بلوغ المرام - كتاب الصلاة (36)
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
فيقول الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر في بلوغ المرام:
وعن أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا" فرفع يديه ثم قال: ((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)) فذكر الحديث، وفيه الدعاء بإمساكها" متفق عليه"
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.
ولا يزال الحديث في أحاديث الاستسقاء، هذا الحديث حديث: "أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب" وهذا نوع من أنواع استسقائه -صلى الله عليه وسلم-، وتقدم ذكر الأنواع نقلاً عن ابن القيم أنه استسقى في الصلاة ثم الدعاء، واستسقى بالدعاء فقط دون صلاة، واستسقى بالخطبة على المنبر دون جمعة، واستسقى في خطبة الجمعة، واستسقى وهو جالس في المسجد، واستسقى عند أحجار الزيت، واستسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء، وأجيب -عليه الصلاة والسلام- في جميع استسقاءاته، استسقى-عليه الصلاة والسلام- يوم الجمعة على المنبر بطلب من هذا الداخل، الذي لا يعرف اسمه كما قال الحافظ ابن حجر، لم يقف في شيء من الطرق على اسمه.
"عن أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً" هذا مبهم لم يتم تعيينه في الروايات الأخرى "دخل المسجد يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال" دخل هذا الرجل والحال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب "فقال: يا رسول الله هلكت الأموال -هلكت من القحط والجدب وما يقيتها وما تقوم به حياتها- وانقطعت السبل" انقطعت السبل الطرق، لماذا؟ لأن الدواب التي تسلك هذه السبل هلكت، أو لأنه لا يوجد في هذه السبل شيء تأكله الدواب فيخشى عليها من التلف، فلا يسافر عليها، ولا ينتقل عليها من مكان إلى مكان، أو أنه لا يوجد من البضائع بسبب الشدة في هذه السنة ما تنقله الدواب "هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله" فادع الله يلتمس من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يدعو الله -عز وجل- "فادع الله أن يغيثنا" فادع الله يغيثنا كذا بالياء إعرابها؟ إذا قلت: ذاكر تنجح، ذاكر تنجح، تنجح؟ نعم؟
طالب:......
مجزوم لأنه جواب الطلب، أو جواب شرط مقدر، وهنا "فادع الله -عز وجل- يغيثنا" {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي} [(5-6) سورة مريم] لو قلنا: جواب الطلب لقنا يرثْني، وهنا لو قلنا: جواب الطلب لقال: يغثْنا، ها ما يكون إعرابها؟ نعم؟
طالب:......
كيف؟
طالب:......
وين المجزوم؟
طالب:......
(ادع) فعل أمر مبني على الجزم معروف هذا ما في إشكال، يغيثنا الكلام.
طالب:......
على إيش؟
طالب:......
ما يجي جواب الطلب، إذا بغينا جواب الطلب لا بد أن نقول: يغثنا إذا قلنا: جواب الطلب، {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا -إيش؟- * يَرِثُنِي} [(5-6) سورة مريم] يرثُ: فعل مضارع مرفوع، لو قلنا: جواب الطلب قلنا: يرثْني وهنا: يغيثنا، لو قلنا: جواب الطلب قلنا: يغثنا، نعم.
طالب: يا شيخ أولاً: جاء في رواية: "يغثنا" في بعض الروايات.
طيب.
وفي هذه: خبر لمبتدأ محذوف: "هو يغيثنا".
طالب:......
كيف؟
طالب:......
لا ما يلزم ما نبي ننصبه، نعم لو أردنا نصبه بأن المضمرة بعد واو المعية وفاء السببية قلنا هذا الكلام، لكن نريد جزمه إحنا، نعم الجواب: أنه جاء في رواية على أنه مجزوم جواب الطلب، نعم.
طالب:......
كيف؟
طالب:......
منفصلة بإيش؟
طالب:......
يعني مالها ارتباط بالأمر (ادع)؟ ليس لها ارتباط بالطلب المتقدم (ادع)؟ نعم؟
طالب:......
ويش هو؟....... ما تجي يا أخي، ما تجي، يعني لو مشت على القاعدة المعروفة قال: يغثنا وانتهى الإشكال، نعم؟ ووجه التأدب إيش؟ كيف؟ يعني الصواب فيها الراوية على القاعدة، نعم؟ ويغيثنا؟ يعني هذه مروية بالمعنى؟
طالب:......
نعم عادي تخريجها سهل، نعم هذه نعم ترد عليك الآية، ترد عليك الآية، يغيثنا هذه هي جواب لـ(ادع) جاءت في بعض الروايات على أنها مجزومة جواب الطلب، وهذا الرواية بالمعنى، الرواية بالمعنى جائزة، وحتى من رواها بالمعنى على هذا يمكن تخريجها على القواعد بأن يقال: خبر لمبتدأ محذوف هو يغيثنا، أو تقول: الياء هذه للإشباع {إنه من يتقي ويصبر} يتقي ويصبر بقراءة إشباعها.
ألم يأتيك والأنباء تنمي |
| ................................... |
إشباع، فالتخريج من حيث العربية أمره سهل، يعني ما لم يكن عاد خطأ واضح ما له..، لا يمكن تصويبه.
"يغيثنا" يعني يرسل علينا الغيث الذي هو المطر الذي بسببه والله -جل وعلا- هو المسبب، وهو النافع الضار، يحصل لنا الغوث والغيث من الشدة واللهف الذي نعيشه، "فرفع النبي -عليه الصلاة والسلام- يديه" رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يديه داعياً الله -جل وعلا-، ورفع اليدين في الدعاء ثابت، وفيه أكثر من مائة حديث، بل فيه المصنفات ألفت في أحاديث رفع اليدين في الدعاء.
"فرفع يديه ثم قال: ((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)) استجاب النبي -عليه الصلاة والسلام- لطلب هذا الرجل "فذكر الحديث" بتمامه "وفيه الدعاء بإمساكها" بإمساك السحاب عن الإمطار "متفق عليه".
وتمامه كما في صحيح مسلم: "قال أنس: "فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من روائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً" سبتاً يعني أسبوعاً كاملاً، يعبرون باليوم على الأسبوع، لأنه نزل المطر يوم؟ يوم إيش؟ الجمعة، إلى الجمعة القادمة لما دخل الأعرابي مرة ثانية، أسبوع كامل "فو الله ما رأينا الشمس سبتاً" ثم دخل رجل ولا يدرى، أنس لا يدري هل هو ذلك الرجل أو غيره لما سئل؟ أو رجل أخر احتمال أو هو نفسه؟ ثم دخل رجل؛ لأنه لو كان الرجل لقال: "ثم دخل الرجل" لأن مقتضى التعبير أن النكرة إذا أعيدت نكرة صار غيره، وإذا أريد نفس الرجل السابق أعيد معرفة {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [(16) سورة المزمل] هو الرسول السابق الذي ذكر، فإذا أريد عينه أعيد معرفة، ومع ذلكم قال شريك: فسألت أنس بن مالك أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري، ثم دخل رجل من ذلك الباب نفس الباب الذي دخل منه الرجل الأول في الجمعة المقبلة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، هلاكها الأول بسبب تأخر المطر، الهلاك الأول بسبب المطر، وهلاكها الثاني بسبب كثرة المطر، وبنو أدم مسكين ضعيف لا يحتمل هذا ولا هذا، ليس لديه حول ولا قوة، لكن إذا كانت الأمور ماشية على ما يريد ظلوم جهول، جبار عنيد، ثم بعد ذلك إذا اعتراه أدنى ما يعتريه ضعف وانكسر خنع وخضع، فعلى الإنسان أن يعرف قدر نفسه، ولا يرفعها ولا يعطيها أكثر من حجمها، فالإنسان إذا عرف قدر نفسه ارتاح وأراح الناس من شره، والله المستعان.
"ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب فستقبله قائلاً: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكْها" أو يمسكُها كسابقه، وفيه ما فيه، ما قيل في الأول "يمسكها عنا، قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه ثم قال: ((اللهم حوالينا ولا علينا))" يعني أبعدها عن الأماكن الآهلة، تعرفون ما يحصل بسبب كثرة الأمطار وهو الغيث الذي يخرج الناس لطلبه، ما يخرج من الأضرار، ولذا الدنيا مجبولة على كدر، هذا الناس يخرجون لطلبه، ومع ذلكم يتضررون به، والخير المحض الذي لا يشركه أدنى شر وأدنى ضرر إنما هو في الجنة، فليكن سعينا وجدنا واجتهادنا إلى تحصيل هذا الخير الذي لا يشركه ضر، وأما خير الدنيا الذي يشوبه الشر والضر مثل هذا يطلب منه الإنسان بقدر ما يعينه على بلوغ غايته، ولا تنسى نصيبك من الدنيا، مع كون الإنسان جهده كله للدنيا، وينسى الآخرة بحيث يحتاج إلى التذكير بها كما هو حال كثير من الناس، جل الناس على هذا، والله المستعان.
((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام)) جمع: أكمة ((والضراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر)) تعرفون الكوارث التي تحصل بسبب كثرة السيول والفيضانات لا يطيقها الناس، الماء الذي هو عنصر من عناصر الحياة لا يستغني أحد {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [(30) سورة الأنبياء] ومع ذلكم يحصل منه ما يحصل فكيف بغيره؟
"قال: فنقلعت فخرجنا نمشي في الشمس" انقلعت يعني توقفت وانجابت عن السماء السحب والغيوم المتراكمة فخرجوا يمشون في الشمس، وانظر كيف يتلذذ الناس بالشمس بعد هذا الأسبوع؟ الله المستعان، وبالمقابل كيف يتأذى بها الناس إذا زاد حرها؟ وهكذا أمور الدنيا كلها بهذه الطريقة، يوم كذا ويوم كذا، وليست هذا الدنيا بدار قرار، ولذا جبلت على هذه الأكدار، فلنعرف قدرها، فالمطر إذا تأخر يشرع الاستسقاء، وإذا زاد يطلب كشفه لما يترتب عليه من ضرر كما في هذا الحديث، لكن إذا وجه ولي الأمر بالاستسقاء، وضرب يوماً يخرجون فيه كما يحصل الآن في هذه البلاد، وبعض البلدان نزل عليه مطر كثير، نزل عليه مطر كثير، وبعضها بحاجة إلى مطر، فهل يشرع الاستسقاء للجميع أو الذين أغيثوا لا يحتاجون إلى استسقاء؟ فالاستسقاء طلب السقيا وهؤلاء كيف يطلبون السقيا وعندهم المطر كثير جداً، لا شك أن الإقليم والقطر كالبلد الواحد كالبلد الواحد، وولي الأمر إذا أكد على الجميع الخروج إلى الاستسقاء يخرجون، ويطلبون السقيا لإخوانهم، والذي لا يشعر بحاجة إخوانه ولم يهتم بأمور المسلمين على خطر، على خطر، فلا يقول قائل: إن مادامت الأمطار عندنا كثيرة لماذا نستسقي؟ لا تستسقي يا أخي، تطلب السقيا وأن تكون هذه السقيا سقيا رحمة، لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق، على ما سيأتي في بعض الروايات، المقصود أن هذا يتردد كثيراً حينما يؤمر بصلاة الاستسقاء ثم يقول: كثرت علينا السيول فلسنا بحاجة إذاً ما نستسقي، تستسقي يا أخي، وقد تكون الفوائد ظاهرة وقد تكون باطنة، أنت لا تقدر حاجتك من الماء، نعم أنت لا تقدر الحاجة، اسأل ربك أن يسقيك، ويسقي إخوانك في جميع الأقطار، وما يحتاج إليه من المياه التي تسلك في الأرض وتسمونها المياه الجوفية، وبعض الناس جبلة لا يريد المطر، ووجد من يخاف وقت المطر فهو يكره المطر، فضلاً عن أهل الترف الذين لا يريدون المطر من أجل توسيخ ثيابهم وسياراتهم، ويكره المطر لأنه مغسل السيارة مدري بكم؟ ومغسل الثوب والشماغ، يعني هذه توافه يعني لو يتصور يوم من الأيام أنه بيموت عطش يلتفت إلى مثل هذا الأمور؟! وبعض التجار الذين يدخرون الأقوات أهل الادخار والاحتكار بعضهم يكره المطر؛ لأنه إذا نزل المطر تبعه الخير، فرخصت الأسعار، وما استفاد من الاحتكار، بل قد يتضرر لأنه يأتي أشياء جديدة عنده سمن قديم وإقط قديم فإذا نزل المطر وضرب الناس بعطن عنده مشكلة، في حساباته التجارية خسران، لكن أولاً: عليه أن يتهم بشأن المسلمين كلهم، ولا ينظر إلى مصلحته الخاصة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) وإذا كان بلدك ليس بحاجة إلى مطر لكثرة السيول فإخوانك بأمس الحاجة، وقد تكون أنت بحاجة وأنت لا تشعر، والله المستعان، سم.
"وعن أنس -رضي الله عنه- أن عمر -رضي الله عنه- كانوا إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، وقال: "اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون" رواه البخاري"
الجادة "وعنه" في بعض النسخ "وعنه" يعني أنس صحابي الحديث السابق -رضي الله عنه- أن عمر -رضي الله تعالى عنه- في خلافته كان إذا قُحِطوا بضم القاف وكسر الحاء أي أصابهم القحط والجدب، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، استسقى به، استسقى بذاته؟ توسل بذاته؟ لا إنما يستسقي ويتوسل بدعائه، والدعاء عمل صالح، والدعاء عمل صالح يتوسل به، كما توسل الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار بأعمالهم الصالحة، ففرج عنهم، فهذا الاستسقاء والتوسل إنما هو بدعاء العباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لقربه منه -عليه الصلاة والسلام- ومكانته؛ لأنه عمه، وعم الرجل صنو أبيه، مثل أبيه.
مما ذكر من دعاء العباس في مثل هذا الاستسقاء أنه كان يقول: "اللهم إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب أنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب، ولم ينكشف إلا بتوبة، ولم ينكشف إلا بتوبة، لا شك أن ما يصيب العباد فبما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} [(45) سورة فاطر] ولم ينكشف إلا بتوبة، لا شك أن ما يصيب الناس في جميع أمورهم الخاصة والعامة إنما هي عقوبات بسبب الذنوب، فإذا أصيب الإنسان بأي مصيبة سواء كانت المصيبة عامة أو خاصة عليه أن يبادر بالتوبة {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة الرعد] فالتغيير إلى الأصلح لا شك أنه يتطلب تغييراً إلى الأصلح، والتغيير إلى الأسوأ لا شك أن سببه تغيير من قبل الخلق إلى الأسوأ، {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة الرعد] يقول العباس: ولم ينكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك -هو عم النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا أيدينا إليك بالذنوب، هذا أيدينا إليك، يعني مرفوعة إليك، وقد تلطخت بالذنوب، ونواصينا إليك، يعني اتجهت إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث، مثل هذا الانكسار هو الذي ينبغي أن يقدم في مثل هذه الخطبة، ونسمع بعض الخطباء في مثل هذا الظرف من الحاجة الشديدة إلى الله -جل وعلا- يأتي بخطبة الاستسقاء كأنها مقامة، يستعمل فيها كل ما يستطيع من بيان وبلاغة، وكلمات مترادفة، وأسجاع، الله -جل وعلا- يريد منك الخضوع والانكسار بين يديه، ومثل هذه الظروف في مثل خطبة الاستسقاء يطلب أتقى الناس وأورع الناس، وأخشى الناس للطلب لأنه مظنة الإجابة، والمسألة مسألة دعاء، والله المستعان.
يقول: "فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض" فهذا الحديث الخبر الثابت عن عمر -رضي الله عنه- يدل على جواز التوسل بدعاء الصالحين، والتماس الدعاء منهم، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم بطلب الدعاء من أويس، فلتمسه عمر وبحث عنه في أمداد اليمن حتى وجده، ثم طلب منه أن يستغفر له، فإذا رأيت رجلاً صالحاً تظنه مجاب الدعوة لا مانع من أن تسأله أن يدعو لك، وأن لا ينساك من دعائه.
فيه أيضاً الاعتراف بحق ذوي القربى من النبي -عليه الصلاة والسلام-، بالاعتراف بحق ذوي القربي، وهم وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا شك أن لهم حقاً على الأمة {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [(23) سورة الشورى] فلهم حق على الأمة بالدعاء لهم، والترضي عنهم، والترحم عليهم، والاعتراف بفضلهم، والإشادة بمناقبهم، لهم هذا الحق.
وفيه أيضاً تواضع عمر -رضي الله عنه وأرضاه-، ما قال: أنا الخليفة، أنا ثاني الخلفاء الراشدين، أنا ثاني رجل في الفضل من هذه الأمة بعد أبي بكر، خير هذه الأمة بعد نبيها وصديقها، ما قال: أنا مشهود لي بالجنة، لا أحتاج إلى أحد، لا، وكل ما يعرف الإنسان قدر نفسه، ويهضم نفسه يرتفع عند الله -جل وعلا-، نعم.
"وعنه -رضي الله عنه- قال: أصابنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مطر، قال: فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر، وقال: ((إنه حديث عهد بربه)) رواه مسلم"
"وعنه" يعني عن أنس صحابي الحديثين السابقين -رضي الله تعالى عنه- "قال: أصابنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مطر، قال: فحسر ثوبه" حسر عن جسده، وذلك يكون برفع الثوب عن الساق وبكشف الرأس، وإظهار اليد والساعد ليصيب الأطراف "فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر" وهذه سنة والسبب في ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنه حديث عهد بربه)) حديث عهد بربه، ما معنى كونه حديث عهد بربه؟ الآن المقرر عند الناس حسب ما تلقوه من علوم الدنيا أن المطر سببه؟ نعم؟ تأثير الشمس في مياه البحار، فيتبخر الماء ويتصاعد إلى الجو ويتكثف ثم يتكون منه السحاب ثم ينزل المطر، وكثير من البلدان نزول المطر فيها في فصل الشتاء، ما أدري كيف يتبخر الماء في فصل الشتاء ولا يتبخر في فصل الصيف؟ هم في علومهم يدركون أشياء لا ندركها، لكن هذا مما يدركه جميع الناس، فهل عندهم جواب؟ نعم؟
اطلعتم جميعكم على كلامهم، مر عليكم في الدروس في دراستكم النظامية يمر مثل هذا، نعم؟ كيف؟
طالب:......
ينتقل من الصيف إلى الشتاء وإلا من بلد إلى بلد؟ الدنيا كلها باردة، في الشتاء كلها باردة من وين يجي؟ ينتقل من وين؟ كل الدنيا باردة ينتقل إلينا من البلدان الأكثر تجمد منا، فتبخر الشمس مياه البحار؟ إيش معنى ((حديث عهد بربه))؟ نعم؟
طالب:......
غير الشمس؟
طالب:......
هم يقولون: بسبب الشمس، بسبب أشعة الشمس، ونحن نرى المياه في البحار في الشتاء يعلوها طبقات من الثلج، وهذه من الحكم والمصلح للحيوانات التي داخل البحار، ما أدري أنا هذه مشكلة عندي، لكن إن وجد لها حل؟ نعم؟
طالب:......
طيب حارة هذه الحارة ما هي بحارة في الصيف أشد؟ أليست حرارتها في الصيف أشد؟ لماذا لا تتبخر في الصيف؟ نعم؟
طالب:......
التكوين من الله -جل وعلا-، هذا ما أحد يشك فيه، الذي يشك في هذا هو على خطر، هذا التكوين حتى التبخير على قولهم المسبب هو الله -جل وعلا-، يبقى المسألة مرتبطة بالله -جل وعلا-، لكن أنا لا أدري كيف تكون هذا المطر؟ أنا ما أنا من أهل الاختصاص، لكن يبقى أن هنا قدر مشترك مدرك بين الناس كلهم يقول: تبخير بسبب أشعة الشمس على الماء يتبخر ثم يرتفع ويتكاثف ثم ينزل.
طالب:.......
يعني هو يتبخر في؟ الصيف، أيوه، واللي يجي بالصيف متى يتبخر هذا؟ نعم؟ لأن بعض المناطق المطر عليها في الصيف، نعم، لا، لا ما يلزم نبرر يا أخي إذا أخطئوا نقول: أخطئوا يا أخي، هذه أمور ترى لعبوا بعقولنا سنين في قضايا أثبوتها ثم نفوها، ونحن عدلنا النصوص عندنا على ضوء مرادهم، إحنا ليش نصير تبع إحنا؟ جاءوا بشيء..، المسألة عقلية جاءوا بشيء تقبله العقول من غير أدنى..، عندنا نصوص، عندنا نصوص، فماذا نفعل بحديث صحيح يقول: ((إن الشمس تسجد تحت العرش كل ليلة)) وهم يقولون: في فلكها أربعة وعشرون ساعة؟ نوافقهم؟ ما نوافقهم، ما نوافقهم، أبداً، ولا يلزم، نعم؟
طالب:......
أيوه؟
طالب:......
متى تبخرت؟ بدعاء النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لما دخل الرجل وما في السماء لا سحابة ولا قزعة، ولا شيء فنجابت مثل الترس؟ هذه مسألة يعني كوننا نتبعهم في كل ما يقولون، لا شك أن هذا من باب اقتداء المغلوب بالغالب، إحنا ذهلنا في تقدمهم وصناعاتهم وصرنا نسلم لهم كل شيء مو بصحيح، والله المستعان.
نعم لا شك أنه حديث عهد بربه الآن نزل من جهة السماء، من جهة العلو، وهو من أخر المكونات، من أخر المخلوقات وأقربها بالله -جل وعلا-، ففيه بركة.
طالب:......
أشعة الشمس الباردة وإلا الحارة؟
الطالب: أشعة الشمس الحارة.
ومتى؟ في الصيف وإلا في الشتاء؟
الطالب: في أي وقت.
في الشتاء؟ حتى بالشتاء؟
طالب:......
إحنا ما عندنا شك أن الماء يتبخر مع الحرارة، لكن حرارة الشمس ما تبخر في الشتاء.
طالب:......
طيب أنت الآن تقرر أن الذي يأتينا في الشتاء هذا جاء من نصف الكرة الجنوبي صح؟ أكثر ما يجينا من الشمال من جهة الباردة.
الطالب: يأتي من الشمال.
ويش...... يأتي من الشماء؟ هذا أبرد منه.....
طالب:......
الظاهر أننا ما حنا مدركين معهم شيء، علينا أن نلتزم بديننا، ونعتز بإسلامنا ولا نصير تبعاً لهم، نعم ما عندهم مما ينفعنا في ديننا ودنيانا نستعمله ونستفيد منه، أما أن نكون تبع لهم ما هو بصحيح أبداً، نعم؟
طالب:......
لا ما يمكن.
طالب:......
الذي ذكروه لا يزال مشكلاً، لكنني أعجب من أناس يتلقفون كل ما يصدر عنهم، قالوا: الشمس ثابتة والأرض حولها تدور، قلنا: تمام، قالوا: ثابتة والله -جل وعلا- يقول: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي} [(38) سورة يــس] المسألة ليست سهلة، ليست سهلة، الحديث السابق حديث الرجل الذي دخل –الأعرابي- هذا يبطل كل ما قالوه، هذا يبطل كل ما قالوه، وعلى كل حال على المسلم أن يعتز بدينه، نعم يذكر ويؤثر في هذا الباب من الإسرائيليات أيضاً ما لا تقبله العقول، ما لا تقبله العقول، أيضاً هذا إذا لم يثبت بدليل صحيح لسنا بملزمين بقبوله أبداً، فلا نسترسل مع الإسرائيليات ونتمسك بها، ولا نقلد الأعداء ونتلقف كل ما أتوا به، وإخضاع النصوص للنظريات تعريض لها..، لا شك أنه تعريض لها للإنكار، طيب قال كذا هذا الآية مفادها كذا، ثم بعد تبين أن النظرية خاطئة، ثم جاءت نظرية ثانية وأخضعوا لها آية ثانية، وهكذا، نعم.
طالب:......
نعم؟ وين تروح؟ وين تروح؟ هذا الذي يستعمله الناس يرجع إلى الأرض وين راح؟ تريد هذا؟
طالب:......
أيه.
طالب:......
وما يصير في جفاف؟ فنقول: هذه الأمور لا شك أن لها أناس مختصين بها، ويدركون منها ما لا ندرك، نعم وهي فن، لكن يبقى أننا لا نعرض عقولنا للتلاعب، ولا نصوصنا للاستخفاف بقدر الإمكان، نعم.
طالب:......
من يخاطب؟ الإمام ما يدخل، نعم الذي يخاطب الإمام أو الذي يخاطبه الإمام ما يدخل في النهي، نعم.
"وعن عائشة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى المطر قال: ((اللهم صيباً نافعاً)) أخرجاه"
نعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث عائشة كان إذا رأى المطر قال: ((اللهم صيباً نافعاً)) يعني أجعله صيباً نافعاً، صيباً نازلاً حال كونه نافعاً، صيباً: من صاب المطر إذا وقع، والتصويب: النزول، والتشخيص: الارتفاع، فجاء في وصف النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا ركع لم يشخص رأسه، ولم يصوبه، يعني لم يجعله نازلاً ولم يجعله مرتفعاً بل على مستوى ظهره -عليه الصلاة والسلام-، ومنه الصيب لأنه ينزل في الأرض، ينزل، ومنه إذا مات الميت شخص بصره، يعني ارتفع، ونافعاً صفة مقيدة لهذا المطر، احتراز عن المطر الذي يضر؛ لأنه تقدم أن منه ما يضر، وإن كان غيثاً، الأصل فيه أنه غيث نافع، لكن منه ما يضر على ما تقدم، نعم.
"وعن سعد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا في الاستسقاء: ((اللهم جللنا سحاباً كثيفاً قصيفاً دلوقاً ضحوكاً تمطرنا منه رذاذاً قطقطاً سجلاً يا ذا الجلال والإكرام)) رواه أبو عوانة في صحيحه"
أولاً: صحيح أبو عوانة هو المستخرج على صحيح مسلم، المستخرج على صحيح مسلم، والاستخراج كما تعرفون أن يعمد عالم من علماء الحديث إلى كتاب أصلي من كتب السنة تروى فيه الأحاديث بالأسانيد فيخرج أحديثه من طريقه هو بأسانيده هو من غير طريق صاحب الكتاب، هذا هو المستخرج على صحيح مسلم لأبي عوانة، ويتجوزن باعتباره مستخرج عن الصحيح فيقولون: صحيح أبي عوانة، وقد يقولون: هو مسند أبي عوانة؛ لأنه يروى بأسانيد، والحديث وإن كان مخرجاً في هذا المستخرج على الصحيح إلا أنه ضعيف، ضعيف جداً، يقول الحافظ ابن حجر في التلخيص: فيه ألفاظ غريبة كثيرة، أخرجه أبو عوانة بسند واهي، يعني شديد الضعف.
هذا الحديث الذي يروى عن سعد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه دعا في الاستسقاء في خطبة الاستسقاء: ((اللهم جللنا)) يعني عمم الأرض بالمطر ((جللنا سحاباً كثيفاً)) يعني متكاثفاً كثيراً متراكماً ((قصيفاً)) يعني يصحبه رعد شديد ((دلوقاً)) مندفع اندفاعاً قوياً، كما جاء في وصف بعد الأمطار كأنه كأفواه القرب ((دلوقاً ضحوكاً)) يصحبه برق، ((تمطرنا منه رذاذاً)) رذاذاً: دون الطش، نعم لكن رذاذاً يعارض قول: ((دلوقاً)) لأن هذا يريده برفق ولين، وكونه دلوق يعني كونه مندفعاً بشدة، ((رذاذاً قطقطاً)) يعني أصغر من الرذاذ، أسهل من الرذاذ، فاجتمع فيه القطقط الذي هو أقل من الرذاذ، واجتمع فيه الرذاذ الذي هو فوق القطقط ودون الدلوق، وفيه أيضاً الشديد ((قطقطاً سجلاً)) يعني ينصب منه الماء صباً ((يا ذا الجلال والإكرام)).
على كل حال هذه ألفاظ غريبة اشتمل عليها هذا الخبر، وهو ضعيف جداً، وأما الدعاء بـ(يا ذا الجلال والإكرام) فإنه من أقوى الأدعية، ولذا جاء الأمر به: ((ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام)) وعلى كل حال الحديث ضعيف، نعم.
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خرج سليمان -عليه السلام- يستسقي فرأى نملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء، تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنىً عن سقياك، فقال: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم)) رواه أحمد، وصححه الحاكم"
هذا الحديث حديث أبي هريرة ضعيف أيضاً، هذا الحديث أيضاً ضعيف، وله طرق حسنه بعضهم بسببها، لكن المرجح أنه ضعيف "رواه أحمد" ولا يوجد في المسند فلعله في غيره من كتبه، وروا الحاكم أيضاً، وصححه الدارقطني، المقصود أنه حديث ضعيف "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خرج سليمان)) بن داود النبي -عليهما السلام- ((يستسقي)) يطلب السقيا والمطر من الله -جل وعلا- ((فرأى نملة)) النملة معروفة، النملة من أصغر المخلوقات، وهي بحاجة إلى السقيا كغيرها، فكل بحاجة إلى المطر وجعل الله منه كل شيء حي، لا يستغني عن المطر أحد، ولا يستغني عن الماء أحد ((فرأى نملة مستلقية على ظهرها)) تصور نملة ظهرها إلى الأرض وقوائمها إلى السماء، مظهرة هذه الحاجة وهذه الفاقة، مع أنه لا ذنب لها، لا ذنب لها ((رافعة قوائمها إلى السماء، تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن سقياك)) فهم مضطرون، ولا شك أن شؤم معاصي بني أدم يلحق من لا ذنب له، كهذه الحشرات وهذه المخلوقات الصغيرة فضلاً عن غيرها عما هو أكبر منها، فالعاصي المذنب لا يقتصر شرره على نفسه، بل يتعدى ضرره إلى غيره بالتسبب، يكون سبب لضرر الآخرين، فيكف بمن يباشر الضرر بالآخرين؟ والأمر فيه أشد وأعظم، نسأل الله السلامة والعافية.
((تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بناء غنى عن سقياك، فقال: ارجعوا)) لستم بحاجة، ما في أبلغ من هذا، نملة تستسقي؟! وهذا على القول بثبوته؛ لأنه حسنه بعضهم بسبب الطرق، المقصود أن هذه النملة تستسقي لا ذنب لها، فهي أحرى بالإجابة من كثير من بني آدم، الذين هم سبب لمنع القطر من السماء، ارجعوا وهذا نبي من الأنبياء يقول: ((ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم)) النملة لها عجائب، يعني من أخبر النملة وأرشدها ووجهها إلى مثل هذا الفعل؟ ومن ألهمها أن تكسر الحبة نصفين لئلا تنبت؟ من الذي وجهها؟ من الذي ألهمها إلى أن تكسر الحبة نصفين لئلا تنبت؟ كثير من الآدميين الذين أتوا العقول قد لا يدرك هذه الفائدة، النملة مجرد ما تجعل الحبة في محلها، في جحرها تقسمها نصفين لئلا تنبت؛ لأنه إذا كانت كاملة وجاءها رطوبة نبتت وضاعت عليها خلاص راحت ما تستفيد منها، من الذي ألهمها لهذا؟ وهذه المخلوقات ليس لها عقول، إنما لها ملكات مدركة تدرك بها ما ينفعها وما يضرها، تدرك ما ينفعها فتسعى إليه، وتدرك ما يظهرها فتفر منه، فمن الذي أخبر الشاة بأن الطعام مطلوب وأن الذئب مهروب منه؟ ولا تريد الموت، وذكر أهل العلم قصص عجيبة لهذه الحشرات والحيوانات كبيرها وصغيرها.
ابن القيم -رحمه الله تعالى- في مفتاح دار السعادة ذكر أشياء عجائب، وابن حجر ذكر في شرح حديث الذباب، لما قال بعض المعترضين على الحديث من أين له العقل -أي للذباب- من أين له العقل فيقدم الجناح الذي فيه الداء؟ لماذا لا يقدم الجناح الذي فيه الدواء؟ الذي يلهمه هو الله -جل وعلا-، وذكر الحافظ في شرح هذا الحديث قصة أن فرساً أكره على أن ينزو على أمه فرفض، بالجلد رفض، فجللت الأم بغطاء بحيث لم يعرفها، فنزا عليها فكشف الغطاء فلتفت إلى ذكره فقطعه بأسنانه، هذا حيوان غير مكلف ولا عقل له، وبعض الناس -نسأل الله السلامة والعافية- بسبب ما كسبت أيديهم وجنوا من إدخال الشر إلى أهليهم وذويهم في بيوتهم، يحصل لهم ما يحصل، نسأل الله السلامة والعافية.
وهذا حيوان غير مكلف ولا عاقل يحصل منه مثل هذا، فوصل الحد بكثير من الناس إلى أن نزلوا عن مستوى الحيوانات، والله المستعان، فبعضهم يتأول مثل هذا الحديث أنها استسقت بلسان حالها كيف تنطق هذه النملة؟ أقول: القدرة الإلهية صالحة لمثل هذا {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ} [(44) سورة الإسراء] كل شيء يسبح بحمد الله -جل وعلا-، نعم.
"وعن أنس -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء" أخرجه مسلم"
نعم الاستسقاء كما في حديث أنس كما تقدم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يرفع يديه في دعاء الاستسقاء يرفع يديه بدعاء الاستسقاء، ويبالغ في الرفع حتى يرى بياض إبطيه.
هنا يقول: "استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء" فأشار بظهر كفيه إلى السماء، والكيفية مختلف فيها، هل هو مباشرة يجعل ظهر الكف إلى السماء وبطنها إلى الأرض هكذا ويدعو؟ وقد رأينا من الشيوخ من يفعل هذا، من أهل العلم، ومنه من يقول: إنه يبالغ في الدعاء حتى يصل إلى أن يكون ظهر الكف إلى السماء هكذا مبالغة في الدعاء، نعم واللفظ محتمل نعم هكذا يدعو هكذا ظهرها إلى السماء، ولفظ الحديث لا يأبى لا هذا ولا هذا نعم الحديث محتمل، ورأينا من الشيوخ من يفعل هذا وهذا، والحديث محتمل، وقيل بهذا وقيل بهذا وعلى كل حال أهل العلم..، وقد جاء في الحديث المخرج في المسند بإسناد حسن وإن كان مرسلاً من حديث خلاد بن السائب عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سأل جعل بطن كفيه إلى السماء، إذا سأل يعني طلب نعم، وإذا استعاذ جعل ظهرهما إليها، وقد فسر بعضهم قوله تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [(90) سورة الأنبياء] فقال: إن الرغب يكون بالبطون، والرهب يكون بالظهور، وعلى كل حال الحديث محتمل للصورتين اللتين ذكرناهما.
طالب:......
تريد أن اللفظ يعطي هذا، الكف هذا كله البطن والظهر هذا الكف.
طالب:......
ومع ذلك قالوا: إنه يبالغ في الرفع إلى أن يرى بياض إبطيه في أحاديث أخر، على كل حال اللفظ محتمل للصورتين، محتمل للصورتين، نعم.
طالب:......
على كل حال المسألة مسألة حاجة، المسألة مسألة حاجة، فالذي يحتاج إلى استسقاء يستسقي، وإذا طلب من الناس الاستسقاء والإمام عينهم لطلبه يتعين عليهم إذا وعدهم يوماً يخرجون فيه يتأكد في حقهم ولو لم يكونوا بحاجة، لكن الأصل أن الاستسقاء طلب السقيا، والسقيا إنما تكون عند تأخر نزول المطر، لكن ليسوا بحاجة إليه مثلهم بإمكانهم أن يدعوا لإخوانهم دعاء من يحتاج، ولو من غير صلاة، وأنواع الاستسقاء تقدم، وعلى كل حال المسألة مقرونة بالحاجة، نعم.
قال الإمام الحافظ ابن حجر:
"باب: اللباس:
عن أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير)) رواه أبو داود، وأصله في البخاري"
كذا عندك الخز مضبوط كذا؟
طالب: إيه يا شيخ.
أي طبعة؟
الطالب: طارق عوض الله.
"عن أبي عامر الأشعري" في الصحيح، أو أبي مالك بالتردد عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير)) بمهملتين، وضبط بالمعجمتين، لكن كونه بالمهملتين أرجح، وهذا ما رجحه شراح البخاري، ومنهم ابن حجر، وإن قال الصنعاني: إن إدخال الحديث في باب اللباس يرجح المعجمتين الخز؛ لأن ابن حجر أدخل الحديث في باب اللباس والخز من اللباس، الخز من اللباس، إذاً راوية الخز بالمعجمتين أرجح من رواية الإهمال، نقول: إنه وإن أدخله في باب اللباس فالراجح أنه بالمهملتين الحر والحرير، وإدخاله في باب اللباس من أجل ما عطف عليه وهو الحرير.
الصنعاني يرجح أن المراد بالحر هذا المراد به الخز؛ لأنه أدخل في باب اللباس وهذا أنسب، نقول: الذي رجحه ابن حجر الذي أدخله في باب اللباس رجحه في فتح الباري هو الحر بالمهملتين ويراد به الفرج، فهم يستحلون الزنا.
((ليكونن من أمتي)) ومثل ما تقدم في: ((لينتهين أقوام)) بالفعل المضارع، اللام هذه لام موطئة لقسم محذوف والله ليكونن، ويكونن فعل مضارع مبني على الفتح لاقترانه بنون التوكيد الثقيلة، ((من أمتي)) المراد بهم أمة الإجابة؛ لأن أمة الدعوة يستحلون كل شيء، يستحلون كل شيء، وهم باستحلالهم الزنا كفروا؛ لأن من يستحل أمر مجمع عليه، معلوم من الدين بالضرورة يكفر، يستحلون فهم من أمته باعتبار ما كان، ((أقوام)) جمع قوم، ويشمل الرجال والنساء هذا الأصل وإذا عطف عليه النساء اختص بالرجال على ما تقدم، ((يستحلون)) يجعلون الحرام حلالاً، يجعلون الحرام حلالاً، الحر بالمهملتين بكسر الحاء وتخفيف الراء، والمراد به الفرج، فهم يستحلون الزنا، والحرير وهو محرم بالنص على الرجال، محرم بالنص حيث أشار النبي على ما سيأتي إلى الذهب والحرير، فقال: ((حرام على ذكور أمتي حل لإناثها)) ورخص النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحرير لأجل الحاجة على ما سيأتي، فالحرير حرام على الذكور، وفيه أيضاً كما في الصحيح ((والخمر والمعازف)) وفيه الإخبار عن أنهم يخسف بهم، ومنهم من يمسخ نسأل الله العافية، والمسخ والخسف يكثر في هذه الأمة في آخر الزمان، ومن أسبابه استحلال المحرمات، استحلال المحرمات.
هذا الحديث يقول: "رواه أبو داود" وهو صحيح لا إشكال فيه، حديث صحيح لا إشكال فيه، وأصله في البخاري، كيف أصله في البخاري؟ يعني البخاري بلفظه: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) هو في البخاري، لكن البخاري بدلاً من أن يقول: حدثنا هشام بن عمار قال: وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد.. إلى أخره، فلكونه قال: هشام بن عمار وهشام بن عمار من شيوخه الذين لقيهم وروى عنهم، من شيوخه، من شيوخ البخاري، والإضافة إليه بقوله: قال فلان بدلاً من حدثنا فلان أوجدت خلاف بين أهل العلم في مثل هذا الخبر هل هو متصل أو منقطع؟ يعني معلق؟ فمنهم من قال: معلق وكأن ابن حجر يميل إلى مثل هذا، والحافظ المزي علم عليه علامة التعليق، وأما ابن الصلاح والنووي والعراقي وجمع من أهل العلم يرونه متصلاً؛ لأن قال نعم قال فلان وهو من شيوخه الذين لقيهم وأخذ عنهم وحدثنهم عنهم بصيغة التحديث ما الذي يمنع أن يأخذ عنه هذا الحديث، وللتفنن في العبارة مرة يقول: حدثنا ومرة يقول: قال، وغاية ما في (قال) أنها مثل (عن) مثل (عن) محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم: أن يثبت اللقاء كما هو مقتضى شرط البخاري وما استفاض عنه، أو تثبت المعاصرة كما مقتضى اكتفاء مسلم، ومنهم من يقول: لو كان تلقاه عنه بدون واسطة لقال: حدثنا كبقية الأحاديث، حدثنا هشام عن عمار، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
...........................أما الذي |
| لشيخه عزا بـ(قال) فكذي |
يقصد هذا الحديث، يقول: غاية ما في (قال) أنها مثل السند المعنعن، إذا سلم الراوي من وصمة التدليس، وثبت اللقاء صح على شرطه، على شرط البخاري، وقد ثبت لقاء البخاري لشيخه هشام بن عمار، وأيضاً يقول ابن القيم: إن البخاري أبعد خلق الله عن التدليس، فتوافر الشرطان، لكن لو قال: من أبعد خلق الله لكان أحوط، على كل حال هذا يدل على تحريم ما ذكر الحر والحرير والخمر والمعازف كلها محرمة، واستحلالها خطر عظيم، خطر عظيم، مؤذن بشر مستطير من خسف وغيره، وكون بعضها يقرن ببعض لا يدل على أن حكمها واحد، هي كلها محرمة، لكن هي متفاوتة في التحريم، فتحريم الحرير ما هو مثل تحريم الزنا، تحريم الخمر ما هو مثل تحريم المعازف، المقصود أنها كلها محرمات، فالذي يستحلها على خطر عظيم من العقوبة العاجلة قبل الآجلة، ولا شك أن الذي يستحل الخمر ويستحل الزنا كافر؛ لأنه ثبت بالنصوص القطعية، لكن الذي يستحل الحرير أو يستحل المعازف لأن ثبوتها ليس قطعياً لا يصل إلى حد الكفر وإن كان على خطر، فالحديث فيه دليل على تحريم ما ذكر؛ لأن معنى الاستحلال جعل الحرام حلالاً.
الخز على الراوية الثانية ثياب، نوع من الحرير، نوع من الحرير وإن كان أخشن منه؛ لأنه يكون مخلوط بشيء من الصوف، نعم مخلوط بشيء من الصوف فعطف الحرير عليه من باب عطف العام على الخص، وعلى كل الحال المرجح بضبط الراوية الإهمال الحر والحرير، نعم.
"وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه" رواه البخاري"
نعم هذا الحديث تقدم في باب الآنية حديث حذيفة -رضي الله عنه- تقدم في باب الآنية، يقول هنا: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نشرب في آنية الذهب والفضة" وتقدم في الآنية بلفظ: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة)) وهنا قال: "نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نشرب" فدل على أن تعبير الصحابي عن الأمر والنهي بـ(أمر ونهى) بمثابة (أفعلوا) والنهي بمثابة (لا تفعلوا) فهنا في أول الكتاب قال: ((لا تشربوا)) وهنا قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نشرب" والمعنى واحد "أن نشرب في آنية الذهب والفضة" وتقدم ما في هذا المسألة، وبيان حكمها، وشيء مما يتعلق بالأكل والشرب في آنية الذهب والفضة "وأن نأكل فيها" هذا تقدم، ونهى "عن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه".
لبس الحرير والديباج حرام بالنسبة للرجال، حرام بالنسبة للرجال دون النساء، وإلى هذا ذهب جماهير العلماء، وحكي عن ابن عليه أنه أباحه للرجال، لكنه قول شاذ، وانعقد الإجماع بعده على التحريم بالنسبة للرجال، ونقل عن ابن الزبير تحريمه بالنسبة للنساء، ثم انعقد الإجماع بعده على الحل.... فهو حرام على الرجال بالاتفاق، وحلال للنساء بالاتفاق "وأن نجلس عليه"، "عن لبس الحرير" الحرير نوع ناعم جداً من اللباس، والديباج نوع منه، بل هو من أنعم ما فيه "وأن نجلس عليه" فالجلوس على الديباج لبس، الجلوس لا شك أنه لبس، ولبس كل شيء بحسبه، هنا جاء التنصيص على الجلوس للحاجة إلى ذلك؛ لأنه قد يفرش الحرير فيجلس عليه، ولولا التنصيص عليه بمثل هذا لا ما أدرك كثير من الناس أن لبس كل شيء بحسبه، وقد جاء في حديث أنس: "فعمدت أو فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس" فلا شك أن الحرير بالنسبة للرجال حرام لبسه والجلوس عليه، وبالنسبة للنساء حلال، يبقى غير المكلفين مثلاً من الصبيان، يعني ما يحرم على الكبار يحرم على الصغار، والمخاطب بهذا الولي ولي الصبي، وأجازه بعضهم كمحمد بن الحسن مطلقاً؛ لأنهم غير مكلفين، ويجوز في وجه عند الشافعية إلباسهم إياه في أيام العيد، يلبسون الحرير والذهب في أيام العيد فقط، لكن الرجال الذكور من الصبيان يلزمون بما يلزم به الكبير، كما أن النساء الصغار تلزم بما يلزم النساء الكبير، وكل هذا على سبيل التعويد وإلا فالأصل أنهم غير مكلفين، وأمرهم أمر لأوليائهم، لا يتجه الأمر إليهم؛ لأن القلم مرفوع عنهم، وإنما المطالب بهذا هو الولي، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) هذا أمر للولي أن يأمر صبيه بالصلاة، وعلى الولي أن يأمره بما ينفعه ويحذره ويكفه عما يضره، نعم.
طالب:......
نعم الحرير؟ هذا للاستعمال لبس، لبس كل شيء بحسبه، وإذا نهي عن اللبس مع أن الحاجة قد تكون داعية إليه فمع عدم الحاجة من باب أولى.
طالب:......
نفس الشيء أن نجلس عليه منصوص عليه هذا جلوس.
طالب:......
ولا المشي، المشي مثل الجلوس، نعم؟
طالب:......
نعم هم يقولون: الفخر والخيلاء، وكونه لباس رفاهية لا يليق بالرجال، بل يليق بالنساء وقيل: لما فيه من التشبه بأهل الجنة، أو التشبه بالمشركين، المقصود أنه التمس علل كثيرة.
طالب:......
مثله نوع من الحرير.
طالب:......
لا ما يلزم، أصل الديباج كانوا يسمون المخمل ديباج، كانوا يسمون المخمل ديباج، فالتسميات إذا لم تكن تشهد لها الحقائق لا قيمة لها، الآن تباع أثواب للرجال يمسونها حرير وهي ليست حرير فلا تأخذ نفس الحكم.
طالب:......
وهو حرير؟ حرير لا يجوز لبسه ولو لبسه الناس كلهم، والعبرة بالحقائق لا بالألفاظ، يعني لو تواطأ الناس كلهم على تسمية البترول الذهب الأسود نقول: تجب فيه الزكاة زكاة الذهب؟ ما يلزم يا أخي، نعم.
طالب:......
هو إذا أخذ جميع خواص الحرير الطبيعي يدخل؛ لأن العبرة بـ.....، بغض النظر عن مصدره، نعم.
"وعن عمر -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع" متفق عليه، واللفظ لمسلم"
يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: "نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الحرير" هذا الأصل، الأصل المنع، ولا يستثنى من هذا الأصل إلا ما استثني هنا، موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة، أكثر شيء أربعة أصابع، (أو) هنا للتنويع أو للتخيير، وكأنه يوحي بأن العدم أفضل، ثم الأقل؛ لأنه بدأ بالأصبعين، يعني وإن كان ولا بد أو ثلاثة إن كان ولا بد أو أربعة على ألا يزيد على ذلك، والترخيص في هذا القدر هو مذهب الجمهور، وروي عن مالك منعه مطلقاً قل أو كثر؛ لأنه قد يحتاج إلى الشيء اليسير، قد يكون هناك شيء يحتاج إلى وصل، خرق الثوب مثلاً، ولا وجد إلا قطعة من حرير، أو ما أشبه ذلك يستثنى مثل هذا، نعم.
طالب:......
والله هو الأصل المقصود أربعة أصابع، لكن ما بيّن هذا، يقولون: في كل كم يكون مثلاً أصبعين مثلاً، أو في طرفه يكون أصبعين، لكن الأحوط أن يكون بقدر الأصابع الأربعة، لا يكون بطول الثوب، يعني رقعة بقدر الأصابع الأربعة، رقعة بقدر الأصابع الأربعة، وإن كان لهم تفاصيل في هذا، لكن لا شك أن التنصيص على الأربعة يدل على أنها لو كانت بطول الثوب صارت نعم كثيرة.
طالب:......
نعم، رقعة؛ لأنه قد يحتاج إليه فاستثني مثل هذا القدر، نعم.
"وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميص الحرير في سفر من حكة كانت بهما" متفق عليه"
عرفنا أن الأصل في الحرير المنع والتحريم بالنسبة للرجال، وهو مجمع عليه كما تقدم، فهذه هي العزيمة، يقابلها الترخيص للمضطر، فالمضطر يرخص له كما رخص للمضطر إلى أكل الميتة رخص له إلى أن يقول كلمة من باب التقية إذا خاف على نفسه يرخص له، ويبقى أن الأصل هو العزيمة، وهنا التحريم هو العزيمة، فإذا احتيج إلى هذا المحرم من حكة لا تزول إلا بالحرير فلا بأس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- "رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميص الحرير في سفر" منهم من قال: إن السفر وصف مؤثر لا بد أن يكون في سفر، أما إذا كان في حضر فلا يرخص ولو كان به حكة؛ لأن الحضر قد يجد البدائل إذا كان مقيم يجد بدائل، يجد علاج، يجد شيء، لكن إذا كان مسافر لا يجد بديل.
"من حكة كانت بهما" والحكة تكون بسبب القمل كما جاء في بعض الروايات، فالقمل يسبب حكة، وأيضاً الجروح والقروح إذا كانت تتأثر باللباس الخشن يرخص في الحرير، ولا تبرأ بل يزيد أمرها يرخص، المقصود أن الحاجة تبيح مثل هذا.
منهم من قال: إن الترخيص خاص، الترخيص خاص بمن ذكر بـ(عبد الرحمن بن عوف والزبير) فلا يجوز لغيرهما أن يلبسا الحرير بحال، وهو قول مالك وأبي حنيفة أنه لا يجوز مطلقاً، لا من حكة ولا من غيرها، وهذا خاص بمن رخص له النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن التخصيص يحتاج إلى دليل، ولذا يجوز للضرورة عند الحنابلة والشافعية أن يلبس ما يدفع به الضرر بقدر الحاجة، نعم.
"وعن علي -رضي الله عنه- قال: "كساني النبي -صلى الله عليه وسلم- حلة سيراء، فخرجت فيها فرأيت الغضب في وجهه فشققتها بين نسائي" متفق عليه، وهذا لفظ مسلم"
وهذا لفظ؟
طالب: مسلم.
نعم هكذا في الكتاب، لكن هو في البخاري هكذا أيضاً.
طالب: يا شيخ أنا راجعتها يا شيخ هذا لفظ البخاري وليس لفظ مسلم.
نعم هذا الصواب أن هذا لفظ البخاري.
طالب: في كتاب اللباس.
يقول: "علي -رضي الله عنه-: كساني النبي -صلى الله عليه وسلم- حلة سيراء" الحلة لا تكون إلا من ثوبين إزار ورداء، وسيراء فعلاء، يقول الخليل: ليس في الكلام فعلاء بكسر أوله مع المد سوى سيراء، وهو حولاء وعنباء، والحلة لا تكون إلا من ثوبين إزار ورداء "كساني حلة سيراء" وصف، وجاء بالإضافة من غير تنوين حلةَ سيراء، وهذا ذكر النووي في شرحه أنه أجود، حلةَ سيراء "فخرجت فيها" في هذه الحلة الإزار والرداء "فرأيت الغضب في وجهه" وهي حرير خالص، حرير خالص، أو برود مقطعة مخلوطة من حرير وخز، المقصود أن الحرير فيها ظاهر "فرأيت الغضب في وجهه -عليه الصلاة والسلام- فشققتها بين نسائي" هو يعرف أن الحرير للنساء جائز، وفي أول الأمر تصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما كساه إياها ليلبسها، إنما كساه إياها ليلبسها فلبسها، لكن لما رأى الغضب في وجهه -عليه الصلاة والسلام- قطعها بين نسائه، شققها بين نسائه، وفي رواية: "بين الفواطم" بين الفواطم، والفواطم: زوجته فاطمة بنت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمه فاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت حمزة، وفاطمة امرأة عقيل بن أبي طالب، المهم المقصود الجمع فواطم، لكن تقطيع هذه الحلة التي تكفي شخص واحد بين الفواطم بين النساء إتلاف لها أو بإمكان النساء أن تستعمل هذه القطع ولو لم تكن كاسية لجميع البدن؟ إما خمر نعم تكون خمر على الرؤوس فقط، وإلا لو جاءك ثلاثة من الفقراء بحاجة إلى ثياب أو بحاجة إلى ما يغطون به الرؤوس تشق الثوب بين الثلاثة والشماغ بين الثلاثة وإلا..؟ نعم هذا إتلاف لأنه لا يمكن أن ينتفع به، ولذا جاء في حديث الواهبة ليس عنده إلا رداء، من أردها من النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس عنده إلا الرداء، يقول: إن كساها إياه جلس بدون رداء، وإن لبسه ما صار عنده شيء، وإن شقه بينهما ما استفيد منه، على كل حال مثل هذا الصنيع إتلاف، لكن مثلما صنعه علي -رضي الله عنه- شقه كأنه خمر بين هؤلاء الفواطم، استدل بعضهم بالحديث على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، عن وقت الخطاب، وقت الخطاب لما دفعه إليه، ما قال: هذه حلة سيراء يحرم عليك لبسها إنما أخر هذا إلى وقت الحاجة، وقت الحاجة وهو لما رأى المنكر بادر بتغييره، رأى الغضب غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى المنكر، فهذا وقت الحاجة، أما أول الأمر وقت الخطاب وهو واضح، نعم.
"وعن أبي موسى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورهم)) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه"
نعم، هذا الحديث حديث أبي موسى فيه كلام لأهل العلم أعل بالانقطاع، وأعل بغيره، وفي رواته بعض الضعفاء، لكن له طرق، يروى من طريق بضعة عشر من الصحابة -رضوان الله عليهم-، فله طرق كثيرة يصل بها إلى درجة الصحيح لغيره "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أحل الذهب والحرير لإناث أمتي))" على ما تقدم؛ لأن المرأة بحاجة إلى الزينة لتكميل نفسها، والتجمل لبعلها، لما اشتملت عليه من النقص، المرأة خلقت ناقصة تحتاج إلى زينة {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [(18) سورة الزخرف] فهي بحاجة إلى التكميل تكميل هذا الناقص بخلاف الرجل الذي خلق على جهة الكمال البشري اللائق به، فهو أكمل من المرأة فلا يحتاج إلى تكميل، ولذا جاء في قوله -جل وعلا- {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] لأنه بحاجة إلى تكميل {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [(18) سورة الزخرف] الرجال لا شك أنهم أهل خصام وأهل بلاغة والحجاج والخصومات بخلاف النساء، فالنساء طبعهن الحياء والانكسار، وعدم رفع الصوت، وعدم المخاصمة، وعدم..، وقد يوجد في النساء من تفوق بعض الرجال، لكن المقصود به الجنس مقابلة الجنس بالجنس، فلا شك أن الرجال أكمل من النساء، وقد كمل من الرجال كثير،، ولم يكمل من النساء إلا عدد قليل، عدد قليل، ولا شك أنه من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الله -جل وعلا- فضل الرجال على النساء، فضل الرجال على النساء {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} [(34) سورة النساء] معلوم من الدين بالضرورة، والمرأة على النصف من الرجل في خمسة أبواب، لكن قد..، وهذا تفضيل جنس على جنس، لا يعني أن كل رجل من الرجال أفضل من كل امرأة من النساء، لا، قد يوجد من النساء من تعدل ألوفاً من الرجال، لكن الكمال في الرجال أكثر منه في النساء، وهذا تفضيل جنس على جنس، وهذا معلوم من الدين بالضرورة، وهو عليه الأمة منذ بعثة نبيها -عليه الصلاة والسلام-، بعد أن شرف الله وكرم المرأة، ورفعها من الحضيض الذي كانت تعامل به في الجاهلية إلى يومنا هذا.
النساء لهن خصائص، والرجال لهم خصائص، الرجال لهم ما يليق بهم من أعمال، وللنساء ما يليق بهن من أعمال، والله -سبحانه وتعالى- الذي خلق الجنسين العالم بمصالح الجميع، العارف بما يليق بالرجال وما يليق بالنساء، وجا في الحديث الصحيح: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) هذا عموم النساء، ولا يمنع أن يوجد في الرجال من لا يصلح للتولي، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((يا أبا ذر إني أراك رجلاً ضعيفاً)) فنهاه عن التولي في الأمور العامة، وألا يتولى ولا مال يتيم، يعني ضعيف في التدبير، ومع ذلك يشاد بأبي ذر، وهو الصحابي الجليل، يشاد به في مسائل المال والاقتصاد؛ لأن له رأي في الاقتصاد، يعني أن ما زاد عن الحاجة لا يجوز ادخاره، ولذا نُفي إلى الربذة من قبل الصحابة، على كل حال المسألة تطول لو أردنا أن نستعرض كل ما في الباب، لكن مناداة الأعداء بالمساواة بين الرجل والمرأة لا شك أنه لنقض عرى الإسلام، وما جاء به الدين، واتهام الإسلام والمسلمين، وتبقى أن المرأة مكرمة معززة هي أم غالية، ولها من الحقوق ثلاثة إضعاف ما للأب، لها ما يخصها، البنت أيضاً من أغلى ما يملكه الرجل في الدنيا، وقد أمر بالإحسان إليها، فمن ولد له أو ابتلي بشيء من البنات، وأحسن تربيتهن له الوعد العظيم من الله -جل وعلا-، فالأمر بالإحسان إلى النساء مطلوب شرعاً، والمعاشرة بالمعروف هو الواجب في الشريعة، لكن يبقى أن لكل مخلوق ما يخصه، والشرع كرم هذا وهذا، لكن باعتبار أن الله -جل وعلا- وهو العليم الخبير الذي خلق الرجل وركب فيه ما يليق به اسند إليه ما يناسبه من أعمال، والذي خلق المرأة وعلم ما يصلحها ويصلح لها أسند إليها من المهمات والأعمال ما لا يطيقه الرجال، ما لا يطيقه الرجال لكن يناسب النساء، نعم.
"وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله يحب إذا أنعم على عبد نعمة أن يرى أثر نعمته عليه)) رواه البيهقي"
هذا الحديث حديث لا بأس به، عند البيهقي وهو أيضاً عند أحمد، ورجاله لا بأس بهم، فالحديث حسن، "عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته عليه))" يظهر بالمظهر اللائق المناسب، يظهر بالمظهر اللائق المناسب، الذي به يشكر الله -جل وعلا- على هذه النعمة، ولا يظهر بمظهر مع أن الله أغناه عن التكفف والحاجة يظهر بمظهر بحيث يزدريه الناس، أو يعطفون عليه ويتصدقون، هذا وإن لم يكن كفر للنعمة باللسان هو بالفعل يظهر بالمظهر غير اللائق بحيث يزدريه الناس، ويحسنون إليه، بل على من أغناه الله وقدره على أن يظهر بالمظهر اللائق المناسب من غير إسراف، فالله -جل وعلا- يحب أن يرى أثر النعمة من غير إسراف ولا تكبر، ولا ترفع على الناس، ومن غير مبالغة، بعض الناس كل يوم يلبس ثوب بحيث لا يعود إليه أبداً، هذا إسراف -نسأل الله العافية-، لكن يتوسط في أموره كلها، يتنظف ويتطيب ويخرج بالمظهر اللائق بين الناس، يركب المركوب المناسب، يسكن المسكن المناسب من غير أن يلفت أنظار الناس إليه، لا بالزيادة ولا بالنقص، من أهل العلم من يرى أنه إذا أظهر النعمة عليه من أجل أن يقصده المحتاج فيسأله، من أجل أن يقصده المحتاج فيسأله، وبعض الناس إذا سافر إلى البلدان في الخارج يخلع لباسه؛ لأن أهل هذه البلاد عرفوا -ولله الحمد- بالنعمة، وقد وسع الله عليهم، فإذا استمروا في ثيابهم ابتلوا بالشحاذين وأوذوا، بل قد يبتلوا بالسراق، فيضطر إلى أن يغير لباسه إلى لباس بلد لم تظهر فيه النعم، هذا إذا خشي على نفسه أو خشي على ماله من السراق يغير، لكن يغير بلباس شرعي، لا يتجاوز ما شرعه الله -جل وعلا-، فمثل هذا لا بأس به إذا خشي على نفسه أو خشي على ماله يغير، ولا يلزمه أن يلبس لباس بلده، شريطة ألا يتجاوز ما أباحه الله -جل وعلا-، فإذا خير بين أن يلبس اللبس الأجنبي الذي أصله من الكفار، إفرنجي أو لباس بعض المسلمين بعض الجهات من بلاد المسلمين الفقيرة يختار لباس المسلمين، نعم بحيث لا يؤذى ولا يضيق عليه ولا يبتلى بالسراق والمؤذين، على كل حال هذا المسألة تقدر بقدرها، والأصل إذا لم يخش على نفسه شيئاً أن يرى أثر النعمة عليه، نعم.
"وعن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبس القسي والمعصفر"، رواه مسلم"
"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس القسي" بفتح القاف وتشديد السين المهملة، بعدها ياء النسب، وياء النسب مشددة.
ياء كيا الكرسي زيدت للنسب |
| ................................... |
نعم، يذكر عن أهل الحديث أنهم يكسرنها يقولون: قِسي، وأهل مصر يفتحونها، وهي نسبة إلى بلد في مصر يقال لها: القَس، مدري يعرفها المصريون وإلا..؟ معروفة وإلا..؟ قس، احتمال أن تكون من البلاد المندرسة؟ نعم؟
طالب:......
كيف؟
طالب:......
نعم؟ طيب كم في مصر من بلد من مدينة من قرية من عزبة من مدري إيش تسمونها عاد ..؟ ها؟
طالب:......
القاموس، القاموس الجغرافي للبلاد المصرية الحالية والمندرسة مطبوع في خمسة مجلدات، مجرد أسماء تعداد أسماء، في خمسة مجلدات كبار، ما هو بعندك أنت؟ كيف تنتسب لبلد ما تعرف عنها شيء؟ لا مثل هذه الأمور ينبغي أن يعنى بها،..... تمر مثل هذه لازم تعرفها، فالبلدان التي يشار إليها في النصوص لا بد من معرفتها؛ لأنها تحدد بعض..، تعين على فهم النص، تعين على فهم النص، فالقاموس الجغرافي مطبوع قديم قديم مطبوع في بولاق في مجلد ضخم قبل مائة سنة للبلاد الحالية والمندرسة، وطبع بعد ذلك في ستة مجلدات في دار الكتب المصرية، وكل بلد له قواميس، وله معاجم، وله..، فالعناية بها بقدر الحاجة، ما هو الإنسان ينهمك بقراءة هذه الأمور، ويغفل عما هو أهم منها، يقول: إن القس هذه بلد في مصر تجلب منها هذه الثياب.
طالب: يا شيخ -أحسن الله إليك- فيها بلد الآن اسمها: قوس ما تكون تغيرت مع....؟
قوس موجودة، نعم ومشهورة أيضاً، والله ما أدري؟ لا بد من مراجعة هذا المعجم، المعجم ذكر فيها عزب يسكنها أنفار، مائة نفر، مائتين نفر يعني أشياء قليلة جداً مثل المراكز عندنا والهجر وغيرها، يقول: وأهل مصر يفتحونها قَس، وهي نسبة إلى بلد يقال لها: القس، القسي، في البخاري هذه الثياب التي هي القسي، فيها حرير أمثال الأترج، الحرير بقع من الحرير كبيرة أمثال الأترج، تزيد عن الأربعة الأصابع يمكن بقدر الكفين معاً، فيها حرير أمثال الأترج ولذا منعت لما فيها من الحرير.
"والمعصفر" وهو المصبوغ بالأصفر، يعني الأصفر الخالص نعم، ولا شك أن ما اشتمل على الحرير الزايد على الأربعة أصابع محرم، وأيضاً المعصفر ثبت النهي عنه، ثبت النهي عنه، وجواز لبس المعصفر وحمل النهي على الكراهة قال به الجمهور، وإن كان الأصل في النهي التحريم، وجاء في الحديث الصحيح أن النبي –عليه الصلاة والسلام- لبس الحلة الحمراء، لبس الحلة الحمراء، وابن القيم -رحمه الله تعالى- يجزم بأنها ليست حمراء بحتة، وإنما فيها خطوط حمر، وبقع غير حمراء، وإن كان الغالب الحمرة، لكن الأحمر الخالص جاء النهي، وجاء إنكاره على ابن عمر وغيره من قبل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ونهى النبي -عليه الصلاة والسلام- المياثر الحمر، نهى عن المياثر الحمر، وأما كونه -عليه الصلاة والسلام- لبس الحلة الحمراء فهي ليست بحمراء خالصة، والمنهي عنه الخالص، يعني كما يقال للشماغ أحمر وإلا أبيض؟ أحمر وإن كان البياض بقدر الحمرة، لكن باعتبار أن الأحمر لا شك أنه يجذب أكثر من الأبيض، فالنظر يتجه إليه والوصف ينصرف إليه، فهو أحمر وإن كان فيه من اللون الأبيض بقدر ما فيه من الأحمر، نعم.
"وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: "رأى علي النبي -صلى الله عليه وسلم- ثوبين معصفرين، فقال: ((أمك أمرتك بهذا؟)) رواه مسلم"
نعم في حديث عبد الله بن عمرو النبي -عليه الصلاة والسلام- أنكر عليه لبس الثوبين المعصفرين، فقال: ((أمك أمرتك بهذا؟)) لأنه لباس النساء؛ لأنه لباس النساء، وعلى كل حال لبس المعصفر منهي عنه، وأقل أحواله الكراهة الشديدة، وذهب بعض العلماء إلى تحريمه، وأما الأحمر الخالص فهو أشد من الأصفر، فلا يجوز لبسه، الأحمر الخالص بالنسبة للرجال فقد ثبت النهي الشديد عنه، وأما المعصفر فهو لباس النساء، ومعروف أن التشبيه بالنساء لا يجوز، لكن الأمر فيه أخف عند أكثر العلماء حيث حملوا النهي عن الكراهة في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى عليه ريطة مضرجة بالأصفر، فقال: ((ما هذه الريطة التي عليك؟)) قال: فعرفت ما كره، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنوراً لهم، فقذفتها فيه، ثم أتيته من الغد فقال: ((يا عبد الله ما فعلت الريطة؟)) فأخبرته، فقال: ((ألا كسوتها بعض أهلك، فإنه لا بأس به للسناء)) وهذا حديث جيد لا بأس به حسن؛ لأن من تمام الحديث الحديث الأول تمام الحديث عند مسلم لما قال له: ((أمك أمرتك بهذا؟)) قال عبد الله بن عمرو: أغسلهما يا رسول الله؟ قال: ((بل أحرقهما)) هذا تأكيد، تأكيد، وهنا لما أحرقهما قال: ((هلا كسوتهما بعض نسائك أو بعض أهلك)) فدل على أن الأمر بالإحراق مبالغة في الإنكار، لكن لو قسم للنساء يجوز أن تلبسه النساء؛ لأنه من لباسهن، والأمر بالإحراق لا شك أنه من باب التغليظ في الأمر والتشديد فيه، نعم.
"وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أنها أخرجت جبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج" رواه أبو داود، وأصله في مسلم، وزاد: "كانت عند عائشة حتى قبضت فقبضتها" وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى نستشفي بها" وزاد البخاري في الأدب المفرد: "وكان يلبسها للوفد والجمعة".
نعم حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين أم عبد الله بن الزبير، أخت عائشة -رضي الله عنها- وهي أكبر منها، وعمرت بعدها، وماتت عن مائة سنة، ولم يسقط لها سن، ولم يتغير لها عقل، ماتت بعد ابنها عبد الله بشيء يسير، قيل: بعشر ليالي، المقصود أنها أخرجت جبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أخرجت هذا عند الحاجة؛ لتستدل بها على ابن عمر؛ لأنه بلغها أنه كان يحرم العَلَم في الثوب، يعني الشيء اليسير، يحرمه لعموم قوله: ((إنما يلبس الحرير من لا خلاق له)) فأرادت أن تستدل بدليل عملي، هذه جبة النبي -عليه الصلاة والسلام- أخرجت جبة النبي -عليه الصلاة والسلام- مكفوفة الجيب عندك طيالسة؟
طالب: لا.
عندكم وإلا..؟
طالب: مخرج يا شيخ من السنن.
نعم؟
طالب: عزاه إلى السنن في الهامش.
لكن هو يقول: "أخرجت جبة رسول -صلى الله عليه وسلم- طيالسة مكفوفة" نعم الطبعات الأخرى" طبعة الزهيري فيها شيء؟ نعم؟ الطبعات القديمة إذا كان في صورة وإلا شيء؟ طبعة حامد الفقيه وإلا غيره؟ طيب "مكفوفة الجيب" الجيب الذي يخرج منه الرأس "والكمين والفرجين" أين الفرجين؟ "مكفوفة الجيب" الجيب الذي يخرج منه الرأس، والكمين الكمان معروفان، طيب والفرجين الجيب؟ نعم؟ مشروحة الفرجين عندكم وإلا لا؟ شرحها؟ نعم؟ الجيب هو هذا "مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج" رواه أبو داود، وأصله في مسلم" مكفوفة، الكف: هو ثني الطرف، الكف ثني الطرف، طرف الشيء إذا ثني صار مكفوف، ما هو بأعمى لا مكفوف، وهذا يقال لها إيش؟ كِفة وإلا كُفة؟ لأنهم، يقولون: كل مستدير كِفة، وكل مستطيل كُفة، نعم "وأصله في مسلم، وزاد -أي مسلم- من رواية أسماء: "كانت عند عائشة حتى قبضت" احتفظت بها هذا الجبة عائشة حتى قبضت في سنة سبعة وخمسين، "وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يلبسها" استعملها النبي -عليه الصلاة والسلام-، فصار فيها من البركة ما نالها من مُماسة جسده الطاهر -عليه الصلاة والسلام-، المبارك "وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها" نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه من البركة بحيث يستشفى بما باشر جسده الطاهر، "وزاد البخاري في الأدب المفرد: "وكان يلبسها للوفد" يعني ممن يفد إليه من علية الناس من البلدان من القبائل يتجمل بها ويلبسها للجمعة، كما أنه يلبس أحسن ثيابه للجمعة والعيدين، ولهذا يشرع للمسلم أن يستقبل الناس باللباس الطيب، ويستقبل أيضاً الوفود ومن يفد إليه من ضيوف بالأكمل، ولا يليق بالشخص إذا جاءه الآتي أن يخرج إليه بقميص نوم وإلا بسروال وإلا شيء، لا، لا، يتجمل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتجمل للوفود، ويلبس الثياب الجميلة للوفود، وكذلك للجمعة والعيدين، واللباس له آداب وله أمور تتعلق به تطلب من المطولات، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.
مما ينبه عليه في باب اللباس: مسألة الإسبال، مسألة الإسبال ما دون الكعب حرام ((ما أسفل من الكعبين فهو في النار)) ولو لم يصحبه خيلاء، أما إذا صحبه خيلاء فالأمر أشد لا ينظر الله إليه -نسال الله السلامة والعافية-، أيضاً الكم ينبغي أن يكون إلى الرسغ، كما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن بعض الناس يطول الأكمام وهذا إسبال، لكنه ليس مثل إسبال أسفل الثوب، أسفل الثوب إسباله حرام، وتطويل الكم خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة، والله المستعان.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.
"أولاً: بالنسبة للوجوب يقول: هل يجب على طالب العلم النظر في كتب شيخ الإسلام؟ العلم جملة منه ما هو واجب، وهو ما لا يتم الواجب إلا بمعرفته على المكلف، وباقيه نفل من أفضل الأعمال، وهو باب من أبواب الجهاد، أما كونه يجب فلا، وتبعاً لذلك فالنظر في كتب شيخ الإسلام وابن القيم -رحمهما الله تعالى- من أولى ما ينبغي أن يعنى به طالب العلم؛ لأنها خير ما يعين على فهم الكتاب والسنة، خير ما يعين على فهم الكتاب والسنة.
فبم تنصحون؟
لا شك أن مؤلفات الشيخين كلها قيمة، وكلها نافعة، لكن منها ما ينسب المتوسطين، ومنها ما لا يدركه إلا الكبار، ومنها ما لا يدرك، كتب شيخ الإسلام على الخصوص إلا القليل النادر جداً، فكتب شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- متفاوتة جداً، فيها تفاوت، وعلى كل حال الطالب المبتدئ عليه أن يلزم الجادة، ويقرأ كتب المبتدئين التي خصصها أهل العلم لهم، مع حفظ ما أمكن حفظه من كتاب الله -جل وعلا-، وبقية العلوم على الترتيب المعروف عند أهل العلم، وكتب شيخ الإسلام بالنسبة للمبتدئين تصعب عليه جداً، المتوسطين قد تناسبه بعض كتب ابن القيم -رحمه الله-، كتب ابن القيم أيضاً فيها نفائس، وفيها فهم عجيب للنصوص، وفيها توجيه، وفيها علاج لكثير من أمراض القلوب، فلا يستغني عنها طالب علم، لا يستغني عنها إلا من استغنى عن العلم، فكتب الشيخ -رحمه الله- شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في غاية الأهمية لطالب العلم، لكن ينبغي أن ترتب الأمور، منها ما يمكن أن يفهم، ومنها ما لا يفهم إلا بالقراءة على الشيوخ، ومنها ما يؤجل تؤجل قراءته حتى يدرك الشخص، تكون لديه أهلية لفهم هذه الكتب، فبعض الطلاب يسمع مدح بعض الكتب وهذا الشيء يؤثر في الجميع أن الشيخ يمدح كتاب يذهب الطالب يقتنيه، وينظر فيه، ثم بعد ذلك يفاجأ أنه فوق مستواه، فيمل منه ويترك، وكثير من الطلاب على هذه الشاكلة، أن الشيخ المتحدث أمامه فئات متفاوتة في العلم، فهو يمدح الكتاب باعتباره نافعاً، لكن ما ينظر إلى أن بعض من يحضر من المبتدئين قد يصرفه هذا الكتاب عن تحصيل هذا العلم، فإذا سمع طالب العلم المبتدأ مثلاً مدح الحافظ ابن كثير لعلل الدارقطني، أشاد به والكتاب كذلك، لكن هل يصلح لطلاب مبتدئين وحتى متوسطين؟ ما يصلح؛ لأن الطالب حتى المتوسط قد لا يدرك كثير مما يرمي إليه الدارقطني.
أو يسمع مدح ابن القيم -رحمه الله تعالى- لكتاب العقل والنقل لشيخ الإسلام ابن تيمية.
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي
ج ما في الوجود له نظير ثانِ
ج
ثم يذهب ليقرأ، يمر عليه مائة صفحة مائتين صفحة أو مجلد ما فهم منه شيء البتة، هذا حتى المتوسطين حتى المنتهين بل كثير من الشيوخ لا يدرك كثير من كلام شيخ الإسلام، في مثل هذا الكتاب، أو نقض التأسيس، يسمع كلام ابن القيم -رحمه الله-:
وكذلك التأسيس أصبح نقضه
ومن العجيب أنه بسلاحهم
ج أعجوبة للعالم الرباني
أرداهم نحو الحضيض الداني
ج
يعمد لشراء هذا الكتاب ثم يقرأ فيه، كونه يقتنيه ويجعله عنده، يدخره في مكتبته إلى أن يتأهل لقراءته هذا طيب، لكنه يبدأ بهذه الكتب؟ تصور أن طالب العلم قد يصاب بردة فعل، منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية من أمتع كتبه -رحمه الله-، من أيسرها على أوساط المتعلمين، لكن في المجلد الأول ثلاثمائة صفحة لو تدبس مرة ما تقرأ، وفي السادس أيضاً مثلها، يعني كلام جزل صعب صعب على كثير من المتعلمين، ومع ذلك كتب شيخ الإسلام وابن القيم من أنفع ما يعين على فهم الكتاب والسنة، إضافة إلى ما كتبه الأئمة المحققون من سلف هذه الأمة وأئمتها.
يقرأ الطالب لابن القيم مثل: الفوائد، ومثل: إغاثة اللهفان، ومثل: مفتاح دار السعادة، ومثل: حادي الأرواح، ثم بعد ذلك يطلع إذا تأهل إلى أعلام الموقعين، وقبله: زاد المعاد، وكتب نافعة في غاية الأهمية، كتب لا يغني عنها شيء، فطالب العلم لا يستغني عن كتب هذين الإمامين.
لا شك أن الهدف والمقصد والغاية هي المتون الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الحجة فيها، لكن الطالب بحاجة إلى ما يعينه على فهم هذه المتون، فإدامة النظر في الشروح لا شك أنه يعني فهم النص، ويولد لدى طالب العلم ملكة للفهم والاستنباط، يقرأ الشروح وبعد ذلك قد يرد عليه حديث ماله شرح، في كتاب ما شرح البتة، الطالب من خلال نظره في الشروح، وكيفية التعامل مع هذه المتون من قبل العلماء تتولد لديه الملكة في الفهم، لكن قد يقول قائل: إن الشروح طويلة تنتهي دونها الأعمار، ويقتصر من كل كتاب على شرح واحد، على شرح واحد، ولو اعتنى بالبخاري وقرأ عليه أكثر من شرح، ثم بعده شرح واحد لكل كتاب، لا شك أن شروح البخاري فيها على ما قيل: "كل الصيد في جوف الفرا" يعني فتح الباري فيه كل شيء يحتاجه طالب العلم، عمدة القارئ أيضاً فيها أشياء، إرشاد الساري لا يستغني عنه الطالب لبيان اختلاف الروايات لصحيح البخاري فينبه على كل شيء حتى ما لا أثر له، بخلاف ابن حجر ما ينبه إلى اختلاف الروايات إلا عند الحاجة، والعيني قيمته في مباحثه الفقيه، الرجل فقيه، وفي مناقشاته لابن حجر، وردوده عليه، هذه تعين وتفيد الطالب كثيراً هذه المناقشات، وتفتق الذهن، وتفتح آفاق أمام الطالب.
على كل حال الشروح قراءتها والرجوع إليها أمر لا بد منه، لا يستقل الطالب بفهم يند فيه عن فهم أهل العلم، ثم إذا فهم الحديث أو فهم الآية على غير مراد الله -جل وعلا- وعلى غير مراد رسوله يضل، وقد يرتب على فهمه أحكام قد لا تحمد عقباها، وقد يبتدع قولاً لم يسبق إليه، فإذا أدام النظر في الشروح، وعرف الطريقة وعرف الجادة تيسر له فيما بعد ذلك أن يفهم السنة -إن شاء الله تعالى-، فمثل ما ذكرنا الشروح لا بد منها، لكن لا شك أن العناية بها أكثر من الحاجة إلا شخص يصرف جميع وقته للعلم، هذا يقرأ الشروح ويفهم المتون، أما شخص قراءته على الفرغة هذا ما يدرك شيء؛ لأن فتح الباري لو خصصت له درس يومي كل يوم ساعة يومي ولا يوم يتخلف يحتاج إلى سنتين، يحتاج إلى سنتين على الأقل، بينما النووي لو خصصت له ساعة في اليوم يحتاج إلى أربعة أشهر، فالشروح متفاوتة، وأيضاً هي متفاوتة في السهولة والصعوبة، بعضها فيه استغلاق كثير على الطالب مثل هذا تؤجل قراءته، وبعضها سهل سمح يعني مثل النووي على مسلم، أو مثل الكرماني على البخاري هذه شروح سهلة، يقرأها الطالب وهو مرتاح، شروح ماتعة، فيها نكات وطرائف وفوائد يحتاجها طالب العلم، ويحسن أن يبدأ بها الطالب، على أن يكون على حذر شديد من المخالفات العقدية، فكل من الكرماني والنووي على مذهب الأشعري في الاعتقاد؛ ليكن على حذر من هذا الباب، وإلا فالكتابان في غاية الأهمية من جهة، وفي غاية المتعة والطرافة.
شرح ابن رجب -رحمه الله- أيضاً شرح نفيس جداً على طريقة السلف، وفيه أو منه تشم رائحة السلف -رحمه الله تعالى-، وجميع كتبه على هذه الشاكلة، فالعناية تكون أولاً وأخراً بالغاية التي هي النصوص نصوص الكتاب والسنة، ثم بعد ذلك يستفيد من الشروح، ومن التفاسير ما يعينه على فهم الكتاب والسنة.
شرح الشيخ -رحمه الله- على بلوغ المرام وغيره من الكتب يستفيد منه كل أحد المبتدأ يستفيد، يسمع علم سهل ميسر مبسط، ليس فيه غموض، ولا استعمال للاصطلاحات البعيدة، ويستفيد منه العالم من اختيار الشيخ وتوجيهات الشيخ، وليس فيه أيضاً ما يحتاج إلى وقت طويل؛ لأنه مختصر جداً؛ لأنه يحكي علم الشيخ فقط، ما في استطراد، في قال: فلان ولا علان، ولا نقول، ولا خلافات ولا استطرادات، بينما هذه الأمور توجد عند الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-، ويسوقها بأسلوب سهل، فالشيخ عليه رحمة الله- الشيخ ابن باز له خصائصه، ويستفيد منه كل أحد، الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- ذلل العلم ويسيره وسهل لطلابه، يعني تقرأ كتب الشيخ كأنك تسمع سواليف الشيخ -رحمه الله-، وهذا يدل على أن الشيخ فهم هذا العلم وتصرف في أدائه، بينما بعض الناس الذي يقرأ له مسألة أو يبحث مسألة لكن لا يستوعبها استيعاباً كاملاً لا يستطيع أن يتصرف في كيفية أدائها.
أيضاً الشيوخ الآخرون الشيخ ابن جبرين، الشيخ ابن فوزان، شيوخنا كلها عندهم -ولله الحمد- العلم والخير وفيهم الإفادة، وهذا يدل على إخلاص -إن شاء الله تعالى-، على ما نحسب، والله حسب الجميع، فعلينا أن نعنى بكتب المتقدمين وهي الأصل، والمتون التي قررت لكل طبقة، وما كتب عليها من شروح، وشروح المعاصرين أيضاً باعتبارها كتبت وألفت بلغة العصر، ولهجة العصر، يستفيد منها كل أحد، ولا ننسى فتاوى العلماء المعاصرين؛ لأنها تعالج قضايا ونوزل وجدت في هذا العصر، ولا توجد في كتب المتقدمين.
ففتاوى الشيخ -رحمه الله- الشيخ محمد بن إبراهيم، والدرر السنية، وفتاوى الشيخ ابن باز، وفتاوى اللجنة الدائمة، فتاوى العلماء في غاية الأهمية لطالب العلم؛ لأنها أولاً: لا تحتاج إلى شيخ تقرأ عليه، سهلة صيغت بلهجة ولغة يفهمها أهل العصر، طريقة سهلة ميسرة، وفيها أيضاً نوازل ووقائع لم توجد عند المتقدمين فيستفاد منها، يكفي هذا السؤال؟ نعم؟
هنا ثلاثة أسئلة إن بقي وقت تترك الأسئلة إلى آخر الدرس -إن شاء الله-، إحنا قررنا أن نأخذ كتاب اللباس كاملاً ونقف على الجنائز -إن شاء الله تعالى-، وهذا خلاف ما خططنا له سابقاً على الطريقة السابقة، لكن أشرنا مراراً إلى أن الإخوان ودهم إلى أننا نمشي حتى بعض الطلاب كأنه دب إليه الملل، والكتاب طويل فيحتاج إلى ما لا يقل عن خمس سنوات لاحقة، فنختصر كثيراً باعتبار هذا مطلب الجميع، وأرجو ألا يكون الاختصار مخلاً.