بلوغ المرام - كتاب البيوع (09)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا قرار من المجمع الفقهي التابع للرابطة في تجارة الذهب، يقولون: في قرارهم (أ): يجوز شراء الذهب والفضة بالشيكات المصدقة على أن يتم التقابض بالمجلس، يعني يتم قبض الذهب والشيك، هم يجيزون هذا، الشيك المصدق لا مفر من الالتزام به، بخلاف الشيك غير المصدق، وأيضاً الشيك المصدق، وهو مضمون في هذه الحالة إلا أن التقابض فيه ما فيه، ومع أنهم أجازوه فالورع تركه.
يقول: تأكيد ما ذهب إليه عامة الفقهاء من عدم جواز مبادلة الذهب المصوغ بذهب مصوغ أكثر مقداراً منه، لأنه لا عبرة بمبادلة الذهب بالذهب بالجودة أو الصياغة، وعلى هذا إذا اشتريت قلادة زينتها أثنا عشر دينار باثني عشر دينار، هذه إذا كانت خالصة فهي تساوي الموجود، وإذا كان فيها شيء من غير الذهب يجب فصله، ولا يقال: إن هذا القدر الزائد فيها اثنا عشر دينار مثل ما ذكر عن الحنفية في درس الأمس، يكون الزائد في مقابل ما زاد على الذهب، فيها اثني عشر دينار تشتريها بثلاثة عشر دينار، قلنا: اثني عشر في مقابل اثنى عشر، والدينار الزائد مقابل الخرز والصياغة، يقول: لأنه لا عبرة بمبادلة الذهب بالذهب بالجودة أو الصياغة، بالجودة يعني تشتري ذهب عيار واحد وعشرين بعيار ثمانية عشر، لا بد من التماثل والتقابض، ويقولون أيضاً في كلام: لذا يرى المجمع عدم الحاجة للنظر في هذه المسألة مراعاة لكون هذه المسألة لم يبق لها مجال في التطبيق العملي؛ لعدم التعامل بالعملات الذهبية بعد حلول العملات الورقية محلها، وهي إذا قوبلت بالذهب تعتبر جنساً آخر، العملات الورقية جنس مستقل، لا ذهب ولا فضة، يجوز بيعها بالذهب، وبيع الذهب بها متفاضلاً إذا كان يداً بيد، وقل مثل هذا في الفضة، وكونها غير قابلة للتطبيق العملي لا يعني هذا أن تهمل دراسته، وما يدريك أنه في يوم من الأيام تعود الأمور إلى ما كانت عليه.
(ج) تجوز المبادلة بين مقدار من الذهب ومقدار أخر أقل منه مضموم إليه جنس أخر، وذلك على اعتبار أن الزيادة في أحد العوضين مقابلة بالجنس الآخر بالعوض الثاني، هذا هو رأي من؟ رأي الحنفية الذي ذكرناه في حديث القلادة، والجمهور على أنه لا بد من فصل الذهب عن غيره، ذهب بذهب يباع بذهب مع التساوي والتقابض، وما زاد عليه يباع بقيمته.
قرر ثانياً: بشأن الحلول الشرعية لاجتماع الصرف والحوالة، وهذا يحتاجه الوافدون إلى غير بلادهم، إذا توفرت إليهم أموال وأرادوا تحويلها إلى بلدانهم مع اختلاف العملة.
يقول: الحوالات التي تقدم مبالغها بعملة ما، ويرغب طالبها تحويلها بنفس العملة جائزة شرعاً، سواء أكانت بدون مقابل أو بمقابل حدود الأجر الفعلي، يعني جنيه تسلم جنيه أو ريال وتقبضه في البلد الثاني أو يقبضه وكيلك بنفس العملة جنيه أو دولار أو ريال، هذا ما فيه إشكال، وإن أخذوا عليك أجرة التحويل فلا بأس.
فإذا كانت بدون مقابل فهي من قبيل الحوالة المطلقة عند من لم يشترط مديونية المحال إليه، يعني الحوالة من ذمة إلى ذمة الأصل فيها أن يكون الثاني المحال عليه مديون، وهنا ليس بمديون، وهم الحنفية وهي عند غيرهم سفتجة، وهي إعطاء شخص مالاً لأخر لتوفيته للمعطي أو لوكيله في بلد أخر، يعني ليست من قبيل الحوالة هذه، نعم هي تحويل من بلد إلى بلد، وتحول من بلد إلى بلد، لكن الحوالة الواردة في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- المتفق عليه ((من أحيل على ملئ فليحتل)) ليست هذه؛ لأن الملئ الثاني مدين، وأنت تريد أن تحيل إلى شخص غير مدين، هي تحويل وليست حوالة، وإذا كانت بمقابل فهي وكالة بأجر، وإذا كان القائمون بتنفيذ الحوالات يعملون لعموم الناس فإنهم ضامنون للمبالغ جرياً على تضمين الأجير المشترك، يعني هل الذي تولى الحوالة أمين بحيث لو لم تصل هذه الحوالة إلى البلد الثاني يضمن أو لا يضمن؟ فرق بين أن يحول نفس المال الذي أعطيته، أعطيته مبلغ من المال مربوط برباط، ومغلف بغلاف، ومكتوب عليه اسمك، واسم من يصل إليه، وقلت: هذا المال أوصله إلى البلد الفلاني، هو في هذه الحالة أمين، لكن تعطيه مبلغ من المال يدخله في حساباته، ويضارب به، ويسلم في البلد الثاني غير هذا المال، هذا مضمون بلا شك.
يقول: إذا كان المطلوب في الحوالة دفعها بعملة مغايرة للمبالغ المقدمة من طالبيها فإن العملية تتكون من صرف وحوالة بالمعنى المشار إليه في الفقرة (أ)، وتجري عملية الصرف قبل التحويل، وذلك بتسليم العميل المبلغ للبنك، وتقيد البنك له في دفاتره بعد الاتفاق على سعر الصرف، يعني على كلامهم ما يحتاج إلى قبض مجرد ما يسجل لك المبلغ بالعملة التي تريدها انتهى هذا صرف على كلامهم، وإلا فالأصل في الصرف أنه لا بد من التقابض فيه، وذلك بتسليم العميل المبلغ للبنك، وتقييد البنك له في دفاتره بعد الاتفاق على سعر الصرف المثبت في المستند المسلم للعميل، ثم تجد الحوالة بالمعنى المشار إليه، يعني ما يحتاج قبض عندهم، مجرد ما يثبتونه في دفتر الحوالة، أو في مستنداتهم أن لك عندهم كذا، سلمتهم ألف ريال، وتريدها أن تسلم في مصر جنيهات، وقلت لهم، اتفقت معهم على أن يكون الصرف ألف ريال بألف وخمسمائة جنيه، سلمتهم الألف وقيدوا لك ألف وخمسمائة جنيه ويسلمونها هناك لوكيلك، هذا صرف وحوالة، والأصل أن تسلمهم الألف ويسلموك الألف وخمسمائة جنيه في المجلس، في المكان، ثم تدفع لهم ما تريد تحويله، هذا هو الأصل لا بد من التقابض، وهم يقولون: إن مجرد التقييد في مستنداتهم وأن لك عندهم هذا المبلغ يكفي، وهذا لا يخلو من تساهل.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-:
باب: الرخصة في العرايا، وبيع الأصول والثمار.
عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً" متفق عليه.
ولمسلم: "رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمراً يأكلونها رطباً".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص في بيع العرايا بخرصها من التمر فيما دون خمسة أوسق, أو في خمسة أوسق" متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الرخصة في العرايا، وبيع الأصول والثمار.
الرخصة في الأصل هي التيسير والتسهيل، ومن ذلكم قول الناس: رخصت الأسعار، بأن صارت سهل ميسرة لعموم الناس، والرخصة في اصطلاح أهل العلم: ما شرع من الأحكام لعذر مع قيام المانع لولا ذلك العذر، ويعرفونها أيضاً بأنها: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، فأكل الميتة ثبتت على خلاف الدليل الشرعي؛ لأن الله حرم الميتة، والعرايا ثبت على خلاف الدليل الشرعي؛ لأن بيع التمر بالتمر لا بد فيه من التساوي، ولا يباع الرطب بالجاف؛ لأن الجاف ينقص، ((أينقص الرطب إذا جف؟)) أو إذا يبس؟ قالوا: نعم قال: ((فلا إذاً)) هذا الأصل، وذلكم لأن المساواة لا تتحقق، وهنا العرايا رخص فيها بالدليل الشرعي، فهي جاءت على وفق دليل شرعي، جاءت بدليل شرعي على خلاف دليل شرعي متقدم، وإلا فثبوتها بدليل شرعي، ولذا الرخص عامتها إنما يقتصر فيها على موارد الأدلة، ولا يتوسع فيها، بحيث لو احتاج الناس أو احتاج بعض الناس إلى محرم أشد من حاجة من احتاج إلى العرايا نبيح لهم المحرم بالدليل بالنص؛ لأنه احتاج إلى هذا الأمر أشد من حاجة صاحب العرية إلى العرية، الأصل العزيمة، والرخصة على خلاف ذلك الأصل فيقتصر في الرخص على مواردها؛ لأن بعض الناس وهو في بيته عليه من المشقة في الصيام وفي توقيت الصلاة أكثر من مشقة المسافر، نقول: يرخص له أن يجمع وأن يفطر وهو في بيته؟ افترض شخص ما عنده مكيفات ومسافر سافر بالطائرة أيهما أشد مشقة؟ في عز الصيف ما عنده مكيف وهو في بيته، وهذا مسافر بالطائرة السفر مدته ساعة، ويصل إلى فندق، والطائرة مكيفة، والوسيلة بين الطائرة والبيت وبين الطائرة إلى المسكن الجديد أيضاً مريحة أيهما أشق؟ لا شك أن الذي في بيته هذا إن سلم من مزاولة الأعمال الشاقة، المسافر أسهل مشقة من المقيم، ونادى بعض المفتونين بجواز فطر العمال؛ لأن عليهم من المشقة أكثر مما على المسافرين، وعلى هذا يفطرون، نقول: لا يا أخي الرخصة جاءت على خلاف الأصل، على خلاف الدليل الشرعي، فيقتصر فيها على مواردها، ولا يتوسع فيها، على موارد النصوص فقط.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"عن زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً" والمراد ثمر العرايا، والمراد بالعرايا أحد أمرين: إما أن يحتاج الفقير إلى تمر يأكله رطباً مع الناس، وليس عنده ما يشتري به، وعنده ما يبقى من تمر العام الماضي جافاً فأبيح له أن يشتري بالتمر الجاف بخرصه مما على رؤوس النخل؛ ليأكل مع الناس تمراً رطباً، هذا يلاحظ فيه حاجة المحتاج الفقير، تفسر الثاني للعرايا، وقال به جمع من أهل العلم: أن الناس جرت عادتهم بمنح بعض الناس نخلات يأكلون ثمارها مع الناس من باب الإحسان إليهم، يأتي إلى جاره أو إلى قريبه الفقير ويقول: لك هذه الخمس النخلات تخرف منها كل يوم بيومه، وتأكل مع الناس من التمر الرطب، ثم عاد هذا المعرى الموهوب المتصدق عليه المحسن عليه يسيء يتحين فرصة وجود هذا الشخص المحسن مع أسرته في أول النهار أو في أخره، أو في أثنائه في وقت توافرهم في هذا المكان فيطرق الباب ليأخذ من التمر، ومن الغد يا فلان نبي ندخل نأخذ التمر، فيتضرر هذا المحسن هو وعائلته يفرقهم، ويضيق عليهم بتردده، وحينئذٍ يقول له: خذ من هذا التمر اليابس بقدره، وفكنا، وهذا فيه نظر إلى مصلحة الغني الذي هو صاحب التمر الأصلي المحسن، سواء كانت على هذا التفسير أو على التفسير الأول هي على خلاف الأصل؛ لأن الرطب لا يباع بالجاف، الأمر الثاني: أن الخرص لا يكفي في بيع الربوي بجنسه؛ لأنه لا بد من تحقق التماثل.
"أن تباع بخرصها كيلاً" هذه النخلات الخمس فيها أربعة أوسق، ثلاثة أوسق، خمسة أوسق على الخلاف في الخمسة يشتريها المحتاج بمثلها بخمسة أوسق، لكن هل المماثلة متحققة؟ ليست متحققة من وجهين: الأول: أن الخرص لا تتحقق فيه المماثلة بدقة، وإن وجد بعض الناس الذي يخرص البساتين فلا تزيد ولا تنقص، لكن هذا فيه عدم علم بالتساوي، العلم أمر لا بد منه بأن يكون التساوي مقطوعاً به لا مظنوناً فمن هذه الحيثية يمنع لعدم التساوي، لعدم العلم بالتساوي، ومن جهة أخرى أنه يباع الرطب باليابس، وقد جاء النهي عنه، "رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً" ويلاحظ في هذا الترخيص حاجة الفقير على التفسير الأول، وحاجة الغني على التفسير الثاني "متفق عليه".
"ولمسلم: رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمراً يأكلونها رطباً" مع الناس، العرية هذه الأصل في تمرها الرطب أن يكون على رؤوس الشجر، وإذا كانت على الأرض تمر رطب مجذوذ وعلى الأرض، يعني ألا يمكن أن يقال في الأصل في مسألة العرية بع القديم واشترِ جديد، كما قيل: بع الجمع بالدراهم واشترِ بالدراهم جنيباً، يمكن أن يقال له، لكن الشارع الحكيم لحظ أنه إذا باعه لا يأتي له بقيمة، لا يأتي له بقيمة يستفيد منها، فيبعها برخص شديد؛ لأنه مضى عليه حول، والناس لا يريدونه، يريدون من التمر الجيد الرطب، فلحظ حاجته فأباح له أن يشتري به بقدره؛ لأنه احتمال أن يبيع الخمسة الأوسق من التمر الجاف بما يساوي قيمة وسق واحد، فلما لحظت مصلحته وحاجته، والذي منع هذا هو الذي أباح هذا، لما جاز مثل هذه الصورة.
"ولمسلم: رخص بالعرية يأخذها أهل البيت بخصرها تمراً يأكلونه رطباً" قلنا: إنه إذا كان الرطب على رؤوس الشجر فيه الخرص يكفي، وإن لم تتحقق فيه المساواة، لكن إذا كان مجذوذاً على الأرض فمن أهل العلم من يمنع فيه هذه الصورة، ومنهم من يقول: إن كون الثمرة على رؤوس النخل وصف لا أثر له، إنما الفقير يريد أن يأكل رطب، ومنهم من يرى أن هذا الوصف له أثر؛ لأنه يريد أن يأكله بالتدريج مثل الناس، وإذا كان على الأرض ما أكله بالتدريج، بخلاف ما إذا كان على رؤوس النخل، وعلى كل حال كونه على رؤوس النخل هو الأحوط.
يقول: إن رجالاً محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا نقد في أيديهم يبتاعون به رطباً، ويأكلون مع الناس، وعندهم فضول قوتهم من التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرسها من التمر، وجاء التنصيص على كونه على رؤوس الشجر في بعض الروايات، وعرفنا أن هذا الوصف هل له أثر أو لا أثر له؟ منهم من يقول: لا أثر له؛ لأنهم يريدون أن يكون رطب وهذا رطب، ومنهم من يقول: له أثر؛ لأنه وإن كان رطباً على الأرض إلا أنه لا يؤكل بالتدريج، الرطب إذا كان على الأرض لا شك أنه في اليوم الأول مو مثل اليوم الثاني، واليوم الثالث ما هو مثل الثاني وهكذا، بينما لو كان على رؤوس الشجر استمر لمدة شهر أو أكثر يؤكل رطباً بالتدريج.
ولذا يرى بعضهم أن العرية لا تأتي إلا إذا كان على رؤوس الشجر، في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص ببيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة، وهذا شك من الراوي، بين الإمام مسلم أن الشك فيه من داود بن حصين، يقول: شك داود هل قال: دون خمسة أوسق، أو قال: خمسة أوسق؟ ما دون خمسة أوسق لا خلاف فيه، وما فوق الخمسة لا خلاف في منعه أيضاً، والخلاف في الخمسة، والأحوط ألا تبلغ الخمسة؛ لأن الخمسة مشكوك فيها، وترجم ابن حبان في صحيحه: الاحتياط ألا يزيد على أربعة أوسق، يعني دون خمسة أوسق، هل يقال: الأربعة دون الخمسة، صحيح الأربعة دون الخمسة، لكن أربعة ونصف دون الخمسة؟ نعم؟ لو قيل: خمسة أسوق إلا كيلو أو إلا صاع واحد، مائتين وتسعة وتسعين صاع هذه دون خمسة أوسق، يصدق أنها دون خمسة أوسق، وابن حبان يقول: الاحتياط ألا يزيد على أربعة أسوق؛ لأنه ما دون الخمسة إلا الأربعة من الأعداد، نعم، وفي المسند حديث: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة، فلم يصل إلى ما دون الخمسة من الكسور، طيب احتاج في العرية أن يأكل هو وأولاده، لكن هذا فقير عنده بيوت، أربعة بيوت مملؤة بالنساء والذراري والأحفاد والأولاد، فاشترى خمسة أوسق فانتهت قبل أن ينتهي ما يسمى بالمقياض، تعرفون المقياض؟ وقت أكل التمر الرطب في وقته يعني، فاحتاج إلى خمسة ثانية هل يجوز له أن يشتري خمسة ثانية بتمر؟ أو يقال: لا، حد لك الشرع خمسة واستوفيتها، نعم؟
طالب:........
نعم، يعني كل بيت خمسة، يعني له أن يأخذ عشرين وسق، رخص في العرية يأخذها أهل البيت، يعني وأهل البيت الثاني لهم مثلها، وأهل البيت الثالث لهم مثلها، وأهل البيت الرابع لهم مثلها، أو نقول: إن هذا الرجل الذي يريد أن يعقد الصفقة ليس له أن يأخذ أكثر من خمسة، إنما يأخذ خمسة فما دون على الخلاف في الخمسة، المقصود أنه فيما دون خمسة أوسق الأمر فيه سعة، لكن إذا احتاج إلى ذلك، المسألة فيما إذا احتاج أكثر من الخمسة، أصل المسألة رخصة، والرخصة جاءت على خلاف الأصل، على خلاف الدليل للحاجة والحاجة تقدر بقدرها عند أهل العلم، إذا كان يكفيه وسق واحد، الحاجة تقدر بقدرها، ولذلك قال: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة، فكأن الواو هذه بمعنى (أو) التي هي للتقسيم، إذا كان يكفي واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة، وإذا تعدى ذلك للخمسة مع أنه لا يحتاج إلا لواحد، الآن الوسق ستون صاعاً، نعم، والصاع قل: ثلاثة كيلو أو كيلوين ونصف، ستون صاع يعني مائة وخمسين كيلو، فإذا احتاج إلى خمسة من مائة خمسين سبعمائة وخمسين كيلو، هذه تكفي أكبر عائلة، يعني في ظروفنا التي نعيشها، لكن عندهم هم ولا طعام إلا التمر والماء، يحتاجون إلى أضعاف ذلك، الحاجة تقدر بقدرها، والرخصة جاءت على خلاف الأصل، إذاً لا يأخذ أكثر من حاجته، لكن إذا احتاج إلى أكثر من الخمسة، هل نقول: إن الرخصة جاءت في الخمسة فما فوقها لا يجوز؟ هذا هو الأصل، مهما بلغت أسرته لا يزيد عن الخمسة، وهل يقاس على غير التمر؟ هل يقاس غير التمر عليه؟ غير التمر، احتاج إلى عيش؟
طالب:........
هاه؟
طالب:........
نعم هي النخل.
طالب:........
لكن احتاج إلى عيش، وعنده عيش يابس من عيش العام الماضي واحتاج إلى رطب، الرخصة لا تتعدى محلها، الأمر الثاني: أن غير التمر الحاجة إلى يابسه أشد من الحاجة إلى رطبه، فإذا كان عنده أربعة أوسق من البر الجاف الذي من أجود الأشياء للاستعمال، والحب عموماً كلما طالت مدته زادت جودته، إن سلم من سوس، هل يقال: إنه يقاس على التمر ما في معناه من الربويات فيجوز للحاجة بهذا المقدار؟ أو يقال: إن الحاجة للأكل الرطب إنما هو في التمر خاصة، وإذا قلبنا المسألة صاحب الزرع خلِّ المحتاج هو صاحب الزرع عنده حب عيش بر في سنبله، ما تم نضجه، بدا صلاحه ولم يتم نضجه، واحتاج إلى عيش جاهز للاستعمال، هل نقول: من باب القياس على العرية في النخل، أن لهذا أن يأخذ من الصالح للاستعمال بشيء من ثمرة بستانه التي لم تصلح بعد للاستعمال وإن بدا فيها الصلاح؟ يعني لاحظنا حاجة المحتاج في التمر فهل نلاحظ حاجة الغني في غير التمر؟ وأنت افترض مسألة في مزارع لا يجد ما يشتري به عيش جاهز، وعنده عيش غير جاهز، يعني عكس العرية، يعني هل القياس يدخل في الرخص أو لا يدخل؟ يدخل القياس في الرخص وإلا ما يدخل؟ الآن متصورين المسألة؟ يعني في مسألة العرية على التفسير الأول لاحظنا حاجة المحتاج، وعلى التفسير الثاني لاحظنا حاجة صاحب النخل، صاحب البستان، فهل نلاحظ حاجة صاحب الزرع إذا أراد حباً جاهزاً للأكل، جاهز، الحب الآن بدأ يشتد وبدا صلاحه، لكنه غير جاهز للاستعمال إلا بعد مدة شهر أو شهرين، فهل نقول له: إذا كان عند أحد من الحب الجهاز الاستعمال يجوز أن يعريك منه بشيء من حبك غير الجاهز أو لا؟ العكس العرية التي في النخل؛ يعني مو متصور المطابقة، الإخوان معنا وإلا ما هم معنا؟ يعني هل يمكن تطبيق التنظير بين البر وبين التمر من كل وجه؟ أو أن الحاجة في البر تختلف عن الحاجة إلى التمر؟ عكس الحاجة إلى التمر، يعني قلنا: حاجة المحتاج إلى التمر ليأكله رطب، البر لا يؤكل رطب إنما يأكل جاف، يعني الآن نتصور الفقير المحتاج عنده بر رطب، يمكن نتصور هذا وما عنده بستان؟ ما عنده، عنده جاهز للاستعمال، والمزارع هو الذي عنده رطب غير جاهز للاستعمال، فهل ننظر إلى حاجته كما نظرنا إلى حاجة المحتاج الأول، ونجيز له العرية بخمسة أوسق فما دون، الأصل ألا يقاس على ما جاء في التمر، نعم.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها, نهى البائع والمبتاع" متفق عليه.
وفي رواية: وكان إذا سئل عن صلاحها? قال: "حتى تذهب عاهته".
وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار حتى تزهى.
تزهيَ.
أحسن الله إليك.
حتى تزهي، قيل: وما زهوها? قال: "حتى تحمار وتصفار" متفق عليه, واللفظ للبخاري.
وعنه -رضي الله تعالى عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع العنب حتى يسود, وعن بيع الحب حتى يشتد" رواه الخمسة إلا النسائي, وصححه ابن حبان والحاكم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها" نهى البائع والمبتاع، نهى البائع أن يبيع قبل بدو الصلاح، ونهى المشتري أن يشتري قبل بدو الصلاح، وفي رواية: وكان ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- إذا سئل -راوي الحديث- عن صلاحها، قال: "حتى تذهب عاهتها" لأنها معرضة للآفة وللتلف قبل بدو صلاحها، وقبل خروج النجم الذي هو الثريا؛ لأن الله جعله علامة على ارتفاع العاهة، وإلا فلا أثر له في الحقيقة، لكن خروجه علامة على أنه وصل إلى الوقت الذي فيه الآمان من العاهة.
"عن..... الثمار حتى يبدو صلاحها" والصلاح يكون باللون، نهى بيع الثمار حتى تزهي، قيل: وما زهوها قال: تحمار أو تصفار، هذا بالنسبة للتمر، وبالنسبة للعنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد، هذا صلاحها، التمر حتى يحمار أو يصفار، وبالنسبة للعنب حتى يسود، وهذا في العنب الأسود، وفي الأحمر حتى يحمر، وفي غيره مما لا يختلف لونه سواء كان بدا صلاحه أو لم يبدو في أول أمره أو في أخره، مثل هذا حتى يتموه حلواً، وعن بيع الحب حتى يشتد يصلب هذا علامة بدو الصلاح، فإذا طلع النجم وهو الثريا أمنت العاهة بأذن الله، إذا تموه العنب حلواً أمنت عاهته، إذا اشتد الحب أمنت عاهته، إذا احمار أو اصفار التمر أمنت عاهته، والبيع قبل ذلك لا يجوز، لا البيع ولا الشراء؛ لأنه تعريض للمال للتلف، وقد جاء النهي عن إضاعة المال، وتكثر بسببه الخصومات والنزاع؛ لأنه إذا لم يحمار أو يصفار أو يشتد أو يسود تكثر الخصومة، يصير عرضة للتلف، ثم يحصل الشقاق والنزاع، البائع يقول: بعتك ولا..... وتفرقنا، ولزم العقد، والمشتري يقول: فرطت بالسقي، نقصت الماء، زدت الماء؛ لأنه في هذه المرحلة قبل بدو الصلاح عرضة للتلف، وعرضة للآفة، وما كان سبيله أن يؤدي إلى شقاق أو نزاع يمنع شرعاً، أما إذا بدا صلاحه فإنه حينئذٍ يؤمن العاهة، ولذا إذا بيع قبل بدو الصلاح بشرط القطع يجوز وإلا ما يجوز؟ لأنه..... في حجة للمشتري أن يقول: أغرقته بالماء، أو شححت عليه بالماء بشرط القطع، إذا اشتراه المشتري قبل بدو صلاحه بشرط القطع يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، لماذا؟ لأنه ما في شقاق ولا نزاع، لن تتركه مدة بحيث تدعي على البائع أنه قصر في سقيه أو زاد فيه حتى تلف، بشرط القطع اشتر واقطع، كونك تستفيد أو لا تستفيد أنت ما أنت مشتريه إلا من أجل فائدة، للبهائم أو لأي أمر آخر، تدخله في صناعة، في شيء هذا شأنك، لكن مثل هذا لا يؤدي إلى شقاق ولا نزاع، ولذا أجازوه بشرط القطع، أما الذي لا يجوز حتى يبدو صلاحه بشرط البقاء.
الصلاح في الثمرة هل يكفي بدو الصلاح في نخلة واحدة؟ أو في جنس واحد من النخل؟ أو في البستان كله في كل نخلة نخلة؟ بدو الصلاح وهو ظهوره لا يلزم أن يكون في كل تمرة تمرة، صح وإلا لا؟ لأن معنى بدوه ظهوره يعني أوله، لا يلزم أن يكون في كل تمرة تمرة، لكن هل يلزم أن يكون في كل نخلة نخلة، هذه بدا صلاحها يجوز بيعها، وهذه لم يبدو صلاحها فلا يجوز بيعها، هذا الجنس بدا صلاحه يجوز بيعه، وذاك الجنس لم يبدو صلاحه، هذا النوع ما بدا صلاحه لا يجوز بيعه، تعلمون أن النخل بعضه يسبق بعضاً بالصلاح، والصلاح هي للأكل، بعضه يتقدم وبعضه يتأخر، فإذا كان من النوع الذي يتقدم بدا صلاحه، وأما النوع الذي يتأخر لم يبدو صلاحه يجوز بيعه وإلا ما يجوز بيعه؟ يعني هل يكفي بدو صلاح نخلة واحدة في البستان للحكم على البقية؛ لأن اللفظ يبدو يحتمل صلاح البستان كله، ويحتمل صلاح النخلة بمفردها، ويحتمل صلاح النوع بجملته، يعني ما في تفاوت في صلاح النخل؟ بعضها ينزل إلى السوق قبل بعض بشهر وشهرين، بعضها يبادر وبعضها يتأخر؟ يعني هل صلاح المبادر يكفي لبيع الذي يتأخر أو لا يكفي؟ يعني طلوع النجم مثلاً طلوع الثريا الذي معه تؤمن العاهة، ويحصل معه بدو الصلاح هل مع طلوع النجم يبدو صلاح جميع الأنواع؟ المسألة يا الإخوان دقيقة، علق بطلوع النجم الذي هو الثريا، وعلق ببدو الصلاح، ومعلوم أن بعض النخل يتقدم وبعضه يتأخر، نوع يتقدم ونوع يتأخر، بدا صلاح المتقدم وطلع النجم نبيع المتأخر وإلا ما نبيعه؟ يُباع وإلا ما يُباع؟ طلع النجم الذي معه تؤمن العاهة؟ نعم؟
طالب:........
إيه لكنها وضعت سبب وعلامة، وضعت علامة على أمن العاهة، بمعنى أن طلوع النجم هل هو سبب مستقل يمكن أن يعلق عليه الحكم أو الأصل بدو الصلاح؟ وطلوع النجم وقت له في الغالب، يعني التعليق على بدو الصلاح، وبدو الصلاح هل يلزم في كل نخلة نخلة؟ عندنا مائة نخلة سكري ومائة نخلة خضري، مائة نخلة صفري، مائة نخلة برحي، هذه المئات بعضها يتقدم صلاحه على بعض، بعضه يتقدم وبعضه يتأخر، هل وجود الصلاح في نخلة من أي نوع من الأنواع يجيز بيع البستان كامل؟ أو نقول: بدو نخلة شيء من ثمر نخلة ما هو بكل النخلة بعد، بدا فيها الصلاح يعني ظهر فيها لأول الأمر الصلاح في نخلة، يجيز بيع هذه النخلة أو يجيز بيع النوع من جنسها؟ أو يبيح بيع جميع البستان، شوف "عن بيع الثمار حتى يبدو وصلاحها" على كل حال المسألة فيها ثلاثة أقوال: على حسب الاحتمالات التي ذكرناها، منهم من يقول: بدو الصلاح يكفي في نخلة وحدة؛ لأنه بدا صلاح نخل هذا البستان، ومنهم من يقول: لا بد أن يكون في جنس تلك الثمرة المبيعة، يعني بدا الصلاح بالبرحي ما نبيع السكري، بدا الصلاح في الخضري ما نبيع الصفري حتى يبدو صلاحه؛ لأنه في الغالب أن يكون صلاح النوع الواحد متقارب جداً، وبعضه من الأنواع الأخرى قد يتقدم وقد يتأخر، ومنهم من يرى أنه لا بد يبدو الصلاح في كل شجرة، ولا يجوز بيع شجرة لم يبدو صلاح ثمرها، واللفظ: "يبدو صلاحها" محتمل، نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، اللفظ محتمل للنخلة الواحدة وللنوع الواحد وللبستان بكامله، ولا شك أنه إذا جرت العادة بأنه إن كان الصلاح متلاحقاً يعني بدأ صلاح هذه النخلة اليوم، وغداً هذه، وبعده هذه، إذا كان متلاحق لا إشكال، لكن إذا كان يتأخر، وبعض النخل يتأخر شهرين، فمثل هذا لا بد أن يبدو صلاح نفس النوع، وأما بيع الثمار قبل بدو صلاحها بشرط القطع عرفنا أنه أجازه جمع من أهل العلم؛ لأن المفسدة المترتبة على بيع الثمار قبل بدو صلاحها غير موجودة.
حديث: "أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار حتى تزهي" تزهي من أزهى الرباعي، ومضارعه يزهي، حتى تزهي، ومنهم من يقول: من زهى الثلاثي، ومضارعه يزهو، ولكن الخطابي يقول: الصواب الرباعي.
"قيل: وما زهوها؟ قال: تحمار وتصفار" تحمار وتصفار، تحمار، وفيه: تحمر، قالوا: إن هذه الصيغة (تفاعل) هي البداية، بداية الحمرة، بداية الصفرة، وهي حمرة أو صفرة بكمودة، وهو الموافق لتبدو، فلا يلزم أن تكون الحمرة خالصة أو الصفرة خالصة، يعني مجرد ما يبدأ بها تغير اللون إلى الاحمرار أو الاصفرار يكفي، وفي حديث أنس الذي يليه، وهو صحيح أيضاً:
"وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع العنب حتى يسود" وعرفنا أنه إذا كان نهايته إلى السواد، والعنب منه الأسود، ومنه الأحمر، ومنه الأبيض، فالأسود حتى يسود، والأحمر حتى يحمر، والذي لا يختلف لونه في بداية أمره ولا نهايته أن يتموه حلواً.
"وعن بيع الحب حتى يشتد" يصلب ويصلح للاستعمال، وأما قبل ذلك فلا يجوز؛ لأن الآفة غير مأمونة، ويخشى عليه من التلف فيحصل الشجار والنزاع والخصام، نعم.
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق?)) رواه مسلم.
وفي رواية له: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح.
وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع)) متفق عليه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة, فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق?)) وفي رواية والحديث مخرج في مسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح.
الجائحة، وجمعها الجوائح مشتقة من الجوح، وهي الاستئصال، وفي الحديث: "أن أبي يجتاح مالي" تأتي المصيبة وتأتي الكارثة فتجتاح ما أمامها من مال وولد وغيره، فالذي يأتي على الاستئصال يقال له: جائحة، لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة، بعت منه تمراً وتركه عندك حتى أصابته الجائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ الآن البيع هذا قبل بدو الصلاح أو بعده؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((بم تأخذ مال أخيك؟)) يعني إذا بعت بعد بدو الصلاح بعد الإذن بالبيع، وقبض التمر بالتخلية؛ لأن هذا قبضه المعتبر، وأخذت قيمته بعد تلفه أنت أخذت قيمة مالك وإلا مال أخيك؟ الحديث يحتاج إلى إمعان في النظر؛ لأنه يقول: ((بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟)) إذا بعت على الوجه المشروع، انتظرت حتى بدا الصلاح، فبعت، وقبضت، والقبض حينئذٍ بالتخلية، صار الدراهم الذي عنده في مقابل هذا الثمر مالك وإلا مال أخيك؟ مالك أنت، وفي الحديث يقول: ((بم تأخذ مال أخيك؟)).
طالب:........
وين؟
طالب:........
لا، لا، البائع، البائع كيف يأخذ مال أخيه؟ أنا بعت عليك نخل بدا صلاحه، بعت عليك تمر بمائة ألف ريال بدا صلاحه، وقلت لك: استلم، تعال استلم تمرك، ودرت فيها وقلت: خلاص اشتريت، وهذه القيمة مائة ألف، بعد مدة وقبل أن تستوفيه استفاء الفعل بأن تجذه أصابته جائحة وانتهى، ونعرف جميعاً أن الماء يفسد الرطب، نزل المطر ففسد، المال الذي أخذته منك المائة ألف مالي وإلا مالك؟ مالك أنت، أنا البائع، إذاً صار المال لي، وأنت قبضت تمرك، والرسول يقول: ((بم تأخذ مال أخيك؟)) أنا في هذه الصورة ما هو بمال أخي هو مالي.
طالب:........
....... لو قال: ابتعت من أخيك، يقلب المعنى اللي بتقوله أنت، هذا فيه قلب للمعنى، أنا بعت عليك تمر بسر ما هو بتمر، ملون، بدا صلاحه، وقبضته بالتخلية قبضاً شرعياً معتبراً، وأعطيتني القيمة، وتصرفت في هذه القيمة، دخلت فيها مساهمة وخسرت مائة ألف كاملة، فأصابت التمر جائحة، أرد عليك المائة وإلا ما أردها عليك؟
طالب:........
لا افترض أنه ما أهمل، افترض أن شخص ما أهمل، أرد عليك المائة ألف باعتباره مالك، بالنسبة لي مال أخي كيف استحله؟ أو أن المال مالي لأنه في مقابل ثمرتي التي بعتها بعد ما أذن لي ببيعها، وقبضها صاحبها؟ نريد أن نتوصل بهذا إلى أن من أهل العلم من قال: إن البيع، والأمر بوضع الجوائح بالنسبة لمن باع قبل بدو الصلاح، خالف وباع قبل بدو الصلاح، يعني أنا ما أذن لي أن أبيع، ما بدا صلاحه، فالبيع ليس بصحيح، فالمال مال أخي كيف أستغله؟ ظاهر الفرق بين الصورتين وإلا ما هو بظاهر؟ لأنه في الحالة الأولى وهو بعد بدو الصلاح أنا أذن لي أن أبيع ببدو الصلاح، وبعت على الوجه المشروع، وقبضت الدراهم وصرفتهن، انتهت، المال مالي وإلا مال أخي؟ نعم، مال البائع؛ لأنه باع مالاً مأذون له في بيعه، وحينئذٍ يكون ماله والمشتري قبض المبيع قبضاً شرعياً معتبراً بالتخلية، كونه يتلف من ضمان البائع وإلا من ضمان المشتري؟ من ضمان المشتري؛ لأن البيعة تمت على الوجه الشرعي المأذون فيه، والمال صار مال البائع ما هو بمال المشتري، وفي الحديث يقول: بما تأخذ مال أخيك، بهذا يقول: من يرى أن الصورة منزلة على البيع الذي حصلت فيه المخالفة، وصار البيع قبل بدو الصلاح؛ لأن المال ما هو بمال البائع، ما أذن له بالبيع، فالمال لا يحل له، فليس له، وحينئذٍ يلزمه أن يعيده إليه.
طالب:........
لا، لا، ما عنده مانع، يقطفها الآن.
طالب:........
ليش ما يأذن؟
طالب:........
لا، لا، يأذن له بقطف الثمار، ما عنده أدنى إشكال البائع، لكن المشتري لن يقطف حتى يتم الصلاح، منهم من يقول: ينزل على جميع الصور، حتى في الصورة المأذون فيها توضع الجوائح، فيحمل البيع على عمومه قبل بدو الصلاح، وبعد بدو الصلاح، وبما يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق، يعني باعتبار ما كان لأنك استوفيت الثمن، ولا وفيت السلعة، فحملوه على عمومه، فيما بدا صلاحه، وفيما لم يبدو صلاحه، وجاء الأمر بوضع الجوائح.
طالب:........
إذا كانت أمانة كيف يضمن؟ إذا قلنا: أنه أمين كيف يضمن؟ أما إذا فرط وتعدى، وزاد في الماء أو نقص من الماء كونه يضمن ظاهر، كون البائع يضمن لأنه قطع الماء، قال: والله هذا النخل إن أراده صاحبه يسقيه وإلا بكيفه، فمثل هذه الحالة يضمن، أو زاد عليه الماء من أجل أن يتلف في هذه الحالة يضمن؛ لأنه متعدي، لكن المسألة طبيعية آفة ما حسب لها حساب، فالأمر بوضع الجوائح، منهم من يقول: على سبيل الإلزام، وحينئذٍ تذهب الثمرة على صاحبها على البائع، ولا شيء على المشتري، ومنهم من يقول: هذا على سبيل الاستحباب، وينبغي أن يسود مثل هذا بين المسلمين، لكن إذا قلنا على سبيل الاستحباب، وقلنا: لصاحب البستان اضمن القيمة كاملة استحباباً وحثثناه على ذلك، لاحظنا مصلحة المشتري على حساب البائع، والأصل في الأحكام الشرعية أنها متوازنة وعادلة بين الأطراف كلها.
جاء في الحديث -حديث أبي سعيد- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الناس أن يتصدقوا على الذي أصيب في ثماره، يعني يتعاونون معه، الذي أصيب في ثماره هل هو البائع وإلا المشتري؟ يعني العقد الذي حصل بعد الإذن ببدو الصلاح، وبعد القبض بالتخلية وهو قبض شرعي معتبر، وانتقل المال من ضمان البائع إلى ضمان المشتري؛ لأنه انتقل إليه الملك، وقد أمر البائع بوضع الجوائح، وأمر الناس أن يتصدقوا على من أصيب بالجائحة، أمر البائع بوضع الجائحة لا شك أنه على سبيل الاستحباب، وهذا الذي يجري على قواعد الشرع؛ لأن البيع صحيح مأذون فيه، مكتمل الشروط والأركان، فالأمر بوضع الجائحة هنا على سبيل الاستحباب إن لم يحمل البيع على غير المأذون به، كما قال بعض أهل العلم، بدليل أنه قال: ((بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟)) وأنت إذا بعته بعد الإذن لك شرعاً صار ملك بحق، وأنت تأخذه بحق، وكون الناس يتصدقون على من أصيب بجائحة هذا أمر شرعي مقرر، فرفع الضرر عن المتضرر من المسلمين أمر لا بد منه، وجاء في حديث قبيصة بن المخارق لما تحمل الحمالة ذكر فيمن يتصدق عليه، وأن المسألة تحل له.
في الحديث الأخير حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ابتاع)) يعني من اشترى ((نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع)) من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر يعني: تلقح، واللقاح يكون بذر شيء من طلع الذكر على شيء من طلع النخلة الأنثى، هذا التأبير، وهذا هو التلقيح ((من ابتاع نخلاً)) يعني من اشترى نخلاً ((بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع)) يعني قبل بدو الصلاح أو بعده؟ كيف يجوز بيعه قبل بدو الصلاح؟ هاه؟
طالب:........
إيه الثمر ما زال، مؤبر، نعم؟ لا هو باع قبل بدو الصلاح، نعم؟
طالب:........
نعم البيع للنخل ما هو للتمر، البيع للنخل وليس للتمر، والتمر يكون تبعاً لا استقلالاً، وإلا لو بيع استقلالاً ما جاز؛ لأنه قبل بدو الصلاح، فإذا باع النخل بعد أن تعب البائع وأبرها ولقحها، فالثمرة للبائع إلا إذا اشترطها المشتري وقال: اشتريت النخل بثمرته، وحينئذٍ يكون له، هذا قول الجمهور عملاً بالحديث بمنطوقه ومفهومه، يعني مفهومه أنه إذا ابتاع النخل قبل أن تؤبر الآن بعد أن تؤبر الثمرة لمن؟ للبائع، وقبل التأبير قبل التلقيح مفهومه؟ للمشتري، مفهومه للمشتري، لكن أبو حنيفة، وهو لا يعمل بمثل هذا المفهوم، مفهوم المخالفة، قال: الثمرة للبائع، قبل التأبير وبعده، لماذا؟ بناء على أصله على عدم العمل بمفهوم المخالفة، نعم؟
طالب:........
الحديث منطوقه أن الثمرة بعد التأبير لمن تعب عليها وهو البائع إلا أن يشترطها المبتاع، فيقول: المشتري ترى بالثمر، النخل بالثمر، ومفهوم الحديث أنها قبل التأبير الثمرة لمن؟ للمشتري، الحديث له منطوق ومفهوم، مفهومه ومنطوقه معمول به عند الجمهور، عند الحنفية عملوا بمنطوقه دون مفهومه، وجعلوا ما تضمنه المفهوم مثل ما تضمنه المنطوق الكل للبائع، ولا شك أن اعتبار المفهوم مقرر في النصوص الشرعية، إلا إذا عورض المفهوم بمنطوق أقوى منه فإنه حينئذٍ يلغى إذا عورض بمنطوق أقوى منه، فإنه يلغى، ففي قوله -جل وعلا-: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة] مفهومه أنه لو استغفر لهم واحد وسبعين مرة أنه يغفر لهم،
لكن هذا المفهوم معارض بقوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء] وحينئذٍ يلغى المفهوم، {لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} [(130) سورة آل عمران] {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [(31) سورة الإسراء] هذا له مفهوم، لكن مفهومه ملغى؛ لأنه معارض بمنطوق أقوى منه، وإلا فالأصل أن المفهوم معتبر، ندخل في الباب الذي يليه.
سم.
أحسن الله إليك.
أبواب السلم والقرض والرهن
عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين, فقال: ((من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم, ووزن معلوم, إلى أجل معلوم)) متفق عليه.
وللبخاري: ((من أسلف في شيء)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
أبواب السلم والقرض والرهن:
السلم تقديم الثمن في مجلس العقد، مع تأخير المثمن إلى أجل مسمى، ولا بد من الأجل عند الجمهور، وأجازهم بعضهم في الحال، ولا بد أن يسلم الثمن في مجلس العقد، ولا يجوز أن يكون ديناً؛ لأنه يكون بيع دين بدين، فصورة السلم أن يأتي صاحب السلعة التي لا يمكن تسليمها إلا بعد مدة، مدة يكون لها وقع في الثمن كالثمر، كالتمر مثلاً، أو البر، يأتي المزارع المحتاج إلى المال إلى التاجر فيقول: الصاع من البر عندي بعشرة، لكن الثمرة لا يمكن الحصول عليها إلا بعد ستة أشهر، أنا أريد منك ألف ريال، أنا محتاج إلى ألف ريال، وأعطيك بعد ستة أشهر مأتي صاع بدل مائة، هذا سلم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قدم المدينة وهم يسلفون، والسلم هو السلف بمعنى واحد، والسلم لغة أهل الحجاز، والسلف لغة أهل العراق، القرض دفع المال لمن يحتاج إليه على أن يرده من غير زيادة ولا نقصان، وأما الرهن فهو توثقة دين بعين يمكن الاستيفاء منها، أو من قيمتها عند الحاجة.
"عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين" السنةَ يقولون: منصوب على نزع الخافض "قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين" يقول: تعطيني ألف على أن أعطيك مائتي صاع بعد سنة، أو ثلاثمائة صاع بعد سنتين، نعم "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم)) كيل معلوم مائة صاع، مائتي صاع، ثلاثمائة صاع، خمسين صاع، لا بد أن يكون الكيل معلوماً، ((ووزن معلوم))" إذا كان المبيع المسلم فيه مما يوزن، مائة كيلو، مأتي كيلو، ثلاثمائة كيلو.. إلى آخره، ((إلى أجل معلوم)) إلى يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا، لا بد من هذا لقطع دابر الشقاق والنزاع، إذ لو لم يعلم الكيل والوزن لادعى باذل النقود والدراهم أكبر قدر من السلعة المباعة، وادعى صاحب السلعة أقل قدر يقول: أسلفتك على مائتين، ويقول: لا أنا ما أسلفتك إلا على مائة، فلا بد من تحديد الكيل والوزن، والأجل أيضاً، هنا أسلفتك إلى ثمرة هذه السنة، ويقول: لا أنا استلفت منك إلى ثمرة السنة بعد القادمة، فيحصل الشقاق والنزاع، فلا بد من الوضوح، أن يكون الكيل والوزن معلوم، والأجل معلوم أيضاً، ومكان التسليم إذا كان له أثر لا بد من التنصيص عليه، إذا كان له أثر.
"وللبخاري: ((من أسلف في شيء))" لأنه في الحديث: ((من أسلف في ثمر فليسلف)) وللبخاري..، وفي بعض الروايات: ((من أسلف في تمر)) والثمر أعم من التمر، التمر خاص بالنخل، والثمر عام للنخل وغيره، وأعم منه من أسلف في شيء، ولذا من أهل العلم من يرى اختصاص السلم بالثمار، ومنهم من يطرده في كل شيء حتى في المصنوعات.
اشترطوا أن يكون المال مدفوع في مجلس العقد، وتجاوزا عن يوم أو يومين، وأيضاً اشترطوا أن يكون المسند فيه مؤجل أجلاً له وقع في الثمن، إذا كان المسلم فيه لا يكال ولا يوزن فإن كان مما يعد فبعدده، وإن كان من المصنوعات فبوصفه الدقيق الذي لا يختلف، هل يمكن ضبط..؟ هل يشترط في السلم أن يكون الطرف الثاني مالك لأصل السلعة أو لا يشترط؟ يعني هل لواحد منكم أن يذهب إلى تاجر ويقول: أنا محتاج إلى خمسين ألف سلمها الآن، وبعد شهرين أنا أسلمك سيارة هيلكس(2006) وهذه مواصفاتها، أنت عندك مصنع تصنع له بحيث تفي بجميع ما اشترط له؟ أو ليس عندك مصنع؟ ما عندك مصنع، هل يشترط أن تكون مالك لأصل السلعة أو لا يتشرط؟ من أهل العلم من يشترط، ومنهم من لا يشترط، والحديث الثاني الذي يليه فيه إشارة إلى شيء من هذا، نعم؟
وعن عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنهما- قالا: "كنا نصيب المغانم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يأتينا أنباط من أنباط الشام, فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب، وفي رواية: والزيت إلى أجل مسمى، قيل: أكان لهم زرع? قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك" رواه البخاري.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"وعن عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنهما- قالا: "كنا نصيب المغانم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني يتوفر لدينا مال بسبب المغانم التي هي أطيب المكاسب، ولكننا نحتاج إلى الطعام "كنا نصيب المغانم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يأتينا أنباط" وهؤلاء أقوام من العرب دخلوا في غيرهم من الأمم من العجم من الفرس والروم، فاختلطت أنسابهم، وفسدت ألسنتهم، وسموا بذلك لخبرتهم باستنباط الماء وإنباطه من جوف الأرض، وكان يأتينا أنباط من أنباط الشام,
"فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب" يعني نعطيهم الأموال التي نغنمها ونقول لهم في يوم كذا تحضرون لنا كذا من الحنطة والشعير والزبيب وغيرها من الثمار "والزيت إلى أجل مسمى، قيل: أكان لهم زرع?" يعني هذا الشخص الذي أسلمته وأسلفته وأعطيته المال مقدماً له زرع وإلا ما له زرع؟ بيعطيك من مزرعته أو بيشتري لك ويجيب لك؟ "قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك" على هذا يجوز أن يكون المسلم معه غير مالك لأصل السلعة، على هذا لو أسلم في سيارة وهو لا يملك مصنع، في كتب وهو لا يملك مطبعة يجوز؛ لأنهم ما كانوا يسألونهم هل عندهم زرع وإلا ما عندهم زرع؟ هل هو من مزارعهم أو ليشتروا بها فيما بعد؟ طيب شخص مؤلف عالم يؤلف كتب يأتي صاحب المطبعة ويقول: هذه مائة ألف الآن، وتأمل لي تفسير مكون من خمسة مجلدات، وهذه صفته تعطيني في كل سنة مجلد أطبعه، خلال الخمسة السنوات يكون الكتاب جاهز في الأسواق يباع، مطبوع وجاهز، سلم وإلا ما هو بسلم؟ نعم؟ الآن الثمن مدفوع في مجلس العقد، والمثمن يسلم على التدريج أخره بعد خمس سنوات، يجوز وإلا ما يجوز؟ هاه؟
طالب:.......
هذا مالك لأصل السلعة عنده كتب ومراجع وعنده قدرة وعنده أهلية، والذي يغلب على الظن أنه خلال السنوات المعدودة المدة كافية للتأليف إلا إذا حصل هناك عارض ومانع، مثل ما يحصل للسلع من الجوائح والثمار.
طالب:.......
لا هو العالم قد يموت والثمرة قد ينزل عليها آفة وتجتاحها والغيب غيب، لكن الأصل مبني على أنه هذا عنده قدرة، ويغالب على الظن أنه يوفي بما التزم في المدة المعلومة.
مقتضى قوله: ((بم تأخذ مال أخيك؟)) أنه بيع غير مأذون فيه، والأمر بوضع الجوائح على سبيل الاستحباب هذا يتجه إلى كل بيع، لكن دعونا في مسألتنا الآن، وهي مسألة عملية العلم الآن قد يكون محتاج إلى مبلغ من المال يعينه على مسيرته العلمية، ويعينه على أمور ديناه، محتاج إلى مائة ألف فقال له صاحب دار نشر: هذه مائة ألف الآن شيك، الآن استلمها على أن تسلمني تفسير في خمسة مجلدات، كل مجلد فيه أربعين أو خمسين ملزمة مثلاً، يحدد، وفي كل صفحة كذا سطر، يحدد بحيث يكون معلوم تمام العلم للجميع، وأما جودة المؤلف وعدم جودته فهي تابعة لجودة المؤلف، هو ما جاء إلا وهو يعرف مستوى التأليف بالنسبة لهذا الشخص، فلا جهل ولا غرر ولا جهالة ولا شيء، فهل مثل هذا يلحق بالسلم أو لا يلحق؟ وهل يختلف الأمر فيما إذا كان العلم مما يبتغى به وجه الله من العلوم الشرعية أو غيرها من العلوم؟ قال: أنا بحاجة قاموس مثلاً؟
طالب:.......
لا، لا، هو يرد عليه إذا كان مما يبتغى به وجه الله وهذا ما ألفه إلا من أجل مائة ألف يصير وإلا ما يصير؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ هذا المؤلف ما ألف إلا من أجل المائة ألف، صار تأليفه من أجل الدنيا، وهذا لا يجوز بحال، أما إذا قال: افترض أنه ألف تفسير من غير دافع للنفع العام، ثم جاء من يشتريه منه، إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله، يعني ما ألفه ما الدافع لتألفيه الدنيا، إنما ألفه يبتغي به وجه الله، ثم جاءته الدنيا تبعاً هذا لا يضر، لكن كونه يؤلفه من أجل الدنيا هذا الذي يضر.
لكن افترض المسألة فيما لا يبتغى به وجه الله، أنا أريد كتاب تاريخ في مجلد أنا بعطيك عشرين ألف خلال سنة تحضره لي، يصح و إلا ما يصح ؟ ما في ما يمنع، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يعني يتصور تسليم المبلغ قبل قبض السلعة حتى في البيع العادي بالمواجهة، ولا أثر له فهما يتفقان بالإيجاب والقبول، فكون المشتري يقبض السعلة قبل الثمن أو العكس ما في إشكال، والبيع بواسطة الآلات الإيجاب والقبول بالانترنت والتلفون وغيرها من المكاتبة هذه أجازوها.
الحجز من سبق إلى مباح فهو أحق به، من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به، فإن طابت أنفس الجماعة بتقديمه إذا حضر ولو متأخراً فلا بأس، أما أن يحجز والناس لا تطيب نفوسهم بذلك فلا.
نعم حددوا هذا بالتفرق بالكلام، وإغلاق السماعة؛ لأنه لا يتصور التفرق عن المجلس؛ لأنهما لم يجتمعا أصلاً.
له مطالبتها بالأسلوب المناسب الذي لا يوقعه في العقوق، فمن حقه أن يطالبها لكن بالأسلوب الذي لا يدخله في العقوق.
لا شيء فيه.
في بحث في مجلة المجمع تعرضوا لهذا.
أهل العلم حينما يصنفون في الحديث من أجل الاستدلال بهذه الأحاديث على الأحكام، والأصل أنه لا يستدل إلا بحديث صحيح أو حسن، يعني في دائرة القبول، وحينما يذكرون الحديث الضعيف إنما للعلم به، لا لبناء الحكم عليه، والحافظ في الغالب يبين الضعف، وليبين أن هذا الحديث قد استدل به أهل العلم على ما ذهب إليه، وإن كان فيه ضعف، وقد يكون الحديث ضعيفاً بالطريق الذي..، أو بالرواية التي ذكرها، ويكون له ما يشهد له من أحاديث أخرى، أو قواعد عامة، أو أصول، المقصود أن الحديث الضعيف ليس بحجة في الأحكام، وهذا من الأمور المتفق عليها، لكن كونهم يوردون الأحاديث الضعيفة للعلم بضعفها من جهة؛ ولأنه استدل بها من استدل من أهل العلم؛ ولأنها قد تثبت من وجوه أخرى، وإن كان الوجه الذي ذكره فيه ضعف.
على كل حال مثل هذا التقطيع والتنتيف يقطع الدرس، يقطع ترابط الدرس وتسلسله، وبعدين من يقدر يضبط لنا أن فترة الراحة تكون ربع ساعة؟
زوجتك يسمح لها، وتكون وكيلاً عنها، لا سيما إذا كانت وظيفتك لا تفي بحاجاتك، فمثل هذه الحيلة الخفيفة التي يتوصل إليها أو بسببها إلى كف النفس عن الحاجة إلى الناس، الأمر فيه سهل -إن شاء الله تعالى-.
العلاقة واضحة، وأن آكل الربا ملعون، وموكله كذلك، والراشي كذلك، والمرتشي كذلك، فكل منهم ملعون، نسأل الله السلامة والعافية.
هذه المسألة ذكرناها بالأمس وقلنا: إن عامة أهل العلم على أن الصياغة والصناعة لا تخرجه عن كونه ذهباً يجب فيه التماثل والتقابض.
ومثل ذلك قالوا في الخبز والدقيق ونحوه، فما الراجح في ذلك؟
الراجح أنه إذا اتحدت الأجناس البر بالبر، والشعير بالشعير، والذهب بالذهب، لا بد من التماثل والتقابض.
هذا كلام الشافعي -رحمه الله تعالى-، يعني على سبيل المثال الذي جامع زوجته في رمضان، الأوصاف المؤثرة في الحكم يستفصل عنها، والأوصاف التي لا أثر لها في الحكم لا يستفصل عنها، رجل جامع زوجته وقع منه الجماع هل من الممكن أن يقال: إن زوجتك لونها كذا أو كذا، أو أنت لونك كذا أو كذا، أو هي حرة أو أمة، أنت جامعت خلاص عليك كفارة، والأوصاف التي لم يسأل عنها صار دليل ذلك على عدم تأثيرها في الحكم، فالجماع من الرجل في نهار رمضان يلزمه بالكفارة ولو كان جاهلاً بما يترتب عليها.
أولاً: هل مثل هذا..، الحيوانات هل يجري فيها الربا؟ لا يجري فيها الربا، يعني كتاب بكتابين ويش يصير؟ في إشكال كتاب بكتابين؟ ما في أدنى إشكال، كذلك البعير بالبعيرين، الثوب بالثوبين، الشماغ بشماغين، الأمور التي لا يجري فيه الربا لا يقال فيها مثل هذا الكلام.
نعم هم في درجة وحدة في أصل الإثم، كلهم آثمون، لا يعفى واحد منهم، لكن آثامهم الأصل فيها أن تكون واحدة، وسيئاتهم متماثلة، لكن قد يعتري بعضهم ما يعتريه من التخفيف أو التشديد.
المشكلة الإيجار المنتهي بالتمليك الفتوى على أنه لا يجوز، صدر بذلك فتوى من هيئة كبار العلماء، والسبب في ذلك أن الضمان عائر بين الطرفين، وحينئذٍ يوقع في إشكال وخصومة ونزاع، لو اشترى هذا البيت بإيجار لمدة خمس سنوات وينتهي بالتمليك في النهاية بثمن مستقل، لو تهدم هذا البيت من غير تفريط من الطرف الثاني، الطرف الأول يقول: أنا بائع، فالضمان عليك، والطرف الثاني يقول: أنا مستأجر، الضمان عليك، وحينئذٍ يقع الطرفان في النزاع والشقاق، ومثل هذا لا تجيزه الشريعة.
طالب: أليس -راعك الله- لأنه بيعتان في بيعة؟
على كل حال هذا من أقوى الأسباب في منعه أن ضمانه عائر ويوقع في شقاق ونزاع.
يقول: أو عن طريق البنوك من خلال القروض؟
أنا لا أدري كيف اللبس بين القروض وبين الدين؟ يعني القرض مقتضاه أن يعطيك خمسمائة ألف ويأخذ خمسمائة ألف بعد مدة ما يزيد ولا ريال واحد، هذا القرض، أما إذا زاد عليك هذا دين وليس بقرض، فإن كان يملك البنك البيت ملكاً تاماً مستقراً ثم باعه عليك بقيمة هي أكثر مما يستحقه حالاً بثمن مرتفع إلى أجل، وأنت محتاج إلى هذا البيت هذا الدين جائز بالاتفاق بغض النظر عن كونه بنك أو غير بنك، لكن العقد صحيح، التعامل مع البنوك الربوية ولو كانت بعقود جائزة لا شك أنه يعينهم على ما هم عليه، فينبغي أن لا يكون إلا إذا لم يوجد غيره، أما إذا وجد غيرهم فلا يعانون بمثل هذا، إذا كانت لا حاجة لك بالبيت وإنما تحتاج إل قيمة البيت أو قيمة السيارة واشتريت من البنك سيارة أو بيت يملكها ملكاً تاماً مستقراً ثم بعتها على طرف ثالث هذه مسألة التورق التي سبق الكلام فيها، وإلا إن بيعت على الطرف الأول فهي العينة، وتقدم الكلام في هذا.
استدانة، أو التورق بالأسهم، مسألة التورق فيها خلاف بين أهل العلم، وهو خلاف قوي، ابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية كلهم لا يجيزونها؛ لأن فيها تحايل، وأما عامة أهل العلم على جوازها، وتزداد ضعفاً بالتوسع، الذي يزاول في هذه الأيام من خلال الأسهم التي لا يعرف ولا يدرى ما حقيقتها، ولا يمكن قبضها ولا حيازتها.
أكثر الإخوان إنما يحضرون بعد مضي وقت من الدرس الأول، فإذا مشى الدرس، وقام على سوقه تأتي الراحة، هذا يكون فيه تقطيع للدرس من جهة، والدرس كله ساعتين، ما يتجاوز ساعتين، والساعتين ما فيها ملل، يعني إذا كنا با نمل من ساعتين! كنا في الأعوام السابقة، وفي غير هذه البلاد ثلاث ساعات متواصلة أحياناً، وما يكون فيه ملل ولا شيء.
إذا اشتري بغير الذهب، اشتري بالريالات بالدولارات، اشتري بالفضة لا يلزم فصله؛ لأنه لا يشترط فيه التماثل، فيوزن بفصوصه لا بأس.
وإذا ذهبنا نبيع الذهب القديم عندهم فإنهم ينزعون فصوصه ويزنونه بدون فصوص، فما الحكم في ذلك؟
أما بالنسبة لمن يصنع ذلك من أصحاب المحلات يحتاط لنفسه ويتساهل في أمر غيره فيه مثل قوله -جل وعلا-: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [(1-3) سورة المطففين] يخشى عليه من هذا.
يقول: ألا يحمل حديث سمرة إذا قيل بصحته بأنه إذا بيع الحيوان بالحيوان مؤجلاً جميعاً، يعني أبيعك بعيراً أسلمك إياه بعد سنة، ببعيراً تبيعني إياه تسلمه بعد سنة، فيكون من باب بيع الدين بالدين، أو يكون عندي لك بعير اشتريته مني بالقيمة إلى أجل، وهذا يشبه السلم، فإذا حل الأجل قلت لك: دعه إلى العام القادم وأعطيك بعيرين، على ما جاء في تفسير الكالئ بالكالئ، وهذا تفسير الإمام الشافعي -رحمه الله- له وجه، لكن إذا قيل: بأن الخبر لا يثبت، أو يحمل على التنزيه والكراهة، المسألة سهلة يعني، لكن بيع حيوان بعضه ببعض لا إشكال فيه، ألا يقال: إن حديث سمرة يحمل على جواز النسيئة، وحديث ابن عمرو في التفاضل، فيجوز النسيئة دون التفاضل؟
حديث عبد الله بن عمرو فيه تفاضل وفيه نسيئة.
مثلاً تحضر عندنا كذا يوم كذا ليلة كذا، يقول: والله أنا الآن ما بعد كملت نصيبي ووردي من القرآن، لازم أكمله أو حفظي أو شيء من هذا، إذا ترتب عليه مصلحة، إذا ترتب على..، الأصل الإسرار وهو أقرب إلى الإخلاص، لكن إذا ترتب على الذكر مصلحة؛ لأنه يخلص من أمر لا يحمد، أو يقتدى به {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [(271) سورة البقرة].
الإيداع فيها، وجعلهم يستفيدون من هذا المال المودع من فوائده بمعاملات محرمة الأصل فيه أنه حرام، لكن إذا لم يجد الإنسان من يحفظ ماله، وخشي عليه من السرقة، من التلف، من الضياع، ولم يجد إلا هذه فأهل العلم أجازوا ذلك، إذا لم يوجد غيره.
إذا كانت تضرر به لا تلبسه، لكن عليها أن تغطي يديها إذا كانت بحضرة الأجانب.
التماثل التساوي في المبيع وعوضه، إذا بيع الربوي بجنسه اشترط فيه التماثل، وزن بوزن، كيلاً بكيل، واشترط فيه أيضاً التقابض، وإذا بيع بغير جنسه اشترط فيه التقابض فقط.
يقول: في حديث مرض موت النبي -عليه الصلاة والسلام- في صحيح البخاري عندما خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الصلاة كان معتمداً على العباس وعلي -رضي الله عنه- فلما روت عائشة الحديث لم تذكر للراوي عنها علياً وإنما قالت: وآخر، فلما عرضه الراوي عنها على ابن عباس قال له ابن عباس: هل أخبرتك من الآخر؟ قال: لا، ثم قال: هو علي بن أبي طالب؟
كون عائشة -رضي الله عنها- تبهم علي -رضي الله عنه- في هذا الموقف الذي هو منقبة له، كونها لا تجود نفسها بذكر اسمه؛ لأنه نصح النبي -عليه الصلاة والسلام- بتركها، فوجدت في نفسها عليه، قال: النساء غيرها كثير، فمثل هذه المواقف تأثيرها على النفوس جبلي، لا يستطيع أن ينفك منه كثير من الناس، فلا تلام بهذا؛ لأنه كاد أن يكون سبباً في حرمانها من خير الدنيا والآخرة.
إذا بيع بالنقود لا بأس، إذا بيع بالنقود فلا بأس، أما إذا بيع بربوي غير النقود فلا، إذا كان يداً بيد.
على طالب العلم أن يحرص على تعلم العلم، والعمل به، علم الكتاب والسنة، وأن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وأن يكون على ما كان عليه -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، ويترك هذه الأمور ومشاكلها التي أورثت الحزازات، والبغضاء بين الناس، وحرمت كثير من الناس بركة العلم والعمل، فعليه أن ينصرف عنها، ولا يلتفت إليها.