شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (21)

بسم الله الرحمن الرحيم

سم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا وارفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، واغفر لنا ولشيخنا والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين، وبعد:

قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-:

حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه، ثم مكث فيها، قال ابن عمر: فسألت بلالاً حين خرج: ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: جعل عمودين عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة، ثم صلى.

حدثنا أبو الربيع الزهراني وقتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري كلهم عن حماد بن زيد قال أبو كامل: حدثنا حماد قال: حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح فنزل بفناء الكعبة، وأرسل إلى عثمان بن طلحة فجاء بالمفتح ففتح الباب، قال: ثم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة، وأمر بالباب فأغلق، فلبثوا فيه ملياً، ثم فتح الباب، فقال عبد الله: فبادرت الناس فتلقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خارجاً وبلال على إثره، فقلت لبلال: هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، قلت أين؟ قال: بين العمودين تلقاء وجهه، قال: ونسيت أن أسأله كم صلى؟.

وحدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر قال: أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح على ناقة لأسامة بن زيد حتى أناخ بفناء الكعبة، ثم دعا عثمان بن طلحة فقال: «ائتني بالمفتاح» فذهب إلى أمه فأبت أن تعطيه، فقال: والله لتعطينه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي، قال: فأعطته إياه، فجاء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدفعه إليه ففتح الباب، ثم ذكر بمثل حديث حماد بن زيد.

وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا يحيى وهو القطان ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا ابن نمير واللفظ له قال: حدثنا عبدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت، ومعه أسامة وبلال وعثمان بن طلحة، فأجافوا عليهم الباب طويلاً ثم فُتح، فكنت أول من دخل، فلقيت بلالاً فقلت: أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: بين العمودين المقدمين، فنسيت أن أسأله كم صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟.

وحدثني حميد بن مسعدة قال: حدثنا خالد يعني ابن الحارث قال: حدثنا عبد الله بن عون عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه انتهى إلى الكعبة، وقد دخلها النبي -صلى الله عليه وسلم- وبلال وأسامة وأجاف عليهم عثمان بن طلحة الباب، قال: فمكثوا فيه ملياً، ثم فتح الباب فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورقيت الدرجة فدخلت البيت فقلت: أين صلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قالوا: هاهنا، قال: ونسيت أن أسألهم كم صلى؟.

وحدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث ح وحدثنا ابن رمح قال: أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت في أول من ولج، فلقيت بلالاً فسألته: هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، صلى بين العمودين اليمانيين.

وحدثني حرملة بن يحيى قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد، وبلال وعثمان بن طلحة، ولم يدخلها معهم أحد، ثم أغلقت عليهم، قال عبد الله بن عمر: فأخبرني بلال أو عثمان بن طلحة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في جوف الكعبة بين العمودين اليمانيين.

حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد جميعاً عن ابن بكر قال عبد: أخبرنا محمد بن بكر قال: أخبرنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: أسمعت ابن عباس يقول: إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله، قال: لم يكن ينهى عن دخوله، ولكني سمعته يقول: أخبرني أسامة بن زيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها، ولم يصل فيه حتى خرج، فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين، وقال: «هذه القبلة» قلت له: ما نواحيها؟ أفي زواياها؟ قال: بل في كل قبلة من البيت.

حدثنا شيبان بن فروخ قال: حدثنا همام قال: حدثنا عطاء عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة وفيها ست سوار فقام عند سارية فدعا، ولم يصل.

وحدثني سريج بن يونس قال: حدثني هشيم قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- البيت في عمرته؟ قال: لا.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فيما ترجم عليه النووي بقوله: باب استحباب دخول البيت للحاج وغيره، والصلاة فيها، باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها، في هذه الأحاديث المروية بأصح الأسانيد عن ابن عمر وغيره -رضي الله تعالى عنهم- ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل الكعبة، ودعا فيها وصلى؛ لكن -عليه الصلاة والسلام- من شفقته بأمته ورحمته به أسف على هذا الدخول خشية أن يشق على الأمة؛ لأنهم أو أهل الاحتياط والتحري منهم يحرصون على الاقتداء به، ولو فعل ذلك كل واحدٍ ممن هذا وصفه لشق على الأمة، فلتزاحموا عليها كما يفعلون الآن عند الحجر، ولذا أسف النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذا الدخول، فهل يقال: بالاستحباب المطلق كما قال النووي؟ أو يقول: إن تيسر وإلا فلا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أسف على ذلك، وندم عليه خشية أن يشق على أمته، فمن تيسر له الدخول من غير مشقة ولا مزاحمة لا شك أن الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- مطلوب في الجملة في مثل هذا الموطن الذي هو مجردُ فعلٍ منه -عليه الصلاة والسلام-، ولولا أنه أسف وتأسف -عليه الصلاة والسلام- وندم على ذلك لقيل باستحبابه مطلقاً؛ لأنه مما يتعلق بتعظيم شعائر الله، تعظيم البيت والصلاة فيه وهذا مطلوب، لكن أسفه -عليه الصلاة والسلام- يدل على أنه حسب التيسير، إن تيسر وإلا فلا، وإن شق ذلك على أحد فلا يقال: باستحبابه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا يحيى بن يحيى التميمي" ويشاركه في الاسم يحيى بن يحيى الليثي، ويذكر معه في التقريب؛ للتمييز بينه وبينه، وإلا فهو ليس من رجال الكتب الستة، يعني راوي الموطأ يحيى بن يحيى الليثي، "قال: قرأت على مالك" الإمام مالك -رحمه الله- لا يحدث أحد، وإنما يُقرأ عليه، وينكر على من طلب منه التحديث، ينكر بشدة على من طلب منه التحديث، ويقول: العرض يكفيك في القرآن ولا يكفيك في الحديث والقرآن أعظم؟! يقول: "قرأت على مالكٍ عن نافعٍ عن ابن عمر" مالك عن نافع عن ابن عمر هذا هو أصح الأسانيد عند الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، (وقيل مالك عن نافعٍ  بما رواه الناسك مولاه) بهذا الإسناد "عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة" ضمير الفصل هنا لازم وإلا غير لازم؟ يعني لو قال: دخل هو وأسامة وبلال قلنا: لازم؛ لأنه لا يعطف على الضمير المتصل والمستتر في حكم المتصل إلا بالفاصل.

وإن على ضمير رفعٍ متصل

 

عطفت فافصل بالضمير المنفصل

يلزم أن تقول: دخل هو وأسامة؛ لكن الآن في فاصل وهو المفعول: دخل الكعبة هو وأسامة، وفي مثل هذه الصورة لا يلزم الفصل بالضمير المنفصل (أو فاصلٍ ما).

وإن على ضمير رفعٍ متصل

 

عطفت فافصل بالضمير المنفصل

(أو فاصلٍ ما)... هنا موجود الفاصل، وهو المفعول.

أو فاصلٍ ما وبلا فصلٍ يرد

 

في النظم فاشياً وضعفه أعتقد

دخل هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي، من دخل -عليه الصلاة والسلام- هو أشرف الخلق، وهؤلاء هم خاصته، بلال وأسامة وعثمان بن طلحة، أما عثمان بن طلحة فهو من العرب الأقحاح، ومعروف موطنه وموضعه، حاجب وسادن البيت، لا بد من دخوله؛ لأنه هو الذي يفتح وهو الذي يغلق، لا بد من دخوله؛ لكن من اختار النبي -عليه الصلاة والسلام- للدخول معه؟ هل اختار الملأ، وأشراف الناس، وعلية القوم؟ لكنه الدين، هو وأسامة مولى ابن مولى، وبلال حبشي، عبدٌ حبشي، في أشرف الأماكن اختار هؤلاء، ويدع أبا بكر وعمر، وأشراف الناس وسادتهم، ويدخل بمثل هؤلاء؛ ليبين أنه لا فضل لأحدٍ على أحد إلا بالتقوى، "هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي" الحاجب حاجب البيت، السادن، "فأغلقها عليه" أغلق عليه الباب -عليه الصلاة والسلام-، "ثم مكث فيها" لبث فيها وقتاً، "قال ابن عمر: فسألت بلالاً حين خرج" لما فتح الباب بادر ابن عمر، وهو الصحابي المؤتسي، الحريص على الاقتداء، "فسألت بلالاً حين خرج: ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟" ليقتدي به، لا سيما في مثل هذه المواطن، فهو يحرص عليها أشد الحرص، ولذلك سأل: أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ولم يسأل كم صلى؟ بينما لو كانت الحادثة لعبد الله بن عباس لصار الأمر بالعكس، يسأل ابن عباس عن العبادة نفسها، ولا يسأل عن مكانها، وابن عمر على العكس من ذلك يهتم بمكانها أين صلى؟ ونسي أن يسأله كم صلى؟ وفي كلٍ خير؛ لكن ابن عمر عرف عنه التتبع، تتبع الآثار والمواطن التي صلى فيها النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن قوله مرجوح في مثل هذا، قال: "فسألت بلالاً حين خرج: ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: جعل عمودين عن يساره، وعموداً عن يمينه" في الروايات الأخرى، ومنها ما في البخاري العكس: جعل عمودين عن يمينه، وعموداً عن يساره؛ لأن الكعبة بنيت على ستة أعمدة صفين، ثلاثة وثلاثة، ففي الصف المقدم من الأعمدة جعل عمودين عن يمينه وعمود عن يساره، وهنا حصل فيه شيء من القلب، ومن يصون الصحيح عن الوهم، ويصون الرواة الثقاة عن الغلط يقول: ما في ما يمنع أن القصة حصلت مرتين، وهذا منهج ومسلك لجمعٍ من أهل العلم صيانة للصحيح، يقول: صلى مرتين، مرة جعل العمودين عن يساره، ومرة جعل العمودين عن يمينه، وهذا معروف عند جمعٍ من أهل العلم، ومنهم من يجزم بترجيح الراجحة، والحكم على ما عداها بالوهم، وأنها غير محفوظة، "قال: جعل عمودين عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة، ثم صلى -عليه الصلاة والسلام-".

ثم قال بعد ذلك: "حدثنا أبو الربيع الزهراني وقتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري كلهم" يعني ثلاثتهم يروي عن حماد بن زيد، "قال أبو كامل: حدثنا حماد حدثنا أيوب.." أعاد الثالث منهم، كلهم يروون عن حماد بن زيد، ثم قال: قال أبو كامل حدثنا حماد بن زيد، هل إعادة الثالث؛ لأنه يختلف عنهم في الصيغة؛ لأن الاثنين الأولين قالا: أخبرنا حماد، واختص أبو كامل بالتحديث، والتحديث أقوى من الإخبار؟ أو لأنه صاحب اللفظ؟ وهذا هو المتجه، أنه إذا روى الحديث عن جماعة فإن أعاد واحداً منهم دون البقية فهو صاحب اللفظ، مع أنه يُعنى بصاحب اللفظ، كثيراً ما يقول: واللفظ لفلان، الإمام البخاري لا يعتني بمثل هذه الأمور ويترك، حتى ولا صيغ الأداء يفرق بينها بدقة، إنما يعتني بالألفاظ، ألفاظ المتون التي هي القصد، هي الغاية من الرواية، الإمام البخاري لا يقول مثل هذا، لا يعيد واحد منهم، ولا يقول: واللفظ لفلان؛ لكن كما قرر أهل العلم عرف بالاستقراء من صنيعه -رحمه الله- أن اللفظ يكون للأخير، مع أن هذا الاستقراء غير تام، ووجد ما يخالفه وما يخرمه، "قال أبو كامل: حدثنا حماد قال: حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح، فنزل بفناء الكعبة، وأرسل إلى عثمان بن طلحة فجاء بالمفتح" لغة في المفتاح يقال له: مفتاح ومفتح، "فجاء بالمفتح ففتح الباب، قال: ثم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم-.."

يقول: يوم الفتح، النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل الكعبة يوم الفتح للصلاة أو لتحطيم الأصنام؟

طالب:.......

معروف أنه لتحطيم الأصنام، وهل دخلها مرةً أخرى للصلاة؟

طالب:.......

لا، ما هو في حجة الوداع.

طالب: سئل ابن عمر في ما بعد هل دخل البيت في عمرته قال: لا.

يأتي هذا؛ لكن هنا يقول: يوم الفتح، يوم الفتح معروف أنه دخل الكعبة لتحطيم الأصنام، ومن أراد أن يصحح هذه الرواية يقول: دخلها مرةً ثانية بعد تحطيم الأصنام؛ لأنه يستحيل أن يصلي في جوف الكعبة، وفيها الأصنام، في يومٍ ثانٍ بعد تحطيم الأصنام دخلها وصلى فيها.

قال بعضهم: إنه دخلها في عمرة القضاء؛ لكن هذا أيضاً أبعد؛ لأنه في عمرة القضية فيها الأصنام، ولم تحطم الأصنام في تلك السنة، "فنزل بفناء الكعبة" يعني ما حولها من فضاء "وأرسل إلى عثمان بن طلحة الحجبي فجاء بالمفتح ففتح الباب، قال: ثم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- وبلال" وهنا ما في ضمير فصل؛ لأن العطف على الاسم الظاهر، "فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وأمر بالباب فأغلق، فلبثوا فيه ملياً" في البيت، فلبثوا فيه يعني البيت، "ثم فتح الباب، فقال عبد الله: فبادرت الناس" سبقتهم "فبادرت الناس فتلقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خارجاً وبلال على إثره، فقلت لبلال: هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، قلت: أين؟ قال: بين العمودين تلقاء وجهه، قال: ونسيت أن أسأله كم صلى؟"، الصلاة ثبتت منه -عليه الصلاة والسلام- في جوف الكعبة، والخلاف في حكمها معروف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنه لا يصلى فيها شيء، لا نافلة ولا فريضة، لا نافلة مطلقة ولا خاصة ولا فريضة؛ لأن المطلوب والمشترط لصحة الصلاة استقبال البيت لا بعض البيت، وهذا مرويٌ عن مالك؛ لكن أحاديث الباب ترده، ومنهم من يفرق بين الفريضة والنافلة، فيصحح النافلة ولا يصحح الفريضة، ومنهم من يقول: النوافل الخاصة ملحقة بالفرائض فلا تصح داخل البيت، ومنهم من يقول: إذا صحت النافلة صحت الفريضة؛ لأن الأصل أنها كلها صلاة، وما يشترط لهذه يشترط لهذه إلا ما جاء استثناؤه، من كونه -عليه الصلاة والسلام- يصلي النافلة بما فيها المقصود كالوتر على الراحلة، ولا يستقبل القبلة، حيث ما توجهت به، وكان لا يفعل ذلك في المكتوبة -عليه الصلاة والسلام-، فدل على التفريق بين النافلة والفريضة فيما جاء التفريق فيه منصوصاً عليه، وما عدا ذلك يبقى الحكم واحد، النافلة تصح على الراحلة، وعلى غير جهة القبلة، وتصح أيضاً من قعود مع القدرة على القيام بخلاف الفريضة، فمثل هذا جاءت النصوص بتخصيصه، تخصيص النافلة فيه، وما عدا ذلك يبقى على العموم؛ لأنها كلها صلاة، ونصوص الصلاة تتناول الفرض والنفل، صحيح الفرض مبني على التشديد، وأن براءة الذمة لا بد أن يخرج المكلف من عهدة الواجب بيقين، وأما النافلة فمبنية على المسامحة، وجاء فيها من التخفيف ما جاء في كثيرٍ من النصوص، المقصود أن الخلاف بين أهل العلم منهم من يرى أنها لا تصح الصلاة مطلقاً، لا نافلة ولا فريضة، ومنهم من يفرق بين النافلة والفريضة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما صلى نافلة، ولم يصلِّ فريضة، ومنهم من يقول: يصح الجميع، وما ثبت في النافلة ثبت في الفريضة، ولا شك أن الفريضة ما دام أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما صلى الفريضة في البيت فالأحوط ألا تصلى داخل البيت، وأما النافلة فأمرها واسع.

"وحدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن أيوب السختياني -بفتح السين- السَختياني عن نافع عن ابن عمر قال: أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح على ناقة لأسامة بن زيد، حتى أناخ بفناء الكعبة، ثم دعا عثمان بن طلحة فقال: «ائتني بالمفتاح» فذهب إلى أمه" المفتاح عند الأم، والأم من حرصها على وظيفة ابنها شحت بالمفتاح، شحت به خشية ألا يعود إليه، فامتنعت وأبت، والذي يظهر من السياق أنها كانت أسلمت أو لم تسلم بعد؟ ما أسلمت، شحت بالمفتاح، فأبت أن تعطيه إياه، "فقال: والله لتعطينه" أقسم بالله لتعطينه، "أو ليخرجن هذا السيف من صلبي" يتكئ عليه بصدره حتى يخرج من صلبه...

طالب:.......

إيش فيها؟ يمين إيه، لتعطينه.

طالب:.......

لتعطينيه؟ لا، لا، ما تجي، اللام لام الأمر، ومقتضى لام الأمر أن تجزم المضارع، والمضارع يجزم بما يبنى عليه الأمر، والأمر يبنى على حذف حرف العلة، فلا بد من حذف الياء الثانية.

"أو ليخرجن هذا السيف من صلبي، قال: فأعطته إياه، فجاء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فدفعه إليه ففتح الباب، ثم ذكر بمثل حديث حماد بن زيد" فلما خرجوا أعاد المفتاح إلى عثمان بن طلحة، وأخبره أن هذه الوظيفة لهم إلى قيام الساعة، ولا يأخذها منهم إلا ظالم، وتلا قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء]؛ لكن مثل هذا التصرف، ومثل هذا الكلام ما أثره على نفس الأم؟ أثر هذا الكلام على نفس الأم التي شحت به في أول الأمر، لا شك أنه يؤثر في النفس مثل هذا منه -عليه الصلاة والسلام-، "فدفعه إليه ففتح الباب ثم ذكر بمثل حديث حماد بن زيد".

وقال: "وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا يحيى وهو القطان" مر بنا مراراً مثل هذا الأسلوب، "حدثنا يحيى وهو القطان" يعني خشية أن يلتبس بـ(يحيى بن سعيد الأنصاري) قال: وهو القطان، يعني ألا يكفي أن يقول: حدثنا يحيى القطان؟ إلا أن الزيادة في النسب منه، من مسلم؛ لأنه لو قال: حدثني زهير بن حرب قال: حدثنا يحيى القطان كان الذي نسبه زهير، لكن زهيراً إنما قال لمسلم: حدثنا يحيى فقط، فزاد مسلم النسبة وفصل بالضمير وبين؛ ليبين أن الزيادة منه، وأحياناً يقولون: حدثنا يحيى يعني القطان.

"وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا يحيى وهو القطان ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة" يقول: وهو حماد بن أسامة "ح وحدثنا ابن نمير واللفظ له" الحاء المفردة التي تتكرر عند مسلم كثيراً، ويفعلها غيره من المحدثين؛ لكن هي في مسلم أظهر، وعند أبي داود ظاهرة، وعند غيره من أصحاب السنن، وهي في البخاري قليلة، هي حاء التحويل من إسناد إلى آخر يقصد منها الاختصار في الأسانيد؛ لأنه لو لم يأتِ بهذه الحاء لأكمل الإسناد بكامله ثم عطف عليه الإسناد الثاني، فلما قال: ح وقف على المدار، وتحول إلى الإسناد الثاني، ولم يذكر بقية الإسناد، توجد أحياناً في صحيح البخاري بعد نهاية الإسناد، بل بعدما يذكر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذه لا تختصر، ولا يتحقق منها الهدف الذي يذكرها أهل الحديث من أجله، فيتجه حينئذٍ قول المغاربة أن المقصود بالحاء هذه الحديث، وليست حاء التحويل، ومنهم من يقول: إن أصلها خاء، وليست بحاء مهملة، وإن الحديث وقف على المؤلف الذي هو البخاري، رجع إليه.

"ح وحدثنا ابن نمير واللفظ له قال: حدثنا عبدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت ومعه أسامة وبلال وعثمان بن طلحة، فأجافوا" يعني أغلقوا "عليهم الباب طويلاً" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا في نواحي البيت، وأطال الدعاء وصلى، "فأجافوا عليهم الباب طويلاً ثم فتح، فكنت أول من دخل، فلقيت بلالاً فقلت: أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: بين العمودين المقدمين" العمودين المقدمين في الصف الأول من الأعمدة الستة، فنسيت أن أسأله كم صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وهذا تقدم الكلام عنه.

قال: "وحدثني حميد بن مسعدة قال: حدثنا خالد، يعني ابن الحارث" مثل ما قلنا في (وهو القطان) يعني ابن الحارث، دليل على أن شيخه حميد بن مسعدة ما نسب شيخه، والنسبة تكون من المؤلف -رحمه الله-، ولذا ميز ذلك بقوله: يعني، "قال: حدثنا عبد الله بن عون عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه انتهى إلى الكعبة، وقد دخلها النبي -صلى الله عليه وسلم- وبلال وأسامة، وأجاف عليهم عثمان بن طلحة الباب، قال: فمكثوا فيه ملياً، ثم فتح الباب فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورقيت الدرجة" رقِيت بكسر القاف، أما فتحها فهو من الرُقية، وليس من الرُقي بمعنى الصعود، "ورقِيت الدرجة فدخلت البيت فقلت: أين صلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قالوا: هاهنا" أشاروا إليه للمكان الذي بين في الروايات الأخرى، "قالوا: هاهنا، قال: ونسيت أن أسألهم كم صلى؟".

قال: "وحدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث ح وحدثنا ابن رمح" الليث يحتاج إلى نسبة؟ إلى بيان؟ هل يلتبس بغيره؟ الليث بن سعد الإمام المصري الشهير، "قال: حديثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث ح وحدثنا ابن رمح قال: أخبرنا الليث" ليث والليث اثنان أو واحد؟ اثنان، ليث غير الليث، هو هو وإلا غيره؟

طالب:.......

لا، لا، عن ابن شهاب.

طالب: واحد.

واحد، إذاً يختلف التعريف مع التنكير؟ هو علم على كل حال، فلماذا يؤتى بـ(أل) التي تدل على التعريف، هذه (أل) التي يؤتى بها للمح الأصل، بدلاً من أن تقول: حسن، تقول: الحسن، فتلمح الأصل وهو الحسن فيه، وقل مثل هذا في الأسماء النظيرة، يعني إذا قلت: حدثنا -خلينا في الواقع- متعب، ما لمحت أصله أنه مجرد عن الوصف الأصلي، إذا قلت: متعب، ولو كان من خير الناس خلقاً تقول: متعب؛ لكن إذا أردت أن تلمح الأصل وتطابق الوصف مع الاسم تأتي بـ(أل) ولذلك يقولون: الحسن، وهو حسن أصله حسن؛ لكن الحسن يلمحون فيه الأصل، فإذا أرادوا الوصف الأصلي في الرجل، ومطابقة الاسم للمسمى جاؤوا بـ(أل) وتسمى لام (أل) التي هي للمح الأصل.

طالب:.......

 إيش فيه؟

طالب:.......

هو إذا لمحت فيه أنه شجاع قلت: حدثني الليث، وهو إمام شجاع، من أشجع الناس، لا سيما في الصدع بالحق، فإذا أردت أن تلمح هذا الأصل، قلت: الليث، وإذا أردت أن تذكره باسمه المجرد عن لمح الأصل لا سيما إذا كان لمح الأصل غير مطابق للواقع، مثل المثال الذي ذكرنا، إذا كان غير مطابق ما تلمح، ما تأتي بـ(أل) وإذا كان مطابق للواقع مثل الحسن تلمح فيه الأصل، وهو الحُسن.

"ح وحدثنا ابن رمحٍ قال: أخبرنا الليث" قد تلمح الأصل من وجهٍ دون وجه، فإذا كان مثلاً ما عندنا متعب، أردت أن تلمح الأصل فيه، وأنه متعبٌ لأعدائه أو لأعداء دينه، أو لمن خالف أمر الله وأمر رسوله، المح الأصل لا بأس، من وجهٍ دون وجه.

طالب:.......

أجل، -رحمه الله-، على كل حال هنا يأتي.. لأن بعض الناس يمكن يقول: ليث غير الليث، إيش المانع أن آحاد الطلبة يستشكلون مثل هذا؟ "أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن سالم، عن أبيه" وهذا أصح الأسانيد عند الإمام أحمد.

وجزم ابن حنبلٍ بالزهري

 

عن سالم أي عن أبيه البرِ

"عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت هو وأسامة" ويقال في هذا مثل ما قيل سابقاً؛ لأن الفاصل موجود، فلا داعي لهو، وذكرها للتأكيد، لا لتجويز العطف على الضمير المتصل، "هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت في أول من ولج -يعني دخل- فلقيت بلالاً فسألته: هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، صلى بين العمودين اليمانيين".

طالب:.......

اللي يظهر، هو ترك الباب خلفه، وصلى بين العمودين الأماميين واضح، يعني لو تصورنا هذا باب الكعبة الباب هذا، وهذا جدارها الغربي، هذا جدارها الذي من جهة المسعى، وهذه جهة اليمن، اللي فيها الركنين، وهذه جهة الشام التي فيها الحجر، دخل مع الباب، وتعدى العمودين الأخيرين، وصلى بين العمودين الأماميين هنا، صلى بين العمودين، الآن ترك هذين العمودين ووراءهن عمودين، وهذا عمود ووراءه عمود، صلى بين العمودين هنا إلى جهة...

طالب:.......

مثل هذا صف، ثلاثة كذا وثلاثة كذا...

وين؟

طالب: يقول: بين العمودين المقدمين.

إيه، ثلاثة مقدمة، هي ثلاثة، ستة أعمدة، فكونه بين عمودين ألغى الثالث؛ لأنه في الواقع صلى بين عمودين، وهو إلى الجهة الجنوبية التي هي اليمانية أقرب منه إلى الجهة الشامية، وواحد عن يساره، فهو إلى الجهة اليمانية الجنوبية أقرب.

طالب:.......

موجودة، ثلاثة أعمدة وراءه، الثلاثة كلها وراءه، والصف بين العمودين المقدمين، "قال: نعم صلى بين العمودين اليمانيين".

طالب: إيش تنصح من دخل الكعبة؟

يدعو ويصلي، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.... ولكن لو تحدد الركعات، هل يصلي لكل الجهات ليتحقق؟

لا، هو يصلي بين العمودين الذين صلى بينهما النبي -عليه الصلاة والسلام-، جاء الوصف واضح، على قول من يقول بتعدد القصة بناءً على تعدد المكان الذي صلى به النبي -عليه الصلاة والسلام-، على رواية مسلم التي مرت بنا صلى هناك، خلا اثنين عن شماله، وواحد عن يمينه، والرواية التي في الموطأ، وهو راوي حديث مالك، وفي سنن أبي داود، وفي صحيح البخاري أجل من ذلك هنا، دعنا من العمد الباقية، خلنا نمثل بالأعمدة الثلاثة هذه..

طالب: هل يمكن أن يتغير المكان في نفس القصة؟

يعني صلى أكثر من مرة، مرة جعل اثنين عن يمينه، ومرة جعل اثنين عن شماله، وهذا قد قيل به.

طالب: ما يزيد على ثنتين؟

ما يدري كم صلى ابن عمر.

طالب: لا قصدي الدخول ليس الركعات، ما يزيد على دخولين؟ 

لا، هو الأصل أنه دخل مرة واحدة، حتى المرة التي لتحطيم الأصنام هذه مفروغٌ منها ما صلى فيها -عليه الصلاة والسلام-..

طالب: في فتح مكة.... حجة الوداع ما دخل؟

لا ما دخل، وأسف على ذلك.

طالب:.......

بيجينا شيخ من الاختلاف -إن شاء الله تعالى-، بيجينا شيء من الاختلاف فيها.

"قال: نعم، صلى بين العمودين اليمانييّن" وبتخفيف الياء عند الأكثر، تقول: يمانيين، والياء هذه ياء النسب، وياء النسب الأصل فيها أنها مشددة "ياء كيالكرسي زيدت للنسب" وعندهم لا يجوز تخفيفها؛ لكن هنا زيادة الألف الأصل اليمنيين نسبة إلى اليمن، لما زيدت الألف قيل: يمانيين حلت محل الياء التي هي الأولى من المشددة؛ لأن المشددة عبارة عن حرفين، الألف هذه عوض هذه عن الياء المحذوفة، التي هي إحدى الياءين المدغمة في الثانية، مشددة مع الثانية، وإلا فالأصل أن ياء النسب مشددة، "ياءٌ كـ يالكرسي" وبهذا نعرف خطأ من يقول: ابن تيمية، هذا جاري على لسان كثير من الناس، وجاء به بعض الوافدين إلى هذه البلاد، ثم قلد؛ لأن الياء فيه ياء نسب.

"وحدثني حرملة بن يحيى قال: أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة، هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، ولم يدخلها معهم أحد" يعني ما دخل أبو بكر وعمر -رضي الله عنهم- وهما وزيراه؛ لئلا يختص بأمور العبادة الأشراف دون غيرهم.

طالب: في الرواية السابقة: "فصلى بين العمودين اليمانيين"

تسميتهما يمانيين باعتبار أنهما في جهة الجنوب فقط.

طالب:.......

لا، هو ما يلزم أن يكون عمود بارز، قد يكون العمود على الجدار، لا، علشان تتحد الروايات.

طالب:.......

أين؟

طالب:.......

لا، بس جعل اثنين عن يمينه، وواحد عن شماله، أين تحطه؟ أين يصير؟ وثلاثة خلفه.

طالب: .... متقدم يكون على رواية يمينه عمودين وواحد  عن يساره وهو في نفس الوقت بين العمودين اليمانيين؟

لا، ما يصير بينهما إلا إذا صار أمامه واحد وخلفه واحد.

طالب: ..... أبين أربعة أعمدة

تريد أنه تأخر عن العمودين الذين جعلهما واحد عن يمينه وآخر عن يساره؟ تأخر قليلاً؟ يعني ما هو على سمت الأعمدة، إنما تأخر ليكون بين العمودين الأمامي والخلفي، على كل حال الصفة ظاهرة، وكونها يمانيين المسألة نسبية، يمانيين يعني جهة الجنوب.

قال: "وحدثني حرملة بن يحيى قال: أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، ولم يدخلها معهم أحد، ثم أغلقت عليهم، قال عبد الله بن عمر: فأخبرني بلال أو عثمان بن طلحة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في جوف الكعبة" الروايات كلها تدل على أنه بلال الذي أخبره، هو سأل بلال، بلال في إثر النبي -عليه الصلاة والسلام- فسأله، والشك هنا قد يكون إخباره بهذه الرواية في وقتٍ متأخر من عمره فنسي؛ لأنه عمّر طويلاً -رضي الله عنه وأرضاه-، فقال: "فأخبرني بلال" في الرواية الأخرى لم يشك: "أخبرني بلال"، "فأخبرني بلال أو عثمان أو بن طلحة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في جوف الكعبة بين العمودين اليمانيين".

"قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد جميعاً عن ابن بكر قال عبد: أخبرنا محمد بن بكر" إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد جميعاً عن ابن بكر هو محمد بن بكر، قال عبدٌ، مثل ما تقدم أنه إذا أعاد واحد من الرواة الذين يروي الحديث من طريقهم فالأصل أن اللفظ له، هنا لو قلنا: أنه أعاده من أجل الصيغة -انتبهوا يا إخوان-، "حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد جميعاً عن ابن بكر قال: عبدٌ أخبرنا" لو قلنا: أنه أعاده من أجل الصيغة، وهي الإخبار لقلنا: أن الأولى التنصيص على التحديث دون الإخبار، الأمر الثاني: أن إسحاق لا يروي إلا بالإخبار، إسحاق بن إبراهيم الحنظلي الإمام العلم المشهور ابن راهويه لا يروي إلا بالإخبار، ولا يقول: حدثنا، وبه يفسر إذا جاء مبهماً، إذا جاء مهملاً فسر بإسحاق بن راهويه إذا كانت الصيغة أخبرنا، فدل على أن قول من يقول: إنه إذا أعاد أحد الرواة يكون اللفظ لفظه أقوى من كونه لبيان الصيغة؛ لأن الصيغة قال عبدٌ: أخبرنا، وإسحاق لا يقول: إلا أخبرنا، فلا يحتاج إلى أن ينبه، فيقول: قالا: أخبرنا كالمعتاد.

"قال عبدٌ: أخبرنا محمد بن بكر قال: أخبرنا بن جرير قال: قلت لعطاء: أسمعت ابن عباس يقول: إنما أمرتم بالطواف، ولم تؤمروا بدخوله" ابن عباس يقول: إنما أمرتم بالطواف، وتعظيم البيت إنما يكون بالطواف، ولم تؤمروا بدخوله، كل واحد له منهج، وكلهم على خير -إن شاء الله تعالى-؛ لكن يوجد الراجح والمرجوح، ويوجد الأولى وخلاف الأولى، كلهم أئمة يقتدى بهم، فابن عمر له نَفَس، وله مسلك يهمه، ويهتم به، ويعنى بحفظه، والسؤال عنه، وابن عباس له مسلك آخر، ومر بنا في دورة مضت العام الماضي، أو الذي قبله أن رجلاً جاء يسأل، جاء إلى المدينة يسأل، فلقي ابن عمر فسأله، قال: اذهب إلى ابن عباس، اذهب إلى ابن عباس فاسأله، قال: ذاك رجلٌ مالت به الدنيا، ومال بها، عوامُّ المسلمين يحبون المنصرف إلى دينه وإلا عبادته، ولو كان أقل في العلم، ابن عباس ما أحد يطعن لا في علمه ولا في عمله، حَبر الأمة، وترجمان القرآن؛ لكنه توسع قليلاً في أمور الدنيا في حدود ما أباح الله -جل وعلا-، وابن عمر شدد على نفسه قليلاً، ومنعها من بعض المباحات، فالعوام يثقون بمثل هذا، وما منع ذلك ابن عمر أن يقول، ما منعه أن يقول: اذهب إلى ابن عباس، اعتراف إلى أهل الفضل بفضلهم، ذلك حينما كانت القلوب سليمة، الآن لو جاء واحد يسأل شيخ قال: أريد بيت فلان، قال.. لا أقول: من المشايخ المعروفين أهل العلم والعمل لا، يعني من آحاد المتعلمين، قال: إيش لك؟ وإيش تبيه؟ وقال: أنا باسأله، قال: ذاك اتركه عنك، على منهج بعض طلاب العلم الذين هم أتباع لغيرهم، على منهج الإسقاط يسمونه، ولا يظن الإنسان أنه لا يمكن أن يبرز، ولا يظهر إلا على أكتاف غيره، أبداً، بالعكس، كلما تواضع الإنسان يرتفع، وكل ما عرف قدر نفسه رفعه الله -جل وعلا-، وهذا أمرٌ مجرب، يعني الإنسان يعتريه في بعض الأحيان أنه في موقف من المواقف يحب أن يقدم، ويكون له شيءٌ من هذا، فيبتلى بضد ذلك، هذه أمور مجربة، جربها الناس كلهم، ومع ذلك إذا تواضع رفعه الله -جل وعلا-، يقول الناظم أو الشاعر:

تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ
ولا تكُ كالدخان يعلو بنفسه

 

على صفحات الماء وهو رفيعُ
على طبقات الجو وهو وضيعُ

ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: إنما أمرتم بالطواف، {وَلْيَطَّوَّفُوا} [(29) سورة الحـج] اللام لام الأمر، فإنما أمرنا بالطواف، والطواف ركن من أركان الحج والعمرة، إنما أمرتم بالطواف، ولم تؤمروا بدخوله، ولعله اعتمد في ذلك على ندم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأنه ليس من مناسك الحج، والحج يتم بدونه، ولم يؤمر به، بعض الناس يعنى بمثل هذه الأمور، لا أقول: كعناية ابن عمر مع المحافظة على غيرها، مغرم بمثل هذه الأمور ليتحدث في المجالس أنه دخل البيت، ورأى، وفعل، وسبق الناس إلى الحجر وقبله، ولذلك تجد يعني اللي يصلي بين الركنين اليمانيين قبل أن يسلم الإمام يقوم بعض الناس ليسابق غيره ليقبل الحجر، قبل سلام الإمام، سواءٌ كانت التسليمة الأولى أو الثانية، هذا مشاهد، فمثل هذا يرجو ما عند الله -جل وعلا- بهذا التقبيل؟ وقد فرط بعبادة أعظم العبادات؟.

طالب:.......

لا، ما يلزم، هو البيت ومعظم، وأعظم العبادات المتعلقة بالحج، ركن الحج حوله، وليس فيها، وتحية البيت الطواف لا دخوله، تحية البيت الطواف فيه، وهو المأمور به، فدل على أن ما حوله قد يكون أفضل من داخلها، لا سيما أنه موضع العبادة المأمور بها، وأما ما يذكر عن القاضي عياض وما يذكره القاضي عياض في الشفاء وغيره أن القبر النبوي أفضل من جوف الكعبة، أو شيء من هذا، فهذا من المبالغات من الغلو المنهي عنه.

طالب:.......

في إيش؟ من إيش؟

طالب:.......

بقعة فاضلة وشريفة، ما أحد ينازع في هذا، تظن الذين نازعوا في الروضة، في المسجد النبوي ينازعون في جوف الكعبة؟ ما ينازعون؛ لكن ينازعون في صحة الفريضة فيها، كونهم ينازعون في صحة الفريضة يدل على أنها أفضل من خارج البيت؟ البيت بيت الله ومعظم ومشرف ومقدس، ويطاف حوله لله -جل وعلا-، لا له، وكونه قصده النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصلاة يدل على فضله في الجملة؛ لكن هل أمر به -عليه الصلاة والسلام-، أمر الناس أن يدخلوه، أو بين فضله في حديثٍ قولي، بينما جاء في الروضة «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» وسيأتي هذا؛ لكن هل يقتضي هذا الحديث أن تخص بعبادة؟ يلزم وإلا ما يلزم؟ ما ودنا نستعجل الأمور وإلا عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» إنه يلزم، أنه يخص بمزيد من الصلاة والتلاوة والذكر، ويش المانع؟ لأنه روضة من رياض الجنة والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «ارتعوا» كونه فسر رياض الجنة بحلق الذكر لا يقتضي التخصيص؛ لأن التنصيص على بعض الأفراد لا يقتضي التخصيص، يعني {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] «ألا إن القوة الرمي» يعني ما في قوة غير الرمي؟ التنصيص على بعض الأفراد، أفراد العام لا يقتضي التخصيص، فـ«إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» كل رياض الجنة، أي بقعة ثبت أنها روضة من رياض الجنة أمرنا أن نرتع فيها، وبعض الناس يقول: أبداً، هذا مجرد بيان إخبار، فيكون حينئذٍ عارٍ عن الفائدة.

بعضهم يقول: هو مثل قوله -عليه الصلاة والسلام- «النيل والفرات وسيحان وجيحان من أنهار الجنة» هل يعني هذا أننا ننغمس فيها، أو نغتسل فيها، أو نشرب منها؟ هل يقتضي هذا الحديث أننا نغتسل في هذه الأنهار، وهي من أنهار الجنة؟ ما جاءنا أمر يخصها، أو عام يشملها، لا؛ لكن في رياض الجنة قال: «إذا مررتم برياض الجنة..» ما قال: إذا مررتم بأنهار الجنة فاغتسلوا -عليه الصلاة والسلام-، فنفرق بين هذا وهذا، وهذه المسألة تأتي في فضل المدينة.

طالب:.......

 يرى هذا، النووي مثل ابن عمر، منحاه منحَ ابن عمر يهتم بالبقع والأماكن.

طالب: .........

 لا، لا، ما يأخذ، ولذلك تحية الكعبة التي تحيا بها الكعبة، وتعظم بها الكعبة الطواف، ولذلك ردوا، وهذا ذكرناه سابقاً من قال: أن جمرة العقبة في مكة، وليست في منى، قال آخرون: لا، هي في منى، بدليل أن رمي جمرة العقبة تحية منى، قالوا: لا يمنع أن تكون التحية خارج المكان بدليل أن الطواف تحية البيت، وهو خارجه.

طالب:.......

الروضة بين بيته -عليه الصلاة والسلام- ومنبره، وهي الآن مرتع لبعض الغلاة، وبعض المخالفين في العقائد، يقصدونها، ويستشفون بها، ويتمسحون بها، ويحصل فيها منكرات، يحصل فيها شيء من المنكرات، لكن لا يمنع، الحق إذا ثبت بدليله، اللهم إلا إذا خاف الإنسان أن يقتدى به فيُفعل في هذا المكان أكثر مما شرع، فيكون هذا من باب سد الذريعة، فتركها يكون من باب سد الذريعة، لا سيما إذا كان الشخص ممن يقتدى به.

طالب:.......

لا، ما يعدله أحد، يعني بالجسد الطاهر ما يعدله أي مكان، لا، لا، هذا ما ينازع فيه أبداً.

طالب:.......

هو إذا كان فعله -عليه الصلاة والسلام- على جهة التعبد، ولم يكن أمراً جبلياً، أو اقترن بقوله، أما الأمور الجبلية فمعروفٌ الخلاف فيها، وأفعاله -عليه الصلاة والسلام- فيها كلامٌ طويل لأهل العلم.

طالب: أحسن الله إليكم ما المقصود بروضة؟

روضة من رياض الجنة، وأمرنا بالرتع، أن نرتع فيها، يعني مكان فاضل مثل فضل الجنة.

طالب:.......

لا، ما هي من الجنة، لا، لا، هي من الأرض.

طالب:.......

الفعل الجبلي المجرد، يعني لولا ندمه -عليه الصلاة والسلام- وأسفه قلنا: بالاستحباب؛ لكنه ندم وأسف.

طالب:.......

إذا كان فعله لعبادة مثل دخوله البيت وصلاته فيها يستشف منه الاستحباب، لولا ندمه وأسفه -عليه الصلاة والسلام- لما تردد أحد باستحبابه.

"قال: قلتُ لعطاءٍ: أسمعت ابن عباس يقول: إنما أمرتم بالطواف، ولم تؤمروا بدخوله" لم يكن ينهى عن دخوله، يعني ابن عباس كوننا ما أمرنا، نحن أيضاً ما نهينا، يقول: نحن لما لم نؤمر أيضاً لم ننهَ عن دخوله، "لم يكن ينهى عن دخوله ولكني سمعته يقول: أخبرني أسامة بن زيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها، ولم يصل فيه" دعا يعني صلاة لغوية، يعني جمع بين هذا والذي قبله بأنه دعا، ولم يصلِّ.

طالب:.......

دعاء دعاء، الذي هو الصلاة في اللغة؛ لكن المرجح أنه صلى صلاة حقيقية، حقيقتها شرعية لا لغوية، بدليل أنه دعا في جميع نواحي البيت، وصلى في هذا المكان المحدد، "لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها، ولم يصلِّ فيه حتى خرج، فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين، وقال: «هذه القبلة» قلت له: ما نواحيها؟ أفي زواياها؟ قال: بل في كل قبلة من البيت" يعني في كل جهة من جهات البيت، يعني بعد ما خرج على رأي ابن عباس، رأي ابن عباس ينفي أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى داخل الكعبة، وإنما لما خرج صلى، ولذلك يقول: "حتى خرج، فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين" ولا شك أن في حديث ابن عمر الإثبات للصلاة، والمثبت مقدم على النافي؛ لأن معه زيادة علمٍ خفيت على من نفى.

طالب:.......

بناءً على علمه، يعني ثابتة عن ابن عباس، صحيحة إلى من خرجها عنه.

طالب:.......

لا، لا، هي صحيحة، ما نقول: شاذة ولا ضعيفة، صحيحة إلى ابن عباس، فهذا وهم من ابن عباس نفسه، يعني إلى من خرجت عنه صحيحة على شرط مسلم، ما في إشكال، يعني مثل ما اختلفوا في زواج النبي -عليه الصلاة والسلام- بميمونة، ابن عباس يقول: تزوجها وهو محرم، وهو في الصحيحين، والكلمة ثابتة على شرط الشيخين في الصحيحين، ولا يمنع أن يخرج الخطأ وهو صحيح إلى من خرج عنه، يحكم بضعفها لو جاء بها راوٍ أضعف من غيره، إنما هي ثابتة عن ابن عباس، وإثبات الصلاة ثابتٌ أيضاً عن ابن عمر -رضي الله عنهما-.

طالب:.......

بلى؛ لكن استثني من ذلك الصحابة، يعني خالف ابن عباس ابن عمر، هل نقول: أن رواية ابن عباس شاذة؟ الشاذ طعنٌ في ثبوت الخبر، الشذوذ، الحكم على الخبر بالشذوذ طعنٌ في ثبوته، هذا ثابت، يعني بإمكانك أن تحلف أن ابن عباس قال هذا الكلام.

طالب:.......

لا، ما هي بمسألة حصول، ثبوته إلى من نسب عنه.

طالب:...........

 لا، لا، مثل نظير قصة ميمونة، النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوجها وهو حلال من حديثها هي، ومن حديث أبي رافع السفير، وابن عباس يقول: تزوجها وهو محرم، المقصود أن مثل هذا الخطأ قد يقع من بعض الصحابة؛ لكنه يسير، لا يقدح في عدالتهم وضبطتهم، ومن يعرو من الخطأ والنسيان؟ الإنسان جبل على هذا، ولا عصمة إلا للأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، فيخطئ ولو كان صحابياً؛ لكن لا يعني هذا أن هذا يقدح في عدالتهم، أو في ضبطهم وإتقانهم، أبداً.

طالب:.......

إيش لون؟

طالب:.......

إذا اختلف صحابيان في منزلة واحدة فيما اختلفوا فيه، إذا كان في رواية ننظر إلى الأحفظ، إذا كان في رأيٍ ننظر إلى الأفقه، إذا اختلفوا وهم على حدٍ سواء نطلب مرجح، نحتاج إلى مرجح.

"لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصلِّ فيه حتى خرج، فلما خرج ركع في قبل البيت" يعني مقابل البيت "ركعتين، وقال: «هذه القبلة» قلت له: وما نواحيها؟ أفي زواياها؟ قال: في كل قبلة من البيت".

"حدثنا شيبان بن فروخ قال: حدثنا همام قال: حدثنا عطاء عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة، وفيها ست سوارٍ" يعني في الخبر الذي معنا، خبر ابن عمر وخبر ابن عباس، ابن عمر عمره في هذا الوقت كم؟ إذا قلنا: أن القصة عام الفتح، سنة ثمان من الهجرة، ابن عمر استصغر في بدر، وأجيز في الخندق، يعني سنة خمس مكلف، فيكون عمره ثماني عشرة، وابن عباس توفي النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يحتلم، فهو صغير، حتى جزم جمعٌ من الحفاظ أن أكثر ما يرويه ابن عباس بواسطة، مرسل صحابي، فالأمر الذي يتعلق بالرؤية بالنظر، بالحضور، حضور القصة يقدم فيه الأكبر على الأصغر، الذي الاحتمال القائم أنه لم يحضر.

"حدثنا شيبان بن فروخ قال: حدثنا همام قال: حدثنا عطاء عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة وفيها ست سوارٍ، فقام عند سارية فدعا ولم يصل" وهذا أيضاً من اجتهاد ابن عباس، وهو نافٍ والمثبت مقدمٌ عليه.

"وحدثني سريج بن يونس قال: حدثني هشيم قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- البيت في عمرته؟ قال: لا".

يقول النووي: "هذا مما اتفقوا عليه، قال العلماء: والمراد به عمرة القضاء التي كانت سنة سبعٍ من الهجرة قبل فتح مكة، قال العلماء: وسبب عدم دخوله -صلى الله عليه وسلم- ما كان في البيت من الأصنام والصور، ولم يكن المشركون يتركونه لتغييرها" لأن السلطة لهم، في عمرة القضية السلطة للمشركين، لم يكن يدعونه -عليه الصلاة والسلام- يدخل والأصنام موجودة، وإنما حطمها النبي -عليه الصلاة والسلام- عام الفتح، ويكون دخوله -عليه الصلاة والسلام- وصلاته في البيت بعد تحطيم الأصنام وإخراجها.

وقال: "هذا مما اتفقوا عليه، قال العلماء: والمراد به عمرة القضاء التي كانت سنة سبعٍ، يعني دخوله المنفي ما نفي من دخوله في حديث ابن أبي أوفى إنما كان في عمرة القضاء التي كانت سنة سبعٍ من الهجرة، قبل فتح مكة، قال العلماء: وسبب عدم دخوله -عليه الصلاة والسلام- ما كان في البيت من الأصنام والصور، ولم يكن المشركون يتركونه لتغييرها، فلما فتح الله عليهم مكة دخل البيت وصلى فيه، وأزال الصور قبل دخوله والله أعلم".

طالب:.......

رواية شيبان؟ فقام عند ساريةٍ.

طالب:.......

يعني في بعض النسخ دون بعض، ولو كانت موجودة في الأصول المعتمدة أشار إليها الشراح، يعني الموجودة في رواية الفارسي أو في رواية الجلودي أو غيرها من الروايات المعتبرة، يشيرون إلى اختلاف الروايات، نعم يوجد في المخطوطات التي نسخت بعد، يوجد فيها فروق كثيرة.

الرواية التي فيها أنه سأل الثلاثة، "ورقِيت الدرجة فدخلت البيت فقلت: أين صلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قالوا: ها هنا، ونسيت أن أسألهم"، قالوا، فقلت: قالوا، والمعروف أنه سأل بلال فقط؛ لأنه خرج على إثر النبي -عليه الصلاة والسلام-، قالوا: ها هنا، قال: ونسيت أن أسألهم -يعني الثلاثة- كم صلى؟.

هنا يقول الشارح -رحمه الله-: هكذا وقعت هذه الرواية هنا، وظاهره أن ابن عمر سأل بلالاً وأسامة وعثمان جميعهم، قال القاضي عياض: ولكن أهل الحديث وهنوا هذه الرواية، فقال الدار قطني: وهم ابن عونٍ هنا وخالفه غيره فأسندوه عن بلالٍ وحده، قال القاضي: وهذا هو الذي ذكره مسلم في باقي الطرق، فسألتُ بلالاً، فقال: إلا أنه وقع في رواية حرملة عن ابن وهبٍ فأخبرني بلالٌ وعثمانُ بن طلحة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في جوف الكعبة، هكذا هو عند عامة شيوخنا، وفي بعض النسخ: وعثمان بن أبي طلحة قال: وهذا يعضد رواية ابن عون، والمشهور إنفراد بلال برواية ذلك، والله أعلم، يعني أكثر الرواة على أنه لم يسأل سوى بلال.

اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد..

"