التعليق على تفسير القرطبي - سورة الصافات (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-: "الثَّامِنَةُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ بِالْغَنَمِ أَفْضَلُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ  .وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالُوا :أَفْضَلُ الضَّحَايَا الْفُحُولُ مِنَ الضَّأْنِ، وَإِنَاثُ الضَّأْنِ أَفْضَلُ مِنْ فَحْلِ الْمَعْزِ، وَفُحُولُ الْمَعْزِ خَيْرٌ مِنْ إِنَاثِهَا، وَإِنَاثُ الْمَعْزِ خَيْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ .وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات:107] أَيْ: ضَخْمِ الْجُثَّةِ سَمِينٍ، وَذَلِكَ كَبْشٌ لَا جَمَلٌ وَلَا بَقَرَةٌ".

نعم، هذا رأي الإمام مالك -رحمه الله- في تفضيل الغنم على الإبل والبقر، لِمَا جاء في هذا الفداء أنه فُدِيَ بكبش، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ضحّى بكبشين، ولم يُذكَر أنه ضحّى بالإبل ولا بالبقر، في صحيح مسلم «أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بالْبَقَرَ»، وأهدى البقر إلى البيت، ولو كان غيرها أعظم منها لقدمه، ولذا يقول جمهور أهل العلم: إن الأفضل الإبل، ثم البقر، ثم الغنم؛ وذلكم لأنها أنفع للفقراء بكثرة لحمها، وهذا معروفٌ أنه إذا قدمت البدنة كاملة في مقابل شاة، أو بقرة كاملة في مقابل شاة فهي أفضل عند جمهور أهل العلم، والإمام مالك يرى العكس، يرى أن الغنم أفضل من الإبل والبقر –رحمه الله-.

"وَرَوَى مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ".

لا يدخل في الخلاف سُبع البدنة، أو سُبع البقرة في مقابل شاة، شاة أفضل اتفاقًا من السُبع، لكنه يُجزِئ.

"عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي؟ فَقَالَ: يَجْزِيكَ كَبْشٌ سَمِينٌ، ثُمَّ قَرَأَ : {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ عَلِمَ اللَّهُ حَيَوَانًا أَفْضَلَ مِنَ الْكَبْشِ لَفَدَى بِهِ إِسْحَاقَ" .

مثل هذا النذر، لو نذر أن يذبح ابنه مثل ما سمعتم قالوا: تحلته كبش، كما فُدِي إسماعيل، ومنهم من يقول: إن هذا النذر معصية، نذر معصية، فعل إبراهيم طاعة امتثال لأمر الله -جل وعلا- وفُدِي، لكن النذر غير إبراهيم، من يذبح ولده هذه معصية ولا يُوفى به، نذر معصية لا يُوفى به، «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ «، وعلى هذا عليه أن يستغفر، ويتوب إلى الله -جل وعلا-، ولا يفعل شيئًا، وإن كان بعضهم يرى أنه يُكفّر بكفّارة يمين، ومنهم من قال: إذا نذر أن يذبح ابنه يقدم دِيتَهُ مائة من الإبل، يفديه بمائة من الإبل، كما حصل لعبد المطلب لما نذر أن يذبح أحد أولاده، ثم خرجت القرعة على عبد الله والد النبي -عليه الصلاة والسلام- فداه بمائة من الإبل.

"«وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ وَأَكْثَرُ مَا ضَحَّى بِهِ الْكِبَاشُ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الذِّبْحُ الْعَظِيمُ: الشَّاةُ.

التَّاسِعَةُ: وَاخْتَلَفُوا أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: الْأُضْحِيَّةُ أَوِ الصَّدَقَةُ بِثَمَنِهَا ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: الضَّحِيَّةُ أَفْضَلُ إِلَّا بِمِنًى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ الْأُضْحِيَّةِ، حَكَاهُ أَبُو عُمَرَ . وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رُوِّينَا عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا أُبَالِي أَلَّا أُضَحِّيَ إِلَّا بِدِيكٍ، وَلَأَنْ أَضَعَهُ فِي يَتِيمٍ قَدْ تَرِبَ فِيهِ -هَكَذَا قَالَ الْمُحَدِّثُ- أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُضَحِّيَ بِهِ .وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ".

الإجماع قائم على أن الأضحية، والهدي، والعقيقة لا تصح إلا من الأصناف الثمانية، هذا محل إجماع بين أهل العلم، وإن نُقِل عن بعض المتقدمين من السلف تجوز بغير بهيمة الأنعام، ذُكِر عن أبي هريرة، وعن غيره ضحوا بالديك وشبهه، لكن هذا الإجماع ولا خلافه، وعلى هذا فلا تجزئ الأضحية إلا من الأصناف الثمانية: الإبل، والبقر، والضأن، والماعز.

طالب: .....

عقيقة؟

العقيقة الغنم، لكن لو أراد أن يقدم بدنة جمع من أهل العلم أنها أفضل من الغنم.

"وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ: إِنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ".  

منهم من يقول: إن السُبع من البدانة يقوم مقام الشاة في الحقيقة، وآخرون يقولون: لا، أُعطيت كاملاً فقدم كاملاً، هذه حُجّتهم.

"وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: إِنَّ الضَّحِيَّةَ أَفْضَلُ، هَذَا قَوْلُ رَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ. وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. زَادَ أَبُو عُمَرَ: وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ . قَالُوا: الضَّحِيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ كَصَلَاةِ الْعِيدِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ النَّوَافِلِ ."

وذلكم لأنها قرنت بها {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر:2]، {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} الصلاة صلاة العيد، والنحر الأضحية. مادام قرنت بها وجاء الأمر بهما، وصلاة العيد أفضل من النوافل، فالأضحية أفضل من الصدقة بزمنها، ويأتي القول قول الحنفية أن الأضحية واجبة، كما أن صلاة العيد عندهم واجبة، يعني واجبة على العيان أخذًا من الآية.

"وَكَذَلِكَ صَلَوَاتُ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوُّعِ كُلِّهِ . قَالَ أَبُو عُمَرَ :وَقَدْ رُوِيَ فِي فَضْلِ الضَّحَايَا".

يعني صلوات السنن، يعني الرواتب أفضل من التطوع المطلق.

"وَقَدْ رُوِيَ فِي فَضْلِ الضَّحَايَا آثَارٌ حِسَانٌ، فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ نَفَقَةٍ بَعْدَ صِلَةِ الرَّحِمِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ» قَالَ أَبُو عُمَرَ : وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ. وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضَحُّوا وَطِيبُوا أَنْفُسًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ تَوَجَّهَ بِأُضْحِيَّتِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ إِلَّا كَانَ دَمُهَا وَقَرْنُهَا وَصُوفُهَا حَسَنَاتٍ مُحْضَرَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّ الدَّمَ إِنْ وَقَعَ فِي التُّرَابِ فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي حِرْزِ اللَّهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ. وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:» مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلِ يَوْمِ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا  «قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ" .

التخريج؟

طالب: .....

الأول، الأول، الأول.

طالب: قال: ذكره ابن عبد البر هكذا معلقًا، وإسناده ضعيف؛ لضعف سعيد بن داود قال في التقرير: صدوق له مناكير ..... الذي يليق، قال: أخرجه ابن عبد البر بالتمهيد، وإسناده ضعيف لأبي نصر بن حماد، لكن يتعين فيما بعد. حديث الترمذي: قال: أخرجه الترمذي من حديث عائشة وحسنه، مع أن في إسناده سليمان بن يزيد المدني، وهو ضعيف، ولكن يتأيد بما قبله، والحديث ضعفه الألباني.

هذه الأحاديث بمجموعها تدل على أن لها أصلًا، فالحث على الأضحية معروف جاءت به الأحاديث، وإن كانت مفرداته هذه ضعيفة.

طالب: .....

كيف؟

طالب: نقل الإجماع لصاحب الدية.

نعم، يعني انعقد الإجماع بعده.

طالب: .....

نعم.

طالب: لكن الصدقة على الأَضحية يا شيخ.

ماذا؟

طالب: .....

لا لا، التضحية أفضل من الصدقة بثمنها. قد يحصل، قد يوجد في ظرف من الظروف أن الصدقة أفضل من الأضحية، كما أن الحج أفضل من الصدقة بقيمته، بنفقته، وقد يطرأ للمفضول ما يجعله فاضلاً، وللمفوق ما يجعله فائقًا كأن يوجد إنسان مضطر لهذه القيمة.

طالب: .....

لا، خلِّ الصدقة من نفس الأضحية شيء، لكن هل أفضل أن يهريق الدم أم يتصدق؟ يقول: أنا عندي ألف أشتري به أضحية، أم أعطيها لأسرة فقيرة؟ نقول: اشترِ به أضحية، وأما التصدق منها: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج:28]، جاء الأمر به.

طالب: .....

عند من يقول بأن الأمر بالأكل للاستحباب، فما فيه إشكال، لكن الذي يقول بأنه للوجوب، يلزمه أن يأكل.

طالب: لكن يا شيخ من المفترض أنه لم يضحِّ أصلاً، لكن الذي ضحى وعنده فائض من المال؟

ضحى في هذه السنة، وسنوات ماضية؟

طالب: طيب في نفس السنة هل له أن يقدم بدنة، أو يذبح كبش، ويتصدق بالباقي؟

خلاف مثل ما سمعت؛ الجمهور على أن البدنة أفضل، ومالك يرى أن الكبش الغنم أفضل من الإبل والبقر.

"الْعَاشِرَةُ :الضَّحِيَّةُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ :كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَبْعَثُنِي يَوْمَ الْأَضْحَى بِدِرْهَمَيْنِ أَشْتَرِي لَهُ لَحْمًا".

لحمًا مذبوحًا يعني، نعم من الجزار.

"وَيَقُولُ: مَنْ لَقِيتَ فَقُلْ: هَذِهِ أُضْحِيَّةُ ابْنِ عَبَّاسٍ .قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَمُجْمَلُ هَذَا وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا لَا يُضَحِّيَانِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِئَلَّا يُعْتَقَدَ فِي الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا أَنَّهَا وَاجِبَةُ فَرْضٍ، وَكَانُوا أَئِمَّةً يَقْتَدِي بِهِمْ مَنْ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ يَنْظُرُ فِي دِينِهِ إِلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمُ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ أُمَّتِهِ، فَسَاغَ لَهُمْ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ مَا لَا يَسُوغُ الْيَوْمَ لِغَيْرِهِمْ" .

نعم إذا وجد من يشدد في أمر بعض السنن، يشدد فيها، ويجعلها مثل الواجبات، أو يشدد في الإنكار على من تركها، فلو تركت مرة من المرات، أو مرات يحصل بها البيان بأنها سنة هذا يؤجر عليه، وإن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- كما هو معروف قد ينهى عن الشيء ويفعله، لبيان أنه ليس من المحرمات، ويكون هذا صارفًا، ويكون في حقه أفضل، قد يأمر بالشيء ويتركه؛ لبيان أن هذا المأمور به ليس من الواجبات، وإنما هو سنة، ويكون في حقه هذا البيان أفضل من الفعل.

 وعلى كل حال المسألة إذا خُشِيَ من التباس الأمر على الناس فإن النوافل لا تشبه بالسنن، يخل بها لبيان أنها سنة، والفضل ثابت إن شاء الله تعالى.

طالب: .....

هذا الأولى، المبادرة {سَارِعُوا}[آل عمران:133]، {سَابِقُوا}[الحديد:21]، لكن الأيام معروفة أيام النحر.

طالب: .....

باطل، باطل، خلاف الإجماع، خلاف الإجماع، انعقد الإجماع على خلافه.

"وَقَدْ حَكَى الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ :الْأُضْحِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِينَ الْوَاجِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ. قَالَ: وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مِثْلَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ عنْ نَفْسِهِ. وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ".

كيف يجب على الرجل على ولده؟ الأضحية تكفي عن الرجل، وعن أهل بيته؛ إلا أن يُتَصَوَّر أن هذا الولد الصغير مع أمه المطلقة في بيت آخر، أو في بلد آخر، هذا يُتَصَوَّر فيه مثل هذا، نعم.

"وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَقَالَا: لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ مُرَخَّصٍ لِمَنْ وَجَدَ السَّبِيلَ إِلَيْهَا فِي تَرْكِهَا" .

يعني أنها سنة مؤكدة، والإمام أحمد -رحمه الله- يقول: الذي لا يجد قيمتها يقترض، يقترض من غير إيجاب وإلزام.

"قَالَ: وَبِهِ نَأْخُذُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ :وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ تَرْكُهَا مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا، فَإِنْ تَرَكَهَا فَبِئْسَ مَا صَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ إِلَّا الْحَاجَّ بِمِنًى .وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ :هِيَ سُنَّةٌ".

لأن الحاج إذا أهدى لا يجمع بين الهدي والأضحية، لا يجمع، وإن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجته كما في صحيح مسلم «ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ»، وأظنه يقول: إن المراد بالأضحية هنا هي الهدي عن النساء، سماها سُمِّيَت أضحية من باب التجوز؛ لأنها في وقتها، وأحكامها أحكامها.

"وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ :هِيَ سُنَّةٌ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ وَعَلَى الْحَاجِّ بِمِنًى وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ" .

يعني القول بالعموم هذا قول كثير من أهل العلم بأن على الحاج وغيره، لكنها على سبيل الاستحباب. النصوص الواردة فيها مستقلة عن الحج، والنصوص الواردة في الحج والهدي فيه مستقلة، فهذه لها أدلتها، وهذه لها أدلتها، لكن يبقى النظر هل ضحى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن حجته أو لم يضحِّ؟ فيبقى أن الأولى الترك، إذا لم يضحِّ، ولا يقال بعدم الصحة أو أنه.

طالب: للحاج.

نعم للحاج. ينظر في فعله -عليه الصلاة والسلام- فهو الأولى الذي يُقتدي به، ولا يعني المنع؛ لأن الأضحية لها أدلتها المستقلة.

طالب: شيخنا والحاج الذي لم يتمتع؟

الذي لا يهدي يضحي.

"وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهَا بِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نَيَّارٍ."

نِيَارٍ، نِيَارٍ.

"بْنَ نِيَارٍ أَنْ يُعِيدَ ضَحِيَّةً أُخْرَى؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ فَرْضًا لَا يُؤْمَرُ فِيهِ بِالْإِعَادَةِ".

لأنه ضحى قبل الوقت، قبل صلاة الإمام، فأُمِرَ بإعادتها، ولو كانت نافلة ما أُمِرَ بإعادتها، هذه حجة من يقول بوجوبها.

"واحْتَجَّ آخَرُونَ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ:» إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ «قَالُوا: فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ إِلَى إِرَادَةِ الْمُضَحِّي. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ وَبِلَالٍ".

ولا دلالة ملزمة في الطرفين؛ لأن من النوافل ما يُقضى، من النوافل ما يُقضى، لاسيما إذا وقع على وجه غير صحيح، ما وقع على وجه غير صحيح يُقضى ومن غير إيجاب، والحج إذا دخل فيه وأفسده لزمه قضاء، وإن كان نفلاً في الأصل، وأما في الطرف الثاني:» إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّي «فهذه الإرادة ليس مردها إلى التخيير في أصل الفعل، إنما إذا أراد يعني عزم على الأضحية قد تكون واجبة عليه، فلا يجوز له أن يأخذ من شعره، ولا من بشره شيئًا، كما يُقال للشخص الذي لم يحج حجة الإسلام: إذا أردت أن تحج، فعليك بحملة كذا، ليس معنى هذا التخيير في كونه يحج أو لا يحج، إنما من عزم على الحج في هذه السنة، أو في غيرها، يوجه إلى أمر من الأمور ينفعه، أو يُحذَّر من شيء يضره، ليس هذا التخيير في أصل المشروعية، نعم.

طالب: .....

لا، ما يلزم، الأدلة الأخرى هي التي تحدد.

طالب: .....

«إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ« هذا الجمهور على أنها ليست بواجبة ..... والنبي -عليه الصلاة والسلام-، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار.

"الْحَادِيَةُ عَشْرَةَ: وَالَّذِي يُضَحَّى بِهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الْأَزْوَاجُ الثَّمَانِيَةُ: وَهِيَ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ :وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ قَالَ: يُضَحَّي بِبَقَرَةِ الْوَحْشِ عَنْ سَبْعَةٍ، وَبِالظَّبْيِ عَنْ رَجُلٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ :لَوْ نَزَا ثَوْرٌ وَحْشِيٌّ عَلَى بَقَرَةٍ إِنْسِيَّةٍ، أَوْ ثَوْرٌ إِنْسِيٌّ عَلَى بَقَرَةٍ وَحْشِيَّةٍ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا أُضْحِيَّةً. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: جَائِزٌ؛ لِأَنَّ وَلَدَهَما بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ :يَجُوزُ إِذَا كَانَ مَنْسُوبًا إِلَى الْأَنْعَامِ".

يعني إذا كان في عُرف الناس أنه من البقر، ولو كان وحشيًّا، ويسمونه بقرًا، وخصائصه خصائص البقر، وشكله وظاهره من فصيلة البقر يُضحَّى به ولو كان وحشيًّا.

طالب: .....

نعم؟

طالب: .....

ما فيه إلا الأصناف الثمانية، المنصوص عليها في سورة الأنعام.

طالب: .....

وهو في أصله أهليّ؟

طالب: .....

على كل حال إذا كان أهليًّا ثم توحش هذا الذي طرأ عليه ما يضر، ما يضر، والوحشي لا يجزئ ولو تأهل إذا لم يكن من بهيمة الأنعام من الأصناف الثمانية.

"الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ: قَدْ مَضَى فِي سُورَةِ الْحَجِّ الْكَلَامُ فِي وَقْتِ الذَّبْحِ وَالْأَكْلِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ مُسْتَوْفًى. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:» ضَحَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» فِي رِوَايَةٍ قَالَ» : وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ» وَقَدْ مَضَى فِي آخِرِ الْأَنْعَامِ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَمَضَى فِي الْمَائِدَةِ الْقَوْلُ فِي التَّذْكِيَةِ وَبَيَانِهَا وَمَا يُذَكَّى بِهِ، وَأَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ مُسْتَوْفًى.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ» أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ».

 وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا فَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ فِي الْأُضْحِيَّةِ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا مِنْكَ وَلَكَ، تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَحَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَمَّى اللَّهَ أَجْزَأَهُ".

نعم الواجب التسمية، والتكبير سنة مستحبة، والإفصاح عن صاحبها وتسميتها لا يضر، وإن كان الأصل بالنية أنها لا تُقال، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: هذا عن محمد، وهذا عمن لم يضحِّ من أمة محمد، فدل على أن الإفصاح لصاحب الأضحية ومن نُوِيَت له ما فيه إشكال، لا يعارض أن النية محلها القلب والتلفظ بها بدعة هذا في غير هذا الموضع.

"وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى  الذَّبِيحَةِ بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنْ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، أَوْ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَمْ أَكْرَهْهُ، أَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ".

لكنه إن التزم ذلك في كل ذبيحة، أو في كل أضحية يزيد من الأذكار ما لم يرد به نص، فهو ابتداع، فهو ابتداع.

"أَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي، أَوْ قَالَ: تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ، فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ النُّعْمَانُ :يُكْرَهُ أَنْ يَذْكُرَ مَعَ اسْمِ اللَّهِ غَيْرُهُ، يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ عِنْدَ الذَّبْحِ".

النعمان من هو؟

طالب: النعمان.

أبو حنيفة، الإمام أبو حنيفة، النعمان بن ثابت.

"وَقَالَ: لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَقَبْلَ أَنْ يُضْجِعَ لِلذَّبْحِ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ يَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ لَمَّا أَرَادَ ذَبْحَ ابْنِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. فَبَقِيَ سُنَّةً.

الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: رَوَى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم» سُئِلَ: مَاذَا يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ: أَرْبَعًا –وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعُهَا، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقَي» لَفْظُ مَالِكٍ وَلَا خِلَافَ فِيهِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْيَسِيرِ مِنْ ذَلِكَ".

مفهوم البين أن اليسير يُعفى عنه.

"وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ :«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ»".

يعني ندقق في هذه الأشياء، ونلاحظها ملاحظة دقيقة لنطلب الكمال فيما نتقرب به إلى الله -جل وعلا-.  

"»وَأَلَّا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا شَرْقَاءَ، وَلَا خَرْقَاءَ». قَالَ: وَالْمُقَابَلَةُ مَا قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِهَا، وَالْمُدَابَرَةُ مَا قُطِعَ مِنْ جَانِبِ الْأُذُنِ، وَالشَّرْقَاءُ الْمَشْقُوقَةُ، وَالْخَرْقَاءُ الْمَثْقُوبَةُ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تُسَنَّنْ".

تُسْنَنْ.

كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تُسْنَنْ، وَالَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا . قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ".

يعني أن يُضَحِّي بكاملة من كل وجه.

"قَالَ الْقُتَبِيُّ : لَمْ تُسْنِنْ أَيْ: لَمْ تَنْبُتْ أَسْنَانُهَا كَأَنَّهَا لَمْ تُعْطَ أَسْنَانًا. وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ لَمْ يُلْبَنْ أَيْ: لَمْ يُعْطَ لَبَنًا، وَلَمْ يُسْمَنْ أَيْ: لَمْ يُعْطَ سَمْنًا، وَلَمْ يُعْسَلْ أَيْ: لَمْ يُعْطَ عَسَلًا. وَهَذَا مِثْلُ النَّهْيِ فِي الْأَضَاحِيِّ عَنِ الْهَتْمَاءِ . قَالَ أَبُو عُمَرَ  :وَلَا بَأْسَ أَنْ يُضَحَّى عِنْدَ مَالِكٍ".

صاحب اللسان لسان العرب ابن منظور تعقَّب ابن قُتَيبَة في كلامه هذا تعقّبه.

"قَالَ أَبُو عُمَرَ : وَلَا بَأْسَ أَنْ يُضَحَّى عِنْدَ مَالِكٍ بِالشَّاةِ الْهَتْمَاءِ إِذَا كَانَ سُقُوطُ أَسْنَانِهَا مِنَ الْكِبَرِ وَالْهَرَمِ وَكَانَتْ سَمِينَةً".

بخلاف التي لم تُسنَن بمعنى أنه لم يُنبَت لها أسنان أصلاً.

طالب: .....

ابن قُتَيبَة، ابن قُتَيبَة.

"فَإِنْ كَانَتْ سَاقِطَةَ الْأَسْنَانِ وَهِيَ فَتِيَّةٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَحَّى بِهَا؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ غَيْرُ خَفِيفٍ. وَالنُّقْصَانُ كُلُّهُ مَكْرُوهٌ، وَشَرْحُهُ وَتَفْصِيلُهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. وَفِي الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اسْتَشْرِقُوا ضَحَايَاكُمْ فَإِنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ مَطَايَاكُمْ» ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ" . 

الحديث، الحديث.

طالب: أحسن الله إليكم، قال: ضعيف جدًّا أخرجه .... من حديث أبي هريرة، وعلَّقه الحافظ بالتلخيص في يحيى بن عبيد، وقال: ضعيف جدًّا. وقال .... -رحمه الله تعالى-: ضعيف جدًّا، وجاء بلفظه: عظِّموا ضحاياكم، ولا أصل له.

يعني هذا هو الظاهر، لكن ما أشار إليه المؤلف من التفريق بين من لا أسنان لها إن كانت في حال الكبر، فلا مانع أن يُضَحَّى بها، يُضَحَّى بالهتماء إذا كان سقوط أسنانها من الكبر والهرم إن كانت سمينة، وإذا كانت صغيرة فَتِيَّة لم يَجُز أن يُضَحَّى بها. أيهما أكمل الصغر أو الكبر؟

طالب: الصغر.

الصغر أكمل، فإذا اجتمع نقصان، عيبان اجتمعا في الأضحية أولى أن يُضَحَّى بها، أو عيب واحد؟

طالب: عيب واحد.

نعم، لكن كأن الملحظ في هذا أن الكبيرة إذا كانت سمينة فإن عدم الأسنان لا يؤثر فيها؛ لأن الأسنان إنما تُطلب للأكل، من أجل الأكل. الصغيرة إذا كان ليس لها أسنان يؤثر فيها بالنسبة للأكل، ما دامت كبيرة، وهتماء، وسمينة فوجود الأسنان مثل عدمها، وإذا كانت صغيرة ولا أسنان لها لا بد أن يؤثر هذا في أكلها، لا بد أن يُؤثر في أكلها، وعلى كل حال التفريق فيه ما فيه، نعم.

طالب: .....

يعني من أصلها، يعني أصل هذه لم ينبت لها أسنان من الأصل هي التي لم تُسنَن، كان ابنَ عُمَرَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا الْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تُسْنَنْ، يعني ما أُعطيت أسنان من الأصل، وبينما سقطت أسنانها.

على كل حال ما ذكره أهل العلم هو الأصل في طلب الأسنان هو أن الأسنان كمال، لكنه إنما يُطلب من أجل الأكل، فالتي لها أسنان مظنة أنها تأكل أكل يُفيدها وينفعها، والتي لا أسنان لها قد ينقص عليها من هذا الجانب شيئًا.

"الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: وَدَلَّتِ الْآيَةُ".

طالب: .....

يعني تكون مظنة أنها لا تُجزئ لصغرها. يقول هنا: وإِنْ كَانَتْ سَاقِطَةَ الْأَسْنَانِ، وَهِيَ فَتِيَّةٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَحَّى بِهَا؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ غَيْرُ خَفِيفٍ، هذا ما له دلالة، هو عيب، سموه عيبًا؛ ما أنه دلالة على عدم الإجزاء.

طالب: .....

لا لا فتية أصغر من الهتماء الكبيرة.

"الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ".

أيضًا هو في بني آدم، هو في بني آدم، يعني شاب في الثلاثين من عمره لا أسنان له، أو في الثمانين من عمره، لا أسنان له، هذا عيب، وهذا ليس بعيب، يعني ما ينظر الناس إلى أن صاحب الثمانين ليس له أسنان رجل معيب، بخلاف صاحب الثلاثين مثلاً.

"وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ نَحْرَ ابْنِهِ أَوْ ذَبْحَهُ أَنَّهُ يَفْدِيهِ بِكَبْشٍ كَمَا فَدَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ ابْنَهُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ .وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: يَنْحَرُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ كَمَا فَدَى بِهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ، رَوَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ الشَّعْبِيُّ .وَرَوَى عَنْهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ :يَجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ :لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :هُوَ مَعْصِيَةٌ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ :هِيَ كَلِمَةٌ يَلْزَمُهُ بِهَا فِي وَلَدِهِ ذَبْحُ شَاةٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِ وَلَدِهِ شَيْءٌ. قَالَ مُحَمَّدٌ :عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ بِنَحْرِ عَبْدِهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ بِنَحْرِ وَلَدِهِ إِذَا حَنَثَ".

لا فرق بين أن ينذُر، أو يحلف على ذبح ولده، أو ولد غيره، كل هذا محرم، ونذر معصية، فلا يلزمه الوفاء به، وكفارته كفارة يمين.

"وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ: أَنَا أَنْحَرُ وَلَدِي".

لكن هذا إذا قصد أصل الذبح، نذر أن يذبح وقاصد أصل الذبح، لكن التهديد به، كما يفعل كثير من الآباء، وكثير من الأمهات: والله لأذبحنك، والله لأفعلن، هذا لا يُقصد به أصل الذبح، وإنما يُقصد به التهديد، أو ما دون ذلك من ضرب ونحوه، هذا غير مقصود.

طالب: تعتبر معصية يُكفر عنه؟

كفارة يمين، يُخرج منه كفارة يمين.

طالب: .....

أعظم من أن يُكفر؟

طالب: نعم.

لا لا، ذلك الغموس، الغموس، خاص بالغموس.

"وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكَ فِيمَنْ قَالَ".

مالك مصروف، نعم.

"عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ: أَنَا أَنْحَرُ وَلَدِي عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فِي يَمِينٍ ثُمَّ حَنِثَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ".

نعم؛ لأنه أراد أن يتقرب به للبيت فهذا فداؤه هدي للبيت، دلالة المكان.

قَالَ.

داخل فيما سبق.

"قَالَ: وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَلَا أَرَادَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَمَنْ جَعَلَ ابْنَهُ هَدْيًا أَهْدَى عَنْهُ، قَالَ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَلْزَمُهُ شَاةٌ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَة؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ ذَبْحَ الْوَلَدِ عِبَارَةً عَنْ ذَبْحِ الشَّاةِ شَرْعًا، فَأَلْزَمَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ ذَبْحَ الْوَلَدِ، وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ بِذَبْحِ شَاةٍ. وَكَذَلِكَ إِذَا نَذَرَ الْعَبْدُ ذَبْحَ وَلَدِهِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْبَحَ شَاةً".

لكنه بالنسبة لإبراهيم طاعة، تقرب الولد طاعة؛ لأنه مأمور به، وبالنسبة لغيره معصية؛ لأنه يحرم عليه أن يذبح ولده.

"لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} وَالْإِيمَانُ الْتِزَامٌ أَصْلِيٌّ، وَالنَّذْرُ الْتِزَامٌ فَرْعِيٌّ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُؤْمَرُ إِبْرَاهِيمُ بِذَبْحِ الْوَلَدِ وَهُوَ مَعْصِيَةٌ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْصِيَةِ لَا يَجُوزُ؟ 

قُلْنَا: هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ الْإِسْلَامُ، فَكَيْفَ بِمَنْ يُفْتِي فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}؟ وَالَّذِي يَجْلُو الْإِلْبَاسَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ :أَنَّ الْمَعَاصِيَ وَالطَّاعَاتِ لَيْسَتْ بِأَوْصَافٍ ذَاتِيَّةٍ لِلْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا الطَّاعَاتُ عِبَارَةٌ عَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ الْأَمْرُ مِنَ الْأَفْعَالِ، وَالْمَعْصِيَةُ عِبَارَةٌ عَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ النَّهْيُ مِنَ الْأَفْعَالِ".

يعني فالمدار على الأمر والنهي بغض النظر عن الأعيان، عن الأعيان المأمور بها والمنهي عنها، فالحمر الإنسية لما كانت حلال مباحة من الطيبات، فلما حُرِّمَت صارت رجسًا، فالأمر إذًا يدور مع الأمر والنهي الشرعيين بغض النظر عن الذوات، فالمأمور به طيب، والمنهي عنه خبيث، وإن اتحد الفعل، هذا بالنسبة لإبراهيم، وبالنسبة لغيره من الموبقات -نسأل الله السلامة والعافية-. ولا يعني هذا إلغاء التحسين والتقبيح، وإلغاء الحكم والعلل، الأحكام معلّلة في الجملة. قد لا يستطيع بعض أهل العلم أن يتبينوا العلة فيحكمون بأن هذا إنما هو من باب التعبد المحض، هذا لخفاء العلة على بعضهم، والخفاء والظهور أمور نسبية، قد يخفى على بعض، ويظهر لآخرين، والعكس، وإلا فالأصل أن الله -جل وعلا- حكيم، والحكيم لا يصدر عنه إلا ما هو مصلحة.

"فَلَمَّا تَعَلَّقَ الْأَمْرُ بِذَبْحِ الْوَلَدِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَارَ طَاعَةً وَابْتِلَاءً، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ} فِي الصَّبْرِ عَلَى ذَبْحِ الْوَلَدِ وَالنَّفْسِ، وَلَمَّا تَعَلَّقَ النَّهْيُ بِنَا فِي ذَبْحِ أَبْنَائِنَا صَارَ مَعْصِيَةً. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِيرُ نَذْرًا وَهُوَ مَعْصِيَةٌ.

قُلْنَا: إِنَّمَا يَكُونُ مَعْصِيَةً لَوْ كَانَ يَقْصِدُ ذَبْحَ الْوَلَدِ بِنَذْرِهِ وَلَا يَنْوِي الْفِدَاءَ؟ فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ وَقَصَدَ الْمَعْصِيَةَ وَلَمْ يَنْوِ الْفِدَاءَ؟ قُلْنَا: لَوْ قَصَدَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ فِي قَصْدِهِ وَلَا أَثَّرَ فِي نَذْرِهِ؛ لِأَنَّ نَذْرَ الْوَلَدِ صَارَ عِبَارَةً عَنْ ذَبْحِ الشَّاةِ شَرْعًا.

 الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ".

عند المالكية الأيمان والنذور مردها إلى النيات، مردها إلى النيات، ومن قصد شيئًا في يمينه أو نذره لزمه، والجمهور الأيمان والنذور مردها إلى الأعراف، مردها إلى الأعراف، وهنا يقول: قلنا: لو قصد ذلك لم يضره في قصده، ولا أثر في نذره. القصد له شأن عند الإمام مالك، ومن يقول بقوله، وعند جمهور أهل العلم لا نظر للقصد، وإنما النظر إلى العرف.

"الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ :قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} أَيْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ثَنَاءً جَمِيلًا فِي الْأُمَمِ بَعْدَهُ، فَمَا مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا تُصَلِّي عَلَيْهِ وَتُحِبُّهُ، وَقِيلَ: هُوَ دُعَاءُ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} وَقَالَ عِكْرِمَةُ :هُوَ السَّلَامُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ أَيْ: سَلَامًا مِنَّا. وَقِيلَ: سَلَامَةٌ لَهُ مِنَ الْآفَاتِ مِثْلَ: سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ حَسَبَمَا تَقَدَّمَ، {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} أَيْ مِنَ الَّذِينَ أَعْطَوُا الْعُبُودِيَّةَ حَقَّهَا حَتَّى اسْتَحَقُّوا الْإِضَافَةَ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى-.  السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى :{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : بُشِّرَ بِنُبُوَّتِهِ. وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْبِشَارَةَ كَانَتْ مَرَّتَيْنِ، فَعَلَى هَذَا الذَّبِيحُ هُوَ إِسْحَاقُ، بُشِّرَ بِنُبُوَّتِهِ جَزَاءً عَلَى صَبْرِهِ وَرِضَاهُ بِأَمْرِ رَبِّهِ وَاسْتِسْلَامِهِ لَهُ.

 {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} أَيْ ثَنَّيْنَا عَلَيْهِمَا النِّعْمَةَ، وَقِيلَ كَثَّرْنَا وَلَدَهُمَا، أَيْ: بَارَكْنَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى أَوْلَادِهِ، وَعَلَى إِسْحَاقَ حِينَ أَخْرَجَ أَنْبِيَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ صُلْبِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْكِنَايَةَ فِي "عَلَيْهِ" تَعُودُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ، وَأَنَّهُ هُوَ الذَّبِيحُ.

قَالَ الْمُفَضَّلُ :الصَّحِيحُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَصَّ قِصَّةَ الذَّبِيحِ، فَلَمَّا قَالَ فِي آخِرِ الْقِصَّةِ: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} ثُمَّ قَالَ: {سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} قَالَ: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى إِسْمَاعِيلَ" وَعَلَى إِسْحَاقَ "كَنَّى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. ثُمَّ قَالَ: "وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا" فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا ذُرِّيَّةُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، وَلَيْسَ تَخْتَلِفُ الرُّوَاةُ فِي أَنَّ إِسْمَاعِيلَ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ إِسْحَاقَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ."

هذا واضح في ترجيح كون الذبيح إسماعيل، والظاهر من النص، ويقرُب من أن يكون نصًّا، مع أن المؤلف المفسر على ما تقدم، وما سيأتي رجح أنه إسحاق.

"قُلْتُ: قَدْ ذَكَرْنَا أَوَّلًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِسْحَاقَ أَكْبَرُ مِنْ إِسْمَاعِيلَ، وَأَنَّ الْمُبَشَّرَ بِهِ هُوَ إِسْحَاقُ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ، فَإِذَا كَانَتِ الْبِشَارَةُ بِإِسْحَاقَ نَصًّا".

نعم بَشَّرَ به في هذه الآية {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ}، هذا نص في كونه مُبَشَّرًا به، ولا ينفي أن يُبَشَّر بغيره، هو جعل البِشارة في الموضعين مردُّها إلى شيء واحد وهو إسحاق، لكنه بُشِّرَ بإسماعيل أولاً، ثم بُشِّرَ بإسحاق ثانيًا.

"فَإِذَا كَانَتِ الْبِشَارَةُ بِإِسْحَاقَ نَصًّا فَالذَّبِيحُ لَا شَكَ هُوَ إِسْحَاقُ، وَبُشِّرَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَرَّتَيْنِ، الْأُولَى بِوِلَادَتِهِ، وَالثَّانِيَةُ بِنُبُوَّتِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ .وَلَا تَكُونُ النُّبُوَّةُ إِلَّا فِي حَالِ الْكِبَرِ، وَ"نَبِيًّا" نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، وَالْهَاءُ فِي عَلَيْهِ عَائِدَةٌ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَلَيْسَ لِإِسْمَاعِيلَ".

يعني اضطرهم ترجيح كون الذبيح إسحاق أن قصة الذبح وقعت في حال كبر من إسحاق، وأنه بعد ما وُلِدَ له يعقوب؛ لأنه بُشِّرَ به، وبُشِّر أنه يُولد له، ولا يمكن أن يؤمر بذبحه وقد بُشِّرَ بأنه يُولد له، فالتزموا باللازم، وقالوا: إنه بعد أن وُلِدَ له يعقوب أُمِرَ بذبحه.

"وَلَيْسَ لِإِسْمَاعِيلَ فِي الْآيَةِ ذِكْرٌ حَتَّى تَرْجِعَ الْكِنَايَةُ إِلَيْهِ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-» . ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمَ، نَذَرَ لِلَّهِ إِنْ سَهَّلَ عَلَيْهِ أَمْرَهَا لَيَذْبَحَنَّ أَحَدَ وَلَدِهِ لِلَّهِ، فَسَهَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهَا، فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَمَنَعَهُ أَخْوَالُهُ بَنُو مَخْزُومٍ، وَقَالُوا: افْدِ ابْنَكَ، فَفَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ وَهُوَ الذَّبِيحُ، وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ الذَّبِيحُ الثَّانِي فَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ سَنَدَهُ لَا يَثْبُتُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْأَعْلَامِ فِي مَعْرِفَةِ مَوْلِدِ الْمُصْطَفَى- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَلِأَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُ الْعَمَّ أَبًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ}".

يعني كونه أبًا، وكون العم، عم الرجل صنو أبيه لا يعني أنه أب من كل وجه. الأدلة القطعية تدل على أنه يختلف في أحكام كثيرة عن الأب، والأصل أن الأب هو الذي يُولد له، الذي وُلِدَ من صلبه هذا هو الأب، ويتناول الجد، كما دلت على ذلك النصوص إلا أن حقوق الجد أيضًا فيها ما يخالف حقوق الأب، فضلاً عن العم، نعم قد تتناول بعض النصوص العامة مثل هذا، وأن العم يشبه الأب من وجه دون وجه، لكن لا يعني أنه يُعطى جميع الأحكام باعتبار أن هذه الآية {وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ}[البقرة:133]، أنه يُعطى حق الأبوة من كل وجه، مثل: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ}[الأنعام:74]، جمهور المؤرخين على أن أبا إبراهيم اسمه تارح أو تارخ، بعضهم يقول بالمعجمة، وبعضهم يقول بالمهملة، يقول: هذا أبوه وآزر عمه، نقول: النص القطعي دل على أنه أبوه، وإن قال المؤرخون ما قالوا، حتى المؤرخون كلهم، وحتى ابن كثير في ترجمة يوسف -عليه السلام- قال: يوسف بن راحيل، ويوسف ابن من؟

طالب: ابن يعقوب.

ابن يعقوب، أمرٌ مقطوع به، يحلف عليه، جاءت به الأدلة الكثيرة القطعية، فلا يعني كون المؤرخين يتتابعون على شيء أنه هو الصواب؛ لأن معول كثير من المؤرخين، أولاً بعضهم يعول على بعض، وقد يكون مرد أولهم على ما عند أهل الكتابين، كثير منهم يتلقى هذه الأخبار عن أهل الكتاب لاسيما ما لم يرد فيه نص، فكيف إذا ورد النص القطعي من الكتاب والسنة، ثم نقول: يوسف بن راحيل، حتى الترجمة في البداية والنهاية لابن كثير وغيره من المؤرخين يقولون هذا، وإبراهيم بن تارح، والله -جل وعلا- يقول: {لِأَبِيهِ آزَرَ}، لا شك أن العم غير الأب؛ يعني له حق التقدير، والاحترام، وصنو الأب، لكنه يختلف اختلافًا كبيرًا عنه.

طالب: .....

من باب التقدير ما فيه إشكال، من باب التقدير ما فيه إشكال، وقد يكون مطلوبًا في بعض الأحيان، لكن مع ذلك لا يعني أنه يؤثر على الحقيقة الشرعية، يعني حقيقة عرفية وحقيقة لغوية لا تؤثر على الحقيقة الشرعية، يعني لو مثلاً شخص في بعض البلدان يسمون أبا الزوجة خالًا، عندنا في نجد، وفي بعض البلدان يقولون: عم، فهل يؤثر في المواريث هذا الاختلاف؟ لا يؤثر في المواريث أبدًا، لا يؤثر على الحقيقة الشرعية، ما تنتقل الحقيقة الشرعية بمجرد الاستعمال، نعم.

طالب: أيُقال: إن اسمه بالعربية آزر، وبالأعجمية تارح عند قومه؟

لا، هم يقولون: آزر عمه، عمه مثل ما هنا.

"وَقَالَ تَعَالَى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} وَهُمَا أَبُوهُ وَخَالَتُهُ. وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ الشَّاعِرِ الْفَرَزْدَقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَوْ صَحَّ إِسْنَادُهُ، فَكَيْفَ وَفِي الْفَرَزْدَقِ نَفْسِهِ مَقَالٌ".

وفي بعض الروايات قال: «أنا ابن الذبيحين» ماذا قال عندك؟

طالب: قال تقدم أنه حديث ضعيف، وفيه أخرجه الحاكم .... من قوله إسناده واهٍ. قال ابن كثير: حديث غريب جدًّا. قال السيوطي: غريب وفي إسناده علة.

أقصد أصل الحديث الأول.

طالب: .....

نعم.

طالب: .....

نعم؛ لأنه بصدد ترجيح ما لا يراه.

طالب: شيخ يروي الشارح عن أبي هريرة؟ الفرزدق؟

يروي نعم.

"السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} مُبِينٌ لَمَّا ذَكَرَ الْبَرَكَةَ فِي الذُّرِّيَّةِ وَالْكَثْرَةَ قَالَ: مِنْهُمْ مُحْسِنٌ وَمِنْهُمْ مُسِيءٌ، وَإِنَّ الْمُسِيءَ لَا تَنْفَعُهُ بُنُوَّةِ النُّبُوَّةِ، فَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَإِنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ إِسْحَاقَ، وَالْعَرَبُ وَإِنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ وَالْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} الْآيَةُ، أَيْ: أَبْنَاءُ رُسُلِ اللَّهِ، فَرَأَوْا لِأَنْفُسِهِمْ فَضْلًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ.

 قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} لَمَّا ذَكَرَ إِنْجَاءَ إِسْحَاقَ مِنَ الذَّبْحِ، وَمَا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، ذَكَرَ مَا مَنَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: {مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} قِيلَ: مِنَ الرِّقِّ الَّذِي لَحِقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ .وَقِيلَ: مِنَ الْغَرَقِ الَّذِي لَحِقَ فِرْعَوْنَ، {وَنَصَرْنَاهُمْ} قَالَ الْفَرَّاءُ : الضَّمِيرُ لِمُوسَى وَهَارُونَ وَحْدَهُمَا، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمْعٌ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ: {وَآتَيْنَاهُمَا} {وَهَدَيْنَاهُمَا}. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ لِمُوسَى وَهَارُونَ وَقَوْمِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ {وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا}، وَالْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ التَّوْرَاةُ، يُقَالُ: اسْتَبَانَ كَذَا أَيْ: صَارَ بَيِّنًا، وَاسْتَبَانَهُ فُلَانٌ".

نعم الذي يرجح أن الضمير للجميع أن النصر للجميع، أن النصر للجميع، والنجاة أيضًا للجميع {وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا}، {وَنَصَرْنَاهُمْ} هما موسى وهارون والقوم، نصرناهم. {وَآتَيْنَاهُمَا} الإتيان خاص بهما، الكتاب المستبين خاص بإنزال الكتب على الأنبياء.

"وَاسْتَبَانَهُ فُلَانٌ مِثْلَ تَبَيَّنَ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ وَتَبَيَّنَهُ فُلَانٌ. وَالصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ :الدِّينَ الْقَوِيمَ الَّذِي لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ} يُرِيدُ الثَّنَاءَ الْجَمِيلَ، {سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} تَقَدَّمَ" . 

طالب: ..... لما بلغ معه السعي ...  

الوضوح واضح، والظاهر كون الظاهر أنه إسماعيل هذا ما فيه إشكال، لكن تعجب من كون الطبري يرجح أنه إسحاق، والقرطبي يرجِّح أنه إسحاق، بناءً على هذا الفهم، وأن البشارة واضحة جاءت البشارة قبل الأمر بالذبح، ثم جاءت البشارة بعده، وقالوا المبشر به واحد؛ هذا هو الذي أشكل عليهم، جعلهم يجلبون على القول بأنه إسحاق، وإلا فمعروف أنه قول بأنه هو إسحاق عند عامة أهل العلم أنه إنما هو قول متلقى عن أهل الكتاب، وأنهم حسدوا العرب أن يكون أبوهم هو الذبيح، نعم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِلْيَاسُ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:  إِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ وَإِلْيَاسُ هُوَ إِدْرِيسُ. وَقَرَأَ: "وَإِنَّ إِدْرِيسَ" وَقَالَهُ عِكْرِمَةُ .وَقَالَ: هُوَ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ: "وَإِنَّ إِدْرِيسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ" وَانْفَرَدَ بِهَذَا الْقَوْلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :هُوَ عَمُّ الْيَسَعَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: كَانَ الْقَيِّمُ بِأَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ يُوشَعَ كَالِبَ بْنَ يُوقِنَا ثُمَّ حِزْقِيلَ، ثُمَّ لَمَّا قَبَضَ اللَّهُ حِزْقِيلَ النَّبِيَّ عَظُمَتِ الْأَحْدَاثُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَنَسُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَبَدُوا الْأَوْثَانَ مِنْ دُونِهِ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ إِلْيَاسَ نَبِيًّا وَتَبِعَهُ الْيَسَعَ وَآمَنَ بِهِ، فَلَمَّا عَتَا عَلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ دَعَا رَبَّهُ أَنْ يُرِيحَهُ مِنْهُمْ فَقِيلَ لَهُ: اخْرُجْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَمَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ شَيْءٍ فَارْكَبْهُ وَلَا تَهَبْهُ. فَخَرَجَ وَمَعَهُ الْيَسَعَ فَقَالَ: يَا إِلْيَاسُ مَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَذَفَ إِلَيْهِ بِكِسَائِهِ مِنَ الْجَوِّ الْأَعْلَى، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَامَةَ اسْتِخْلَافِهِ إِيَّاهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ. وَقَطَعَ اللَّهُ عَلَى إِلْيَاسَ لَذَّةَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَكَسَاهُ الرِّيشَ وَأَلْبَسَهُ النُّورَ، فَطَارَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ، فَكَانَ إِنْسِيًّا مَلَكِيًّا سَمَاوِيًّا أَرْضِيًّا".

هذا من الإسرائيليات، هذا من أخبار بني إسرائيل.

"قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ :وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِإِلْيَاسَ: "سَلْنِي أُعْطِكَ". قَالَ: تَرْفَعُنِي إِلَيْكَ، وَتُؤَخِّرُ عَنِّي مَذَاقَةَ الْمَوْتِ. فَصَارَ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ قَدْ مَرِضَ وَأَحَسَّ الْمَوْتَ فَبَكَى، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: لِمَ تَبْكِي؟ حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا، أَوْ جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، أَوْ خَوْفًا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: لَا، وَلَا شَيْءَ مِنْ هَذَا وَعِزَّتِكَ، إِنَّمَا جَزَعِي كَيْفَ يَحْمَدُكَ الْحَامِدُونَ بَعْدِي وَلَا أَحْمَدُكَ! وَيَذْكُرُكَ الذَّاكِرُونَ بَعْدِي وَلَا أَذْكُرُكَ! وَيَصُومُ الصَّائِمُونَ بَعْدِي وَلَا أَصُومُ! وَيُصَلِّي الْمُصَلُّونَ وَلَا أُصَلِّي!! فَقِيلَ لَهُ: "يَا إِلْيَاسُ وَعِزَّتِي لَأُؤَخِّرَنَّكَ إِلَى وَقْتٍ لَا يَذْكُرُنِي فِيهِ ذَاكِرٌ". يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ :إِنَّ إِلْيَاسَ وَالْخَضِرَ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- يَصُومَانِ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي كُلِّ عَامٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ يُوَافِيَانِ الْمَوْسِمَ فِي كُلِّ عَامٍ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، إِنَّهُمَا يَقُولَانِ عِنْدَ افْتِرَاقِهِمَا عَنِ الْمَوْسِمِ: مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا يَسُوقُ الْخَيْرَ إِلَّا اللَّهُ، مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا يَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا اللَّهُ، مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، مَا يَكُونُ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَقَدْ مَضَى فِي الْكَهْفِ".

يعني القول ببقاء الخضر وبقاء إلياس، هذا يقول به من يقول به ممن انتسب إلى العلم، وأكثر ما يعتمدون عليه من الرؤى والتلبس، كثير منهم يقول: رأيت الخضر رأيته بعرفة رأيته بكذا، والتلبس لا يُستنكر، وهذا معول من يقول ببقائه، ومثله إلياس، لكن المحقق والمرجح عند أهل العلم أنهما ماتا، وأن حديث الحديث الصحيح: «مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ الْيَوْمَ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ عام» يدل على أنهما قد ماتا كغيرهما، ومن الأدلة على عدم وجودهما في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- فضلاً عما بعده أنهما لو كانا حيين لما وسعهما إلا اتباع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وانطويا تحت لوائه، وجاهدا معه، واتبعاه. في هذا يقول النبي - عليه الصلاة والسلام-: «لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي». وجعل أهل العلم من النواقض نواقض الإيمان نواقض الإسلام أن يزعم الإنسان أنه يسعه الخروج عن ملة محمد -عليه الصلاة والسلام- كما وسع الخضر الخروج عن ملة موسى -عليهما السلام_.

"وَذُكِرَ مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا كُنَّا بِفَجِّ النَّاقَةِ عِنْدَ الْحِجْرِ، إِذَا نَحْنُ بِصَوْتٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الْمَرْحُومَةِ، الْمَغْفُورِ لَهَا، الْمَتُوبِ عَلَيْهَا، الْمُسْتَجَابِ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا أَنَسُ، انْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ. فَدَخَلْتُ الْجَبَلَ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، طُولُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، فَلَمَّا نَظَرَ»".

طول آدم ستون ذراعًا، خلق الله آدم وطوله ستون ذراعًا، وما زال الخلق ينقص، ما زال الخلق ينقص بعده إلى أن وصل الأمر إلى ما دون أربعة أذرع.

"فَلَمَّا نَظَرَ".

وهنا يقول طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع.

"فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ".

يعني في الفتوح، في فتوح بلاد فارس ذُكِرَ عن الصحابة أنهم وجدوا شخصًا ميتًا على سرير، وأنفه قالوا: شبر، أو قالوا: ذراع، استدلوا به على أنه قديم من القرون الخالية، لما كان الطول ستين ذراعًا أو قريبًا منه لا يبعد أن يكون الأنف ذراعًا، أما هذا فثلاثمائة ذراع ما صار ولا يصير، استدلوا على بطلان خبر عوج بن عنق قالوا: إنه طوله ثلاثة آلاف ذراع، طوله ثلاثة آلاف ذراع، وأنه يأخذ السمكة من جوف البحر، ويرفعها إلى الشمس فيشويها بالشمس، يعني قريبًا منها، طيب لماذا لا يشوي هو برأسه، أو ما قرب منه؟ كل هذه من الأخبار التي يستروح إليها بعض القُصَّاص، ويروجونها ليستمع الناس لهم؛ لأن هذه الغرائب القلوب مغرمة بسماعها، نعم.

"«فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ النَّبِيِّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: هَذَا أَخُوكَ إِلْيَاسُ يُرِيدُ لِقَاءَكَ. فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا قَرِيبًا مِنْهُ، تَقَدَّمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَأَخَّرْتُ، فَتَحَدَّثَا طَوِيلًا، فَنَزَلَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ مِنَ السَّمَاءِ شِبْهُ السُّفْرَةِ فَدَعَوَانِي فَأَكَلْتُ مَعَهُمَا، فَإِذَا فِيهَا كَمْأَةٌ وَرُمَّانٌ وَكَرَفْسٌ، فَلَمَّا أَكَلْتُ قُمْتُ فَتَنَحَّيْتُ، وَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَاحْتَمَلَتْهُ، فَإِذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ثِيَابِهِ فِيهَا تَهْوِي بِهِ، فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي أَكَلْنَا أَمِنَ السَّمَاءِ نَزَلَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَأْتِينِي بِهِ جِبْرِيلُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَكْلَةٌ، وَفِي كُلِّ حَوْلٍ شَرْبَةٌ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ عَلَى الْجُبِّ يَمْلَأُ بِالدَّلْوِ فَيَشْرَبُ، وَرُبَّمَا سَقَانِي»".

ماذا قال عندك؟

طالب: السلام عليكم، قال: باطل لا أصل له، وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات من حيث ما تقول عن أنس، وقال: موضوعًا لا أصل له، ويزيد الموصلي وأبي إسحاق الجرشيّ لا يُعرفان، انتهى كلامه. وهو مدلول بقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} الآية. الله أخذ العهد على إلياس -عليه السلام- غيره من الأنبياء ندوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينصره، ويُقاتل معه، وكل ذلك +((1:07:05)) الحديث أخرجه الحاكم، وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجه.

نعم، وهذا مما اشتمل عليه المستدرك من الموضوعات، فيه أحاديث موضوعة، لكنها قليلة، وأما الضعيف فكثير.

"قَالَ ثَعْلَبٌ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ- هَاهُنَا "بَعْلًا" فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْبَعْلُ هَاهُنَا الصَّنَمُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْبَعْلُ هَاهُنَا مَلَكٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: امْرَأَةٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا. وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ. وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَتَدْعُونَ بَعْلًا قَالَ: صَنَمًا. وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَتَدْعُونَ بَعْلًا قَالَ: رَبًّا. النَّحَّاسُ: وَالْقَوْلَانِ صَحِيحَانِ، أَيْ: أَتَدْعُونَ صَنَمًا عَمِلْتُمُوهُ رَبًّا. يُقَالُ: هَذَا بَعْلُ الدَّارِ أَيْ: رَبُّهَا. فَالْمَعْنَى: أَتَدْعُونَ رَبًّا اخْتَلَقْتُمُوهُ، وَ "أَتَدْعُونَ" بِمَعْنَى أَتُسَمُّونَ. حَكَى ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: الْبَعْلُ الرَّبُّ بِلُغَةِ الْيَمَنِ. وَسَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يَسُومُ نَاقَةً بِمِنًى فَقَالَ: مَنْ بَعْلُ هَذِهِ؟ أَيْ: مَنْ رَبُّهَا، وَمِنْهُ سُمِّيَ الزَّوْجُ بَعْلًا. قَالَ أَبُو دُؤَادٍ :

وَرَأَيْتُ بَعْلَكِ فِي الْوَغَى
 

مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا
  

قَالَ مُقَاتِلٌ: صَنَمٌ كَسَّرَهُ إِلْيَاسُ وَهَرَبَ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: كَانَ مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَ طُولُهُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، فُتِنُوا بِهِ وَعَظَّمُوهُ حَتَّى أَخْدَمُوهُ أَرْبَعَمِائَةِ سَادِنٍ وَجَعَلُوهُمْ أَنْبِيَاءَهُ، فَكَانَ الشَّيْطَانُ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ بَعْلٍ وَيَتَكَلَّمُ بِشَرِيعَةِ الضَّلَالَةِ، وَالسَّدَنَةُ يَحْفَظُونَهَا وَيُعَلِّمُونَهَا النَّاسَ، وَهُمْ أَهْلُ بَعْلَبَكَّ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ. وَبِهِ سُمِّيَتْ مَدِينَتُهُمْ بَعْلَبَكَّ كَمَا ذَكَرْنَا.

 {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} أَيْ أَحْسَنُ مَنْ يُقَالُ لَهُ خَالِقٌ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَحْسَنُ الصَّانِعِينَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَصْنَعُونَ وَلَا يَخْلُقُونَ. {اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} بِالنَّصْبِ فِي الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ قَرَأَ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ".

خُثَيْمْ، خُثَيْمْ.

"قَرَأَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمْ وَالْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ. وَإِلَيْهَا يَذْهَبُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ .وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهَا عَلَى النَّعْتِ. قال النَّحَّاسُ: وَهُوَ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْبَدَلِ، وَلَا يَجُوزُ النَّعْتُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَخْلِيَةٍ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو".

ما معنى ليس بتخلية؟ أولاً النعت والبدل كلاهما من التوابع:

يتبعُ في الإعرابِ الأسماء الأُول

نعتٌ وتوكيدٌ وعطفٌ وبدل

كلها توابع، لكن كونه بدلًا أو بيانًا وليس بنعت، قالوا: ليس بتخلية. هناك تخلية، وهناك تحلية، ما معنى تخلية؟

طالب: .....

نعم؟ كيف؟

طالب: .....

لا لا، ماذا؟

طالب: .....  

ليس بتخلية، التحلية الزيادة في الوصف، والتحلية رفع الجهالة عن الموصوف؛ لأن الجهالة عيب، والتخلية إزالة لهذا العيب عن الموصوف، يعني كما يُقال: التخلية قبل التحلية، عندك جدار فيه أوساخ كثيرة، هل تأتي بالصبغ وتصبغ به الجدار، أو تزيل هذه الأوساخ، ثم تصبغه؟ نعم، قالوا هذه ليس بتخلية؛ لأن الله لا يحتاج إلى تخلية، وعلى كل حال هو تابع {اللَّهَ رَبَّكُمْ} إعرابه إعرابه.

"وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ بِالرَّفْعِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: بِمَعْنَى هُوَ اللَّهُ رَبُّكُمْ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَأَوْلَى مِمَّا قَالَ أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ بِغَيْرِ إِضْمَارٍ وَلَا حَذْفٍ. وَرَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الرَّفْعَ أَوْلَى وَأَحْسَنُ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ رَأْسَ آيَةٍ، فَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَنْ نَصَبَ أَوْ رَفَعَ لَمْ يَقِفْ عَلَى أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ عَلَى جِهَةِ التَّمَامِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- مُتَرْجَمٌ عَنْ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكَذَّبُوهُ} أَخْبَرَ عَنْ قَوْمِ إِلْيَاسَ أَنَّهُمْ كَذَّبُوهُ، {فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} أَيْ فِي الْعَذَابِ. {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} أَيْ مِنْ قَوْمِهِ فَإِنَّهُمْ نَجَوْا مِنَ الْعَذَابِ. وَقُرِئَ {الْمُخْلَصِينَ} بِكَسْرِ اللَّامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} تَقَدَّمَ، {سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} قِرَاءَةُ الْأَعْرَجِ وَشَيْبَةَ وَنَافِعٍ . وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: {سَلَامٌ عَلَى آلْ يَاسِينَ}. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: سَلَامٌ".

أليس بالعكس عندك؟ {سَلَامٌ عَلَى آلْ يَاسِينَ} قراءة الأعرج وشيبة ونافع؟

طالب: .....

{سَلَامٌ عَلَى آلْ يَاسِينَ} قراءة الأعرج وشيبة ونافع هذه؛ لأن المؤلف قراءته قراءة نافع فقدَّمها لأنها قراءته، وفي التفسير يُفسر على قراءته التي مشى عليها {سَلَامٌ عَلَى آلْ يَاسِينَ} هذه قراءة الأعرج وشيبة ونافع، وقرأ عكرمة وأبو حمزة إلى آخره: {سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ}.

"وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ}".

نعم، والأولى {أَلْ يَاسِينَ}.

"وَقَرَأَ الْحَسَنُ {سَلَامٌ عَلَى}".

{عَلَى الْيَاسِينَ} {عَلَى الْيَاسِينَ}.

"{سَلَامٌ عَلَى الْيَاسِينَ} بِوَصْلِ الْأَلْفِ كَأَنَّهَا يَاسِينُ دَخَلَتْ عَلَيْهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ الَّتِي لِلتَّعْرِيفِ. وَالْمُرَادُ إِلْيَاسُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَعَلَيْهِ وَقَعَ التَّسْلِيمُ، وَلَكِنَّهُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ. وَالْعَرَبُ تَضْطَرِبُ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْأَعْجَمِيَّةِ، وَيَكْثُرُ تَغْيِيرُهُمْ لَهَا. قَالَ ابْنُ جِنِّي :الْعَرَبُ تَتَلَاعَبُ بِالْأَسْمَاءِ الْأَعْجَمِيَّةِ تَلَاعُبًا، فَيَاسِينَ وَإِلْيَاسُ وَالْيَاسِينَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. قال الزَّمَخْشَرِيُّ:  وَكَانَ حَمْزَةُ إِذَا وَصَلَ نَصَبَ، وَإِذَا وَقَفَ رَفَعَ. وَقُرِئَ: "عَلَى إِلْيَاسِينَ" وَ"إِدْرِيسِينَ وَإِدْرَسِينَ وَإِدْرَاسِينَ" عَلَى أَنَّهَا لُغَاتٌ فِي إِلْيَاسَ وَإِدْرِيسَ. وَلَعَلَّ لِزِيَادَةِ الْيَاءِ وَالنُّونِ فِي السُّرْيَانِيَّةِ مَعْنًى. قال النَّحَّاسُ: وَمَنْ قَرَأَ: {سَلَامٌ عَلَى آلْ يَاسِينَ} فَكَأَنَّهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- جَعَلَ اسْمَهُ إِلْيَاسَ وَيَاسِينَ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى آلِهِ، أَيْ: أَهْلِ دِينِهِ وَمَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ".

فيكون إلياس هو ياسين، إلياس هو ياسين، فإذا قيل: إلياسين زيدت الياء والنون، وإذا قيل إل ياسين أصله ياسين، ثم زيد عليه الألف واللام.

"وَعُلِمَ أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ عَلَى آلِهِ مِنْ أَجْلِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي السَّلَامِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى»، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}".

نعم ودخوله، ودخوله في آله دخولاً أوليًا.

"وَمَنْ قَرَأَ "إِلْيَاسِينَ" فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ غَيْرُ قَوْلٍ. فَرَوَى هَارُونُ عَنِ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: إِلْيَاسِينَ مِثْلُ إِبْرَاهِيمَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ اسْمٌ لَهُ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ جَمْعٌ، جَمَعَ التَّسْلِيمَ عَلَى أَنَّهُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ سُلِّمَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْشَدَ:

قِدْنِي

قَدْنِيَ قَدْنِيَ.

"قَدْنِيَ مِنْ نَصْرِ الْخُبَيْبَينَ  ".

هي جمع، والمحفوظ الْخُبَيْبَينَ  : عبد الله بن الزبير وأخوه مصعب، هذا الأصل التثنية، هذا المحفوظ في شواهد العربية، لكنه جاء به على أنه جمع: الْخُبَيْبِينَ.

"قِدْنِي مِنْ نَصْرِ الْخُبَيْبِينَ"

قَدْنِي قَدْنِي.

"قَدْنِي مِنْ نَصْرِ الْخُبَيْبِينَ""
 

قَدِي.

قَدِي

يعني يكفيني منها.

"يُقَالُ: قَدْنِي وَقَدِي لُغَتَانِ بِمَعْنَى حَسْبَ. وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَبَا خُبَيْبٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَجَمَعَهُ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ دَاخِلٌ مَعَهُ. وَغَيْرُ أَبِي عُبَيْدَةَ يَرْوِيهِ: الْخُبَيْبَيْنِ عَلَى التَّثْنِيَةِ، يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ وَمُصْعَبًا. وَرَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَشْرَحُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا، قَالَ: فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي قَوْمَ الرَّجُلِ بِاسْمِ الرَّجُلِ الْجَلِيلِ مِنْهُمْ، فَيَقُولُونَ: الْمَهَالِبَةُ عَلَى أَنَّهُمْ سَمَّوْا كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِالْمُهَلَّبِ. قَالَ: فَعَلَى هَذَا "سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ" سُمِّيَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِإِلْيَاسَ. وَقَدْ ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ شَيْئًا مِنْ هَذَا، إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُ هَذَا عَلَى جِهَةِ النِّسْبَةِ، فَيَقُولُونَ: الْأَشْعَرُونَ يُرِيدُونَ بِهِ النَّسَبَ .الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ قَرَأَ "إِلْيَاسِينَ" فَهُوَ جَمْعٌ يَدْخُلُ فِيهِ إِلْيَاسُ فَهُوَ جَمْعُ إِلْيَاسِيٍّ، فَحُذِفَتْ يَاءُ النِّسْبَةِ، كَمَا حُذِفَتْ يَاءُ النِّسْبَةِ فِي جَمْعِ الْمُكَسَّرِ فِي نَحْوِ الْمَهَالِبَةِ فِي جَمْعِ مُهَلَّبِيٍّ، كَذَلِكَ حُذِفَتْ فِي الْمُسَلَّمِ فَقِيلَ الْمُهَلَّبُونَ. وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ: الْأَشْعَرُونَ وَالنُّمَيْرُونَ يُرِيدُونَ الْأَشْعَرِيِّينَ وَالنُّمَيْرِيِّينَ. قال السُّهَيْلِيُّ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ، بَلْ هِيَ لُغَةٌ فِي إِلْيَاسَ، وَلَوْ أَرَادَ مَا قَالُوهُ لَأَدْخَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ كَمَا تَدْخُلُ فِي الْمُهَالَبَةِ".

الْمَهَالِبَةِ.

"فِي الْمَهَالِبَةِ وَالْأَشْعَرِيِّينَ، فَكَانَ يَقُولُ: "سَلَامٌ عَلَى الْإِلْيَاسِينَ" لِأَنَّ الْعَلَمَ إِذَا جَمَعَ يُنَكَّرُ".

جُمِعَ.

"لِأَنَّ الْعَلَمَ إِذَا جُمِعَ يُنَكَّرُ حَتَّى يُعَرَّفَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، لَا تَقُولُ: سَلَامٌ عَلَى زَيْدِينَ، بَلْ عَلَى الزَّيْدِينَ بِالْأَلِفِ وَاللَّا .فَإِلْيَاسُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَاحْتَجَّ أَبُو عُبَيْدٍ فِي قِرَاءَتِهِ "سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ" وَأَنَّهُ اسْمُهُ كَمَا أَنَّ اسْمَهُ إِلْيَاسُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي السُّورَةِ سَلَامٌ عَلَى "آلِ" لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ-، فَكَمَا سُمِّيَ الْأَنْبِيَاءُ كَذَا سُمِّيَ هُوَ. وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ أَصْلُهُ لِأَبِي عَمْرٍو وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّا بَيَّنَّا قَوْلَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ عَلَى آلِهِ مِنْ أَجْلِهِ".

سُلِّم.

"لأَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ عَلَى آلِهِ مِنْ أَجْلِهِ فَهُوَ سَلَامٌ عَلَيْهِ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ اسْمَهُ "إِلْيَاسِينَ" يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَرِوَايَةٍ، فَقَدْ وَقَعَ فِي الْأَمْرِ إِشْكَالٌ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَرَأَ الْحَسَنُ "سَلَامٌ عَلَى يَاسِينَ" بِإِسْقَاطِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ آلُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ آلُ يَاسِينَ، فَعَلَى هَذَا فِي دُخُولِ الزِّيَادَةِ فِي يَاسِينَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا زِيدَتْ؛ لِتَسَاوِي الْآيِ، كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ: طُورِ سَيْنَاءَ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ".

يعني تساوي الآية موافقة رؤوس الآية السابقة واللاحقة.

"وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ {طُورِ سِينِينَ} فَعَلَى هَذَا يَكُونُ السَّلَامُ عَلَى أَهْلِهِ دُونَهُ، وَتَكُونُ الْإِضَافَةُ إِلَيْهِ تَشْرِيفًا لَهُ.

الثَّانِي: أَنَّهَا دَخَلَتْ لِلْجَمْعِ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي جُمْلَتِهِمْ، فَيَكُونُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ: آلُ يَاسِينَ آلُ مُحَمَّدٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَنَزَعَ إِلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي تَفْسِيرِ {يس} يَا مُحَمَّدُ .وَهَذَا الْقَوْلُ يَبْطُلُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ سِيَاقَةَ الْكَلَامِ فِي قِصَّةِ إِلْيَاسِينَ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ كَمَا هِيَ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَنُوحٍ وَمُوسَى وَهَارُونَ، وَأَنَّ التَّسْلِيمَ رَاجِعٌ عَلَيْهِمْ، وَلَا مَعْنَى لِلْخُرُوجِ عَنْ مَقْصُودِ الْكَلَامِ لِقَوْلٍ قِيلَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ الْأُخْرَى، مَعَ ضَعْفِ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَيْضًا، فَإِنَّ {يس} وَ{حم} وَ{الم} وَنَحْوَ ذَلِكَ الْقَوْلُ فِيهَا وَاحِدٌ، إِنَّمَا هِيَ حُرُوفٌ مُقَطَّعَةٌ، إِمَّا مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِمَّا مِنْ صِفَاتِ الْقُرْآنِ، وَإِمَّا كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ :لِلَّهِ فِي كُلِّ كِتَابٍ سِرٌّ، وَسِرُّهُ فِي الْقُرْآنِ فَوَاتِحُ الْقُرْآنِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ» وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا "يس". وَأَيْضًا فَإِنَّ "يس" جَاءَتِ التِّلَاوَةُ فِيهَا بِالسُّكُونِ وَالْوَقْفِ، وَلَوْ كَانَ اسْمًا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقَالَ: "يَاسِينُ" بِالضَّمِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ وَإِذَا بَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَ "إِلْيَاسِينَ" هُوَ إِلْيَاسُ الْمَذْكُورُ، وَعَلَيْهِ وَقَعَ التَّسْلِيمُ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: هُوَ مِثْلُ إِدْرِيسَ وَإِدْرَاسِينَ، كَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ. "وَإِنَّ إِدْرِيسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ" ثُمَّ قَالَ: "سَلَامٌ عَلَى إِدْرَاسِينَ {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} تَقَدَّمَ" . 

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.