بلوغ المرام - كتاب الزكاة (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: كتاب الزكاة:

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث معاذاً -رضي الله عنه- إلى اليمن، فذكر الحديث، وفيه: ((إن الله قد افترض عليهم صدقةً في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقراءهم)) متفق عليه، واللفظ للبخاري.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الزكاة:

والزكاة: أصلها النماء والتطهير، فبها يزكو المال، ويكثر وينمو، وبها يزكو صاحب المال، ويبارك له، وهي طهرة للمال ولصاحبه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [(103) سورة التوبة] يعني أصحاب الأموال، وزكاة الفطر طهرة للصائم، وزكاة المال طهرة لصاحب المال، وهي أيضاً نماء وزيادة في المال، وقد يقول قائل أن صاحب الألف إذا أدّى زكاته صار بعد أن كان ألفاً صار تسعمائة وخمسةً وسبعين، فأين الزيادة؟ وأين الزكاة؟ وأين النماء؟ هو نقص، وسيأتي الأمر بالاتجار في أموال الصبيان لئلا تأكلها الصدقة، أما من حيث الظاهر فالزكاة بحسم المقدار الواجب ينقص المجموع الكلي، هذا من حيث الظاهر؛ لكن في حقيقة الأمر وباطنه والواقع يشهد بذلك، الواقع يشهد بهذا أنها زيادة في المال، وترك الزكاة محق للمال، وذهاب لبركته، وكم من شخصٍ جمع الأموال، وشحّ بالواجب فذهبت أمواله سدى، ولم ينتفع بها، بل صارت وبالاً عليه والأمثلة على ذلك كثيرة، إذا عرفنا هذا، ومن المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، حتى لو كانت نقص، افترض أنها نقص، كما يدعيه بعضهم: "ما هي إلا جزية أو أخت الجزية" افترض أنها نقص هي قبل ذلك ركن من أركان الإسلام، في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في الصحيحين وغيرهما: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة)) ركن من أركان الإسلام، يرى جمع من أهل العلم كفر مانع الزكاة، وهو قول معروف يشمله القول بكفر تارك أحد الأركان الخمسة، أما بالنسبة للشهادة محل إجماع أنه لا يدخل في الإسلام إلا إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأما بالنسبة للصلاة فدلت النصوص الصحيحة الصريحة على كفر تاركها، والصحابة لا يرون من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة، وأما بالنسبة للزكاة فقال بكفره، كفر مانعها بعض العلماء، ورواية في مذهب أحمد، انتصر لها بعض أصحابه ككفر تارك الصيام وترك الحج بل أولى؛ لأنها قرينة الصلاة، وقد قاتل أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- بالاتفاق مع الصحابة من منع الزكاة، قاتلوهم وأقسم أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- أن يقاتل من فرّق بين الصلاة والزكاة، فالأمر خطير ليس بالسهل، فالواجب على من بلغت أمواله النصاب، وحال عليها الحال أن يخرجها طيبةً بها نفسه، والمؤمل في المسلم أن يدفع أكثر من الزكاة، والخلاف في المال هل فيه حق غير الزكاة أو ليس فيه حق سوى الزكاة؟ وجاء من حديث عائشة -رضي الله عنها- النفي والإثبات: (ليس في المال حق سوى الزكاة) وجاء عنها (إن في المال حقاً سوى الزكاة) فلا شك أن في المال حقوق واجبة غير الزكاة، حقوق واجبة غير الزكاة مما يتعيّن عليهم من نفقات، ومن ضيافة ضيف، ومن إغاثة ملهوف، لا يجوز البتّة أن يجوع المسلم وله جيران من ذوي اليسار، يجب على المسلم أن يسدّ خلّة أخيه، هذا واجب في ماله، ففي المال من هذه الحيثية حق سوى الزكاة، وقد ذمّ الله -جل وعلا- الذين يمنعون الماعون، وأما بالنسبة للفرض المقدّر فليس في المال حق سوى الزكاة، فيصح حينئذٍ النفي والإثبات، وحمل النفي على صور، والإثبات على صور، والزكاة يقول أكثر العلماء: أنها فرضت في السنة الثانية من الهجرة، قبل فرض الصيام.

وفي الحديث الأول: يقول الحافظ -رحمه الله- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث معاذاً إلى اليمن، بعث معاذاً -رضي الله تعالى عنه- إلى اليمن فذكر الحديث بطوله، وكان بعث معاذ في السنة العاشرة قبل أن يحج النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو في السنة التاسعة أو في السنة الثامنة على خلافٍ بين أهل العلم في ذلك، بعثه إلى اليمن معلماً وداعياً، وأخبره -عليه الصلاة والسلام- أنه يقدم على قومٍ أهل كتاب ليتأهب لدعوتهم ومجادلتهم ومحاجّتهم، فدعوة من عنده علم تختلف عن دعوة من لا علم عنده، دعوة العامي سهلة، العامي سهل القياد؛ لكن من عنده علم من أنصاف المتعلمين الذي حفظ بعض الشيء الذي يحاجّ ويجادل فيه، اطلع على بعض المتشابهات مثل هذا يصعب إقناعه؛ لكن مع ذلك دعوته منها، فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- أنهم أهل كتاب ليتأهب لدعوتهم، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله)) هذا أوجب الواجبات، وأول ما يجب على المكلف، بل يفرض عليه، خلافاً لمن قال إن أول الواجبات النظر أو القصد إلى النظر أو الشك كما يقول المتكلمون، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) هذا أول ما يجب، فإذا أذعنوا، وقالوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، أقروا بالشهادتين، واعترفوا بهما، تدرّج في دعوتهم حسب الأهمية، ((فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة)) فلا يدعى إلى الصلاة من لا يشهد أن لا إله إلا الله، ولا يؤمر بها، وهذه حجة من يقول: أن الكافر غير مخاطب بالفروع؛ لأن الأصل شرط لصحة الفروع، وما دام لا يخاطب بها أثناء كفره، ولا يؤمر بها إذا أسلم بقضائها، فما الفائدة من خطابه بها، والجمهور على أن الكافر مخاطب بالفروع، وإن كان لا يؤمر بها حال كفره، ولا يؤمر بقضائها إذا أسلم، إلا أنه يعاقب عليها ويعذب على تركها إضافةً على عقوبته وعذابه بترك الأصل الذي هو الإيمان، ولا شك أن الإيمان شرط للصحة؛ لكن مقتضى قول من يقول بهذا الرأي، رأي أنه لا يأتي بالمشروط قبل أن يتحقق الشرط، ولا يؤمر به مقتضى هذا أنك إذا رأيت شخصاً وقد أقيمت الصلاة ما تقول له: صل، ما تأمره بالصلاة، تأمره بالوضوء، فإن توضأ تقول له: صل، يعني أنت مررت في طريقك إلى المسجد برجل مكلف عاقل مسلم واقف بقرب المسجد تقول له: صل وإلا تقول له: توضأ؟ لا بد أن يؤمر بالصلاة، وأمره بالصلاة أمر بجميع ما تطلبه الصلاة، مقتضى قول الحنفية، وأنه لا يؤمر وليس بمأمور ولا مكلف إلا إذا أسلم يقتضي هذا أننا إذا رأينا شخصاً لا نقول له: صل حتى نتأكد أنه متوضي، وليس معنى هذا أن الصلاة تصح منه إذا أداها قبل أن يسلم أو أن الصلاة تصح منه إذا أداها قبل أن يتوضأ، ((لا يقبل الله صلاةً بغير طهور)) ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)).

((فإن أطاعوا لك في ذلك فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم)) وهذا هو الشاهد في الحديث، يعني استجابوا وأذعنوا بالشهادتين والصلاة، فأخبرهم بالركن الثالث، أن الله -جل وعلا- قد افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، لو قال قائل مثلاً دُعي هذا الكافر فاستجاب إلى الشهادتين ورفض أن يصلي، هل يؤمر بالزكاة؟ لا سيما إذا كان الداعية هذا الذي تولى دعوة هذا الكافر لا يرى كفر تارك الصلاة؟ يعني هذا الكافر المدعو شهد أن لا إله إلا الله، وغني عنده أموال، يقول: أنا مستعد أشهد أن لا إله إلا الله، وأؤدي زكاة مالي، لكن ما يصلي، رفض أن يصلي، هذا إن لم يعترف بوجوبها، هذا لم يدخل في الإسلام بالكلية، عند جميع العلماء، إذا لم يعترف بوجوبها، أما إذا أقرّ بوجوبها ورفض بل ترك فعلها تكاسلاً أو عجزاً تهاوناً، فهل تؤخذ منه الزكاة، أو نقول النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لمعاذ: ((فإن هم أطاعوا لك بذلك)) يعني صلوا، فأمرهم بالزكاة، يعني نفترض المسألة مع طلوع الشمس، وجد كافر، فدعاه إلى الشهادتين فتشهّد، ودعاه إلى الصلاة فأقر بوجوبها، والآن باقي على الصلاة خمس أو ست ساعات إذا اعترف بوجوبها يؤمر بالزكاة أو إذا صلى يؤمر بالزكاة؟ إيش معنى الطاعة؟ يعني هل ننتظر حتى يأتي وقت صلاة الظهر ويصلي ثم نخبره أن الله قد افترض عليه زكاة؟ نعم إذا اعترف بوجوبها، إذا تشهد دخل في الإسلام، ثم اعترف بوجوب الصلاة، يؤمر بالزكاة، وينتظر في أمره حتى ينظر هل يصلي أو لا يصلي؟ إذا صلى انتهت المشكلة، إذا لم يصلِ فيعامل معاملة غير المسلم، معاملة مرتد عند من يقول بكفره، بكفر تارك الصلاة، على الخلاف الطويل بين أهل العلم في مقدار الترك، وفي كيفيته، المقصود أن هذه الأمور مرتب بعضها على بعض، وهذا منهج نبوي للدعوة من جيران المسجد، افترض من جيران المسجد من لا يصلي، وهو مرتكب لبعض المحرمات، مسبل ويدخن وما أشبه ذلك، هل تكون دعوته بترك الدخان والإسبال أو بالصلاة؟ بالصلاة، ثم بعد ذلك إذا أذعن وصلى ينظر في الأمور الأخرى، ولذا يجب أن يكون الداعي حكيماً يعرف بما يأمر، وكيف يأمر؟ ويرتب الأمور وأولويات الأمور، نعم إن وجد هناك شيء يفوت فالذي يفوت يقدم، فلو افترضنا أن شخصاً لا يصلي، جار للمسجد، ولا يرى في المسجد، ومع ذلك عرفنا أنه يريد أن يرتكب الفاحشة، فيريد أن يزني بامرأة، أو يلوط بغلام، أو ما أشبه ذلك، وهذا أمر يفوت إن تركناه حتى يصلي، أيهما أعظم هذه الفاحشة أو ترك الصلاة؟ ترك الصلاة أعظم، لكن لو رتبنا هذه الأولويات، وقلنا: ما دام ما يصلي يسوي الذي يبي، المسألة أولويات وفرائض الدين مرتبة، هل نقول: أنه لا نحول بينه وبين هذه المرأة، أو بينه وبين هذا الصبي حتى يصلي؟ لا، لأن هذه أمور تفوت، فالأمور التي تفوت لا بد أن يحال بينها وبين من أراد ارتكابها.

((افترض عليهم صدقة)) في هذا جواز إطلاق الصدقة على المفروضة، على الزكاة، خلافاً لمن قال: إن لفظ الصدقة يختص بالنفل، والحديث فيه ما يدل على إطلاق الصدقة على المفروضة (صدقةً في أموالهم) الصدقة في المال أو في الذمة؟ الصدقة تجب بعين المال أو بذمة صاحب المال؟ أو بعين المال ولها تعلق بالذمة؟ بمعنى أنه لو قلنا: أنها في الذمة المال ما له علاقة، بحيث لو تلف قبل وإلا بعد هي في ذمة صاحب المال، وإذا قلنا: أنها في المال لو تلف المال تلفت تبعاً له، وإذا قلنا: أن لها تعلق بالذمة، ربطنا بين الأمرين، قلنا: الأصل أنها في أموالهم؛ لكن ارتباطها بالذمة من أجل الضمان؛ لئلا يضيع حق الفقير.

((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) في الفقراء، وهذا مصرف من المصارف الثمانية، فيجوز أن تصرف الزكاة في واحد من المصارف الثمانية، ولا يلزم توزيعها على الثمانية؛ لأنه نص على الفقراء، نعم هم أشد حاجةً، ولا شك أن المسكين يشاركه في الحاجة، ولا يعني أننا لا نصرف على المساكين حتى نعدم الفقراء، ولا نصرف على غيرهم، إنما الصدقات على الفقراء والمساكين ولا نعطي العامل حتى نعدم المساكين وهكذا، لكن التنصيص على الفقراء لشدة حاجتهم في فقرائهم من أغنيائهم، يعني أغنياء هذا البلد، وفي فقرائهم فقراء البلد نفسه، وهذا دليل من يقول: لا يجوز نقل الزكاة من بلدٍ إلى آخر، والذي يقول: من أغنيائهم أغنياء المسلمين والفقراء، فقراء المسلمين، والمسلم الغني يجب عليه ما يجب في أي بلدٍ كان، والفقير يجب له ما يجب في أي بلدٍ كان، فيجوز على هذا نقل الزكاة من بلدٍ إلى بلد، لا سيما إذا اشتدت الحاجة، وإلا فالخلاف معروف في نقل الزكاة، فالخلاف معروف إذا وجدت الحاجة في هذا البلد فهم أحق به من غيره، وإذا كانت الحاجة أشد في بلدٍ آخر من بلدان المسلمين فالنقل قال به جمع من أهل العلم، والنص محتمل، جاء في تكملة الحديث: ((وتوقّ كرائم أموالهم))((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) فهذه الزكاة التي شرعت لرفع حاجة المحتاج ليست على حساب حاجة الأغنياء، فالشرع حينما يلحظ مصلحة الفقير لا يهدر مصلحة الغني، ولذا جاء بالأخذ من أوساط المال، فلا تؤخذ من الكرائم التي هي النفائس، إنما تؤخذ من أوساط المال، فإذا أخذ الساعي أو الوالي الزكاة من كرائم الأموال فهو ظالم، ولذا  أردف النبي -عليه الصلاة والسلام- ذلك بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) فعلى الساعي ومن يتولى جباية الزكاة أن يتقي الله -جل وعلا- في مصلحة الفقير بما لا يظلم فيه الغني.

وعن أنسٍ أن أبا بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- كتب له: "هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله في كل أربع وعشرين من الإبل، فما دونها الغنم في كل خمسٍ شاة، فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين ففيها بنت مخاضٍ أنثى، فإن لم تكن فابن لبون ذكر، فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدةً وستين إلى خمسٍ وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاةٍ شاةٌ؟

ومائةِ شاةٍ شاةٌ، ما هي مكررة شاة؟

طالب: لا يا شيخ.

لا، لا بد أن تكرر؛ لأن الأولى المجرورة تمييز، تمييز مجرورة بإضافة المائة، وشاةٌ مبتدأ مؤخر لقوله: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت".

وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائةِ شاةٍ شاةٌ، فإذا زادت على عشرين ومائةٍ إلى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلائمائة ففي كل مائةٍ شاةٌ، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاةٌ

شاةً تمييز منصوب.

فإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاةً شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يجمع بين متفرقٍ ولا يفرّق بين مجتمعٍ خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسويّة، ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوارٍ إلا أن يشاء المصّدق، وفي الرقّة في مائتي درهم".

هرمة ولا ذات عوارٍ ولا تيس.

طالب: ما هو مذكور يا شيخ.

ما عندك؟

طالب: لا ما هي موجودة.

وش الطبعة اللي معك؟

طالب: الداعي.

ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوارٍ ولا تيس إلا أن يشاء المصّدق، وفي الرقّة في مائتي درهمٍ ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليس عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه، ويجعل معها شاتين بما استيسرتا له، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصّدق عشرين درهماً أو شاتين" رواه البخاري.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الحديث الذي جمعه الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- من مواضع من صحيح البخاري، البخاري جرت عادته -رحمه الله- بتقطيع الحديث الواحد حسب ما يستنبط منه من فوائد وأحكام، ويترجم على جمله بتراجم، هي فقه الإمام البخاري من هذه التراجم، الحافظ ابن حجر جمّع هذه الروايات، وساقها مساقاً واحداً، فالجمع والتفريق يجوز بشرطه، تقطيع الحديث الواحد إلى جمل يجوز عند أهل العلم شريطة أن لا يتوقف فهم المذكور على ما حذف منه، وهذه طريقة البخاري -رحمه الله- العكس إذا كان الحديث الواحد مفرقاً مقطعاً يجمع إذا أريد سياقه بتمامه فعلى سبيل المثال صحيفة همام بن منبه مشتملة على مائة واثنين وثلاثين حديث، جمل قطعها البخاري، وكذلك مسلم وغيرهما من الأئمة قطعوها في مواضع متفرقة تبعاً لما يستنبط منها، وهي مجموعة في الكتب التي تسوق الأحاديث على أسماء الصحابة ومسانيدها، فلا يتصور من الإمام أحمد أنه يقطع مثل هذه الصحيفة؛ لأنه لا يترجم بأحكام تستنبط من هذه الأحاديث المجتمعة، فصنيع الحافظ -رحمه الله- الذي جمع هذا الحديث من مواضع لا يوجد كامل بهذه الصورة في موضعٍ واحد، هذا صنيعه جائز، جمع المتفرق إذا كان السند واحد، لا بأس به، كما أن تفريق المجتمع بالشرط الذي ذكرناه لا بأس به، وأما من يقول: أنه لا بد أن يساق النص بفصه، فهذا الكلام يتجه لمن لم يتأهل لفهم النصوص، إذا كان التفريق يجوز في القرآن، تقتصر من الآية على ما أردت، لا يلزمك أن تسوق الآية كاملة، إذا كان ما بعد المسوق لا يتوقف عليه فهم المسوق، إذا كان المحذوف لا يتوقف عليه فهم المذكور، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[(58) سورة النساء] يجوز لك ذلك إذا كنت تتحدث عن الأمانة، ولا يلزمك أن تقول: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}[(58) سورة النساء] وإذا كنت تتحدث عن العدل تذكر الجملة الثانية ولك أن تترك الجملة الأولى، وهكذا.

عن أنس -رضي الله عنه- أن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- كتب له، الكتابة له والمكاتبة طريق معتبر من طرق التحمل، روى بها الصحابة فمن دونهم، وما زال الأئمة يتداولونها فيما بينهم، فالصحابي يكتب للتابعي، الصحابي يكتب للصحابي كما هنا وللتابعي، والتابعي لمن دونه إلى شيوخ الأئمة يكتبون لهم، يقول الإمام البخاري -رحمه الله-: كتب إليّ محمد بن بشّار، فالمكاتبة طريق معتبر من طرق التحمل.

"كتب له هذه فريضة الصدقة" يعني هذا تقديرها التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني قدرها، وإلا فأصل الحكم الفرض والإيجاب من الله -جل وعلا-، ولذا قال: "والتي أمر الله بها رسوله" التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدّر الأنصبة، وما يؤخذ منها، وعيّن الأموال الزكوية التي تؤخذ منها الزكاة، التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين، والتنصيص على المسلمين لأنهم هم الذين يمتثلون ما فرض عليهم، وإلا فالكافر مخاطب بها على ما قرر في دخول الكفار في الخطاب بفروع الشريعة، وأشرنا إليه آنفاً.

"والتي أمر الله بها رسوله" نعم فرضها ثابت في القرآن، ودل على فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع، وهي ركن من أركان الإسلام، وأمرها عظيم، وشأنها خطير، وإذا منع الناس زكاة أموالهم حرموا القطر من السماء، نسأل الله السلامة، عقوبة لهم، جزاءً وفاقاً، فتلفت أموالهم بسبب حرمانهم القطر من السماء، تلفت أموالهم وزروعهم ومواشيهم، تلفت أنفسهم، والله المستعان.

"في كل أربع وعشرين من الإبل، فما دونها الغنم" هناك زيادة في البخاري: "فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة"، وهذه الرواية تغني عنها.

"في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم" يعني في الخمس شاة، وفي العشر شاتان، وفي الخمس عشرة ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه، ثم إذا بلغت خمساً وعشرين..الخ، سيأتي، في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم، هذا دليل للإمام مالك -رحمه الله تعالى- ورواية عن أحمد: أن الإبل لا تجزئ فيما دون الخمسة والعشرين، بمعنى أنه لو أخرج بعير عن العشرين، في الخمسة والعشرين يجزئ، في العشرين؟ على قولهم ما يجزئ، طيب أخرج عن الخمسة عشر بعير؟ ما يجزئ، عن العشر، عن الشاتين بعير ما يجزئ، عن الشاة الواحدة ما يجزئ.

إذا نظرنا إلى القيمة ووجدنا أن الأربع الشياه أكثر قيمة من البعير هذا ما فيه إشكال؛ لأن هذا فيه ضرر على الفقير، قيمة البعير أقل من قيمة ثلاث شياه كذلك؛ لكن هذا اللفظ يفيد ويدل على ما ذهب إليه مالك، "في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم"، وتأخير المبتدأ مع كونه معروفة يدل على الحصر، والجمهور يجزون الإبل؛ لأن الزكاة والأموال الزكوية وما يؤخذ منها أمور معللة معروفة معقولة الحكمة، القصد منها نفع الفقير، فإذا أخذنا من الخمس والعشرين كون يفرض فيها الغنم مراعاةً لحال الغني، والغني تبرع بهذا لا يمنع من ذلك، هذه حجة الجمهور، إنما نصّ على الغنم إرفاقاً بالغني، فإذا تبرع من تلقاء نفسه وقال: بدلاً من أن أخرج شاة أخرج بعير، وإذا كان عندي عشرين أفترض أن عندي خمس وعشرين شريطة أن لا تكون قيمة البعير أقل من قيمة الشياه، هذا عند الجمهور أجازوه.

"في كل خمسٍ شاة، فإذا بلغت" يعني زادت على الأربع والعشرين، "بلغت خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين فيها بنت مخاضٍ أنثى"، من خمس وعشرين إلى خمس وثلاثين بنت مخاض أنثى، أكملت السنة، ودخلت في الثانية، والتنصيص على كونها أنثى تصريح بما هو مجرد زيادة في التوضيح، وإلا البنت أنثى معروفة.

"فإن لم تكن فابن لبونٍ ذكر"، يعني أكمل السنتين، ودخل في الثالثة، وهذا يدل على أن الأنثى أفضل من الذكر مع التساوي في السن، أما إذا زاد السن، سن الذكر على سن الأنثى تساويا، "فإن لم تكن" يعني فإن لم تجد فكان هنا تامة وإلا ناقصة؟ تامة، "فإن لم تكن" مثل ما في قوله -جل وعلا-: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [(280) سورة البقرة] يعني وجد ذو عسرة.

"فإن لم تكن فابن لبونٍ ذكر" يعني إذا أكمل السنة الثانية، والتنصيص على كونه ذكراً كالتنصيص على الأنثى في بنت المخاض، تصريح بما هو مجرد زيادة في التوضيح، "فإذا بلغت ستاً وثلاثين، جاوز الخمسين والثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبونٍ أنثى"، قد يقول قائل: هذا عنده خمس وثلاثين، وهذا عنده ستة وثلاثين انتقلت الفريضة نقلة ليست بالسهلة من أجل رأس واحد انتقلت، وقد تكون قيمة الخمس والثلاثية أكثر من قيمة الستة والثلاثين، نقول: لأن الشرع يأتي بقواعد لا بد أن تكون دقيقة ومحددة، وإلا لو ترك التقدير للناس لكان كل واحد يدعي، فلا بد من ضبط الأمور، ولا يمكن ضبطها إلا بالعدد، أما الضبط بالأوصاف فيتفاوت، ويختلف الناس في تقديره، ويقع الناس في إشكالات، ما في أضبط من العدد، يعني في مقاييس الناس اليوم قد يقول قائل: وش الفرق بين تسعة وثمانين وتسعين؟ المسألة درجة واحدة؟ لو أعيد النظر في بعض الكراسات ارتفع إلى تسعين، ليش هذا جيد جداً وهذا ممتاز، لا بد من ضبط الأمور بمثل هذه، وإلا تكون ضياع، لو ترك الأمر إلى التقديرات الفردية صار ضياع، وإلا قد يقول: أنا والله عندي خمس وثلاثين وهذا عنده ستة وثلاثين أو العكس، وبعدين هذا عنده -ما شاء الله- إبل ثمينة، وأنا يجب عليّ بنت لبون، وهو يجب عليه بنت مخاض، نقول: نعم سمعنا وأطعنا، ولا بد من الحد الفاصل الذي ينتهى إليه، ولا يترك الأمر للتقديرات الفردية.

"فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبونٍ أنثى"، لأنه لو ترك الأمر لقال: طيب أنا عندي ست وثلاثين، وهذا عنده خمسة وأربعين ليش الواجب واحد علينا؟ نعم ليش الواجب علينا؟ فمثل هذه الأمور لا بد أن تحسم بهذه الطريقة.

"إلى خمسٍ وأربعين ففيها بنت لبونٍ أنثى" يعني أكملت السنتين ودخلت في الثالثة، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة، أكملت الثلاث سنين طروقة الجمل استحقت الضراب، ولذا قال: طروقة الجمل، استحقت أن يطرقها الجمل، "فإذا بلغت واحدةً وستين إلى خمساً وسبعين ففيها جذعة" أكملت أربع سنين، ففيها جذعة، "فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون"، بنتا لبون، "فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان، طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة"، الآن تستقر الفريضة والمسألة بالحساب، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، طيب مائة وخمسة وعشرين فيها إيش؟ حقتان طروقتا الجمل وشاة؟

طالب:.......

مائة وعشرين حقتان، طروقتا الجمل، إذا زادت على مائة وعشرين زادت بالآحاد أو بالعشرات؟

طالب:.......

يعني لو زادت واحدة؟ فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، هل نقول: أنها زادت على مائة وعشرين في كل أربعين يعني ثلاث بنات لبون، أو نقول: أن الحساب بدأ الآن بالعقود بالعشرات، الحنفية يقولون: تعود الفريضة، ترجع الفريضة مائة وعشرين فيها حقتان طروقتا الجمل فإذا وصلت إلى خمس وعشرين ومائة ففيها حقتان وشاة، مائة وثلاثين شاتان، وهكذا، والجمهور يقولون: إذا زادت على مائة وعشرين إلى مائة وثلاثين ما فيه شيء؛ لكن مائة وثلاثين؟ فيها...

طالب: ثلاث....

على رأي الجمهور، انتهينا من رأي الحنفية، انتهت الشياه، ما في شياه بعد الأربعين والعشرين، مائة وثلاثين على القسمة، في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، بنتا لبون للثمانين، وحقة للخمسين، مائة وأربعين؟ بنت لبون وحقتان، مائة وخمسين؟

طالب: ثلاث حقاق.

ثلاث حقاق، وهكذا، يقول: "ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها" إذا أخرج فيها الزكاة لو يخرجها كلها في سبيل الله قبلت، فالأمر إليه، ولا يكلف من قل ماله إلى هذا الحد أن يخرج الزكاة، "وفي صدقة الغنم" وجاء تقييد الإبل بالسائمة في غير هذا الحديث، والغنم قيّدت بكونها سائمة في هذا الحديث، وألحق بهما البقر على سبيل القياس، الإبل نص على كونها سائمة، والبقر نص على كونها سائمة فاشترط السوم الجمهور، وقالوا: إذا كانت معلوفة فلا زكاة فيها، أما إذا كانت سائمة ففيها الزكاة.

شخص عنده إبل معلوفة، وآخر عنده سائمة، المعلوفة معدة للتجارة، والسائمة معدة للتجارة، فكيف تخرج زكاتها؟ قلنا: المعلوفة ليس فيها زكاة، عنده ألف رأس من الإبل للبيع والشراء، وهذا عنده ألف رأس من الإبل غير معدّة للتجارة، وهي سائمة، كيف تزكّى هذه؟ وكيف تزكى تلك؟

طالب:.......

إذا كانت للتجارة فزكاتها زكاة عروض تجارة، وإذا لم تكن للتجارة فلا يخلو إما أن تكون سائمة أو غير سائمة، إذا كانت معدة للتجارة لم ينظر إلى السوم، تزكى زكاة عروض تجارة، لماذا؟ لأنه أنفع للفقير، تزكيتها زكاة عروض تجارة أنفع للفقير، يعني في ألف رأس من الغنم في زكاة السائمة كم رأس؟ عشر، وفي زكاة عروض التجارة خمس وعشرين، اثنين ونصف بالمائة، فإذا أعدت للتجارة لم ينظر إلى الوصف الذي هو السوم، تزكى زكاة عروض تجارة، سواءً كانت معلوفة أو سائمة، وإذا كانت ليست للتجارة فإن كانت سائمة وجب فيها زكاة بهيمة الأنعام، وإن لم تكن سائمة فلا زكاة فيها للتنصيص على هذا القيد، ويرى الإمام مالك أن فيها الزكاة ولو لم تكن سائمة، وهذا القيد المنصوص عليه في سائمتها يقول: خرج مخرج الغالب وأن موالي العرب من بهيمة الأنعام كلها سائمة، فخرج مخرج الغالب، وأنه قيد لا مفهوم له، فتزكى زكاة بهيمة الأنعام سائمةً كانت أو معلوفة.

"وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة شاة"، أربعين إلى عشرين ومائة فيها شاة واحدة، يعني خمسين فيها واحدة، ستين فيها واحدة، سبعين فيها واحدة، ثمانين مائة وعشرين واحدة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاثة شياه، الثلاثمائة فيها ثلاث شياه، وثلاثمائة وواحدة؟ فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة؛ لأن هذا نقلة من عدد إلى عدد؛ لأن هناك غاية وما بعد الغاية؛ لأنه قال: إلى ثلاثمائة فيها ثلاث شياه، طيب بعد ثلاثمائة ولو بواحدة كم شاة؟ لأن بعضهم يرى أن هناك فرق في نهاية الغاية وما بعدها، إيش معنى قوله هنا؟ فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ثلاث شياه، طيب ثلاثمائة وواحد؟ يعني هل ما بعد الغاية يأخذ حكم ما قبل الغاية؟ النص يدل على أن الثلاثمائة حد للثلاث شياه، وأن ما بعد الغاية يختلف حكمه، ولذا يرى بعضهم أنها إذا زادت على ثلاثمائة ولو واحدة تزيد زكاتها، لكن قوله في الحديث: "ففي كل مائة شاة" يقطع مثل هذا الاختيار لأنه يقول: فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فالزكاة في المئات لا في الآحاد، الزكاة في المائة، انتهت زكاة الآحاد، إذا زادت على ثلاثمائة لا ينظر إلى الأفراد، إنما في كل مائة شاة، ثلاثمائة وواحد، ثلاثمائة وتسع وتسعين كم؟ ثلاث شياه، أربعمائة أربع شياه.

"فإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاةً واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها"، فوكل الأمر إليه، وإلا من حيث الإلزام ليس فيها شيء، وهذا من إرفاق الشارع بالأغنياء، "ولا يجمع بين متفرقٍ، ولا يفرق بين مجتمعٍ خشية الصدقة"، ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، يعني ليس لرب المال ولا للشريك أن يفرقا أو يجمعا خشية الصدقة، وليس للساعي أيضاً أن يفعل ذلك، فليس لرب المال أن يجمع أو يفرق خشية أن تزيد الصدقة، وليس للساعي أن يجمع أو يفرق خشية أن تنقص الصدقة، فالخطاب يتجه إلى الجميع، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، ثلاثة كل واحد عنده أربعين يجب على كل واحد شاة واحدة، فإذا أقبل السائل قالوا: أن هذه المائة والعشرين شركة، نحن خلطاء مائة وعشرين من أجل أن لا يجب عليهم إلا واحدة، والأصل أن يجب على كل واحدٍ منهم واحدة، لا يجوز أن يفعل هذا فراراً من الزكاة، ولا يفرق بين مجتمع، مثاله: مثال التفريق؟

طالب:.......

اثنين شراكة، طيب.

طالب:.......

لا، إذا فرقوا صار على كل واحد واحدة.

طالب:.......

مثل ما يقول الأخ.

طالب:.......

لا، لا، هذا العكس، هذا يزيد عليهم الزكاة لو فرقوا.

طالب:.......

ما هو الفقير، قل الساعي، الساعي نعم.

طالب:.......

نعم ستين أو خمسين أو أربعين يفرقون بينها لئلا تجب فيها الزكاة، "ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة"، وعرفنا أن هذا الخطاب يمكن أن يوجه لصاحب المال وللساعي، فهذا إذا خشي أن تزيد عليه الزكاة فرق أو جمع، والساعي إذا خشي أن تقل الزكاة فرق أو جمع، "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوّية" شخص عنده سبعين، وآخر عنده ستين من الغنم، والمجموع مائة وعشرين يجب عليهم شاة، هل معنى أن كل واحد عليه نصف الشاة بالسويّة؟ أو بالنسبة؟ يعني صاحب الخمسين يأخذ خمسة على اثنا عشر من قيمة الشاة، عليه خمسة على اثنا عشر، وصاحب السبعين عليه سبعة على اثنا عشر، إيش معنى السويّة هنا؟ بقدر الحصص بقدر الأموال؟ أو المناصفة؟

طالب:.......

يعني أنت تفترض أن هذا له مائة رأس، أو مائة وتسع عشر رأس، وهذا عنده رأس واحد؟ قال: نبي نضمهن خليطين، هل نقول: أن صاحب الرأس عليه نصف الرأس الذي أخذ؟ الذي أخذ والذي  معه تسعة عشر عليه النصف، أو نقول: بالنسبة؟

الطلاب: بالنسبة.

"وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" ظاهر اللفظ أنهما على النصف، كل واحد يدفع النصف، بغض النظر عن كثرة المال وقلته، والمثال الذي ذكروه، وذكره العلماء في هذه المسألة، هنا ذكروا المثال في زكاة البقر، التراجع بين الخليطين أن يكون لأحدهما مثلاً أربعون بقرة، وللآخر ثلاثون، الثلاثون فيها تبيع، وفي الأربعين مسنّة على ما سيأتي، ومالهما مشترك فيأخذ الساعي عن الأربعين مسنة، وعن الثلاثين تبيع فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على خليطه، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على خليطه؛ لأن كل واحدٍ من السنين وجب على الشيوع، كأن المال ملك واحد، يعني عندنا أربعين من الإبل وخمسين المجموع تسعين، ما الذي في التسعين؟

طالب:.......

أربعين وخمسين، وراه بنتين لبون؟

طالب:.......

بنت لبون وإيش؟

طالب: بنتا لبون.

الثمانين بنتا لبون.

طالب: تسعين.

نعم، التسعين، لا هذا بعد ما يتجاوز المائة والعشرين، نفترض أن فيه مائة وثلاثين، من المجموع مائة وثلاثين، شخص عنده أربعين وواحد عنده تسعين.

طالب:.......

إيش؟

طالب: بنتا لبون وحقة.

بنتا لبون وحقة، أخذت الحقة من مال واحدة، وبنتا اللبون من مال واحد، يرجع باذل بنتي اللبون بنسبة ما دفعه، يرجع على صاحبه بالنسبة، مثل باذل التبيع وباذل المسنة، لكن جاءوا بالمثال، كيف يرجع باذل التبيع؟ الآن أيهما الذي بذل التبيع وأيهما الذي بذل المسنة؟ في مثالهم شخص واحد عنده أربعين من البقر، والثاني عنده ثلاثين، وجب في المجموع في السبعين تبيع ومسنة، باذل التبيع يدفع لباذل المسنة، وباذل المسنة يدفع لباذل التبيع بالحصص، يعني على ما ذكروا، الذي يظهر أن المطلوب أن كل واحد يدفع بنسبة ماله، يدفع بنسبة ماله، وينتهي الإشكال؛ لأن الخلاف في هذه المسألة كبير، وليس تحته طائل، نعم بالسوية يقتضي أنهما يتناصفان؛ لكن الشرع حينما لاحظ مصلحة الغني ومصلحة الفقير لم يهدر مصالح الشركاء، ولن يحمل بعض الشركاء أكثر مما يجب عليه، فالتراجع بالسوية، جاء الساعي مثلاً إلى شريكين عندهما مائة وعشرين فأخذ ثنتين، ظلمهم بدل واحدة أخذ ثنتين من مال أحدهما، والواجب عليهم واحدة، أخذ من مال أحدهما ثنتين، هل يرجع على شريكه وخليطه بكاملة أو بنصف؟ "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية".

طالب:.......

ويبقى الظلم عليه وحده؟

طالب:.......

الواجب عليهم واحدة وأخذ الساعي ثنتين، هل يتراجعان بالسوية؟ بمعنى أن كل واحد يدفع واحدة؟ أو نقول: هذا لا يدفع إلا ما وجب عليه شرعاً، والمظلوم له نصيبه في الآخرة؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، ومقتضى التساوي أنهما يتساويان في العدل والظلم، ولا يخرج في الصدقة هرمة، كبيرة، لا تؤخذ؛ لأن لحمها ليس بطيب، وليس فيها احتمال لنفع الفقير بحمل ولا لبن ولا...، الهرمة معيبة.

طالب:.......

يعني بحيث إذا عدها الناس هرمة، واستقذروا لحمها، وكرهوها ما تؤخذ، "ولا ذات عوارٍ" يعني عينها عوراء أو عوار: أي معيبة، ذات عَوار: يعني معيبة، وذا عُوار: يعني إحدى عينيها لا تبصر بها: يعني عوراء، وضبطت بالفتح، والضم وعلى ضبط الفتح تكون أشمل، بمعنى أنها لا تؤخذ المعيبة، "ولا تيس إلا أن يشاء المصدق" فالتيس لا يؤخذ إلا إذا شاء المصدق، المشيئة مردها إلى الساعي أو إلى رب المال؟

طالب:.......

يعني إن شاء المصدق، المصدق بالتشديد هو المتصدق، إن شاء أخرج هرمة؟ أولاً: هنا مسألة: وهي في غاية الأهمية، مسألة عود الاستثناء على جمل أو كلمات، هل يعود إلى الجميع أو إلى الأخيرة منها؟ بمعنى أن هذه المشيئة تتناول الهرمة وذات العوار أو خاصة بالتيس؟

طالب:.......

الأخيرة فقط أو إلى الجميع؟

طالب:.......

المشيئة مشيئة المصدق، فإن خففت قلت: المصدق فهو الساعي، وإن شددت فهو المتصدق، المشيئة لأحدهما لكن هل الاستثناء يعود إلى الجميع أو إلى الأخير فقط؟ يعني نظير قوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * ِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4- 5) سورة النــور] يعني هل التوبة ترفع الفسق فقط؟ أو ترفع رد الشهادة مع الفسق؟ أو ترفع الجميع؟

طالب: ترفع الجميع يا شيخ.

ترفع الحد، يعني إذا تاب القاذف يعفى من الحد؟ إجماع هذا لا يعفى، وعودها على الأخير أيضاً إجماع، تعود إليه، والخلاف في الوسط، هنا عندنا الاستثناء "إلا أن يشاء المصدق" يرجع إلى الثلاثة؛ لكن هل للمصدق مشيئة في أن يبذل هرمة أو ذات عوار؟ التيس أحياناً في بعض الصور يكون أنفس من المطلوب، إذا كان فحل الغنم مثلاً، ورأى المصدق أنه يدفعه ولو كان فحل الغنم؛ لأنه أنفع للفقير، أما بالنسبة لذات العوار والهرمة فليس فيهما مشيئة، لما دلت عليه العمومات أن المعيب ما يؤخذ في الزكاة، التيس هو اللي محل كونه ذكر لا شك أنه أقل من الأنثى؛ لكن أحياناً يحف به ما يجعله أعلى منها، لو اجتمع مجموعة من الغنم فيها الذكور والإناث في الجملة المفضل الإناث؛ لكن لو كان هناك تيس له مميزات، يرفع قيمته عند الناس فجادت به نفس صاحبه، ورأى الساعي أن أخذه أنفع للفقير؟ ولذا جاء الاستثناء "إلا أن يشاء المصدق".

"وفي الرقة ربع العشر" الرقة الفضة، ربع العشر ونصابها مائتا درهم، "فإن لم تكن إلا تسعين ومائة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها" لأنها لم تبلغ النصاب، والنصاب مائتا درهم، ويأتي تفصيل هذا.

"ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حقة" يعني دون المفروض، عنده سن دون المفروض يجب عليه جذعة، قال: والله ما عندي إلا حقة، لا يكلف أن يذهب ليشتري الواجب، وإنما يدفع الحقة، ويجعل معها جبران، وهذا الجبران محدد شاتين إن استيسرتا، أو عشرين درهماً، شاتين أو عشرين درهماً، هذا يسمونه إيش؟ جبران، يقابله أنه إذا كان عنده سن أكبر من المطلوب فإنه يدفع السن، وجب عليه حقة وعنده جذعة، قال: ما عندي إلا هذه الجذعة، نقول: ادفع الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين جبران أيضاً.

لكن هل هذا التقدير توقيفي؟ بمعنى أنه لا يزاد عليه ولا ينقص؟ العشرين الدرهم أحياناً تعادل عشر شياه مثلاً، وأحياناً ما تعادل شاة واحدة؛ لأن القيم تزيد وتنقص، فهل نقول: أن هذا توقيف ما فيه إلا هذا؟ وماذا عما لو كان عنده شاة واحدة وعشرة دراهم، يمكن أن يلفق من خصلتي الجبران المخير بينهما؟ يدفع شاتين مع إيش؟ مع الحقة في مقابل الجذعة، أو يأخذ شاتين بدلاً من أن يدفع ما وجب عليه، بحيث لا يجد إلا ما هو فوقه، عكس الصورة الأولى، قد تكون في بعض الظروف والأحوال أن الشاتين أعلى من قيمتين الجذعة، هو يجب عليه جذعة ولا عنده إلا حقة، نقول له: ادفع.... انتبهوا يا الإخوان، نقول: يجب عليك أن تدفع الحقة لأن ما عندك جذعة وتدفع شاتين؟ نقول: يا إخوان الشاتين أكثر من قيمة الجذعة الواجبة أصلاً، يلزم بهذا أو لا يلزم؟ وقد تكون قيمة الجذعة عشرة دراهم أو خمس عشر درهم أكثر من الجبران؟ في مثل هذه الصورة إذا اختار أن يشتري الجذعة ويدفعها الأمر إليه، هو لا يكلف ابتداءً أن يشتري ما ليس عنده؛ لكن إذا اختار لأن هذا يرى أنه أنفع له، فلن يكلف أكثر من الواجب عليه شرعاً، وإذا وجد التفاوت الذي صورناه فإنه سوف يشتري، ويكون أرفق به شراء ما وجب الله عليه.

هم يقترحون أن الدرس ينتهي في التاسعة والنصف، وعشر دقائق للأسئلة، التاسعة والنصف وش يمدينا نأخذ؟ الآن إلا ثلث؟ على كل حال هذا الحديث مهم وطويل، ويحتاج إلى وقت؛ لكن يكفي هذا، لعلنا نقتصر على هذا، وفيه طلب هنا من بعض الإخوان الطلب يقول: يأمل تأخير درس العصر لأننا نأتي من الجبيل على بعد ثمانين كيلو، وننطلق من هناك بعد صلاة العصر؟

هذا مرده إلى المشرف على الدورة، فإذا اقتنع بذلك، ورأى أن المصلحة في تأخير درس العصر إلى المغرب مثلاً، فالأمر إليهم، وأما الأصل على ما أعلن.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
يقول: هذا يوجد عندي جار يعد من المساكين حيث أن راتبه لا يسد الحاجة الرئيسية من طعام ولباس ولكنه يظهر يسر الحال؟ ويغضب إذا تصدق عليه أحد ويردها، وأنا وبعض الجيران نريد أن نساعده، ولكنه يرفض؟ ما هو السبيل في تقديم المساعدة له؟

على كل حال إذا تعفف ورفض، واكتفى بما قدر الله له فهو أفضل في حقه ولا يجوز التعدي عليه لأن هذه منّة عليه، وما دام يرفضها لا يقبلها لا يلزم بها.

يقول: متى يسوغ لطالب العلم أن يقول عن أحد المشايخ أنه شيخه، وأنه درس عنه، ويروي عنه، ويقول: قال شيخنا عندما يقرأ كتاب له؟

يقرأ له كتاب، إذا لم يمثل بين يديه ويحضر دروسه، ويناقشه مما تدل له التلمذة عرفاً، وإلا لا يحق له ذلك، قد يقول قائل: إن سماع الأشرطة يغني عن الحضور، لا سيما من لا يتسنى له الحضور، نعم يغني عن الحضور إذا لم يتمكن الطالب من الحضور، وفيه خير -إن شاء الله-؛ لكن عليه أن يبيّن ولا يدلّس؛ لأنه إن قال: قال شيخنا من غير بيان فهذا تدليس يوهم بأنه رحل إليه، وطلب العلم بين يديه، يقول شيخه من خلال الأشرطة من خلال الانترنت، من خلال الكتب والمؤلفات فلا بأس إذا بيّن، يقول: لا يحضر له محاضرة أو أكثر، يحضر له عدداً من الدروس، يقرأ عليه متن أو أكثر؟ إذا قرأ عليه متن كامل أو أكثر من متن هذا ما فيه إشكال؛ لكن حضر له درس أو حضر له محاضرة، وأراد أن يتكثر بذلك، تنقل بين الشيوخ، من شيخ إلى شيخ، فيثبت في ثبته في النهاية أن له من الشيوخ المئات والألوف، هذا لا شك أنه تشبّع، والأمور بمقاصدها.
وهل يشترط أن يعرفه الشيخ باسمه أو بشكله؟
لا يشترط أن يعرفه الشيخ.

يقول: يوجد عندي جار لا يصلي في المسجد، ولم أره في المسجد منذ ثلاث سنوات إلا مرتين أو ثلاث، وتم نصحه من قبل إمام المسجد، وبعض جماعة المسجد، ولكن دون جدوى..

يقول: يوجد عندي جار لا يصلي في المسجد، ولم أره في المسجد منذ ثلاث سنوات إلا مرتين أو ثلاث، وتم نصحه من قبل إمام المسجد، وبعض جماعة المسجد، ولكن دون جدوى، فيذهب للدوام الساعة السابعة وكذلك عندما نعود من المسجد من صلاة العصر نجده خارجاً لدوامه المسائي، مع أنه يغلظ على من نصحه بألفاظٍ سيئة، فما نفعل في مثل هذا؟
هذا يرفع إلى الجهات، يرفع إلى الهيئات، يرفع أمره إلى ولي الأمر.

هل يشرع لمن فاتته صلاة الكسوف جماعةً أن يصليها فراداً؟

إذا كان السبب قائماً والكسوف ما زال يصليها فراداً، أما إذا انجلى الكسوف انتهى وقتها.

يقول: كيف تكون زكاة مال الراتب الشهري خصوصاً أنه لا يمر عليه الحول؟

الذي لا يمر عليه الحول ليس فيه زكاة؛ لكن كل ما حال عليه الحول من المدخر من هذه الرواتب يزكى، ولو جعل الإنسان له شهر في السنة كرمضان مثلاً، ونظر في حسابه الذي حال عليه الحول، والذي لم يحل عليه الحول، وأخرج زكاته كان أيسر له، وهذه طريقة يفعلها كثير من الناس.

هل يجوز للإنسان أن يوصي أن يكفّن في ثياب الإحرام التي يحج بها؟

ليس لها مزية عن غيرها.

هذا يقول: في مقبرة الثقبة بعض الممثلين من أفراد بعض المسلسلات التي سوف تعرض في رمضان يمثلون في المقبرة، فأدخلوا الكاميرا وغيرها؟ ما حكمها؟

لا يجوز هذا البتة، لا يجوز مثل هذا البتة، يصورون؟! الله المستعان، يصورون ذوات أرواح وإلا يصورون القبور فقط وإلا ماذا؟
طالب:.......
تمثيل؟ المقصود أن تصوير ذوات الأرواح حرام.

يقول: عود الروح لبعض الموتى أصحيح هو أم ممتنع؟ وما وجه امتناعه أهو امتناع شرعي أم عادي؟

جاء قوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ} [(22) سورة فاطر] وجاء بالنسبة لندائه -عليه الصلاة والسلام- لأهل القليب أنهم سمعوا كلامه، وجاء في الحديث: إنه ليسمع قرع نعالهم، فالأصل أن الروح فارقت الجسد، وإذا فارقت الروح الجسد أنه لا يسمع ولا يحس؛ لكن يقتصر على ما ورد على الموضع الذي ورد فيه النص، يسمع قرع النعال، وأيضاً النبي -عليه الصلاة والسلام- أسمع من في القليب، والرسول -عليه الصلاة والسلام- أيضاً ترد إليه روحه فيرد السلام.

يقول: ما صحة ما يروى في خبر المرأة التي مات ابنها فدعت الله فأحياه لها؟

ما أدري والله.

يقول: هل ينصح من هو شديد الخوف من سكرات الموت لعلمه بقلة صبره وتيقّن جزعه أن يسأل الله كثيراً أن يميته عند حضور أجله بدون سكرات؟ يعني بسكتة قلبية؟

إذا كان يخشى أن يقول كلمةً يزل فيها في آخر عمره بسبب شدائد الموت له ذلك، وإلا فالأصل أن ما يصيب المسلم يضاعف له في أجره، يعني ما يصيبه من تعب عند سكرات الموت، والمؤمن يموت بعرق الجبين، من أجل أن يضاعف له في أجره، فلا يحرم نفسه هذا الأجر، بل عليه أن يصبر ويوطّن نفسه ويحتسب؛ لكن إن كانت خشيته مبعثها أنه يخشى أنه إذا حصل له شيء من هذه الأمور المهولة إنه لا يصبر على ذلك وينطق بكلمةٍ أثناء جزعٍ تضره في دينه، بل تكون سبباً في سوء خاتمته، لا أعرف ما يمنع من ذلك.

يقول: أننا سمعنا عن مكتب، ونحن نستبشر بذلك كثيراً، ونسأل الله أن يجعل ذلك سبباً في معونة الشيخ في إبراز شروحه ودروسه مكتوبةً، ليعمّ النفع بها أكثر، وتبقى صدقةً جاريةً على شيخنا، فهل نطمع -حفظكم الله- أن يسدّ ذلك المكتب هذا المسد؟ وما هو تصوركم حوله؟

العلماء ألفوا ودرّسوا، درّسوا علموا وألفوا كل واحد بمفرده، دون مساعدة أحد، الذي العمل لا ينبعث من ذاته فلا يستفيد من الناس؛ لكن لما أرادوا وطُلب المكتب قلت: هل يعينني المكتب على تحضير دروسي، وعلى إلقاء دروسي؟ قالوا: هذا أمر يخصك، وش الفائدة من المكتب؟ قالوا: تفرغ الأشرطة، وتحرر، وتنقّح وتعرض عليك، قلت لهم: أن قناعتي أن ما في الأشرطة لا يصلح أن يكون مؤلفاً، قد تلجئ إليه الضرورة والحاجة فيما بعد، يعني لو عاجلت المنية قبل أن ينظر الإنسان في عمله بنفسه، وتحروا الدقة في التفريغ، نعم تكون المسألة مسألة حاجة، أحسن من لا شيء، وإلا عندي قناعة تامة أن ما يلقى ويستساغ سماعه غير ما تستساغ قراءته، والمكتب في بداياته، مع أنه ليس رغبةً لي أبداً.

يقول: ما هو رأيك في والدٍ يقول لولده: إن لم تقل للقاضي في مسألة طلاق التعليق أني طلقت والدتك طلاق تعليق، فإني سوف أذمك عند القاضي حتى يكرهك؟

يعني يريد أن يبلغ القاضي سؤاله، ما فهمت المقصود حقيقةً.

يقول: انتشر بين الطالبات لباس مريول، كتفصيل لباس ثياب الرجال دون فارق في أغلب صفاته، دون ما يماثله تماماً؟

ما أدري والله، ركيك السؤال.
لكن مشابهة المرأة للرجال حرام، وجاء لعن المتشبهة من النساء بالرجال والعكس، فلا يجوز التشبه بالرجال لا في نوع القماش، ولا في كيفية تفصيله.

هذا يقول: هل لصلاة الجنازة دعاء استفتاح؟

صفة الصلاة تأتي -إن شاء الله تعالى-؛ لكن في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- مخرج في الصحيحين وغيرهما أنه سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن سكوته بين التكبير والقراءة في الصلاة فرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ عموم الخبر يشمل، إلا أن صلاة الجنازة سرية، فلا يدرى ما يقال، والصلاة المسؤول عنها سكوت بين التكبير والقراءة يدل على أنها جهرية، وألحق بها الصلاة السرية لكن هل المراد بالصلاة جنس الصلاة؟ فيدخل فيها كل صلاة؟ أو المراد الصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود فتخرج صلاة الجنازة؟ العلماء لا يذكرون دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة؟ وإنما يقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة؛ لكن من أدخلها في عموم حديث أبي هريرة بناءً على أن المراد بالصلاة الجنس –جنس الصلاة- له وجه؛ لكن يبقى أن الدلالة ليست قوية على هذا، كقوتها في الدلالة على الاستفتاح للصلوات الخمس، و(أل) هذه يحتمل أن تكون جنسية، فتشمل جميع الصلوات بما في ذلك صلاة الجنازة، والسكوت المسؤول عنه إنما هو في الصلاة الجهرية، وحكم الجهرية والسرية واحد بالنسبة للصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود، فإذا ألحقنا صلاة الجنازة بالصلاة السرية بناءً على أن (أل) للجنس فيشملها السؤال؛ لأن السؤال وقع عن الصلاة وصلاة الجنازة صلاة اتفاقاً هي صلاة، وإن لم تكن كالصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود، على كل حال من تمسك بهذا الحديث بعمومه، ورأى أنه يشمل الجنازة له وجه، بينما الصلاة المعهودة تدخل دخولاً أولياً بما في ذلك السرية، وإن كان الظاهر من السؤال أنه في الجهرية.

يقول: الاستثناء المتعقب لجمل أو كلمات هل يعود على العموم أو على الأخير؟

منهم من يطلق ويقول: يعود على الجميع ومنهم من يقول: يعود إلى الأخيرة، والحقيقة أن النصوص فيها ما يدل على هذا، وما يدل على هذا، والمرجِّح الأدلة الأخرى، وكل مسألةٍ لها حكمها.

يقول: ما حكم تقبيل النساء المحارم بعد وفاتهن؟

ثبت تقبيل الرجال للرجال، والمرأة إذا كانت من المحارم التقبيل بالنسبة لها في حال الحياة، التقبيل فيما يختص بين الزوجين من تقبيل للفم والخدين، وما أشبه ذلك مما يكون مثار فتنة، فلا يجوز لا في الحياة ولا بعد الممات؛ لكن لو كانت امرأة عليها حق أم وإلا خالة وإلا عمة وإلا أخت كبيرة وقبلها، قبل رأسها، أو ما أشبه ذلك، لا بأس.