بلوغ المرام - كتاب الطهارة (07)

بسم الله الرحمن الرحيم

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (7)

تتمة شرح: باب الوضوء...

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنه- في صفة الوضوء قال: "ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه، فأقبل بيديه وأدبر" متفق عليه.

وفي لفظ لهما: "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه".

تقدم ترجمة عبد الله بن زيد بن عاصم، وأن المرجح عند أهل العلم أنه غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان.

وله حديث -عبد الله بن زيد بن عاصم- حديث بين فيه صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقطعه الحافظ -رحمه الله تعالى- جملاً يضع كل جملة في مكانها المناسب، وسيأتي بعض الجمل من هذا الحديث، وتقطيع الحديث عند أهل العلم جائز، بشرط ألا يكون المحذوف منه له أثر في المذكور، بمعنى أنه لا يترتب فهم المذكور منه على المحذوف، أما إذا كان المذكور لا يمكن فهمه على الوجه الصحيح إلا بمعرفة ما حذف منه، فإنه لا يجوز حينئذ تقطيع الحديث، وتقطيع الحديث مذهب الإمام البخاري فالقصة الواحدة يفرقها في أماكن قد تصل أحياناً إلى عشرين موضعاً، إذا كان الحديث طويلاً فإنه يفرق هذا الحديث الطويل، ويفرق هذه الجمل تبعاً لما يستنبط منها، ويضعها في مواضعها.

وصحيفة همام بن منبه التي يرويها عن أبي هريرة مسرودة سرداً في المسند، ومفرقة في الصحيحين، مفرقة في الصحيحين، وجماهير أهل العلم على جواز تقطيع الحديث والاقتصار منه على القدر المطلوب بالشرط المذكور.

"قال: ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه" ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه، فدل على أن المسح فرض من فرائض الوضوء، دلت على ذلك الآية، آية المائدة، وإدخال الباء على الرأس، مثلما جاء إيش؟ في آية الوضوء، كما جاء في آية الوضوء؛ لأن إدخال الباء يقتضي ممسوحاً به، ولو قال: مسح رأسه قد يفهم منه بعض الناس أنه مسح رأسه بيده، ويصدق عليه أنه مسح رأسه.

"فأقبل بيديه وأدبر" أقبل وأدبر مقتضى هذا اللفظ أنه بدأ من مؤخر رأسه؛ لأنه أقبل، والإقبال إنما يكون إلى جهة الوجه، والإدبار عن جهة الوجه، فأقبل بيديه وأدبر، يعني قال هكذا، أقبل ثم أدبر، هذا ما تدل عليه هذه الرواية.

"وفي لفظ لهما: "بدأ بمقدم رأسه" بدأ بمقدم رأسه "حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه" هذه الرواية مفسرة، هذه الرواية مفسرة، بدأ بمقدم رأسه، هذا مقدم رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، وجاء في بعض الروايات: "أدبر بيديه وأقبل"، وجاء أيضاً: "بدأ بمؤخر رأسه" وكل هذا يدل على أن الأمر فيه سعة، المقصود من ذلك تعميم الرأس بالمسح، سواءً كان البدء بالمقدم أو بالمؤخر، والواو لا تقتضي الترتيب، فأقبل بيديه وأدبر، لا يمنع أن يكون أدبر بهما وأقبل؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب.

ابن دقيق العيد وهو يريد أن يوفق بين هذه الروايات بدأ بمقدم رأسه، فذهب بهما إلى قفاه، كيف يوفق بينها وبين قوله: "فأقبل بيديه وأدبر"؟ قال: أقبل بهما إلى جهة القفا وأدبر عن جهة القفا، أقبل بيديه إلى جهة القفا، وهذا عكس لظاهر الحديث، وهذا عكس لظاهر الحديث، فالإقبال معروف أنه إلى جهة المقابلة وهي الوجه، والإدبار هي الذهاب إلى جهة دبر الإنسان وقفاه.

نعم الرواية الثانية: "بدأ بمقدم رأسه" مفسرة وواضحة للمعنى المراد، وعلى هذا تكون الواو لمطلق الجمع، فلا تقتضي الترتيب، هذا عند من يقول بأن المستحب أن يبدأ بمقدم الرأس، لكن مجموع الروايات تدل على أن الأمر فيه سعة، سواءً بمقدم رأسه أو بمؤخره المهم يضع يده المبلولة بالماء على جميع رأسه، سواءً بدأ من الأمام أو من الخلف.

منهم من يقول: يبدأ بالناصية، من هنا ثم يقبل بهما على الوجه ثم يدبر بهما، وهذا محاولة من هذا القائل للجمع بين الأحاديث، لكن قوله: "بدأ بمقدم رأسه" صريح في كونه بدأ من بداية الرأس من جهة الأمام، ثم ذهب بهما إلى الخلف ثم ردهما، والأمر كما ذكرنا فيه سعة، والعمل مخير فيه، إنما المقصود تعميم الرأس بالغسل.

وأهل العلم يختلفون في غسل مسح الرأس، هل يجب تعميم الرأس بالمسح أو يكفي بعضه؟ كل منهم بنا مذهبه على فهمه للباء، فمن قال: إن الباء للإلصاق، ودعم ذلك بما روي عنه -عليه الصلاة والسلام-، وأنه لم يحفظ عنه أنه اكتفى ببعض الرأس إلا مع مسح العمامة، وأن الرأس إذا أطلق يشمل جميعه، قال: لا بد من تعميم الرأس بالمسح، وهذا قول الحنابلة وعامة أهل الحديث، ومنهم من يقول: إن الباء للتبعيض، الباء للتبعيض، فيكتفى بمسح بعض الرأس، واختلفوا في ذلك منهم من قال: الربع، ومنهم من قال: شعرات يسيرة، ومنهم من قال: يكتفى بما يسمى مسح، بما يطلق عليه مسح، وعلى كل حال ما روي عنه -عليه الصلاة والسلام- وما ثبت عنه بياناً للفروض الموجودة في آية الوضوء هو تعميم مسح الرأس، وما جاء من كونه -عليه الصلاة والسلام- مسح رأسه، مسح ما ظهر من رأسه مع العمامة، المسح على العمامة سيأتي حكمه -إن شاء الله تعالى-.

أما الاكتفاء بمسح جزء من الرأس فإنه لا يجزئ؛ لأنه لم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه مسح بعض رأسه وهو مكشوف، بل جميع من وصف وضوءه -عليه الصلاة والسلام- كحديث عبد الله بن زيد الذي مر بنا أنه بيديه، بيديه معاً، مسح رأسه بيديه معاً، يبدأ من مقدم رأسه، ثم يذهب بهما إلى القفا ثم يردهما، هل يتصور أن اليدين تترك شيئاً من الممسوح؟ نعم؟

طالب:.......

الشعر، الشعر كله، الشعر كله، نعم.

طالب:.......

ويش هو؟ لا بد من التعميم، وهذا الذي يدل عليه هذا الحديث.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- في صفة الوضوء قال: ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه" أخرجه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة".

"عن عبد الله بن عمرو" بن العاص السهمي القرشي، من فضلاء الصحابة ومن عبادهم، وأحد العبادلة الأربعة، الذين تأخرت وفاتهم فاحتاج الناس إلى علمهم.

أسلم قبل أبيه، وتوفي سنة ثلاثة وستين بمكة أو بالطائف أو بمصر أقوال لأهل العلم، وهذا الحديث مروي بالسلسلة المشهورة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والحديث صحيح لغيره؛ لأنه ورد من الأدلة ما يشهد له، فارتقى إلى درجة الصحيح لغيره، وإلا فالأصل أن ما يروى بهذه السلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه من قبيل الحسن، لا يصل إلى درجة الصحيح للخلاف المعروف، ولا ينزل عن درجة الحسن إلى الضعف، على خلاف بين أهل العلم في الاحتجاج بهذه السلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومنشأ الخلاف: الخلاف في مرجع الضمير، في جده هل يعود إلى عمرو وحينئذٍ يكون الجد محمد، ومحمد تابعي فالحديث حينئذٍ يكون إيش؟ مرسلاً، أو يعود الضمير في جده إلى الأب الذي هو شعيب وحينئذٍ يكون المراد بالجد عبد الله بن عمرو، ثم ينشأ خلاف آخر وهو هل سمع شعيب من جده عبد الله بن عمرو أو لم يسمع؟ أما بالنسبة للاحتمال الأول وهو عود الضمير هل هو إلى عمرو أو إلى شعيب فقد جاءت روايات تدل على أن المراد بالجد عبد الله بن عمرو، وحينئذٍ يكون عود الضمير إلى شعيب، فاحتمال الإرسال غير وارد مع التصريح بعبد الله بن عمرو، عن جده عبد الله بن عمرو، الإشكال الثاني وهو أن شعيباً هل سمع من جده عبد الله بن عمرو؟ يزيله ما جاء التصريح به في روايات أنه سمع جده عبد الله بن عمرو، وحينئذٍ يكون المعتمد أن السند متصل، وأن المراد بالجد عبد الله بن عمرو، وأن الضمير يعود إلى شعيب، وأن شعيباً سمع من جده عبد الله بن عمرو، هذا هو المرجح، ومن أهل العلم من يحكم على هذه السلسلة بالتضعيف مطلقاً، يحكم على هذه السلسلة بالتضعيف مطلقاً للخلاف المذكور، ومنهم من يصحح، ولكن أعدل الأقوال أنه إذا صح السند إلى عمرو بن شعيب فإن الخبر حينئذٍ يكون مقبولاً، ولا ينزل عن درجة الحسن.

"في صفة الوضوء" أي وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- "قال: "ثم مسح" يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- "برأسه" والباء هذه لا يمكن الاستغناء عنها لما ذكرنا "وأدخل أصبعيه السباحتين" يعني اللتين تستعملان في التسبيح "في أذنيه" والسباحتان هما السبابتان، وهما الأصبعان في اليدين اليمنى واليسرى اللذان يليان الإبهام.

"أدخل إصبعيه -أو أصبعيه- السباحتين في أذنيه" هل يمكن إدخال الأصبعين في الأذنين؟ نعم يمكن؟ كيف؟

طالب:.......

نعم الطرف، طرف الأصبعين، المقصود طرف الأصبع، أما إدخال الأصبعين فلا يمكن {يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم} [(19) سورة البقرة] يعني أطراف الأنامل كما هو معروف "في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه"

وعرفنا أن الحديث مقبول، صحيح لغيره، وهنا مسح برأسه وأدخل إصبعيه، وإصبعيه السباحتين في أذنيه، فدل على أن الأذنين تمسحان مع الرأس مسحاً، مسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، صفة ذلك كيف؟ مثل؟

طالب:.......

أدخل، أدخل السباحتين، عليك شماغ من يشوفك؟ هاه؟

طالب:.......

وين الإبهامين؟ إيه الإبهامين من فوق، ظاهر الأذن، نعم إيه خلاص صحيح، فهذا الحديث يدل على أن الأذنين تمسحان مع الرأس، وأنه لا يلزم غسلهما، بل يكتفى بمسحهما، وجاء حديث الأذنان من الرأس، وهو خبر ضعيف، لكن الأحاديث الواردة في مسح الأذنين مروية من طرق كهذا الحديث، وحديث المقدام بن معدي كرب، ومن حديث الربيع، ومن حديث أنس، ومن حديث عبد الله بن زيد وغيرهم، المقصود أن مسح الأذنين ثابت، وأنهما يمسحان تبعاً للرأس.

وهل يؤخذ ماء جديد للأذنين فيمسحان به؟ أو يكتفى بما فضل من مسح الرأس؟ هذا سيأتي في حديث مستقل -إن شاء الله تعالى-.

نعم، اقرأ، اقرأ، نبي نمشي، نبي نمشي لأن أمس ما مشينا ترى.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثاً, فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) متفق عليه.

وعنه: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده؟)) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم".

نعم.

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا استيقظ أحدكم من منامه)) وهذا شامل لنوم الليل والنهار، إلا أن قوله: ((فإن الشيطان يبيت)) جعل بعض أهل العلم يخص ذلك بنوم الليل؛ لأن البيتوتة إنما تكون بالليل، كما سيأتي في الحديث اللاحق، هنا: ((فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثاً)) وجاء ما يقيد هذا النص بمن أراد الوضوء، بمن أراد الوضوء ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر)) تقدم لنا معنى الاستنثار، وأنه إيش؟ نعم؟

طالب:.......

هو الاستنشاق؟ أو الاستنشاق إدخال الماء والاستنثار إخراج الماء؟

طالب:.......

...... أنت، أنت، هناك: "مضمض واستنشق واستنثر" وقلنا: إن الاستنشاق هناك إدخال الماء بالنفس، والاستنثار إخراج الماء من الأنف بالنفس، أما هنا في مثل هذا الحديث فإن الاستنثار مثل ما ذكر الأخ هو الاستنشاق، إذ لا يتصور استنثار دون استنشاق، وهذا هو الذي حمل بعض أهل العلم على أن يقول الاستنثار هو الاستنشاق مطلقاً، لكن عرفنا أنه إذا جمع بينهما حُمِل الاستنشاق على إدخال الماء إلى الأنف بالنفس، والاستنثار يحمل على إخراج الماء بالنفس.

((فليستنثر ثلاثاً)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وهكذا جاء الحديث مطلقاً لمن أراد أن يتوضأ، أو لم يرد الوضوء هنا، والعلة تقتضي التعميم، تعميم الحالات، لكن جاء التقييد بالوضوء، ومن أهل العلم من يرى أن كل من استيقظ يلزمه أن يستنثر ثلاثاً؛ لأن العلة معقولة وليست مقرونة بوضوء، وليست مقرونة بوضوء ((فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) افترضنا أن شخص استيقظ من نومه، وخرج إلى الدوام، العلة أن الشيطان يبيت على خيشومه، هل نقول: إذا كنت لا تريد الوضوء، ولا تريد الصلاة لا مانع من أن يستمر الشيطان في خيشومك؟ أو لا بد من إزالته ولو لم يرد الوضوء والصلاة؟ نعم، هذه حجة من يقول: إنه لا بد من الاستنثار ولو لم يرد الصلاة ولو لم يتوضأ؛ لأن هذا أمر مستقل، وما ورد فيه القيد بالوضوء ما ورد فيه القيد بالوضوء تخصيص، تخصيص لبعض الأفراد بحكم موافق وحينئذٍ لا يقتضي التخصيص، نعم التنصيص على الاستنثار والاستنشاق مع الوضوء يدل على شدة الاهتمام به والعناية، وأنه من أجزاء الوضوء، منهم من يقول:......الاستنشاق كالمضمضة، إذا أراد أن يتوضأ يفعل ذلك، أما إذا لم يرد أن يتوضأ ولا يريد الصلاة فإنه مخير إن شاء استنثر وإن شاء خرج كما أنه إذا قام من النوم هل يلزمه أن يغسل وجهه؟ نعم، لا يلزمه، لكن جرت العادة بذلك، وأنه أنشط وأنظف.

فإذا لم يرد الصلاة ولا يريد الوضوء، فحينئذٍ لا يلزمه أن يستنثر على هذا القول، لكن عموم الحديث يدل على أن الاستنثار لازم ولو لم يرد الصلاة، ولو لم يرد الوضوء، لقوله: ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثاً، فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) الشيطان يبيت على خيشومه هل هذا حقيقة؟ أو كناية عن تراكم هذه الأوساخ التي في الخيشوم وهي مما يلاءم الشيطان؟ قيل بهذا وهذا، ولا مانع يمنع من حمل اللفظ على حقيقته، وحينئذٍ يكون الشيطان حقيقة يبيت على خيشومه؛ لأن الخيشوم مجرى من مجاري الجسد، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فلا مانع يمنع من حمله على حقيقته، وهذا الأمر في الحديث يدل على الوجوب؛ لأنه الأصل، والجمهور الذين لا يقولون بوجوب المضمضة والاستنشاق يقولون: إنه للاستحباب، بدليل أنه لم يذكر في آية الوضوء، وقد جاء في الحديث: ((توضأ كما أمرك الله)) والذين يوجبون المضمضة والاستنشاق يقولون: ما أمر الله به مجمل بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- بفعله، وبيان الواجب واجب، نعم؟

طالب:.......

نعم؟ كيف؟

طالب:.......

الخلاصة أنه يتأكد بالنسبة لمن لا يريد الوضوء ولا الصلاة أن يحرص على طرد الشيطان من أجزاء بدنه، بالأذكار وبالاستنثار وبغيرها مما جاء من العلاجات الشرعية بالنسبة للشيطان، لكن إذا أراد الوضوء فإنه يجب عليه أن يستنثر.

طالب:.......

معروضة، معروضة في وقته.

"وعنه" أي عن أبي هريرة صحابي الحديث السابق: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً)) فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، والعلة: ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟)) العلة: "((فإنه لا يدري أين باتت يده؟)) متفق عليه" هذا الأمر للوجوب، والنهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها ثلاثاً مقتضاه التحريم، وأنه لا يجوز بل يحرم أن يغمس المستيقظ من النوم يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثاً، وعرفنا أن النوم يشمل ((إذا استيقظ أحدكم من نومه)) يشمل نوم الليل والنهار إلا أن قوله: ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟)) يدل على أن البيتوتة إنما تكون بالليل، وبهذا استدل الإمام أحمد على التفريق بين نوم الليل ونوم النهار ((فلا يغمس يده في الإناء)) افترضنا أن شخص غمس يده في الإناء، والعلة في ذلك: ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟)) هل يتأثر الماء لغمس اليد قبل غسلها من المستيقظ من النوم؟ عند الحنابلة نعم يتأثر، إذا كان قليلاً يتأثر، وعند غيرهم سواءً من يقول الأمر للاستحباب، ومن يقول: إن الأمر للوجوب، الذي يقول: الأمر للاستحباب ما عنده مشكلة، فالماء لا يتأثر بل يستحب للمستيقظ من النوم أن يغسل يده ثلاثاً، والذي يقول: إن الأمر للوجوب يقول: تعبد،، ولا أثر لغمس اليد في الإناء قبل غسلها ثلاثاً، لماذا؟ لأن العلة مشكوك فيها، لا يدري أين باتت يده؟ هل واقعت ولامست نجاسة أو لا؟ وما دامت العلة مشكوكة والأصل الطهارة، طهارة اليد، والشك لا يرفع اليقين، إذاً اليد باقية على طهارتها، وحينئذٍ يكون الأمر بالغسل من باب الاحتياط، ويعللون ويقولون: إن البلاد بلاد الحجاز كانت حارة، وعندهم ضيق في مسألة اللباس، وقد يتخففون منها وقت النوم في الحر، ولو كانت موجودة واليد تطيش على أجزاء البدن وقت النوم فقد تواقع أو تخالط أو تلامس نجاسة وهو لا يشعر، فأمر بذلك من باب الاحتياط، والحامل على هذا القول أن العلة مشكوك فيها ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟)) والمشكوك أو الشك لا يقاوم اليقين؛ لأن يده متيقنة الطهارة، ولذا لو أدخلها في كيس، أو ربطها بحيث يجزم أنها لم تلامس شيئاً من المستقذرات فإنه لا يلزمه شيء عندهم، لكن على المسلم ألا ينظر إلى هذه التعليلات، فقد جاء الأمر الصحيح الصريح، بل جاء النهي الواضح البين عن إدخال اليد في الإناء، ولا نعارض مثل هذا الحديث الصحيح الصريح بقواعد عامة، نعم القواعد العامة لها ما يدل عليها، والشك لا يرفع اليقين، ولا ينصرف حتى يجد ريحاً أو يسمع صوتاً؛ لأنه شك، هل خرج منه شيء أم لا؟ فلا ينصرف لأن الأصل الطهارة، لكن هنا نقول: لا، الأصل الطهارة فلا يلزمنا غسل؟ والعلة المنصوصة مشكوك فيها؟ نقول: سمعنا وأطعنا ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء)) والشك هنا مقروناً بهذا النهي الصحيح الصريح ينبغي أن ينزل منزلة اليقين، لصراحة النهي عن غمس اليد في الإناء، فنقول حينئذٍ: سمعنا وأطعنا، ولا نعارض مثل هذا النص الصحيح الصريح بقواعد عامة، وإن كانت هذه القواعد مستنبطة من أدلة شرعية، فلتكن هذه المسألة مما يخرج عن تلك القاعدة، وكل قاعة لا سيما إذا كانت من القواعد الأغلبية، لها ما يخرج عنها من المسائل، وكتب القواعد تشهد بذلك، وإذا قلنا: إن الأمر بالغسل تعبد لصحة الخبر وصراحته، فإنه يشمل ما إذا جزم لأن يده لم تخالط شيئاً من النجاسات بحيث لو ربطها أو أدخلها في كيس، على أنه من شؤم مخالفة السنة وجد بعض العقوبات العاجلة، وجد بعض العقوبات العاجلة، فشخص يقول: أنا أدري أين تبيت يدي؟ الرسول يقول: ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟)) فقال: أنا أدري أين باتت يدي؟ فربطها فاستيقظ من نومه وهي في دبره، وآخر استاك من جهة الدبر، وهذه القصة ذكرها الحافظ ابن كثير وغيره ابن العماد وجمع من أهل العلم، استعمل السواك في دبره فوجد ألماً في بطنه وبعد مدة عدة أشهر أحس بأن في بطنه شيء يشبه الجنين، وبعد وقت وضع شيئاً ليس بإنسان ولا حيوان، ما يدرى ما هو؟ المقصود له صياح وصراخ، وهو يشبه قطعة اللحم أفزعت الرجل وأهله، فقامت بنت من بناته فرضختها بحصاة حتى سكتت، المقصود أن شؤم مخالفة السنة ومعاندة النصوص الشرعية العقوبات في الأخرى معروفة، لكن قد تعجل العقوبة لمثل هؤلاء.

وشخص يضع المسامير في نعليه، ويأتي إلى حلق الذكر ليطأ أجنحة الملائكة، فخسف به، نسأل الله السلامة والعافية، فعلى المسلم أن يهتم بهذه الأمور، وأن يقدر النصوص قدرها، وأن يكون إذا سمع النص قال: سمعنا وأطعنا، سمعنا وأطعنا، عقلنا الحكمة أو لم نعقل، فمثل هذه النصوص لا تعارض بمثل التعليلات التي يذكرها كثير من الشراح، نعم.

"وعن لقيط بن صبرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أسبغ الوضوء, وخلل بين الأصابع, وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) أخرجه الأربعة, وصححه ابن خزيمة، ولأبي داود في رواية: ((إذا توضأت فمضمض))".

نعم "عن لقيط بن صبرة" لقيط بن عامر بن صبرة أبو رزين صحابي معروف، يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أسبغ الوضوء, وخلل بين الأصابع, وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)).

((أسبغ الوضوء)) الإسباغ هو الإتمام يعني أتمم الوضوء، واستوفي الأعضاء بالغسل، واستكمل هذه الأعضاء المطلوب غسلها بالغسل، وما يطلب مسحه عمه بالمسح، فلا تترك شيئاً ولو كان يسيراً مما يجب غسله أو مسحه، هذا المراد بالإسباغ الإتمام واستكمال الأعضاء بالغسل.

((وخلل بين الأصابع)) والحديث صحيح مخرج في السنن الأربعة، وهو أيضاً عند ابن خزيمة مصححاً له، مخرجاً له في صحيحه ((أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع)) والأصل في الأمر الوجوب، الأصل في الأمر الوجوب، فلا يجوز أن يترك شيء مما يجب غسله أو مسحه ولو كان يسيراً، للأمر بالإسباغ.

((وخلل بين الأصابع)) أصابع اليدين والرجلين؛ لأن الأصابع المراد بها الجنس، والمراد بذلك أصابع اليدين وأصابع الرجلين، فمثل هذه الأجزاء التي يمكن أن ينبو عنها الماء لا سيما بالنسبة لبعض الناس، من أصابع رجليه ملتصق بعضها ببعض، لا أقول: خلقة؛ أنه لا يمكن تمييز بعضها من بعض وهي ملصقة هذه الملصقة ما فيها إشكال، لكن إذا كانت ملصقة ويصعب تمييز بعضها عن بعض؛ لأن بعض الأصابع متراصة في الرجلين، الإنسان كلما يتقدم به السن نعم تصلب أطرافه، حينئذ يصعب عليه أن يميز بين أصابع رجليه، فالماء بطبعه لا ينساب ويدخل بين هذه الأصابع، فعلى هذا الحديث يجب تخليل ما بين الأصابع، والخطاب للجميع، لكن بالنسبة لصغار السن أمرهم سهل، لكن الكبار؟! تجد بعض الناس أصابعه مثل الحديد، نعم مع تقدمه تيبس نعم، هذا يرجع إلى الضعف، هو من ضعف، ثم قوة، ثم ضعف، يرجع إلى هذا.

المقصود أن تخليل الأصابع مأمور به في هذا الحديث، والأمر الأصل فيه الوجوب، فإذا كان الماء يصل من غير تخليل فمع ذلكم يتأكد التخليل لعموم الأمر به، وإن كان لا يصل إلا بصعوبة فحينئذ يجب عليه أن يخلل بين الأصابع؛ لأن المقصود إيصال الماء إلى ما يجب غسله.

((وبالغ في الاستنشاق)) وهذا من أدلة وجوب الاستنشاق ((إلا أن تكون صائماً)) ((إلا أن تكون صائماً)) لأن الأنف منفذ إلى الجوف، فإذا بالغ الصائم في الاستنشاق لا يأمن أن يصل إلى جوفه شيء من الماء، والذين يقولون بعدم وجوب الاستنشاق يقولون: لو كان واجباً ما استثني الصائم، ما يترك شيء واجب وهو الاستنشاق لاحتمال أن يصل إلى جوفه شيء؟ لكن المقصود المبالغة لا أصل الاستنشاق، أصل الاستنشاق لا إشكال في وجوبه، المبالغة أيضاً مطلوبة من غير الصائم، أما الاستنشاق فهو مطلوب واجب على الصائم وغيره، والمبالغة فيه والقدر الزائد على ما يحصل به الواجب مطلوب من غير الصائم ودون الصائم "ولأبي داود في رواية: ((إذا توضأت فمضمض))" وهذا أيضاً من أدلة من يقول بوجوب المضمضة، والأدلة على وجوب المضمضة والاستنشاق كثيرة، وإن كان في بعضها مقال إلا أنها بمجموعها تدل على وجوب المضمضة والاستنشاق، وعرفنا أدلة من يقول بالعدم، وكيف نجيب عنها فيما مضى؟ نعم.

"وعن عثمان -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخلل لحيته في الوضوء. أخرجه الترمذي، وصححه ابن خزيمة".

نعم. "عن عثمان -رضي الله عنه" وهو يصف وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله أحياناً، وبفعله أحياناً، يذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- "كان يخلل لحيته في الوضوء" والحديث سنده لا بأس به عند الترمذي وابن خزيمة، وله طرق، له طرق تدل على أن له أصلاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان كث اللحية، فمن كان في صفته -عليه الصلاة والسلام- يخلل اللحية، ومن كانت لحيته ليست بكثة، بمعنى أنها خفيفة، يكفي تخليلها أو لا بد من إيصال الماء إلى البشرة؟

طالب:.......

نعم؛ لأن ما ظهر مما يجب غسله فرضه الغسل، فرضه الغسل، أما من كانت لحيته كثيفة فيكتفي بالتخليل، وعثمان -رضي الله تعالى عنه- أمير المؤمنين وثالث الخلفاء الراشدين أحد العشرة المبشرين بالجنة، مناقبه وفضائله أكثر وأشهر من أن تذكر.

والحديث عموماً دال على أن اللحية الكثيفة تخلل، وأما بالنسبة للحية الخفيفة التي لا تغطي البشرة فإنه يجب غسل البشرة، يجب غسل البشرة؛ لأن ما ظهر مما يجب غسله فرضه الغسل، نعم.

"وعن عبد الله بن زيد قال: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى بثلثي مد, فجعل يدلك ذراعيه" أخرجه أحمد, وصححه ابن خزيمة".

نعم "عن عبد الله بن زيد" بن عاصم الذي سبق في صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- -رضي الله عنه- "إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتى بثلثي مد" والمد ملء كفي الإنسان المعتدل، ربع الصاع، ويزيد على نصف الكيلو بخمسين جرام تقريباً، مع أنه يختلف الوزن باختلاف المكيل، يختلف الوزن باختلاف المكيل، المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتي بثلثي مد، كانت عادته المطردة أن يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد، وهنا أتي بثلثي مد "فجعل يدلك ذراعيه" يدلك ذراعيه، وهذا من حجج المالكية الذين يقولون بوجوب الدلك، دلك الأعضاء، الغسل واجب، لكن هل من مسمى الغسل الدلك أو أن الغسل يتم بمجرد إيصال الماء مع تردده على العضو يسمى غسل؟ الجمهور يقولون: ليس من مسمى الغسل الدلك، ولذا يقولون: غسله المطر، ولا دلك معه، قد يقولون: غسله العرق، إذا كثر العرق كثرة تجعله يتردد على العضو، وحينئذٍ لا يكون الدلك من مسماه، والمالكية يقولون: لا يمكن أن يحصل الغسل إلا بالدلك، فيوجبون الدلك، وهذا من حججهم لكنه مجرد فعل، لا ينهض على الوجوب، نعم هو المستحب، يستحب أن يدلك الإنسان هذا العضو، أو هذه الأعضاء المأمور بغسلها، إذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع هذا يدل على الاقتصاد في الماء؛ لأن الماء مال، وقد نهينا عن إضاعة المال، فالاقتصاد بالماء أمر مطلوب، والإسراف فيه كالإسراف في غيره، وإن كان مبذولاً متيسراً أمره في هذه العصور المتأخرة، لكن كان الناس يعانون أشد المعاناة من جلب الماء، ومازالوا يعانون في بعض الأقطار، بعض المناطق يعانون من شح في المياه، والبلد كما يقول الخبراء مهدد بنقص المياه الجوفية، فعلى هذا ينبغي أن نمتثل مثل هذه النصوص الشرعية بالاقتصاد في كل شيء، وعلى وجه الخصوص الماء الذي يهدر منه الشيء الكثير من أجل أدنى سبب، تجد الإنسان يشغل الدينمو من أجل إيش؟ يغسل سيارته، نعم، الدينمو لا يكفي أن يأخذ سطل ماء ويمسح السيارة، كل هذا لأن الماء متيسر بالنسبة له، ولا يكلفه شيء، وسعره زهيد، ولا يدري أن هذا محرم في أصل الشرع، والإسراف وإضاعة الماء، المال عموماً والماء من أهم الأموال، بل من أشد الأمور ضرورة بالنسبة للإنسان، قد يعيش الإنسان بدون أكل أحياناً إلى وقت..، قد يتحمل أطول وقت، لكن بالنسبة للماء الموت.... وعطش كثير.

المقصود أن مثل هذه النصوص مما يجب امتثاله بالاقتصاد، وجاء النهي عن الإسراف {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ} [(31) سورة الأعراف] ولا تسرفوا، ولا تبذر، ويدخل في هذا الماء، يعني من أولى ما يدخل؛ لأنه بصدد أن يتساهل الناس فيه، وهو بطبعه سريع التلف عند من لا يحافظ عليه، فمن لا يحافظ عليه يتركه يتسرب ويضيع، وهذا لا شك أنه من إضاعة المال، وفيه مخالفة النصوص المذكورة، والله المستعان، نعم.

"وعنه: "أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذ لرأسه" أخرجه البيهقي، وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه" وهو المحفوظ."

"وعنه" أي عن عبد الله بن زيد راوي الحديث السابق "أنه رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذ لرأسه" غير الماء الذي أخذه لرأسه، معناه أنه يمسح أذنيه بماء غير فضل رأسه، "أخرجه البيهقي" وقال: إسناده صحيح، لكنه وإن صح إسناده إلا أنه غير محفوظ، وإذا كان الحديث غير محفوظ يكون إيش؟ شاذ؛ لأن الذي يقابل المحفوظ الشاذ، والذي يقابل المعروف المنكر.

ولذا قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه" هذا "هو المحفوظ" مخرج في صحيح مسلم.

لماذا لا نقول: إنه مرة يمسح أذنيه بماء جديد، ومرة يمسح بماء هو ما فضل على مسح رأسه؛ لأن الإسناد الأول صحيح والثاني صحيح، هل في تعارض بينهما؟ ألا يحمل على التعدد أنه مرة يفعل هذا ومرة يفعل هذا؟ لماذا؟

طالب:.......

هو عبادة واحدة مرة اليد تغسل مرة، ومرة تغسل مرتين، ومرة تغسل ثلاث، لماذا لا نقول: إن اللفظ الأول الذي رواه البيهقي يدل على أن الأذنين تمسحان بماء جديد في بعض الحالات؟ ورواية مسلم تدل على أنها تمسح بفضل مسح الرأس في حالات أخرى؟

طالب:.......

نعم هذا الكلام، ولذا قال: "وهو عند مسلم من هذا الوجه" وهو عند مسلم من هذا الوجه، فلا يحمل على التعدد، ولا يجوز حمله حينئذ على التعدد، لا بد من الترجيح، وما في مسلم هو الراجح، ولذا قال الحافظ: "وهو المحفوظ" وإذا كان أحد الوجهين محفوظاً فالوجه الثاني يكون حينئذٍ شاذ، والشاذ: هو ما يرويه الثقة، ولذا قال البيهقي هنا قال: إسناده صحيح، ما يرويه الثقة مع مخالفة من هو أوثق منه، الذي في صحيح مسلم أوثق منه، فعلى هذا يكون ما في سنن البيهقي شاذ، وما في صحيح مسلم هو المحفوظ، ولذا يقول الحافظ العراقي:

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة
ج

 

فيه الملأ فالشافعي حققه

 

 

وعلى هذا تمسح الأذنان بما يبقى بالأصابع من بلل بعد مسح الرأس، "وهو المحفوظ"، "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه" نعم؟

طالب:.......

لا، بالنسبة للأذنين؟ لا،........

يأخذ للأذنين ماء غير الذي أخذه لرأسه هذا شاذ، هذا شاذ، المحفوظ: "مسح رأسه بماء غير فضل يديه" هذا محفوظ، من هذا الوجه نفسه، نعم؟

طالب:.......

 

يعني جديد، بعد أن مسح رأسه..، والأصل المحفوظ أنه غسل يديه للمرفقين ثلاثاً، يبقى باليدين بعد غسلهما ماء، هل يمسح به رأسه أو يأخذ ماء جديد لمسح الرأس؟ هاه؟ يأخذ ماء جديد، هذا ماء غير فضل يديه، غير باقي الماء الذي غسل به يديه، لكن إذا مسح أخذ ماء جديد لمسح الرأس، هل يأخذ ماء جديد لمسح الأذنين؟ لا ما يحتاج؛ لأن الأذنين من الرأس، الأذنين من الرأس.