شرح مختصر الخرقي - كتاب البيوع (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يسأل: يقول قول الإمام من أئمة الحديث هذا أحسن شيء في الباب هل يستروح منه أنه قابل للتحسين وأن رواته يعتبر بهم؟

نص أهل العلم على أن قول العالم أصح شيء في الباب لا يقتضي التصحيح، وأن قوله أضعف شيء في الباب لا يقتضي التضعيف؛ لأن هذا تصحيح نسبي وتضعيف نسبي فبالنسبة لما يوجد في الباب قد تكون الأحاديث كلها ضعيفة ولم يرد فيه ولم يصح في الباب شيء لكن بعضها أمثل من بعض، فالأمثل يصح أن يقال فيه إنه أصح لكنه ليس بصحيح، ومثل هذا يقال في أضعف ما في الباب، قد تكون الأحاديث كلها صحيحة لكنها متفاوتة في الصحة؛ فيقال لأقلها في هذا الوصف أنه أضعف، هذا تصحيح وتضعيف نسبي لا يقتضي الصحة ولا الضعف، ومثله إذا قيل أحسن ما في الباب وأجود ما في الباب نفس الشيء، وإذا قيل في راوٍ من الرواة إنه أجود أو أوثق من فلان أو أضعف من فلان هذا لا يقتضي توثيقه ولا تضعيفه، فإذا قيل ابن لهيعة أوثق من الإفريقي عبد الرحمن بن زياد هل يعني هذا أن ابن لهيعة ثقة؟ أو أن الاثنين ثقتان؟ اشتركا في الوصف وفاق أحدهما صاحبه فيه؟ لا، كلاهما ضعيف، لكن ابن لهيعة أمثل من الإفريقي هذا على سبيل المثال، وإذا قيل نافع أضعف من سالم هل يقتضي هذا أن نافعًا ضعيف أو سالما ضعيف؟ اشتركا في الوصف؟! لا، لكنه أقل منه في التوثيق وسالم أجل من نافع عند الأكثر.

يقول: الحامل المتوفى عنها إذا سقط حملها هل تنتهي عدتها أو تعتد أربعة أشهر وعشرًا؟

الحمل إذا سقط إما أن يكون قد تبين فيه خلق الإنسان أو لا، فإن كان قد تبين فيه خلق الإنسان تنتهي به عدتها، وإذا لم يتبين فيه خلق الإنسان فإنه لا حكم له فتعتد بأربعة أشهر وعشرا.

طالب: لكن أحسن الله إليك لو تعمدت إسقاطه.

أين؟

طالب: لو تعمدت هي الإسقاط.

لتخرج من العدة.

طالب: نعم تعامل بنقيض قصدها.

نعم تعامل بنقيض قصدها كما يقول أهل العلم إذا تعمدت الإسقاط من أجل تقليل العدة مثل هذا ما يقوله شيخ الإسلام أن المختلعة عدتها حيضة لكن إذا كان الخلع حيلة لتقليل العدة فإنهما كل من الزوج والزوجة القاصد لهذا التقليل يعامل بنقيض قصده فتعتد بثلاث حيض.

يقول إمام مسجد يقرأ ختمة مستقلة في الصلوات الجهرية أو أغلبها فما حكم عمله؟

إذا كان يقرأ القرآن متتابعًا من البقرة إلى الناس ولا يفصل طول أيامه، يقرأ هذه القراءة المتتابعة هذا ليس له أصل ولا يعرف له دليل، لكن لو قصده من أجل إسماع الناس القرآن وقصد مراجعة الحفظ لفائدة الطرفين ولم يتخذ ذلك ديدنا يخل به أحيانًا فلا بأس حينئذٍ.

سم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال- رحمه الله تعالى- كتاب البيوع وخيار المتبايعين.

كتاب البيوع وخيار المتبايعين؟

هكذا عندي.

في بعض النسخ وعليها الطبعة المحققة التي بين أيدينا كتاب البيوع باب خيار المتبايعين، والباب فرع من الكتاب، وعطف الخيار على البيوع يجعله أصلا وليس بفرع عن كتاب البيوع وهو في حقيقته فرع، وعلى كل حال هو موجود في بعض النسخ وبعضها باب خيار المتبايعين.

والمتبايعان.

فرق بين أن يجعل قسما وأن يجعل قسيما، فرق بين أن يجعل الخيار قسما وبابا من أبواب البيوع وبين أن يجعل قسيمًا له.

والمتبايعان كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما فإن تلفت السلعة أو كان عبدًا فأعتقه المشتري أو مات بطل الخيار، وإذا تفرقا من غير فسخ لم يكن لواحد منهما رده إلا بعيب أو خيار، والخيار يجوز أكثر من ثلاث والله أعلم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى "كتاب البيوع" الكتاب سبق تعريفه مرارًا فيما تقدم من الكتب في هذا الكتاب وفي غيره، والكتاب مضاف والبيوع مضاف إليه، والكتاب خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا كتاب عند الأكثر، وبعضهم يجوِّز النصف كأنه يقول: اقرأ كتاب البيوع أو انظر كتاب البيوع على كل حال الأمر سهل، والأكثر على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا كتاب، وكتاب مضاف والبيوع مضاف إليه، والبيوع جمع بيع، والبيع يقول الفقهاء إنه مأخوذ من الباع قالوا لأن كل واحد من المتبايعين يمد باعه فالبائع يمد باعه ليأخذ الثمن والمشتري يمد باعه ليأخذ السلعة؛ المثمن، وهذا الكلام فيه نظر من حيث الاشتقاق، البيع مصدر والباع كذلك أصل والمصدر يؤخذ منه المشتق بائع والفعل باع السلعة مبيعة وهكذا فهو أصل المشتقات، لكن يؤخذ منه مصدر آخر! الأمر الثاني أن البيع يائي والباع واوي فلا يؤخذ هذا من هذا، الأمر الثالث أن الواقع يرد هذا ما معنى مد الباع؟ فرق بين مد اليد ومد الباع، الباع عبارة عن اليدين كلتيهما مع ما بينهما، فإذا مد باعه المشتري يقول هكذا إذا أراد يقبض السلعة؟ أو البائع يقول هكذا إذا أراد أن يأخذ الثمن؟، نعم كل منهما يمد يده أو يديه إذا كانت السلعة تحتاج إلى اليدين أما مد الباع ففيه ما فيه.

طالب: ..............

كلاهما يمد الباع؟

طالب: ..............

هم يقولون لأخذ الثمن والمثمن؛ لأن كل من المتبايعين يمد باعه لأخذ الثمن والمثمن، يرتبون أشياء على أشياء لأدنى مناسبة وملابسة لاشتراك في الحروف الأصلية، جعلوا هذا من هذا لكن إذا نظرنا إلى الواقع وجدنا أن هذا مستقل وهذا باب مستقل غير هذا! أظن هذا ظاهر في مناسبة بينهما أو ملابسة؟

طالب: ..............

باع؟ من الباع يدين من اثنين؟ يمكن أن يأتي؟!

طالب: ..............

وما بين المنكبين أين هو؟ وهو من الباع.

طالب: ..............

لا، اليد على أكثر تقدير من المنكب فإذا لفقنا هذا الباع من يد المشتري ويد البائع بقي ما بين المنكبين أين يذهب؟

طالب: ..............

لا، يمكن أن يقال هذا على الغالب أن فيه أخذ وعطاء هذا سهل، لكن الكلام في تصوير الواقع لأن كل واحد من المتبايعين يمده يده ولا يمد باعه، البيوع جمع بيع والبيع مصدر يشمل الواحد والمتعدد، وجُمع لتعدد أنواعه كما قيل في المياه، الماء اسم جنس يشمل القليل والكثير لكنه جُمع لتعدد أصنافه، والبيع جائز بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فبقوله- جل وعلا-:{  وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ } البقرة: ٢٧٥ والسنة: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» ونصوص كثيرة من الكتاب والسنة تدل على جوازه، وأجمع أهل العلم على حله، والحاجة بل الضرورة داعية إليه الضرورة داعية إليه؛ لأن كل واحد محتاج لما في يد غيره، وغيرُه قد لا يبذله بغير مقابل فيُحتاج إلى أن يدفع المقابل، وإذا دفع المقابل وأخذ ما يحتاجه هذه حقيقة البيع، إنسان يمكن أن يعيش بمفرده لا يبيع ولا يشتري ولا يتعامل مع الناس؟ الإنسان كما يقرر أهل العلم مدني بالطبع لا يمكن أن يعيش بمفرده هذا الأصل فيه، قد يوجد عنده شيء من الخلل فلا يزاول هذه الأعمال إنما تزاول باسمه فهو بائع حكمًا ومشترٍ حكمًا وإن لم يباشر بنفسه.هذا الكتاب- كتاب البيوع- هو الربع الثاني من الأرباع الفقهية، الربع الأول: ربع العبادات، والثاني: ربع المعاملات، والثالث: المناكحات، والرابع: الجنايات، فيبدؤون بالعبادات؛ لأن الجن والإنس إنما خلقوا لتحقيق العبودية، وما بعد هذه العبودية إنما شُرعت لقيام مصالحه والاستعانة بها على تحقيق الهدف الذي من أجله خُلق، فما خلق الإنسان ليبيع ويشتري، وإنما خلق ليعبد الله وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ } الذاريات: ٥٦ لكن لا يمكن أن تقوم هذه العبادة إلا بالمعاملات والمناكحات والأصل بقاء النوع فلا بد منها، الجنايات ما جُبل عليه الإنسان من الجهل والظلم يقتضي حدوث المخالفات فشُرعت الحدود والتعزيرات والقصاص من أجل ردع هذا التعدي وهذا الظلم الذي جبل عليه، الإنسان ظلوم جهول! أهل العلم يبدون مناسبات لهذه الأرباع فيقولون أن العبادات هي الأصل، تقدم الطهارة على أم العبادات التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام الصلاة وشروطها مقدمة عليها فقُدمت الطهارة، ثم بدئ بالأصل الذي هو الصلاة، ثم تلاه الزكاة وهي أختها في كثير من النصوص، ثم الصيام عند جمهور أهل العلم بناءً على ترتيب الأركان في كثير من الأحاديث، ثم الحج وكما تعلمون البخاري قدم الحج على الصيام لأنه خرج حديث ابن عمر بتقديمه على الصيام، يختمون العبادات بالجهاد، الجهاد عبادة بدنية أو مالية أو مركبة منهما كالحج؟ هو شبيه بالحج فالإنسان يجاهد بماله كما أنه يجاهد بنفسه أو يجاهد بنفسه وماله وهذا أكمل، المؤلف أين وضع الجهاد؟

طالب: ..............

مر بنا الجهاد؟

طالب: لا.

لم يمر علينا، انتهت العبادات عنده؛ لأن بعضهم يرى أن الجهاد مادام فيه القتل فهو شبيه بالحدود والقصاص.

طالب: ..............

بعد الحدود فهو شبيه بالحدود والقصاص فيه قتل فيه جروح فهو شبيه بها من هذه الحيثية، لكن إذا نظرنا النصوص الواردة في فضله والحث عليه قلنا إنه بالحج أشبه وأليق، والقتل ليس هدفا من شرعية الجهاد في الإسلام، إنما القصد منه هداية الخلق ونشر هذه الرحمة وجر الناس إلى الجنة بالسلاسل على ما سيأتي بيانه في بابه- إن شاء الله تعالى- يثنُّون بالبيوع لمسيس الحاجة إلى هذه المعاملات والاضطرار إليها، مثل ما ذكرنا أن الإنسان قد يحتاج بل يحتاج وقد هذه للتحقيق وليست للتقليل، يحتاج إلى ما بيده غيره، وغيرُه لا يبذله بدون مقابل فيدفع المحتاج هذا المقابل وهذه حقيقة البيع، يلتحق به أبواب أخرى هي من هذا النوع فيها المبادلة، ثم إذا اشترى وباع وأكل وشرب من هذا المبيع، وهذا المُشترى قد يحتاج إلى النكاح، يعني شخص لا يجد ما يأكل ولا يشرب وعنده مال هل يقدم البيع والشراء لشراء ما يأكل؟ أو يقدم النكاح؟ يقدم الأكل والشرب بواسطة البيع والشراء، ثم إذا أكل وشرب احتاج إلى النكاح فجاء ترتيبه بعد البيوع، ثم بعد ذلك إذا أكل وشرب ونكح قد يصاب بشيء من الأشر والبطر فيعتدي على غيره ويزاول ما حرم الله عليه فيحتاج إلى ما يردعه وهذا في الحدود والجنايات، وتختم الكتب الفقهية إما بالإقرار أو بالعتق، بعض الكتب تختم بالإقرار وبعضها تختم بالعتق ولكل وجه، من ختم بالإقرار تفاؤلاً في أن تكون خاتمة حياته الإقرار بالشهادة «من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة» هذا تفاؤل، ومن ختم كتابه بالعتق فتفاؤلاً بأن يعتق الله رقبته من النار.

المذهب الواحد من المذاهب الفقهية ترتيبه متطابق أو متقارب، والمذاهب الفقهية الأربعة ترتيبها أيضًا مقارب في الجملة هذا الترتيب على الأرباع موجود في المذاهب كلها، لكن يبقى التقديم والتأخير في بعض الأبواب والمسألة اجتهادية وفنية، من المتأخرين والمعاصرين من رتّب على الحروف، تعرفون الموسوعات هذه كلها رتبت على الحروف، وهذه الموسوعات المرتبة على الحروف أشبه ما تكون بالفهارس؛ لأنك بالحرف تقف على الباب الذي تريده، ثم بعد ذلك تقف على الإحالات على كتب الفقه المعتمدة هذه تنفع طالب العلم من هذه الحيثية، تسهل عليه الرجوع إلى الكتب الأصلية، والفهارس تقوم مقام هذه الموسوعات بالنسبة للترتيب والوصول إلى المسألة؛ لأن الذي يريد مراجعة المسائل العلمية في كتب المذاهب نظرا لاختلاف الترتيب بينها قد يجد شيئا من الصعوبة، وقد يتعب في البحث عن باب في مذهب من المذاهب ولا يجده في مظنته، فهذه الحروف والترتيب على الحروف ييسر له هذا وتذكر المراجع تحته، لكن هل الأفضل أن تبقى الكتب على حالها أو ترتب على الحروف؟ أيسر  للناس يعني مثل ما يقال في الحديث هل الأفضل أن ترتب كتب الحديث على الأبواب أو على الحروف؟ الجامع الصغير أو جامع الأصول رتب الأحاديث على الأبواب والأبواب على الحروف، والجامع الصغير وقبله الجامع الكبير رتبت الأحاديث على الحروف، أيهما أفضل أن تبقى الكتب على وضع أهل العلم أو ترتب هذا الترتيب الجديد الذي ييسر الرجوع بالنسبة لطالب العلم؟أقول هذا الترتيب لا شك أنه ميسِّر لكن يبقى أن لكتب العلم هيبة ولها احترامها كما وضعها مؤلفوها، والفهارس تقوم مقام هذا الترتيب، وكم تمنينا أن ابن الأثير رتب كتابه على طريقة أهل العلم ولم يرتبه على الحروف، الآن في جامع الأصول الزكاة قبل الصلاة الصلاة لماذا؟ لأن الزكاة بحرف الزاي والصلاة بحرف الصاد، والأيمان والنذور والإقرار قبل الحج وقبل الزكاة، ولا شك أن ترتيبه على طريقة أهل العلم فيها متانة وصيانة لكتب العلم، وإذا احتيج إلى فهارس كما هي طريقة المستشرقين ومن قلدهم، لم يكن العلماء يعرفون هذه الفهارس المفصّلة الدقيقة إنما عرفوها عن طريق المستشرقين؛ لأن المستشرقين طبعوا كتبا من مائتي سنة مفهرسة بدقة، ثم بعد ذلك استفادها من يطبع كتب العلم من المسلمين وفيها فائدة وتيسير، لكن يبقى أنها حرمت طالب العلم من النظر في الكتب لأن هذا التيسير ليس من المصلحة باستمرار، نعم إذا ضاق الوقت ارجع إلى الفهرس لكن وأنت تبحث في مسألة من المسائل على طريقتك في البحث عنها في مظانها في أجواف الكتب لا شك أن هذا أفضل وأكثر فائدة، وكم تمر في طريقك وأنت تبحث عن هذه المسألة على المسائل العلمية التي قد يكون كثير منها أهم من المسألة التي تبحث عنها، والإنسان وهو يبحث عن مسألة وينتقل من كتاب إلى كتاب ومن فائدة إلى فائدة يستفيد فوائد عظيمة ويمضي به الوقت وهو لا يشعر لكن هل هذا الوقت ضائع؟ ليس بضائع، بينما إذا رجع إلى الفهرس وجد ما يريد وضع أصبعه على ما يريد من غير نظر إلى المسائل الأخرى، والوقوف على الفائدة بسرعة يجعلها لا تثبت في الذهن بخلاف إذا ما وقف على المسألة التي يريدها بعد معاناة فإنها تثبت، لا شك أن ترتيب أهل العلم هو المعتبر والمعتمد، وإذا احتيج نظرًا لتراخي كثير من طلاب العلم عن الجد في تحصيله إلى فهارس لا مانع من أن يعانوا بالفهارس.

طالب: .............

لكن هل الترتيب في المعاجم متفق عليه؟ وكيف تُرتَّب المفردات اللغوية؟ كيف يرتبونها؟ على أبواب؟ لا بد من أن ترتب على طريقة معينة، ليس فيها أبواب ترتب عليها مع أنهم يختلفون في ترتيبهم، هذه الحروف التي يرتبون عليها متفاوتة منهم من يرتب على أول الكلمة، ومنهم من يرتب على آخرها، ومنهم من يرتب على أبجد، ومنهم من يرتب على الطريقة الأخرى على طريقة المشارقة أو المغاربة، ومنهم من يرتب على حسب المخارج، فهم لا يتفقون على شيء، لكن لو أردت الآن أن تراجع مسألة في تهذيب اللغة للأزهري مثل مراجعتك لمسألة عند ابن منظور أو عند الفيروز آبادي أو حتى الصحاح؟ لا، ثم بعد ذلك احتيج إلى ترتيب الترتيب نظرًا لضعف الهمم وضعف الإدراك، يعني أنت تقول لطالب علم استخرج لي من القاموس يقدر أو لا يقدر؟ كثير من طلاب العلم يمكن لا يقدر، فاحتيج في القاموس إلى ترتيب، المقصود أن طالب العلم عليه أن يمرِّن نفسه على جميع الاحتمالات لئلا يقف أو يحول دونه ودون مراده شيء، مشارق الأنوار للقاضي عياض مرتب على الحروف، لكن جميع الطلاب الموجودين يستطيعون أن يتعاملوا معه بدقة؟ وترتيب الحروف عنده على طريقة المغاربة لا على طريقة المشارقة، كثير منهم لا يستطيع؛ لأنه لا يعرف طريقة المغاربة في ترتيب الحروف تختلف طريقتهم عن طريقة المشارقة، فإذا اعتاد هذه الطريقة يرجع إلى الحرف بين حرفين عهده في طريقة المشارقة ثم يحكم على أنه حرف غير موجود، المراد أن طالب العلم عليه أن يعرف طرائق أهل العلم في التصنيف والترتيب ليكون على بينة والله المستعان.

 كتاب البيوع، قال- رحمه الله- "باب خيار المتبايعين" وفي بعض النسخ كتاب البيوع وخيار المتبايعين، وعرفنا الفرق بين باب خيار المتبايعين وخيار المتبايعين، يجعل خيار المتبايعين أصلا قسيما للبيوع إذا عُطف عليه، وإذا قلنا باب خيار المتبايعين قلنا إن خيار المتبايعين فرع وليس بأصل وليس بقسيم، والخيار هو اختيار أحد الأمرين من إمضاء البيع أو فسخه.

طالب: .............

وخيار المتبايعين.

يقول: ألا يمكن أن يقال أنه من عطف الخاص على العام؟ الخيار بيع أولا؟ هل هو بيع؟، يكون نوعا من أنواع البيوع ؟ ليكون خاصًا يعطف على عام؟

طالب: .............

الخيار نوع؟

طالب: .............

ليس بنوع، والمتبايعان والبيّعان هما البائع والمشتري، المتبايعان والبيِّعان وبكل منهما ورد لفظ الحديث حديث ابن عمر «البيِّعان بالخيار» وفي لفظ «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا» فالمراد بهما البائع والمشتري قال- رحمه الله- "والمتبايعان"وعرفنا أن الخيار اختيار أحد الأمرين الذَين هما إمضاء البيع أو فسخه قال و"المتبايعان" البائع والمشتري "كل واحد منهما بالخيار"المتبايعان كل واحد منهما بالخيار، يختار إما أن يمضي البيع أو يفسخ البيع شريطة "ألا يتفرقا بأبدانهما" فلكل واحد منهما أن يختار ماداما في المجلس، فللبائع أن يقول رجعت عن بيعي، رد السلعة، وللمشتري أن يقول رجعت عن شرائي رد الثمن، ماداما في المجل «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» والتفرق هنا المراد به بالأبدان عند الحنابلة والشافعية، والمراد بالتفرق عند الحنفية والمالكية التفرق بالأقوال، فإذا تم الإيجاب والقبول فقد تفرقا بالأقوال، لكن قبل التفرق بالأقوال وقبل الإيجاب والقبول هل يسمى بيعا؟ وبيِّعان ومتبايعان؟ هما متساومان وليسا بمتبايعين، فالقول بأن المراد بالتفرق بالأقوال قول ضعيف وإن قال به هؤلاء الأئمة، ومالك- رحمه الله تعالى- أحد رواة حديث ابن عمر لا يمكن أن يقال خفي عليه الحديث وهو راويه، حتى قال بعضهم ما ندري هل مالك يتهم نفسه أو يتهم نافعًا، يعني روى الحديث عن نافع عن ابن عمر ولا عمل به، هل اتهم نفسه أو اتهم ابن عمر واتهم نافعا؟ وحاشاه أن يتهم ابن عمر، وقال ابن أبي ذئب ينبغي أن يستتاب مالك، يعني أنه يخرج الحديث المقطوع بصحته وثبوته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يعمل به؟! لكنه متأوّل يعني ما رده رد معاندة رده بتأويل، وقال إن التفرق بالأقوال كالحنفية، لكن هل هذا التأويل سائغ أو غير سائغ؟ هل يمكن أن يقال بيِّعان  أو متبايعان قبل الإيجاب والقبول؟ قبل الإيجاب والقبول لا يحتاج أن يقال هم بالخيار لا يوجد شيء ملزِم ليقال هما بالخيار، وهذا التأويل يلغي فائدة الخبر، يعني تقف على صاحب سلعة وتقول له بكم هذا؟ ويقول لك مائة تقول لا، بثمانين ولا يوافقك وتمشي وتتركه مثل هذا يحتاج إلى نص؟! هذا يلغي فائدة الخبر، إضافة إلى أن راوي الحديث ابن عمر إذا اشترى أو باع مشى خطوات من أجل أن يتم البيع ومن أجل أن ينفذ البيع ولا يكون لصاحبه خيار رد، هذا تفسير من ابن عمر وهو الصحابي لمعنى الحديث وهو أعرف بما روى.

طالب: .............

لهم تأويلات كثيرة يعني ليس من فراغ، لكن يبقى أن النظر المتبادر للحديث لا يحتمل مثل هذه التأويلات وإلاَّ الكلام في المسألة طويل، لو راجعت فتح الباري لوجدت كلام أهل العلم فيه على الحديث  كثير لكن يبقى أنه هل يحتمل؟ هل هذه التأويلات لها حظ من النظر؟ ليس لها حظ من النظر باعتبار النظر في الحديث نفسه هذا مفاده ولا يحتمل المعنى الآخر، وإلاَّ هم أئمة بعد ليسوا أناسا عاديين، يقال مالك لم يفهم أو أبو حنيفة لم يفهم، هم عندهم ما يستندون إليه ويعتمدون عليه، لكن يبقى أن المعنى المتبادر من الحديث الذي قد يقال إنه لا يحتمل غيره هو ما اختاره أحمد والشافعي- رحمهم الله تعالى-. فإذا اختار البائع إمضاء البيع ووافقه المشتري نفذ وترتبت عليه آثاره، أو اختار أحدهما رد البيع فالأمر موكول إليهما بالنص قال "فإن تلفت السلعة" فإن تلفت السلعة تلفت ما معنى تلفت؟

طالب: .............

الانتفاع أو تعيَّبت؟ أنت واقف في مكتبة أخذت كتابا قديما وقلت بكم هذا الكتاب؟ قال بألف، سقط من بين يديك وتمزقت بعض أوراقه يلزمك شراؤه أو لا؟ يلزمك فلا يعني التلف التلف بالكلية، المقصود أنه إما أن يتلف أو يتعيَّب عيب يقدح به.

طالب: .............

أين؟

طالب: .............

أقول إذا اتفقتم على السعر يلزمك شراؤه ولو في مدة الخيار ولو لم تتفرقا، وقبل الشراء أرش العيب "فإن تلفت السلعة أو كان عبدًا أعتقه المشتري" اتفقا على القيمة وهما في مجلس العقد قبل التفرق بالأبدان قال هو حر لوجه الله يبطل الخيار حينئذٍ، أو مات، أو كان عبدا أعتقه المشتري أو مات بطل الخيار من الذي مات؟ العبد أو المشتري أو البائع؟

طالب: .............

يعني هل الخيار يورث أو ما يورث؟

طالب: .............

الوارث ليس حاضرا المجلس، الوارث هذا من الأصل متفرق مع البائع أو المشتري، وارث البائع أو وارث المشتري فمات أحدهما إما البائع أو المشتري أو العبد، يعني هل التفرق بالأرواح أنت افترض أنه مات هذا البائع أو المشتري فجاء الطرف الثاني البائع أو المشتري فحمل هذا الميت ما تفرقوا وغسله وكفنه يستمر الخيار أو ينقطع الخيار؟

طالب: .............

نعم، لأن التفرق بالأرواح أعظم من التفرق بالأبدان.

طالب: .............

لا، حي النائم له أحكامه.

طالب: .............

أين؟

طالب: .............

لا، هذا خيار الشرط يأتي، يثبت.

طالب: .............

لكن وما يدريك أنه يريد فسخ البيع؟ يمكن يريد إمضاء البيع!

طالب: .............

يقول "فإن تلفت السلعة أو كان عبدًا أعتقه المشتري أو مات" هل نقول أن الضمير يعود إلى آخر مذكور وهو المشتري أو المتحدَّث عنه وهو العبد أو نقول أنه يحتمل أن يعود إلى المشتري أو العبد أو البائع؟ يعني مات أحد الأطراف الثلاثة،"بطل الخيار" لأن صاحب الاختيار مات ووارثه لا يقوم مقامه في حياته، ليس له أن يختار الوارث فليس له أن يقوم مقامه بعد وفاته وأظن صاحب المغني تحدث عن موت المشتري معكم المغني؟

طالب: .............

ماذا يقول؟

طالب: .............

لا، أو مات.

طالب: .............

لا، دعنا من تلف أو مات يهمنا مات.

طالب: .............

أين؟

طالب: .............

ما هو؟

طالب: .............

والكلام على الموت موت السلعة الذي هو العبد أو البائع أو المشتري انظر ماذا يقول المغني؟

طالب: .............

ماذا قال؟

طالب: .............

أو مات، نريد مات.

طالب: .............

لا لا، موجود.

طالب: .............

يكون المسائل الثلاث في إبطال البيع متسقة كلها متجهة إلى السلعة كمّل.

طالب: .............

أي نعم.

طالب: .............

رأيت أو مات رجوعه إلى العبد ضعيف؛ لأن العبد يشمله إذا تلفت السلعة فإما أن يكون البائع أو المشتري، وكلام الموفق في المغني كأنه يميل إلى أنه المشتري مع أن موت البائع مثل موت المشتري لأن حقهما في الخيار على حد سواء، يقول: فإذا مات أحدهما بطل حقه في الخيار ولا ينتقل حينئذ لوارثه إلا طلب الفسخ قبل موته لأنه يستقر حقًا له فينتقل إلى وارثه.

طالب: .............

الموت أعظم من التفرق بالأبدان بلا شك لكن ماذا عن موت البائع؟ إذا رجح أنه موت المشتري فماذا عن موت البائع؟

طالب: ما الفرق بينهما يا شيخ؟

لا يوجد فرق

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ.

تفضل.

طالب: قوله أو كان عبدًا فأعتقه المشتري بطل الخيار، لو عُلم أن المشتري أعتقه ليطبل الخيار هل يبطل خيار البائع يا شيخ.

إذا تفرقا أو سعى أحدهما في إبطال الخيار بالتفرق كما كان ابن عمر يفعل.

طالب: .............

المقصود أنه روي عنه وثابت عنه أنه كان يفعله، هل يبطل الخيار أو لا يبطل؟ جاء النهي عن الإبطال بالتفرق، وهل النهي يقتضي بطلان مثل هذا التصرف وما يترتب عليه؟ أو نقول أنه حصل التفرق مع الإثم؟ ثبت عن ابن عمر أنه كان يدبر ويولي صاحبه ظهره من أجل إبطال الخيار، وثبت النهي عن هذا الصنيع إما أن يقال أن ابن عمر ما بلغه ثم لما بلغه رجع عنه، فمن صنع مثل صنيع ابن عمر ويعرف النهي هل يبطل الخيار بهذا التفرق أو نقول أن النهي عن هذا التفرق يقتضي بطلان هذا التصرف وبطلان ما يترتب عليه؟.

طالب: .............

يعني الجهة منفكة.

طالب: .............

لا، ما تجي.

طالب: .............

تعيده لصاحب المكتبة نعم، لكن لو وجدته ناقصا ملزمة.

طالب: .............

هذا انتهينا منه تعيد المبلغ إلى صاحب المكتبة وهو بدوره يعيده إلى من اشترى منه الكتاب؛ لأنه مشتريه. صاحب أواني منزلية يبيع ويجمع قيمة ما يبيع بإناء عنده من هذه الأواني، فجاء زبون وفتح هذا الإناء ووجد فيه الدراهم وسامه من صاحب المحل واشتراه وهو يعرف أن فيه هذه الأموال، هذه واقعة حكمه سارق أو نقول أنه آكل حراما ويلزمه رده؟

طالب: .............

بيع الإناء ليس فيه إشكال لكن الدراهم ليست بداخلة في البيع هي أضعاف أضعاف قيمة الإناء.

طالب: .............

هذا ليس بحرز لكن يبقى أنه يجب عليه الرد بلا شك.

طالب: .............

مجهول.

طالب: .............

لا يدرى كم؟ ما يدري والبائع ما يدري.

طالب: .............

بلا شك.

ما هي مسألتنا الأخيرة؟

طالب: .............

نعم، السعي في إبطال الخيار بالتفرق من أحد العاقدين كصنيع ابن عمر جاء النهي عنه، فهل يقتضي بطلان هذا التصرف وبطلان ما يترتب عليه ويبقى الخيار معاقبة له بنقيض قصده؟ أو نقول أن التفرق الذي عُلِّق عليه انتهاء مدة الخيار حصل؟وابن عمر يفعله وهو راوي الحديث وهو أعرف بمعناه، يرى أن هذا التصرف يبطل الخيار، أو نقول إن مفاد الحديث واضح ويشترك فيه ابن عمر وغير ابن عمر؟ التفرق معروف عند الجميع فصنيع ابن عمر اجتهاد لا يلزم منه أن مثل هذا التصرف يبطل الخيار.

طالب: .............

ما هو؟

طالب: .............

يفسره بفعله فهل كون الراوي أدرى بما روى مطَّرد أو رب مبلَّغ أوعى من سامع.

طالب: ليس بمطرد

هو من أجل أن يبطل خيار الطرف الثاني وجاء النهي عن ذلك خشية أن يستقيله، فهل نقول أن صنيع ابن عمر تطبيق وتفسير لمفهوم الحديث، وهو مبطل للخيار لأنه هو راوي الحديث؟.

طالب: لعله لم يبلغه النهي أحسن الله إليك.

افترض أن شخصا بلغه النهي وفهم من الحديث التفرق كما هو ظاهره وقال نريد أن نتفرق ونتحمل نتوب أنا مضطر أنا محتاج لهذه السلعة، يعني هل عاد النهي لذات المنهي عنه أو شرطه إن عاد إلى العقد نفسه أو إلى شرطه أو إلى أمر خارج؟

طالب: .............

التفرق هو ذات العقد؟

طالب: .............

لا خيار المجلس غير خيار الشرط، والشرط في البيع غير شرط البيع فماذا يقال لو تفرق، يقول يعرف النهي يقول أتحمل أتوب وأستغفر لكن أنا محتاج للسلعة ينفذ البيع أو لا ينفذ؟

طالب: .............

لو جئنا إلى المحلِّل في النكاح يقول أنا أعرف أن التحليل حرام هو تيس مستعار ومستعد لهذا الوصف، ومستعد لكل ما يترتب عليه لكن أحلل هذا غالي علي وأحلل له أهله يصح العقد

أو لا؟

طالب: .............

قولا واحدا أولا..؟

طالب: .............

عند الحنفية مأجور وفاعل خير. مثل هذه الأمور وتأثيرها على العقد تحتاج إلى دقة في النظر، العلماء حينما يقولون أن النهي إذا عاد إلى ذات الشيء أو إلى جزئه المؤثِّر فهي إما شرط أو ركن فإنه يؤثر على العقد يفسد العقد، بينما إذا عاد إلى أمر خارج الإثم ثابت لكن يبقى أن العقد صحيح فهل نقول أن البيع صحيح مع الإثم أو نقول أن البيع فاسد؟

طالب: .............

وين؟

طالب: .............

لا، هو عُلِّق على التفرق وحصل التفرق.

طالب: .............

هو ما فعل هذا إلا خشية أن يستقيل وإلاَّ لو يجزم أنه غير مستقيل ما تفرقوا، ولا صنع هذا، على كل حال الجادة عند أكثر أهل العلم تصحيح العقد مع الإثم "وإذا تفرقا من غير فسخ لم يكن لواحد منهما رده"لأنهما بالخيار ما لم يتفرقا وقد حصل التفرق فينتهي وقت الفسخ؛ لأنهما غادرا أو أحدهما غادر المجلس"لم يكن لواحد منهما رده إلا بعيب" وهنا ما يسمى خيار العيب "أو خيار" الذي هو الشرط خيار الشرط، قال "والخيار"يعني خيار الشرط "يجوز أكثر من ثلاث" لو اشترى السلعة وقال أنا أستخير تعطيني شهرا، أنا بالخيار لمدة شهر هذا يسمى خيار الشرط، وله الخيار المدة التي يتفقان عليها، والخيار عيب إذا ظهر بالسلعة عيب مؤثر فيثبت الخيار فعندنا خيار المجلس، وخيار العيب، وخيار الشرط، وخيار الغبن، وخيار الخُلف في الصفة.

طالب: .............

نعم اختلاف المتبايعين في قدر الثمن.

قال "والخيار يجوز أكثر من ثلاث" لأن من أهل العلم من يقول: يقتصر على الثلاث؛ لأنها إذا زادت المدة عن ثلاث يمكن تتغير قيمة السلعة، تتغير قيمتها زيادة أو نقصًا فيتضرر أحدهما، ولكن الأمر لا يعدوهما إذا اتفقا على مدة ولو طالت فهذا عن تراضٍ منهما فيبقى الخيار لهما على ما اتفقا. والله أعلم.

طالب: .............

أين؟

طالب: .............

لا يرد فيه.

طالب: .............

والله لو قيل بأن التفرق بالأبدان في مثل هذه الصورة مغادرة المكان الذي حصل فيه العقد وكل واحد له مكان.

طالب: .............

التفرق بالكلام المكالمة لكن يبقى أنه مادام في المجلس وهو في مكانه هذا في بيت هذا في المجلس الذي حصل فيه العقد، يأخذ حكمه.

طالب: .............

إلا بعيب، خيار العيب والثاني خيار الشرط.

طالب: .............

أين؟ خيار المجلس.

"