تعليق على تفسير سورة النساء من أضواء البيان (05)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طالب: يشكون من التسجيل يقولون صوتكم غير واضح في التسجيل.
نعم إذا صديت وأنا أناظر أو شيء يمكن.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله تعالى-:
"قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [سورة النساء:25] ظاهر هذه الآية الكريمة أن الأمة لا يجوز نكاحها ولو عند الضرورة إلا إذا كانت مؤمنة بدليل قوله {مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [سورة النساء:25] فمفهوم مخالفته أن غير المؤمنات من الإماء لا يجوز نكاحهن على كل حال وهذا المفهوم يفهم من مفهوم آية أخرى وهي قوله تعالى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} [سورة المائدة:5] فإن المراد بالمحصنات فيها الحرائر على أحد الأقوال ويفهم منه أن.."
والقول الثاني أن المراد بالمحصنات العفائف والتنصيص على العفة في حق أهل الكتاب أمر يعني يقتضيه الواقع لتساهلهم في مثل هذا، فعلى المسلم أن يحتاط لدينه ويحتاط لعرضه ويحتاط لولده والكلام في هذا لأهل العلم كثير.
"ويفهم منه أن الإماء الكوافر لا يحل نكاحهن ولو كن كتابيات وخالف الإمام أبو حنيفة رحمه الله فأجاز نكاح الأمة الكافرة وأجاز نكاح الإماء لمن عنده طول ينكح به الحرائر لأنه لا يعتبر."
وأما إجازة نكاح الأمة الكافرة فرجحه المؤلف وقبله ابن القيم وجمع من أهل العلم باعتبار أن المسبيات في عهده -عليه الصلاة والسلام-من كفار العرب لم ينتظروا ولم يُذكَر أنهم انتظروا إسلامهم مع أن العدد كبير اكتفوا بالاستبراء ونكحوهن بملك اليمين، وأما المسألة الثانية لمن عنده طَول حرة فهذا معارض لما في الآية من الاشتراط.
"وأجاز نكاح الإماء لمن عنده طَول ينكح به الحرائر لأنه لا يعتبر مفهوم المخالفة كما عُرف في أصوله رحمه الله، أما وطء الأمة الكافرة بملك اليمين فإنها إن كانت كتابية فجمهور العلماء على إباحة وطئها بالملك لعموم قوله تعالى {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [سورة المؤمنون:6] الآية، ولجواز نكاح حرائرهم فيحل التسري بالإماء منهم، وأما إن كانت الأمة المملوكة له مجوسية أو عابدة وثن ممن لا يحل نكاح حرائرهم فجمهور العلماء على منع وطئها بملك اليمين، قال ابن عبد البر وعليه جماعة فقهاء الأمصار وجمهور العلماء وما خالفه فهو شذوذ لا يعد خلافًا ولم يبلغنا إباحة ذلك إلا عن طاوس، قال مقيده- عفا الله عنه- الذي يظهر."
أما قياس نكاح إماء أهل الكتاب على نكاح حرائرهم فهو قياس مع الفارق لوجود النقص الموجود بين إماء المسلمين وحرائرهم فيه نقص ولذلك لم يجز نكاحها إلا لمن لم يجد طول الحرة لم يجز نكاح الأمة المسلمة بإطلاق ليتم التطابق، وإذا كان إماء المسلمين فيهن نقص عن الحرائر فإماء الكتابيات فيهن نقص يماثل ذلك النقص.
"قال مقيده- عفا الله عنه- الذي يظهر من جهة الدليل والله تعالى أعلم جواز وطء الأمة بملك اليمين وإن كانت عابدة وثن أو مجوسية؛ لأن أكثر السبايا في عصره -صلى الله عليه وسلم- من كفار العرب وهم عبدة أوثان ولم يُنقَل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه حرَّم وطأهن بالمِلْك لكفرهن ولو كان حرامًا لبيَّنه بل قال -صلى الله عليه وسلم- «لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة» ولم يقل حتى يسلمن ولو كان ذلك شرطًا لقاله وقد أخذ الصحابة سبايا فارس وهن مجوس ولم يُنقَل أنهم اجتنبوهن حتى أسلمن."
طالب: .........
ماذا؟
طالب: .........
كانوا مشركين غزاهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وسبى نساءهم وهن مشركات ولا يوجد ما يدل على انتظار الإسلام.
طالب: .........
لا، تستبرأ بحيضة واحدة.
"قال العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد ما نصه:" ودل هذا القضاء النبوي على جواز وطء الإماء الوثنيات بملك اليمين فإن سبايا أوطاس لم يكنَّ كتابيات ولم يشترط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وطئهن إسلامهن ولم يجعل المانع منه إلا الاستبراء فقط، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع مع أنهم حديثو عهد بالإسلام ويخفى عليهم حكم هذه المسألة وحصول الإسلام من جميع السبايا وكنَّ عدة آلاف بحيث لم يتخلَّف منهن عن الإسلام جارية واحدة مما يُعلَم أنه في غاية البعد فإنهن لم يُكرَهن على الإسلام ولم يكن لهن من البصيرة والرغبة والمحبة في الإسلام ما يقتضي مبادرتهن إليه جميعًا، فمقتضى السنة وعمل الصحابة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعده جواز وطء المملوكات على أي دين كنّ وهذا مذهب طاوس وغيره وقوّاه صاحب المغني فيه ورجح أدلته وبالله التوفيق انتهى كلام ابن القيم رحمه الله بلفظه وهو واضح جدًّا."
طالب: .........
ما هو؟
طالب: .........
اختيار الشيخ واستدلال ابن القيم لا شك أن فيه قوة ولم يحصل البيان ولا في موضع واحد من المواضع مع تكرر هذه المواضع تكرر الغزوات وتكرر السبي ما حصل بيان ولا في موضع واحد مما يدل على عدم الاشتراط.
طالب: .........
ما هو؟
طالب: .........
يعني هل تدخل في عموم {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [سورة البقرة:221]؟ هل هي داخلة أو غير داخلة؟
طالب: .........
مادامت سبيت صارت أمة.
طالب: .........
وحتى الحرة صارت أمة.
طالب: .........
كلهن إماء حكم الإماء ما صارن أحرار.
"قوله تعالى."
الكلام فيما يدور الآن في واقع الناس من وجود بعض عباد الأوثان وأهل الأديان الأخرى التي ليست أهل الكتاب من أنهم يبيعون أولادهم وبناتهم هل الشراء منهم بمنزلة السبي يحوّلهم عبيدا وإماء أو أنهم أحرار ويبقون على حريتهم ولا ينقض هذه الحرية إلا السبي بالجهاد هذه مسألة شيخ الإسلام في الجزء الثامن والعشرين من الفتاوى كأنه أشار أن فيها نوع فسحة، يبيعون برخص بألف دولار أو نحو ذلك في بعض البلدان
طالب: .........
ولو لم يكن جهاد.
طالب: .........
نعم مع أن الثامن والعشرين موضوعه الجهاد.
راجع الفتاوى الجزء الثامن والعشرين.
"قوله تعالى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [سورة النساء:25] لم يبين هنا هذا العذاب الذي على المحصنات وهن الحرائر الذي نصفه على الإماء ولكنه بيَّن في موضع آخر أنه جَلْد مائة بقوله."
لا، هذا مجمل يشمل الجَلْد ويشمل الرجم لكن الجَلد يمكن تنصيفه وتطبيقه والرجم لا يمكن.
"ولكنه بيَّن في موضع آخر أنه جَلْد مائة بقوله {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [سورة النــور:2]."
والتغريب يتنصف؟ بدلا من أن تغرب سنة مثل الحرة الأصل أن تغرب الأمة نصف سنة، لكن قالوا إن التغريب إضرار بسيدها وإذا غربت الأمة تعرَّضت لما قد يضربها مع أن الآن كل شيء عرضة، فتُغَرَّب وتترك في بلد لكن بعضهم يقول تُسجَن في البلد الثاني وتُحفَظ سواء كانت حرة أو أمة، من يتنصف لها العذاب والأمور تغيرت واختلفت والظروف لا شك أن لها أحكامها.
طالب: .........
كيف يدفعه؟
طالب: .........
لا، هل هي تُغَرَّب أو لا تُغَرَّب؟ هذا الكلام.
طالب: .........
يقيم عليها الحد فليجلدها الحد ولا يُثرِّب عليها.
طالب: .........
مثل الحرة يقام عليها الحد وتُغَرَّب سنة يعني مقتضى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [سورة النساء:25] أن الحد عليها والتغريب مثل ما جعل الله للحرائر سبيلاً «خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً الثيب بالثيب جلد مائة والرجم والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة».
"فيُعلَم منه أن على الأمة الزانية خمسين جلدة ويُلحَق بها العبد الزاني فيُجلَد خمسين."
قياسًا على الأمة لعدم الفارق وهذا من باب التخصيص بالقياس.
"فعموم الزانية مخصوص بنص قوله تعالى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [سورة النساء:25] وعموم الزاني مخصوص بالقياس على المنصوص لأنه لا فارق البتة بين الحرة والأمة إلا الرق، فعُلم منه أنه سبب تشطير الجَلْد فأُجرِيَ في العبد لاتصافه في الرق الذي هو مناط تشطير الجَلْد وهذه الآية عند الأصوليين من أمثلة تخصيص عموم النص بالقياس بناء على أن نوع تنقيح المناط المعروف بإلغاء الفارق يسمى قياسًا والخلاف في كونه قياسًا معروف في الأصول أما الرجم.."
طالب: .........
ما هو؟
طالب: .........
يعني من عموم العلة يشمل عموم العلة.
طالب: .........
ما هو؟
طالب: .........
سواء قلنا بعموم العلة أو قياس لا فارق من حيث الواقع.
إن قلنا أنه يتناول العبد عموم العلة هو متناول بالنص للعلة المنصوصة فالحكم واحد يعني مثل ما يقال في أهل الكتاب هل هم مشركون أو لا؟ وهل نحتاج إلى تخصيصهم من {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [سورة البقرة:221] أو لا نحتاج؟ إذا احتجنا فالمخصِّص موجود ولم نحتج ولو قلنا إنهم لا يقال لهم مشركون وإنما يقال فيهم شرك ما احتجنا إلى تخصيص، المقصود أنهم كفار بالإجماع ومن شك في كفرهم عند أهل العلم كفر، بعضهم ينقل الإجماع على كفر من شك في كفرهم مع أن الأقوال كثيرة الآن في وسائل الإعلام وأنهم أهل كتاب وأنهم مؤمنون وأنهم كذا والله المستعان.
"أما الرجم فمعلوم أنه لا يتشطَّر فلم يدخل في المراد بالآية.
تنبيه: قد علمت مما تقدم أن التحقيق في معنى أُحْصِنّ أن المراد به تزوجن وذلك هو معناه على كلتا القراءتين، قراءته بالبناء للفاعل والمفعول خلافًا لما اختاره ابن جرير من أن معنى قراءة أَحْصَنّ بفتح الهمزة والصاد مبنيًّا للفاعل أَسلَمْن وأن معنى أُحْصِنّ بضم الهمزة وكسر الصاد مبنيًّا للمفعول زُوِّجْن وعليه فيُفهَم من مفهوم الشرط في قوله {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [سورة النساء:25] الآية أن الأمة التي لم تتزوج لا حد عليها إذا زنت لأنه تعالى علَّق حدها في الآية بالإحصان وتمسك بمفهوم هذه الآية ابن عباس وطاوس وعطاء وابن جُريج وسعيد بن جبير وأبو عبيد القاسم بن سلّام وداود بن علي في رواية فقالوا لا حد على مملوكة حتى تتزوّج والجواب عن هذا والله أعلم أن مفهوم هذه الآية فيه إجمال وقد بيّنته السنة الصحيحة وإيضاحه أن تعليق جلد الخمسين المذكور في الآية على إحصان الأمة يفهم منه أن الأمة التي لم تُحصَن ليست كذلك فقط فيُحتمَل أنها لا تُجلَد ويُحتمَل أنها تُجلَد أكثر من ذلك أو أقل أو ترجم إلى غير ذلك من المحتملات ولكن السنة الصحيحة دلت على أن غير المحصنة من الإماء كذلك لا فرق بينها وبين المحصنة والحكمة في التعبير.."
يعني لما امتنع الرجم بقي ما دونه وهو الجلد وإذا حدت غير المحصَنة ولا شك أن وصف الإحصان مؤثِّر إذا حُدَّت غير المحصَنة فمن باب أولى أن تُحَد المحصنة ونص الحديث سيأتي.
طالب: .........
«إذا زنت الأمة ولم تُحصَن» في الحديث الصحيح.
طالب: .........
واضح الحديث نص في محل النزاع.
"والحكمة في التعبير بخصوص المحصَنة دفع توهُّم أنها ترجم كالحرة فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما قالا سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الأمة إذا زنت ولم تُحصَن قال «إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها»."
والسؤال معاد في الجواب فكأنه قال إن زنت ولم تُحصَن فاجلدوها.
"«ثم بيعوها ولو بضفير»"
يعني بحبل مضفور يعني مجدول.
"قال ابن شهاب لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة وحمل الجلد في الحديث على التأديب غير ظاهر لاسيما وفي بعض الروايات التصريح بالحد."
فليجلدها الحد ولا يثرب عليها.
"فمفهوم هذه الآية هو بعينه الذي سئل عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-وأجاب فيه بالأمر بالجلد في هذا الحديث المتفق عليه، والظاهر أن السائل ما سأله إلا لأنه أشكل عليه مفهوم هذه الآية فالحديث نص في محل النزاع ولو كان جلد غير المحصنة أكثر أو أقل من جلد المحصنة لبينه -صلى الله عليه وسلم-وبهذا تعلم أن الأقوال المخالفة لهذا لا يعوَّل عليها كقول ابن عباس ومن وافقه المتقدم آنفًا وكالقول بأن غير المحصنة تجلد مائة وهو المشهور."
يعني المحصنة تُجلَد خمسين وغير المحصنة تُجلَد مائة.
"وهو المشهور عن داود بن علي الظاهري ولا يُخفَى بُعدُه وكالقول بأن الأمة المحصنة تُرجَم وغير المحصنة تجلد خمسين وهو قول أبي ثور ولا يخفى شدة بعده والعلم عند الله تعالى."
أبو ثور يقول إن قال أحد بجَلْد المحصَن من الأرقاء فأنا معه يعني لم يزم بأنه يُجلَد علَّق يقول إن قال به أحد فأنا معه.
"قوله تعالى {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [سورة النساء:34]."
إن قال أحد بجلد المحصَن من الأرقاء فأنا معه.
"قوله تعالى."
لكن ما قال به أحد.
طالب: .........
ما هو؟
طالب: .........
هم جزموا بأنه يقول بالرجم حذفوا المقدمات.
"قوله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [سورة النساء:34] الآية، ذكر في هذه الآية الكريمة أن النشوز قد يحصل من النساء ولم يبيِّن هل يحصل من الرجال نشوز أو لا؟ ولكنه بيَّن في موضع آخر أن النشوز أيضًا قد يحصل من الرجال وهو قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً} [سورة النساء:128] الآية وأصل النشوز في اللغة الارتفاع فالمرأة الناشز كأنها ترتفع عن المكان الذي يضاجعها فيه زوجها وهو في اصطلاح.."
تترفع وترتفع عن طاعة زوجها وكذلك الأرض النَّشَاز والناشِزَة المرتفعة.
"وهو في اصطلاح الفقهاء: الخروج عن طاعة الزوج وكأن نشوز الرجل ارتفاعه أيضًا عن المحل الذي فيه الزوجة وتركه مضاجعتها والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى {وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [سورة النساء:40] الآية، لم يبين في هذه الآية الكريمة أقلّ ما تضاعَف به الحسنة ولا أكثره ولكنه بيَّن في موضع آخر أن أقل ما تضاعَف به عشر أمثالها وهو قوله {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [سورة الأنعام:160] وبيَّن في موضع آخر أن المضاعفة ربما بلغت سبعَمائة ضعف إلى ما شاء الله وهو قوله {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [سورة البقرة:261] الآية كما تقدم قوله تعالى."
يعني {فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ} [سورة البقرة:261] سبعمائة والله يضاعف لمن يشاء، وهناك حديث مخرج في المسند لكنه مضعّف عند أهل العلم «إن الله ليضاعف لبعض عباده الحسنة إلى ألفي ألف ضعف» مليونين لكن الحديث ضعيف.
"قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} [سورة النساء:42] الآية على القراءات الثلاث معناه أنهم يتمنون أن يستووا بالأرض فيكونوا ترابًا مثلها على أظهر الأقوال."
أحد يستحضر هذه القراءات الثلاث؟ تَسَّوَّى.
طالب: .........
نعم.
"ويوضح هذا المعنى قوله تعالى: {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً} [سورة النبأ:40] قوله تعالى: {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} [سورة النساء:42] بيَّن في موضع آخر أن عدم الكتم المذكور هنا إنما هو باعتبار إخبار أيديهم وأرجلهم بكل ما عملوا عند الختم على أفواههم إذا أنكروا شركهم ومعاصيَهم وهو قولهم تعالى {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سورة يــس:65] فلا يتنافى قوله {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} [سورة النساء:42] مع قوله عنهم {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [سورة الأنعام:23] وقوله عنهم أيضًا: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ} [سورة النحل:28] وقوله عنهم {بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئاً} [سورة غافر:74] للبيان الذي ذكرنا والعلم عند الله تعالى."
يعني يُحمَل هذا على حال وهذا على حال.
"قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى} [سورة النساء:43]."
كما قال ابن عباس إنها مواقف.
"{لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} [سورة النساء:43] بيَّن تعالى في هذه الآية زوال السُّكْرِ بأنه هو أن يثوب للسكران عقله حتى يعلم معنى الكلام الذي يصدُر منه بقوله حتى تعلموا ما تقولون قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ} [سورة النساء:44] الآية ذكر في هذه الآية."
في الحديث «لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر» ونص العلماء على أن نفي القبول المراد به نفي الثواب المرتَّب على هذه الصلاة ولم يقولوا بأن نفي القبول نفي للصحة لأنه قد يكون في جوفه خمر ومع ذلك يعلم ما يقول.
طالب: .........
السكران إذا علم.
طالب: .........
الغاية حتى تعلم يعني حتى يرتفع الأثر.
"قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ} [سورة النساء:44] الآية، ذكر في هذه الآية الكريمة أن الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب مع اشترائهم الضلالة يريدون إضلال المسلمين أيضًا، وذكر في موضع آخر أنهم كثير وأنهم يتمنون ردة المسلمين وأن السبب الحامل لهم على ذلك إنما هو الحسد وأنهم ما صدر منهم ذلك إلا بعد معرفتهم الحق وهو قوله تعالى {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [سورة البقرة:109] وذكر في موضع آخر أن هذا الإضلال الذي يتمنونه للمسلمين لا يقع من المسلمين وإنما يقع منهم أعني المتمنين الضلال للمسلمين وهو قوله {وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [سورة آل :69] قوله تعالى :{أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} [سورة النساء:47] لم يبين هنا كيفية لعنه لأصحاب السبت ولكنه بين في غير هذا الموضع أن لعنه لهم هو مسخهم قردة، ومن مسخه الله قرْدًا غضبًا عليه فهو ملعون بلا شك وذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [سورة البقرة:65] وقوله فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين والاستدلال على مغايرة اللعن للمسخ بعطفه عليه في قوله {هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [سورة المائدة:60] لا يفيد أكثر من مغايرته للمسخ في تلك الآية كما قاله الألوسي في تفسيره وهو ظاهر."
وقد يُعطَف الشيء على نفسه أو لموافقه في المعنى للاختلاف في اللفظ
فألفى قولها كذبًا ومينًا لا يقتضي العطف المغايرة في كل سياق.
"واللعنة في اللغة الطرد والإبعاد، والرجل الذي طرده قومه وأبعدوه لجناياته تقول له العرب رجل لعين ومنه قول الشاعر:"
فَعِيْل بمعنى مَفْعُوْل يعني ملعون- نسأل الله العافية-.
"ومنه قول الشاعر:
ذعرت به القطا ونفيت عنه
|
|
مقام الذئب كالرجل اللعين
|
وفي اصطلاح الشرع اللعنة الطرد والإبعاد عن رحمة الله ومعلوم أن المسخ من أكبر أنواع الطرد والإبعاد."
ومسخ القلوب كما يقرر أهل العلم أعظم من مسخ الأبدان وكثير من الناس نسأل الله العافية ونسأل الله ألا يجعلنا منهم ممسوخ القلب وهو لا يدري وهو لا يشعر، ذكر ابن القيم في إغاثة اللهفان في آخر الزمان يذهب الرجلان إلى معصية فيُمسخ أحدهما قردًا ويمضي الثاني إلى معصيته يعني ما يقول الحمد لله إني سلمت ويرجع عن معصيته هذا ممسوخ القلب نسأل الله العافية.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وهذا آخر الدروس بالنسبة لهذا الفصل.