شرح الموطأ - كتاب الحج (25)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله، وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: التلبيد:

حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: من ضفر رأسه فليحلق، ولا تشبهوا بالتلبيد.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: من عقص رأسه، أو ظفر، أو لبَّد فقد وجب عليه الحلاق.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "باب التلبيد" التلبيد: هو أن يجعل المحرم على رأسه شيئًا يمنع من تفرق الشعر, ودخول الغبار فيما بينه, ووجود القمل، وما أشبه ذلك, التلبيد: شيء يوضع على الشعر, على شعر الرأس؛ صمغ، أو عسل، أو ما أشبه ذلك, يمنع من انتشاره وتشعثه, ويجعل بعضه يلتصق ببعض, فلا يتخلله غبار، ولا يصيبه شعث، ولا قمل ولا غير ذلك, يصنعون هذا لطول المدة بين الإحرام وبين التحلل, أما الآن والمدة قصيرة والأمد يسير؛ لا يحتاج إلى مثل هذا؛ لأنه بين الإحرام والتحلل سويعات, وأحيانًا يكون ساعة أو قريب منها, فمثل هذا لا يحتاج؛ لأنه في حياته العادية ما يحتاج إلى مثل هذا الأمر, فكذلك في الإحرام, على كل حال لو فعل لو لبد رأسه بسمغ، أو شبهه؟ يقول الإمام -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب قال: من ضفر رأسه فليحلق" ظفر رأسه: يعني أدخل بعضه في بعض، وجعله ضفائر, نسجه وجدله، وجعله ضفائر, يقول: لا يكفي فيه التقصير، إنما لا بد من حلقه "فليحلق" وجوبًا هذا رأي عمر -رضي الله عنه- قال: "ولا تشبهوا" تشبهوا الضفر هذا "بالتلبيد" ولا تشبهوا الضفر الذي تصنعونه من جدل الشعر ونسجه بالتلبيد؛ لأنه أشد منه, فيجوز التقصير في التلبيد, ولا يجوز عند عمر -رضي الله تعالى- عنه التقصير لمن ضفر شعره؛ ما الفرق بينهما؟ أن الضفر..نعم؟

طالب:.............

ماذا فيه؟

طالب:..............

افترض أنه جعله ثلاث ضفائر, أطراف هذه الضفائر لا تستوعب جميع الشعر؛ لأن الشعر منه الطويل ومنه القصير, فأطراف هذه الضفائر لا تستوعب جميع  الشعر، فلا بد من نقضه واستيعاب جميع الشعر بالتقصير, أو يحلق, وأما التلبيد فالشعر باق كما هو يمكن استيعابه بالتقصير.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: من عقص رأسه، أو ضفر، أو لبد، فقد وجب عليه الحلاق.

يقول: "وحدثي عن مالك عن يحيى بن سعيد" الأنصاري "عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قال: من عقص رأسه" يعني لواه، وأدخل أطرافه في أصوله "أو ضفر رأسه، أو لبد" رأسه "فقد وجب عليه الحلاق" جعل الحكم واحد، للعقص وهو لي الشعر، وإدخال بعضه في بعض, أو ضفر الشعر وجدله ونسجه, أو تلبيده بما تقدم، كل هؤلاء وجب عليهم الحلاق. نعم؟

طالب:...................

لا, ما فيه قبل التحلل لا، يعني عند التحلل، وفي وقت الحلق، أو التقصير عند التخيير هذا ما فيه خيار، يقول: ولا يجزئه التقصير. نعم؟

طالب:.................

هو لو قال: أوجب عليه, ووجب عليه، مثل: أبيح لنا، ورخص لنا, أو وجب علينا هذا له حكم الرفع, لكن وجب هذا حكم منه -رضي الله عنه- هذا حكم اجتهادي منه؛ ولذا يختلف أهل العلم فيمن جمع شعره بطريقة من هذه الطرق، هل يخير بين الحلق والتقصير أو يتعين في حقه الحلق؟

على كل حال يقول: فقد وجب عليه الحلاق, ولا يجزئه التقصير على هذا، وبهذا قال مالك، وأحمد في رواية والشافعي في القديم, وعند أبي حنيفة. نعم؟

طالب:....................

تشبهوا بالتلبيد, الأثر الأول يدل على التفريق بين الضفر وبين التلبيد, الثاني جعل التلبيد -ولعله تغير اجتهاده- مثل الضفر؛ لأن الكل يجمع الشعر, بمقالة عمر -رضي الله تعالى عنه-، وبقوله قال الإمام مالك، وأحمد في رواية، والشافعي في القديم, وأما القول الجديد للإمام الشافعي هو قول أبي حنيفة: أنه يخيَّر كغيره, وهذا اجتهاد من عمر -رضي الله عنه وأرضاه-، والأصل أننا أمرنا بالعمل بسنته، لكن سنته إذا خالفت ظاهر المرفوع فالعبرة بالمرفوع, والصواب أنه يخير, إذا تمكن من استيعاب الشعر كله بالتقصير, وحديث: ((رب مبلغ أوعى من سامع)). نعم؟

طالب:..............

إذا كان الاحتمال على حد سواء رُجِّح فهم الراوي، لكن إذا فهم الراوي ندَّ فهمه، وذهنه عن فهم الخبر على.., وللمتأخر أن ينظر، لكن شريطة أن يكون فهمه موافقًا لفهم السلف، يعني ينطلق من فهم السلف في الجملة, تكون له صلة قوية بفهم السلف, أما يأتي شخص كقدح الراكب –زنيم- لا دعي, لا صلة له بعلم, ولا بسلف ولا خلف, ثم بعد ذلك يقول: أنا أفهم, نقول: ما تفهم؛ كيف تفهم نصوصًا، وأنت بعيد كل البعد عنها، يعني لو إنسان تخصصه شرعي مثلًا، ودخل في أي علم من العلوم كيمياء أو فيزياء أو أمور أخرى، يعني تدرك بالرأي، لكنه بعيد عنها, يقول: لا, أنا مثلهم مثلهم، ما الفرق؟ هم رجال، وأنا رجل؛ أنا أفهم مثلهم؛ نقول: لا يا أخي؛ ولذا يقول أهل العلم: من تعاطى غير فَنّه أتى بالعجائب؛ ولذا نسمع بعض النصوص يحرفها بعض الكتبة، وبعض المتحدثين, وبعض من ينتسب إلى الثقافة, يحرفونها تحريفًا واضحًا, والنوايا لا يعلمها إلى الله -جل وعلا-، لكن قصدهم -والله أعلم- فيما يظهر وتنضح به كلماتهم مع بعدهم كل البعد عن النصوص, ما عرفوا النصوص إلا لما احتاجوها، فالمسألة خطيرة يحذر مثل هذا. نعم؟

طالب:..............

هم يقولون للحاجة، للحاجة يعني للعلاج ما فيه بأس، لكن لزيادة ترف, إما تجعيد أو نعومة، أو..؛ هذا امتهان. نعم؟

طالب:.............

أين؟

طالب:............

أن عمر..، يدعمه الأثر الأول، يشهد له السند, هو مثل الشمس الأول، الأول مثل الشمس ما فيه إشكال, الثاني شاهد له، إلا أن فيه عدم التفريق, نعم؟

طالب:................

مخالفة من وجه, وموافقة من أصل المسألة, وإلزامه بالحلق شاهد للأول، من هذه الحيثية شاهد, ومخالفته للجمع بين جميع هذه الأمور فيه مخالفة من وجه، وموافقة من وجه.

طالب:...............

التلبيد بالحناء، لكنه يمنع من وصول الماء إلى الشعر، فهذا يزال في وقت الصلاة عند الوضوء, نعم.

أحسن الله إليك.

باب: الصلاة في البيت، وقصر الصلاة، وتعجيل الخطبة بعرفة:

حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد، وبلال بن رباح، وعثمان بن طلحة الحجبي, فأغلقها عليه، ومكث فيها، قال عبد الله: فسألت بلالًا حين خرج, ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: جعل عمودًا عن يمينه، وعمودين عن يساره, وثلاثة أعمدة وراءه, وكان البيت يومئذٍ على ستة أعمدة, ثم صلى.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف, ألا تخالف عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في شيء من أمر الحج, قال: فلما كان يوم عرفة جاءه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما حين زالت الشمس, وأنا معه, فصاح به عند سرادقه: أين هذا؟ فخرج عليه الحجاج, وعليه ملحفة معصفرة, فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرواح, إن كنت تريد السنة, فقال: أهذه الساعة؟ قال: نعم, قال: فأنظرني حتى أفيض علي ماءً ثم أخرج, فنزل عبد الله حتى خرج الحجاج فسار بيني وبين أبي, فقلت له: إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم, فاقصر الخطبة، وعجل الصلاة, قال: فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر كي ما يسمع ذلك منه, فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق سالم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة في البيت، وقصر الصلاة، وتعجيل الخطبة بعرفة"

"الصلاة في البيت" يعني بداخل الكعبة "قصر الصلاة" في أيام الحج بمكة، وبمنى وبعرفة وبمزدلفة, والمناسك, "وتعجيل الخطبة بعرفة" تعجيلها باختصارها، وتقصيرها.

"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد" أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة, هو: ضمير فصل, يؤتى به للتمكن من العطف على ضمير الرفع المتصل, وهنا فيه فاصل وهو الكعبة المفعول, فيجوز حذف "هو" هنا:

وإن على ضمير رفع متصل

أو فاصل ما وبلا فصل يرد

 

عطفت فافصل بالضمير المنفصل

في النظم فاشيًا وضعفه واعتقد

"أو فاصل ما" هنا يوجد فاصل غيره "وبلا فصل يرد * * * في النظم فاشيًا وضعفه واعتقد، يوجد فاصل وهو المفعول "هو وأسامة بن زيد" معطوف, "وبلال بن رباح، وعثمان بن طلحة الحجبي", يعني من الذي دخل مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني ما فيه أحد يريد الدخول مع النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا هؤلاء؟ أو أنه لا فرق بين أسامة بن زيد، وبلال من الموالي وبين أبي بكر وعمر إلا بالتقوى، لماذا اختير مثل هؤلاء في هذا الموضع؟ يعني في أشرف المواضع، دخول البيت؟ ليبين أن الناس سواسية, وأن التقديم والتأخير مرده إلى الدين "هو وأسامة بن زيد، وبلال بن رباح، وعثمان بن طلحة الحجبي" حاجب، من بني شيبة, وهم حجاب البيت وسدنته, والمفتاح معهم، ولا ينزعه منهم إلا ظالم, ولما خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- أعاد المفتاح إليهم, ونزل قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء]، ولا ينزعه منهم إلا ظالم "فأغلقها عليه" دخل وقفل الباب -عليه الصلاة والسلام- "ومكث فيها" من يبادر إلى السؤال, من المتوقع أن يبادر؟ عبد الله بن عمر، لينظر هل صلى, أو لم يصل؟ أين صلى, وكيف صلى؟ لأنه كما تهمه الصلاة, يهمه –أيضًا- موضع الصلاة, وهو ممن يعنى بمثل هذا "قال عبد الله: فسألت بلالًا حين خرج, ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: جعل عمودًا عن يمينه, وعمودين عن يساره، وثلاثة أعمده وراءه" يعني في الخلف "وكان البيت يومئذ عليه ستة أعمدة, ثم صلى" صلى ركعتين في جوف الكعبة, الصلاة في الكعبة -لا سيما النافلة- صحيح، أخذًا من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ولو لم يستقبل جميع البيت, أما بالنسبة للفريضة فأهل العلم عندهم أنه لابد من استقبال جميع البيت, ولو جاز ذلك، لفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو مرة, وهذا الحديث في الصحيحين, متفق عليه.

قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبد الملك بن مروان, نعم؟

طالب:.............

ما يستقيم هذا، هذا جدار قائم, كيف؟ لو أراد ألا يستتر كيف يصنع؟ نعم؟

طالب:..............

استتر بالجدار, هذا لا يدل على الوجوب، بدليل أنه -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار, ثبت أنه صلى إلى غير جدار, نعم؟

طالب: يضعف؟

لا, ما يمكن يضعف هذا، يعني إلى غير سترة, لا, غاية من يقول بوجوب السترة, قالوا: إنه صلى إلى غير جدار، يعني صلى إلى سهم مثلًا أو إلى عنزة, وابن عباس يقول:  يعني إلى غير سترة, صلى إلى غير جدار، يعني إلى غير سترة, وهذا لبيان الجواز, والأدلة الدالة على الأمر بالسترة مصروفة إلى الاستحباب.

قال: "وحدثني عن مالك.." نعم؟

طالب:...........

أين؟ لو أن إنسانًا دخل غرفة، وقفل عليه الباب, ولا يتوقع أن يمر بين يديه أحد؟ لا مانع أن يصلي إلى غير سترة، لكن إن استتر، ودنا منها فهي السنة.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبد الملك بن مروان" الخليفة "إلى الحجاج بن يوسف" وهو أمير الحاج في تلك السنة "ألا تخالف عبد الله بن عمر في شيء من أمر الحج" العبرة بأهل العلم, في العبادات العبرة بأهل العلم, والعلماء يقولون: إن العلماء هم الرؤساء في الحقيقية، وغيرهم تبع لهم؛ ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الرجال، بل يقبض العلم بقبض العلماء, فإذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا))، وفي رواية: ((رؤساء جهالًا)), فدل على أن أهل العلم هم أهل الرئاسة, فلما فقدوا بحثوا عمّن يفتيهم، ولو كان جاهلًا, وسموهم رؤساء, فالرئاسة الحقيقية لأهل العلم, وهكذا كانت على مر التاريخ.

طالب: تعلموا قبل أن تسودوا.

نعم، لابد أن يتعلم الإنسان قبل أن يرأس؛ لأنه إذا رأس قبل يسود أُحرج, ووقع في أخطاء, ولا بد أن يجعل له من ينير له الطريق "أن لا تخالف عبد الله بن عمر في شيء من أمر الحج, قال: فلما كان يوم عرفة" كان هذه تامة, ويوم فاعلها "يوم عرفة جاءه عبد الله بن عمر حين زالت الشمس" يعني مباشرة "وأنا معه" هذا سالم بن عبد الله بن عمر، "فصاح به عند سرادقه" ناداه بأعلى صوته "أين هذا؟" أين هذا؟ يعني أين الحجاج، أين الأمير، أمير الحاج؟ فناداه بأعلى صوته: "أين هذا؟ فخرج عليه الحجاج، وعليه ملحفة معصفرة" يعني ملاءة يجل بها ثيابه "معصفرة"، وقد جاء النهي عن لبس المعصفر، والمزعفر بالنسبة للرجال, لكن هذه قد تكون معصفرة مصبوغة بالكامل, أو يكون فيها شيء من العصفر, المقصود أنه جاء النهي عن ذلك, "فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟" ما الذي عندك، ما الخبر؟ بأعلى صوته, صاح به, ظن أن هناك حدث أو أمر وقع, فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ "فقال: الرواحَ" الرواح, إغراء منصوب على الإغراء، يغريه بالرواح, بالمبادرة في هذا الوقت "فقال: الرواح إن كنت تريد السنة" والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما بات بمنى, صلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر, وجلس حتى طلعت الشمس, دفع إلى عرفة، ونزل دونها حتى إذا زالت الشمس, بمجرد زوالها خروج وقت النهي, صلى الظهر والعصر ودخل في أول الوقت "إن كنت تريد السنة, فقال: أهذه الساعة؟ قال: نعم, قال: فأنظرني" يعني أجلني، انتظر قليلًا "حتى أفيض علي الماء" يعني أغتسل للوقوف, من أجل أن يغتسل للوقوف "ثم أخرج, فنزل عبد الله" لعله نزل من دابته ليريحها انتظارا للحجاج "حتى خرج الحجاج, فسار بيني وبين أبي" سار الحجاج بين عبد الله بن عمر وبين سالم، "فقلت له" سالم, يقول: فقلت له -يعني الحجاج-": إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم, فاقصر الخطبة"، وفي رواية: "فعجل في الرواح" هجَّر "إن كنت تريد السنة اليوم، فاقصر الخطبة، وعجل الصلاة, قال: فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر" يعني يوافق على هذا الكلام أو لا يوافق، فيه أن الطالب له أن يتكلم بحضرة شيخه، لكن الشيخ يسدده إذا أخطأ، "فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر كي ما يسمع ذلك منه" من أجل إقراره أو الإنكار عليه، "فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق سالم" وافقه على هذا, نعم.

أحسن الله  إليك.

باب: الصلاة بمنى يوم التروية، والجمعة بمنى وعرفة:

حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى, ثم يغدو إذا طلعت الشمس إلى عرفة.

قال مالك: والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الإمام لا يجهر بالقرآن في الظهر يوم عرفة, وأنه يخطب الناس يوم عرفة, وأن الصلاة يوم عرفة إنما هي ظهر وإن وافقت الجمعة فإنما هي ظهر, ولكنها قصرت من أجل السفر.

قال مالك في إمام الحاج: إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم النحر, أو بعض أيام التشريق، إنه لا يجمع في شيء من تلك الأيام.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة بمنى يوم التروية" الثامن من ذي الحجة يصلي فيها الظهر والعصر، ثم بعد ذلك يصلي المغرب ليلة التاسع والفجر، "والجمعة" وهل تصلى "بمنى" أو لا تصلى؟ كذلك "عرفة".

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والصبح بمنى, ثم يغدو إذا طلعت الشمس إلى عرفة" وهكذا فعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-.

"قال مالك: والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا" يعني ببلدهم "أن الإمام لا يجهر بالقرآن في الظهر يوم عرفة"؛ لأنها صلاة نهارية، لا يجهر بالقراءة فيها, كحال الإقامة، "وأنه يخطب الناس يوم عرفة, وأن الصلاة يوم عرفة إنما هي ظهر وإن وافقت الجمعة" وفي حجته -عليه الصلاة والسلام- يوم عرفة يوم جمعة, ومع ذلكم ما جمَّع بهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإنما صلاها ظهرًا، "وإن وافقت الجمعة فإنما هي ظهر، ولكنها قصرت من أجل السفر" لا يقول قائل: إنه خطب، وصلى ركعتين الجمعة، وجمع إليها العصر, نقول: لا, هذه ظهر, والخطبة ليوم عرفة لا للصلاة. نعم؟

طالب:............

الخطبة لا ارتباط لها بالصلاة؛ ولذا لا يفعلها أحد غير الإمام, ولو كانت للجمعة، واحتيج لإقامة أكثر من جمعة, خطب الناس حتى من قبل غير الإمام، لكنها ظهر، ويجمع إليها العصر, ولا تجمع صلاة العصر مع الجمعة؛ لأن الجمعة أصل مستقل برأسه, لا تجمع ولا يجمع إليها كالصبح, والنبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:..........

المسافر ليس عليه جمعة وهو في حال سفر؛ ولذا لم يصلِّ الجمعة.

"قال مالك في إمام الحاج: إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم النحر، أو بعض أيام التشريق، أنه لا يجمع في شيء من تلك الأيام" يعني في المشاعر ما فيه جمعة, في المشاعر ما فيه جمعة، لا لأهل مكة ولا للآفاقيين, إنما يصلون الصلوات باستثناء الظهر والعصر يوم عرفة, والمغرب والعشاء بمزدلفة, يصلون  الصلوات قصرًا مع صلاة كل صلاة في وقتها، كل صلاة في وقتها, أنه لا يجمع في تلك الأيام لا في يوم عرفة، ولا في يوم النحر، ولا في أيام التشريق؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يفعل ذلك، نعم؟

طالب: من فرَّق: أن من صلى الجمعة قبل الزوال, ليس له الجمع مع العصر, وإن صلاها بعد الزوال له أن يجمعها مع العصر، له وجه؟

ليس له وجه, الجمعة أصل برأسه كالصبح، لا تجمع، ولا يجمع إليها، نعم؟

طالب:..............

يعني الكلام سيأتي، أنهم جمعوا كلهم, وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- في المسجد: ((أتموا فإن قوم سفر)), ولم يقل ذلك في المشاعر، تأتي الإشارة إليه، نعم؟

طالب:...............

ما فيه إلا الإمام فقط الذي يخطب، أما عداه ما يخطب، نعم؟

طالب:...............

ما يخطبون.

طالب:.............

ما تصلي الجمعة إلا في المسجد, كانت في المسجد.

طالب:............

ما تقام في مشاعر، ما تقام, يقول: "قال مالك في إمام الحج: إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم النحر، أو بعض أيام التشريق، أنه لا يجمع بشيء من تلك الأيام" لكن لو الواحد مثلا في أيام التشريق جالسًا بمنى أو مثلًا تاركًا منى في النهار, نازلًا للمسجد، يصلي جمعة مع الناس, بجواره مسجد, وذهب يصلي إليه، ما يمنع, لكن ما يقام صلاة جمعة في المشاعر, نعم.

أحسن الله إليك.

باب: صلاة المزدلفة:

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا.

وحدثني عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- عن أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما-: أنه سمعه يقول: دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عرفة, حتى إذا كان بالشعب نزل فبال, فتوضأ فلم يسبغ الوضوء, فقلت له: الصلاة يا رسول الله, فقال: ((الصلاة أمامك)), وركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء, ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب, ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله, ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئًا.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عَدِيِّ بن ثابت الأنصاري: أن عبد الله بن يزيد الخطمي أخبره: أن أبا أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أخبره: أنه صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا.

وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصلي المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة بمنى يوم التروية" اليوم الثامن والجمعة, باب ماذا؟ انتهينا من هذا.."باب صلاة المزدلفة" انتهينا من يوم التروية, ويوم عرفة، يوم التروية تُصلَّى الصلوات كل صلاة في وقتها, الظهر العصر والمغرب والعشاء والفجر كل صلاة في وقتها, وتقصر الصلاة في هذا مع التوقيت, وأما بالنسبة لعرفة فسمعنا أن السنة الجمع بين الصلاتين، جمع تقديم بعد الزوال, والسنة التهجير ليطول وقت الوقوف, ثم بعد هذا الصلاة بالمزدلفة.

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا" يعني جمع بين المغرب والعشاء, وهذه هي السنة، يدفع بعد غروب الشمس من عرفة, ثم بعد ذلك إذا وصل المزدلفة بادر بالصلاة، صلاة المغرب والعشاء جمعًا بأذان واحد وإقامتين, وجاء في الصحيح أنها بأذانين وإقامتين, وجاء بإقامتين, وكلها روايات صحيحة, لكن المعول في هذا على حديث جابر؛ لأنه هو الذي ضبط الحجة وأتقنها, هو الذي ضبطها من خروجه -عليه الصلاة والسلام- من بيته إلى رجوعه, فالمعول في مثل هذا عليه, هو يقول: بأذان واحد وإقامتين.

"وحدثني عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول: دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عرفة" أردف النبي -عليه الصلاة والسلام- أسامة من عرفة إلى المزدلفة, وأردف الفضل بن العباس من مزدلفة إلى منًى، يقول: "دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عرفة, حتى إذا كان بالشعب" يعني لو اختلفت رواية ابن عمر مثلًا, فيما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- في الدفع من عرفة إلى مزدلفة مع رواية أسامة مثلًا, من الذي يقدم؟ أسامة؛ لقربه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، لأنه رديفه, قُل مثل هذا في الفضل، "حتى إذا كان بالشعب نزل فبال فتوضأ" -عليه الصلاة والسلام-، احتاج إلى نقض الوضوء, فبال -عليه الصلاة والسلام-، فتوضأ وضوءً لم يسبغه يعني أليس على عادته أنه يسبغ الوضوء؟ الرسول من عادته إسباغ الوضوء، لكن هذا الوضوء لا يريد به الصلاة, وإنما يريد به أن يبقى على طهارة, ولعله للذكر -أيضًا-؛ لئلا يذكر الله إلا على أكمل وجه, لكن لما أراد الصلاة أسبغ الوضوء "فلم يسبغ الوضوء" في الطريق "فقلت له: الصلاة يا رسول الله, فقال: ((الصلاة أمامك))" أمامك يعني في المزدلفة ليس هنا, إنما هي بالمزدلفة, "وركب" -عليه الصلاة والسلام- "فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء" نعم, الآن يريد الصلاة, والإسباغ جاء الأمر به: ((أسبغوا الوضوء)), أسبغوا الوضوء، جاء الأمر به, وجاء التثليث, وجاء إتمام الوضوء عنه -عليه الصلاة والسلام-، والترغيب في ذلك "ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب" الأذان لا ذكر له هنا, لكنه محفوظ من رواية غيره من الصحابة "ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب, ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله, ثم أقيمت العشاء فصلاها, ولم يصلِّ بينهما شيئًا" هنا فصل بين الصلاة الأولى والثانية، بين مجموعتين بإناخة الإبل, كل في منزله, فصار فيه فاصل بين المجموعتين, وهذا بالنسبة لجمع التأخير فيه سعة, بخلاف جمع التقديم "ثم أقيمت العشاء فصلاها, ولم يصلّ بينهما شيئًا" لم يسبح بينهما, إنما صلى المغرب ثم العشاء, وأما السنن فلم يفعل شيئًا منها, حتى نازع بعضهم في الوتر, الذي ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان لا يدعه حضرًا ولا سفرًا, من قول جابر: "فنام حتى أصبح" بعضهم ينازع في هذا, وسيأتي -إن شاء الله تعالى-.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت الأنصاري: أن عبد الله بن يزيد الخطمي أخبره: أن أبا أيوب الأنصاري أخبره: أنه صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا", وهذا ثابت عن جمع من الصحابة, ممن حضر صلاته -عليه الصلاة والسلام- هناك.

"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا" يعني لا يفرق  بينهما، لا يصلي المغرب في وقت, والعشاء في وقت, وعلى هذا يكون أول ما يبادر إذا وصل المزدلفة يصلي المغرب ثم العشاء.

هذا يقول: "بعضهم يقول: لو جاء إلى المزدلفة مبكرًا قبل دخول وقت العشاء، فلا يصلي العشاء حتى يدخل وقتها, وأجاب عن حديث جابر، وفيه: أن المسافة بين عرفة ومزدلفة يحتاج لوقت لو حسبناه لتبين لنا أن وقت المغرب قد خرج؛ لذا فهو قد جمع لذلك؟" يعني جمع تأخير، نعم، الذي يغلب على الظن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع جمع تأخير, لكن الآن أحيانًا تصل المزدلفة بعد ربع ساعة, أحيانًا بعد ربع ساعة من بعد غروب الشمس.

طالب:............

مزدلفة، نعم, وأحيانا لا تصل إلا مع الصبح, هذا وهذا كله حاصل, نعم؟

طالب:.................

الكلام في الصلاة ماذا يصنع؟ المقصود أن الصلاة لا يجوز إخراجها عن وقتها, يصليها في أي مكان.

طالب:..............

نعم؛ لأن هذا جمع تأخير.

طالب:..................

لأن هذا جمع تأخير، ويتوسعون في جمع التأخير.

طالب: في فعل حصل بين المغرب والعشاء؟

نعم, لكن ما حصل من جنس الصلاة، نعم؟

طالب: يجوز الكلام ويجوز.......؟

لا بأس, نعم.

طالب:............

يصلي، إذا خشي على وقته يصلي.

"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي المغرب و العشاء بالمزدلفة جميعًا", نعم؟ ما هو؟

طالب:................

إذا أمكن،.. لكن يكفيه، ما دام المسألة خشي على فوات الوقت, فبالإمكان أن ينزل عن سيارته ويصلي ويعود إليها, أين؟

طالب:.................

ولو صلاها في السيارة حفاظًا على الوقت, وأعادها احتياطًا, لا بأس إن شاء الله.

طالب: على غير القبلة، في السيارة؟

الأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي الفريضة على الدابة، فلا بد أن يقف، ويصلي الصلاة بشروطها وأركانها، لكن أحيانًا لا يستطيع، السيارات من عن يمينه وشماله، وأمامه وخلفه لا يستطيع.

س/ في وقتنا الحاضر تعلمون اختلاف وصول الحملات إلى المزدلفة, فهل كل حملة تصل إلى المزدلفة يلزمها الأذان, أو يكفتى بأذان من وصل إلى المزدلفة؟

السنة أن يؤذنوا، كل يؤذن, نعم.

أحسن الله إليك.

باب: صلاة منى:

قال مالك في أهل مكة: إنهم يصلون بمنى إذا حجوا ركعتين، ركعتين، حتى ينصرفوا إلى مكة.

وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى الصلاة الرباعية بمنى ركعتين, وأن أبا بكر -رضي الله عنه- صلاها بمنى ركعتين, وأن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- صلاها بمنى ركعتين, وأن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- صلاها بمنى ركعتين شطر إمارته, ثم أتمها بعد.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما قدم مكة صلى بهم ركعتين, ثم انصرف, فقال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر, ثم صلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- ركعتين بمنى, ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئًا.

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صلى للناس بمكة ركعتين فلما انصرف قال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر, ثم صلى عمر -رضي الله تعالى عنه- ركعتين بمنى, ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئًا.

سئل مالك -رحمه الله- عن أهل مكة كيف صلاتهم بعرفة، أركعتان أم أربع؟ وكيف بأمير الحاج إن كان من أهل مكة، أيصلي الظهر والعصر بعرفة أربع ركعات أو ركعتين؟ وكيف صلاة أهل مكة في إقامتهم؟

فقال مالك -رحمه الله-: يصلي أهل مكة بعرفة ومنى ما أقاموا بهما ركعتين، ركعتين، يقصرون الصلاة حتى يرجعوا إلى مكة, قال: وأمير الحاج -أيضًا- إذا كان من أهل مكة قصر الصلاة بعرفة، وأيام منى, وإن كان أحد ساكنًا بمنى، مقيمًا بها فإن ذلك يتم الصلاة بمنى, وإن كان أحد ساكنًا بعرفة مقيمًا بها, فإن ذلك يتم الصلاة بها أيضًا.

يقول المؤلف -رحمة الله عليه-: "باب صلاة منى"

"قال مالك في أهل مكة" يسأل عن الصلاة التي قبل الوقوف, والصلاة التي بعد الوقوف في يوم النحر، وأيام التشريق "قال مالك في أهل مكة: إنهم يصلون بمنى إذا حجوا ركعتين، ركعتين، حتى ينصرفوا إلى مكة"؛ وذلكم لارتباط الصلاة بالنسك, والعمدة في ذلك على كونهم صلوا خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- بما فيهم أهل مكة, ومن هو دون مسافة القصر, ولم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: أتموا, أتموا, بينما لما صلى بهم في المسجد, قال: ((أتموا، فإنا قوم سفر)), يدل على أن أهل مكة بمكة لا يقصرون الصلاة، لكن إذا خرجوا إلى المشاعر يقصرون الصلاة, وهذا قول أبي حنيفة ومالك؛ لارتباط هذه الصلاة بالنسك, والذين يقولون: لا يجوز القصر ولا الجمع والترخص, إلا بتحقق المسافة والمدة, يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لهم: ((أتموا)), ولا يلزم أن تقال هذه الكلمة في كل موطن, إذا عرفت العلة: ((أتموا فإنا قوم سفر))، وأنتم حضر, لستم بمسافرين, فلا يحتاج إلى أن ينبه إلى الإتمام في كل مناسبة، يكفي التنبيه الأول, وهذا هو المعروف عند الحنابلة والشافعية، أن من دون مسافة القصر لا يجمع ولا يقصر "أنهم يصلون بمكة إذا حجوا ركعتين، ركعتين، حتى ينصرفوا إلى مكة, وهذا رأيه وموافق رأي أبي حنيفة, وعرفنا رأي الشافعي وأحمد، نعم؟

طالب:.................

يعني فيه قوة, صلى معه بمنى أناس، ما شهدوا ولا سمعوا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أتموا)), فله وجه, ومن عمل بالاحتياط وقال: إن السفر لا بد له من المسافة, وأن الصلاة هذه لا يمكن أن يستبرأ لها, وأن تعمل على يقين, إلا على القول الآخر -أيضًا- له وجه, وحجته أنه بُيِّن، ولا يلزم البيان في كل مناسبة. نعم؟

طالب:................

عند مالك، وأبي حنيفة نفس الكلام. نعم؟

طالب:...............

مسألة: حصول العيد في يوم الجمعة والاكتفاء بالعيد عن الجمعة, وصنيع ابن الزبير، ابن الزبير السياق يدل على أنه أخر صلاة العيد, واكتفى بها عن الجمعة؛ لأنها صارت في وقت صلاة الجمعة, على القول بأن صلاة الجمعة تصح قبل الزوال, وعلى هذا إذا صليت بنية الجمعة، وهي الآكد أغنت عن العيد, ولا يمنع أن يكون ابن الزبير صلاها عيدًا، ولم يخرج إليهم إلا إلى وقت العصر، أنه صلاها ظهرًا، ولم يخرج إليهم, صلاها في حيه, ولم يأت إلى المسجد الذي يجتمع في الناس كلهم, وعلى كل حال القول بالاكتفاء بالعيد عن الجمعة والظهر قول شاذ, وعامة أهل العلم أن العيد تغني عن صلاة الجمعة لكنها لا تغني عن الظهر, فلا بد من الإتيان بها.

هنا يقول: "وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى الصلاة الرباعية بمنى ركعتين, وأن أبا بكر صلاها بمنى ركعتين, وأن عمر بن الخطاب صلاها بمنى ركعتين, وأن عثمان صلاها بمنى ركعتين" وهذه هي السنة، اقتداء بفعله -عليه الصلاة والسلام- "شطر إمارته" يعني جزء, ويحتمل أن يكون النصف، أو أكثر أو أقل، من إمارته، ثم بعد ذلك أتمها "ثم أتمها بعد" متأولًا، وهو أنه إمام المسلمين, والبلدان في حقه سواء, ولا فرق بين مكة والمدينة كلها بالنسبة له سواء, فهو أمير على الجميع، والبلدان كلها تابعة له, وحينئذ يتم الصلاة, هذا تأول -رضي الله عنه وأرضاه-، وعائشة –أيضًا- تأولت كما تأول عثمان, وأنها أم المؤمنين، وفي كل مكان لها بيت ومسكن وأولاد, فهي تأولت مثلما تأول عثمان, وخالفهم من خالفهم, ابن مسعود وغيره صرح بما صرح به. والعبرة بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب: "أن عمر بن الخطاب لما قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم انصرف، فقال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر" وهذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- عام الفتح، أمرهم بالإتمام, معللًا بأنهم قوم سَفْر، سفر: جمع مسافر، أصل جمع سافر، كصحب جمع صاحب, وركب جمع راكب, فسفر جمع سافر, والسافر هو المسافر، "ثم صلى عمر بن الخطاب ركعتين بمنى ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئًا"، وهكذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ عنه أنه قال لهم: أتموا بمنى.

قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر بن الخطاب صلى للناس" يعني صلى بهم "بمكة ركعتين"؛ لأنه مسافر، "فلما انصرف، قال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر, ثم صلى عمر ركعتين بمنى ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئًا"، كسابقه.

"سئل مالك عن أهل مكة: كيف صلاتهم بعرفة، أركعتان أم أربع؟ وكيف بأمير الحاج إذا كان من أهل مكة، أيصلي الظهر والعصر بعرفة أربع ركعات أو ركعتين؟ وكيف صلاة أهل مكة في إقامتهم؟"

فأجاب: "فقال مالك -رحمه الله تعالى-: يصلي أهل مكة بعرفة ومنى ما أقاموا بهما ركعتين، ركعتين, يقصرون الصلاة, حتى يرجعوا إلى مكة" والعمدة في ذلك كونه -عليه الصلاة والسلام- لم يأمر أحدًا بالإتمام, "قال: وأمير الحاج –أيضًا- إذا كان من أهل مكة قصر الصلاة بعرفة" يعني ولو لم تتحقق مسافة القصر, "وأيام منى وإن كان أحد ساكنا بمنى مقيمًا بها، فإن ذلك يتم الصلاة بمنى" إذ لا يتصور أن الشخص يجمع ويقصر في موطن إقامته, مسألة المسافة، وقد اختلف فيها العلماء -كما هو معروف- قابلة للاجتهاد, لكن بدون مسافة، في بيته يجمع ويقصر. نعم؟

طالب:.....................

ليس له ذلك؛ ولذا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل مكة بأن يتموا، "وإن كان أحد ساكنًا بمنى مقيمًا بها, فإنه يتم الصلاة بمنى، وإن كان أحد ساكنًا بعرفة مقيمًا بها" فإنهم يتموا، "فإن ذلك يتم الصلاة بها -أيضًا-" هو الذي يظهر، أما السفر ما تحققت المسافة عندهم, هو الذي يظهر مثل رأي مالك.

طالب:...............

نعم، تريد أن تقول لي: إنه ما فيه فرق بين المقيم، وغير المقيم، يعني الذي انتقل من مكان إلى مكان، نعم؟

طالب:..............

أنا أعرف، أنا أقول: من انتقل من بيته, من مكان إلى مكان, وترك بيته وموطن إقامته, ولو كان قريبًا، يتضح مسألة: ترجيح النسك على المسافة, لكن من لم ينتقل, ممن يرجح بالنسك فقط، نعم؟

طالب:..............

على كل حال من أهل العلم من يقول بالقصر, حتى لأهل مكة بمكة, لكن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أتموا فإنا قوم سفر)), نص في هذا. نعم؟

طالب:.................

قصروا بمنى, وبعرفة قصروا, وبمزدلفة قصروا, وبالمشاعر قصروا، لكن في بيوتهم لا، لو طردناه للنسك, قلنا: حتى أهل مكة يقصرون، حتى أهل مكة في بلدهم, والمقيمون بمنى يقصرون, لكنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أتموا)), يدل على أن المقيم في محل إقامته ليس له ذلك, "سُئل مالك.." نعم؟

طالب:................

نعم؛ لأنه لا يوجد سكان بالمشاعر في ذلك الوقت, لو وجد سكان يمكن يقول لهم: أتموا, وعلى كل حال عدم التنبيه على أمر مشترط لصحة العبادة, لا يلزم أن يكون..., أقول: التنبيه لا يلزم في كل مناسبة, مثل ما مضى الكلام في قطع الخفين, "ثم صلى عمر ركعتين بمنى ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئًا".

"سئل مالك عن أهل مكة".. انتهينا؟

طالب: قال: وأمير الحاج .....

نعم "قال: وأمير الحاج –أيضًا- إذا كان من أهل مكة قصر الصلاة بعرفة" يعني بغض النظر عن تحقق المسافة كأهل مكة "وأيام منى، وإن كان أحد ساكنًا بمنى مقيما بها, فإنه يتم الصلاة بها, وإن كان أحد ساكنًا بعرفة مقيما بها فإنه يتم الصلاة بها –أيضًا- لذلك, نعم.

باب: صلاة المقيم بمكة ومنى:

حدثني يحيى عن مالك أنه قال: من قدم مكة لهلال ذي الحجة، فأهل بالحج, فإنه يتم الصلاة حتى يخرج من مكة لمنى، فيقصر؛ وذلك أنه قد أجمع على مقام أكثر من أربع ليال.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب صلاة المقيم بمكة ومنى" المقيم، يعني الذي خرج من مكة إلى منى هذا ليس بمقيم, أما من كان له بيت يسكنه بمنى, أو بعرفة, أو بمزدلفة, أو من أهل مكة في مكة.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه قال: من قدم مكة لهلال ذي الحجة، فأهل بالحج, فإنه يتم الصلاة" يعني هو لو كان آفاقيًّا, ولو كان ضرب المسافات الطويلة, فإنه يتم الصلاة؛ لأنه يجلس أكثر من أربعة أيام، من قد مكة لهلال ذي الحجة يقيم إلى اليوم الثامن، أكثر من المسافة المشترطة للترخص عند مالك، وغيره من أهل العلم، مالك والشافعي وأحمد. نعم؟

طالب:...............

المسافة عندهم أربعة أيام, وعند أبي حنيفة خمسة عشر يومًا, وكلهم يقولون بالتحديد، "فأهل بالحج فإنه يتم الصلاة حتى يخرج من مكة لمنى، وذلك أنه قد أجمع على مقام أكثر من أربعة أيام" فإذا عزم المسافر للإقامة في مكان واحد أكثر من أربعة أيام, فإن حكمة حكم المقيم, وهذا معروف قول أكثر أهل العلم, وإن كانت الأدلة قد لا تنهض إلى الإلزام بمثل هذا، لكن الاحتياط للصلاة, والاهتمام بشأنها, وعدم تضييعها, وتذرع بعض الناس بالترخص من غير رخصة، يحتاط لمن هذا, وكان الشيخ ابن باز -رحمه الله- يفتي بالإطلاق, وأنه لا مسافة ولا مدة, إنما إذا وجد السبب الذي هو السفر حصل الترخص, ثم بعد ذلك رجع إلى قول الجمهور, فحدد بالمدة والمسافة؛ احتياطًا للدين، وإبراء للذمة، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: تكبير أيام التشريق:

حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خرج الغد يوم النحر، حين ارتفع النهار شيئًا فكبر, فكبر الناس بتكبيره, ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار, فكبر, فكبر الناس بتكبيره, ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر, فكبر الناس بتكبيره, حتى يتصل التكبير ويبلغ البيت فيعلم أن عمر قد خرج يرمي.

قال مالك: الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات, وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر, وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق, ثم يقطع التكبير.

قال مالك: والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء, من كان في جماعة أو وحده بمنى، أو بالآفاق كلها واجب, وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج، وبالناس بمنى؛ لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل, فأما من لم يكن حاجًّا, فإنه لا يأتم بهم إلا في تكبير أيام التشريق.

قال مالك -رحمه الله-: الأيام المعدودات أيام التشريق.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب تكبير أيام التشريق".

التكبير، جاء الأمر به "الذكر": {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [(27) سورة الحـج]، وجاء –أيضًا- الأمر به في الأيام المعدودات, فالأيام المعلومات أيام العشر, والأيام المعدودات أيام التشريق, فيسن التكبير من دخول عشر ذي الحجة, وهذا يسميه أهل العلم: التكبير المطلق, وينتهي بغروب شمس آخر أيام التشريق, هذا المطلق الذي لم يطلق بأدبار الصلوات؛ ولذا كان عمر -رضي الله عنه- يخرج في اليوم ثلاث مرات، أو أكثر فيكبر في أيام التشريق, فيسمعه الناس، ويكبرون بتكبيره, فترتج منًى بالتكبير, فدل على أن المطلق يستمر إلى آخر أيام التشريق, وأما المقيد بأدبار الصلوات, هذا يبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق, هذا بالنسبة لغير الحاج, وأما الحاج المشتغل بالتلبية فإنه يبدأ من صلاة الظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق, ومنهم من يقول: إلى فجر آخر أيام التشريق, المقصود أن التكبير المطلق عرفنا وقته, ومشروعيته, بالنصوص، بالأدلة؛ بالآيتين, وغيرهما, أما بالنسبة للتكبير المقيد, وقد ثبت عن بعض السلف, من الصحابة وغيرهم, وبعضهم يقول: ما دام ما فيه شيء مرفوع, والتعبد يحتاج إلى شيء مرفوع, فهو ليس بمشروع, وقد تجرأ بعضهم، فقال: بدعة, هو معروف عن سلف هذه الأمة، ويقابل هذا القول، القول: بأنه بدعة, يقابله قول الحسن البصري -رحمه الله-: وأن المسبوق للصلاة, الآن يسلم الإمام، ويبدأ بالتكبير مباشرة, والناس معه, المسبوق متى يكبر؟ الحسن البصري يقول: يكبر مع الإمام, فإن انتهى من التكبير، أتم صلاته. نعم؟

طالب:............

أقول: هذا القول منسوب للحسن البصري، يجعل في مقابل من جعله بدعة, في نحر من جعل التكبير بدعة, وإذا قلنا: ليس ببدعة, ولا يصل إلى هذا الحد, بأن يكبر في أثناء الصلاة, لا هذا، ولا هذا, يقال: ما دام ثبت عن سلف هذه الأمة، فيفعل, ويكون وقته من صلاة فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق, هذا بالنسبة لغير الحاج, وأما الحاج فيكون من صلاة الظهر يوم النحر؛ لأن الحاج مشغول بالتلبية قبل ذلك.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب خرج الغد" يعني في الغد من "يوم النحر" يوم الحادي عشر "حين ارتفع النهار شيئًا", يعني قدرًا معلومًا "فكبر, فكبر الناس بتكبيره" هذا مطلق أم مقيد؟ مطلق؛ لأن المقيد بأدبار الصلوات "ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار، فكبر, فكبر الناس بتكبيره, ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر, فكبر الناس بتكبيره, حتى يصل التكبير ويبلغ البيت" يعني من قوة الأصوات المجتمعة، يعني ولو كانت ليست قوية بمفرداتها، لكنها إذا اجتمعت زادت قوتها "فيعلم أن عمر قد خرج يرمي" يعرفون الناس إذا حصل هذا التكبير, وعمر الذي يبدأ به, عرفوا أن هذا الصوت أثر يدل على مؤثر، وهو فاعله, وحينئذ يعرفون خروج عمر إلى الرمي بالتكبير.

"قال مالك: الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات" يعني ماذا؟

طالب: مقيد.

مقيد "دبر الصلوات, وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر"؛ لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية، "وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق, ثم يقطع التكبير" لكن عندما يقول: "الأيام المعدودات أيام التشريق", وقد أمرنا بالذكر فيها, والتكبير من الذكر الذي أمرنا به, واليوم يشمل إلى النهار كله إلى غروب الشمس, فكيف يقول: إلى صلاة الصبح؟ ثم يقطع التكبير.

"قال مالك: والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء" يعني على حد سواء، فالنساء شقائق الرجال, لكن إذا كن بحضرة رجال أجانب فإنهن يخفضن الصوت؛ لئلا يفتن الرجال "من كان في جماعة أو وحده" المنفرد يكبر عند الإمام مالك, ومنهم من يقول: إن التكبير المقيد خاص بأدبار الصلوات مع الإمام في المساجد "في جماعة أو وحده بمنى، أو بالآفاق" كلهم يكبرون "كلها واجب" كلها واجب, ولعل المراد بالواجب هنا المتحتم المتأكد, كما في حديث: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)), لا يلزم منه الإثم، لكنه متحتم متأكد، لا ينبغي أن يضيع "وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج"، ((إنما جعل الإمام ليؤتم به))، وهذا منه, فيؤتم به فلا يتقدم عليه، فلا يتقدم عليه بشيء "وبالناس بمنى؛ لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم"، وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج, وهو الإمام الأعظم للأمة، أو من ينيب الإمام الأعظم, "وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج, وبالناس بمنى" الإنسان يأتم بالناس بمنى إذا خفي عليه الأمر يصنع مثل ما يصنعون الناس، لكن من المراد بالناس؟ هم الذين يقتدى بهم؛ "لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم" فإذا كانوا يأتمون بهم في سائر الأيام، يأتمون بهم في المناسك "حتى يكونوا مثلهم في الحل" وبالناس بمنى؛ لأنهم إذا رجعوا، وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل, "فأما من لم يكن حاجًّا, فإنه لا يأتم بهم إلا في تكبير أيام التشريق"، ولا شك أن غير الحاج مطالب بالذكر في الأيام المعلومات، والمعدودات, فيتجه إليه الاستحباب المؤكد في الذكرين المطلق والمقيد.

"قال مالك: الأيام المعدودات أيام التشريق"، وقد تقدم, نعم؟

طالب:..............

نعم, يعني يكبر عمر ثم يكبر الناس بتكبيره, هذا ليس فيه دليل على التكبير الجماعي؛ لأن هذه الجلبة، وارتفاع الأصوات تكون بمجرد الاجتماع, نعم؟

طالب:................

كلام مجموع الناس يحصل منه هذا، بدليل أنه لو كان كل واحد يقرأ, لو تدخل في المسجد الجامع واحد يقرأ بصوت منخفض, ليس سرًّا, بصوت منخفض, لا تتبين ما يقول ولا تدري ما يقول, ولا تسمع حتى ولا صوت يمكن, لكن لو كان معه ثان وثالث وعشرة ومائة وألف، كلهم في آن واحد, وهذا في البقرة، وهذا في النساء, وهذا في آل عمران, وهذا في الناس, وهذا في الجزء الأول، وفي الأخير, وبمجموع الأصوات ألا يحصل جلبة من هذه الأصوات؟ هذا مجرب, ولا يلزم منه أن يكون جماعيًّا في آن واحد، نعم؟

طالب:...............

ما هي؟ يعني يقتدون به، انتهى من التكبير كبر, هذا لحقه في آخر التكبير، وهذا في أوله, وهذا في التكبيرة الأولى, وهذا في الثانية, ما يضر هذا.

لا ما يلزم منه أن يكون جماعيا أبدًا.

طالب:................

على كل حال قيل به، لكنه لا ينهض, والشواهد والأحوال ظاهرة، أنت ادخل الجامع تسمع الأصوات المرتفعة, وهم لو كل واحد بمفرده ما سمعت شيئًا.

طالب:..................

والله ما حفظ, ما حفظ تكبير جماعي أبدًا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يضع حلقه، ويكبر، ثم يرددون وراءه.

طالب: اقصد صادف يا شيخ تكبيرهم تكبيرًا جماعيًّا؟

ما هو؟ ما هو بجماعي, هذا واضح يا إخوان.   

طالب:...................

من دون قصد, يعني كبر، وكبروا معه اقتداءً به, ما لم يحدث اتفاق بينهم؟

طالب: بدون قصد وحصل اتفاق بينهم, بدون قصد؟

ما يمكن يحصل.

طالب:...................

لا, واحد يغفل, وواحد ما ينتبه إلا إذا انتهى زميله, وواحد..، تعرف الناس ما يمكن يتفقون على شيء.

والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا يقول فيمن يرغب الزواج ولديه بيت ولا يستطيع تكاليف الزواج، وهو بحاجة ماسة للزواج ويخشى على نفسه، ماذا يفعل؟

من أهل العلم من يفتيه بأخذ الزكاة؛ لأن هذه حاجة أصلية، لكن لو اقترض لو اقترض للزواج، ثم أخذ من الزكاة باعتباره غارما، فلا يختلف في ذلك يقترض أولا ثم يكون غارما فيسدد هذا القرض من الزكاة، ولا يخالف في مثل هذا أحد، لكن لو أخذ الزكاة وجمعها قبل الزواج يوجد من يفتيه؛ لأنها حاجة أصلية.

يقول: سمعنا أن هناك من يقول: إنه سمع أصوات أهل القبور وهم يعذبون، يقول سؤالي: هل ذلك بالإمكان؟ نأمل منكم تأصيل هذا من جهة الشرع.

أولاً عذاب القبر من الأمور الغيبية التي جاءت الأدلة التي تبلغ حد القطع بثبوتها، وأن الميت المخالف يعذب في قبره الكافر والمنافق جاء في حقه ما جاء، والعاصي أيضا بعض العصاة جاء أنهم يعذبون في قبورهم، كالذي يمشي بالنميمة والذي لا يستنزه من البول، هذا أمر لا مراء فيه ولا إشكال، ومع ذلكم ليس بالإمكان أن يطلع عليه أحد؛ لأنه لو سمعه الإنسان لصعق والعذاب يسمعه كل أحد إلا الثقلين الجن والإنس، فمثل هذا الكلام لا يلتفت إليه، من يزعم أنه سمع عذاب القبر نقول له: لم تصدق ولو كان مسلما، فضلا عن كون هذا الأمر يرد من كفار يريدون التشكيك في ديننا، فإذا وافقناهم على أنهم سمعوا، ثم نفوا بعد ذلك، ماذا يكون موقفنا؟ ثم نفوا بعد ذلك لا شك أنه يعرض عقيدة المسلم للتردد والتذبذب، فمثل هذا لا يلتفت إليه ولو قاله مسلم، فضلا عن أن يرد من كفار، وأهداف الكفار ووسائل الكفار لتشكيك المسلمين معروفة ولو اغتر بهم من اغتر ممن ينتسب إلى العلم، عذاب القبر لا يسمعه إلا غير المكلفين، أما المكلفون من الثقلين الجن والإنس لا يسمعون وجاء نفي ذلك.
طالب: ..................
نعم فيه حديث: «لولا أن تدافنوا»، وفي رواية: «لولا ألا تدافنوا لأسمعتكم لدعوت الله أن يسمعكم»، فمثل هذا لو سمعه الإنسان لصعق جاءت بهذا النصوص، أما الأصوات التي وجدت في الشريط أجزم جزمًا باتًا لو أن هذا المسجل وضع في المطار مثلاً لسجل من الأصوات أعظم من هذه الأصوات، لو وضع في المطار مع أزيز الطائرات واختلاط الأصوات يمكن يسجل أعظم من هذه الأصوات، أما يرد علينا من كفار نقول: هذا ليس بصحيح أصلاً، هذا مرفوض قطعًا.

هذا يقول: أرجو أن توجزوا القول في هذا البلاء المستطير المسمى ستار أكاديمي لما رأيناه من المصائب في المدارس، وجزيتم خيرا.

الفتاوى صدرت من أهل العلم بتحريمه، صدرت الفتاوى بتحريمه ولا شك في ذلك ولا إشكال فيه، وهذا لا شك أنه طريق من طرق تسهيل الجريمة، وطرق اتصال الرجال الأجانب بالنساء والعكس، والشرع يحرم ما هو دون ذلك، فكيف بمثل هذا، والآثار التي ترتبت عليه بعد ما يدعى من الفوز وهو خسران للدنيا والآخرة، سواء من كان ممن ربح الصفقة وهو الخاسر، أو ممن دعمه وشجعه، كلهم في خسار وعمله في تباب، نسأل الله السلامة والعافية. اتصال رجال بنساء وإعجاب من الطرفين من الجنسين ببعض هذا لا يشك عاقل في تحريمه، لا يشك غيور ولو كان فاسقًا، ولو كان فاجرًا وكان يزاول المنكرات، لا يشك في منع مثل هذا، في مثل هذا لا يروج له إلا مفتون نسأل الله السلامة والعافية.

يقول هذان السؤالان عن حكم حلق اللحية وتقصير اللحية؟

أما حلق اللحية فهو حرام والأمر بإعفائها وإكرامها ومخالفة اليهود ومخالفة المجوس كل هذه أدلة تدل على تحريم حلقها، وأما تقصيرها فأدلة وجوب إعفائها تمنع من تقصيرها، ولا تعارض الأدلة المرفوعة الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بفعل أحد كائنًا من كان، إذا خالف أحد ممن عُرف بالتحري والاقتداء والائتساء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- خالف ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فالعبرة بما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- وهذا اجتهاد من المخالف على كل حال، لكن لا يلتفت إليه مع وجود ما يعارضه ممن أمرنا بالاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-.