هذا القول الثاني يحنث مطلقًا؛ لأن فيه شوبًا من حق الله -جلَّ وعلا- وشوبًا من حق المخلوق، فحق المخلوق لا يبرأ بالنسيان.    

"وربيعة، وأبو حنيفة، وهو أحد قولي الشافعي، كما نقله عنهم صاحب (المغني)، ووجه هذا القول عند القائل به أنه فعل ما حلف لا يفعله عمدًا، فلما كان عامدًا للفعل الذي هو سبب الحنث، لم يُعذر بنسيانه اليمين، ولا يخفى عدم ظهوره.

وذهب قومٌ إلى الفرق بين الطلاق والعتق وبين غيرهما".

نظيره لو نسي في رمضان فأكل، فرق بين أن ينسى أنه صائم، وبين أن ينسى أصل الأكل، يأكل من غير شعور مثلاً وهو يعرف أنه... وهذا يُتصور، ترى في بعض الناس وبعض الحالات أو يجهل أن هذا مُفطِّر، هو يعرف أنه صائم فيكون من باب الجهل، والجهل والخطأ حكمها حكم النسيان عند أهل العلم، فهناك فروق بين هذه المسائل في داخل المسألة الواحدة، في إطار المسألة الواحدة.

طالب:........

أين؟

طالب:........

هو عندك يقول: هو سبب...

طالب:........

ماذا نسي؟

طالب:........

خلاص يتوضأ، لا بُد أن يتوضأ.

طالب:........

وفعله.

طالب:........

هذا غير، يختلف؛ لأن هذا موجود، وذاك معدوم.

طالب:........

نعم وجود وعدم، ووجه هذا القول عند القائل به أنه فعل ما حلف لا يفعله عمدًا، فحلف أنه لو فعل ما حلف لا يفعله عمدًا، فلمَّا كان عامدًا للفعل هذا ناسٍ وهو يأكل عمدًا، لكنه ناسٍ لصيامه مثلاً، فرق بين من ينسى صيامه فيأكل عمدًا، وبين من كان ذاكر لصيامه فأكل سهوًا على تفريع المسألة هذه، وإن كان فيها ما فيها.

ولذلك الشيخ يقول: "ولا يخفى عدم ظهوره" نعم.    

"وذهب قومٌ إلى الفرق بين الطلاق والعتق وبين غيرهما، فلا يُعذر بالنسيان في الطلاق والعتق، ويُعذر به في غيرهما، وهذا هو ظاهر مذهب الإمام أحمد، كما قاله صاحب (المغني)، قال: واختاره الخلال، وصاحبه، وهو قول أبي عبيد.

قال مقيده -عفا الله عنه-: وهذا القول الأخير له وجهٌ من النظر؛ لأن في الطلاق والعتق حقًّا لله وحقًّا للآدمي، والحالف يمكن أن يكون متعمدًا في نفس الأمر، ويدعي النسيان".

فيفوت حق الآدمي، فيُصدَّق بدعواه النسيان؛ ليُفوت حق الآدمي.

"لأن العمد من القصود الكامنة التي لا تظهر حقيقتها للناس، فلو عُذر بادعاء النسيان لأمكن تأدية ذلك إلى ضياع حقوق الآدميين، والعلم عند الله تعالى.

المسألة الخامسة: إذا حلف لا يفعل أمرًا من المعروف كالإصلاح بين الناس ونحوه، فليس له الامتناع من ذلك والتعلل باليمين، بل عليه أن يُكفِّر عن يمينه".

لأن ترك اليمين خير، ترك مثل هذه اليمين خير، والرسول –عليه الصلاة والسلام-: «واللهِ إنِّي لا أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غيرها خَيرًا مِنْهَا إِلا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، ثُمَّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ».

"بل عليه أن يُكفِّر عن يمينه، ويأتي الذي هو خير؛ لقوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ}[البقرة:224] الآية أي: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعةً لكم من البر، وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها، ونظير الآية قوله تعالى في حلف أبي بكرٍ -رضي الله عنه- ألا يُنفق على مِسطح، لما قال في عائشة -رضي الله عنها- ما قال: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النور:22].

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «وَاللَّهِ لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ»، متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة".

في قصة مسطح ودخوله في قصة الإفك، وغضب أبي بكر ولا يُلام يعني من حيث الجِبلة والطبيعة أن يتكلم في عِرض ابنته، ثم يحلف ألا يُنفق عليه، النفقة فضلٌ منه، ثم بعد ذلك يحلف، فيأتي التوجيه الإلهي {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا}[النور:22] ينسوا ما فات، ووقوع مثل هذه الوقائع وهذه الحوادث لها أثر كبير في النفوس، لكنه الدين مُقدم على كل شيء.

ولذا يكثر السؤال وهو من نظير هذه المسألة إذا حصل هفوة أو زلة من ابن الأخ على ابن أخيه أو بنت أخيه، وحصلت القطيعة بين البيتين، فهذا طبيعي أن الغيرة تثور وتفعل كذا وكذا، لكن أين الصلة؟ هل تستمر القطيعة أو نقول مثل ما قيل لأبي بكر -رضي الله عنه-: إنها هفوة أو زلة ومحتها التوبة وكذا؟ النفوس يبقى فيها ما يبقى هذا لا أحد يُنكره؛ لأن هذه أعراض يبقى فيها ما يبقى، وبعض الناس إلى أن يموت لا يُكلم أخاه؛ لحصول مثل هذه المشكلة، لكن التوجيه {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ}[النور:22]، وهو من ممن وقع في الإفك، وقال عنه الله –جلَّ وعلا-: {أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[النور:22] هو من أولي القربى.

فيُسأل عنها كثيرًا يقول: أنا عجزت، ما قدرت أن أصالح أخي، ولده فعل مع ولدي أو بنتي ما فعل ولم يُحرِّك ساكنًا، يعني لو حصل منه تأديب، أو حصل منه شيء خرج الأخ من القضية، ثم يبقى ولد الأخ هذا الذي حصلت منه المشكلة، أو بنت الأخ التي حصلت منها المشكلة، لا شك أن النفوس يبقى فيها ما يبقى، وتبقى الغيرة، ومع ذلك التعامل الشرعي مطلوب؛ لأن هذه من عُضل القضايا التي يُعاني منها الناس، وتكثر الأسئلة عنها، يقول: ما استطعت، هذا ابن أخي، ولا أكلمه من عشر سنين أو عشرين سنة؛ لأنه حصل منه ما حصل بالنسبة لولده أو بنته أو ما أشبه ذلك، صحيح أن المسألة كارثة ومُعضلة وحازة في النفس، وحافرة في القلب، لكن مع ذلك {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ}[النور:22].

دافع عن ولده، تحمل وزر الولدان، أليس ولدك برحم؟ رحِم.     

"وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنِّي وَاللَّهِ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا» متفقٌ عليه أيضًا من حديث أبي موسى.

وقوله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن سمرة: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ» متفقٌ عليه أيضًا".

جاء في البخاري «إنكم ستسألون الإمارة، وإنها حسرةٌ وندامةٌ يوم القيامة، فنِعم المرضعة وبئست الفاطمة» كثير من الناس يدخل في الولايات وفي الوظائف وكذا منشرح الصدر ومبسوط، ويستمر على ذلك، ثم بعد ذلك في النهاية يحصل ما يحصل من أمور الدنيا والله المستعان، نعم.  

"والأحاديث في الباب كثيرة، وهذا هو الحق في المسألة خلافًا لمن قال: كفارتها تركها متمسكًا بأحاديث وردت في ذلك".

يعني مع تركها لا يلزمه الكفارة، لكن الأصح ما جاء في الصحيح، «إِلا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، ثُمَّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»، والرواية الأخرى «فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ»، ولذا يجوز على حدٍّ سواء أن تُكفِّر عن يمينك وتأتي الذي هو خير، أو تأتي الذي هو خير ثم تُكفِّر عن يمينك؛ لأن مثل هذا يجتمع فيه سبب الوجوب ووقت الوجوب، لا يجوز تقديم الكفارة على السبب والوقت، ويجوز تأخير الكفارة عنهما، ويجوز بينهما؛ ولهذه المسألة نظائر ذكرها الحافظ ابن رجب في القواعد.       

"قال أبو داود: والأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كلها: «فليكفر عن يمينه»، وهي الصحاح، والعلم عند الله تعالى.

قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[النساء:92]، لم يُقيد هنا رقبة كفارة اليمين بالإيمان، وقيَّد به كفارة القتل خطأً.

وهذه من مسائل المطلق والمقيد في حالة اتفاق الحكم، مع اختلاف السبب، وكثيرٌ من العلماء يقولون فيه بحمل المطلق على المقيد، فتُقيد رقبة اليمين والظهار بالقيد الذي في رقبة القتل خطأً، حملاً للمطلق على المقيد، وخالف في ذلك أبو حنيفة ومن وافقه.

وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب) في سورة النساء عند قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[النساء:92]؛ ولذلك لم نُطِل الكلام بها هنا".

في هذه الصورة التي ذكرها الشيخ –رحمه الله- اتفاق الحكم وهو وجوب العتق في المسألتين مع اختلاف السبب ما هذا؟ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[النساء:92] هذا يمين، وذاك قتل اختلف السبب، وعند الجمهور يُحمل المطلق على المقيد خلافًا للحنفية.

عكس ذلك إذا اختلف الحكم واتحد السبب لا يُحمل المطلق على المقيد، فاليد في آية الوضوء مقيدة بالمرفقين، وفي آية التيمم مطلقة السبب واحد كله حدث، لكن هذا غسل، وهذا مسح، إذا اختلف الحكم والسبب في اليد في آية الوضوء مقيدة بالمرفق، وفي آية السرقة مطلقة، يتفقان في ماذا؟ يختلفان لا حكم ولا سبب، وهذا محل اتفاق يكاد يكون اتفاق عن أهل العلم أنه لا يُحمل المطلق على المقيد.

الصورة الرابعة: وهي تتمة القسمة أن يتفقا في الحكم والسبب، وحينئذٍ يُحمل المطلق على المقيد إجماعًا كالدم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}[المائدة:3]، في الآية الأخرى {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}[الأنعام:145] فيُحمل المطلق الدم على المسفوح وهو المقيد.

"والمراد بالتحرير الإخراج من الرق، وربما استعملته العرب في الإخراج من الأسر، والمشقات، وتعب الدنيا ونحو ذلك، ومنه قول والدة مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}[آل عمران:35] أي: من تعب أعمال الدنيا، ومنه قول الفرزدق همام بن غالب التميمي:

أَبَنِي غُدَانَةَ إِنَّنِي حَرَّرْتُكُمْ

 

فَوَهَبْتُكُمْ لِعَطِيَّةَ بْنِ جِعَالِ

يعني حررتكم من الهجاء، فلا أهجوكم".

كأن عطية بن جعال هذا جاء يشفع لهم، وقال: اتركهم ودعهم لا تهجهم، فوهبهم له.

"قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ}[المائدة:90] الآية، يُفهم من هذه الآية الكريمة أن الخمر نجسة العين؛ لأن الله تعالى قال إنها: {رِجْسٌ}[المائدة:90] والرجس في كلام العرب كل مستقذرٍ تعافه النفس.

وقيل: إن أصله من الركس، وهو العذرة والنتن".

لما جاء ابن مسعود بالحجرين والروثة، وكانت الروثة روثة حمار، فقال: أبغني ثالثًا، قال: إن هذه ركس يعني: نجسة فابغني ثالثًا يعني لا بُد من حجر ثالث، وهذه نجسة لا تصلح للاستنجاء.  

"قال بعض العلماء: ويدل لهذا مفهوم المخالفة في قوله تعالى في شراب أهل الجنة: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}[الإنسان:21]؛ لأن وصفه لشراب أهل الجنة بأنه طهور يُفهم منه أن خمر الدنيا ليست كذلك، ومما يؤيد هذا أن كل الأوصاف التي مدح بها تعالى خمر الآخرة منفيةٌ عن خمر الدنيا، كقوله: {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ}[الصافات:47]، وكقوله: {لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ}[الواقعة:19] بخلاف خمر الدنيا ففيها غولٌ يغتال العقول، وأهلها يصدعون، أي: يُصيبهم الصداع الذي هو وجع الرأس بسببها، وقوله: {وَلا يُنزِفُونَ}[الواقعة:19] على قراءة فتح الزاي مبنيًّا للمفعول، فمعناه: أنهم لا يسكرون، والنزيف السكران، ومنه قول حميد بن ثور:

نَزِيفٌ تَرَى رَدْعَ الْعَبِيرِ يُجِيبُهَا كَمَا

 

ضَرَّجَ الضَّارِي النَّزِيفَ الْمُكْلَمَ

يعني أنها في ثقل حركتها كالسكران، وأن حمرة العبير الذي هو الطيب في جيبها كحمرة الدم على الطريد الذي ضرَّجه الجوارح بدمه، فأصابه نزيف الدم من جرح الجوارح له، ومنه أيضا قول امرئ القيس:

وَإِذْ هِيَ تَمْشِي كَمَشْيِ النَّزِيفِ

 

يَصْرَعُهُ بِالْكَثِيبِ الْبُهُرْ

وقوله أيضًا:

نَزِيفٌ إِذَا قَامَتْ لِوَجْهٍ تَمَايَلَتْ

 

تُرَاشِي الْفُؤَادَ الرَّخْصَ أَلَّا تَخْتَرَ

وقول ابن أبي ربيعة أو جميل".

ابن عمر بن أبي ربيعة.

فَلَثَمَتْ فَاهَا آخِذًا بِقُرُونِهَا

 

شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ مَاءِ الْحَشْرَجِ

الشيخ من حفظه يذكر الأبيات؛ ولذلك تردد هل ابن أبي ربيعة عمر بين ربيعة أو جميل، جميل بُثينة؟

"وعلى قراءة ينزفون بكسر الزاي مبنيًا للفاعل، ففيه وجهان من التفسير للعلماء:

أحدهما: أنه من أنزف القوم إذا حان منهم النزف وهو السكر، ونظيره قولهم: أحصد الزرع إذا حان حصاده، وأقطف العنب إذا حان قِطافه، وهذا القول معناه راجعٌ إلى الأول.

قيل: أنه من أنزف القوم".

والثاني.

"والثاني: أنه من أنزف القوم إذا فنيت خمورهم، ومنه قول الحطيئة:

لَعَمْرِي لَئِنْ أَنْزَفْتُمُوا أَوْ صَحَوْتُمُوا

 

لَبِئْسَ النَّدَامَى أَنْتُمْ آلٌ أَبْجَرَا

وجماهير العلماء على أن الخمر نجسة العين لما ذكرنا".

ونُقِل الإجماع على ذلك، لكن الخلاف موجود.

"وخالف في ذلك ربيعة، والليث، والمزني صاحب الشافعي، وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين، كما نقله عنهم القرطبي في (تفسيره).

واستدلوا لطهارة عينها بأن المذكورات معها في الآية من مال ميسرٍ، ومال قمارٍ، وأنصابٍ، وأزلام ليست نجسة العين، وإن كانت مُحرَّمة الاستعمال".

أما الاستدلال بدلالة الاقتران فهي مضعَّفة عند أهل العلم، كما جاء في الخيل والحمير والبغال {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}[النحل:8]، قالوا: إنها كلها مُحرَّمة، يقول الحنفية: كلها مُحرمة الأكل، وأخرج منها الجمهور الخيل، وقالوا: الحنفية استدلوا بدلالة الاقتران وهي ضعيفة، ودل على حِل الخيل أدلة خاصة.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

يُبيحونه؟

طالب:........

ولماذا يمنعونه، والحنابلة؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

لا.

طالب:........

أما الحاشي، الحاشي يمنع من إباحة الخيل يا أبا عمر.

طالب:........

لا، الجمهور على إباحته.

طالب:........

ذبحنا فرسًا على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فأكلناه.

طالب:........

ما جاء نسخ، أنت تصير حنفيًّا وتحرمها على نفسك بكيفك.

طالب:........

أنا أقول -طيب طيب ما يخالف بدون يمين-: أنت هل تريد لنفسك تحليلها أو تحريمها والنص ثابت؟ كونك لا تأكل هذا شيء آخر، كثير من الناس لا يأكل لحم البقر، وهي حلالٌ بالإجماع، ما فيه أحد يُلزم الذي ما يأكل أن يأكل؛ لأن الشهوة لا أحد يلزم بها، حتى ولا الوالد يُلزم الولد إذا كان هناك نوع من الطعام لا يأكله فيُلزمه أن يأكل لا يلزم، الطعام بالمعروف، فهذه المسألة.

أنت باحث المسألة في رسالة؟

طالب:........

ما شاء الله عليك.

طالب:........

لا لا، خذه قول الجمهور، ودليله في الصحيح، ذبحنا فرسًا على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والذين منعوه قالوا: إنه مقرون {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ}[النحل:8] فتكون كلها مُحرَّمة مثل ما عندنا {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ}[المائدة:90] يقولون: مادام الخمر مع الميسر، ومع الأنصاب لماذا هذه طاهرة وهو نجس؟

طالب:........

المنع عند المالكية، نعم.

طالب:........

لماذا لبَّست علينا يا أبو عمر، تقول: مالك يُبيح لحم الخيل؟

طالب:........

راجع راجع.

طالب:........

المالكية المعروف عنهم في مسألة الأطعمة بخلاف الأشربة عكس الحنفية.

طالب:........

فقط الرأس؟

طالب:........

نعم، هذه الذي ولج منها المالكية للتحريم أو للكراهة لبعض الأنواع من اللحوم ومن الأطعمة، نعم.    

"وأُجيب من جهة الجمهور بأن قوله: {رِجْسٌ}[المائدة:90] يقتضي نجاسة العين في الكل، فما أخرجه إجماعٌ، أو نص خرج بذلك، وما لم يخرجه نصٌّ ولا إجماع لزم الحكم بنجاسته؛ لأن خروج بعض ما تناوله العام بمخصصٍ من المخصصات، لا يُسقط الاحتجاج به في الباقي، كما هو مقررٌ في الأصول، وإليه الإشارة بقول صاحب (مراقي السعود):

وَهُوَ حُجَّةٌ لَدَى الْأَكْثَرِ إِنْ

 

مُخَصِّصٌ لَهُ مُعَيِّنًا يَبِن

يبنْ.

وعلى هذا، فالمسكر الذي عمت البلوى اليوم بالتطيب به المعروف في اللسان الدارجي بالكولونيا نجسٌ لا تجوز الصلاة به، ويؤيده أن قوله تعالى في المُسكر: {فَاجْتَنِبُوهُ}[المائدة:90] يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا يُنتفع معه بشيء من المسكر، وما معه في الآية بوجهٍ من الوجوه، كما قاله القرطبي وغيره".

لو نرى كلام القرطبي عن حكم نجاسة الخمر؛ لأنه من أئمة المالكية.

نعم.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

نعم، فرعٌ منه؛ لأن العلة الإسكار عنده، العلة الإسكار وإلا فأصل المواد طاهرة، هذا رأيه ونكمل ونرى.

طالب:........

على كلام الشيخ هذا، دعونا نرى ونكمل، خلوه يكمل.

قال الإمام القرطبي –رحمه الله تعالى-: "المسألة الثالثة: فهم الجمهور من تحريم الخمر، واستخباث الشرع لها، وإطلاق الرجس عليها، والأمر باجتنابها، الحكم بنجاستها.

وخالفهم في ذلك ربيعة والليث بن سعد والمُزني صاحب الشافعي، وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين، فرأوا أنها طاهرة، وأن المُحرَّم إنما هو شُربها.

وقد استدل سعيد بن الحداد القروي على طهارتها بسفكها في طُرق المدينة، قال: ولو كانت نجسة لما فعل ذلك الصحابة -رضوان الله عليهم- ولنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه كما نهى عن التخلي في الطرق.

والجواب، أن الصحابة فعلت ذلك؛ لأنه لم يكن لهم سروبٌ ولا آبار يريقونها فيها، إذ الغالب من أحوالهم أنهم لم يكن لهم كنفٌ في بيوتهم.

وقالت عائشة -رضي الله عنها- إنهم كانوا يتقذرون من اتخاذ الكُنف في البيوت، ونقلها إلى خارج المدينة فيه كُلفةٌ ومشقة، ويلزم منه تأخير ما وجب على الفور، وأيضًا فإنه يمكن التحرز منها، فإن طرق المدينة كانت واسعة، ولم تكن الخمر من الكثرة بحيث تصير نهرًا يعم الطريق كلها، بل إنما جرت في مواضع يسيرة يمكن التحرز عنها -هذا- مع ما يحصل في ذلك من فائدة شهرة إراقتها في طريق المدينة، ليشيع العمل على مقتضى تحريمها من إتلافها، وأنه لا يُنتفع بها، ويتتابع الناس ويتوافقوا على ذلك. والله أعلم.

فإن قيل: التنجيس حكمٌ شرعي ولا نص فيه، ولا يلزم من كون الشيء محرمًا أن يكون نجسًا، فكم من محرمٍ في الشرع ليس بنجس.

 قلنا: قوله تعالى: {رِجْسٌ}[المائدة:90] يدل على نجاستها، فإن الرجس في اللسان النجاسة، ثم لو التزمنا ألا نحكم بحكم إلا حتى نجد فيه نصًّا لتعطلت الشريعة، فإن النصوص فيها قليلة، فأي نصٍّ يوجد على تنجيس البول والعذرة والدم والميتة وغير ذلك؟ وإنما هي الظواهر والعمومات والأقيسة. وسيأتي في سورة الحج ما يوضح هذا المعنى، إن شاء الله تعالى".

أكمل كلام الشيخ.

"السابعة: قوله: {فَاجْتَنِبُوهُ}[المائدة:90]"

طالب:.......

لا لا. 

"قال مقيده -عفا الله عنه-: لا يخفى على منصف أن التضمخ بالطيب المذكور، والتلذذ بريحته واستطابته، واستحسانه مع أنه مُسكر، والله يصرِّح في كتابه بأن الخمر رجس فيه ما فيه، فليس للمسلم أن يتطيب بما يسمع ربه يقول فيه: إنه رجس، كما هو واضح، ويؤيده أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بإراقة الخمر فلو كانت فيها منفعةٌ أخرى لبينها، كما بيَّن جواز الانتفاع بجلود الميتة، ولما أراقها".

لكن هل في الخمر التي كانت في عهده –عليه الصلاة والسلام- طيب يُستلذ به، ويُستمتع به؟ يعني المفسدة موجودة، والمصلحة مُنتفية؛ لأن الشيخ يقول: "فليس للمسلم أن يتطيب بما يسمع ربه يقول فيه: إنه رجس، كما هو واضح، ويؤيده أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بإراقة الخمر" الخمر مُنتنة.

طالب:.......

الشيخ يُريد أن يقول: مادام يُنتفع بها في رائحتها ينتفعون بها، والله سماها رجسًا، فليس للمسلم أن يتطيب بما يسمع ربه يقول فيه هكذا من وجه، فلها أكثر من وجه هذه لها الإسكار ولها الطيب، فيها إسكار وفيها طيب، الخمر شرٌّ لا خير فيه إلا على ما جاء من النفع المغمور في مفاسده مضاره.

طالب:.......

ما هو بكله، هم يقولون الكحولات مُسكرة، تُريد تحلل هذا أنت؟

طالب:.......

الإشكال أن التصور إذا كان غير كافٍ ظهر الحكم ناقصًا، الآن هذه السموم التي قالوا: إنها قاتلة يُستعمل منها بنسبةٍ يسيرة في الأدوية، صح؟ ولذلك شعار الصيدليات حية، ثُعبان صح أم لا؟

طالب:.......

ماذا؟

طالب:.......

لأن فيها سُمًّا، والسُّم يُستعمل في العقاقير.

طالب:.......

لكن ما تجدها الصيدليات الثُّعبان؟

طالب:.......

جاءنا تقارير...

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

لا، ثُعبان ويقرون بهذا، لكن جاء تقارير تقول: إن بعض الديانات تعتمد هذا النوع من الثعابين في الأدوية في كذا، والله أعلم، لكن يبقى النفع والضرر، والنص حاكم على الجميع.

لو قلنا: الكحول، قال الأطباء: اللبن فيه نسبة كحول ماذا تقول؟ صح قالوا فيه هذا.

طالب:.......

ما اسمها؟

طالب:.......

لا، ما يلزم اللبن فيه كحول.

طالب:.......

أنا قلت: اتركوا اللبن؟ أنا قلت هذا؟ أنا قلت: اتركوا اللبن؛ لأنه مُسكر؟ أنا أقول: قال بعضهم من الأطباء، قالوا: إن اللبن فيه نسبة كحول، لماذا يقولون لنا هذا الكلام؟ يُلزموننا أنه ليس كل كحول مُسكرًا، وأنت تقول هذا أم لا؟

طالب:.......

خلاص انتهينا، أنت كلامك صحيح، لكن أنت اصبر إلى أن أكمل الذي عندي، أنت مرجع في هذا كيميائي أنت.

طالب:.......

نستفيد والله، نستفيد في أمور الطب، يُستفاد من الأطباء، في أمور كذا، والعالم والعلماء عمومًا يحتاجون إلى من يُعينهم في التخصصات الأخرى؛ لأن الإحاطة بجميع ما يُدار ويُقال صعب جدًّا.

طالب:.......

جربت؟

طالب:........

 بعضهم سكر سريعًا، لا لا يا شيخ.

طالب:.......

هو في الأصل ليس بمسكر، لكن من استعمله سكِر.

طالب:.......

يستعمله الشباب، يشفطونه، يشفطه ويسكر.

طالب:.......

ما أدري، ما أدري والله.

طالب:.......

ماذا يفعل؟

طالب:.......

ما يُذهب العقل؟

طالب:.......

لا، الواقع نحتاج إلى دليل، وإلا بعض أنواع الغراء يستعمله الشباب، لكن هل هذا كافٍ في تحريم المادة أم لا؟ أو إنما حُرِّم أكلها في الميتة ويبقى الانتفاع من وجوهٍ أخرى لا بأس به؟

سمعت؟

طالب:.......

ماذا؟

طالب:.......

هو إذا نظرنا إلى تركيبة الخمر الأصلي، وأنه مواد مركبة من أطعمة، والأطعمة إذا مضى عليها وقت فقد تتحول إلى نجاسات، وتتحول إلى أمور مُنتنة مؤذية شبيهة بالمحرم من النجاسات، ففيها وجه شبه، تختلف هذه المواد فبعضها مُنظفة.

وبالمناسبة، ذُكِرت المناظرة بين القفال من الشافعية، وبين ما أدري الدمغاني من الحنفية أو غيره من أئمة الحنفية في صلاةٍ منسوبة لأبي حنيفة، فجاء القفال، وهذه المناظرة ذكرها وعلق عليها محمد فريد وجدي في دائرة معارف القرن العشرين في ترجمة محمود بن سُبكتكين، وهو والٍ من الولاة، وأيضًا على مذهب أبي حنيفة، فالفقيه يُريد أن يكون الوالي يُناسبه في المذهب مثل مذهبه؛ لأن الوالي إذا صار على مذهبٍ معين انفتحت لهم أمور الدنيا، حتى إن بعض الناس ينتقل من مذهب إلى مذهب؛ لأن الوالي على هذا المذهب، ولا يوظِّف من القضاة والمُفتين وكذا إلا منهم، فينتقل إلى المذهب.

 فحضر القفال ومعه -ما أدري والله نسيت- الدامغاني أو غيره من الحنفية، والله نسيت أنا بعيد العهد جدًّا حضروا عند محمود بن سُبكتكين، وكان نية القفال على ما قيل إن صحت القصة؛ لأنها مذكورة في كتابٍ اسمه (القول الأحق) يعني في ترجيح مذهب الشافعية على غيرهم.

فجاء يُريد أن يثني محمود بن سُبكتكين عن مذهب أبي حنيفة، فأراد أن يُصلي بين يديه ركعتين تجعل هذا الخليفة يكره المذهب، وينتقل إلى غيره، فجاء بنبيذ، وتوضأ به، والحنفية عندهم الوضوء بالنبيذ جائز، توضأ به، النبيذ حلو، فاجتمعت الحشرات عليه، وجاء بجلد ميتة غير مدبوغ، وفيه بقايا اللحم، وجعل الصوف من الداخل، فكثرت الحشرات، فنقر ركعتين في آخرهما أحدث ما سلَّم. قال محمود بن سُبكتكين للحنفي: الصلاة عندكم صحيحة؟ قال: نعم؛ لأنها بمجموعها موجودة في المذهب، هي موجودة في المذهب، لكن هل يُعقل أن إمامًا مثل أبي حنيفة أو غيره يُصلي هذه الصلاة، يُقابل بها الله- جلَّ وعلا-؟! لكن مفرداتها جُمِّعت ولُفِّقت، فانتقل محمود بن سُبكتكين من المذهب الحنفي إلى الشافعي.

علق المؤلف الذي هو محمد فريد وجدي، وقال: ثم ماذا إذا توضأ بنبيذ، وفيه كحول وسبرتو منظفات هذه، فيها زيادة تنظيف؟

طالب:........

المهم أن كل واحدٍ يُريد الشيء إلى مذهبه، هذا إن صحت القصة، لكن مع ذلك مجموع هذه الأمور موجودة في كُتب الحنفية، كون المصلي يُحدث في آخر صلاته ولا يسلم هذا موجود، كونهم يتوضؤون بنبيذ يتوضؤون.

على كل حال الشاهد أن النبيذ وفيه كحول وسبرتو، ما اسمه؟

طالب:.........

معروف؟

طالب:.........

فيه سبرتو هذه مطهرات، يعني أنت لو يصير عليك نجاسة أو دسم أو شيء تأتي بمثل هذه الأمور لتزيل أثره تزيل الأثر، فكونها تُساق مساق الذم، وهي في حقيقتها مدح يقول صاحب الكتاب: هذا قلب للحقائق، ومن أراد القصة موجودة وبتفاصيلها يعني أنا يمكن من وقتٍ طويل، من عشرات السنين قرأتها، ونسيت أكثرها، لكن هذه هي خلاصتها.

طالب:.........

نعم.

طالب:.........

على أنه شيخ الإسلام يقول: هو أضر من الخمر.

طالب:.........

لكن أنت تشم هذا من كلام الشيخ؟ لا.

طالب:.........

تقليدًا للشيخ، أكثرهم تقليدًا للشيخ، ومنهم من جعل الضابط بالإسكار في وقتٍ لا يُوجد فيه هذه الأمور المعاصرة، فهمت؟

طالب:.........

لا، أنا أقول: في وقتٍ لا تُوجد فيه هذه الأمور، فلا تدخل في ضابطهم القديم، يعني لو وُجِدت وجِد ما يضبطها.

طالب:.........

أنت الآن تناقش كلام الشيخ؟

طالب:.........

خلاص خلاص انتهينا، أنت والشيخ تتناقشون.

انظر، اسمع، الآن عندنا أمور نظيرة للحشيش، وهي المخدرات، بل هي هي، هي المخدرات.

طالب:.........

لماذا؟

طالب:.........

ليس الحشيش الذي يُباع للأغنام.

طالب:.........

لا، الحشيش المُسكر، ما معنى أنه مُسكر؟ العلماء يُطبِقون ويقولون: شرٌّ من الخمر وأضر على الإنسان من الخمر ما يُسكر؟

طالب:.........

ما جئنا لمسألة الطهارة، أنا أحضر لكم كلام.....

طالب:.........

متى متى؟

طالب:.........

وشيخ الإسلام والذي قبله حرموه.

طالب:.........

نعم، ونقلوا عليه الإجماع، الحشيش هو نفسه.

طالب:.........

اسمع سآتي لكم بفائدة.

يوجد شخص حقق كتاب (التذكرة) لابن الملقن، كتاب صغير في علوم الحديث، وتكلم المؤلف على مسألة الأصل، هل الأصل الطهارة أو النجاسة؟ هل الأصل الإباحة أو التحريم؟ وقال: كالحشيشة، كالحشيش، قال هكذا المؤلف، ثم جاء المعلق: كيف يقول المؤلف هذا الكلام في الحشيش المُحرَّم بالإجماع والضار، وقال شيخ الإسلام، وقال ابن البيطار، وقال كذا من الأطباء؟

طالب:.........

ماذا؟

طالب:.........

لا، هذا الحشيش الذي يقول: طلعت للبر، ولقيت لك ورقة من الحشيش وأعجبتك تأكل أم ما تأكل؟

طالب:.........

لا على الأصل إن كان الأصل التحريم ما تأكل؛ حتى تجد الدليل.

طالب:.........

يا ابن الحلال، خلنا نقرر المسألة من أصولها، إذا كان الأصل التحريم ما تأكل إلا بدليل، إذا كان الأصل الإباحة تأكل حتى يرد دليل المنع، فهو ذهب إلى.. توسَّع خطوة إلى أن تعدى الحدود، المؤلف ما يقصد هذا، يقصد الحشيش الذي أصله لا يُعرف له دليل.

طالب:.........

دعنا من هذه، انتهينا منها.

طالب:.........

بعضهم ينقل الإجماع على طهارتها، الأصنام طاهرة أم نجسة؟ «إن الله حرَّم بيع الخمر والأصنام» قالوا: إذا كانت من خشب مثلاً أو من ذهب يقدر أحد أن يقول: حرام، نجسة أم طاهرة؟

طالب:.........

 لا، هذا شيء ثانٍ.

طالب:.........

أين؟

طالب:.........

حتى الشيخ ابن عثيمين، وهو من أهل النظر الدقيق قال: إن هذه أمور الكحول نسبة يسيرة ما تؤثر، ولو أُفردت ما أسكرت، وكذا، فجعل النظر فيها إلى التأثير وعدمه.

طالب:.........

نعم.

طالب:.........

لا لا، هي بالنسبة للإسكار، بالنسبة لشربها؛ لأنها مسكر.

طالب:.........

أنت تعرف الحشيش الذي يتكلمون عنه؟ أسألك سؤالًا؛ لأنك لا بُد أن تعرف حقيقته، ثم تتكلم عنه.

طالب:.........

يُشرب؟ الحشيش يُشرب أم يؤكل؟

طالب:.........

يُشرب؟

طالب:.........

سائل هو؟

طالب:.........

يُشرب كالدخان، أنا ما أدري عنه، ولا رأيناها قط، ولله الحمد.

هو الذي ينظر إلى أن هذه المواد لا علاقة لها بالنجاسة، والطهارة حكم، هذا لو تضمخ بها ليل نهار ما عليك، والذي ينظر إلى أنها إذا أثرت وصار لها نسبة مُعتبرة بحيث لو أُفرِدت هذه النسبة أسكرت صار حكم آخر.

كمل يا شيخ نلحق الوقت.                                             

"واعلم أن ما استدل به سعيد بن الحداد القروي على طهارة عين الخمر بأن الصحابة أراقوها في طرق المدينة؛ ولو كانت نجسة، لما فعلوا ذلك، ولنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك".

اللهم صل على محمد.

 "كما نهاهم عن التخلي في الطرق، لا دليل له فيه، فإنها لا تعم الطرق، بل يمكن التحرز منها؛ لأن المدينة كانت واسعة، ولم تكن الخمر كثيرةً جدًّا بحيث تكون نهرًا أو سيلاً في الطرق يعمها كلها، وإنما أُريقت في مواضع يسيرة يمكن التحرز منها، قاله القرطبي، وهو ظاهر".

هذا كلام القرطبي بحروفه -رحمه الله-.

الله صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه.

"