شرح مختصر الخرقي - كتاب البيوع (11)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: نقلاً عن سبل السلام يقول كذلك لا يجوز بيع السلاح والكراع من الكفار والبغاة إذا كانوا يستعينون بها على حرب المسلمين فإنه لا يجوز إلا أن يباع بأفضل منه جاز.

يعني بأنكى للعدو، يعني عندك سلاح سيف مثلاً هذا سلاح يمكن أن يباع بما هو أنكى للعدو، مثل رشاش أو شيء يصل إلى العدو من بعد وهو أنكى هذا معنى كلامه. يقول ما معنى هذه الجملة؟ فإني لم أفهمها.

هذا يقول: كنت سألخص فتاوى لابن عثيمين تقع في ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاث صفحات، فقال لي أحدهم هذا منهج خاطئ في التلخيص ألم تسمع بقول العلماء المقلد ليس بعالم فإذا من الله عليك من فضله هل تفتي الناس بقول ابن عثيمين أو بقول غيره؟ بقولك لأنك الآن عالم ومفتي بالفعل، بل نقل ابن عبد البر الإجماع على أن المقلد ليس بعالم فما هي نصيحتك لي؟

تلخيص الكتب واختصارها ذكرنا في مناسبات كثيرة أنها من أنفع وسائل تحصيل العلم ولا يعني ذلك أنك إذا لخصت لعالم من العلماء أو كتاب من الكتب أنك تعتمد كل ما فيه.

يقول: المناقشات التي تدور بين طلاب العلم يتولد عنها حسد وبغضاء وضغائن فما هي أفضل طريقة للمناقشة تبعد عن هذه الأمراض وتحقق المقصود؟

إذا كانت هذه المناقشات تؤول بالمناقِش إلى هذه الحقائق المرة فإن هذا يدل على أن في القصد خللاً؛ لأنه ليس المراد من هذه المناقشات الوصول إلى الحق إنما هو الانتصار للنفس، وإذا وصل الأمر إلى هذا الحد فلا تناقش؛ لأنه يكون من باب إعجاب كل ذي رأي برأيه، وحينئذٍ عليك بخويصة نفسك، اطلب العلم ولا تناقش أحدا، من سألك أجب، وبين للناس من غير مماحكة ولا مناقشة.

يقول: هل يستطيع طالب العلم أن يصبح كابن حجر في علم الرجال بحيث لو اختبر أو اختُبر عرف الثقة من غيره؟

قد يكون أعلم من ابن حجر، قد يصل إلى منزلة أعلى من ابن حجر، وقد لا يدرك شيئًا يذكر بالنسبة لابن حجر، إنما على حسب ما يكتبه الله له تبعًا لإخلاصه وحسن قصده وسلوكه المنهج الصحيح الموصل إلى الغاية؛ لأن بعض الناس يطلب العلم خمسين سنة ويخرج بلا شيء يذكر، يعني أدركنا بعض الناس درسنا على المشايخ وهم معنا في السبعين والثمانين وسألنا عنهم وكانوا زملاء للمشايخ وزملاء لشيوخهم وفي النهاية لا شيء، هؤلاء يكفيهم «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله به طريقًا إلى الجنة» ونجد من هو في مستوى أحفادها وأسباطهم أدركوا علمًا كثيرًا كل هذا بسبب الخلل في وسيلة التحصيل والضعف في مقومات التحصيل، تجد بعض الناس يحرص على العلم لكن الحافظة لا تسعه، الفهم لا يسعفه، أو لا يسلك طريق، تجده يتخبط كل يوم له طريقة، وكل يوم يقرأ في كتاب، وكل يوم كذا، أو يذهب إلى الشيخ الفلاني، هذا لن يمسك بشيء، هذا يضيع عمره بدون فائدة، لا بد أن يرسم منهجا موصلا إلى الهدف على طريقة أهل العلم على الجادة المعروفة عندهم، طيب تريد أن تكون مثل ابن حجر في علم الرجال ماذا ستفعل؟ لابد أن تتخذ لك كتابا يكون محور لعملك وليكن التقريب مثلاً، التقريب ترجمة الراوي في سطر، تأتي إلى التقريب ثم تضبط ما قاله ابن حجر، ثم تنظر في أقوال أهل العلم من أصول التقريب: كتهذيب الكمال وتهذيبه، والتذهيب للحافظ الذهبي، وتنظر في أقوال أهل العلم هذا بعد معرفتك لقواعد الجرح والتعديل وإلمامك بعلم المصطلح على الطريقة التي مهدناها في مقدمة الألفية، تأتي إلى التقريب وتنظر ما قاله في فلان، ثم تنظر ما قاله أهل العلم، ولماذا خلص ابن حجر إلى هذا القول؟ قد توافقه إذا كان عندك أساس متين تبني عليه، وقد تخالفه، لا يلزم أن توافق ابن حجر في كل شيء، لكن يبقى أنه لا بد أن يكون بيدك كتاب مختصر تعمل عليه، قد يقول قائل مثلاً لماذا لا يكون الكاشف للذهبي؟ نقول للتمرين التقريب أفضل؛ لأن الكاشف لن يوصلك إلى نتيجة بينة، الكاشف ينتقي قولا واحد من أقوال أهل العلم وينتهي، لكن ابن حجر يأتي بقول يرى أنه اجتمعت فيه جميع الأقوال، فأنت إذا قال لك ابن حجر صدوق ونظرت في أقوال أهل العلم وجدت في هذا الراوي عشرين قولا، خمسة قالوا ثقة، وخمسة قالوا ضعيف، وخمسة قالوا لا بأس به، وخمسة قالوا كذا إلى آخره، تنظر لماذا وصل ابن حجر لهذه النتيجة؟ ونكرر ونقول أنه لا بد من علمك قبل كل شيء بقواعد الجرح والتعديل عند أهل العلم وضبط قواعد المصطلح، ما تنتهي من التقريب إلا وأنت عندك مخزون علمي في الرجال يمشيك لكنه يحتاج إلى وقت، وقلنا مثل هذا في سائر العلوم على هذه الطريقة، تريد أن تكون فقيها اسلك مثل هذه الطريقة، محدثا اسلك هذه الطريقة، مفسرا كذلك، ولا نطيل بمثل هذا لأننا وضحناه وأبدينا فيه وأعدنا في أشرطة كثيرة.

رواية الصحابي عن صحابي ماذا تسمى عند أهل المصطلح كما حصل بين عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو؟

إذا كانوا في سن واحد فهي رواية الأقران، وإذا روى كل واحد منهما عن الآخر فهو المدبج، وإذا كان صحابي كبير يروي عن صغير فهي رواية الأكابر عن الأصاغر، وإذا كان العكس فالعكس.

أسئلة كثيرة لا تنتهي لكن نكمل الباب الذي بدأنا به قبل دروس.

وقفنا على قوله "ويبطل البيع إذا كان فيه شرطان ولا يبطله شرط واحد" يبطل البيع إذا كان فيه شرطان ولا يبطله شرط واحد مع أنه جاء الخبر: "نهى عن بيع وشرط" لكنه حديث ضعيف، معارض بحديث جابر المتفق عليه وأنه باع على النبي -عليه الصلاة والسلام- الجمل واشترط حملانه إلى المدينة فهذا بيع وشرط، ويبطل البيع إذا كان فيه شرطان ومعول هذا القول على حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده المخرج في المسند والسنن، ومعنا كلام المنذري على المتن ثم شرح الخطابي، وأيضًا كلام ابن القيم على الحديث لأنه مشكل، واختلف فيه اختلافا كبيرا فيقول المنذري: عن عمرو بن شعيب قال: حدثني أبي عن أبيه حتى ذكر عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك» وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، الكتاب مختصر لسنن أبي داود ثم قال: وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح، يعني اتفق عليه الأربعة مع أحمد فيكون رواه الخمسة، وقال الترمذي حسن صحيح، يقول المنذري: ويشبه أن يكون صححه لتصريحه فيه بذكر عبد الله بن عمرو ويكون مذهبه في الامتناع من الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب إنما هو للشك في إسناده لجواز أن يكون الضمير عائدًا على محمد بن عبد الله بن عمرو، فإذا صرح بذكر عبد الله بن عمرو انتفى ذلك والله- عز وجل- أعلم. نعرف الخلاف وسبب الخلاف في الاحتجاج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهذا معلوم لدى آحاد المتعلمين فلا نحتاج إلى إعادته. الخطابي في معالم السنن، والله كنا نقول السُّنن ونبهنا واحد أو انتبهنا إلى كلام أحد المشايخ ضبطها السَّنن، والمعالم إنما تكون للطريق، والسَّنن هو الطريق، صحيح أنها كلمة غير مألوفة وتردد كثيرًا على ألسنة أهل العلم بهذا الاسم معالم السُّنن، لكن المعنى صحيح على اللفظ الثاني، قال الشيخ- المقصود به الخطابي- وهو من أوائل الشراح إن لم يكن أول الشراح، أما الحديث الأول وهو قوله: "لا يحل سلف وبيع" فهو من نوع ما تقدم بيانه فيما مضى من نهيه عن بيعتين في بيعة، وذلك مثل أن يقول: أبيعك هذا العبد بخمسين دينارًا على أن تسلفني ألف درهم في متاع أبيعه منك إلى أجل، وذهب إلى أن السلف المراد به القرض أو السلم؟ السلم؟ كلامه ليس بواضح !؟ أنه يريد القرض يريد السلم؟ لأنه "لا يحل سلف وبيع" يقول: مثل أن يقول أبيعك هذا العبد بخمسين دينارًا على أن تسلفني ألف درهم في متاع أبيعه منك إلى أجل، أو يقول: أبيعكه بكذا على أن تقرضني ألف درهم، فالسلف حمله على معنييه الذي هو السلم والقرض؛ لأن السلف يطلق ويراد به السلم، ويطلق ويراد به القرض، ويكون معنى السلف القرض وذلك فاسد؛ لأنه إنما يقرضه على أن يحابيه في الثمن فيدخل الثمن في حد الجهالة؛ ولأن كل قرض جر منفعة فهو ربا؛ لأنه ما أقرضه إلا ليشتري منه فيكون جر نفعا، وأما ربح ما لم يضمن فهو أن يبيعه سلعة قد اشتراها ولم يكن قبضها فهي من ضمان البائع الأول ليس من ضمانه فهذا لا يجوز بيعه حتى يقبضه فيكون من ضمانه، يعني إذا ما استقر، العقد قبل استقرار العقد في مدة الخيار مثلاً السلعة من ضمان البائع ليست من ضمان المشتري وعلى هذا فلا يجوز للمشتري أن يبيعها قبل أن يستقر العقد وتكون السلعة من ضمانه، وأما قوله «لا تبع ما ليس عندك» فقد فسرناه قبل، يعني كما جاء في حديث حكيم بن حزام «لا تبع ما ليس عندك» وأما قوله ولا شرطان في بيع وهذا هو المقصود عندنا وهو محل إشكال كبير، واختلفوا فيه لأن العمل جاري على جواز البيع المتضمن لشرطين لمصلحة المتعاقدين، العمل جاري على هذا، قال: وأما قوله "ولا شرطان في بيع" فإنه بمنزلة بيعتين وهو أن يقول بعتك هذا الثوب حالاً بدينار ونسيئة بدينارين ويفترقان من غير التحديد هل هو حال أو دين بدينار أو بدينارين، كيف صار شرطان في بيع؟

طالب: ................

نعم، فإنه بمنزلة بيعتين وهو أن يقول: بعتك هذا الثوب حالاً بدينار ونسيئة بدينارين فهذا بيع تضمن شرطين يختلف المقصود منه باختلافهما وهو الثمن ويدخله الغرر والجهالة، كثير من الشراح فسروا الشرطين في بيع بهذه الصورة حالاً بدينار ونسيئة بدينارين ويدخله الغرر والجهالة، ولا فرق في مثل هذا بين شرط واحد وبين شرطين، كيف يتصور شرط واحد في مثل هذه الصورة؟ ولا فرق في مثل هذا بين شرط واحد وبين شرطين اللهم إلا إذا كان نظره إلى المآل وهو دخول الغرر والجهالة فكما تمنع في شرطين تمنع في شرط واحد، ولا فرق في مثل هذا بين شرط واحد وبين شرطين أو شروط ذات عدد في مذاهب أكثر العلماء، وفرق أحمد بن حنبل بين شرط واحد وبين شرطين اثنين فقال: إذا اشترى منه ثوبًا واشترط قصارته صح البيع لأنه شرط واحد، فإن شرط عليه مع القصارة الخياطة فسد البيع؛ لأنهما شرطان، قال الشيخ- والمقصود به المؤلف- ولا فرق بين أن يشترط عليه شيئًا واحدًا أو شيئين؛ لأن العلة في ذلك كله واحدة، وذلك لأنه إذا قال بعتك هذا الثوب بعشرة دراهم على أن تقصره لي القصارة ما هي؟

طالب: ................

الذي يظهر أنها التفصيل؛ لأنها قبل الخياطة هم يقولون القصّار مع الخياطة هي من ضمن الخياطة، ويمكن جعل الشرطين شرطا واحدا، لا يحتاج لأن يقول تقصره لي يقول خطه لي ويندرج في ذلك كل ما تتطلبه الخياطة؛ لأنه لا يقول بعني هذا الثوب شريطة أن تقصره لي وتخيطه وعليك الخيوط وعليك كذا وعليك كذا، كل ما تتضمنه الخياطة صارت عشرة شروط إذا فصلناها.

طالب: ................

إذا قلنا القصار هو الذي يسحل الثياب كما قال بعضهم لكن كيف يغسله قبل الخياطة؟ لأن مقتضى قوله على أن تقصره لي.

طالب: ................

نعم، بعضها يحتاج وبعضها يشك في طهارته لأنها تصبغ بنجاسة عند بعضهم

طالب: ................

وبهذا يتضح المعنى؛ لأن بعض أنواع الأقمشة إذا جاءها الماء قصرت فتقصر بالغسل، على كل حال الأمر سهل؛ لأنه إذا قال بعتك هذا الثوب بعشرة دراهم على أن تقصره لي فإن العشرة التي هي الثمن تنقسم على الثوب وعلى أجرة القصارة فلا يدري أو فلا يدرى حينئذٍ كم حصة الثوب من حصة الإجارة، وإذا صار الثمن مجهولا ًبطل البيع، وكذلك هذا في الشرطين والأكثر وكل عقد جمع تجارة وإجارة فسبيله في فساد هذا السبيل.

طالب: ................

قصة جمل جابر كم قيمة الجمل وكم قيمة الأجرة؟ نفس الشيء، وكل عقد جمع تجارة وإجارة فسبيله في فساد هذا السبيل، وفي معناه أن يبتاع منه قفيز حنطة بعشرة دراهم على أن يطحنه، أو يشتري منه حمل حطب على أن ينقله إلى منزله وما أشبه ذلك مما يجمع بيعًا وإجارة، لكن أليس هذا الكلام هو موضوع قصة جمل جابر؟ هو هو؟

طالب: ................

نفس الشيء، والمشروط على ضروب، لكن كيف يتنصلون من قصة جمل جابر يقولون قضية عين تدخلها الاحتمالات، وقضية عين لا يقضى فيها على النصوص التي فيها العموم من الأقوال، أما الأفعال لا عموم لها، والمشروط على ضروب: فمنها ما يناقض البيوع ويفسدها، ومنها ما لا يلائمها ولا يفسدها، يعني منها ما يفسد العقد يَبطل ويُبطل العقد، ومنها ما يَبطل بنفسه ويَفسد بنفسه والعقد صحيح، ومنها ما لا يلائمها ولا يفسدها، وقد روي «المسلمون عند شروطهم» وثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل» فعلم أن بعض الشروط يصح وبعضها يبطل، قال -عليه الصلاة والسلام- «من باع عبدًا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع» نص في جواز بيع وشرط، فهذه الشروط قد أثبتها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عقد البيوع ولم ير العقد يفسد بها فعلمت أن ليس كل شرط مبطلاً لبيع، وجماع هذا الباب أن ينظر فكل شرط كان من مصلحة العقد أو من مقتضاه فهو جائز، طيب خياطة الثوب وقصارته التي حكم بفساد الشرط؟

طالب: ................

ما هو؟

طالب: ................

لكن يلائمه أو لا يلائمه؟

طالب: ................

فيه ملائمة، ولا فيه مخالفة.

طالب: ................

إن كنت تريد التفريق بين أن يكون القصد الخياطة وبين أن يكون القصد القماش فيكون القماش تابعا للخياطة، وفي الصورة الثانية الخياطة تابعة للقماش لا يظهر هناك فرق؛ لأنه مادام يبيع فهو مثل الثاني، مادام يبيع الأقمشة فهو مثل الثاني، ولو قال إنه خياط، وجماع هذا الباب أن ينظر فكل شرط كان من مصلحة العقد أو مقتضاه فهو جائز مثل أن يبيعه على أن يرهنه داره أو يقيم له كفيلاً بالثمن فهذا من مصلحة العقد والشرط فيه جائز.

طالب: ................

أين؟

طالب: ................

فالعقد ماذا؟ صحيح أو غير صحيح؟

طالب: ................

كلامك ليس بظاهر.

طالب: ................

استعجل قال والله ما ينتهي إلا يوم السبت، قال أسافر يوم الجمعة، تفريق الصفقة ما تأتي هنا؟ أن يجعل للقماش قيمة وللخياطة أجرة المثل.

طالب: ................

نعم، لكن أجرة المثل هو لا بد من اتفاق بينهم إذا ما اتفقا ما صار شيء.

طالب: ................

ولذلك قال إنَّ الثمن مجهول، الخطابي أشار إلى أن الثمن مجهول لكن هل مثل هذه الجهالة تضر؟ أنت إذا اشتريت جملة عشرة كتب بألف ريال هل نقول أن هذا قيمته مجهولة وهذا قيمته مجهولة أو أنها مجهولة تؤول إلى العلم؟

طالب: ................

تؤول إلى العلم فالجهالة في مثل هذا لا تضر.

وأما مقتضاه فهو مثل أن يبيعه عبدًا على أن يحسن إليه، وألا يكلفه من العمل ما لا يطيقه وما أشبه ذلك من الأمور التي يجب عليه أن يفعلها، يعني هذه أمور مطلوبة شرعًا يجب على السيد أن يحسن إلى رقيقه وألا يكلفه ما لا يطيق فهذا تصريح بما هو مجرد توضيح، وكذلك لو قال له بعتك هذه الدار على أن تسكنها أو تسكِنها من شئت وتكريها وتتصرف فيها بيعًا وهبة، يعني يذكر جميع الآثار المترتبة على صحة العقد، يعني ما لها قيمة وجودها مثل عدمها، وجود هذه الشروط مثل عدمها، وكذلك لو قال: بعتك هذه الدار على أن تَسكُنها وتسكِنها من شئت وتكريها، لو قال على أن تَسكُنها فقط صار ينافي مقتضى العقد، أو قال: تسكِنها من شئت وتكريها كذلك، لكن إذا قال: أورد جميع الاحتمالات التي يمكن أن ينتفع بها المشتري نقول هذا تصريح بما هو مجرد توضيح وإلاَّ   هذه الشروط ما لها قيمة، هو ما اشترى إلا ليتصرف فيها، لكن لو اشترط عليه أنا أبيعك هذه الدار على ألا تزاول فيها ما حرم الله.

طالب: ................

ما هو مقتضى العقد أن يتصرف فيها كيفما شاء لكن على مراد الله، مشروط على أن يكون التصرف على مراد الله.

طالب: ................

لكن هل يلزم؟

طالب: ................

نعم المقصد الذي ذكره الشيخ يمكن يلاحظه بعض الناس يقول أن تسكنها لأنه عنده داران باع عليه أحدهما على أن تسكنها ليكون جارًا له هذا مقصد صحيح، لكن هل مثل هذا ينافي مقتضى العقد؟ الذي يقتضي التصرف التام في المبيع من قبل المشتري.

طالب: ................

المنافاة ظاهرة.

طالب: ................

وإذا غلب على ظنه أنه يستعمله فيما حرم الله يمتنع من بيعه وله أن يشترط عليه.

طالب: ................

أين؟

طالب: ................

يعود إليه بيته سواء كان بيع أو إجارة.

وكذا لو قال له بعتك هذه الدار على أن تسكنها وتسكنها من شئت أو تكريها وتتصرف فيها بيعًا وهبة وما أشبه ذلك مما له أن يفعله في ملكه فهذا شرط لا يقدح في العقد لأن وجوده ذكرًا له وعدمه سكوتًا عنه في الحكم سواء؛ لأنه ما له أثر لأنه يكون له من مقتضى العقد، وأما ما يفسد البيع من الشروط فهو كل شرط يدخل الثمن في حد الجهالة أو يوقع في العقد أو في تسليم المبيع غررًا أو يمنع المشتري من اقتضاء حق الملك من المبيع، هذه كلها مؤثرة، لكن الجهالة والغرر منها ما يغتفر إذا كان يسيرا، وأما ما يمنع المشتري من ترتب الآثار على العقد، ترتب الآثار تامة قد يمنع من شيء مثل ما قيل على ألا تزاول فيه ما حرم الله، أو لا تؤجره على فاسق أو ما أشبه ذلك؛ لأنه الآن يقع الناس أصحاب الأملاك في حرج عظيم لاسيما في الحرمين، يؤجرون على طوائف قد يزاولون فيها الشرك الأكبر، وقد يجتمعون على الكيد للإسلام وأهله هذا موجود، لكن هل لصاحب الملك إذا أجر شخصًا يستثمر أن يشترط عليه هذا الشرط؟ له ذلك، فأما ما يدخل الثمن في حد الجهالة فهو أن يشتري منه سلعة ويشترط عليه نقلها إلى بيته أو ثوبًا ويشترط عليه خياطته في نحو ذلك من الأمور على ما تقدم تقريره عنده، وقلنا إن قصة جمل جابر تندرج تحت ما قرر منعه، وكذلك إذا باعه عبدا على ألا خسارة عليه، يعني يبيعه العبد بألف ويقول المشتري: والله غالي لا يساوي إلا ثمان، قال: خذه وأنت مرتاح وإن خسرك أنا أدفع لك الفرق، وأما ما يجلب الغرر فمثل أن يبيعه داره بألف درهم ويشترط فيه رضى الجيران أو رضى زيد أو عمرو، يعني ويتم العقد قبل معرفة رضى الجيران أو رضى زيد وعمرو، أما إذا تم رضاهم قبل تمام العقد هذا ليس فيه إشكال ما يوقع في غرر؛ لأنه باع واحتمال أن يكون بعد سنة يأتي واحد من الجيران، وقال: لا جزاك الله خيرا، آذيتنا بهذا الجار السوء، نحن لسنا براضين لأن يسكن عندنا، ثم إن الرضا وعدمه يتجدد، قد يرضون في وقت ولا يرضون في وقت، فإذا لم يتم العقد قبل ذلك فلا شك أن فيه غررًا، أو رضا زيد أو عمرو أو يبيعه دابة على أن يسلمها إليه بالري أو بأصبهان فهذا غرر لا يدري هل يسلم الحيوان إلى وقت التسليم؟ أو هل يرضى الجيران أم لا؟ أو المكان الذي يشترط تسليمه فيه أم لا؟ وأما منع المشتري من مقتضى العقد فهو أن يبيعه جارية على ألا يبيعها، أو سيارة على ألا يبيعها، أو دار على ألا يبيعها أو لا يستخدمها، يبيعه جارية على ألا يطأها أو لا يستخدمها أو نحو ذلك من الأمور فهذه شروط تفسد البيع؛ لأن العقد يقتضي التمليك وإطلاق التصرف في الرقبة والمنفعة، وهذه الشروط تقتضي الحجر الذي هو مناقض لموجب الملك، فصار كأنه لم يبعه منه أو لم يملكه إياه، يعني صار بيعا جزئيا ما صار بيعا كليا، وأما حديث جابر وقوله واشترطت حملانه إلى أهلي فسنقول في تخريجه والتوفيق بينه وبين الحديث الأول ما يزول معه الخلاف على معاني ما قلناه إن شاء الله.

طالب: ................

منها ما يوافق عليه، ومنها ما لا يوافَق عليه كما تقدم.

طالب: ................

أين؟

طالب: ................

نعم عنده قد لا يصح في بعض الصور عنده لأنه إذا اجتمع في العقد بيع وشرط ما صح العقد؛ لأن هذا الشرط له جزء غير معلوم من الثمن، إذا قال بع هذا الثوب علي وخطه لي، وما فصّل الخياطة من قيمة القماش قال هذا يوقع في غرر وجهالة فلا يصح عندهم، مع أن الغرر والجهالة منتفية، الخياطة معلومة والقماش معلوم.

طالب: ................

لا لا، يعني أكثر من شخص؟ لا، في شخص واحد.

طالب: ................

نعم لكن لا يتم البيع ويتم تصرف البائع بالثمن والمشتري بالمثمن حتى يتم الرضا، هذا يريد أن يتم قبل تمام البيع.

طالب: ................

قبل أن يتم، هذا يريد أن يتم البيع قبل معرفة الرضا، وأما حديث جابر وقوله اشترطت حملانه إلى أهلي فسنقول في تخريجه وفي التوفيق بينه وبين الحديث الأول ما يزول فيه الخلاف على ما قلناه- إن شاء الله تعالى- وذلك أنه قد اختلفت الرواية فيه، فروى شعبة عن المغيرة عن الشعبي عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعاره ظهر الجمل إلى المدينة، وحدثنيه إبراهيم بن عبيد الله القصار، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن السكن، قال: حدثنا يحيى بن كثير أبو غسان العنبري، قال: حدثنا شعبة عن المغيرة عن المقسم عن الشعبي عن جابر قال بعت النبي -صلى الله عليه وسلم- جملاً فأفقرني ظهره إلى المدينة، قال الشيخ الإفقار إنما هو في كلام العرب إعارة الظهر للركوب، فدل هذا على أنه لم يكن عقد شرطًا في نفس العيب، يقول: واشترطت، في بعض الروايات: فاشترطت حملانه إلى أهلي، هذا نص رواية أبي داود عن جابر بن عبد الله قال بعته يعني بعيره من النبي -صلى الله عليه وسلم- واشترطت حملانه إلى أهلي، ليس عارية شرط، قد يقول قائل أنه اتُّفق على الثمن قبل هذا الاشتراط فصار هذا الاشتراط قدر زائد على ما تضمنه العقد، فكأنه حمله إياه إرفاقا، لكن مثل هذا لا يتم بالاشتراط، اشترطت حملانه يعني كأنه قال بعتكه بأوقية، والصورة الآن الرسول -عليه الصلاة والسلام- اشتراه منه بأوقية على أن يستلمه في مكانه واشترط جابر حملانه إلى أهله، فهل لهذا الشرط وقع في الثمن أو جزء من الثمن؟ فالبيع على ثمن معلوم.

طالب: ................

لكن الآن. لا، الشرط الذي قرره هو مؤثر في جهالة الثمن يكون مع البيع.

طالب: ................

نعم لكن لو قال لا، يبيع جابر أو لا يبيع؟

طالب: ................

يقول واشترطت حملانه إلى أهلي.

طالب: ................

نعم لكن كأنه قال هو لك يا رسول الله على أن تحملني عليه إلى المدينة؛ لأنه قال واشترطت.

طالب: ................

ألا يحتمل أن تكون قيمة الجمل أقل من أوقية؟ يعني ثلاثين درهما وحملانه بعشرة دراهم، إذا قلنا إن لها وقعا في الثمن هل يختلف الثمن فيما لو سلمه إياه في المكان أو سلمه في المدينة؟

طالب: ................

المقصود أن كلا منهما منتفع، لو طلب جابر أجرة لإيصاله للمدينة وهذا يحصل في بعض العقود أنك تريد أن تتخلص من شيء ولو أن تدفع مالاً، ثم يأتيك من يطلبه منك بمال، تبيع سيارتك بالرياض ويصير المشتري من أهل بلدك، يقول رجاء هذه أجرة وانقلها لمكاني لبلدنا وأنت بحاجة إلى من يحملك، هل نقول أن هذا الجمل هو اشترط جابر حملانه والرسول -عليه الصلاة والسلام- بحاجة إلى من يوصله إلى المدينة؟ ما المقصود من هذا الكلام أنه قد يكون أجرة الحمل إلى المدينة لا وقع لها في الثمن فلا تؤثر جهالة في القيمة، وعلى كل حال ظاهر أنه اشتراط بيع وشرط ووارد على ما قرره الخطابي، قال الشيخ الإفقار إنما هو في كلام العرب إعارة الظهر للركوب فدل هذا على أنه لم يكن عقدًا شرطًا في نفس البيع، وقد يحتمل أن يكون ذلك عدة منه أي وعدًا له بالركوب والعقد إذا تجرد عن الشرط لم يضره ما يعقبه بعد ذلك من الأمور، ويشبه أن يكون إنما رواه من رواه بلفظ الشرط لأنه إذا وعده الإفقار والإعارة كان ذلك منه أمرًا لا يشك الوفاء فيه فحل محل الشروط المذكورة والأمور الواجبة التي لا خلف فيها فعبر عنه بالشرط على هذا المعنى، على أن قصة جابر إذا تأملتها علمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستوف فيها أحكام البيوع من القبض والتسليم وغيرهما وإنما أراد أن ينفعه ويهب له فاتخذ بيع الجمل ذريعة إلى ذلك، ومن أجل ذلك جرى الأمر فيه على المساهلة، ألا ترى أنه قد دفع إليه الثمن الذي سماه ورد إليه الجمل، يدل على صحة ذلك قوله أتراني ماكستك لآخذ جملك، وقد اختلف الناس فيمن اشترى دابة فاشترط فيها حملانًا للبائع، فقال أصحاب الرأي البيع باطل وإليه ذهب الشافعي، وقال الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق البيع جائز والشرط ثابت على ظاهر حديث جابر بن عبد الله، وفرق مالك بن أنس بين المكان القريب والبعيد، وقال: إن اشترط مكانًا قريبًا فهو جائز وإن كان بعيدًا فهو مكروه، أطال الخطابي على هذا مع أننا نريد كلام ابن القيم، وكذلك فيمن باعد لأن هذه المسألة مهمة جدًا يعني مسائل يتعاطاها الناس بكل راحة وهي عند كثير من الفقهاء ممنوعة بسبب هذا الحديث واختلاف العلماء في فهمه فلا مانع أن نسترسل في قراءة كلام الخطابي ثم نتبعه بكلام ابن القيم، وكذلك فمن باع دارًا على أن له سكناها بمدة وقال إن كان ذلك نحو الشهر والشهرين جاز وإن كان لمدة طويلة لم يجز، قال الشيخ: وقد بقي في هذا الباب قسم ثالث من الشروط وهو بيع الرقبة بشرط العتق، وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال إبراهيم النخعي كل شرط في بيع فإن البيع يهدمه إلا أن يكون عَتاقًا وإلى هذا ذهب الشافعي في أظهر قوليه وهو مذهبه الجديد فقال إذا باع الرجل النسمة واشترط على المشتري عتقها أن البيع جائز والشرط ثابت، يعني لأن الشرع يتشوف إلى العتق.

المؤذن يؤذن.

قال الشيخ وقد بقي في هذا الباب قسم ثالث من الشروط وهو بيع الرقبة في شرط العتق، وقد اختلف العلماء في ذلك فقال إبراهيم النخعي كل شرط في بيع فإن البيع يهدمه إلا أن يكون عتاقة وإلى هذا ذهب الشافعي في أظهر قوليه وهو مذهبه الجديد فقال: إذا باع الرجل النسمة واشترط على المشتري عتقها إن البيع جائز والشرط ثابت ويجوز الشرطُ لأنه تمت الجملة الأولى، وقال في القديم البيع جائز والشرط باطل وهو مذهب ابن أبي ليلى وأبي ثور، وقال أبو حنيفة وأصحابه البيع فاسد غير أنهم قالوا إن أعتقه جاز ولزمه الثمن في قول أبي حنيفة دون القيمة، وقال صاحباه يلزمه القيمة وهذا أقيس، يعني ثمن المثل يعني يقوَّم وأما قيمته التي اتُّفق عليها، وقال الشيخ وإنما فَرَّق بين العتق وبين غيره من الشروط الخصوصية بالعتق من الغلبة في الأصول السراية في ملك الغير ألا ترى أن ملك المالك يمنع غيره من التصرف فيه ثم لا يمنع من التصرف في العتق، وهو إذا كان بينه وبين آخر عبد فأعتق نصيبه منه عتق نصيب شريكه عليه، وأيضًا فإنه لا يجوز أن يبيع الرجل ملكه من ملكه ثم جازت الكتابة لما تضمنت من العتق، فإذا كانت أحكام العتق تجري على التخصيص لم ينكر أن تجري شروطه على هذا التخصيص أيضًا كذلك، وحديث النهي عن بيع و شرط عام وخبر العتق خاص والعام ينبني على الخاص ويخرج عليه والله أعلم. وحدثني محمد بن هشام، قال: حدثنا عبد الله بن فيروز الديلمي، قال حدثنا محمد بن سليمان الذهلي، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: قدمت مكة فوجدت بها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة فسألت أبا حنيفة عن رجل باع بيعًا وشرط شرطًا فقال البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته فقال: البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فسألته فقال البيع جائز والشرط جائز، فقلت يا سبحان الله! ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا علي في مسألة واحدة، فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع وشرط البيع باطل والشرط باطل، وأتيت ابن أبي ليلى فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا. الشاطبي يقرر أن للمجموع من الحكم ما يخالف فيه الأفراد، فإذا فرّقت جاز وإذا جمعت لم يجز والعكس، توجد مسائل إذا فرقت ما جاز وإذا جمعت جاز فمثلاً: الجمع بين الأختين كل واحدة منهما يجوز نكاحها لكن مجتمعة لا يجوز، هناك أمور تجوز مجتمعة ولا تجوز متفرقة مثل ماذا؟

طالب: ................

 بين الأمة وولدها لا يجوز التفريق بينهما، وكذلك مثل ما قال الأخ بيع الحمل على سبيل الاستقلال والثمرة دون أصلها قبل أن يبدو صلاحها لا يجوز إلا مع أصلها، وأتيت ابن أبي ليلى فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أشتري بريرة فأعتقها قال يعني اشترطي الولاء لأهلها، البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال: بعت النبي -صلى الله عليه وسلم- ناقة أو جملاً وشرط لي حملانه إلى المدينة البيع جائز والشرط جائز، فقهاء ليسوا أدعياء يتوقعون أو يتخرصون، قال الشيخ هذه الأحاديث كلها متفقة على معاني ما قدمنا من البيان في ترتيب الشرائط وما لخصناه من وجوهها في مواضعها، فأما حديث بريرة فسنتكلم عليه في موضعه في كتاب العتق؛ لأن ذلك المكان أملك به فروايته من طريق ابن أبي ليلى هنا مختلفة وألفاظه.. يقول منتجة وقد ذكره أبو داود على وجهه في كتاب العتق وسنبين معناه هناك ونوضحه- إن شاء الله تعالى-. نعود إلى كلام ابن القيم يقول ابن القيم- رحمه الله- لما ذكر الحديث «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك» قال الشيخ شمس الدين- رحمه الله- هذا الحديث أصل من أصول المعاملات وهو نص في تحريم الحيل الربوية وقد اشتمل على أربعة أحكام، الحكم الأول: تحريم الشرطين في البيع وقد أشكل على أكثر الفقهاء معناه من حيث إن الشرطين إن كانا فسادين فالواحد حرام، إن كانا فاسدين فالواحد حرام، فأي فائدة لذكر الشرطين، وإن كانا صحيحين لم يحرما قال، وقال ابن المنذر قال أحمد وإسحاق فيمن اشترى ثوبًا واشترط على البائع خياطته وقصارته، أو طعامًا واشترط طحنه وحمله، إن شرط أحد هذه الأشياء فالبيع جائز، وإن شرط شرطين فالبيع باطل يعني تمشيًا مع النص، وهذا فسره القاضي أبو يعلى وغيره عن أحمد في تفسيره رواية ثانية حكاها الأثرم وهو أن يشتريها على ألا يبيعها من أحد ولا يطأها، يعني يحمل على الشرط المنافي لمقتضى العقد، ففسره بالشرطين الفاسدين، وعنه رواية ثلاثة حكاها إسماعيل بن سعيد الشالنجي عنه، وهو أن يقول: إذا بعتها فأنا أحق بها بالثمن يعني على ألا تبيعها على غيري وأن تخدمني سنة، يبيع الجارية على أن تخدمه سنة، ومضمون هذه الرواية أن الشرطين يتعلقان بالبائع فيبقى له فيه علقتان: علقة قبل التسليم وهي الخدمة، وعلقة بعد البيع وهي كونه أحق بها، فأما اشتراط الخدمة فيصح وهو استثناء منفعة المبيع مدة كاستثناء ركوب الدابة ونحوه وعليه تنزل قصة جمل جابر، وأما اشتراط كونه أحق بالثمن فقال في روايته المروذي هو في معنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- «لا شرطان في بيع» يعني لأنه شرط أن يبيعه إياه وأن يكون البيع بالثمن الأول فهما شرطان في بيع، وروى عنه إسماعيل بن سعيد جواز هذا البيع وتأوله بعض أصحابنا على جوازه مع فساد الشرط وحمل رواية المرُّوْذي المرُّوْذي أو المرْوَزي؟ هو يقال مرُّوذي في الأول.. نعم، المرْوَزي. فيه مرُّوذي ومرْوزي ومرْوَرُّوذي وحمل رواية المرْوَزي على رواية الشرط وحده وهو تأويل بعيد، ونص أحمد يأباه، قال إسماعيل بن سعيد ذكرت لأحمد حديث ابن مسعود أنه قال: ابتعت من امرأتي زينب الثقفية جارية وشرطت لها أني إن بعتها فهي لها بالثمن الذي ابتعتها به فذكرت ذلك لعمر فقال لا تقربها ولأحد فيها شرط، قال أحمد البيع جائز ولا تقربها لأنه كان فيها شرط واحد للمرأة ولم يقل عمر لذلك البيع إنه فاسد، يعني أفسد، أقول: أجرى العقد على ظاهره وجعل الشرط صحيحا؛ لأنه واحد، لكن لو كان شرطان من هذا النوع ما صح، فهذا يدل على تصحيح أحمد للشرط من ثلاثة أوجه: أحدها أنه قال لا تقربها ولو كان الشرط فاسدًا لم يمنع من قربانها، الثاني: أنه علل ذلك بالشرط فدل على أن المانع من القربان هو الشرط وأن وطأها يتضمن إبطال ذلك الشرط لأنها قد تحمل فيمتنع عودها إليه، الثالث: أنه قال كان فيها شرط واحد للمرأة فذكره وحدة الشرط أو فذِكْرُه وحدة الشرط يدل على أنه صحيح عنده؛ لأن النهي إنما هو عن الشرطين، وقد حكى عنه بعض أصحابنا رواية صريحة أن البيع جائز والشرط صحيح؛ ولهذا حمل القاضي منعه من الوطء على الكراهة لأنه لا معنى لتحريمه عنده مع فساد الشرط، وحمله ابن عقيل على الشبهة للاختلاف في صحة هذا العقد، قال القاضي في المجرد.. كلام طويل.. قال القاضي في المجرد ظاهر كلام أحمد أنه متى شرط في العقد شرطين بطل سواء كانا صحيحين أو فاسدين، لمصلحة العقد أو لغير مصلحته أخذًا بظاهر الحديث وعملاً بعمومه، وأما أصحاب الشافعي وأبي حنيفة فلم يفرقوا بين الشرطين والشرطين وقالوا يبطل البيع بالشرط الواحد لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع وشرط، وعرفنا أن هذه الرواية هذا الحديث ضعيف بخلاف الشرطين فإنه صحيح، وأما الشروط الصحيحة فلا تؤثر في العقد وإن كثرت وهؤلاء ألغوا التقييد بالشرطين ورأوا أنه لا أثر له أصلاً، وكل هذه الأقوال بعيدة عن مقصود الحديث غير مرادة منه، فأما القول الأول وهو أن يشترط حمل الحطب وتكسيره وخياطة الثوب وقصارته ونحو ذلك فبعيد، فإن اشتراط منفعة البائع في المبيع إن كان فاسدًا فسد الشرط والشرطان، إن كان فاسدًا فسد الشرط الواحد يعني والشرطين، وإن كان صحيحا فأي فرق بين منفعة أو منفعتين أو منافع، يعني من حيث من حيث النظر لا يظهر وجه لإفساده، لكن من حيث التقيد بحرفية الحديث والنص فتفريق الإمام أحمد بين الشرط والشرطين ظاهر ولو كانا صحيحين في الأصل، وكل هذه الأقوال بعيدة عن مقصود الحديث غير مرادة منه، فأما القول الأول وهو أن يشترط حمل الحطب وتكسيره وخياطة الثوب وقصارته ونحو ذلك فبعيد، فإن اشتراط منفعة البائع للمبيع فإن كان فاسدًا فسد الشرط والشرطان، وإن كان صحيحًا فأي فرق بين منفعة أو منفعتين أو منافع لاسيما والمصححون لهذا الشرط قالوا هو عقد قد جمع بيعًا وإجارة وهما معلومان إن لم يتضمنا غررًا فكانا صحيحين، يعني إذا اشترطت على صاحب القماش أن يخيطه لك ومعلوم أن الخياطة بثلاثين والقماش بسبعين، وقال لك بمائة لا غرر ولا جهالة في مثل هذه الصورة، وإذا كان كذلك فما الموجب لفساد الإجارة على منفعتين وصحتها في منفعة؟ وأي فرق بين أن يشترط على بائع الحطب حمله أو حمله ونقله أو حمله وتكسيره، وأما التفسير الثاني والشرطان الفاسدان فأضعف وأضعف لأن الشرط الواحد الفاسد منهي عنه ولا فائدة في التقييد بشرطين في بيع، وأيضًا كون الشروط المرادة في الحديث الشروط الفاسدة يفرغ الحديث من محتواه ويجعله مؤكِّدا لا مؤسِّسًا، وأما التفسير الثاني وهو الشرطان الفاسدان فأضعف وأضعف لأن الشرط الواحد الفاسد منهي عنه فلا فائدة في التقييد لشرطين في بيع ويتضمن زيادة في اللفظ وإبهامًا أو وإيهامًا إيهامًا لجواز الواحد، وهذا ممتنع على الشارع مثله؛ لأنه زيادة مخلة بالمعنى، وأما التفسير الثالث وهو أن يشترط بأنه إن باعها فهو أحق بالثمن وأن ذلك يتضمن شرطين ألا يبيعها لغيره وأن يبيعها إياها بالثمن فكذلك أيضا، فإن كل واحد منهما إن كان فاسدًا فلا أثر للشرطين، وإن كان صحيحًا لم تفسد بانضمامه إلى صحيح مثله كاشتراط الرهن والضمين واشتراط التأجيل والرهن ونحو ذلك، وعن أحمد في هذه المسألة ثلاث روايات، إحداها: صحة البيع والشرط، والثانية: فسادهما، والثالثة: صحة البيع وفساد الشرط، ورضي الله عنه إنما اعتمد في الصحة على اتفاق عمر وابن مسعود على ذلك، ولو كان هذا هو الشرطان في بيع لم يخالفه لقول أحد على قاعدة مذهبه، فإنه إذا كان عنده في المسألة حديث صحيح لم يتركه لقول أحد، ويعجب ممن يخالفه من صاحب أو غيره، يعني قول الصحابي والاقتداء بالصحابي لا شك أنه معتبر عند الإمام أحمد ولا يخرج عن أقوالهم في الجملة إذا خلت المسألة من نص مرفوع، وقل مثل هذا في أبي بكر وعمر الذين أمرنا بالاقتداء بهما في سائر مسائل الدين، لكن فيما تخلو منه المسألة من نص مرفوع، أما إذا جاء نهر الله فقد بطل نهر معقل، إذا جاء حديث مرفوع لا نظر لكلام أحد، وقوله في رواية المرْوزي وهو في معنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- «لا شرطان في البيع» ليس منه صريحًا بل تشبيه وقياس على معنى الحديث، ولو قدر أنه تفسير فليس بمطابق لمقصود الحديث كما تقدم، وأما تفسير القاضي في المجرد فمن أبعد ما قيل في الحديث وأفسده فإن شرط ما يقتضيه العقد أو ما هو من مصلحته كالرهن والتأجير والتضمين ونقد كذا جائز بلا خلاف تعددت الشروط أو اتحدت، فإذا تبين ضعف هذه الأقوال فالأولى تفسير كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضه ببعض فنفسر كلامه بكلامه.

ونقف على هذا لأنه طويل.

طالب: ..............

الأسبوع القادم لا توجد دروس، الأسبوع القادم إجازة.

طالب: ..............

مباشرة أي نعم مباشرة.

طالب: ..............

 الأسبوع القادم يسافر الطلاب، الأسبوع الذي بعده مباشرة، ليس مثل الإجازات الطويلة التي تعلق الدروس بالأسبوع الثاني بعده لا، هذه ليست بإجازة..

"