شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (28)

بسم الله الرحمن الرحيم

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا وارفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب الحج:

"حدثنا يحيى بن يحيى قال: "قرأت على مالك عن نعيم بن عبد الله عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال».

وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر جميعاً عن إسماعيل بن جعفر قال: أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يأتي المسيح من قبل المشرق همته المدينة حتى ينزل دبر أحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام وهنالك يهلك»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في أبواب فضائل المدينة التي ذكرها في آخر كتاب المناسك، والمناسبة ظاهرة لما بين البيتين من القاسم المشترك في الفضل والشرف على الخلاف في المفاضلة بينهما على ما سيأتي، فمن حج البيت غالباً يزور المدينة، وما الذي يبعثه إلى زيارتها، وما الذي يدعوه إلى ذلك؟ هو النصوص الدالة على فضلها وفضل زيارتها وفضل مسجدها.

من ذلكم ما ذكره المؤلف، قال -رحمه الله تعالى-:

"حدثنا يحيى بن يحيى" وقد مر بنا مراراً أن هذا هو الليثي وليس التميمي وإن كان ممن يروي عن مالك أيضاً، فالليثي هو المراد هنا، التميمي هو المراد هنا، والليثي هو راوي الموطأ عن الإمام مالك، والليثي ليست له رواية في الكتب الستة وإن روى الموطأ، روى أشهر الموطآت عن مالك.

قال: "قرأت على مالك" تصريح بالقراءة على مالك، والعادة جرت أن يقال: أخبرنا مالك، وهذه الصيغة تكفي عن قوله: قرأت على مالك؛ لأن صيغة (أخبرنا) إنما تستعمل في حال العرض الذي هو القراءة على الشيخ، وهنا يقول: قرأت على مالك، ومعلوم أن مالكاً -رحمه الله- لا يقرأ على أحد، وإنما يُقرأ عليه، لا يقرأ على أحد، ولذلكم لا تجدون من يقول: حدثنا مالك، أو سمعت مالكاً.

يقول: "قرأت على مالك عن نعيم بن عبد الله عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «على أنقاب المدينة»" الأنقاب جمع نقب، هو الطريق في الجبل، وقيل: إن المراد بالأنقاب طرق المدينة وفجاجها، طرقها، يعني على أفواه طرقها وعلى فجاجها.

"«ملائكة يحرسونها لا يدخلها الطاعون ولا الدجال»" يعني رد الدجال من قبل الملائكة محسوس وواضح، لكن ماذا عن رد الطاعون، هل يستطيع الملائكة أن يردوا الطاعون، والطاعون أمر معنوي لا يرى بالعين المجردة، نعم له جراثيمه وله أسبابه، لكن كيف يردون الطاعون، "«لا يدخلها الطاعون»"؟

كل هذا بأمر الله -جل وعلا- وقدرته أمر سهل ميسر لهؤلاء الملائكة الذين ينفون عنها ويدفعون عنها الطاعون.

وهو مرض يأتي على الناس فيموتون بعامة -يأخذ النفر الكثير- والطاعون لا شك أنه شهادة، الطاعون شهادة، وقد جمع الحافظ ابن حجر كتاباً أسماه: (بذل الماعون في فضل الطاعون).

وإذا كان شهادة فكيف يمنع من المدينة على فضلها؟ وأهل العلم يقولون في قنوت النوازل: يقنت الإمام في الفرائض إذا نزلت بالمسلمين نازلة غير الطاعون"، يستثنون الطاعون؛ لأنه شهادة.

وما نزل بهذه البلاد من الطاعون قبل كم؟

تسعين سنة، سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وألف، يسمونه سنة الرحمة، مات خلائق لا يحصون في نجد، يسمون ذلك بسنة الرحمة؛ لأنه طاعون، ويأخذ بالجملة، يعني يموت من البيت الواحد خمسة ستة، يبقى واحد أو اثنين.

والطاعون على مر التاريخ موجود، سنة ثماني عشرة طاعون عمواس مات به كثير من الصحابة، الطاعون الجارف، والطواعين على مر التاريخ كثيرة، ولا يوجد منها واحد بالمدينة، ما وجد ولا واحد بالمدينة؛ لأن أنقاب المدينة عليها ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال.

قال: "وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر جميعاً عن إسماعيل بن جعفر أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يأتي المسيح من قبل المشرق»" يأتي من قبل المشرق، ويتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفاً، أصبهان بلد بإيران، فيها جمع غفير من اليهود يتبعون الدجال، يتبعه منها سبعون ألفاً من يهود أصبهان، يأتون من قبل المشرق.

يأتي الدجال الأفاك المسيح من قبل المشرق، "«همته المدينة»" يعني قصده بالدرجة الأولى المدينة -مدينة الرسول -عليه الصلاة والسلام- "«حتى ينزل دبر أحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام وهناك يهلك»" وفي أحاديث الفتن -في آخر الكتاب-: ينزل هنالك الدجال -يقرب من المدينة- «ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات يخرج منها كل منافق»؛ لأنه قد يخيل للناس أنه ما دامت مكة والمدينة لا يدخلها الدجال لماذا لا نسكن مكة والمدينة؟ نقول: اختبر قلبك، إن كان فيك شيء من النفاق تبي تخرج ولو لم يدخل، فإذا رجفت المدينة ثلاث رجفات خرج من كان فيها من المنافقين ولحقوا بالدجال.

يقول: "«همته المدينة حتى ينزل دبر أحد»" يعني خلف أحد الجبل المعروف، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام وهناك يهلك»" يهلك على يد من؟

على يد مسيح الهداية، هذا مسيح الغواية، ويهلك على يد مسيح الهداية، المسيح عيسى بن مريم -عليه السلام- وهذا لا شك أنه من فضائل المدينة ومن مناقبها، فالمدينة بلا شك أنها أفضل البقاع وأحبها إلى الله وإلى رسوله -عليه الصلاة والسلام- بعد مكة، والمفاضلة بينها وبين مكة معروف بين أهل العلم، الجمهور على أن مكة أفضل، وأن مسجدها أفضل وأعظم أجراً، والإمام مالك -ومن يرى قوله ويقول بقوله- يفضلون المدينة، وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى.

"حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه، ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد».

وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول: "سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد».

وحدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر قالا: حدثنا سفيان ح وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب جميعاً عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد، وقالا: «كما ينفي الكير الخبث»، لم يذكرا الحديد.

حدثنا يحيى بن يحيى قال: "قرأت على مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن أعرابياً بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأصاب الأعرابي وعكٌ بالمدينة، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا محمد أقلني بيعتي"، فأبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جاءه، فقال: "أقلني بيعتي"، فأبى، ثم جاءه فقال: "أقلني بيعتي" فأبى، فخرج الأعرابي فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها».

وحدثنا عبيد الله بن معاذ -وهو العنبري- قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن عدي -وهو ابن ثابت- سمع عبد الله بن يزيد عن زيد بن ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنها طيبة -يعني المدينة- وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة».

وحدثنا قتيبة بن سعيد وهناد بن السري وأبو بكر بن أبي شيبة قالوا: حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الله تعالى سمى المدينة طابة»".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبد العزيز -يعني الدراوردي-" ومر بنا مراراً الإتيان بكلمة (يعني)، وأحياناً يقولون: (هو)، وأكثر ما يقول الإمام مسلم: (يعني)، وأكثر ما يقول الإمام البخاري: (وهو الدراوردي) -هو أو غيره يعني- ويحتاجون إلى مثل هذا التعبير (يعني، وهو) وإلا لو قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي كفى، لكنه من باب حرصهم وأمانتهم ودقتهم في التعبير.

مسلم حينما حدثه قتيبة بن سعيد ما قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي، قال: حدثنا عبد العزيز فقط، ولأجل بيانه من قبل الإمام مسلم يقول: يعني، ويأتي بهذا الفعل ليبين أنه هو الذي زاد النسب، ولم يروِّيه شيخه الاسم كاملاً، فقال: "حدثنا عبد العزيز -يعني الدراوردي- عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء»" يعني لما فتحت الأمصار -كما سيأتي- فتح اليمن، فتح الشام، العراق، مصر، لا شك أنها بلاد خصب، وبلاد رخاء، والمدينة فيها التمر وفيها الماء، لكن ليست مثل البلدان التي جوها مما يستمتع به صيفاً وشتاءً، هي حارة في الصيف وباردة في الشتاء، وأرضها حجارة، ليست كأرض مصر والشام والعراق ولا اليمن، المقصود أن المدينة صارت بهذه الهيئة وهذه الكيفية كمكة -غير ذي زرع- لماذا؟

لتتمحض العبادة في سكناها، يعني الذي يسكن مكة ويصبر على حرها الشديد، وليس فيها المناظر التي يستمتع بها كما في الأقطار الأخرى، وكذلك المدينة، لا شك أنه يدل على أن السكنى رغبة في الخير، السكنى رغبة في الخير لا غير، ولذا هؤلاء الذين في الإجازات يتفرقون في الأمصار لا شك أن سعيهم شتى، منهم من يذهب إلى البلاد الباردة من أجل الجو، منهم من يذهب إلى المناظر الطبيعية، ومنهم من يذهب إلى المقاصد الأخرى، ومنهم من يذهب إلى مكة والمدينة للعبادة؛ لأنها بلاد مفضلة والعمل فيها مضاعف، فالمدينة..،

يقول: يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلم إلى الرخاء»" يعني سعة العيش، الرخاء السعة في العيش، ويقابله شظف العيش، وشدة العيش.

"«هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء»" لكن الموازنة بين الدنيا والآخرة، يعني من فضل الرخاء على المضاعفات لا شك أنه..، أن موازينه فيها خلل، وينبغي أن تكون الموازين شرعية، فما فضله الله ورسوله هو الفاضل عند المسلم.

"«هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»" قد يقول قائل: لما مات النبي -عليه الصلاة والسلام- تفرق الصحابة في الأمصار، فهل تفرقهم خير لهم؟ أم بقاؤهم بالمدينة خير لهم؟ هل بقاؤهم..؟، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "«والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»".

طالب:.......

{فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ} [(122) سورة التوبة]، نعم، المقصود أن من ترك المدينة وتفرق في الأمصار؛ من أجل الرخاء فالمدينة خير له لو كان يعلم، ومن ترك المدينة وذهب إلى الأمصار المفتوحة؛ ليساهم في الدعوة وإدخال الناس في دين الله، وحل منازعاتهم وحل إشكالاتهم، وإفتائهم وإمامتهم، هذا لا شك أنه خير؛ لأن هذا نفعه متعدٍّ، ولهذا تفرق الصحابة -رضوان الله عليهم- وهم أحرص الناس على الخير، ولا يخفى عليهم مثل هذه النصوص، فالمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون يعني: من يقال له: "هلم إلى الرخاء، هلم إلى الرخاء"، فإذا وازنا الرخاء بسكنى مكة أو المدينة، لا شك أن سكنى الحرمين خير "«والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»".

طالب:.......

لا لا، لا المسألة مسألة مضاعفة وفضل لهذه البقعة، لا شك أنها إذا تجرد الإنسان من النفع المتعدي المدينة خير له لو كان يعلم، لو لم يحصل عليه من الأجر إلا مضاعفة الصلاة، صلاة بألف صلاة على ما سيأتي، صلاة بالمسجد -بمسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- بألف صلاة على ما سيأتي، وهذا سيأتي تقريره.

فمن ذهب إلى الأمصار لا شك أنها خير له، وقل مثل هذا فيما لو كان موجوداً في مثل هذه البلاد -في نجد مثلاً، أو في مصر أو في الشام، أو في غيرها من البلدان- وقد نفع الله به نفعاً عظيماً؛ يعلم الناس الخير، فهل الأفضل له أن يترك هذا التعليم ويذهب ليجاور بمكة أو المدينة، أو يبقى في بلده وينفع الله به نفعاً متعدياً؟

يعني لو نظرنا إلى صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، كم سنة يعني خمسة وخمسون عاماً وزيادة الصلاة الواحدة، المسألة ما هي بضعف أو ضعفين أو عشرة أضعاف أو مائة..، مائة ألف ضعف، إضافة إلى ما يكتسبه ويجنيه من الأمور الأخرى كالصلوات على الجنائز وغيرها مما يحتف بذلك، وسائر العبادات لا شك أنها أفضل في الحرمين من غيرهما، فلا شك أن السكنى هناك أفضل بكثير ممن تجرد عن وصف زائد!

لكن قد يقول قائل: إن هناك أيضاً هذه الإيجابيات وفي أيضاً سلبيات، قد يقول قائل: أنا أحب أن أجاور في بيت الله الحرام، وأكثر من العبادات، وأصلي بمسجد الكعبة، وأطوف ما يكتب لي من ذلك، واقرأ القرآن، وأعلم العلم أيضاً هناك قد يقوم..، قد يقال: إذا كنت تعلم الناس الخير علم هناك أيضاً فتحصل على الجميع، فيقول: هناك أيضاً سلبيات، هناك تبرج، هناك طواف نساء مع الرجال، وهناك..، يعني لا شك أن مثل هذه لا بد أن يحسب لها الإنسان حسابه، نعم، إذا كان لا يتأثر بمثل هذه المناظر وينفع بحيث لا يتضرر، ينفع وينتفع لا شك أن هذا أفضل له، لكن إذا كان يتضرر بذلك، شاب عنده شهوة قوية ولا يصبر ولا يملك بصره ولا نظره، مثل هذا يقال له: يا أخي درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

ويذكر عن ابن عباس أنه إنما ترك مكة إلى الطائف خشية من تعظيم السيئات، وهذا مقصد بلا شك، فـ"«المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»" يعني خير لهؤلاء الذين دُعوا إلى الرخاء، فإذا كان النظر إلى الرخاء المجرد فالمدينة خير لهم.

طالب:.......

لا ليست مضاعفة تلك المضاعفة، لا.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

أفضل باعتبار أن العمل يزيد فضله بشرف الزمان والمكان، بلا شك.

طالب:.......

لا، مائة ألف، لا، ما نقول: إن من تصدق بريال كأنه تصدق بمائة ألف، أو صام يوم كأنه صام مائة ألف يوم، وإن قيل بهذا، قيل به، لكن النص خاص بالصلاة والمضاعفة معروفة عند أهل العلم لذلك تعظم الذنوب،   {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(25) سورة الحـج]، والغنم مع الغرم، والمسألة مطَّردة، فنساء النبي -عليه الصلاة والسلام- {مَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ} [(31) سورة الأحزاب]، كم؟ لها الأجر مرتين، وأيضاً المخالفة بالنسبة لهن: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [(30) سورة الأحزاب]، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في مرض موته -كما في حديث ابن مسعود- «يوعك كما يوعك الرجلان منكم»، قال: ذلك أن لك أجرين؟ قال: «أجل»، فهذا بهذا، فإذا كانت تعظم الذنوب، فالحسنات كذلك، وهذا هو العدل الإلهي كما هو معروف.

طالب:.......

لا لا، لا هذا مكة، نعم، الإرادة فقط يعني وهي عمل قلبي وحديث: نفس تجاوز الله عنها إلا في المدينة، وليس المراد، بظلم بإلحاد، أن يلحد ويزندق هناك، ويظلم الناس، ويأخذ أموالهم، ويهتك أعراضهم.

من يرد فيه بظلم: نكرة في سياق الشرط فتعم، أي ظلم، وقد سيقت مساق..، يعني عقبت بقوله أو سبقت بقول الله -جل وعلا-: {سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [(25) سورة الحـج]، يعني سواء المقيم في المسجد الذي لا يخرج منه، والبادي الذي يأتي لأداء فرض واحد ويرجع، لا فرق، ولذا الذين يحجزون الأماكن ويضيقون على الناس على خطر عظيم، داخل في الآية دخولاً أولياً، منصوص عليه في الآية، دخوله في هذا الوعيد دخولاً أولياً، قطعي دخوله، فتجد كثيراً من الناس يؤذون الناس ويضيقون عليهم؛ باعتبار أنهم أهل البيت، أو أنهم جاءوا بمدة طويلة، يقول: أنا من أول الشهر وأنا موجود هنا.

طيب، {سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ}: المجاور فيه، المقيم عمره كله، {وَالْبَادِ}: الذي يأتي لأداء فرض واحد، ما فيه فرق يستوون فيه، وبعض الناس يقول: أنا لا أؤذي الناس، لكنه يترك أو يستأجر من يؤذي الناس، هو شريك له في الإثم؛ لأن بعض الناس يكل الأمر، يعطيه سجادته ويقول: احجز لي مكاناً، ويعطي شخصاً جاهلاً عنده استعداد تام للمضاربة، ويؤذي هذا ويدفع هذا، فعليه أن يتقيَ الله -جل وعلا-؛ المسألة مسألة كسب حسنات، ما هو كسب سيئات.

وقل مثل هذا فيمن يقدمون الإفطار للناس، تجد بعض المحسنين يخسر الخسائر الطائلة؛ من أجل تفطير الناس الصوام في رمضان وفي غير رمضان، لكن يكل الأمر إلى جاهل يسوم الناس سوء العذاب، ناس يقرؤون، أنت كف رجلك، أنت قم من هذا المكان، ويؤذيهم، هذا المكان محجوز من أول الشهر، يعني الإنسان الذي عنده هذه النية -نية الخير- عليه أن يتحرى فيمن يقوم مقامه من أهل العقل والرأي والحلم.

كم حصل من مضاربات داخل المسجد الحرام والمسجد النبوي من أجل هذا، من أجل هؤلاء الجهال!! يعني في آخر لحظة في ليلة العيد قبيل الغروب بخمس دقائق مضاربة أمام الكعبة في صحن الحرم، وتكايس بعضهم قال: أنا لا أضارب في هذا الوقت، لكن -إن شاء الله- إذا أفطرنا ميعادك عرفة، يعني سمع هذا ما هي بافتراضات، والله سمع، هو يبي يريد أن يخرج من الحرم ليضارب بعرفة؛ لأنها من الحل، يعني الأمور المتعدية لا شك أن لها شأن في الشرع، يعني ظلم الناس هذا {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} نكرة في سياق الشرط، هذه تعم أدنى الظلم، والله المستعان.

"«هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده، لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه»" قد يوجد من بعض الناس، وممن ظاهره الصلاح ممن لا يرتاح لسكنى المدينة، أو إذا ذهب إلى المدينة وأقام فيها أياماً -لا سيما مع شدة الحر مثلاً- تضايق وخرج، قال: نخرج إلى الطائف، نخرج إلى كذا، يعني هل يدخل في هذا أو لا يدخل؟

طالب: في شرط هنا.

"«والذي نفسي بيده»" فيه إثبات اليد لله -جل وعلا- والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقسم على الأمور المهمة ويحلف من غير استحلاف، وهو الصادق المصدوق، والقسم هذا فيه إثبات اليد لله -جل وعلا- وإن قال كثير من الشراح: روعيَ في تصرفه، لكن فيه إثبات اليد على كل حال، واللازم ليس بباطل.

"«والذي نفسي بيده، لا يخرج منهم أحد رغبة عنها»" رغبة عنها، نعم، كيف رغبة عنها؟ يعني عنها يعني عن المدينة بجميع ما تحتويه من جو، ومن أمور الراحة كلها، فلا شك أن فيها هدوء، وفيها ارتياح نفسي، لكن بعض الناس يصعب عليه السكن في المدينة، وفي نفسه، يحز في نفسه وجود مثل هذا الإحساس؛ لأنه يعرف مثل هذه النصوص، ومع ذلك إذا راح وذهب أسبوع تضايق ورجع إلى بلده، أو بحث عن بلد هو على حد زعمه يرتاح فيه أكثر، على كل حال القيد معتبر رغبة عنها»" يعني لا يرغب عن سكناها إلى غيرها إلا أخلف الله فيها خيراً منه، يعني جاء ليسكن المدينة من هو خير منه.

"«ألا إن المدينة كالكير»" كالكير: إما الموضع الذي توقد فيه النار -نار الحداد- أو المنفاخ الذي ينفخ به هذه النار، وكلاهما يستعمل في نفي الخبث والوسخ عن الذهب والفضة.

"«كالكير تخرج الخبيث»" يعني لا يطيق البقاء فيها، «لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد» هل يلزم من هذا أن سكان المدينة أفضل الناس؟ وأنه لا يسكنها إلا أفضل الناس؟

لا يلزم منه ذلك.

طالب: ولو سكنوا كلهم ما في مكان، ما يسع الجميع.

ولا عشرين مليون حتى..، أيش التحديد هذا إيش سببه؟

طالب:.......

إذا خرج لأمر شرعي يقول: أرى بعض المنكرات لا أستطيع إنكارها، وأرى بعض البدع التي لا أستطيع إنكارها، وأرى التبرج الذي لا أستطيع إنكاره، كل هذا موجود، هذا يدخل في مسألة العزلة، العزلة معروفة، يعني العزلة شرعية، «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال»، وإلا هذا الذي يقول: أنا أرى المنكر لا أستطيع أن أنكره إلى أين يذهب؟ يذهب إلى بلد ثاني فيه نفس المنكرات، ما يمكن، لكنه يريد أن يعتزل في بلد أقل..، تكون منكراته أقل من المنكرات الموجودة في بلاد الحرمين فضلاً عن غيرهما، فالمنكرات موجودة في كل مكان، لكن إذا كان يريد العزلة فالعزلة شرعية، لكن في حق من؟

«يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال يفر بدينه من الفتن» العزلة لا شك أنها شرعية لكن في حق من يتأثر ولا يؤثر في الناس، الذي يتأثر بمعاصيهم وجرائمهم، ولا يستطيع أن يؤثر فيهم، أما من كان لديه القدرة في تأثيره على الناس، وينفع الناس، ولا يتأثر بمعاصيهم هذا الخلطة هي المتعينة في حقه، هذا يقال له: اثبت في هذه الأماكن، لما يترتب على ذلك من النفع العظيم، فالمقصود أن المدينة تنفي شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد.

قال: "وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قُرئ عليه" الإمام مالك -رحمه الله- عرف أنه لا يقرأ على أحد، وإنما يُقرأ عليه.

"عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أمرت بقرية تأكل القرى»" تأكل القرى بمعنى أن أهل هذه القرى المجاورة يهاجرون إليها، أو أن أهلها يأكلون مما يرد إليها من القرى.

"«أمرت بقرية تأكل القرى يقولون: يثرب»" يعني قوله: «قرية» «أمرت بقرية» "«وهي المدينة»" في نصوص الكتاب والسنة والعرف أن القرية غير المدينة، فكيف توصف بأنها قرية، وتوصف في الوقت نفسه أنها مدينة؟

طالب:.......

لكن لا يلزم أن تكون قرية.

طالب:.......

لكن أنت أبو الشباب –مثلاً- أولادك شباب، أنت شاب، إيه لا أنت شايب أنت، نعم.

طالب:.......

يعني كيف يتفق أن يقال بقرية، والله -جل وعلا- سماها المدينة في الكتاب والسنة، واصطلاح العرف يجعل القرية شيئاً غير المدينة، أو نقول: إن هذا اصطلاح حادث والأصل أن القرية والمدينة معناهما واحد؟ يعني الحقيقة الشرعية للقرية لا تختص بالمكان الصغير، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [(82) سورة يوسف]؟

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

نعم، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [(82) سورة يوسف]: مدينة، بل إقليم.

طالب:......

يعني هل يمكن أن يوصف الشيء بشيء مناقض لاسمه؟ هذا اصطلاح عرفي حادث، المدن الكبيرة، والقرى الصغيرة، لكن لا يلزم أن تنزل النصوص على الاصطلاحات الحادثة، لا يلزم أبداً؛ إذا وجد الاختلاف بين الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية فالعبرة بالحقيقة الشرعية.

"«أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب»" هذا اسمها القديم، يسمونها يثرب، وهو اسم مكروه، اسم مكروه؛ لأنه من التثريب، وهو التوبيخ والملامة، {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [(92) سورة يوسف يعني لا توبيخ ولا ملامة عليكم، جاء اسمها يثرب في القرآن، لكنه على لسان المنافقين، ولا يعني أن هذا إقرار بهذه التسمية.

"«يقولون: يثرب وهي المدينة»" تسمية جاءت في الكتاب والسنة، "«تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد»" والمراد بالناس خيارهم؟! شرارهم، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد؛ لأن شرار الناس هم المقابلون لخبث الحديد.

قال: "وحدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر قالا: حدثنا سفيان ح وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب جميعاً عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد وقالا: «كما ينفي الكير الخبث» لم يذكرا الحديد: «كما ينفي الكير الخبث»" يعني سواءً كان من الحديد أو من غيره، من الذهب من الفضة، من النحاس، من أي شيء يعرض على النار، وينتفي خبثه ويزول وسخه، والتعميم أولى، لكن خبث الحديد هذا من باب التمثيل، والتنصيص على بعض الأفراد لا يقتضي التخصيص، التنصيص على بعض الأفراد لا يقتضي التخصيص.

قال: "حدثنا يحيى بن يحيى قال: "قرأت على مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن أعرابياً بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأصاب الأعرابي وعكٌ" وعك يعني مرض، وأكثر ما يوصف الوعك بالشيء الخفيف، وأكثر ما يقال أيضاً بإزاء الحمى.

"فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة" استوخمها واجتواها، وإن كان الجوى في البطن، المقصود أنه أصيب؛ ما ناسبه جوها، ولم يصبر على لأوائها.

"فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا محمد، أقلني بيعتي": يا محمد" هذا التعبير دليل على أنه ندم على هذه البيعة وطلب الإقالة، "يا محمد" ما قال يا رسول الله؛ دل على أن الإسلام ما وقر في قلبه، "أقلني بيعتي" بايع على الإسلام وعلى الهجرة.

"فأبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني هذا حكم شرعي أسلم، خلاص يلزمه ما يلزم المسلم، فإن رجع عن دينه فحكمه حكم المرتد، يعني هل يسوغ أن يدخل الإنسان في الإسلام ثم يرجع عنه بدون تبعات، يعني هل لداعية من الدعاة أن يقبل إسلام شخص، ثم يقول له: أنت بالخيار؟ أو يطلب منه هذا المسلم الجديد أن يرجع إلى دينه ويقول: أبداً ما صار شيء؟؟

لا، لا إذا دخل في الإسلام ثم رجع عنه صار شراً من الكافر الأصلي؛ الآن صار مرتداً، يتحتم في حقه القتل؛ «من بدل دينه فاقتلوه»، وهذه مسألة يواجهها كثير من الدعاة، تجده يسلم على يديه فئام من الناس، ويرجع منهم من يرجع ويثبت من يثب..، لا شك أن هؤلاء يصيرون في حكم المرتدين.

يقول: "يا محمد أقلني بيعتي"، فأبى النبي -صلى الله عليه وسلم-" هل يملك الرسول -عليه الصلاة والسلام- أن يقيله ما دام دخل في الإسلام؟

طالب: لا يلزمه.

يلزمه أن يستمر على إسلامه، وإلا صار مرتداً حكمه القتل.

"فأبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جاءه فقال: "أقلني بيعتي"، فأبى" المرة الثانية.. فقال: أقلني بيعتي فأبى الرسول -عليه الصلاة والسلام- "ثم جاءه فقال: "أقلني بيعتي"، فأبى" ثلاثاً، ما الذي حصل، رضي الأعرابي وسلم واستسلم وبقي في المدينة؟ لا، "فخرج الأعرابي" يعني من المدينة، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها»" أو طيبها، "«كالكير تنفي خبثها وينصع»" يعني يبرز ويظهر ويلمع، "طَيّبها" أو "طِيبَها" يعني رائحتها الطيبة، أو طيبها أي طيب مادتها.

هذا الذي خرج، هذا الذي خرج –الأعرابي- الآن ما حكمه؟

"أقلني بيعتي" المشتملة على الهجرة فقط أو على الإسلام والهجرة؟ هو جاء مسلماً مهاجراً، فلما ما أعجبه الجو ووعك بسببه طلب الإقالة، هل طلب الإقالة من الهجرة فقط أو من الإسلام والهجرة، وما الحكم إذا طلب الإقالة من الإسلام، وما الحكم إذا طلب الإقالة من الهجرة؟

إذا طلب الإقالة من الإسلام كفر –ارتد- إذا بقي على إسلامه وطلب الإقالة من الهجرة قال: أنا أبقى على إسلامي وأذهب إلى بلد أنسب لي؟

طالب: في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- واحدة كونه يرجع إلى بلده ويطلب الإقالة من الإسلام هي واحدة.

لو قال: هو مسلم، نعم، يعني ما أُقر الأعراب في أماكنهم؟ وما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أناساً أن يرجعوا إلى أهليهم؟ هاه؟

طالب: كانوا يؤمرون بالخروج، وهذا لازم لهذا.

يعني ما يحكم بإسلامه حتى يهاجر؟ أو بإمكانه أن يسلم وهو في بلده باق؟ والهجرة واجبة ويأثم في بقائه، يأثم في بقائه، لكن فرق بين أن يقال: آثم، وبين أن يقال كافر، يعني المسألة الآن اللفظ محتمل لأن تكون الإقالة من الإسلام والهجرة لا شك أن هذا كفر، ورفض النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقيله، ورجع يعني ارتد على عقبيه ورجع إلى أهله كافراً -نسأل الله السلامة والعافية- مرتداً، وبين أن يبقى على دينه -على إسلامه- ويستقيل من الهجرة ويرجع إلى أهله، وحينئذ خرج ومع ذلك نكص على عقبيه، وصار خبيثاً، كخبث الحديد، فنفته المدينة، إلا أن حكمه أخف من الأول، وعلى كل حال هو خبيث، ونفته المدينة؛ لأنه خبيث، لكن الخبث يتفاوت، ونسبي أيضاً.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

هو ما في ما يبين الآن "أقلني بيعتي" هو بايع على الإسلام والهجرة.

طالب: ما الذي يمنعه؟

لا الهجرة واجبة، الهجرة واجبة.

طالب:.......

لا لا، لو ثبت وصبر وصار طيباً، ناسبه المقام مثل غيره.

طالب:.......

لا، منهم من بقي في بلده، نعم، وهاجر بعد ذلك، منهم من بقي في بلده، وأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالانصراف، نعم؟

طالب:.......

مالك بن الحويرث، شباب متقاربون أمرهم أن يذهبوا إلى أهليهم، المقصود أن مثل هذا الهجرة واجبة، الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام واجبة، فإذا بايع عليها لزمته، وتأكدت في حقه، لكن لا يحكم بكفره بمجرد ذلك.

طالب: لكن لو قلنا أنه قال أقلني عن الإسلام....؟

النبي -عليه الصلاة والسلام- أحياناً يترك مثل هذا؛ لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، كما ترك قتل بعض المنافقين الذين تفوهوا بالكفر الصريح، على كل حال المسألة محتملة.

طالب: هذا ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن له زمناً يكون آخر الزمان..، أن المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد؟

منهم من قال: إن هذا مختص بزمن النبي -عليه الصلاة والسلام- نعم، جاء منهم من قال -منهم القاضي عياض- قال: الأظهر أن هذا مختص بزمن النبي -عليه الصلاة والسلام- ومنهم من قال: مطلقاً إلى قيام الساعة المدينة تنفي الخبث.

طالب:.......

لكن يستقرون يسكنون؟ موجود...

طالب:.......

على كل حال شوف أنت تتبع النص، أحنا نحلل النص الذي معنا، هي تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد، كون الإنسان يبقى في بلد ما لمصلحة ما، لا لمصلحة دينية، فالناس بقوا في الشعاب على رؤوس الجبال في الحر والبرد؛ من أجل مصالح الدنيا، فكونه يبقى في المدينة لمصلحة دنيوية هذا ما فيه إشكال، على كل حال الاحتمالات كلها واردة وهي موجودة عند أهل العلم، والشراح ما تركوا شيئاً.

قال: "وحدثنا عبيد الله بن معاذ -وهو العنبري- قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن عدي -وهو ابن ثابت- سمع عبد الله بن يزيد عن زيد بن ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنها طيبة -يعني المدينة- وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة»: «إنها طيبة» يعني المدينة" يعني من أسمائها: المدينة وهذا في القرآن، الدار أيضاً يعني المستقر؛ {تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [(9) سورة الحشر]، من أسماء المدينة، ومنها طيبة وطابة أيضاً، وكلاهما من الطيب، وكان اسمها يثرب، فعدل عنه، وجاءت الكراهية..

هذا يسأل عن المضاعفات: الصلوات هل تشمل الفرائض والنوافل أو الفرائض فقط، وهل إطلاق اسم المدينة المنورة هل له أصل شرعي؟

كل هذا سيأتي، لأن له أحاديث.

"«إنها طيبة»" يعني الدار، "يعني المدينة، «وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة»" وهذا تقدم.

مما قيل في قصة الأعرابي: قالوا: وهذا الأعرابي كان ممن هاجر وبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- على المقام معه، قال القاضي: ويحتمل أن بيعة هذا الأعرابي كانت بعد فتح مكة، وسقوط الهجرة إليه -صلى الله عليه وسلم- وإنما بايع على الإسلام وطلب الإقالة منه فلم يُقله، والصحيح الأول، يعني أنه بايع على الهجرة.

ثم قال: "وحدثنا قتيبة بن سعيد وهناد بن السري وأبو بكر بن أبي شيبة قالوا: حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الله تعالى سمى المدينة طابة»" فأسماء المدينة كثيرة منها ما له أصل، ومنها ما لا أصل له، وفي تواريخ المدينة الأسماء الكثيرة، لكن ما جاءت تسميته في الكتاب والسنة يقتصر عليه، فمنها المدينة والدار وطيبة وطابة، وأكثر الأسماء التي يوردها المؤرخون هي أوصاف وليست بأسماء.

طالب:.......

نعم، {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ} يعني المدينة.

طالب:.......

اسم، والإيمان تَبَوَّؤُوا الإيمان: يعني آمنوا بالله -جل وعلا- وبرسوله عليه الصلاة والسلام.

طالب:.......

لا، لا معطوف، الدار والإيمان.

طالب:.......

لا، لا ما يصلح.

"حدثني محمد بن حاتم وإبراهيم بن دينار قالا: حدثنا حجاج بن محمد ح وحدثني محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق كلاهما عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن يُحنَّس عن أبي عبد الله القراظ أنه قال: "أشهد على أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: «من أراد أهل هذه البلدة بسوء -يعني المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء».

وحدثني محمد بن حاتم وإبراهيم بن دينار قالا: حدثنا حجاج ح وحدثنيه محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق جميعاً عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة أنه سمع القراظ -وكان من أصحاب أبي هريرة -رضي الله عنه- يزعم أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أراد أهلها بسوء -يريد المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»، قال ابن حاتم في حديث ابن يحنس: بدل قوله: «بسوء» « شراً».

حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن أبي هارون موسى بن أبي عيسى ح وحدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا الدراوردي عن محمد بن عمرو جميعاً سمعا أبا عبد الله القراظ، سمع أبا هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله.

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حاتم -يعني ابن إسماعيل- عن عمر بن نبيه قال: أخبرني دينار القراظ قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء».

وحدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا إسماعيل -يعني ابن جعفر- عن عمر بن نبيه الكعبي عن أبي عبد الله القراظ أنه سمع سعد بن مالك يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثله، غير أنه قال: «بدهم أو بسوء».

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا أسامة بن زيد عن أبي عبد الله القراظ قال: سمعته يقول: "سمعت أبا هريرة وسعداً يقولان: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم بارك لأهل المدينة في مدهم»، وساق الحديث وفيه: «من أراد أهلها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"حدثني محمد بن حاتم وإبراهيم بن دينار قالا: حدثنا حجاج بن محمد ح وحدثني محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق، كلاهما عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن يحنَّس" أو يحنِّس، "عن أبي عبد الله القراظ وسيأتي اسمه في الطريق اللاحقة أنه دينار، "عن أبي عبد الله القراظ" نسبة إلى القرظ الذي يدبغ به؛ لأنه كان يبيعه، "أنه قال: "أشهد على أبي هريرة أنه قال" هذه من صيغ الرواية والأداء، وهي أقوى من مجرد قوله: (حدثنا) أو (أخبرنا)؛ لأن الشهادة ينبغي أن تكون على مثل الشمس، فهذا دليل على أنه متأكد مما يروي.

"أشهد على أبي هريرة أنه قال: قال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: «من أراد أهل هذه البلدة بسوء»" هذه البلدة يعني المدينة، ولو قيل: إن من أسمائها البلدة، هذا اسم وإلا خبر؟

من أراد هذه البلدة»" يعني بإمكانك أن تقول: من أراد هذه البلدة الرياض مثلاً، أراد بهذه البلدة الخرج، أراد بهذه البلدة كذا يعني تخبر عنها، أو تصفها بأنها بلدة وليس علماً من أعلامها، من أسمائها؟

"«من أراد أهل هذه البلدة بسوء -يعني المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»" قد يقول قائل: أريدت المدينة وأريد أهلها بسوء، واستبيحت زمن الحرة وما ذابوا، ولا حصل لهم شيء، استبيحت في الحرة وما حصل لهم شيء، "«من أراد أهل هذه البلدة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»" واستبيحت المدينة.

"«أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»" لا شك أن الذين شاركوا في استباحتها يوم الحرة أنهم عوجلوا بالعقوبة، عوجلوا بالعقوبة وماتوا قريباً من زمن الاستباحة، يعني ما طالت أعمارهم بل عوجلوا، والله المستعان.

وهل المراد حقيقة الأسلوب كما يذوب الملح في الماء؟

إن كان المراد هذا الوعيد على مر العصور -يعني من زمن الصحابة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى قيام الساعة- فلا شك أن الذي حصل -وقد حصل أريدت هذه البلدة بسوء وما ذابوا مثل ذواب الملح في الماء- وإن كان المراد بذلك الاستمرار إلى قيام الساعة فقد يحصل في آخر الزمان ذوبانهم كما يذوب الملح في الماء حقيقة.

يعني هل يراد حقيقة التعبير أنهم يذوبون يتلاشون، أو أن هذا كناية عن أنهم يتفرقون ولا تقوم لهم قائمة؟ يعني ما حصل في زمن الصحابة عام الحرة -أو سنة الحرة- هذا لا شك أنهم ما ذابوا مثلما يذوب الملح في الماء، إلا أنهم تلاشوا وتفرقوا ولم تقم لهم قائمة بعد ذلك، وهذا ذوبان، وإن كان المراد به إلى قيام الساعة فقد يأتي ما يصدق الخبر، والخبر قول من لا ينطق عن الهوى، خبر الصادق المصدوق، فما حصل يحمل على ما تقدم، وما يحصل قد يذوبون كما يذوب الملح، وهذا الذي يغلب على الظن، وهذا الذي يغلب على الظن أنه يأتيها أناس فيما بقي من الزمان -في آخره- ثم بعد ذلك يذوبون كما يذوب الملح في الماء حقيقة، ولا مانع من وجود هذه الحقيقة؛ وإذا أخذهم الله -جل وعلا- أخذهم أخذ عزيز مقتدر، لا يفلتهم، ولا مانع أن يذوبوا كما يذوب الملح في الماء.

"وحدثني محمد بن حاتم وإبراهيم بن دينار قالا: حدثنا حجاج، وحدثنيه محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق جميعاً عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة أنه سمع القراظ (ح)" هذه مرت بنا مراراً في دروس سبقت، ولذلك ما احتجنا إلى إعادتها، إنما يراد بها التحويل من إسناد إلى آخر، التحويل من إسناد إلى آخر؛ يستفاد منها اختصار الأسانيد، والمغاربة يقولون: إنها اختصار لكلمة الحديث (حدثنا حجاج الحديث).

طالب:.......

ح وحدثنا.

طالب:.......

لا، لا كتب المصطلح كلها نصت على أنه يقول: ح ويمر، أيش معنى ح ويمر؟

طالب:.......

لا لا، ما يقول تحويل، يمر بالقراءة، ح وحدثنا، انتهى الإشكال.

طالب:.......

 لا لا، ما يقول: تحويل.

قال: "حدثنا حجاج ح وحدثنيه محمد بن رافع" لأن المسألة مختلف..، ما هو متفق عليها أنه تحويل، ليس متفق عليها أنها تحويل، لكن يتجه القول بأنها تحويل في مثل هذا الإسناد، لكن ماذا عما لو ذكرها الإمام بعد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ يأتي بالإسناد كاملاً كما يفعل البخاري: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ح وحدثنا فلان)، هذه لا شك أنها اختصار للحديث، وبعضهم يقول: أصلها خاء وليست حاء -رمز الإمام البخاري- ثم يرجع الإسناد إلى شيخه، فليس متفق عليها؛ المغاربة يرون أنها الحديث باضطراد، مختصرة من قوله الحديث.

"وحدثنيه محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق جميعاً عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة أنه سمع القراظ" يعني أبا عبد الله دينار.

"وكان من أصحاب أبي هريرة، يزعم أنه سمع أبا هريرة" يزعم الزعم هنا بمعنى القول، وليس المراد من ذلك التشكيك في هذا القول؛ فتأتي زعم بمعنى قال، وكثيراً ما يذكر سيبويه في كتابه: "زعم الكسائي" ويوافقه، "زعم الكسائي" ويوافقه، ولذلك لا فرق بين قوله: يزعم أنه سمع، وبين قوله: "أشهد على أبي هريرة" من دون شك ولا تردد.

"أنه سمع أبا هريرة يقول: يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أراد أهلها بسوء -يريد المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»".

طالب:.......

فقال: كذب أبو السنابل: يعني ليست باطراد، حتى القول المحقق قال فلان ويكذب، هي مثل قال.

"«من أراد أهلها بسوء -يريد المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»، قال ابن حاتم في حديث ابن يحنَّس: بدل قوله: «بسوء» «شراً»" من أراد أهل هذه البلدة بسوء، قال ابن حاتم: شراً بدل بسوء.

قال: "حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن أبي هارون موسى بن أبي عيسى ح وحدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا الدراوردي عن محمد بن عمرو جميعاً سمعا أبا عبد الله القراظ سمع أبا هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله" ثم بعد هذا قال: "حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حاتم -يعني ابن إسماعيل- عن عمر بن نبيه أخبرني دينار القرَّاظ "هذا اسمه، والأول كنيته، عن أبي عبد الله القراظ.

قال: "سمعت سعد بن أبي وقاص" فيكون روى الحديث عن أبي هريرة وعن سعد، "سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»" كسابقه.

قال: "وحدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا إسماعيل -يعني ابن جعفر- عن عمر بن نبيه الكعبي عن أبي عبد الله القراظ أنه سمع سعد بن مالك يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثله، غير أنه قال: «بدهم أو بسوء»" سعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص، "يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثله، غير أنه قال: «بدهم أو بسوء»" الدهم والمداهمة الإتيان على غرة، والأخذ غيلة، والدهماء الأمر الشديد العظيم.

أو بسوء»" هذا للشك أو للتنويع؟ "غير أنه قال: «بدهم أو بسوء»" هناك: «بسوء»، ورواية: «شر»، ورواية: «دهم»، هل نقول: إن اللفظ واحد والرواية بغيره رواية بالمعنى، أو نقول: بجميع الألفاظ؟

طالب:.......

نعم معنى واحد، ويكون من باب الرواية بالمعنى.

طالب: لو قلنا الدهم يختلف والمداهمة والسوء....؟

هو المداهمة سوء وشر أيضاً تجتمع هي.

"«بدهم أو بسوء»" هل نقول: إن (أو) هذه للتنويع والتقسيم، فمنهم من يقصدها بدهم، ومنهم من يقصدها بشر، ومنهم من يقصدها بسوء، أو نقول: إنها كلها كلمات متقاربة، وأنها كلها شر وكلها سوء وكلها دهم؟

طالب:.......

"«بدهم أو بسوء»" (أو) هذه تأتي للشك، وتأتي أيضاً للتقسيم، وتأتي بمعنى الواو، (بدهم وبسوء)، وتأتي أيضاً للتقسيم، تأتي للتنويع..، المقصود أن لها معان:

خيِّر أبح قسم بـ(أو) وأبهم

 

...........................   إلى آخره

.......

والذي يظهر أنها شك من الراوي.

"وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا أسامة بن زيد عن أبي عبد الله القراظ قال: سمعته يقول: "سمعت أبا هريرة وسعداً يقولان: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم بارك لأهل المدينة في مدهم»" يعني اجعل البركة تنزل في مد أهل المدينة، فتكون فائدته أكثر من مد غيرهم، ودعا النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل المدينة، ودعا لأهل اليمن، ودعا لأهل الشام، دعا لأهل المدينة أن يبارك لهم في مدهم وصاعهم.

"وساق الحديث وفيه: «من أراد أهلها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»" كما تقدم، وفي هذا كله فضل المدينة النبوية، فضل المدينة النبوية، وأنها أفضل من سائر البقاع، والخلاف في المفاضلة بينها وبين مكة سيأتي إن شاء الله تعالى.

"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تفتح الشام فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم تفتح اليمن فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يفتح العراق فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون».

حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»".

 يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يفتح الشام»" هذا علم من أعلام نبوته -عليه الصلاة والسلام- وقد وقع الأمر كما أخبر، فُتح الشام، ثم اليمن، ثم العراق على الترتيب الذي ذكره عليه الصلاة والسلام.

"«يفتح الشام فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»" الشام لا شك أن جوها وأرضها وطبيعتها مغرية -كما تقدم في الحديث السابق: «هلم إلى الرخاء، هلم إلى الرخاء»- فتترك المدينة رغبة عنها؛ نظراً للرخاء وطلباً للرخاء.

يقول: "«يفتح الشام فيخرج من المدينة قوم بأهليهم»" يعني المسألة مسألة رحيل لا رجعة فيه، "«بأهليهم يبسون»" وفي رواية ضبطت: «يُبِسُّون» من الرباعي بمعنى أنهم يتحملون ويذهبون بأهليهم، وقيل معناه على ما سبق في الحديث السابق: «هلم إلى الرخاء» يدعون الناس إلى بلاد الخصب.

وفي المفردات للراغب الأصبهاني في قوله تعالى {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [(5) سورة الواقعة]، قال: بُست: أي فتت، فتت، وهل هذا المعنى يناسب ما عندنا؟ يناسب وإلا ما يناسب؟

لا يناسب.

وقيل معناه: سيقت سوقاً سريعاً، نعم مناسب جداً، أنهم يسوقون دوابهم حثيثاً إلى الوصول إلى أماكن الخصب والرخاء؛ من قوله انبست الحيات: انسابت انسياباً سريعاً، انبست الحيات: انسابت سريعاً، فيكون كقوله -عز وجل-:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} [(47) سورة الكهف]، وكقوله: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [(88) سورة النمل]، المقصود أنهم يسوقون دوابهم سوقاً سريعاً حثيثاً؛ رغبة في بلاد الرخاء رغبة عن بلاد الخير والفضل مدينة الرسول -عليه الصلاة والسلام-.

"«فيخرج من المدينة أقوام بأهليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»" يعني ولو فاتهم شيء من الرخاء، ولو فاتهم شيء من الأنس بهذه الدنيا والمتعة فيها، هي متاع زائل، لكن العبرة بالباقي أما الفاني لا نظر له ولا يلتفت إليه طالب الآخرة، وقد يكون على حساب الآخرة.

نعم هناك شيء من الراحة والاطمنان، راحة النفس والمتعة والاستجمام قد يوجد، لكن في الغالب أن هذا على حساب ما يعين على العبادة، من ذلك لما فتحت الدنيا انصرف الناس إليها، أقبلت عليهم بزهرتها فانصرف الناس إليها وتركوا الآخرة، فكون الإنسان يجلس في مكان إن أصابته الشمس بحرها ولهيبها تذكر فيح جهنم -نسأل الله السلامة- تذكر حر جهنم، إذا لفحه البرد القارس بشدته تذكر زمهرير جهنم، هذا لا شك أنه يذكره في الآخرة، لكن ماذا عما لو كان في بلد لا حر فيه مقلق، ولا برد فيه مؤذٍ ولا قاتل، مثل هذا يغفل عن الآخرة، إذا وجدت المناظر الطبيعية انشغل الإنسان بها عما ينفعه في آخرته، إذا وجد الرخاء: «هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء» كذلك، كل هذا على حساب ما يوصل إلى الله -جل وعلا- والدار الآخرة.

ولا يعني أن الإنسان يعذب نفسه أو يعذب من تحت يده، لا، لكن يوازن بين مصالح دينه ودنياه، فيؤثر الباقي على الفاني، وهؤلاء يبسون يخرجون من المدينة خروجاً سريعاً يحثون فيه المطي من أجل الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.

"«ثم يفتح اليمن فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يفتح العراق فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»" نعم المدنية ما فيها شيء يغري من أمور الدنيا، لكن فيها مضاعفة الحسنات، مضاعفة الصلوات، فأيضاً الصبر على لأوائها، وجاءت فيه من النصوص ما جاء مما تقدم، المقصود أن الصبر على مثل هذا لا شك أن عاقبته حميدة.

"حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم»" يعني ممن أجاب دعوتهم: «هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء» كما تقدم.

"«ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم»" في الرواية الأولى قال: "«يفتح الشام ثم يفتح اليمن» وهنا قال: «يفتح اليمن ثم يفتح الشام»" العطف بـ(ثم) يقتضي الترتيب في الموضعين، فما الأول من القطرين الشام أو اليمن؟ أيهما الذي فتح أولاً؟

طالب:.......

نعم في حياته، وهل تم فتحها بكاملها؟ أو نقول: إنه فتح بعضها، بحيث يصح تقديمه على الشام وأخر بعضها -تأخر بعضها- بحيث يصح تأخيره على الشام، ويكون العطف ماشي بـ(ثم).

ثم يفتح الشام فيأتي قوم يبسون أو يبُسون فيتحملون بأهليهم ومن ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»" وهذا معجزة من معجزات النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلم من أعلام نبوته؛ حيث أخبر عن أمور مستقبلة، وقد حصلت كما أخبر، ووجد من يبس، ووجد..، وقد يوجد من سمع مثل هذا الخبر ويفعل، قد يسمع مثل هذا الخبر، يسمع هذا الخبر ومع ذلك يفعل –يطبق- يبسون ويخرجون والمدينة خير لهم!

ولا شك أن من الناس من يسمع مثل هذه الأخبار ولا تحرك به ساكن، وإلا لا شك أن هذه الأخبار التي تقدمت وما سيأتي دليل على فضل المدينة وعلى سكناها والله المستعان.

"حدثني زهير بن حرب قال: حدثنا أبو صفوان عن يونس بن يزيد ح وحدثني حرملة بن يحيى واللفظ له قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للمدينة: «ليتركنها أهلها على خير ما كانت مذللة للعوافي» يعني السباع والطير. قال مسلم: أبو صفوان هذا هو عبد الله بن عبد الملك، يتيم ابن جريج عشر سنين كان في حجره.

وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: حدثني أبي عن جدي قال: حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي -يريد عوافي السباع والطير- ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما، فيجدانها وحشاً حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما»".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"حدثني زهير بن حرب قال: حدثنا أبو صفوان عن يونس بن يزيد ح وحدثني حرملة بن يحيى واللفظ له قال: أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للمدينة" قال للمدينة، اللام هذ...

طالب: لأهلها عنها.

يعني لأهلها؟

طالب: عنها.

يعني هل يصح أن يقال: إن هذا من مجاز الحذف، كما قالوا في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [(82) سورة يوسف]: يعني أهل القرية؟ أو أن المدينة -والقرية أيضاً- تطلق ويراد بها المجموع من المساكن والسكان، فلا نحتاج إلى تقدير، المدينة تطلق على المساكن والسكان، والقرية تطلق على المساكن والسكان، وعلى هذا: اسأل القرية حقيقة، ولا نحتاج إلى تقدير، قال للمدينة حقيقة، يعني لأهلها ولا نحتاج إلى تقدير؛ لأن المدينة كما تطلق على المساكن تطلق أيضاً على السكان.

"قال للمدينة: «ليتركنها»" أو في حق المدينة وفي شأن المدينة، قال في حقها وفي شأنها؛ لأن الحروف تتبادل، وهناك ما يستحيل إجراؤه على ظاهره.

"عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه" إسناد كامل إلى أن قال: وعن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه: هل هذا الحرف حرف رواية؟ هل هذه العنعنة موجودة في الأسانيد؟

لا أبداً، وإنما المقصود عن قصته، يعني عما يذكر في قصته أنه خرج عليه خوارج فقتلوه، وهنا: "للمدينة" يعني لشأنها وأمرها.

ليتركنها أهلها على خير ما كانت مذللة للعوافي» يعني السباع والطير" منهم من يقول: إن هذا أمر قد حصل، وقد كانت أفضل ما كانت في عهد الخلافة الراشدة، بلغت أوج عزها ومجدها؛ حيث يتوافر العلماء والفضلاء والعباد في المدينة، في زمن الخلفاء، إلى أن انتقلت عنها الخلافة إلى الكوفة ثم إلى الشام، فتركها الناس "«مذللة للعوافي» يعني السباع والطير" لكن هل حصل بانتقال الخلافة عنها أن تركت تركاً تاماً بحيث لا يسكنها أحد؟ يعني وجود السباع والطير لا شك أنه بسبب وجود ما يؤكل مع عدم آكله، ولا شك أنها فيها النخيل، وفيها شيء من المراعي، وفيها بهيمة الأنعام وانتقل أكثر الناس عنها إلى الحواضر الأخرى ممن قصده الخلفاء، والناس لا شك أنهم يتبعون الملوك والأمراء، لا شك أنهم يتبعونهم؛ لأن البلد الذي فيه الخليفة، والبلد الذي فيه الأمير، والبلد الذي فيه الوجهاء لا شك أنه يكون محل عناية، والذي يُترك يُنسى، فهذه السباع وهذه العوافي وهذه الطيور تأتي لتأكل من أرزاق المدينة التي تفيض عن أهلها بعد أن هاجر..، تركها أكثرهم، ولا يلزم من ذلك أن تكون تركت منهم بالكلية. "«مذللة للعوافي» يعني السباع والطير".

وقال مسلم: الإمام مسلم المؤلف -رحمه الله-: "أبو صفوان" هذا الذي ورد ذكره في الإسناد، الذي يروي عن يونس بن يزيد الأيلي، "هذا هو عبد الله بن عبد الملك، يتيم ابن جريج عشر سنين كان في حجره" يتيم يعني مات أبوه، فكفله ابن جريج، ولعله كان ربيباً له؛ لأنه تزوج أمه بعد أبيه فعاش في حجره عشر سنين.

"وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي قال: حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يتركون المدينة على خير ما كانت»" لأنها حديثة عهد بالسكان، وهذا كما يحتمل ما ذكره الشراح من أنها تركت لما انتقلت الخلافة عنها إلى الكوفة أو إلى الشام أو إلى العراق في عهد بني العباس، ويحتمل أن يكون أيضاً في آخر الزمان، وأنها تترك رغبة عنها.

يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي» يريد عوافي السباع والطير" والاحتمال الثاني لا شك أنه تقويه هذه الرواية؛ بدليل قصة الراعيين من مزينة، «ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما» يصوتان لهما ويزجرانهما؛ ليسيرا "«فيجدانها وحشاً»" «وحشا» إما أن تكون مأوى للوحوش، أو تكون موحشة؛ لفراغها وخلائها من السكان، "«فيجدانها وحشاً»" فإما أن تكون موحشة؛ البلد الخالية الذي لا سكان فيه لا شك أنه موحش، أو أنها صارت بعد السكان للوحوش.

حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما»" وجاء في الخبر أن هذين الرجلين هما آخر من يحشر، قال أهل العلم: لأنهما آخر من يموت، كذا قيل. "«حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما»".

"«ينعقان بغنمهما فيجدانها»" الضمير هذا يرجع إلى إيش؟ فيجدانها؟ المدينة أو الغنم؟

طالب:.......

لأنه أقرب مذكور الغنم، يجدان الغنم وحشاً، تتوحش هذه الغنم، هي في الأصل غنم من ألطف المخلوقات، وتتسم باللطف والرفق والهدوء، ويكتسب راعيها منها هذه الصفات كما جاء في الأحاديث الصحيحة، تنقلب وحشاً، وهذا احتمال، يجدانها»" يحتمل أن يكون..، أن يعود الضمير على ما فسرناه أولاً أنهما يجدان المدينة وحشاً –موحشة- أو أنها مأوى للوحوش، أو يجدان غنمهما وحشاً: تنقلب الغنم وحشية، يعني إما أن تنقلب خلقتها كالوحوش، أو أن طباعها تكون كالوحوش.

"«حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما»" يقول الشارح: فيجدانها وحشاً وفي رواية البخاري: "«وحوشاً»" قيل معناه يجدانها خلاءً أي خالية ليس بها أحد.

قال إبراهيم الحربي: الوحش من الأرض هو الخلاء، والصحيح أن معناه يجدانها ذات وحوش كما في رواية البخاري، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا يغشاها إلا العوافي»، ويكون وحشاً بمعنى وحوشاً، وأصل الوحش كل شيء توحش من الحيوان، وجمعه وحوش، وقد يعبر بواحده عن جمعه، وحش، ويراد به حينئذ الجنس -جنس الوحش- فيشمل الواحد والاثنين والجمع الغفير، وقد يعبر بواحده عن جمعه كما في غيره، وحكا القاضي عن ابن المرابط أن معناه: أن غنمهما تصير وحوشاً، إما تنقلب ذاتها فتصير وحوشاً، وإما أن تتوحش وتنفر من أصواتها.

وأنكر القاضي هذا واختار أن الضمير في: "«يجدانها»" عائد إلى المدينة لا إلى الغنم، وهذا هو الصواب وقول ابن المرابط غلط والله أعلم.

لكنه على كل حال احتمال، والضمير يعود إلى أقرب مذكور، وهذا يؤيد قول ابن المرابط، وإن كان الجمهور على خلافه، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"