بلوغ المرام - كتاب الطهارة (05)

بسم الله الرحمن الرحيم

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (5)

شرح الأحاديث التي تتكلم عن:"مسح الرأس والأذنين، والاستنثار بعد النوم، والمضمضة، وتخليل الأصابع...

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

باب: إزالة النجاسة وبيانها:

فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

"باب: إزالة النجاسة وبيانها:

عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً? قال: ((لا)) أخرجه مسلم والترمذي، وقال: حسن صحيح".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: إزالة النجاسة وبيانها" الأصل أن يقدم البيان وحقيقة الشيء تكون سابقة على ما يحكم به عليه، ويزال به، يقول -رحمه الله-: "باب: إزالة النجاسة" هو يريد أن يبين ما هي الأشياء النجسة، وكيف تزال هذه النجاسات؟ ومضى شيء من ذلك، ومضى شيء من ذلك كحديث بول الأعرابي، وولوغ الكلب.

هنا أراد أن يذكر بعض الأعيان التي هي من وجهة نظره نجسة، فبدأ بالخمر، فقال -رحمه الله تعالى-: "عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً? قال: ((لا)) أخرجه مسلم والترمذي، وقال: حسن صحيح"، الترمذي قال عن هذا الحديث: حسن صحيح، ولا إشكال في ذلك لو لم يقله الترمذي لأن الحديث مخرج في صحيح مسلم، لكن إذا قال الترمذي: حسن صحيح، جمع بين وصفي الحسن والصحة، وهذا مشكل عند أهل العلم، لماذا؟ لأنه جمع بين وصفين متغايرين، فإثبات الحسن للحديث حكم على الحديث بالقصور عن الصحة، وإرداف ذلك الحكم بالصحة حكم له أو عليه ببلوغ ذلك، تلك الدرجة، فالجمع بين الصحة والحسن مشكل عند أهل العلم، وبلغة الأجوبة عن ذلك -عن هذا الإشكال- بلغت ثلاثة عشر جواباً.

ووجه الإشكال أنه حكم على الحديث بأنه يقصر عن الصحيح بكونه حسناً، ثم أعطاه الدرجة العليا فحكم عليه بالصحة، يعني هذا مع اتحاد الجهة لا شك أنه مشكل، يعني كما لو تسأل طالب نجح في الامتحان تقول له: ويش تقديرك؟ يقول: جيد جداً ممتاز، يجي وإلا ما يجي؟ مع اتحاد الجهة ما يمكن يجي، لكن مع اختلاف الجهة ممكن، التقدير العام جيد جداً، وتقديره في التخصص ممتاز، يمكن يجي، هنا مع انفكاك الجهة يمكن يجي، كيف؟ هذا إذا كان للحديث أكثر من إسناد فلا إشكال، يكون بإسناد حسن، وبإسناد آخر صحيح، أما إذا لم يكن له إلا إسناد واحد فهل يمكن أن تنفك الجهة؟ سيما إذا قال الترمذي: حسن صحيح غريب؟ نقول: يمكن أن تنفك الجهة، كيف؟ نقول: هو حسن عند قوم، وصحيح عند آخرين، وغاية ما هنالك أن يقول الترمذي: حسن أو صحيح، وفي الصورة الأولى غاية ما هنالك أن يقول: حسن وصحيح، حسن باعتبار، صحيح باعتبار، وهنا حسن عند قوم، وصحيح عند قوم، فيكون متردد في حكمه.

وعلى القول الأول إذا كان له أكثر من إسناد فهو أقوى مما لو قال الترمذي: صحيح، وعلى الاحتمال الثاني أقل مما لو جزم بصحته فقط؛ لأن ما تردد في تصحيحيه أقل مما جزم بتصحيحه وهكذا، ولا نريد أن نطيل لكن هذه يستفيد منها طالب العلم.

"سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً؟" مطابقة الحديث للباب أن الخمرة عنده نجسة، وهذا قول جماهير أهل العلم، حتى نقل عليه الاتفاق، هي نجسة {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ} [(90) سورة المائدة] يستدل بهذا من يقول بنجاسته، ويستدل بالأمر بإراقتها، وهناك أدلة أخرى لكنها عند آخرين لا تنهض إلى أن تكون حجة قاطعة في المسألة، ولذا يرى بعض أهل العلم طهارة الخمر، والاستدلال بالآية ليس المراد بالرجس النجس هنا بدليل الأنصاب والأزلام نجسة وإلا لا؟ نعم، ليست نجسة.

"سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر".....الحافظ عرفنا في هذا الباب لأنه يرى نجاسته، وهو قول جمهور أهل العلم، وفي حكمه ما يسكر من الكحول وغيرها، ويدخل في تركيب كثير من العطور الكحول، فالورع، أقول: الورع اجتناب ما خالطته هذه الأشياء، وإن كان الدليل لا ينهض على تنجيسها، لكن هيبة لجمهور أهل العلم.

"سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً؟" يعني هل يمكن أن تخلل؟ تعالج حتى تنتقل من كونها خمر مسكرة إلى طور آخر؟ وهي تكون خل إدام ممدوح، ((نعم الإدام الخل)) "فقال: ((لا))" يعني لا تتخذ الخرم خلاً، وفي هذا دليل على تحريم تخليل الخمر، بل المتعين على صحابه إراقتها، ويتوب إلى الله -سبحانه وتعالى- ويندم على ما صنع، ويعزم على ألا يعود ويريقه، كما حصل في عصره -عليه الصلاة والسلام- لما نزل تحريم الخمر أريقت وجرت في سككك المدينة كما هو معروف.

"فقال: ((لا))" فلا يجوز تخليلها، لكن لو تخللت بنفسها؟ تخللت بنفسها من غير فعل آدمي، فالجمهور على أنها تحل، انتقلت من كونها حرام إلى كونها حلال، كما أنها في الأصل حلال لما كانت عنب أو تمر ثم صارت حرام، إذا تخللت بنفسها فلا إشكال عند جمهور أهل العلم، وإذا خللت بفعل آدمي فإنها لا يجوز أولاً تخليلها، ثم إنها هل تستعمل إذا صارت خلاً بفعل آدمي مع التحريم؟ أو لا يجوز استعمالها أيضاً؟ لفظ الحديث عمومه يقتضي المنع من تخليلها، والمنع من عموم اتخاذها، المنع أن تتخذ، اللفظ شامل للتخليل وللاتخاذ الذي هو سائر الاستعمال، وبعض أهل العلم يرى أنها إذا تخللت بنفسها بغير فعل آدمي أنها انقلبت عينها من طور إلى طور، ورجعت إلى الطهارة، وجواز الاستعمال، لكن لا إشكال في النهي، والمنع من التخليل بفعل الآدمي، وأما الاستعمال إذا صارت خلاً بنفسها فلا إشكال فيه أيضاً، وإذا صارت خلاً بتخليل الآدمي لها، هل يجوز استعمالها؟ الورع تركها؛ لأن كلمة الاتخاذ أعم من التخليل، فكلمة تتخذ بعمومها تتناول الاستعمال.

الحديث الثاني.

"وعنه -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "لما كان يوم خيبر, أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا طلحة فنادى: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية, فإنها رجس"، متفق عليه".

"وعنه" عرفنا أنه جرت العادة من أنه في الحديث الثاني يأتي بحرف العطف، وعن فلان إذا كان الصحابي مختلفاً عن راوي الحديث الأول فيكني عنه ويذكره بالضمير، يعيد عليه الضمير إذا كان الصحابي واحداً.

"وعنه -رضي الله عنه- أنه قال: "لما كان يوم خيبر" يعني سنة سبع "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا طلحة فنادى" أمر أبا طلحة فنادى: "إن الله "ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية" والأهلية تخرج الوحشية، فحمر الوحش حلال "فإنها رجس" هذه هي العلة؛ لأنها رجس، ولهذا أدخل الحافظ هذا الحديث في باب: إزالة النجاسة، ومعنى رجس: نجس عنده.

"إن الله ورسوله ينهيانكم" ينهيانكم بتثنية الضمير، والحديث في الصحيحين، ينهيانكم بتثنية الضمير، ضمير الله -سبحانه وتعالى-، وضمير النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتثنية الضمير جاءت في حديث الخطيب الذي قال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى" الحديث مخرج في مسلم وأبي داود وأحمد والبيهقي والحاكم، وعند غيرهم من أهل العلم، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بئس خطيب القوم أنت)) وأرشده إلى أن يقول: ((ومن يعصي الله ورسوله فقد غوى)) بعدم الجمع بالضمير، والرسول -عليه الصلاة والسلام- أمر أبا طلحة أن ينادي بهذا اللفظ: "إن الله ورسوله ينهيانكم" هل هذا هو اللفظ النبوي؟ أو هو من تصرف أبي طلحة؟ أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا طلحة فنادى، أمره أن يقول كذا فنادى، أن ينادي بكذا فنادى بكذا، ولو افترضنا أن هذا من لفظ أبي طلحة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- وكل له الأمر باختيار الأسلوب المناسب لمخاطبة الناس فإنه لا يقره على هذا اللفظ لو لم يكن جائزاً، فهو حجة على الاحتمالين، إما من قوله -عليه الصلاة والسلام-، أو من إقراره لأبي طلحة.

وعلى كل حال هذا الحديث يعارض حديث الخطيب، وفي حديثٍ في الصحيحين أيضاً: ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) هذا فيه أيضاً تثنية.

من أهل العلم من يقول: أنه أنكر النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخطيب؛ لأن مقام الخطابة يقتضي البسط والتوضيح، وحينئذ يأتي بالأسماء الظاهرة البارزة، ولا يكني عنها بالضمائر.

ومنهم من يقول: أن للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجمع بين ضميره -عليه الصلاة والسلام- مع ضمير الله -عز وجل-، وليس لغيره أن يفعل ذلك.

ما المحظور في جمع الضمير؟ إيش المحظور؟ نعم؟

طالب:.......

نعم قد يظن ظان إذا سمع تثنية الضمير، جمع ضمير النبي -عليه الصلاة والسلام- مع ضمير الله -عز وجل- قد يفهم التساوي، ولا مساواة بين الخالق والمخلوق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يتصور أن يخطر له ذلك، أن يخطر ذلك على باله -عليه الصلاة والسلام-، فله أن يصنع، وأما غيره فالاحتمال قائم، الاحتمال قائم، كثيراً ما تجدون حتى في المساجد، وفي بعض الأماكن على حد سواء في مقام المقابلة، يجعلون الله ومن تمام المقابلة عندهم أن يجعل لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني على يمين المحراب كذا وعلى يساره كذا، الله ومحمد، هذا موجود، يوجد في المساجد وإلا ما يوجد؟ يوجد حتى في المساجد، هل نقول: إن من صنع هذا الصنيع ينبغي أن يمنع لئلا يظن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جعل في مقام مقابل لمقام الله -سبحانه وتعالى-؟ أو نقول: الأمر فيه سعة؟ ولا يمكن أن يخطر على بال مسلم أن هذا مساوي لهذا؟ فيشمله عموم قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [(4) سورة الشرح] ((لا أذكر حتى تذكر معي)) أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، هل نقول: هذا من هذا الباب؟ أو نقول: سد الذرائع مطلوب ولا ينبغي أن يذكر مثل هذا؟ لا شك أن سد الذرائع مطلوب شرعاً، فينبغي أن لا يذكر مثل هذا، لكن هل يشدد إذا وجدنا مثل هذا أننا نطمس؟ كما أنكر النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخطيب: ((بئس خطيب القوم أنت))؟ أو نقول: إن هذا من باب: رفعة ذكره -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم؟ يحتمل وإلا ما يحتمل؟ لأن بعض الناس ينكر بشده وجود مثل هذه الأمور، يعني يجعل الدائرة بإزاء الدائرة، والدائرتان سواء، وكيفية الكتابة واحدة.

طالب:.......

هو لا إشكال في هذا، لا إشكال في هذا، نقول: هذا شيء واقع، هل ينكر بشدة أو نقول: الاحتمال قائم أنه من باب: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [(4) سورة الشرح]؟ نعم؟

طالب:........

ما في شك أن الأولى عدم كتابة مثل هذه الأمور، لا سيما في المساجد وعدم كتابة أي شيء مما يشغل المصلين، وهذا من زخرفة المساجد، الكتابات والنقوش هذه من زخرفتها، جاء الخبر في آخر الزمان أنا سوف نزخرف المساجد ((لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى)) لكن هذا فيه........ لو قال..، كتب كاتب، شخص في دائرة حكومية ما يكتب في مسجد هذا أمر مفروغ منه، الله، المليك، الوطن، هذا موجود، لكن أكثر ما يصنعون الله فوق، وتحته المليك والوطن، هذا لا يجوز بحال، هذا لا يجوز بحال، يعني يجعلوها في مصف واحد هذا لا يجوز بحال، هذا أمر مفروغ منه، ليس فيه نص، وليس فيه أدنى شبهة، يعني إذا قلنا تجاوزنا في لفظ محمد، لقوله تعالى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [4) سورة الشرح] ما نتجاوز في لفظ غيره، أحياناً يكتبون الدين والمليك والوطن بدل لفظ الجلالة، على كل حال هذه أمور أماكن العبادة ينبغي أن تنظف من كل هذا، وأن تكون سادة ما فيها أي شيء يشغل المصلين.

يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((ما أمرت بتشييد المساجد)) لكنه خبر أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى)) وهذا واقع، وإذا كان الباني للمسجد من المحتسَبين من عامة الناس ولم ينبه على ذلك فقد يعذر، لكن الإشكال فيما إذا كان المشرف على تنفيذ المسجد من أهل العلم، أو من طلاب العلم، ومعروف أن جماهير أهل العلم على أن زخرفة المساجد حرام، والصلاة صحيحة خلافاً لابن حزم الذي يبطل الصلاة في المساجد المزخرفة، وخلافاً أيضاً لأبي حنيفة أو للحنفية القول عند الحنفية والمعرف من مذهبهم أن الناس إذا زخرفوا بيوتهم فبيوت الله أولى، لكن روح الصلاة ولبها الخشوع، الخشوع في الصلاة هذه الأمور تذهب الخشوع، ولذا لما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالخميصة قال: ((اذهبوا بها إلى أبي جهيم، وأتوني بإنبجانيته)) كساء ليس فيه خطوط ولا نقوش ((كادت أن تفتنني في صلاتي)) -عليه الصلاة والسلام-، فإذا كان هذا هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق، وهو بالعبادة بقلبه وقالبه، فكيف بسائر الناس؟ والله المستعان، وكثير من مساجد المسلمين مع الأسف الشديد كأنها متاحف من شدة الزخارف.

نعود إلى حديثنا في تثنية الضمير "ينهيانكم" ثبت في هذا الحديث وهو متفق عليه، وفي حديث: ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) وثبت ذم الخطيب حينما ثنى الضمير، وجمع ضمير النبي -عليه الصلاة والسلام- وعرفنا قول أهل العلم، أن الخُطب ينبغي أن تبسط ولا يتحدث فيها بالضمائر؛ لأنه يسمعها سريع الفهم، وبطيء الفهم، وتلقى على عامة الناس، فينبغي أن تبسط.

ومن وجه أخر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- له أن يجمع؛ لأنه لا يمكن أن يخطر على باله التشريك والمساواة بخلاف غيره فقد يحصل له شيء من ذلك.

والشاهد من الحديث كون الحمر الأهلية رجس، والنهي عنها لأنها رجس، ولذا أدخلها الحافظ -رحمة الله عليه- في باب: إزالة النجاسة، والنهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية مستفيض متواتر مروي عن أكثر من اثني عشر صحابياً، في سنن أبي داود عن أو في البخاري عن ابن عباس من قوله: "لا أ دري أنهي عنها من أجل أنها كانت حمولة الناس؟" ولذا جاء في بعض طرق الحديث: "أكلت الحمر، أفنيت الحمر، فأمر بالنهي عن أكلها" هل أكلها لأنها حمولة الناس؟ وهذه العلة المانعة من أكلها، فنقول: إذا انتفت العلة جاز أكلها، كما هو الحال الآن، لا العلة فإنها رجس، يدل على أنه ليست كذلك، وإن قال ابن عباس: لا أدري أنهي عنها من أجل أنها كانت حمولة الناس أو حرمت؟ الحكم مقرون بعلته فهي رجس.

في حديث غالب بن أبجر في سنن أبي داود أنه جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: "أصابتنا سنة" يعني جوع "ولا أجد ما أطعم أهلي إلا سمان حمري، قال: ((أطعم أهلك سمان حمرك)) ((أطعم أهلك سمان حمرك)) والحديث ضعيف، سنده ضعيف، ومتنه ضعيف، من يبين لنا وجه ضعف المتن؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

معارض بأدلة صحيحة، لكن لفظه فيه نكارة، نعم؟

طالب: كيف يكونون في مجاعة والحمر سمينة؟

نعم، كيف تسمن الحمر في السنة والجدب؟ نعم، ((أطعم أهلك سمان حمرك)) هذا ما يمكن تسمن وهم جائعين، نعم، على كل حال هذا الحديث ضعيف، فلا تقاوم به الأحاديث الصحيحة، والشارح ينازع في الحكم على الحمر بأنها نجسة من أجل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإنها رجس)) لأن الرجس يحتمل كما في الآية، والحافظ جازم بنجاستها، وهو قول كثير من أهل العلم، ومنهم من يرى طهارة عينها مع تحريم أكلها، طهارة عينها مع تحريم أكلها، ويستدل على أنهم كانوا يركبونها، ولا يتسير لكثير منهم أن يجعل فوقها شيء يفصل بين الراكب والمركوب، والحمر تعرق كغيرها، ولا ينكر أنهم أمروا بغسل عرقها، والأصل الطهارة، الأصل الطهارة.

ما أدري عاد استطراد يمكن يضيع علينا الوقت، في قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] هذه الحمر لما كانت تؤكل أطيبة هي أم لا؟ كانت طيبة، لما كانت حلال كانت طيبة، ولما حرمت؟ يعني انتقلت عينها من كونها طيبة إلى كونها خبيثة؟ نعم، أو نقول: إنها كالخمر سلبت المنافع لما حرمت؟ نعم ما يمنع أن تكون العين الواحدة طيبة في وقت وخبيثة في وقت، تبعاً للأدلة.

الحديث الذي يليه.

"وعن عمرو بن خارجة -رضي الله تعالى عنه- قال: "خطبنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بمنى, وهو على راحلته, ولعابها يسيل على كتفي" أخرجه أحمد والترمذي وصححه".

"عن عمرو بن خارجة" هو صحابي أنصاري، يقول: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنى, وهو على راحلته, ولعابها يسيل على كتفي"

الحافظ أورد هذا الحديث في باب النجاسة ليبين أن مأكول اللحم طاهر، كما بين أن غير المأكول نجس، يريد أن يبين أن مأكول اللحم طاهر، ولعابه طاهر، وإن كان بناءً على مذهبه مذهب الشافعي أن بوله نجس، وإن كان مأكول اللحم، بول ما يؤكل لحمه نجس عندهم، لكن الصواب أنه طاهر لأدلة تذكر في غير هذا المقام.

المقصود أن لعابها طاهر إذاًً هي طاهرة.

"أخرجه أحمد والترمذي وصححه" صححه الترمذي، ولا شك أنه بطرقه يصل إلى درجة الصحيح لغيره، يصل إلى درجة الصحيح لغيره، وإلا بمفرده لا يصل، فإن في إسناده شهر بن حوشب، وهو ضعيف عند جمهور أهل العلم، ضعيف عند جمهور أهل العلم، الترمذي يصحح له لتساهله، الشيخ أحمد شاكر يرى أنه ثقة، لكن هذا من شدة تساهله -رحمه الله-.

في مقدمة الصحيح صحيح مسلم: "إن شهراً" إيش؟ وين اللي يحفظون؟ "إن شهراً نزكوه"، "إن شهراً نزكوه" فعلى كل حال "نزكوه" يعني رموه بالنيزك، رموه بالضعف الشديد، وسبب تضعيفه كما هو معروف خريطة يذكر أنه سرقها، لكن القصة فيها ما فيها، والرجل ضعيف، حتى قال القائل:

لقد باع شهر دينه بخريطةٍ
 

 

فمن يأمن القراء بعدك يا شهر
 

 

ذا لو صحت هذه القصة مشكلة، وبهذا نعرف أن الخطأ ممن ظاهره الصلاح لا سيما من يتصدى لإفادة الناس وإمامتهم وتعليمهم الخطأ منه ليس مثل الخطأ من غيره، (فمن يأمن القراء بعد يا شهر) يسيء الناس بمن هو على شاكلتك، إذا أخطأ إمام أو وقع في هفوة أو زلة أساء الناس الظن بالأئمة، إذا أخطأ مدرس أساء الناس الظن بالمدرسين وهكذا، والله المستعان.

عرفنا أن الحافظ إنما أورد هذا الحديث ليبين أن مأكول اللحم كالإبل في هذا الحديث طاهر؛ لأن لعابه طاهر، وأما البول فيخرج من هذا لعمومات استدلوا بها، لعمومات استدلوا بها، لكن الأدلة الصحيحة الصريحة تدل على طهارة أبوال ما يؤكل لحمه، ومن ذلكم حديث العرنيين، وأنه أمر لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بأبوال الإبل وألبانها، فشربوا منها حتى صحوا، نعم.

"وعن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل" متفق عليه.

ولمسلم: "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركاً، فيصلي فيه"

وفي لفظ له: "لقد كنت أحكه يابساً بظفري من ثوبه".

نعم حديث عائشة -رضي الله عنها- بألفاظه قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل" هذه الرواية لو كانت مجردة عن الروايات الأخرى لكانت حجة لمن يقول: بنجاسة المني، لكن الرواية التي تليها "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركاً، فيصلي فيه" هذا يدل على طهارته، إذ لو كان نجساً لما كفى فركه، بل لا بد من غسله، ويدل له أيضاً الرواية التي تلي هذه الرواية، وفي لفظ له أي لمسلم: "لقد كنت أحكه يابساً بظفري من ثوبه" -عليه الصلاة والسلام-.

فما دام يفرك ويحك بالظفر دل على أنه طاهر، أما كونه يغسل، فلأنه مما يستقذر كالبصاق والمخاط، يستقذر، يستقذره الرائي، فينبغي أن يزال، هو ليس بنجس لكنه مما ينبغي أن يزال؛ لأنه مستقذر، فإن أمكن فركه ولو من غير غسل، أو أمكن حكه إذا كان يابساً، ولو من غير غسل كفى، وإن لم يمكن ذلك إلا بغسله فالمستحب غسله؛ لأنه مما يستقذر وليس بنجس.

وراوية الحديث عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، عائشة بنت أبي بكر تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- قبيل الهجرة يعني عقد عليها وبنا بها في السنة الثانية، وعمرها تسع سنين، ولم يتزوج -عليه الصلاة والسلام- بكراً غيرها، وهي أحب نسائه إليه -عليه الصلاة والسلام-، كانت عالمة فقيهة محدثة، عارفة بأخبار العرب، توفيت -رضي الله عنه- سنة سبع أو ثمان وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة.

عرفنا أن الحديث بروايته الأولى يدل على الغسل، وبروايته الثانية يدل على الفرك، والثالثة الحك، وإذا اكتفينا بالفرك أو الحك كما هو مقتضى هذه الروايات قلنا: بطهارته، وأما غسله فليس لنجاسته بل لكونه مما يستقذر، والحديث كما في صحيح مسلم بطوله أن رجلاً نام عند عائشة، وهو من محارمها فاحتلم، فغسل ثيابه، فقالت عائشة -رضي الله عنه-: "قد كنت افركه"، "لقد كنت أحكه" كما في الروايات، وعلى هذا من نام عند قوم فاحتلم، يلزمه غسل أو لا يلزمه؟ الأصل أنه يلزمه، هذا الأصل، ولا يطهره إلا الغسل بالماء عند وجوده، لكن إذا خشي أن يتهم، يعدل إلى التيمم أو لا بد أن يغتسل؟ نعم؟

طالب:.......

لا، الأصل أن هذا شرط لصحة الصلاة لا يجوز له أن يعدل إلى التيمم مع وجود الماء، هذا شرط ما هو بمسألة مستحب وإلا شيء يمكن أن يتنازل عنه، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لشجاعته وفهمه الثاقب في مقاصد الشريعة ومصادرها ومواردها قال: "إذا خشي التهمة يتيمم" لكن لا يوافق الشيخ على هذا؛ لأن هذا شرط، الغسل أمانة في عنق المسلم، شرط لصحة الصلاة، لا يعرض صلاته للبطلان من أجل أن..، يمكن أن يتحايل، يمكن أن يبعد، يمكن أن يذهب إلى مكان، ينتقل إلى مكان آخر، كل هذا ممكن، لكن يصلي بالتيمم وهو جنب، والماء موجود؟ لا.

عرفنا أنه استدل بالرواية الأولى من يقول بنجاسته، وبالرواية الثانية من يقول بطهارته والثالثة كذلك.

وهناك مناظرة طويلة جداً بين فقيهين أحدهما يرى الطهارة والآخر النجاسة موجودة في بدائع الفوائد لابن القيم، وهي مناظرة نفيسة يحتاجها طالب العلم، موجودة في الجزء الثالث من صفحة تسعة عشر ومائة إلى ستة وعشرين سبع صفحات، ولأرباب المذاهب المختلفة القائلين بالنجاسة والطهارة ردود ومناقشات، منهم من قال: إن هذا الحديث والاكتفاء بالفرك والحت والحك خاص بمنيه -عليه الصلاة والسلام- لأن فضلاته طاهرة؛ لأن فضلات النبي -عليه الصلاة والسلام- طاهرة، بخلاف غيره وهو عندهم نجس؛ لأنه يخرج من مخرج البول فهو مثله، أجيب عن ذلك بأن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو قلنا: بأن فضلاته طاهرة إلا أنه -عليه الصلاة والسلام- لا يحتلم؛ لأن الاحتلام من تلاعب الشيطان، إذاً خروج المني منه بسبب إيش؟ الجماع، وقد اختلط ماؤه بماء المرأة، وحينئذ لا بد من غسله، فلا يتم الاستدلال بذلك.

الحديث الذي يليه.

"وعن أبي السمح -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يغسل من بول الجارية, ويرش من بول الغلام)) أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم.

حديث أبي السمح واسمه إياد خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يغسل من بول الجارية, ويرش من بول الغلام))" والحديث له سبب، وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتي له بحسن أو حسين فبال عليه، فقام أبو السمح ليغسل المكان، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((يغسل من بول الجارية, ويرش من بول الغلام)) أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم" وهو بمجموع طرقه صحيح، وإلا بمفرداته لا، أخرجه أيضاً البزار وابن ماجه وابن خزيمة وغيرهم من طرق متعددة، يبلغ بها إلى درجة الصحيح لغيره.

والحديث فيه دليل على التفريق بين بول الجارية الأنثى وبول الغلام، فالجارية يغسل بولها على كل حال، مهما كان سنها، ولو كانت في اليوم الأول من الولادة، الغلام عرفنا أن بول الكبير لا بد من غسله، إذاً يخص هذا بالصغير، وما الحد الفاصل بين الصغر والكبر؟ والغلام حده يطلق على الصبي غلام إلى؟ إلى أن؟

طالب:.......

هذا حكم الحديث، لكن إطلاق الغلام في الأصل؟ نعم؟

طالب:.......

إلى قريب من البلوغ، إلى قريب من البلوغ، أو إلى البلوغ عند جمع.

عندنا الحد الفاصل عند أهل العلم في الغلام الذي يرش بوله والغلام الذي يغسل بوله أن يأكل الطعام، وذلكم لأن للطعام أثراً فصار لما ينشأ عنه أثر، فإذا كان ما يتغذى به هو اللبن فقط فإنه يرش؛ لأنه لا يوجد حد فاصل مؤثر غير هذا، لا يوجد حد فاصل مؤثر غير هذا؛ لأنه إذا كان يأكل أكل الكبار فحكمه حكم الكبار؛ لأن البول متحلب مما يؤكل ويشرب، فإذا كان يتغذى باللبن فقط فإنه يكتفى برشه، وأما إذا كان يأكل مع اللبن غيره فإنه لا بد من غسله.

منهم من قال: لا فرق بين الجارية والغلام، وحديث الباب يرد عليه، ومنهم من قال: يرش من بول الذكر، وقاس الكبير على الصغير، وقوله مردود للأدلة الصحيحة الصريحة التي تدل على نجاسة بول الآدمي وأن نجاسته مغلظة، وليست مخففة، بول الصبي الذي لم يأكل الطعام بشهوة نجس بلا شك، لكن نجاسة مخففة يكتفى بنضحه ورشه بحيث يوضع عليه القليل من الماء، يبل بشيء من الماء، ولا يجعل الماء يتردد عليه، أو يتقاطر منه، نعم.

"وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في دم الحيض يصيب الثوب: ((تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه)) متفق عليه.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالت خولة: "يا رسول الله, فإن لم يذهب الدم? قال: ((يكفيك الماء, ولا يضرك أثره)) أخرجه الترمذي, وسنده ضعيف".

حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير ذات النطاقين، أسلمت بمكة قديماً، وهي أكبر من عائشة بسنين عشر أو أكثر، وماتت بعد عائشة -رضي الله عنها- بخمس عشرة سنة أو أكثر، فعمرها حال موتها يناهز المائة، عميت في آخر عمرها، ومناقبها معروفة مشهورة.

"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في دم الحيض يصيب الثوب: ((تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه)) فدل على أن الدم نجس، الدم نجس، وعرفنا أن دم المسفوح نجس، وهنا نعرف أن دم الحيض نجس، فالنجاسة مغلظة ((تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي)) تبالغ في إزالته، "متفق عليه".

والحت: هو الحك، تحته وتحكه معناهما واحد، ولفظهما ووزنهما واحد، ويراد بذلك المبالغة في الإزالة، إزالة العين، ثم بعد ذلكم يقرص بالماء، يقرص الثوب بالماء فيدلك، يقرص يعني يدلك مع الماء بأطراف الأصابع ليتحلل، ويخرج ما شربه الثوب منه، ثم بعد ذلكم ينضح يزاد عليه بعد الغسل النضح، ثم يُصلى فيه، كل هذا مبالغة في إزالة دم الحيض من الثوب الذي أصابه، فهذا دليل على نجاسته، ولذا أدخله الحافظ -رحمه الله تعالى- في باب: إزالة النجاسة.

عموم الدم عرفنا أن دم الحيض نجس، والدم المسفوح نجس، وما يبقى بعد الدم المسفوح طاهر، إذ لا يجب غسل اللحم من الدم الذي يبقى، وما عدا ذلك الآن لو شخص طلب منه أن يتبرع بالدم أو جُرِح جُرْح فخرج منه دم، نجس وإلا طاهر؟ الفقهاء يقولون في النجاسات: الخارج الفاحش، العلماء يقولون: إذا فحش وكثر يكون نجساً، وقد صلى عمر -رضي الله عنه- ودمه يثعب من جرحه بعد طعنه، استدلوا بهذا على طهارة الدم عدا المسفوح ودم الحيض، كونه -رضي الله عنه- صلى ودمه يثعب هل يتم الاستدلال به على طهارة الدم؟ هل يتم الاستدلال به على طهارة الدم؟ أو نقول: حكم من جرحه يثعب ودمه يسيل حكمه حكم من به حدث دائم من سلس أو استحاضة ونحو ذلك؟ نعم هل يمكن إيقافه؟ نعم، إذا كان لا يمكن إيقافه فحكمه حكم من به سلس دائم، أو المرأة إذا استحيضت ومكث معها الدم في غير العادة، فإنها تصلي على حالها، تشد على فرجها شيء وتصلي، وهذا يشد على جرحه شيء ويصلي؛ لئلا يلوث ما حوله، كذلك من به سلس دائم، فلا يتم الاستدلال بهذا، فلا يتم الاستدلال بهذا، فالأكثر على أن الدم وإن لم يكن مسفوحاً فهو غير ما يبقى في المذبوح مع اللحم أو ما يخرج من العروق الصغيرة داخل البدن، الجمهور على أنه إذا فحش فهو نجس، وقال بعضهم بطهارته استدلالاً بما سمعنا.

التبرع بالدم إذا قلنا: الدم نجس فهل يتبرع بالنجس؟ أو هل يجوز بيعه؟ إذا تبرعت بالدم بمقابل، قالوا: نحتاج إلى لتر فقلت: الرتل بألف؛ لأن الفصيلة نادرة وهم محتاجون يجوز وإلا لا؟ جاء النهي عن بيع الدم، لكن إذا احتيج إليه وتوقفت عليه حياة شخص فإنه يجوز التعاون أو بل يندب، وبعضهم يوجبه إذا كانت حياة إنسان متوقفة عليه فيما لا يضر ابن آدم كإطعامه عند الحاجة إلى الطعام، يجب على من يقدر على ذلك، أما بيعه فلا يجوز، وأما مجرد نقله من شخص إلى آخر فيما لا يضر المنقول عنه وينفع المنقول إليه فالعلماء على جوازه.

الحديث الذي يلي ذلك، هنا في الحديث السابق في حديث أسماء: ((تحته ثم قرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه)) هل يلزم استعمال الحاد؟ يأتي بشيء حاد طرف سكين ويزيله أو يأتي بمنظف مزيل كلوركس أو غيره أو شامبو أو صابون أو ما أشبه ذلك يلزم أو ما يلزم؟ الحديث يدل على أنه لا يلزم، لا يلزم ذلك، وإنما الواجب غسله بالماء، ولذا عقبه الحافظ بحديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالت خولة: يا رسول الله، فإن لم يذهب الدم؟ -يعني بالماء بعد الحت والقرص- قال: ((يكفيك الماء، ولا يضرك أثره))" لأن الله -سبحانه وتعالى- لا يكلف نفساً إلا وسعها إذا ما ذهب الأثر، والحديث في أصله ضعف، أخرجه الترمذي وسنده ضعيف، عندكم في الكتاب: وسبب ضعفه أنه من رواية ابن لهيعة، ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة، وجماهير أهل العلم على ضعفه مطلقاً، ومن أهل العلم من يقول: إنه ليس بشديد الضعف، بل حديثه من قبيل الحسن، ومنهم من يفرق بين رواية العبادلة ابن وهب وابن المبارك وابن المقرئ وبين رواية غيرهم، فيقوي رواية العبادلة دون رواية غيرهم.

على كل حال المعتمد فيه أنه ضعيف، إذ أكثر من ثلاثة عشر إماماً على تضعيفه، وإن قواه بعضهم.

الحافظ في التقريب قال: إنه صدوق يخطئ، وفي مواضع من فتح الباري حكم بضعفه، حكم بضعفه، وهو القول الصحيح، نعم ضعفه ليس بشديد، بل ضعفه منجبر، فإذا تفرد بحديث يحكم عليه بالضعف، فإذا توبع أو وجد لحديثه شاهد ينجبر.

فالحديث الذي معنا حسن لغيره، حسن لغيره، فله طرق أخرى وله شواهد، هنا لفظ الحديث: "يا رسول الله "فإن لم يذهب الدم، قال: ((يكفيك الماء))" لأنه الأصل في إزالة النجاسات، الأصل في إزالة النجاسات هو الماء، ولا يكفي في إزالة النجاسة زوالها بمجرد ذهاب عينها من غير مزيل، أو ذهابها بالشمس أو الريح، أو بالاستحالة عند أكثر العلماء، وقال الحنفية: تزول النجاسة بزوال عينها.

نعم حتى عند الأكثر تزول بالماء ولو بغير قصد، ولو بغير نية، ولو بغير فعل آدمي، لو افترضنا أن عين متنجسة نزل عليها المطر تطهر، لكن الشمس لا تطهر، الريح لا تطهر عند الجمهور، ويقول الحنفية: إنه بمجرد استحالة العين ولو لم يفعل آدمي ذلك، ولو بتركها في الشمس أو الريح وتعريضها لذلك؛ لأن المنع منها من أجل عين النجاسة وقد زالت، مذهب الحنفية يحتاج إليه في هذه الأوقات كيف؟ المغاسل التي تغسل الثياب هل تغسلها بالماء أو بالبخار؟

طالب:.......

إيه...... الله يهديك، هاه؟ تغسل بماء وإلا؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

والبخار إذا ضغط يتولد منه ماء أو ما يتولد منه شيء؟ وتزيل نجاسات بقع نجسة لا يزلها الماء، تزيلها بمواد أخرى غير الماء، فقد يكون أصل ما يغسل به الثوب غير الماء عند بعض المغاسل فعلى مذهب الحنفية ما فيه إشكال، لا إشكال عندهم، ويميل إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-؛ لأن الحكم يدور مع هذه النجاسة، إن كانت النجاسة موجودة فالمنع من هذه العين موجود، وإذا زالت زال المنع.

وجمهور أهل العلم على خلاف ذلك، وأنه لا بد أن تزال هذه النجاسة بالماء ولو لم ينوِ من أراد إزالتها.

انتهى الوقت؟ طيب، هاه؟

طالب:.......

 

أقول: مذهب الحنفية والذي يرجحه شيخ الإسلام لا شك أن فيه سعة للناس، أقول: فيه سعة للناس، وما دام المانع من استعمال المتنجس هو النجاسة وقد زالت، ففي مذهبهم قوة، وفيه توسعة على الناس، لكن الأحوط يعني في حال سعة ووجود ماء أن يستعمل الماء في إزالتها.