بلوغ المرام - كتاب البيوع (02)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحديث الثاني:
وقد قرأ بالأمس، حديث جابر، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عام الفتح وهو بمكة".
"يقول عام الفتح" الفتح في رمضان سنة ثمان من الهجرة "وهو بمكة" أثناء وجوده بمكة -عليه الصلاة والسلام-، والجملة حالية؛ لأن العام يطلق على جميعه من محرم إلى ذي الحجة، ومعلوم أنه لم يدخل مكة إلا في رمضان، ويصدق على الأشهر التي تقدمت هذا الشهر أنها عام الفتح، يعني لو كان هذا القول في رجب أو في جمادى أو في صفر مثلاً هي من عام الفتح؛ لأن عام الفتح سنة ثمان، لكن حدد المراد بقوله: "وهو بمكة"، ويستفاد من هذا الكلام "عام الفتح وهو بمكة" التاريخ، تاريخ الخبر، من أجل معرفة الناسخ والمنسوخ، فلو جاء ما يعارضه مما هو قبل وقت الفتح وهو بمكة، قلنا: إن هذا الحديث ناسخ له، وإذا جاء بعده ما يعارضه قلنا: إن المتأخر ينسخ المتقدم، فمعرفة تواريخ المتون في غاية الأهمية، معرفة تواريخ المتون مهمة جداً؛ ليتوصل بذلك عند التعارض إلى.. وعدم إمكان الجمع إلى القول بأن المتأخر ينسخ المتقدم، فإذا لم نعرف المتقدم من المتأخر وقعنا في حيرة إذا لم نستطع أن نوفق بين النصوص، ولزمنا أن نتوقف، وهنا حدد وقت وتاريخ الخبر.
((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر)) الضمير في حرم مفرد ويعود إلى ما تقدم، وما تقدم مفرد وإلا مثنى؟ اثنان وإلا واحد؟ اثنان، فالأصل أن يقال: إن الله ورسوله حرما كما تقدم في حديث: ((إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية)) وهذا تقدم هذا الأصل، لكن إذا لم يُذكر إلا واحد، يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله ورسوله حرم)) قلنا: إن الأصل أن الضمير ما دام يعود إلى أكثر من واحد، يعني يطابق ما يعود إليه، فإن كان يعود إلى اثنين ثني الضمير، وإن كان يعود إلى أكثر جمع الضمير، وهنا حقه أن يقال: "إن الله ورسوله حرما" وتقدم الحديث الذي أشرنا إليه: ((إن الله ورسوله ينهيانكم)) والتثنية وضم ضمير النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ضمير الله -جل وعلا- جاء ذمه في قوله -عليه الصلاة والسلام- للخطيب لما قال: "ومن يعصهما فقد غوى" فقال له -عليه الصلاة والسلام-: ((بئس خطيب القوم أنت)) والحديث في مسلم، وسبق الحديث عن الجمع بين هذا الحديث وبين قوله: ((ينهيانكم)) وأنه بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام- يجوز له أن يجمع ضميره إلى ضمير الله -جل وعلا-؛ لأنه لا يتصور منه -عليه الصلاة والسلام- التسوية بينه وبين ربه -جل وعلا-، بينما غيره لجهله أو لعدم معرفته بعظم ربه -جل وعلا-، قد يتصور منه ذلك، فاستدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- وذمه لذلك، ومنهم من يقول: إن مقام الخطابة يحتاج إلى بسط وإيضاح وجمع الضمير خلاف ذلك، بخلاف غير الخطابة، فلا يمنع من جمع الضمائر لاختصار الكلام.
المقصود أن المعارضة بين قوله: ((ينهيانكم)) وبين قوله: "ومن يعصهما" وقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بئس خطيب القوم أنت)) ظاهرة؛ لأنه جمع -عليه الصلاة والسلام-، فإما أن يقال: إن له أن يفعل ذلك -عليه الصلاة والسلام- دون غيره وهذا وجيه؛ لأنه النبي -عليه الصلاة والسلام- أعلم الناس بربه، وأتقاهم وأخشاهم له، بينما غيره ليس بهذه المنزلة، والدليل على ذلك أنه وجد في الأمة من ينتسب إلى الأمة المحمدية من جعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بمنزلة الله -جل وعلا-، وصرف له جميع حقوق الرب -عز وجل-، وجد، فلا يمنع من أن يتطرق إلى ذهن المتكلم مثل هذا الأمر، ومثل هذا إذا وجد مثل هذا الاحتمال تحسم المادة، بينما النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أعلم الناس بربه وأتقاهم وأخشاهم له لا يمنع من أن يجمع ضميره إلى ضمير الله -جل وعلا-، وإذا قيل بالقول الثاني أن الخطابة تحتاج إلى بسط له وجه أيضاً، وهو مرجح عند جمع من أهل العلم.
((إن الله ورسوله حرم)) معروف في الأعراب (إن) حرف توكيد ونصب، واسم الجلالة لفظ (الله) -جل وعلا- اسمها منصوب، والواو عاطفة، ورسوله معطوف عليه منصوب، وحرّم فعل وفاعل، والمفعول بيع الخمر، والجملة من الفعل والفاعل وما بعده خبر (إن)، وهذا من باب الاكتفاء وإلا فالأصل أن يقال: إن الله حرم ورسوله حرم.
(نحن بما عندنا وأنت ما عندك راضٍ)
التقدير نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راضٍ، فاكتفي بأحدهما عن الآخر لعدم اللبس، وجاء في بعض الطرق: ((إن الله حرم)) دون عطف للرسول -عليه الصلاة والسلام- عليه، وفي بعض الروايات وهي في غير الصحيحين: ((إن الله ورسوله حرما)).
((بيع الخمر)) الخمر كل ما خامر العقل وغطاه من أي مادة كان، كل ما يخامر العقل ويغطيه خمر عند جمهور العلماء، وعند الحنفية لا يطلق الخمر حقيقة إلا على ما اعتصر من العنب فقط، والجمهور على أن كل مسكر خمر، كل ما يغطي العقل خمر، والمرجح في هذا قول الجمهور؛ لأن الآيات نزلت في تحريم الخمر بالمدنية، وليس فيها إلا التمر، ليس فيها عنب، فدل على أن الخمر يطلق على ما يعتصر من العنب، وعلى ما يعتصر ويستخلص من غيره حقيقة، وهذا قول الجمهور.
((بيع الخمر والميتة)) الميتة: ما مات وفارقت روحه جسده بغير ذكاة شرعية، والخنزير: الحيوان الخبيث النجس الرجس المعروف، مادته رباعية خنزر فهو خنزير، ومنه من يقول: ثلاثية من خزر، إذا أطبق جفنه الأعلى على الأسفل، وضيق نظره، إذا أراد أن يحدد النظر -هذا مجرب- يضيق العين، نعم، حتى الإنسان يفعل هذا، قالوا: خزر عينه إذا ضيقها لتحديد نظر البعيد أو الشيء الدقيق، نعم؟ والخنزير يفعل هذا، وهو معروف، والأصنام: ما يعبد من دون الله كالأوثان، ومنهم من يفرق بين الصنم والوثن بأن الصنم ما كان على صورة، والوثن: ما لم يصور على هيئة، ومنهم من يقول: الوثن ما كان مادته من الحجارة، والصنم ما كان من غيرها، المقصود أنه معروف مما يعبد من دون الله -جل وعلا-، يصور على هيئة فيكون صنماً، وعلى هذا لا يجوز بيع الخمر، لا يجوز بيعه مهما كان المبرر لشرائه، لو شخص عنده إناء خمر الواجب عليه إراقته، لكن قبل أن يريقه جاءه شخص قال: أنا أريد أن أطفأ به نار بعه علي هذه منفعة، إطفاء النار به منفعة، هل نقول: ما دام هذه العين تنفع يجوز بيعها؟ لا يجوز بيعها، "إن الله حرم بيع الخمر" فالمتعين إراقتها ولا يجوز تخليلها، يعني تحويلها من خمر إلى خل لا يجوز؛ لتنقلب عينها من ضارة إلى نافعة، ومن نجسة -عند الجمهور- إلى طاهرة بالاستحالة، لا يجوز تخليلها، وإن تخللت بنفسها جاز الانتفاع بها خلاً، لكن لا يجوز حبسها حتى تخلل بنفسها، بل الواجب المبادرة والمسارعة والمسابقة إلى إراقتها.
((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر)) ولا يجوز بيعها لا لمسلم ولا لذمي ولا لغيرهم؛ لأن الله -جل وعلا- إذا حرم شيء حرم ثمنه، وهنا يُحرم بيعها بالنص على أي وجه كانت، ما تقول: والله هذا النصراني أو هذا اليهودي شارب شارب، شارب الخمر شارب من عندي وإلا من عند غيري، هذا ما مبرر، أنت بهذا تأكل الحرام؛ لأن الله حرم البيع في هذه الحالة.
((والميتة)) وهي ما فارقت روحها جسدها لا بذكاة شرعية فلا يجوز بيعها؛ لأنها نجسة، والعلة أيضاً عند الجمهور في منع بيع الخمر النجاسة، جماهير أهل العلم على نجاستها، وإن كان الدليل لا ينهض على القول بنجاستها إلا أنه قول جمهور أهل العلم.
والميتة نجسة فلا يجوز بيعها، والأصل في المنع من بيعها هذا الحديث، الميتة تطلق ويراد بها ما ذكرنا في حدها وتعريفها، وبهذا تشمل جميع أجزائها، فلا يباع شيء منها، لكن دل الدليل على جواز الانتفاع بجلدها المدبوغ، ((أيما إيهاب دبغ فقد طهر)) وجاء في شاة ميمونة: ((هلا انتفعتم بإهابها)) قالوا: إنها ميتة! قال: ((إنما حرم أكلها)) فإذا دبغ الجلد طهر، وإذا طهر جاز استعماله على خلاف بين أهل العلم هل يطهر ظاهراً وباطناً أو ظاهراً فقط؟ وهل يستعمل في المائعات واليابسات؟ وهذه المسألة تقدم شرحها في باب الآنية، على كل حال ((أيما أيهاب دبغ فقد طهر)) ولا كلام، إذا طهر هذا الإيهاب وجاز استعماله هل يجوز بيعه أو نقول: هو جزء من الميتة فلا يباع؟ الشعر، الظفر، والظلف وما أشبه ذلك على الخلاف بين أهل العلم هل هي في حكم المتصل أو المنفصل؟ إذا ماتت البهيمة مثلاً تنجست، صارت نجسة ما يمكن تطهيره كالجلد يطهر، الشعر والظفر هل هو في حكم المتصل أو المنفصل؟ يختلف أهل العلم في ذلك، والمرجح أنه في حكم المنفصل؛ لأنه يجوز جزه وقطعه وإبانته من البهيمة وإن كانت حية، لو كان في حكم المتصل قلنا: ما أبين من حي فهو كميتته، ومثل هذه الأمور يقرر أهل العلم شيخ الإسلام وغيره أنها لا تحلها الحياة، بدليل أنها تقطع من البهيمة ولا تحس ولا تتألم، لا تحلها الحياة الحيوانية، أما الحياة المشبهة لحياة النبات لا شك أنها فيها، بدليل أنها تطول، نعم؟ تنمو وهي على ظهر الحيوان، لكن إذا قطعت ماتت كموت النبات إذا قطع، والحياة والموت المراد به الحياة الحيوانية والموت الحيواني، أما ما يشبه حياة النبات وما يشبه موته فهذا غير مراد هنا، بدليل أن النبات يموت إذا قطع، لكن هل يقال بأنه نجس ولا يجوز بيعه لأنه ميت؟ يدخل في عموم هذا؟ لا يدخل، فالمراد بالحياة الحياة الحيوانية، هذا بالنسبة للشعر والظفر، والحنفية يتوسعون في هذا الباب، ويجعلون العظم أيضاً لا تحله الحياة، فيرون الانتفاع به بعظم الميتة، وشيخ الإسلام أيضاً يرجح هذا القول، ويضيف أيضاً الأنفحة واللبن، لبن الميتة وأنفحة الميتة كل هذا لا علاقة له بروحها، نعم؟
طالب:........
الأنفحة الكرش، كشر الجدي الصغير، نعم؟ الذي يستعمل في الجبن، ويستدل شيخ الإسلام أن الصحابة أكلوا الأجبان من البلدان التي فتحت وذبائحهم في حكم الميتة، ولو كانت نجسة ما أكلوها، فعرفنا ما في جلد الميتة وما في شعر الميتة، وظفر الميتة، وقرن الميتة، الجمهور على أنه نجس، وكذلك من باب أولى لبنها وأنفحتها، وهي إن لم تكن نجسة بذاتها فهي متنجسة، وإذا كان اللبن متجنس كيف يمكن تطهيره؟ لأنه في وعاء نجس فكيف يمكن تطهيره؟ إذا تجنس اللبن يمكن تطهيره؟ ما يمكن تطهيره، فيبقى الاستثناء للجلد إذا دبغ، والصوف أيضاً إذا جز جزاً، ولم يستأصل بالنتف؛ لأن أصوله باشرت النجاسة، فيجز جز بحيث لا يباشر النجاسة، الميتة لا يجوز بيعها، أحياناً يستفاد منها، تُجعل علف للكلاب، وعلف للطيور، تُعلف الكلاب الميتة، أقول: هل هذه المنفعة تبيح مخالفة هذا النص؟ لا تبيح مخالفة هذا النص، لا يجوز بيعها، يدخل في الميتة أيضاً جسد الميت من بني آدم، هل يجوز بيعه أو لا يجوز؟ يتصور هذا في التشريح، نعم؟ احتيج لجثة لتشريحها ورفض أهلها أن يدفعوها إلا بقيمة يجوز بيعها وإلا لا يجوز؟ لا يجوز، وجاء في السيرة أن المشركين طلبوا قتيلاً لهم ودفعوا فيه الأموال من النبي -عليه الصلاة والسلام- فدفعه إليهم دون مقابل، فالميتة على عمومها وإطلاقها لا يجوز بيعها، والخنزير ليس بمال ولا محترم، ولا يجوز أكله ولا اقتناؤه فلا يجوز بيعه.
((والأصنام)) الأصنام سواء كانت من مادة يستفاد منها، افترض أنه صنم من ذهب يعبده شخص فأسلم هذا الشخص وقال: انتهينا من عبادته هل يجوز له أن يبيعه؟ لا يجوز له أن يبعه، ومثله لو كان من خشب، أو من أي مادة كان ما دام اسم الصنم يطلق عليه لا يجوز بيعه، لكن إذا تحول اسمه من صنم إلى كسر أو قطع من رآها لا يقول: هذه صنم لا مانع؛ لأنه لم يبع صنم يعني لو أن شخصاً عنده صنم من ذهب، ثم بعد ذلك ذهب به إلى الصاغة فحولوه إلى حلي يجوز بيعه وإلا ما يجوز؟ يجوز بيعه؛ لأنه لا يصدق عليه أنه باع صنماً، وكذا لو كان كِسر من خشب، أو حول هذا الصنم من خشب إلى ماسة أو كرسي أو شيء يجوز الانتفاع به يجوز له بيعه؛ لأنه لم يبع صنم، وقل مثل الأصنام جميع ما يؤله ويعبد، ويصرف له شيء من حقوق الله -جل وعلا- كالصليب مثلاً لا يجوز بيعه.
"فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟" يعني أخبرنا عن شحوم الميتة، الشحوم يستفاد منها، كيف يستفاد منها؟ ذكروا الأوجه، أوجه الاستفادة منها، تطلى بها السفن، لماذا تطلى السفن بالشحوم؟ من أجل إيش؟ كيف؟
طالب: تسرب الماء.
نعم لكي ينبو عنها الماء، فلا يشرب الخشب الماء، نعم؟ فيستفاد منها من هذه الحيثية، وتدهن بها الجلود لتلين وتنعم، ويستصبح بها الناس، شمع، الشحم هذا يتخذ مصابيح، قبل الكهرباء الناس عاشوا عليه مدد متطاولة، هو مصابيح الناس، لا شك أن هذه منافع ظاهرة "أرأيت شحوم الميتة، فإنها تطلى بها السفن, وتدهن بها الجلود, ويستصبح بها الناس?"
منافع ظاهرة، ولا فرق بين الطاهر والنجس في هذه المنافع، النجس يؤدي نفس الغرض الذي يؤديه الطاهر، نعم دخان المصباح المتنجس تكلموا فيه هل يؤثر على ما يصيبه أو لا يؤثر؟ المسألة في كتاب الطهارة، لكن هنا "ويستصبح بها الناس" لما ذكروا هذه المنافع، أجابهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((لا، هو حرام)) (لا) هنا وقف لازم وإلا جائز؟ لازم، وقف لازم؛ لأنك لو سلطت النفي ((لا هو حرام)) يعني ليس هو حرام، لكن تقف وقفاً لازماً، والوقف اللازم معروف، وهو في القرآن ظاهر، {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} [(65) سورة يونس] نعم، هذا الوقف لازم، لماذا؟ لأن قوله: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} [(65) سورة يونس] ليس هو قولهم الذي يحزن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو وصلنا لأوهم السياق أن الذي يحزن النبي -عليه الصلاة والسلام- قولهم: إن العزة لله وليس...، فيجب الوقف في مثل هذا، وهنا: ((لا، هو حرام)) يجب الوقف، أهل البلاغة عندهم واو تحل الإشكال، إذا قيل لك: تريد ماءً، ثم قلت: لا سلمك الله، عندهم لا بد أن تقول: لا وسلمك الله، نعم نقول: الوقف اللازم يحل الإشكال، وهو الذي جاءت به بالنصوص، ولا داعي لهذه الواو، قف على (لا) واستأنف ما تشاء من الكلام؛ لأنه لا يوجد في النصوص مثل هذه الواو، (لا) يعني لا يجوز، ثم أكد ذلك بقوله: ((هو حرام)) والضمير (هو) يعود على أي شيء؟ على البيع وإلا على الانتفاع؟
طالب: القاعدة: إلى أقرب مذكور؟
اللي هو إيش؟ الانتفاع؟
طالب: نعم.
وهو قول الأكثر، نعم؟
طالب:........
هذا الشحم المتنجس.
طالب:........
يجوز وإلا ما يجوز؟ تأملوا يا إخوان: "أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال: ((لا))" لما تكلم عن الميتة وأن بيعها حرام سئل عن جزها -عليه الصلاة والسلام-، وذكرت منافع هذا الجزء، إذا كان الميتة بيعها حرام فماذا عن بيع بعضها؟ لا سيما وأن منافعه ظاهرة؟ والسياق يدل على البيع، وإن كان الانتفاع في الجمل الثلاث هو الأقرب، وعلى كل حال المسألة محتملة، والأكثر على أنه يعود إلى الانتفاع؛ لأنه أقرب وأحوط، فقال: ((لا، هو -البيع أو الانتفاع- حرام)) يؤيد ما يختاره جمع من أهل العلم من أن الضمير يعود إلى البيع أول الحديث: ((إن الله ورسوله حرم بيع)) وآخر الحديث ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: ((قاتل الله اليهود، إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه)) تحايلوا على ارتكاب المحرم، وغيروا الاسم والحقيقة واحدة، الحقيقة لم تتغير إنما تغير الاسم، بدل ما هو شحم جامد أذابوه فصار مائعاً سائلاً، فتغير اسمه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه، وقالوا: ما بعنا الشحم، هم باعوا جميل، مذاب، ما باعوا شحم، فهم تحايلوا على ارتكاب المحرم بهذه الحيلة، وقد عرفوا بذلك، وقد جاء النهي عن التشبه بهم لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل، فهم أهل حيل، فعلوا مثل هذه الحيلة، وتحايلوا على الصيد، صيد السمك، فوضعوا الشباك يوم الجمعة فوقعت فيه الحيتان يوم السبت، واستخرجوها يوم الأحد، وقالوا: ما صدنا يوم السبت، وهم في الحقيقة تحايلوا على المحرم، وارتكبوا المحرم بهذه الحيل، ومن ذلك ما عندنا.
((قاتل الله اليهود)) يعني لعنهم، ((إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه)) وهكذا الحكم فيمن يتحايل لإسقاط واجب، أو ارتكاب محرم، ومشبهٌ لليهود من هذه الحيثية، وهو مستحق لهذا الوعيد كما استحقوه بسببه، بسبب هذه الحيلة، جاءت نصوص تدل على جواز بعض الحيل، أما الحيل التي يتوصل بها إلى فعل الواجب، وترك المحرم هذه شرعية، ماذا قال -جل وعلا- عن الهجرة: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [(98) سورة النساء] هؤلاء لا يستطيعون حيلة بمعنى أنهم لو استطاعوا حيلة يذمون وإلا ما يذمون؟
طالب: مفهوم مخالفة.
نعم؟
طالب: مفهوم مخالفة.
ما يذمون، بل يمدحون لو يستطيعون الحيلة لفعل الواجب، يرتبكون الحيلة لفعل الواجب، أو يرتكبون الحيلة لترك محرم، وهو البقاء بين أظهر المشركين ولذا مدحوا، أما الحيل التي يتوصل بها إلى ترك الواجب أو فعل المحرم فهي حيل اليهود، هناك حيل يتوصل بها إلى الخروج مثلاً من مأزق، أو ارتكاب مباح، أو ما أشبه ذلك أمرها يسير، لكن يبقى أن الحيل التي ترتكب فيها محرمات محرمة، وفيها مشابهة لليهود، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه)) وهم يقولون: والله ما أكلنا، ما بعنا شحم ولا أكلنا شحم، جملناه فبعنها جميلاً مذاباً، ليس بشحم هذا، وهناك حيل يرتكبها الناس وهي موجودة أيضاً حتى عند المسلمين، يرتكبون بعض الحيل لإباحة ما حرم الله -جل علا-، ويسمون الأشياء ويلبسون يسمونها بغير أسمائها، ويلبسون على الناس، وبعضهم يسعى بشتى الوسائل أن يخرج السؤال للمفتي على طريقة يلقنه فيها الجواب، وهناك من الحيل والوسائل التي يرتكبها بعض الناس عند السؤال من أجل أن يحل لهم ما حرم الله، وهذه من حيل اليهود، لا بد أن تكشف المسألة بفصها، تذكر المسألة على وجهها، وإلا ماذا يستفيد المطلق إذا أخفى صورة الطلاق وجاء يستفتي؟ لماذا جاء يستفتي في الأصل ليعاشر امرأته على الوجه الشرعي، إذاً يجب عليه أن يشرح الصورة كما هي، ولا يخفي شيئاً يؤثر في الحكم، قد يتحايل مثلاً على من يفتيه، وهنا يجب الاستفصال من قبل المفتي، قد يتحايل عليه من أجل أن يقنع الزوجة أن تعود إليه، أو يقنع ولي أمرها لكي يعيدها إليه، كل هذه حيل لا تجوز؛ لأنه يتحايل بذلك على ارتكاب ما حرم الله -جل وعلا-، ففيه مشابهة لليهود، نعم.
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة فالقول ما يقول رب السلعة أو يتتاركان)) رواه الخمسة, وصححه الحاكم.
وعن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب, ومهر البغي, وحلوان الكاهن" متفق عليه.
نعم الحديث الثالث: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن ابن مسعود" عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي الصحابي الجليل المعروف من جلة الصحابة وفقهائهم -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا اختلف المتبايعان ليس بينهما بينة فالقول ما يقول رب السلعة أو يتتاركان)) رواه الخمسة، وصححه الحكم، الخمسة الإمام أحمد إضافة إلى أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وهذا الحديث كما قال المؤلف: صححه الحاكم، وهو قابل للتصحيح، وفيه قاعدة فيما إذا اختلف المتبايعان البائع والمشتري بأن قال البائع: بعتك بألف، وقال: المشتري بخمسمائة، يقول البائع: بعتك بألف والمشتري يقول: بخمسمائة، اختلفا وليس بينهما بينة تشهد بالواقع، وإلا إذا وجدت البينة فالبينة على المدعي، واليمين على من أنكر، إذا لم توجد البينة والسلعة بيد المشتري، الآن قبضها فطلب منه الثمن فدفع خمسمائة، نفترض أن طالب علم راح إلى مكتبة وأخذ منهم كتاب، وليس عليه سعر، أو نفترض أن عليه سعر ثم ماكسه، أو يزعم أنه ماكسه فبدلاً من أن تكون بألف أخذها بسبعمائة أو ثمانمائة، والغالب في مثل هذه الأحوال أنه ما يوجد شهود، ولا يشهد عليها في مثل هذه الأحوال؛ لأن الإشهاد ليس بواجب، إنما هو سنة، لمثل هذه المنازعات، يسن الإشهاد لقطع مثل هذه النزاعات، لكن إذا لم يوجد بينة فالقول قول رب السلعة، أو يتتاركان، القول قول رب السلعة يعني يلزم المشتري بدفع ألف، أو يتتاركان هذه (أو) للتخيير كذا؟ يعني إذا لم يقبل المشتري بقول رب السلعة فإنهما يتتاركان، يعني هل يلزم المشتري بدفع الألف لأن رب السلعة قال: إني بعتك بألف؟ ومعلوم أن القاعدة فيمن يقبل قوله أنه لا بد مع ذلك من يمينه، فإذا قال البائع: والله إني بعت لك هذا الكتاب بألف ريال، يلزم بدفع الألف أو يتتاركان؟ نعم؟ يخير إما أن يدفع الألف أو يتتاركان، لكن لو رفض اليمين البائع إما أن يأخذ السبعمائة أو يتتاركان، هل يلزم المشتري...؟ ألزمنا البيع باليمين إذا أقدم على أن يجزم على قوله، ويكون القول قوله، لكن إذا قال: أبداً أنت..، إذا طلب منه اليمين من المشتري يلزم باليمين أو نقول: يتتاركان؟ لأنه ما دام الخيار إما قبول قول البائع أو الترك فالمسألة فيها مندوحة، ما فيها إلزام لخلو المسألة عن البينة، القضية ما فيها بينة، وكل منهما مدعي وإلا مدعى عليه؟ الآن في مثل هذه الصورة أيهما المدعي؟ في مدعي وإلا كلاهما مدعي؟ نعم؟
طالب:........
كلاهما مدعي وكلاهما مدعى عليه، إذا قلنا: جانب صاحب السلعة أقوى؛ لأننا قبلنا قوله، وجعلنا القول قوله، هل يعني هذا أن قوله ملزم بقبول السلعة مع يمينه أو هناك خيار وهو التتارك؟ نقول: إذا كان الخيار التتارك ما معنى قبول قول رب السلعة ويمين رب السلعة؟ أقسم أنه باعه بألف، ثم بعد ذلك قال المشتري: أنا لا أريدها، وقلنا: إنه لا يلزم بأخذها ودفع الألف، فما معنى قبولنا قول رب السلعة مع يمينه؟ نعم؟
طالب:........
طيب.
طالب:........
انتهينا من هذا، لكن إذا كان الخيار الترك، الخيار الثاني، افترضنا أن صاحب السلعة قال: إني بعتك بألف، وقبلنا قوله بيمينه وأقسم على ذلك، نعم، وأنها بألف لا سبعمائة، والخيار للمشتري أنه يترك ما معنى قبول قول رب السلعة؟ نعم؟
طالب:........
يعني إذا كان السلعة قائمة؟ يعني ينفع التتارك فيما إذا كانت السلعة قائمة، أما إذا كان المشتري قد استهلك هذه السلعة، نعم اشترى كتاب مثلما صورنا، واختلف في القيمة هذا تصرف في الكتاب، كتاب أهداه لغيره، أو تلف منه، أو سرق يلزم بدفع ما يقوله رب السلعة مع يمينه؛ لأنه جاء في رواية: "أو يترادان" وجاء عند ابن ماجه في رواية: "والمبيع قائم بعينه" أما إذا استهلكت السلعة فنلجأ إلى قول رب السلعة، إذا كانت قائمة يتتاركان إذا كانت مستهلكة يلزم المشتري بدفع ما يقوله رب السلعة مع يمينه.
يقول: "وعن أبي مسعود الأنصاري" أبو مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري، ينسب إلى بدر؛ لأنه نزلها، وإن لم يشهد الوقعة عند الجمهور، وإن قال البخاري: إنه شهدها، -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن" ثمن الكلب: والكلب يشمل جميع أنواعه، المعلم وغير المعلم، لكن هل يختص بالفصيلة المعروفة من الكلاب، أو يتناول بقية السباع؟ كالأسود مثلاً؟ نعم؟ نهى عن ثمن الكلب يتناول جميع السباع أو يختص بالكلاب الفصلية المعروفة؟ جاء في الحديث: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك)) فأكله الأسد، فدل على أن الأسد كلب، يدخل وإلا ما يدخل؟ نعم؟
طالب:........
يعني الكلب المعهود المعروف بين الناس؟ لا شك أن له أحكاماً تخصه، الكلب، وجاء التشديد في نجاسته، وفي اقتنائه مما يد على أن غيره بخلافه، فيكون النهي خاص بالكلب المعروف.
"نهى عن ثمن الكلب" ومن لازم النهي عن ثمنه تحريم البيع، سواء كان معلماً أو غير معلم، "ومهر البغي" الزانية ما تأخذه في مقابل الزنا، فيطلق عليه مهر من باب التوسع، وإلا فهو ليس بمهر؛ لأن المهر يستباح به البضع على الوجه الشرعي، هذه حقيقته الشرعية، لكن هذا من باب التوسع؛ لأنه مشبه للمهر، يأخذه ليدفعه في مقابل البضع، نهى عن مهر البغي، فالبغي لا تستحق هذا المهر، لا تستحق هذا المهر، وإن أُلزم الزاني بأرش البكارة مثلاً والحد مهر البغي هذا قد يوجد شخص يستدرج امرأة مثلاً، وهذه المرأة مسألة مفترضة في امرأة عفيفة، وهو يعرف هذا الحديث، هذا الخبيث يعرف هذا الحديث، فيقول لها: هذا مبلغ كبير من المال افترض مليون ريال مثلاً لما سمعت هذا المبلغ وافقت، ولما انتهى قال: مهر البغي خبيث، ونهي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن مهر البغي، وأنت لا تستحقين المهر، فلا شيء لك عندي، كلامه صحيح وإلا باطل؟ هي لا تستحقه لأنه خبيث، ونهى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن يعزر بتفويته عليه لأنه بذله بطوعه واختياره، وإلا لو لم يكن ذلك لحصل الإغراء بأكثر من هذا، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ هي لا تستحقه لأنه خبيث؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عنه، وهو أيضاً يفوت عليه، ويعزر بتفويته عليه؛ لأنه بذله بطوعه واختياره، ونقول مثل هذا فيمن عقد صفقة ربا، احتاج مبلغ من المال، وقال: أنا لا أريد أن استدين ديناً يقره الشرع، ويلزمني بالزيادة، الله -جل وعلا- يقول: {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] هذا المرابي لا يستحق إلا رأس ماله، فأخذ مائة ألف بمائة وعشرين ألف لما حال الحول دفع مائة، وقال: أنت لا تستحق الزيادة، وكلاهما مخالف وعاصي وآثم ومحارب لله -جل وعلا-، فصاحب المال لا يستحق الزيادة ليس له إلا رأس ماله، والدافع الباذل يفوت عليه هذا المبلغ تعزيراً له، وإلا بمثل هذه الحيل ما يستقيم أمر.
((وحلون الكاهن)) الكاهن الذي يدعي علم المغيبات، ويدعي معرفة أماكن الضوال والمسروقات، ويأخذ على ذلك أجرة، هذا هو حلوان الكاهن، ما يأخذه من أجرة على كهانته، أيضاً لا يجوز له ذلك؛ لأن عمله محرم، وما نتج عن المحرم فهو محرم، وسمي حلوان، وهو في الأصل أجرة، قالوا: لأنه حلو، جاء من غير تعب ولا مشقة، لأنه جاء من غير تعب ولا مشقة فقيل له: حلوان، فمثل هذه الأمور التي تدفع يدفعها الإنسان في أمور محرمة بطوعه واختياره وإن كان صاحبها لا يستحقها شرعاً إنما تفوت عليه؛ لأنه بذلها مختاراً طائعاً، ويتخلص منها، وتكون في المصارف الدنيئة الوضيعة، وتصرف بها على سبيل التخلص فيشترى بها أعلاف حيوانات، وإلا مجاري وتصريف، وإلا دورات وما أشبه ذلك، ما هو دورات علمية، دورات قضاء الحاجة، نعم؟ لأنه أموال خبيثة لا تناسب، ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)) ولذا قال: ((أطعمه ناضحك)) فإذا اشتري به أعلاف خف الأمر؛ لأنه ليس بكسب طيب، والله -جل وعلا- طيب لا يقبل إلا طيباً، نعم.
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان على جمل...
يسير، كان يسير...
طالب: نعم يا شيخ؟
أنه كان يسير على جمل.
طالب: إي هذه في نسخة أخرى بعده في يسير.
نعم.
طالب: نقرأ المثبت؟
إيه اقرأ، اقرأ.
عفا الله عنك.
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان على جمل له أعيا، فأراد أن يسيبه، قال: فلحقني النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي، وضربه، فسار سيراً لم يسر مثله, قال: ((بعنيه بوقية)) قلت: لا، ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بوقية, واشترطت حملانه إلى أهلي, فلما بلغت أتيته بالجمل فنقدني ثمنه, ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال: ((أتراني ماكستك لآخذ جملك? خذ جملك ودراهمك فهو لك)) متفق عليه, وهذا السياق لمسلم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان يسير على جمل له قد أعيا" يعني تعب وكل عن السير، فتخلف عن القوم، فأراد أن يسيبه، أراد أن يتركه؛ لأن مثل هذا الجمل بدلاً من أن يستفاد منه الراحة بركوبه ولحوق القوم صار يعوقه عن لحوق القوم، وهو بدونه أفضل، أراد أن يسيبه، فما الذي حصل؟ قال: "فلحقني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي" دعا له لشخصه، وضربه، ضرب الجمل، فسار سيراً لم يسر مثله، فقال: ((بعنيه بأوقية)) بعد أن ضربه فسار سيراً لم يسر مثله، وهذا هو النصح وإلا بإمكانه أن يقول: بعنيه قبل ضربه؛ ليكون الثمن أقل، يعني لو ما أراد أن يسيبه، لو قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: "بعنيه بربع أوقية" باعه، لكن ماذا صنع المصطفى -عليه الصلاة والسلام- الناصح؟ وهذا تشريع لأمته -عليه الصلاة والسلام-، ومبالغة في النصح ضربه فسار سيراً لم يسر مثله، فقال: ((بعنيه بأوقية)) قلت: لا" يعني يستحق أكثر، "ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بأوقية" أن تعرض السلعة يعرضها صاحبها كالسيارة مثلاً، وفيها علة وصاحبها لا يعرف ما هذه العلة، يتمنى أن يتخلص منها بأقل الأسعار، فيأتي صاحب الخبرة ويقول: بعنيها بكم بعشرة آلاف نصيبك، هذه السيارة أتعبتنا وكذا، المشتري يعرف أن المسألة والعلة هذه مجرد سلك منفصل، أليس من النصح وتطبيق هذا الحديث أن يشبك السلك وتمشي السيارة وتسيراً سيراً حسناً ثم يشتريها بعد ذلك؟ أو يشتريها قبل ربط السلك؟ يشتريها بعد ربط السلك هذا تمام النصح، وهذا تطبيق هذا الحديث، بعض الناس حتى من طلبة العلم يأتي إلى مكتبة واحد من زملائه فيجد كتاب من أنفس الكتب، لكن ناقص مجلد والمجلد هذا عنده، عند هذا الأخ الداخل، ما تبيع عليه الكتاب الناقص المخروم بدلاً من أن يقول: بألف خذه بمائتين بثلاث مائة، لكن لو قال: هذا الكتاب يكمل نسختك فلما كمُلت قال: بعنيها تمام النصح هنا، لكن هل يلزم هذا النصح لا يلزم؟ لكن ينبغي أن يفعله الناس المسلمون اقتداء بنبيهم -عليه الصلاة والسلام-، الآن الذي يفعله كثير من الناس ضد هذا تماماً، يأتي صاحب السيارة التي فيها علة لا يعرفها هو إلى صاحب الورشة، ثم يفحصها ويتبين له أن المسألة سلك، فبدلاً من أن يربطه فيقول له صاحب السيارة: أنت ما عملت شيء خذ عشرة، عشرين، وانتهى الأشكال، يقول: تأتيني بعد ثلاثة أيام، المسألة تحتاج، معضلة هذه، ليست علة يسيرة، ومجرد ما ينصرف يربط ها السلك وتشتغل ويحبسها ثلاثة أيام على شان يطلب مبلغ كبير، ويظهر لصاحب السيارة أنه تعب عليها، هل هذا من النصح؟ هذا غش هذا، وأكل أموال الناس بالباطل، وأنت مؤتمن على هذه الصنعة، فعلى المسلم أن يكون ناصحاً، فإذا كان شيء يسير، يعني صاحب سيارة أجرة يطلب منه بعض الناس أن يوصله إلى المحل الفلاني، المحل الفلاني أمتار عنه ليس ببعيد، لكن لو ركب معه أمتار قال: هذه خمسة والسلام عليكم، دار به، لف به البلد أكثر من مرة، ثم وصله إلى نفس المكان، على شان إيش؟ يطلب مبلغ يستحق التعب، فاعل هذا الفعل هل طبق ما جاء في هذا الحديث؟ لا، فأراد أن يسيبه قال: فلحقني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي، وضربه فسار سيراً لم يسر مثله، كان ربطت السلك ومشت السيارة مضبوط وسم، تعرف أن المسألة سلك ما هي بشيء، ما يبي قطع، وما يبي شيء أبداً، يقول: والله يا أخي احتمال تكون مكينة وإلا جير وإلا شيء، والله يا أخي أمر عظيم، يمكن ما مر علينا مثل هذا، المقصود أن مثل هذا ينبغي أن يكون هو السائد بين المسلمين، لا سيما طلبة العلم.
فقال: ((بعنيه بأوقية)) والوقية: أربعون درهماً، "قلت: لا" ما دام ما في علة، ويمشي قدام الناس، صار يمشي قدام الناس مثل جمل ابن عمر، نعم، "قلت: لا" هل قوله: لا فيه معصية لله -جل وعلا- لأنه رد طلب النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو المسألة عقود بيع وشراء والبيع عن تراضٍ؟ نعم؟
طالب:........
هل هذا ملزم لصحابي أن يبيع للنبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا هذا بيع وشراء والبيع عن تراضي، هذا تشريع، فقال: لا، ولذا ما ذمه، ولا ثرب عليه أحد.
"قلت: لا، ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بأوقية" وليس في هذه حجة لمن له سلطة أن يلزم من تحت يده على أن يبيعه ما يريد بما يريد؛ لأن بعض الناس يولى أمر من الأمور، ثم يتسلط على من تحت يده، شاف عنده سيارة زينة، قال: هذه ما تصلح إلا لنا بعنيها، مسكين جانبه ضعيف، يخشى على وظيفته، يخشى على مستقبله، يبيع، أو يذكر عنده بنت متميزة وإلا شيء يقول: زوجنيها من واقع هذه المسؤولية.
النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس لهذا، قال: ((بعنيه بأوقية)) لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الأخير: ((أتراني ماكستك لأخذ جملك؟)) ليس هذا هو المقصود منه -عليه الصلاة والسلام-، إنما يريد إكرام جابر، فقال: ((خذ جملك ودراهمك)) يعني ما في بأس أن يقول المدير بعني سيارتك بخمسين ألف، وهي تستحق مائة ألف ثم يقول له: والله ما أنا ببايعك، إلا بعنيها ثم يعطيه الخمسين والسيارة طيب، "ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بأوقية، واشترطت حملانه إلى أهلي" بيع وشرط، وجاء النهي عن بيع وشرط، وحمله الأكثر على أنه الشرط الفاسد، وحمله بعضهم على عمومه أنه لا بد من أن ينفصل البيع عن الشرط، يبرم عقد البيع، فإذا انتهى عقد البيع أجره إياه، أو طلب منه أن يركبه أن يعيره ظهره فلا مانع، يجيب بعضهم عن هذا الحديث ممن لا يجيز الشرط مع البيع، يقول: إن هذا ليس على سبيل العقد والإلزام، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان في نيته أن يشتري الجمل، إنما أراد إكرام جابر، وهذه قضية عين لا يقاس عليها، هذا تفضل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، والجمل والثمن كله لجابر، والحديث لفظه صريح "اشترطت حملانه" وإذا كان في علم النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يريد رد الجمل والثمن، فإن هذا لم يكن في علم جابر، وهو الطرف الآخر، يعني لو كان في علم الطرفين على حد سواء أنه مجرد إكرام وليس بعقد قيل مثل هذا الكلام، لكن جابر جازم بأنه باع الجمل، واشترط الحملان، والاشتراط ظاهر.
يقول: "فعبته بأوقية واشترطت حملانه إلى أهلي" فدل على جواز اشتراط مثل هذا، ويجاب عن الحديث الآخر بأنه محمول على الشروط الفاسدة.
"واشترطت حملانه إلى أهلي فلما بلغت" يعني بلغت منزلي وأهلي "أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه" الأوقية ثم رجعت بالثمن بعد أن سلم الجمل، "ثم رجعت فأرسل في إثري" أو أثري "فقال: ((أتراني)) أتظنني بضم التاء ((أتراني ما كستك لأخذ جملك؟)) المماكسة المقاولة والمحاولة من أجل تخفيض الثمن، بأن يقول: البائع: بعتك بألف، ويقول المشتري: بخمسمائة، بستمائة هذه مماكسة، ولا بأس بها، ولا تبرر..، لا يبرر جواز المماكسة رفع الأسعار من قبل التجار؛ لأن بعض التجار يرفع السعر أضعاف، يقول: الناس ما يقبلون بالسعر الحقيقي، يقول: لو قلت هذه السلعة بمائة قال: بثمانين، فلازم أقول: مائة وعشرين مائة وخمسين على شان يقول: مائة، هذا ليس بمبرر رفع الأسعار، ومع الأسف أنه يوجد في أسواق المسلمين من يرفع السعر عشرة أضعاف، ليأتي من يقول: خفض، أو يرفع عشرة أضعاف ويقول: تخفيضات هائلة خمسين بالمائة، فيزدحم الناس على محله ويشترون منه، وهذا أكثر ما يوجد في السلع التي يحتاجها النساء، والمسترسلون من الرجال، بعض الناس يغتر بالتسعير، يعني هل يتصور أن يكتب على متر القماش في محل بمائة وخمسين ومحل آخر بعشرة نفس القماش؟ هل هذا من النصيحة للمسلمين؟ حجة الذي رفع السعر يقول: لو أقول: بعشرة ما أشتراه الناس يقولون: رديء، اشتري جيد وسعره بالسعر المناسب، أما هو رديء بالفعل لما يكون في مقابل قيمة المائة والخمسين، هو رديء بالنسبة للمائة والخمسين، وهذا لا يبرر مثل هذا التصرفات أبداً، فعلى المسلم أن يحرص على طيب الكسب، ولا يخفى أثر طيب الكسب على إجابة الدعوة ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)) "وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له" يعني إذا كان يتقلب الإنسان في الحرام كيف يستجاب له؟ والإنسان بأمس الحاجة إلى إجابة دعوته، فكيف نرجو إجابة دعوة، وهذه التصرفات موجودة بيننا، فضلاً عن المحرمات الصريحة التي فيها الأضرار، نعم يوجد في البلد مغفلون، ويوجد من يحكم على جودة السلعة من خلال سعرها، لكن لا يبرر هذا أننا نرفع الأسعار لنغرر بالناس أن هذه السلع جيدة، ونسوق بهذه الطريقة، شخص يأتي لأمرته بقماش من إحدى الدول المجاورة المتر بعشرة دراهم، فقال لها: المتر بثلاثمائة درهم، من باب أن الكذب على المرأة فيها سعة، شكرت الزوج، وفصلت الثوب، وحضرت به مناسبة، واجتمع عليها النساء نريد مثل هذا، نبي مثل هذا، ورجعت بالشنطة مملوءة بالدراهم وصايا، أحرج الرجل شاريه بعشرة دراهم، اشلون بيأخذ هذه الألوف، أخبرها بحقيقة الحال فدعت عليه، وشنعت عليه، لماذا؟ لأنه أحرجها بين الناس أن تحضر هذه المناسبة بهذا الثوب الرديء، كان جيد الثوب لما كانت قيمته عالية، أنا أقول: كل هذه التصرفات لا تبرر رفع الأسعار، مهما قلنا، لا تبرر رفع الأسعار، وعلى المشتري أن يكون نبيهاً لا يؤخذ على غرة، ويخاطب بهذا النساء قبل الرجال.
يقول: "فلما بلغت أتيته بالجمل فنقدني الثمن، ثم رجعت فأرسل في أثري فقال: ((أتراني ما كستك؟)) يعني يوجد في المتسوقة في الشوارع ممن يبيع الطيب أو يبع العسل، أو يبع كذا، يرفع الثمن أضعاف مضاعفة، لكن بعض الناس يأخذ بنصف ما يقال، وبعض الناس بالربع، وبعضهم بالعشر، وصاحب السلعة كسبان، فعليهم أن يتقوا الله -جل وعلا- في المسلمين، لا يستغفلوا المسلمين، ولا يستغروهم، ولا يأكلوا أموالهم بمثل هذه الحيل.
((أتُراني ماكستك لأخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك)) والحديث في الصحيحين، نعم.
وعنه -رضي الله عنه- قال: "أعتق رجل منا عبداً له عن دبر، ولم يكن له مال غيره، فدعا به النبي -صلى الله عليه وسلم- فباعه" متفق عليه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعنه" يعني عن جابر صحابي الحديث السابق "قال: أعتق رجل منا" يعني من الأنصار "أعتق رجل منا عبداً له عن دبر" يعني علق عتقه بوفاته، قال: إذا مت فأنت حر، ويسمى المدبر، "لم يكن له مال غيره" المدبر المعلق عتقه بالوفاة حكمه حكم الوصية، التي لا تثبت إلا بالموت، فيجوز بيعه في حال الحياة، كالمال الموصى به بعد الوفاة؛ لأن للموصي أن يتصرف في حال حياته؛ لأن العقد لم يثبت وليس بملزم؛ لأنه معلق بالوفاة، فقبل الوفاة له أن يزيد من النسبة أو ينقص، أو يبيع ما يحتاج إليه، وله أن يغير، أوصى بهذه الدار ثم غيرها، أوصى بالثلث ثم نقص منه إلى الربع وهكذا، ما دام الشرط ما تحقق فله أن يتصرف.
"أعتق رجل منا عبداً له عن بدر لم يكن له مال غيره" فكأنه أوصى بجميع ماله، والوصية لا تنفذ إلا بالثلث فأقل، حديث سعد: "أتصدق بجميع مالي؟ بثلثي مالي؟ بنصف مالي؟ بثلث مالي؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير)) "لم يكن له مال غيره" هذا جميع ماله، جميع ما يملك "فدعا به النبي -عليه الصلاة والسلام- فباعه" لأنه ليس له أن يوصي، لكن لو أعقته عتقاً منجزاً، كما لو أوقف الدار، وهو لا يملك غيرها، هذا يختلف الحكم، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من يشتريه؟)) فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام، أو ابن النحام، بثمانمائة درهم، فدفعها إليه، قال: أنت أحق به منه، أنت أحق بهذا المال ما دام لا تملك غيره، فهذا المدبر حكمه حكم الوصية يجوز التصرف به قبل الموت، لا سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما في هذا الحديث.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتب أسماء أعجمية ما أدري كيف أنطقها؟ المقصود أنه يقول: إن هناك وسائل تعليمية وقد صليت خلف إمام في صلاة التراويح يقرأ من شاشة ويقلب الصفحة بالريمنت ويصلي هنا في الدمام؟
على كل حال كل هذا الأمور محدثات، ولا يباح منها إلا ما احتيج إليه، حتى هذا المكبرات الأصل فيها العدم؛ لأن استعمالها في عبادة على خلاف الأصل، لكن لما كثر الناس، وكثرت الحشود في المساجد، واحتيج إليها، وأفتى أهل العلم بجوازها، والقاعدة أن الحاجة تقدر بقدرها، فلا يزاد فيها على قد الحاجة فإذا كان يكفي مكبر واحد يكتفي به، إذا كان لا يسمع الصوت إذا ركع الإمام واحتجنا إلى ثاني نضع ثاني، إذا كان إذا سجد لا يسمع المأموم صوته فيضطر إلى أن يجتهد بما يبطل عبادته هنا أيضاً يحتاج إلى ثالث، فالحاجة تقدر بقدرها، أما القدر الزائد على ذلك من لوحات، ومن آلات، إضافة إلى أنه أدخل في المساجد كمرات التصوير وغيرها، هذه كله على خلاف الأصل، ومن يقول بها ويفتي بها إذا كان ممن تبرأ الذمة بتقليده يتحمل المسؤولية، لكن يبقى أن الأصل المنع في هذه كلها.
وأما ما ذكره من أنه صلى خلف إمام يقرأ من شاشة فهذه مشكلة، اليوم يقرأ من شاشة، وغداً يترك المسجل يصلي بالناس بعد، لأن خطوات الشيطان لا تنتهي، والله المستعان.
هذه البطاقة هي مجرد وسيلة للتحايل على أن تكون الثمانية آلاف بتسعة آلاف وخمسمائة في الشهر الأول، بعشرة آلاف وخمسمائة في الشهر الثاني، فهي مال بمال، والبطاقة هي لمجرد التحايل على هذا المال، وهذا هو الربح المضمون الذي يمنعه أهل العلم.
يقول: أخذ ولدي البالغ عمره خمسة عشر سنة سيارتي بدون إذني، ثم قادها وتسبب في إيقاع حادث أوقع ضرر بالغاً بإيش؟ المقصود: أنه أموال تقدر ما بين أربعة آلاف إلى ستة آلاف ريال، ولكن لأنني مدرس ولا استطيع دفع هذا المبلغ، وأنا غير مؤمن على السيارة، والسائق أراد مساعدتي فأحضر شاباً يعرفه لديه بطاقة تأمين وادعى أنه هو المتسبب في الحادث فتحملت شركة التأمين قيمة أضرار السيارة الأخرى، فماذا علي أنا والد ذلك الشاب، خاصة أنني مدين الآن بمبلغ ثلاثين ألف ريال؟
عليك أن تعيد هذا المبلغ للشركة؛ لأنك لا تستحقه، عليك أن تعيده، وبدلاً من أن تكون مدين بثلاثين ألف تكون مدين بخمسة وثلاثين ألف، ولا مانع من ذلك.
هذه شرحناها في مناسبات كثيرة، وهي موجودة مسجلة في أشرطة يرجع إليها.
على كل حال هذه الكتب، وهذه المذكرات، وهذه الملازم التي تذكر إن ضررها بالغ بحيث يخشى على المسلمين منها، وعلى ناشئتهم فمثل هذه تتلف، وليس لها حرمة، وقد أفتى أهل العلم بإتلاف الكتب الضارة، وأنها غير مضمونة، وإن كان المخالفة فيها يسيرة محتملة فاليسير مغمور، ولا يخلو كتاب سواء كان من كتب التفسير إلا نادراً، أو الشروح، أو غيرهم من الكتب من المخالفات اليسيرة التي هي مغمورة في بحار الفوائد.
هو داخل في عمل اليد، هذا داخل في عمل اليد، إذا أدي على الوجه المرضي الذي ينفع الله به الأمة، لا شك أنه داخل في عمل اليد وكسب اليد.
أولاً: سبل السلام مختصر من هذا الكتاب، فسبل السلام أصله البدر التمام، واختصره الصنعاني، واقتصر منه على ما يُحتاج إليه، وأما الأصل ففيه جمع طيب، وفيه استطرادات؛ لأنه معتمِد على كتب معينة، إذا كان الحديث في البخاري نقل من فتح الباري، وأفاض في النقل منه، وإذا كان في مسلم نقل كل ما ذكره النووي وهكذا، وفي الحكم على الأحاديث ينقل ما يقوله الحافظ في التخليص بتمامه، ففيه استطرادات كثيرة لا يحتاجها طالب العلم، وللصنعاني أيضاً توجيهات في كتابه لا يستغني عنها طالب العلم.
وعلى كل حال من أراد أن يجمع بين هذا وذاك فطيب؛ لأن الاعتماد على اختصار الغير يفوت على طالب العلم الشيء الكثير، الصنعاني من وجهة نظره أن ما تركه ليس مهماً بالنسبة لطالب العلم، لكن قد يكون ترك أشياء طالب العلم في غاية الأهمية، ولذا نصيحتنا لطلاب العلم ألا يعتمدوا على المختصرات، وأن يختصروا لأنفسهم.
ذكرنا في مناسبات كثيرة أن طالب العلم إذا تأهل لهذا الأمر، واتجه إلى المختصرات يرجع إلى الأصول ويختصره بنفسه، فلو مثلاً عمد إلى صحيح البخاري، والكتاب مخدوم تذكر فيه أطراف الأحاديث فإذا قرأ الحديث الأول راجعه في جميع المواضع التي ذكره البخاري فيها، واقتصر بأوفى هذه الروايات، واطلع على الروايات الأخرى، وأثبت التراجم التي ترجم بها البخاري على هذا الحديث التي هي فقه الإمام البخاري، بل فقه أهل الحديث كم يستفيد من فائدة في عمله هذا؟! افترض أن صحيح البخاري يحتاج لمدة سنة ليختصر على هذه الطريقة، الحديث الأول خرجه البخاري في سبعة مواضع، يرجع إلى هذه المواضع السبعة، وينظر في تراجم البخاري عليها، وينظر في اختلاف المتون والأسانيد، وما ذكره البخاري وما سطره من أقوال الصحابة والتابعين حول هذا الحديث، وبيان هذه الترجمة، ثم بعد ذلك يقتصر على أوفاها، والحديث الثاني كذلك، والثالث كذالك، والرابع... إلى آخر الكتاب، وطالب العلم قل: يحتاج إلى سنة لينهي الكتاب على هذه الطريقة، فيستفيد فوائد أعظم من قراءته للمختصر مائة مرة؛ ليكون علمه بما حُذف كعلمه بما أثبت، أما أن يعتمد على اختصار الناس واجتهادات الآخرين فقد يفوته شيء هو من وجهة نظر المختصِر ليس بمهم، وهو في الحقيقة في غاية الأهمية، وضربنا أمثلة على هذا في المقارنة بين الأصول والمختصرات، لو أن شخصاً أراد أن يقرأ في كتاب الرقاق من صحيح البخاري رأى العجب فيما يقرب من مائتي حديث ومائة وخمسين ترجمة، هي من أنفس ما يستنبط من هذه الأحاديث، لكن لو رجع إلى المختصر وجد عشرة أحاديث بدون تراجم، كيف يتصور الكتاب تصور كامل وقد اعتمد على المختصر؟ المختصِر ما حذف من المتون المرفوعة المسندة شيء، إنما اكتفى ببعضها دون بعض، وإذا مر عليه الحديث في كتاب العلم لم يعده في كتاب الرقاق، فصار هذا خلل في التصنيف، البخاري له مقصد من التكرر، التكرار في غاية الأهمية لطالب العلم، ولتعلموا أن البخاري -رحمه الله تعالى- لا يكرر الحديث في موضعين بسنده ومتنه دون فائدة زائدة إلا نادراً يعني في نحو عشرين موضع فقط، وأما في بقية المواضع التي هي يعني المكرر مثل غير المكرر، يعني إذا افترضنا أن الكتاب سبعة آلاف وخمسمائة حديث، المكرر خمسة آلاف، لكن هذه المكررات لا يحتاجها طالب العلم؟ استنباط البخاري من هذا الحديث في مواضع متعددة لا يحتاجه طالب العلم؟ هو في أمس الحاجة إليه، أقاويل الصحابة والتابعين سلف هذه الأمة فقههم وعلمهم حذفه المختصرون، كم يخسر طالب العلم بهذه الطريقة؟! فأقول: طالب العلم إذا احتاج إلى مختصر يختصر بنفسه، ولا يظن أن هذا التكرار تضييع للوقت، يعني بدلاً من أن يقرأ الكتاب في سنة يقرأ المختصر في شهر، وأين تبي تروح إذا انتهيت من البخاري؟ تبي تروح لمسلم، مسلم فيه أحاديث موجودة في البخاري، بعد تقول: أقتصر على الزوائد؟ افعل في مسلم مثلما فعلت في البخاري، ثم افعل في سنن أبي داود مثلما فعلت في الصحيحين وهكذا، اختصر لنفسك، ثم انظر ما تتفق عليه هذه الكتب، واقتصر على أوفاها، وبذلك إذا أنهيت هذه الكتب ولتأخذ عليك خمس سنين ويش المانع؟ وإيش أنت عجلان عليه؟ تضبط الكتب الستة ضبط وإتقان في خمس سنوات، والعمر يضيع بالتسويف، اليوم أقرأ، غداً أقرأ، الكتاب هذا أولى وذاك أولى، الأصول أسست على تقوى، ولا نقدح في الفرع والمختصرات، لكن من يقارن يرى الفرق، الذي يقارن بين هذه المختصرات وأصولها يرى الفرق كبير.
طبعة السيد أحمد صقر جيدة.
وتأويل مشكل الحديث؟
هناك تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، وهناك مشكل الحديث لابن فورك، إن كان يريد ابن قتيبة، وهو مطبوع طبعة قديمة لا بأس بها جيدة، ثم أعيد طبعه ثانية أظن زهري النجار أعاد طبعه، وإن كان يريد مشكل الحديث لابن فورك فليقرأ فيه على حذر تام.
الروض المربع؟
الروض المربع طبع أخيراً بتحقيق ثلة من المشايخ، تولى بعضهم مقابلة النسخ، وبعضهم توثيق النصوص، وبعضهم تخريج الأحاديث، وخرج منه الآن سبعة مجلدات، هذه طبعة نفيسة.
منار السبيل؟
فيه طباعات كثيرة، لكن منها طبعة المكتبة الإسلامية التي فيها خلاصة أحكام الشيخ الألباني في مجلد واحد. أحكام أهل الذمة؟
هذا لم يطبع إلا مرة واحدة، طبعه صبحي الصالح طبعة جيدة.
الخراج لأبي يوسف؟
الطبعة السلفية طبعة طيبة.
لا شك أن الأصل في البيوع أن الإنسان ما يستبدل مال بمال، نقد بنقد إلا إذا احتجاج لمثل هذا فيما يسمى بالصرف، وجُل العقود مبنية على سلع يحتاجها الناس بأيدي غيرهم يبذلون لنيلها الأموال من النقود، من الذهب والفضة، هذا الأصل، لكن إذا احتاج الشخص إلى أن يفك ما معه من عملة كبرى بعملة صغرى واحتاج إلى صرفها هذا..، الذهب بالذهب جائز بالشرط الشرعي: مثلاً بمثل، يداً بيد.
كيف تعاني من وضح الصوت أو من عدمه؟ من عدم وضوح الصوت، على كل حال احرص على أنك تكون أقرب إلى هذا الآلات المكبرة، وتسمع -إن شاء الله تعالى-، وبدوري أيضاً أنا هذه الآلات نقربها شوي.
الآن الأسعار تقدم إليه من باب المنافسة بين هذه المؤسسات، وإذا كانت تقدم إليه وهو صاحب الشأن فما قدمت إليه إلا لينظر فيها، ويقرر ما يختاره منها، إذا كان هو صاحب الشأن، أما إذا كان له أنيط به مجرد التخطيط، وتقرير رسو المناقصات لغيره فهذا ليس من شأنه.