كتاب الإيمان (50)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سمِّ.

طالب: أحسن الله إليك. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وِصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: بَابُ زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، وقَولِه تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، وَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ.

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أَبَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مِنْ إِيمَانٍ» مَكَانَ «مِنْ خَيْرٍ».

حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، قال: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، أَنَّ رَجُلاً، مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3]. قَالَ عُمَرُ: «قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فيقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: (قوله: "باب زيادة الإيمان ونقصانه")، الزيادة تؤخذ من الآيات، والنقصان يؤخذ من...

طالب: مفهوم الآيات.

الحديث، الحديث نص في النقصان.

طالب: والزيادة.

هذا باللازم، لكن تريد نصًّا في الموضوع؟ الحديث نص في النقصان، وإن كان من أهل العلم من يرى أنه لا دليل على النقصان إلا من باب اللازم أن ما قبل الزيادة يقبل النقصان. ويذكر عن الإمام مالك أنه يرى أنه يقبل الزيادة، ولا يقبل النقصان، مع أن عامة أهل السنة والجماعة يقول: يزيد وينقص.

(قوله: "باب زيادة الإيمان ونقصانه" تقدم له قبل بستة عشر بابًا "باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال"، وأورد فيه حديث أبي سعيد بمعنى حديث أنس الذي أورده هنا، فتُعقِّب عليه بأنه تكرار)، "باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال"، وهنا: "باب زيادة الإيمان ونقصانه". "تفاضل أهل الإيمان في الأعمال" (تعقب عليه بأنه تكرار)، الباب السابق: "تفاضل أهل الإيمان في الأعمال" يعني الظاهرة، و"زيادة الإيمان ونقصانه" فيما يتعلق بالباطن من أعمال القلب، وهذا ظاهر، يعني كما أن الأعمال تقبل الزيادة والنقصان، فكذلك ما يقر في القلب يقبل الزيادة والنقصان.

(وأجيب عنه بأن الحديث لما كانت الزيادة والنقصان فيه باعتبار الأعمال أو باعتبار التصديق، ترجم لكل من الاحتمالين، وخص حديث أبي سعيد بالأعمال؛ لأن سياقه ليس فيه تفاوت بين الموزونات)، (وخص حديث أبي سعيد بالأعمال؛ لأن سياقه ليس فيه تفاوت بين الموزونات) قبل ستة عشر بابًا يعني في الباب السابع عشر؟

طالب: .......

نعم؟

طالب: "باب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [التوبة: 5]".

الخامس عشر.

طالب: .......

الخامس عشر. إذًا قبل كم؟

طالب: الباب رقم 15.

إذًا قبل ثمانية عشر بابًا.

طالب: نعم يا شيخ.

ذكر حديث أبي سعيد -رَضِيَ اللهُ عنهُ- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودّوا فيُلقون في نهر الحيا أو الحياة -شك مالك- فينبتون كما تنبت الحِبة في حميل السيل أو في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية؟».

المقصود أن «حبة من خردل من إيمان»، ما فيه غير هذا. وحديث الباب فيه؟

طالب: بُرة.

بُرة، شعيرة، ذَرَّة أو ذُرَة. هذا فيه تفاوت.

(وأجيب عنه بأن الحديث لما كانت الزيادة والنقصان فيه باعتبار الأعمال أو باعتبار التصديق، ترجم لكل من الاحتمالين، وخص حديث أبي سعيد بالأعمال؛ لأن سياقه ليس فيه تفاوت بين الموزونات، بخلاف حديث أنس ففيه التفاوت في الإيمان القائم بالقلب من وزن الشعيرة والبُرة والذَّرَّة) أو الذُّرَة كما في بعض الروايات.

(قال ابن بطال: التفاوت في التصديق على قدر العلم والجهل)، يعني زيادة الإيمان في القلب لها وجود في الواقع أم ما لها وجود؟ الإنسان يلمسه من نفسه، في وقت من الأوقات يحس ويدرك هذا، يدرك الزيادة والنقص. الآن لو زاول شخص عندك غِيبة ولا مانع من الإنكار عليه، في مجلس أنكرت عليه ومجلس لم تنكر عليه، أليس الداعي إلى الإنكار هو زيادة الإيمان في ذلك المجلس؟

طالب: بلى.

وعدم الإنكار هو نقص الإيمان في هذا المجلس؟

طالب: بلى.

لمن يتبع التصديق بموعود الله -جَلَّ وعَلا-، وهكذا. فلا ينكر الزيادة إلا مكابر؛ لأن كل إنسان يدرك هذه الزيادة وذلك النقص، ويحس به في نفسه. أحيانًا يجد عنده قوة في الإيمان تحمله على التقرب إلى الله -جَلَّ وعَلا-، وأحيانًا يحس بنقص وفتور يتراخى في العمل.

طالب: لكن يا شيخ قول ابن حجر ....... تفاوت بين الموزونات في التفريق بين البابين .......

هذا فيه تفاوت الموزونات.

طالب: والأول .......

ما فيه إلا مثقال حبة من خردل بس.

(قال ابن بطال: التفاوت في التصديق على قدر العلم والجهل، فمن قلَّ علمه كان تصديقه بمقدار ذرة، والذي فوقه في العلم تصديقه بمقدار بُرة أو شعيرة، إلا أن أصل التصديق الحاصل في قلب كل أحد منهم لا يجوز عليه النقصان)، يعني القدر المشترك الذي لا يُقبل ما دونه، الذي ما دونه إلا ما لا يسمى إيمانًا، فإن هذا لا بد أن يشترك فيه الجميع؛ ولذلك هذه الموزونات يقولون: إنها قدر زائد على المشترط لدخول الجنة ولصحة الإيمان.

(والذي فوقه في العلم تصديقه بمقدار بُرة أو شعيرة، إلا أن أصل التصديق الحاصل في قلب كل أحد منهم لا يجوز عليه النقصان، ويجوز عليه الزيادة بزيادة العلم والمعاينة، انتهى. وقد تقدم كلام النووي في أول الكتاب بما يشير إلى هذا المعنى، ووقع الاستدلال في هذه الآية بنظير ما أشار إليه البخاري لسفيان بن عيينة، أخرجه أبو نعيم في ترجمته من الحلية من طريق عمرو بن عثمان الرَّقي، قال: قيل لابن عيينة: إن قومًا يقولون: الإيمان كلام؟)، (الإيمان كلام) يعني بمجرد أن تشهد أن لا إله إلا الله خلاص آمنت. (فقال: كان هذا قبل أن تنزل الأحكام، فأُمر الناس أن يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا دماءهم وأموالهم، فلما علم الله صدقهم أمرهم بالصلاة ففعلوا، ولو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار، فذكر الأركان إلى أن قال: فلما علم الله ما تتابع عليهم من الفرائض وقبولهم قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] الآية، فمن ترك شيئًا من ذلك كسلاً أو مُجونًا أدبناه عليه، وكان ناقص الإيمان، ومن تركه جاحدًا فهو كافر. انتهى ملخصًا.

وتبعه أبو عبيد في كتاب الإيمان له، فذكر نحوه، وزاد: إن بعض المخالفين لما أُلزموا بذلك أجاب بأن الإيمان ليس هو مجموع الدين، إنما الدين ثلاثة أجزاء، الإيمان جزء، والأعمال جزآن؛ لأنها فرائض ونوافل)، لو قال: الإيمان جزء، التصديق بالقلب والأعمال جزآن؛ لأنها عمل اللسان وعمل البدن، لكان أوضح؛ لأن الإيمان يتركب من جميعها. لكن الإيمان مركب من ثلاثة أشياء: قول وعمل واعتقاد، هل هذه أركان أو شروط؟

طالب: أركان.

طالب: .......

جزء من الماهية أو خارج الماهية؟

طالب: جزء من الماهية.

طيب، ما كنا نعرف أحدًا يطلق عليها أركانًا إلا في الأخير، وحقيقة الركن الذي هو داخل الماهية وجزء منها ينطبق عليها؛ لأنه مركب من هذه الأركان الثلاثة. لكن ما موقع هذه الأركان من الأركان الستة الواقعة في حديث جبريل؟ لأن الشرط يأتي باعتبار، ويأتي شرط آخر باعتبار آخر، لكن الركن يمكن أن يأتي بهذا؟

طالب: .......

متفقون على أن الستة أركان، والخمسة بالنسبة للإسلام أركان، نعم. فهذه الثلاثة هل هي أركان أم شروط؟ العلماء يتواطئون على أنها شروط إما صحة وإما كمال، كما هو معروف، لكن هل الحد، حد الركن والشرط ينطبق على هذه الأشياء باعتبارها شرطًا خارجًا عن الماهية، أو أنها داخلة في الماهية فتكون أركانًا؟ وإذا قلنا: إنها أركان، فما مدى ملائمتها للأركان الستة؟

 وعرفنا أن العلماء يقولون بالنسبة للشروط يقولون: شرط صحة وشرط إجزاء، وشرط باعتبار، وشرط كذا، وشرط للبيع، وشرط في البيع، يعني باعتبارات، لكن الأركان هل يقول أحد بشيء منها؟

طالب: .......

طالب: أو يقال يا شيخنا: تنبني الأركان الخمسة والأركان الستة على الثلاثة الأركان هذه؟

ما تجيء.

طالب: .......

طالب: والقول والعمل.

طالب: .......

يعني هل نقول: إن الأركان الستة تفصيل للركن الأول؟ نقول: هي تفصيل للركن الأول؟

طالب: .......

إلى أن ندخلها بالإيمان بعد، إذا أردنا أن نغاير بين الإسلام والإيمان فلا بد من أن نفرق بتفريق يمنع من دخول أحدهما في الثاني.

طالب: .......

إذًا الأركان الستة تفصيل للركن الأول بهذا الاعتبار.

طالب: .......

نعم، الكلام على أننا نريد أن نخص كل لفظ بحقيقته، نفصل بعضها عن بعض.

طالب: أركان الإيمان ستة.

نعم.

طالب: ثم كل ركن من هذه الأركان الستة يكون القول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان.

الإيمان بالملائكة وكيف تعمل؟ الإخوان يقولون بالعكس: أن الستة داخلة في الركن الأول من أركان الإيمان الذي هو اعتقاد بالجنان، كلها اعتقاد، الست.

طالب: .......

أنت كأنك ما فهمت قصدي. أنا أقول: الشروط تتعدد باعتبارات، والأركان ما فيه شيء اسمه اعتبارات. الركن جزء من الماهية، يتركب منه الحقيقة الشرعية لهذا الشيء من مجموع هذه الأركان، فقالوا: الأركان الستة متفق عليها، والتسمية قديمة على هذا، وجاءت في حديث جبريل، لكن من قال: إن الثلاثة أركان؟ 

طالب: .......

نعم. ما علاقة الأركان الثلاثة بالأركان الستة؟ ولماذا لا نقول: تسعة؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: الستة أركان الركن، فصار .......

طالب: .......

أركان للركن الأول الذي هو الاعتقاد؟ لكن هم قالوا: أركان الإيمان؟

طالب: وارد إطلاق الإيمان ويراد به الدين؟

لا، ما لها علاقة، الدين دعه الآن؛ لأنه يشمل الإحسان والإسلام.

طالب: ....... إيمان القلب يتعلق بالستة، وإيمان اللسان يتعلق بالشهادتين، وإيمان الجوارح يتعلق بالأعمال الباقية الظاهرة كالصلاة والصيام .......

طالب: والدليل عليه أن أركان الإيمان الستة مذكورة في الحديث يا شيخ، لا تختص فقط بالثلاثة الأركان المذكورة عند أهل العلم .......

لا، كلها داخلة في الأول الذي هو الاعتقاد.

طالب: نعم.

طالب: .......

لا، دعنا من مسألة الدين بعمومه وشموله، لا. أنا أريد الإيمان باعتبار أن العمل ركن فيه، العمل يشمل أركان الإسلام الخمسة وغيرها.

طالب: .......

إذًا نقول: الإيمان بأركانه الثلاثة أو شروطه الثلاثة هو الدين؟

طالب: نعم. تجتمع عليه الكل، الإسلام والإيمان والإحسان، ما هو بالقول يكون بالقول، وما هو بالاعتقاد يكون بالاعتقاد كالأركان الستة.

وماذا يصير الإحسان بالنسبة للإيمان؟ شرطًا أم ركنًا أم جزءًا أم ماذا يصير؟

طالب: .......

لا.

طالب: .......

طالب: دائرته أضيق من الإيمان، والإيمان .......

لماذا لم يقل العلماء إن الثلاثة أركان؟ ما عرفت أحدًا من المتقدمين قال: أركان؟

طالب: .......

لكن فيه آثار مترتبة على اللفظين، يعني مثل ما اختلفوا في تكبيرة الإحرام هل هي ركن أو شرط؟ معروف هذا الخلاف.

طالب: .......

حتى ما قالوا: ولا ركن، ولا شرط، ما قالوا شيئًا، لكن تصرفهم يقتضي هذا، وترتيبهم الآثار على هذا، هذا مقتضاه.

طالب: .......

يعني ما يتحقق بالتعريف؟ ....... ما يتحقق إلا بهن؟

طالب: .......

ولا يتحقق إلا بالستة.

طالب: .......

هو التصور، يعني لو لم تُثر هذه المسائل ما عند الناس مشكلة، أمورهم ماشية، لكن إذا أُثيرت على مقتضى اصطلاح أهل العلم فلا بد أن يوجد لها حل.

طالب: .......

خلنا نقول: ركن وداخلة في الماهية وجزء منها، لكن ما ارتباطها بالأركان الستة؟

طالب: .......

لكن هم قالوا: أركان الإيمان، وجبريل سأل عن الإيمان، ثم نقول: هي كلها أركان للركن الأول؟

طالب: .......

طيب خلنا نأتي بالإسلام ونجعله الدين: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]، ماذا أفعل به؟

طالب: .......

طالب: أهل العلم يا شيخ لما ذكروا الثلاثة أركان هل خصّوها بالإيمان ركن الإيمان، أو أرادوا بها الدين كله؟

لا لا، قالوا: أركان الإيمان.

طالب: الإيمان هل هي الأركان الستة يا شيخ؟

لا، الثلاثة.

طالب: فتشمل، إذًا يكون عائدة .......

طالب: .......

طالب: تعود.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

خلونا بالأركان الستة، شخص آمن بالأركان الستة، هل هو بهذه الأركان الستة هل هو ينجو بهذا الإيمان ولو لم يعمل؟

طالب: لا.

لأنه ما تحقق شرط العمل.

طالب: نعم، من لازم الإيمان العمل، من مقتضيات الإيمان العمل.

طالب: .......

هذا الكلام صحيح، لكنه لا يجري على قواعد أهل العلم في حدودهم واصطلاحاتهم.

قال: (وقد تقدم كلام النووي في أول الكتاب بما يشير إلى هذا المعنى، ووقع الاستدلال في هذه الآية بنظير ما أشار إليه البخاري لسفيان بن عيينة...)، إلى قوله: (فمن ترك شيئًا من ذلك كسلاً أو مُجونًا أدبناه عليه، وكان ناقص الإيمان، ومن تركه جاحدًا فهو كافر. انتهى ملخصًا.

وتبعه أبو عبيد في كتاب الإيمان له فذكر نحوه، وزاد: إن بعض المخالفين لما أُلزموا بذلك أجاب بأن الإيمان ليس هو مجموع الدين، إنما الدين ثلاثة أجزاء: الإيمان جزء، والأعمال جزآن؛ لأنها فرائض ونوافل، وتعقبه أبو عبيد بأنه خلاف ظاهر القرآن، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]، والإسلام حيث أُطلق مفردًا دخل فيه الإيمان كما تقدم تقريره.

فإن قيل: فلِمَ أعاد في هذا الباب الآيتين المذكورتين فيه وقد تقدمتا في أول كتاب الإيمان؟ فالجواب أنه أعادهما ليوطِّئ بهما معنى الكمال المذكور في الآية الثالثة؛ لأن الاستدلال بهما نص في الزيادة، وهو يستلزم النقص، وأما الكمال فليس نصًّا في الزيادة، بل هو مستلزم للنقص فقط)، (وأما الكمال فليس نصًّا في الزيادة، بل هو مستلزم للنقص فقط).

 الكمال الذي هو القدر المطلوب، فلا يستلزم الزيادة؛ لأن كثيرًا من خواص المسلمين زادوا على القدر المطلوب مما يزيد إيمانهم. ظاهر؟ قال: (وأما الكمال فليس نصًّا في الزيادة، بل هو مستلزم للنقص فقط، واستلزامه للنقص يستدعي قبوله الزيادة، ومن ثم قال المصنف: فإذا ترك شيئًا من الكمال فهو ناقص).

طالب: المراد بالكمال هنا؟

الكمال القدر المطلوب.

طالب: .......

لا، يقول: (ليس نصًّا في الزيادة)، يعني لا يمنع من الزيادة، (ليس نصًّا في الزيادة، بل هو مستلزم للنقص فقط، واستلزامه للنقص يستدعي قبوله الزيادة)، يعني الكمال.

طالب: .......

وما هو؟

طالب: .......

طالب: القدر المطلوب.

القدر المطلوب للنجاة، هذا الكمال على عبارته الموجودة بين أيدينا، ويقبل الزيادة بعد الكمال. لكن ماذا عن قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]؟ هل فيه زيادة بعد هذا الكمال؟ خلاص، كمل وانتهى، فلا يقبل الزيادة. مع أنه يقول: (وأما الكمال فليس نصًّا للزيادة، بل هو مستلزم للنقص فقط، واستلزامه للنقص يستدعي قبوله للزيادة).

طالب: .......

نعم، لكنه لا يقبل الزيادة، الكامل ما يقبل الزيادة، هذا الأصل.

طالب: ....... شخص يوتر بثلاث، وشخص يوتر بخمس، وشخص يوتر بسبع .......

وكلهم في دائرة الكمال.

طالب: وكلهم في دائرة الكمال.

ومن ثَم قال المصنف: (فإذا ترك شيئًا من الكمال فهو ناقص، لهذه النكتة عَدل في التعبير للآية الثالثة عن أسلوب الآيتين، حيث قال أولاً: "وقول الله"، وقال ثانيًا: "وقال"، وبهذا التقرير يندفع اعتراض من اعترض عليه بأن آية {أَكْمَلْتُ لَكُمْ} [المائدة: 3] لا دليل فيها على مراده؛ لأن الإكمال إن كان بمعنى إظهار الحجة على المخالفين أو بمعنى إظهار أهل الدين على المشركين، فلا حاجة للمصنف فيه)، أو (فلا حجة)؟

طالب: عندي (حجة).

الظاهر أنها (فلا حجة).

طالب: أو (حاجة) للتعبير.

لا، (فلا حجة) أظنها.

طالب: (فلا حجة).

نعم، هذا الذي أراه.  

(وإن كان بمعنى إكمال الفرائض لزم عليه أنه كان قبل ذلك ناقصًا، وأن من مات من الصحابة قبل نزول الآية كان إيمانه ناقصًا. وليس الأمر كذلك؛ لأن الإيمان لم يزل تامًّا، ويوضح دفع هذا الاعتراض جواب القاضي أبي بكر بن العربي)، يعني من مات في أول الإسلام فإيمانه كامل؛ لأنه غير مطالب بما لم ينزل، لكن من تأخر إيمانه ولم يعمل إلا بما عمل به المتقدم...

طالب: هو إيمانه ناقص.

ناقص.

(ويوضح دفع هذا الاعتراض جواب القاضي أبي بكر بن العربي بأن النقص أمر نسبي، لكن منه ما يترتب عليه الذم، ومنه ما لا يترتب، فالأول ما نقصُه بالاختيار كمن علم وظائف الدين ثم تركها عمدًا، والثاني ما نقصُه بغير اختيار كمن لم يعلم أو لم يُكلف، فهذا لا يُذم، بل يُحمد من جهة أنه كان قلبه مطمئنًّا بأنه لو زِيد لقبل ولو كُلف لعمل)، يعني الشخص الذي غير قادر على بعض الواجبات، ما عنده قدرة، لا يستطيع الصيام مثلاً، هل نقول: إيمانه ناقص أم كامل؟

طالب: كامل بالنسبة له ولما أوجب عليه.

طالب: .......

بنيته أن لو كان يستطيع لصام، يعني فرق بين رجل أعمى: أعمى يشارك في الجهاد، أعمى لا يشارك في الجهاد باعتباره معذورًا، ويتمنى أن لو كان مبصرًا، أعمى لا يشارك وهو فرح بعماه، ومبصر يتمنى أن لو كان أعمى. هذه مراتب، لا شك أن هذه مراتب.

طالب: .......

نقصانها أنها تدع الصلاة والصيام في وقت الحيض، ولذلك قالوا: إنها لا يكتب لها ما كانت تعمله مثل المريض والمسافر، هذا وجه النقصان. ولو كان يُكتب لها كالمريض والمسافر ما صار نقصانًا.

طالب: .......

لا، لولا النص أن الرسول سماه نقصانًا لكانت مثل المريض والمسافر، بل أولى من المسافر؛ لأن المسافر باختياره، والحيض ليس باختيارها.

طالب: .......

لكن ما يترتب عليه...

طالب: أجر في الترك.

لا، أقول: ما يترتب عليه ما سيق الحديث من أجله.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

لا، إن كان ظرفها ما يُمكِّنها، المسألة مسألة حاجة للشرط، مدى الحاجة للشرط، إذا كان عذرها لا يمكنها من فعل العبادة فلها أن تشترط.

طالب: .......

لا، هو خارج عن قدرتها وطوقها، إذا كان رفقتها لا يُمكنونها من الانتظار اشترط لهذا، كالمريض يشترط؛ لأنه قد لا يتمكن بمعنى أنه لا يبرأ حتى رفقته تفوته.

طالب: .......

ما هو؟

طالب: تبرأ منه ويزول، العذر يزول.

لكن الرفقة، الآن المريض أيضًا لو قد قرر الأطباء أنه يبرأ، مثلها.

طالب: يُقبل يا شيخ وتحل؟

ما المانع؟ «حجي واشترطي».

طالب: هذا مرض يا شيخ ....... الطارئ.

أريد الحج وأجدني شاكية.

طالب: هذا مرض دائم، هذا عذر طارئ ويزول.

لا، ما يلزم أن يكون دائمًا.

طالب: وليس عن جميع المناسك، بل عن فعل من المناسك، الطواف وأما سائر المناسك فإنها تفعلها.

طيب تريد أن تجلس إلى أن تطوف؟ ورفقتها الذين يسافرون ويتركونها؟ لا، صعب.

طالب: .......

(وإن كان بمعنى إكمال الفرائض)، طيب.

(ومحصله أن النقص بالنسبة إليهم صوري نسبي، ولهم فيه رتبة الكمال من حيث المعنى، وهذا نظير قول من يقول: إن شرع محمد -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أكمل من شرع موسى وعيسى؛ لاشتماله من الأحكام على ما لم يقع في الكتب التي قبله، ومع هذا فشرع موسى في زمانه كان كاملاً، وتجدَّد في شرع عيسى بعده ما تجدد، فالأكملية أمر نسبي، كما تقرر، والله أعلم).

الآن الذي عنده عشرة ملايين قال: غني أم فقير؟

طالب: غني.

طيب غني، والذي عنده عشرون.

طالب: كذلك غني.

غني، والذي عنده مائة غني، والذي عنده مليار غني. لكن هذه أمور نسبية، غناه نسبي. لكن الذي عنده عشرة ملايين بالنسبة للذي عنده مليار؟

طالب: لا شيء.

لا شيء. فهذه أمور تتفاوت في الكمال، ومثل ما تفضل الشيخ: الذي يوتر بثلاث قالوا: هذا أدنى الكمال، لكن الذي يوتر بإحدى عشرة أكمل منه.

طالب: .......

قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولا يلزم الحكم إلا ببلوغه، فمن نُسخ الحكم ولم يبلغهه.

طالب: .......

طالب: ما وقع.

بماذا يأخذ شيئًا، ما وقع نسخه، ما فيه نسخ بعد الآية.

طالب: .......

لا، هذا ما هو بنسخ، هذه أحكام مؤقتة؛ لأنه بانقطاع الوحي انتهى النسخ، لكن أحكام مؤقتة، أحكام مؤقتة بوقت، وعيسى ما ينسخ شيئًا من شرعنا.

(قوله: "هشام" هو ابن أبي عبد الله الدستوائي)، هشام الدستوائي أبوه أبو عبد الله، هشام ابن...

طالب: .......

لا لا، أبوه أظن سَنْبَر.

طالب: .......

سنبر أبوه.

(يكنى أبا بكر، وفي طبقته هشام بن حسان، لكنه لم يرو هذا الحديث.

قوله: «يَخرُج» بفتح أوله وضم الراء، ويروى بالعكس) «يُخرَج»، (ويؤيده قوله في الرواية الأخرى: «أخرجوا».

قوله: «من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه» فيه دليل على اشتراط النطق بالتوحيد)، «من قال» فالحكم معلق بالقول، «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا»، ولهذا لا يكفي أن يقر الإيمان في القلب، ولا ينطق بالشهادتين في الحكم، ولا يُحكم بإسلامه حتى يقول.

(فيه دليل على اشتراط النطق بالتوحيد، أو المراد بالقول هنا القول النفسي)، وهذا غير متجه، ما هو بصحيح. (فالمعنى من أقر بالتوحيد وصدق فالإقرار لا بد منه، فلهذا أعاده في كل مرة، والتفاوت يحصل في التصديق على الوجه المتقدم. فإن قيل: فكيف لم يَذكر الرسالة؟)، «من قال: لا إله إلا الله»، ما قال: محمد رسول الله؟

طالب: لوازم.

إما أن يقال: إن «لا إله إلا الله» عنوان على الشهادتين، كما يقال: سورة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] عنوان على السورة كلها، أو يقال: إنها من باب اللازم لـ«لا إله إلا الله».

(فكيف لم يذكر الرسالة؟ فالجواب أن المراد المجموع، وصار الجزء الأول عَلمًا عليه، كما تقول: قرأت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] أي السورة كلها.

قوله: «بُرَّة» بضم الموحدة وتشديد الراء المفتوحة وهي القَمحة، ومقتضاه أن وزن البُرة دون وزن الشعيرة؛ لأنه قدم الشعيرة، وتلاها بالبرة، ثم الذَّرة)، أو (الذُّرة).

طالب: .......

المتن ماذا يقول؟

طالب: «ذَرة».

«ذَرة»، مع أن بعض الروايات ضبطته بالـ«ذُرة».

(وكذلك هو في بعض البلاد.

فإن قيل: إن السياق بالواو وهي لا تُرتب؟ فالجواب أن رواية مسلم من هذا الوجه بلفظ «ثم» وهي للترتيب. قوله: «ذَرَّة» بفتح المعجمة وتشديد الراء المفتوحة، وصحَّفها شعبة فيما رواه مسلم من طريق يزيد بن زريع عنه فقال: «ذُرَة» بالضم وتخفيف الراء، وكأن الحامل له على ذلك كونها من الحبوب، فناسبت الشعيرة والبرة. قال مسلم في روايته: قال يزيد: صحَّف فيها أبو بسطام)، هذه كنية شعبة، ترجمه بعض المعاصرين في حاشية رسالة علمية، يسمونها علمية! أبو سَطَّام! ما هو مستوعب أنها بسطام.

(صحف فيها أبو بسطام، يعني شعبة، ومعنى الذَّرة قيل: هي أقل الأشياء الموزونة، وقيل: هي الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس مثل رؤوس الإبر، وقيل: هي النملة الصغيرة) ذَرة، (ويروى عن ابن عباس أنه قال: إذا وضعت كفك في التراب ثم نفضتها فالساقط هو الذَّر، ويقال: إن أربع ذَرات وزن خردلة، وللمصنف في أواخر التوحيد من طريق حميد عن أنس مرفوعًا: «أدخل الجنة من كان في قلبه خردلة»)، الأمر لآدم أم ؟

طالب: نعم.

ماذا؟

طالب: «يا آدم أخرج...».

نعم، («ثم من كان في قلبه أدنى شيء»، وهذا معنى الذَّرة. قوله: "قال أبان" هو ابن يزيد العطار)، مصروف أم ليس مصروفًا عندك؟

طالب: أحد يصرف .......

عندك عندك؟

طالب: لا لا، ما هو مصروف.

عندك يا شيخ، ماذا قال؟

طالب: .......

طالب: غير مصروف.

نعم، على رأي ابن مالك، وإلا فالأكثر على أنه مصروف، ومن منع أبان فهو أتان، يقوله العلماء.

طالب: .......

لا، أين الذَّرة؟ هؤلاء الذين يزعمون.

طالب: .......

الذَّرة التي يتحدثون عنها هذه؟

طالب: .......

علم الذرة الذي يسمونه، لا لا ....... هذا كبير عندهم.

طالب: .......

لا لا، هذا اصطلاح ليس له بالشرع صلة، هم الذين يسمونه بهذا، ما هو بتسمية لا لغوية ولا شرعية ولا...

قوله: ("قال أبان" وهو ابن يزيد العطار، وهذا التعليق وصله الحاكم في كتاب الأربعين له من طريق أبي سلمة، قال: "حدثنا أبان بن يزيد" فذكر الحديث، وفائدة إيراد المصنف له من جهتين؛ إحداهما: تصريح قتادة فيه بالتحديث عن أنس، ثانيتهما: تعبيره في المتن بقوله: «من إيمان» بدل قوله: «من خير»، فبين أن المراد بالخير هنا الإيمان.

 فإن قيل على الأولى: لِم لَم يكتفِ بطريق أبان السالمة من التدليس ويسوقها موصولةً؟ فالجواب: أن أبان وإن كان مقبولاً، لكنْ هشام أتقن منه وأضبط، فجَمَع المصنف بين المصلحتين، والله الموفق، وسيأتي الكلام على بقية هذا المتن في كتاب التوحيد، حيث ذكر المصنف حديث الشفاعة الطويل من هذا الوجه. ورجال هذا الحديث موصولاً ومعلقًا كلهم بصريون).

طالب: .......

لا، بواسطة، لماذا ما روى عن طريقها؟ عن طريقه ولو بواسطة.

طالب: .......

لكن ما يسمى قولاً.

طالب: .......

نعم، لكن ما هو بقول، الإسرار في النفس ما هو بقول.

طالب: .......

أين؟

طالب: {قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: 77].

يعني أضمر في نفسه ،لكن ليس بقول، نعم، لما أظهره قال: {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: 77]، فسماه قولاً لما أظهره.

طالب: .......

ماذا، تلفظ به.

طالب: .......

لأنه نطق بالشهادة، ما اكتفى بقلبه فقط، هو نطق بالشهادة.

طالب: .......

ما هي؟

طالب: .......

لا، لا بد من النطق، ولا ثُرِّب على أسامة إلا لما نطق، قتله بعد أن قال: لا إله إلا الله، وإلا لو ما نطق فما يلام من يقتله.

(قوله: "حدثنا الحسن بن الصباح، سمع جعفر بن عون" مراده: أنه سمع، وجرت عادتهم بحذف أنه في مثل هذا خطًّا لا نطقًا كقال)، يعني قبل حدثنا وسمعت. (قوله: «أن رجلاً من اليهود» هذا الرجل هو كعب الأحبار، بيَّن ذلك مسدد في مسنده)، إما أن يكون قبل أن يُسلم أو أنه باعتبار ما كان، لكن الذي يظهر أنه قبل أن يُسلم.

(بيَّن ذلك مسدد في مسنده، والطبري في تفسيره، والطبراني في الأوسط، كلهم من طريق رجاء بن أبي سلمة عن عبادة بن نُسَيٍّ بضم النون وفتح المهملة عن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب عن كعب، وللمصنف في المغازي من طريق الثوري عن قيس بن مسلم: «أن ناسًا من اليهود»، وله في التفسير من هذا الوجه بلفظ: «قالت اليهود»، فيُحمل على أنهم كانوا حين سؤال كعب عن ذلك جماعةً، وتكلم كعب على لسانهم.

قوله: «لاتخذنا...» إلى آخره، أي لعظمناه وجعلناه عيدًا لنا في كل سنة؛ لِعظم ما حصل فيه من إكمال الدين، والعيد فِعل من العَود)، عِيد بوزن فعل (من العود، وإنما سُمي به؛ لأنه يعود في كل عام.

قوله: «نزلت فيه على النبي -صلى الله عليه وسلم-»، زاد مسلم عن عبد بن حميد عن جعفر بن عون في هذا الحديث ولفظه: «إني لأعلم اليوم الذي أنزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه»، وزاد عن جعفر بن عون: «والساعة التي نزلت فيها على النبي -صلى الله عليه وسلم-».

فإن قيل: كيف طابق الجواب السؤال؛ لأنه قال: «لاتخذناه عيدًا»)، وعمر ما قال: اتخذناه عيدًا، قال: «إني لأعلم»، وهل يلزم من علمه به أنهم اتخذوه عيدًا؟

طالب: لا.

(وأجاب عمر -رَضِيَ اللهُ عنهُ- بمعرفة الوقت والمكان، ولم يقل: جعلناه عيدًا؟ والجواب عن هذا أنها نزلت في أخريات نهار عرفة، ويوم العيد إنما يتحقق بأوله، وقد قال الفقهاء: إن رؤية الهلال بعد الزوال للقابِلة؛ قاله هكذا بعض من تقدم، وعندي أن هذه الرواية اكتفى فيها بالإشارة، وإلا فرواية إسحاق عن قبيصة التي قدمناها قد نصت على المراد ولفظه: «نزلت يوم جمعة يوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد»، لفظ الطبري والطبراني: «وهما لنا عيدان»، وكذا عند الترمذي من حديث ابن عباس أن يهوديًّا سأله عن ذلك فقال: «نزلت في يوم عيدين يوم جمعة ويوم عرفة»، فظهر أن الجواب تضمن أنهم اتخذوا ذلك اليوم عيدًا وهو يوم الجمعة).

 يعني ولا يُتخذ فيه مراسم العيد، نعم، هو عيد باعتبار أنه معظم، ومن أيام الله المشهودة وتتكرر في وقتها، لكن مراسم العيد لا يجوز أن تُجعل فيه؛ لأنه ليس لنا إلا عيد الأضحى وعيد الفطر.

طالب: وأعياد ....... يا شيخ؟

وما هي؟

طالب: عيد الزواج وعيد .......

كلها بدع وتقليد.

طالب: ومن يقول به .......

تقليد بالكفرة، «من تشبه بقوم فهو منهم».

طالب: هل من يقول به مبتدع؟

تشبه بالكفار، هذه وافدة من الكفار، ما هي من أعمال المسلمين.

طالب: .......

أكمل الدين، وأتم النعمة.

طالب: .......

يعني هل الدين بإكماله، نحن لا نشك في أن الدين كامل، لكن هل نُص فيه على كل ما يحتاجه الناس نص أم فيه ما يؤخذ من استنباط أو قياس أو اجتهاد أو شيء؟

طالب: .......

لا، الوسائل غير الغايات، لكن لو قال: أريد صلاة سابعة أو سادسة، قل له: ابتدعت. لكن الوسائل يختلف فيها أهل العلم، ويتباينون، والوسائل أيضًا تتفاوت، منها القريب من الغاية فتأخذ حكمها، ومنها البعيد من الغاية، بعضهم تجده يضع المسجد على سيارة، نقول له: ابتدعت؟

طالب: .......

وهذه يقول لك مثل ما...

طالب: .......

كيف؟ يقول: أنا أبلغ العلم، أبلغ الخلق، أبلغ كذا بهذه الطريقة.

طالب: .......

أنت لا تفرض رأيك، أنا بعد ما هو برأيي الذي أنا أقوله، لكن وجهة نظرهم يا أخي. لما جاء الملائكة بصفة أعمى وأقرع وأبرص، هذه حقائق ذي أم تمثيل من الله -جَلَّ وعَلا- أرسلهم لامتحان هؤلاء؟

طالب: تمثيل.

{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21]، ملائكة، لكن عدهم في اسم الخصوم. ترى كون الإنسان يقتنع بشيء ما سمعنا أنه يفرضه على الناس، هذه وسائل تختلف فيها أنظار أهل العلم، وكوني ما أرى هذا، أنا لا أراه جملة ولا تفصيله، لكن مع ذلك ما هو معناه أني أقول: الذين يقبلون كلامي.

طالب: .......

هم يقولون عادات وليست عبادات ولا يتعبد بهذا وكثرت في المسلمين، وصار الإنسان ينظر إلى غيره من المسلمين، ولا ينظر أنها عادات من الكفار، يعني مسألة التشبه.

طالب: .......

مسائل التشبه ترى مع طول العهد وكثرتها في المسلمين تخف مسألة التشبه، الآن في أقطار المسلمين هل لباسهم مثل لباسنا؟ يلبسون لباس الكفار، لكن هل نقول: إن واحدًا من شبابهم متشبه بكفار أو متشبه بأبيه وجده؟

طالب: أبيه وجده.

هذا إشكال، تصير النظرة محتملة. الغايات ما يستطيع أحد أن يتدخل فيها، خلاص محسومة ومنتهية.

طالب: .......

هذا الذي يثار الآن وبقوة وبكثرة وسائل الدعوة وسائل الدعوة. طيب هل موجود في المسلمين مناظرات في عهد الصحابة، قال علم الفقه، قال علم التفسير؟ موجود؟

طالب: لا يوجد.

لا يوجد، هل نقول: إن هذا حرام؟

طالب: .......

....... علم التفسير ....... الأصل في الدين؟

طالب: .......

نعم، فسر، لكن أراد التفسير يتكلم أم المفسر يتكلم؟

طالب: .......  

خلاص. قال علم الفقه، وخذ من الجدل والمناظرات وأدلة حججًا ثم رد عليه علم الحديث، ما هو بردَّ عليه محدث، رد علم الحديث. والله أنا ما أرى شيئًا من هذه الأمور لا مناظرات، حتى المقامات لولا أن نفعها ظاهر ما نظرت فيها؛ لأنه يقول: حدث الحارث بن همام، قالوا: ما حدث، كذب، لكن مع ذلك فيها فوائد ومصالح راجحة، والحريري نفسه تمنى أن لو خرج منها سالمًا ما له ولا عليه مع أنها نفعت نفعًا عظيمًا.

طالب: .......

ما هو؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: أقول التمثيل .......

على كل حال اعتمده المسلمون وفعلوه ومشوا عليه، هذا وجهة نظر من يقول به، أنا ما أراه، ولا أُقره، لكن أيضًا بعد الإنسان إذا اقتنع بشيء ودليله ما هو بنص، المسألة ما هي إلزام الناس.

طالب: .......

على كل حال أنا بينت لك رأيي، وبينت لك وجهة نظرهم، تأخذ الله يعافيك، أو ما أنت بآخذ، أنا أرفض هذه الأمور كلها يعني.

طالب: .......

رأيي، مسألة أخرى نكشفها مثلاً مسألة التصوير: مسألة التصوير أنا أرفض جميع أشكاله وألوانه وآلاته ووسائله وغاياته، أرفضها أنا رفضًا تامًّا وأدخلها في المنع، ويسمع الشباب كلامي، ويروحون ينازعون الناس ويجادلونهم بالمساجد والمدارس والجامعات، وصارت مشاكل!

يا أخي، القول الثاني فيه من تبرأ الذمة بتقليده يقول بالقول الثاني، من يحتمل منك الموضوع وإلا فاطلع وخلهم، إذا رأيته منكرًا ما يحتمل فاطلع وخلهم.

المسألة تحتاج إلى شيء من السعة، إذا كان في الطرف الآخر من تبرأ الذمة بتقليده ما تقدر تحمل الناس عليه، ولو كان مخطئًا له أجر، والذي يقلده له أجر. جاءوا إلى مسجد تحفيظ ويكسرون الكاميرات هؤلاء الإخوان، جزاهم الله خيرًا، الذين هم يسمعون كلامي، هذا رأيي وهذا اجتهادي، لكن ما آمرهم أن يُكسروا ولا يعتدوا على أحد، وفي الطرف الثاني شيوخنا، ما نحن نقدر نقول شيئًا.

طالب: .......

المهم هذا المثقال قدر زائد على الأصل المشترط للنجاة، ليس هو الأصل المشترط للنجاة، قدر زائد عليه، فصار حجة عليهم.

(فظهر أن الجواب تضمن أنهم اتخذوا ذلك اليوم عيدًا وهو يوم الجمعة، واتخذوا يوم عرفة عيدًا؛ لأنه ليلة العيد، وهكذا كما جاء في الحديث الآتي في الصيام: «شهرَا عيد لا ينقصان؛ رمضان وذو الحجة»، فسمى رمضان عيدًا؛ لأنه يعقبه العيد.

 فإن قيل: كيف دلت هذه القصة على ترجمة الباب؟

أجيب من جهة أنها بينت أن نزولها كان بعرفة، وكان ذلك في حجة الوداع التي هي آخر عهد البعثة حين تمت الشريعة وأركانها، والله أعلم، وقد جزم السُّدي بأنه لم ينزل بعد هذه الآية شيء من الحلال والحرام).

والله أعلم.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

ما هو؟

طالب: .......

الآن كون رمضان شهر عيد، والعيد إنما يقع في شوال؛ نظرًا لقربه وملاصقته له، كما جاء في الحديث: «وأما المغرب فهي وتر النهار»، لكن هل هي في النهار أم في الليل؟ في الليل، لكن لقربها والتصاقها بالنهار صارت وتر النهار.

والله أعلم.

 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب: .......

لأنهم ما جاءوا للصحابة، ما جاءوا لأبي بكر ولا لعمر يُحنكه.

طالب: .......

يمكن أن يُحنكوه ....... من الناحية الطبية أنفع لحنكه أن يُبادَر بالتمر وما أشبه ذلك يُحنكه ....... بنفسه، الناحية الطبية .......

طالب: أما من ناحية تسميتها .......

أما قولهم التبرك بالصالحين ويجيئونه ....... ما جاؤوا لأبي بكر ولا لعمر.

طالب: كوالديه مثلاً يا شيخ، يقول: أنا أقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؟

تقتضي به؛ لأنه فعله تطببًا.

طالب: ....... ما حكمها؟

جاءت عن بعض السلف، وإلا ما لها أصل مرفوع.

طالب: .......

ما أدري.

طالب: في أركان الإيمان .......

"