شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (301)

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى لقاءٍ جديد في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلاً ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: في حديث أبي قتادة –رضي الله عنه- في باب النهي عن الاستنجاء باليمين، الحديث مائة واثنين وعشرين بحسب المختصر، مائة وثلاثة وخمسين، بحسب الأصل لازلنا في ثنايا هذا الحديث عند قوله: «فلا يتنفس في الإناء».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

ففي قوله: «إذا شرِب أحدكم فلا يتنفس في الإناء». أورد العيني سؤال: هل هذا الحكم مقصور على الماء؟ لأن الكلام السابق يشير فيه أهل العلم إلى الماء للطافته ورقته.

المقدم: نعم، العلة، لعله يكون حليبًا، أو يكون شايًا وغيره.

أو عصيرًا أو غير ذلك من السوائل، وقد يدخل فيه غير السائل، الإناء ما يوضع فيه سائل وغير سائل.

يقول العيني..

المقدم: لكن ما يتخيل التنفس إلا فيما يُرفع إلى الفم للشرب، أما المأكول فما يُرفع في الغالب؟

قد يُحتاج إلى الأكل من الإناء، وفي بعض الصور الحاجة قد تدعو إلى ذلك، وإن كان الأصل أن الإناء يؤخذ منه الأكل، ولا يؤكل فيه إلا السائل. على كل حال يقول العيني في عمدة القاري: فإن قلت: هل الحكم مقصور على الماء أم غيره من الأشربة مثله؟

قلت: النهي المذكور غير مختصٍّ بشرب الماء، بل غيره مثله، وكذلك الطعام مثله، فكُره النفخ فيه، والتنفس في معنى النفخ.

وفي جامع الترمذي مصححًا عن أبي سعيدٍ الخدري أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجلٌ: القذاة أراها في الإناء؟ قال: «أهرقها». قال: فإني لا أروى من نفسٍ واحدة، قال: «فأبن القدح عن فيك».

الآن يقول: القذاة أراها في الإناء؟ قال: «أهرقها». قال: فإني لا أروى من نفسٍ واحدة، قال: «فأبن القدح إذًا عن فيك».

لو وقع مثلًا الذباب، هل يُراق؟ لأنه قال: فقال رجلٌ: القذاة أراها في الإناء، فقال: «أهرقها».

يعني: لو أراق الذباب مع شيءٍ من السائل الذي وقع فيه مع أنه ورد فيه ما يخصه.

المقدم: الغمس نعم.

من أنه يُلمس كما في الحديث الصحيح. لو قال: إن الذباب أشد قذارةً من القذاة، فكيف يقال: أهرقها، وهناك اغمسه؟ العلة ظاهرة.

المقدم: العلة هناك ظاهرة.

العلة في مسألة الذباب ظاهرة؛ «فإن في أحد جناحيه داءً، وفي الآخر شفاء» بخلاف القذاة غير الذباب.

يقول أيضًا: فإن قلت: ما الدليل على العموم؟ يعني كونه لا يختص بالماء، قلت: حذف المفعول في قوله: «إذا شرِب أحدكم» ما قال الماء، ولا قال: اللبن، ولا قال غيرهما من السوائل. قلت: حذف المفعول في قوله: «إذا شرِب»؛ وذلك لأن حذف المفعول يُنبئ عن العموم. إذا كان المراد الخصوص لنُصَّ عليه.

قلت: وذلك لأن حذف المفعول يُنبئ عن العموم.

قال ابن حجر: أخرج الإمام مسلم وأصحاب السنن من طريق أبي عاصم عن أنسٍ، أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يتنفس في الإناء ثلاثًا، ويقول: «هو أروى وأمرأ وأبرأ».

المقدم: في مسلم.

في مسلم، وأيضًا في البخاري على ما تقدم من الحديث.

المقدم: نعم، لكن بدون أبرأ وأمرأ.

نعم، إذا شرب يتنفس، في كتاب الأشربة.

لفظ مسلم: وفي رواية أبي داود: «أهنأ» بدل «أروى»، يعني: «هو أهنأ وأمرأ وأبرأ». وقوله: «أروأ» من الرِّي بكسر الراء غير مهموز أي: أكثر رِيًا، ويجوز أن يُقرأ مهموزًا للمشاكلة؛ لمشاكلة أمرأ وأبرأ.

وأمرأ بالهمز: من المراءة، يقال: مرَأَ الطعام بفتح الراء يمرَأ، ويجوز كسرها صار: مَرِيًا، يعني المرِي: سهل الهضم الذي ينتفع به البدن.

وأبرأ بالهمز: من البراءة أو من البُرء أي: يُبرئ من الأذى والعطش.

وأهنأ بالهمز: من الهنأ، والمعنى: أنه يصير هنيئًا مريئًا بريئًا أي: سالمًا أو مبرئًا من مرضٍ أو عطشٍ أو أذى، ويؤخذ من ذلك: أنه أقنع للعطش، وأقوى على الهضم، وأقل أثرًا في ضعف الأعضاء وبرد المعدة، يعني: المعدة بعد العطش إذا شُرِب الماء بكثرة وهو بارد لاشك أنه يؤثر عليها كما يقول الأطباء، لكن إذا أُخذ تدريجيًّا، شيئًا فشيئًا صار أقل أثرًا في ضعف المعدة وبردها.

واستعمال أفعل التفضيل في هذا يدل على أن للمرتين في ذلك مدخلًا في الفضل المذكور، ويؤخذ منه: أن النهي عن الشرب في نفسٍ واحد للتنزيه.

قوله: أفعل التفضيل أهنأ، وأبرأ، وأمرأ، استعمال أفعل التفضيل في هذا يدل على أن للمرتين في ذلك مدخلًا للفضل المذكور؛ لأنه إذا شرِب ثلاثًا إذ كان يتنفس في الإناء ثلاثًا..

المقدم: معناها أن الأولى متحقق فيها أهنأ وأمرأ، والثانية أكثر.

لكن الثلاث أفضل وأدخل في هذا الباب.

قال المهلب: النهي عن التنفس في الشرب كالنهي عن النفخ في الطعام والشراب من أجل أنه قد يقع فيه شيءٌ من الريق فيعافه الشارب ويتقذره؛ إذ كان التقذر في مثل ذلك عادةً غالبةً على طباع أكثر الناس.

الآن لا شك أن الأعراف والبلدان تختلف في مثل هذا التقذر، بعض البلدان لا يرون فيما يخرج من الفم شيئًا، وبعضهم يتقذر بشدة، وبعضهم يتوسط في أمره، وللوسوسة أيضًا مدخل في مثل هذا. بعض الناس لا يطيق أن يعطس الإنسان أو يكح الإنسان في مكانٍ هو فيه ولو خمَّر وجهه، ولكن لا شك أن هذا ضرب من الوسوسة. إذا خمَّر وجهه وفعل ما أُمر به فلا مانع من ذلك.

في المسجد الحرام وهو يجمع الناس من بلدان وبقاع وأصقاع وأعراف وعادات مختلفة، وجدنا من يوقظ النائم ببخ الماء في وجهه، يعني: يضع ماءً في فِيه ويوقظ الناس بهذه الطريقة، ولا يُنكر عليه من قِبل قومه، فهم لا يتقذرون مثل هذا، ولاشك أنه في أعراف أوساط الناس أنه متقذر بلا شك؛ ولذلك يقول: النهي عن التنفس في الشرب كالنهي عن النفخ في الطعام والشراب من أجل أنه قد يقع فيه شيء من الريق فيعافه الشارب ويتقذره؛ إذ كان التقذر في مثل هذا عادةً غالبةً على طباع أكثر الناس، ومحل هذا إذا أكل أو شرِب مع غيره، وأما لو أكل وحده أو مع أهله أو من يعلم أنه لا يتقذر شيئًا مما يتناوله فلا بأس.

لكن يبقى أن الأصل العموم، ولو شرِب وحده لا يتنفس في الإناء، ولو أكل مع مَن لا يتقذره. قد يقول قائل: إن هذا ليس بأشد من إلعاق اليد بعد الفراغ من الطعام. فليَلعقها هذا ما فيه إشكال ما يتقذر، لكن يُلعقها، أيهما أشد؟

المقدم: يُلعقها أشد.

يُلعقها أشد، لكن على كل حال ما جاءت به النصوص على العين والرأس، وأيضًا يُلعقها مَن لا يتقذر، أما إذا كان من تحت يده من امرأةٍ أو خادم أو ما أشبه ذلك يتقذره فلا يُلزم؛ لأن الطاعة بالمعروف، وإذا كان هذا الشيء لا يطاق عند بعض الناس فلا يُكلف.

يقول ابن حجر: الأولى تعميم المنع، يعني: سواء أكل وحده أو مع أهله أو مَن يعلم أنه لا يتقذر شيئًا مما يتناوله –الذي يقول فيه المهلب إنه لا بأس- يقول ابن حجر: والأولى تعميم المنع؛ لأنه لا يُؤمَن مع ذلك أن تفضل فضلةٌ، أو يحصل التقذر من الإناء أو نحو ذلك.

يعني: تفضل فضلة، ثم يُحتاج إلى أن تُدفع إلى من يقبلها، فلا يخلو إما أن يُخبر أو لا يُخبر. إن أخبر تقذره المتصدق عليه، وإن لم يخبر فهذا نصَّ بعض أهل العلم على أنه غش.

قال ابن العربي: قال علماؤنا: هو من مكارم الأخلاق، ولكن يحرم على الرجل أن يناول أخاه ما يتقذره، فإن فعله في خاصة نفسه، ثم جاء غيره فناوله إياه فليُعلمه، فإن لم يُعلمه فهو غشٌّ، والغش حرام.

لكن إذا تأول وقال: هذا شيء لا ضرر فيه، ورأى الحاجة الماسة بالنسبة لهذا الشخص ولا أخبره من باب النصح له لا الغش؛ لأن فيه جانب إفادة من هذا الطعام، وجانب التقذر من التنفس فيه، فهل يتقاوم الجانبان بحيث يستوي الطرفان أو يرجح أحدهما على الآخر؟ لأنه أحيانًا يتمنى الإنسان أن لو لم يُخبَر.

المقدم: صحيح.

وفي ذلك قول عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا. فهل هذا مثله، نقول: لا تخبر وتصدق به ولن يتضرر به، أو نقول: إن عدم الإخبار غِش، والغش حرام، كما قال ابن العربي؟

لا شك أن بعض الفقراء والمساكين عندهم شيء من الأنفة، وبعضهم قد يؤثر الجوع الشديد على مثل هذا، فهل يُسكَت عنه؟ الأصل ألا يتنفس في الإناء، لكن هذا حصل، قال: أنا لا يوجد أحد يأكل معي، وأنا آكل الطعام كاملًا –كما قال ابن المهلب: إن مثل هذا إذا أكل وحده أنه لا بأس به- ثم بقت البقية، وجاء من يسأل، فتصدق بهذه البقية عليه ولو لم يُخبره، فهل نقول: يخبره كما قال ابن العربي، وإن سكت فهو غش، أو نقول: يؤثر مصلحة الإفادة من هذا الطعام، ومفسدة التنفس مغمورة في جانبها ليفيد منها هذا المسكين المضطر إلى هذا الطعام؟

قد يقول قائل: إن هذا المسكين هو الذي يقدِّر مصلحته، يُخبَر ويُقدِّر إن شاء أقدم، وإن شاء أحجم، لاسيما وأن بعض المساكين عندهم من الأنفة من مثل هذا، والتقذر ما يؤثر معه الجوع على مثل هذا الطعام.

أقول: مثل هذه الأمور تُقدَّر بقدرها، إن غلب على الظن..، أولًا: حسم المادة أمرٌ هو الأصل، يعني: لا يتنفس في الإناء، لكن إذا حصل متأولًا أنه يشرب وحده أو يأكل وحده، ومشى على قول من يقول: إذا كان وحده فلا بأس به. نقول: المسألة تُقدَّر بقدرها، فإن كان يغلب على ظنه أن هذا يتضرر بالجوع، ولا يجد ما يسد جوعه غير هذا الطعام فالأولى ألا يُخبره؛ لأنه لن يتضرر بهذا التنفس، وإن كان يغلب على ظنه أنه لا يتضرر بهذا الجوع أو يجد غير هذا الطعام فأخبره فهو الأصل.

يقول القرطبي: معنى النهي عن التنفس في الإناء؛ لئلا يتقذر به من بزاقٍ أو رائحةٍ كريهة تتعلق بالماء.

كان يوجد مدرس كبير السن، وسقطت بعض أسنانه، فكان الطلاب في الصف الأول يتأذون به.

المقدم: إذا تكلم.

يشرح ويتكلم باستمرار، يتأذون به –هذه طُرفة- فلما انتهى من شرحه تشهَّد أحد الطلاب، قال: أشهد أن لا إله إلا الله؛ ليُخبره أنه اغتسل منه.

المقدم: من الماء.

فقال: لا بأس، لا بأس يا بني هذا رذاذ، إيش رذاذ؟ يعني نُهي عن التنفس، فكيف بمثل هذا؟! لكن ما حيلة مثل هذا يعني؟ ماذا يصنع إذا كانت عادته، إذا كانت خِلقة؟ يتناثر البصاق أو الريق من فمه من غير قصد، مثل هذا يبتعد، الحمد لله الآلات الآن توصل ولو كان بعيدًا، لا يقرب من الطلاب، ولا يقرب ممن يريد محادثته، فعليه أن يحتاط لمثل هذا.

يقول القرطبي: معنى النهي عن التنفس في الإناء؛ لئلا يتقذر به من بزاقٍ أو رائحةٍ كريهة تتعلق بالماء، وعلى هذا إذا لم يتنفس يجوز الشرب بنفسٍ واحد. وقيل: يُمنع مطلقًا؛ لأنه شرب الشيطان. قال: وقول أنس: كان يتنفس في الشرب ثلاثًا، قد جعله بعضهم معارضًا للنهي، وحُمل على بيان الجواز.   

وقول أنس: كان يتنفس في الشرب ثلاثًا، قد جعله بعضهم معارضًا للنهي «إذا شرِب أحدكم فلا يتنفس في الإناء»، وحُمل على بيان الجواز يعني: النهي هنا يكون للكراهة، فهو صارف عن التحريم، ومنهم من أومأ إلى أنه من خصائصه- صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه كان لا يُتقذر منه شيء.

تقدم في تخريج البخاري لحديث أنس هذا، وأنه محمولٌ على الشرب والتنفس ثلاثًا خارج الإناء لا داخل الإناء.

تكملة: أخرج الطبراني في الأوسط بسندٍ حسن عن أبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يشرب في ثلاثة أنفاس، وإذا أدنى الإناء إلى فيه يسمي الله، فإذا أخره حمِد الله، يفعل ذلك ثلاثًا. وأصله في ابن ماجه، وله شاهدٌ من حديث ابن مسعود عند البزار والطبراني بسندٍ حسن «على كل أكلة يُسمي ويحمد».

وجاء مدح من يأكل الأكلة فيحمد الله عليها، ويشرب الشربة فيحمد الله عليها، وهذا صالح للأكلة الكاملة أو لأجزائها.

وأخرج الترمذي من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- المشار إليه قبل، يعني هذا الكلام يجرنا إلى إجابة الدعوة في وليمة العُرس وهي واجبة.

المقدم: هل هي واجبة؟

هي واجبة، لكن لو جاء إلى وليمة العُرس وقُدم تمر مثلًا مع القهوة، وأخذ تمرة أو تمرتين واستأذن. ما أكل من الطعام، الوليمة المعدة للعُرس أو قدِم على الطعام مع الضيوف، وأكل لقمة واحدة وخرج، هل يتأدى بذلك الواجب أو لابد من أن يأكل أكله المعتاد؟

هذه مسألة خلافية بين أهل العلم؛ لأن منهم من يقول: إن هذا لا يكفي؛ لأنه لابد أن يترك أثرًا على..

المقدم: الداعي.

صاحب الوليمة، الداعي.

المقدم: يُفرحه يعني.

نعم.

أخرج الترمذي من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- المشار إليه قبل: «وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم»، وهذا يحتمل أن يكون شاهدًا لحديث أبي هريرة المذكور، ويحتمل أن يكون المراد به في الابتداء والانتهاء فقط، والله أعلم.

إذا عرفنا هذا كله بهذا التفصيل، فماذا عن نفخ الطعام الحار والشراب والنفخ والنفْث عند الرقية؟ النفْث عند الرقية على المريض هذا جاءت به الأدلة سواءً كان بالريق أو بدون ريق، كله جاءت به النصوص، لكن ماذا عن نفخ ونفْث الماء مع الريق؟

المقدم: لكن أيضًا النفْث بالنسبة للرقية لا يكون في الوجه، هل ثبت أنه كان في الوجه؟

في موضع الألم ولو كان في الوجه، هذا بالنسبة للنفث على المريض مباشرةً، لكن النفث بالماء قد جاء ما يدل عليه.

المقدم: جاء؟

نعم، من حديث عائشة وغيرها.

المقدم: مرفوعًا؟

عن عائشة، وفيه ما يدل على قصة العين: عامر بن ربيعة مع من؟

المقدم: لما قال له إن لونه أبيض..

المقصود فيه ما يدل على مثل هذا، في رواية أنه نفَثَ فيه.

المقدم: في الماء؟

نعم في الماء، غسل ونفَث.

على كل حال على القول بشرعية مثل هذا النفْث بالماء هو المفتى به من قِبل شيوخنا، الشيخ ابن باز وغيره يفتون بهذا.

هل يدخل في الحديث، أو يكون هذا أمرًا مخصوصًا مقيسًا على النفْث المباشر إن لم يثبت أصل للنفْث في الماء؟ هذا محل بحث.

نفخ الطعام الحار والشراب: رفعت الكأس وفيه شاي أو ماء حار أو شيء من هذا.

المقدم: فتنفخ لتُبرده.

فتنفخه لتبرده، التنفس لا شك أنه يخرج من الرئة، ويجلب من أبخرة المعدة ما يجلب؛ ولذلك رائحته كريهة. النفخ إنما هو من الفم، إن كان الفم متغيرًا ويخرج منه رائحة، الحكم واحد، وإن كان غير متغير فلا يتجه المنع، مع أنه جاء التنصيص على مثل هذه المسألة في أنه إذا وُجد القذى في الطعام كما مرَّ بنا فليرقه، لكن يبقى أن الحار يعني: إذا كان الإنسان ليس عنده من الوقت ما يجعله ينتظر حتى يبرد واحتاج إلى النفخ.

يقولون: إن النفخ عند عامة أهل العلم النهي عنه للكراهة، والقاعدة عند أهل العلم: أن الكراهة تزول بأدنى حاجة.

المقدم: لكن لو كان النفخ لما يخصه؟

مثل ما فصَّلنا سابقًا في كلام المهلب أنه لا مانع.

المقدم: يعني لو رفع بالملعقة مثلًا جزءًا من الطعام يخصه؟

مثل ما تقدم عند المهلب أنه إذا كانت العلة..، أحيانًا العلة يدور معها الحكم وجودًا وعدمًا، وأحيانًا لا؛ يدور مع الحكم وجودًا وعدمًا إذا كانت منصوصة، إذا كانت مستنبطة فإن كانت متفقًا عليها دار الحكم معها، وإن كانت مختلفًا فيها فلا.

المقدم: طيب، جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.

في قوله: «وإذا أتى الخلاء..» إلخ هذا هو مطلع موضوع الحلقة القادمة بإذن الله ليتابع معنا الإخوة والأخوات.  

أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

شكرًا لطيب المتابعة، نلقاكم بإذن الله وأنتم على خير، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.