شرح مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (34)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب صلاة الجمعة:

وإذا لم يكن في القرية أربعون رجلاً عقلاء لم تجب عليهم الجمعة، وإن صلوا أعادوها ظهراً" يعني إن لم يكن في القرية أربعون رجلاً يخرج النساء، وعقلاء يخرج المجانين، وكذلك الصبيان غير المميزين، ومن شرط لزوم الجمعة كما يقول أهل العلم الحرية، فلا تجب الجمعة إلا على ذكر حر مكلف، إذا لم يكون العدد أربعون، وجاء فيه حديث ضعيف، واعتمده الحنابلة في نصاب الجمعة بحيث لو نقصوا واحداً لم تنعقد الجمعة، ولا تلزم، وإذا صلوا لم تصح، ومنهم من يقول: خمسون، ومنهم من يقول: ثلاثون، ومنهم من يقول: اثنا عشر، ومنهم من يقول: أربعة، ومنهم من يقول: ثلاثة، ومنهم من يقول: اثنان، ومنهم من يقول: تلزم الجمعة ولو واحدا، في أقوال كثيرة لأهل العلم، وليس على شيء منها أثارة من علم ملزمة، فالمسلم بل المجموع مأمورون بالسعي لصلاة الجمعة {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [(9) سورة الجمعة] ومقتضى الآية "اسعوا" جمع، اسعوا إلى ذكر الله، فيكون الخطيب الذي يذكر الله غير داخل في العدة، فمن يقول: إن أقل الجمع اثنان يقول: تلزم الجمعة ثلاثة إمام خطيب، واثنان يؤمران بالسعي إليه، ومن يقول: إن أقل الجمع ثلاثة يقول: تلزم الجمعة أربعة، إمام يسعى إليه وثلاثة يسعون إليه، وابن حزم ذكر وجوب الجمعة على الواحد؛ لأن ما يلزم الجماعة يلزم الواحد كالصلاة، الصلوات الخمس تلزم الجماعة والجماعة واجبة لها، ومع ذلك إذا لم يوجد إلا واحد صلى الفريضة، نعم؟

طالب:.......

{إِذَا نُودِي} [(9) سورة الجمعة] نعم إذا نودي، نزيد واحدا وهو المنادي، الذين قالوا -وهو رأي شيخ الإسلام- أن الثلاثة تلزمهم جمعة، إمام واثنان، هؤلاء اعتبروا كيف يُخرِّجون الآية على اعتبار أن هناك من يذكر الله يجب أن يسعى إليه، وهناك منادي ينادي لهذا الذي يذكر الله، وجماعة مأمورون بالسعي.

طالب: يمكن أن يكون الإمام هو المنادي نفسه.

نعم احتمال أن يكون الإمام هو المنادي، ولذلك لم يفردوه، وما في أحد تعرض للمنادي.

الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه ترجم بقوله: باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقي جائزة، ثم ذكر بإسناده حديث جابر بن عبد الله قال: بينما نحن نصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أقبلت عير تحمل طعاماً فالتفوا إليها، حتى ما بقي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا اثنا عشر رجلاً، فنزلت هذه الآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [(11) سورة الجمعة].

هذا حجة من يقول: إن الجمعة تلزم الاثني عشر، وحددوا العدد، حددوا النصاب اثني عشر، قالوا: إنه ما بقي إلا اثنا عشر، فصحت بهم الخطبة، والخطبة جزء من الصلاة لا تصح إلا بمن تصح بهم الصلاة.

على كل حال هذا مجرد خبر ورد هكذا ليس بملزم، وليس فيها ما ينفي ما زاد أو نقص.

يقول الحافظ ابن حجر: قوله: باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة... إلى آخره: ظاهر الترجمة أن استمرار الجماعة الذين تنعقد بهم الجمعة إلى تمامها ليس بشرط في صحتها، بل الشرط أن تبقى منهم بقية ما، ولم يتعرض البخاري لعدد من تقوم بهم الجمعة؛ لأنه لم يثبت منه شيء على شرطه، وجملة ما للعلماء فيه خمسة عشر قولاً:

أحدها: تصح من الواحد، نقله ابن حزم.

الثاني: اثنان كالجماعة، وهو قول النخعي وأهل الظاهر والحسن بن حي.

الثالث: اثنان مع الإمام عند أبي يوسف ومحمد، وهذا هو الذي يرجحه شيخ الإسلام.

والرابع: ثلاثة معه عند أبي حنيفة.

والخامس: سبعة عند عكرمة.

والسادس: تسعة عند ربيعة.

والسابع: اثنا عشر عنه في رواية، يعني عن ربيعة في رواية.

الثامن: مثله غير الإمام عند إسحاق.

التاسع: عشرون في رواية ابن حبيب عن مالك.

العاشر: ثلاثون.

الحادي عشر: أربعون بالإمام عند الشافعي، يعني وأحمد.

الثاني عشر: غير الإمام، وبه قال عمر بن عبد العزيز وطائفة.

الثالث عشر: خمسون عند أحمد في رواية، وحكي عن عمر بن عبد العزيز.

الرابع عشر: ثمانون حكاه المازري.

الخامس عشر: جمع كثير بغير قيد.

ولعل هذا الأخير أرجحها من حيث الدليل، ويمكن أن يزاد العدد –يعني عدد الأقوال- المذكورة خمسة عشر يمكن أن تصل إلى عشرين، ويمكن أن يزداد العدد باعتبار زيادة شرط كالذكورة والحرية والبلوغ والإقامة والاستيطان، فيكمل بذلك عشرون قولاً.

نعم؟

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

الأخير؟

طالب:.......

ولعل الأخير أرجحهما من حيث الدليل هذا ابن حجر.

طالب:.......

الخامس عشر: جمع كثير بغير قيد، ولعل هذا الأخير أرجحها من حيث الدليل.

في كتب المذاهب مسائل وتفريعات وتفصيلات نشأت عن اشتراط عدد معين، يعني لو أراد شخص من الأربعين الحاضرين أن يخرج إذا انتهت الخطبة ، ماذا يصلي الناس؟ يصلون ظهرا، وإذا أراد أن يكبر دخل فإذا كبر خرج، صارت الصلاة ملعبة، يعني هل مثل هذا يتصور أن يرد به شرع؟ يعني لو أن إنسان قبل أن تكمل الركعة الأولى حصل له عذر وخرج تبطل صلاتهم ؟

طالب:.......

على اشتراط الأربعين تبطل صلاتهم، ولم يرد به حديث صحيح تقوم به الحجة، فلايوجد عدد ملزم بدليل صحيح صريح، يبقى الفهم من الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] ويبقى الخلاف في أقل الجمع، فاسعوا (الذين آمنوا) كم؟ نعم قد لا يتصور الإنسان أن جماعة يصلون جمعة كلهم في روضة المسجد، أنه ما أخذ على هذا، لكن إلزام الناس بغير لازم، وتعريض صلاتهم للبطلان لأمر لم يقم عليه دليل، هذا يحتاج إلى دليل، خمسين، ثمانين قال بعضهم، طيب حتى على القول الأخير الذي رجحه ابن حجر "جمع كثير بغير قيد" طيب ماضابط الكثرة؟ ما لها ضابط، يعني جمع الكثرة عند أهل العلم، كم ضابطه؟ يعني ما زاد على العشرة؟ وجمع القلة ما نقص عن العدد هذا؟ فعلى كل حال ليس هناك ما يضبط، وهذه الصلاة من أكثر الصلوات دورانا، الصلوات الخاصة غير الصلوات الخمس، وعمت بها البلوى، ولو احتيج لمثل هذه الأمور لبينت بياناً كافياً شافياً.

"التفتوا إليها" عندك في خبر "فالتفوا إليها حتى ما بقي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا اثنا عشر رجلاً" هل يضر الالتفات في الخطبة؟

طالب: يراد بالالتفات هنا الانصراف أحسن الله إليك.

الانصراف، جاء في رواية ابن فضيل في البيوع: "فانفض الناس" وهو موافق للفظ القرآن، ودال على أن المراد بالالتفات الانصراف، وفيه رد على من حمل الالتفات على ظاهره، فقال: لا يفهم من هذا الانصراف عن الصلاة وقطعها، وإنما يفهم منه التفاتهم بوجوههم أو بقلوبهم، وأما هيئة الصلاة المجزئة فباقية.

هنا قال: وقد تقدم أن ظاهر ترجمة البخاري تقتضي أن لا يتقيد الجمع الذي يبقى مع الإمام بعدد معين، وتقدم ترجيح كون الانفضاض وقع في الخطبة لا في الصلاة، وهو اللائق بالصحابة تحسيناً للظن بهم، وعلى تقدير أن يكون في الصلاة حمل على أن ذلك وقع قبل النهي كآية {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [(33) سورة محمد] وقبل النهي عن الفعل الكثير في الصلاة.

وقول المصنف في الترجمة: "فصلاة الإمام ومن بقي جائزة" يؤخذ منه أنه يرى أن الجميع لو انفضوا في الركعة الأولى، ولم يبق إلا الإمام وحده أنه لا تصح له الجمعة، وهو كذلك عند الجمهور كما تقدم قريباً.

وقيل: تصح وإن بقي واحد، وقيل: إن بقي اثنان، وقيل: ثلاثة، وقيل: إن كان صلى بهم الركعة الأولى صحت لمن بقي، وقيل: يتمها ظهراً مطلقاً، وهذا الخلاف كله أقوال مخرجة في مذهب الشافعي إلا الأخير فهو قوله في الجديد.

على كل حال مثل ما سمعنا أنه لا يوجد عدد ملزم إلا ما يفهم من الآية، وأما دليل صحيح صريح بعدد ملزم لا يوجد، نعم؟

طالب:.......

الساعة.

طالب:.......

ما معنى إقامتها إلا وجوب السعي إليها؟

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

يقول: إن الآية مشروطة بالنداء، وليس فيها ما يدل على الوجوب المطلق، الأدلة والنصوص المتضافرة المتكاثرة تدل على وجوب الجمعة، نعم ومن ترك ثلاث جمع ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات)) أصل وجوب الجمعة معروف ومستقر.

طالب:.......

مثل ماذا؟ هي الجمعة لا بد منها بأدلة أخرى.

طالب:.......

إيه، لكن الآية نأخذ منها العدد.

طالب:.......

تدل نعم؛ لأنهم جماعة أمروا بالذهاب إلى الجمعة، وأقل الجماعة اثنان على قول أو ثلاثة على قول، لايوجد أقل من هذا، وفي شخص يذكر الله نؤمر أن نذهب إليه {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [(9) سورة الجمعة] نعم؟

طالب:.......

مستوطنين.

طالب:.......

مستوطنين تلزمهم الجمعة، لكن غير مستوطنين بوادي أو غير الوادي، ما عرف أن الصحابة أقاموا الجمعة فيما حول المدينة، يعني الآن يثار أن بعض من ينتسب إلى العلم ممن لا يتقيد بمذهب معين، يذهبون إلى البراري والرحلات ويقيمون الجمعة...

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

المهم استيطان، مستوطنون.

طالب:.......

من أهل العلم من يقول: إن الجمعة لا تلزم إلا بعدد يكتمل منه مسمى القرية، وما عدا ذلك ما يلزم، ثلاثة مَنْ هؤلاء؟ يمكن بقالة وثلاثة أشخاص جالسون، لكن لا يسمى مثل هذا استيطانا، لو افترضنا أن في محطة عمال خمسة، ستة، عشرة، عمال، وعندهم سكن، وعندهم مسجد، نقول: هؤلاء مستوطنين؟

طالب: ليس وطن.

نعم هذا لا ينصرف إليه اسم البلد ولا القرية ولا المصر ولا الإقليم ولا شيء.

طالب: بناءً عليه يا شيخ يقال: لا يتصور استيطان إلا من جماعة يا شيخ؟

إيه، من جماعة، لكن أقل الجماعة؟

طالب: لا، قصدي قول من قال: إنها تصح من الواحد يا شيخ، لا يتصور استيطان....

لا لا ما له حظ من النظر، الخطيب يخطب لمن؟ هذا قول ضعيف جداً، ليس له حظ من النظر، إيجاب الجمعة على الواحد.

طالب: ثم هل يتصور استيطان اثنين أو ثلاثة يا شيخ؟

لا شك أن ابن القيم -رحمه الله- قبل ابن خلدون قرر، ويمكن قبله لكن ما ندري أن الإنسان مدني بالطبع، يعني ولا تقوم حاجة الاثنين مع بعض أو الثلاثة وحتى الخمسة والعشرة، ما يمكن أن تقوم حاجة بعضهم ببعض، لا بد أن يحتاجوا إلى جمع آخر، فمن حيث التقرير النظري ودلالة النصوص يمكن أن يتصور، لكن ما يمكن أن يتصور بلد قائم بذاته لا يحتاجون إلى غيرهم، ومع ذلك هم ثلاثة أو أربعة أو عشرة.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

ويش يسوون؟

طالب:.......

يكتفون بأنفسهم، ما يحتاجون إلى غيرهم؟

طالب:.......

على كل حال لا يوجد ما يدل على حد معين إلا ما يفهم من الآية، يعني صحيح، وإلا هناك آثار وأحاديث ضعيفة.

طالب:.......

لا ما يلزم، ما دام مسافرا إلا أن يسمع النداء يجيب النداء.

طالب:.......

لا تفريعات الفقهاء على مثل هذا، المسافر المقيم غير المستوطن هذا أمره مشكل عندهم، لا يعتبر في العدد ولا يصح إماما، ولا...

طالب:.......

هو مأمور إذا سمع النداء، وإلا لا جمعة على مسافر هذا الأصل.

طالب:.......

إذا ائتم بمقيم؟

طالب:.......

يعني المقيم غير المستوطن؟

طالب:.......

هذا مضى بحثه دعونا نكمل ترى ما في درس إلا اليوم ثم بعد ذلك يحصل انقطاع...

يقول: "وإذا لم يكن في القرية أربعون رجلاً عقلاء لم تجب عليهم الجمعة، وإن صلوا أعادوها ظهراً" يعني إذا صلى تسعة وثلاثون رجلاً عقلاء هؤلاء يعيدونها ظهرا، لكن لو جاء واحد يعيدونها ظهرا أو جمعة؟

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

لا ما انعقدت الصلاة أصلاً، ولو جاء واحد في أثناء الصلاة ما ينفع، على كل حال هذا مبني على ما تقرر في المذهب من اشتراط العدد أربعين.

قال: "وإذا كان البلد كبيراً يحتاج إلى جوامع فصلاة الجمعة في جميعها جائزة" الأصل أن الجمعة إنما هي في مكان واحد، في مسجد واحد، كما كانت في عهده -عليه الصلاة والسلام-، وبهذا الاجتماع يتحقق أو تتحقق العلة والحكمة من مشروعية الجمعة، أما تفتيت الناس في جوامع كثيرة، بعضها له داعي، وبعضها لا داعي له، مثل التساهل الموجود في عصرنا، يعني البلد الواحد تجد فيه عشرين ثلاثين خمسين مائة جامع، في عصر الأئمة قالوا: بغداد تحتاج إلى جامعين؛ لوجود المشقة الشديدة للعبور بين النهرين، يعني في عصر الأئمة بغداد سكانها أكثر من مليونين، يقولون: بغداد لأن الحدود تقام في مكانين فيصلى في مكانين، والآن لأدنى سبب، ولأدنى شيء، يعني بينهما شارع، يقولون: والله في خطورة، لابد أن نقيم جامعا، ولو كان قريباً جداً من الجامع، الآن ما بين الجامعين اللذيْن بجوارنا ولا مائة متر، ولا بينها شوارع ولا شيء، وغرب جامع وشرق جامع، وشمال جامع، أو أكثر من جامع، يعني في مربع واحد خمسة ستة جوامع، أنا أقول: لا داعي لمثل هذا التوسع، ورأينا من الجوامع من لا يصلي فيه إلا صف أو صفين، فعلى المسئولين عن هذه المساجد ومن ولوا على هذه الأعمال أن يتقوا الله -جل وعلا-.

العلماء يشددون في هذا، يبطلون الصلاة، ولذا يقولون: للجمعة شروط ليس منها إذن الإمام، يعني في الجمعة الأولى، ليس منها إذن الإمام؛ لأنه من فروض الأعيان التي يجب على كل مسلم أن يقيمها، فلا تحتاج إلى إذن إمام، لكن الجمعة الثانية والثالثة؟ حينما يقولون: إن صلي في أكثر من جمعة فالصحيحة التي فيها الإمام؛ لأن ما عداها افتيات عليه، هل معنى هذا أنه ليس منها شرط الإمام؟ لا بد من إذن الإمام، وعلى الإمام أن ينظر في المصلحة في مثل هذه الأمور، ولا يتساهل في مثل هذه الأشياء؛ لأن الاجتماع ملحظ شرعي في هذه الصلاة.

طالب: لكن -أحسن الله إليك-مع التساهل هل الاحتياط أن يقصد الإنسان المسجد الأول ويترك ما بعده؟

لا، هو إذا صدر الأمر بها من الإمام فالتشكيك في صحتها لا شك أنه لا حظ له من النظر، هاه؟

طالب:.......

ما ينشأ إلا بفتوى، لكن هذه الفتوى تحتاج إلى إعادة نظر، يعني مسجدان لا يمتلئان، ما بينهما ولا مائة، حتى لو قدر أنها تمتلئ هذه المساجد الحكمة يعني تزول بمثل هذا التفتيت، يعني يعمد في كل حي فيجعل فيه جامع مساحته أقل شيء عشرة آلاف متر يستوعب الحي كاملا، ولا شك أن مثل هذا أفضل بكثير من التفتيت الموجود من جهات كثيرة، أولاً: اجتماع الكلمة، الأمر الثاني: أنه يتيسر انتقاء أئمة ينفعون الناس، ويحصل أيضاً ضبط دقيق لما يحصل من بعض الخطباء من شيء مما يلاحظ؛ لأنه كلما قل العدد أمكن ضبطه.

قال: "وإذا كان البلد كبيراً يحتاج إلى جوامع فصلاة الجمعة في جميعها جائزة" مفهومه أنه إذا كان لا يحتاج إلى جوامع فالصلاة في الأول وما عداه لا تصح.

"ولا تجب الجمعة على مسافر" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في جميع أسفاره ما حفظ عنه أنه صلى جمعة، وفي عرفة صلى الظهر والعصر، فلم يصل جمعة، فلا تجب على المسافر، لكن مسافر وجالس في بلد أياما، ويسمع المؤذن يؤذن للجمعة، ويقول: أنا مسافر لا تلزمني جمعة، يعني هل العذر الذي لحقه بسبب السفر كالعذر اللاحق للمرأة؟ المرأة معذورة من عدم الحضور عذر لازم، وليس بطارئ، فرق بين العذر اللازم والطارئ.

المرأة إذا حضرت أجزأتها الجمعة عن الظهر، وهذا المسافر إذا حضر أجزأته الجمعة عن الظهر، لكن كونه يسمع النداء، ويسمع الخطيب، ومع ذلك لا يحضر الجمعة، لا شك أن مثل هذا حرمان.

"ولا امرأة" لأنها ليست من أهل الجمع والجماعات، وهذا معلوم من الدين بنصوص لا يمكن حصرها.

"وإن حضروها أجزأتهم" لماذا؟ لأن عدم الإيجاب لرفع المشقة اللاحقة بهم، وما كان هذا شأنه إذا كان التخفيف من أجل المكلف فكون المكلف يختار ما أذن له فيه لا شك أنه حينئذٍ تجزئه، وتصح منه، لا لعلة عدم الوجوب، ولا لعلة تخرم الأهلية، وإنما هي من أجل التخفيف على المكلف.

طالب:.......

الوجوب نعم، إيه لأنهم يقولون: إن حضروها أجزأتهم.

"وعن أبي عبد الله -رحمه الله- في العبد روايتان، إحدى الروايتين أن الجمعة واجبة عليه، والأخرى ليست عليه بواجبة" العبد معروف أن منافعه مستحقة لسيده، وما دام الأمر كذلك، وأمره ليس بيده، فكيف يلزم بترك العمل عمل سيده، ويحضر الجمعة؟ هذه الرواية الأولى أن الجمعة المعروف أنها ليست بواجبة عليه، وجاء استثناؤه في حديث ضعيف ((الجمعة واجبة إلا أربعة المرأة والمسافر والمريض والرقيق)) المقصود أن الحديث ضعيف لا نلتفت إليه، يبقى أن هل ملك السيد لمنافع العبد يعفيه من الواجبات؟ هناك أمور مستثناة شرعاً، يعني لو أن شخصاً استأجر أجيراً من الظهر إلى العشاء، هل نحتاج أن ننص على أنه لا بد أن يصلي العصر والمغرب والعشاء، أو لا نحتاج نقول: هذا مستثنى شرعاً؟ هذا مستثنى شرعاً.

الرقيق لا شك أنه أمره ليس بيده، ويختلف عن الحر في مثل هذا، الحر الأجير يختلف عن الرقيق؛ لأن الرقيق بقدر ما حمل من تكاليف غير تكاليف الدين الواجبة على المكلفين هي تكاليف أيضاً لسيده، وإلا يشاركه في كون المنافع ليست له، يشاركه الأجير، ويشاركه الولد إذا أمره أبوه عليه أن يطيعه، لكن هناك طاعة لله -جل وعلا-مقدمة على طاعة كل أحد، فيدخل فيها الولد، يدخل فيها الأجير، لكن هل يدخل الرقيق أو لا يدخل؟

إذا قلنا: إنه مثل الأجير، قلنا: صلاة الجمعة ومثلها الجماعة أمور مستثناة شرعاً فتلزم العبد، وهذا وجه الرواية الأولى، وإذا قلنا: إن منافعه ليست له ولا بيده ولا يستطيع أن يتصرف بنفسه، بل هو كالسلعة يباع ويشترى، قلنا: إن الجمعة ليست واجبة عليه، نرى كثيرا من الناس يتساهلون في الجمع والجماعات بناءً على أنهم استؤجروا، هذا حارس عمارة مثلاً، العمارة فيها شقق، وكل واحد مُغلقٌ على شقته، وليس هناك ما يدعو إلى أن تحرس في أوقات الصلاة وأوقات الجمعة، لا بد فيها من مكتب يتعامل مع الزبائن، لكن مع ذلك يستثنى وقت الصلاة، كغيرها من المحلات، قد يحتاج الإنسان إلى صيدلية مثلاً؛ لعلاج جرح يثعب دماً، نقول: الصيدلية أيضاً حاجتها مثل حاجة حارس العمارة؟ الناس يتساهلون في مثل هذا، وقد يوجد أكثر من حارس في بوابة العمارة، وكلهم لا يصلون لا جمعة ولا جماعة، باعتبار أن منافعهم ليست لهم، لا شك أن هذا تفريط، ليس الأمر إلى هذا الحد، نعم هناك أمور حساسة وحيوية ومرافق هامة تحتاج إلى عناية، وتحتاج إلى كذا، هذه أمور تقدر بقدرها، لكن عند أدنى سبب يقال: والله هذا حارس، المدرسة لها حارس ويوم الجمعة ما في دراسة، نقول: نخشى على ممتلكات المدرسة أن تسرق؟! البيوت أحق بهذه الحراسة من غيرها، ومع هذا لا تقام جمعة على هذا الأساس.

فإننا نرى في كثير من البلدان هذه العمارات التي تؤجر تجد عليها حراس ويترخصون، ولا يصلون جمعا ولا جماعات، باعتبار أنهم معذورون، نعم إذا كانت الحاجة داعية، والزمن زمن خوف، الأمور تقدر بقدرها.

نرى أيضاً من يقوم على رؤوس الأئمة من الشرط وغيرهم ولا يصلون، إذا كان الزمن زمن أمن، ولا نحتاج إلى مثل هذا، فلا يجوز أن يتركوا الصلاة، وإذا كان الزمن زمن خوف فيخشى على هؤلاء الأئمة الحراسة مطلوبة، والفقهاء عذروا بأقل من هذا عند الحاجة إليه، لكن يبقى أن الأمور لا بد أن تدرس بعناية؛ لأن بعض الناس يكون عنه من التساهل ما يجعله يترخص في ترك الجمع والجماعات لأدنى سبب، يعني نجد من يجلس في الصف وبإمكانه أن يصلي قائماً، لكن يقول: والله تعبان طيب، لكن لو كان هناك أمر من أمور دنياه ما صار تعبان، ومن الناس من يسقط مراراً، يغمى عليه ومع ذلك يقوم في الصف، ويحضر الجمع والجماعات، ودين الله وسط بين الغالي والجافي، لا هذا ولا هذا.

"وعن أبي عبد الله -رحمه الله-في العبد روايتان، إحدى الروايتين أن الجمعة واجبة عليه، والرواية الأخرى ليست عليه بواجبة" وعرفنا مأخذ الروايتين.

"ومن صلى الظهر يوم الجمعة ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام أعادها بعد صلاته ظهراً" الذي تجب عليه الجمعة مكتملة الشروط، ثم لما دخل وقت صلاة الظهر صلى ظهر، والخطيب ما دخل، لكن إن صلاها بعد الصلاة أجزأت ظهرا، لكن يحرم عليه أن يصليها ظهرا وبإمكانه أن يصلي جمعة إن لم يكن معذوراً.

قال -رحمه الله-: "ومن صلى الظهر يوم الجمعة ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام أعادها بعد صلاته ظهراً" وعلى هذا لو أن امرأة لما زالت الشمس صلت الظهر، وتأخر الإمام في صلاة الجمعة يلزمها أن تعيد أو ما يلزم؟ ما يلزم؛ لأنها فعلت ما أوجب الله عليها، وكذلك لو أن غيرها من المعذورين مسافر مثلاً لا تلزمه الجمعة صلى ظهرا، لكن مقيم مستوطن حر مكلف صلاها ظهراً قبل صلاة الإمام فعليه أن يعيدها بعد صلاة الإمام ظهراً، لماذا لا يعيدها مع صلاة الإمام؟ لأنه يلزمه السعي، ولا يفهم من هذا أنه يعيدها ولا يأثم، لا، يأثم؛ لأنه ترك الجمعة؛ لأنه ترك الجمعة والجمعة تلزمه عيناً، نعم؟

طالب:.......

إيه، القاعدة المعروفة أن العبادة إذا كان لها سبب وجوب ووقت وجوب فإنه لا يجوز فعلها قبل سبب الوجوب اتفاقاً، ويجوز فعلها بعد سبب الوجوب وقبل وقت الوجوب، ويمثلون بالجمعة.

الجمعة من أمثلتها على المذهب.

شوف قواعد ابن رجب يا أبا عبد الله.

ذكروا من أمثلة القاعدة هذه صلاة الجمعة، أو وقت صلاة الجمعة، كما ذكروا أن الكفارة لا تجوز قبل انعقاد اليمين، وتجوز بعد الانعقاد وقبل الحنث، نعم؟

يقول: القاعدة الرابعة: العبادات كلها سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز فعلها بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب أو قبل شرط الوجوب، ويتفرع على ذلك مسائل: من المسائل قال: صلاة الجمعة، فإن سببها اليوم؛ لأنها تضاف إليه، فيجوز فعلها بعد زوال وقت النهي من أول اليوم وإن كان الزوال هو وقت الوجوب.

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

ويش عندك؟

طالب:.......

لا.

يقول: صلاة الجمعة فإن سببها اليوم؛ لأنها تضاف إليه، فيجوز فعلها بعد زوال وقت النهي من أول اليوم، وإن كان الزوال هو وقت الوجوب.

معروف- وهذا جار على المذهب- أن أول وقت صلاة الجمعة أول وقت صلاة العيد بانقضاء وقت النهي، وآخرها آخر وقت صلاة الظهر، وعلى ما سيأتي في كلام المؤلف أنها يجوز أن تصلى في الساعة السادسة.

ومنها كفارة اليمين يجوز تقديمها على الحنث بعد عقد اليمين مالية كانت أو بدنية، يعني لا يجوز تقديمها على اليمين الذي هو سبب الوجوب، يجوز تقديمها على الحنث الذي هو وقت الوجوب.

 قبل صلاة الإمام أعادها بعد صلاته ظهراً؛ لأنه لا يجوز أن يعيدها أثناء صلاة الإمام لأنه يجب عليه السعي إلى صلاة الإمام، لكن إذا فرط وترك صلاة الجمعة أثم، لكنه إذا صلى الإمام فإنه يصليها ظهراً.

"ويستحب لمن أتى الجمعة أن يغتسل" أحاديث كثيرة في الاغتسال، جاء الأمر: ((إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل)) وجاء ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) وجاء أيضاً أدلة أخرى ((من غسل واغتسل، وبكر وابتكر)) إلى آخره، عامة أهل العلم على أن غسل الجمعة مسنون وليس بواجب، وأوجبه بعضهم لهذه الأوامر ((غسل الجمعة واجب)) وينزل هذا الأمر على الوجوب الاصطلاحي، يعني الأصل أن ألفاظ الشرع تحمل على مراده لا على الاصطلاحات الحادثة كما أن المكروه في النصوص لا يحمل على المكروه الاصطلاحي، وإلا لجعلنا العظائم التي ذكرها الله -جل وعلا- في سورة الإسراء وختمها بقوله: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] لقلنا: مكروهات هذه بمعنى أنه لا يأثم مرتكبها، وفيها العظائم، وفيها الكبائر، وفيها الموبقات، فهذه الاصطلاحات الحادثة قد ترد النصوص بخلافها، ولذا عامة أهل العلم على أن غسل الجمعة ليس بواجب، وإنما هو مستحب سنة متأكدة في حق كل محتلم.

قد يقول قائل: المحتمل عليه غسل الجنابة، هل هذا الكلام صحيح؟ لا، المراد به البالغ، نظير ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) الحائض لا تقبل صلاتها لا بخمار ولا بغير خمار، لكن المراد بذلك من بلغت سن المحيض يلزمها أن تختمر، يلزمها أن تغطي رأسها، فعامة أهل العلم على أن غسل الجمعة مستحب، ((من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) وعثمان دخل وعمر -رضي الله تعالى عنه- يخطب فلامه فقال: والله ما زدت على أن توضأت وحضرت، فقال: والوضوء أيضاً؟! وما أمره، ولا عنف عليه، ولا ثرب عليه، بمحضر الصحابة كلهم، وعلى كل حال من يقول بالوجوب يلزم عليه تأثيم من لا يغتسل، مع أنه لا يلزم منه عدم تصحيح الصلاة؛ لأن الوجوب غير الاشتراط.

طالب:.......

المقصود أن الواجب لا يلزم منه بطلان، البطلان مع تركه، ونظيره ستر المنكب في الصلاة يجب، لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، يجب ستره، لكن ليس من شروط الصلاة، غسل الجمعة واجب على هذا القول؛ لكنه ليس بشرط لصحة الصلاة كغسل الجنابة، وعامة أهل العلم وهو المرجح أنه ليس بواجب، إنما هو مستحب ومتأكد في هذا اليوم، وبعضهم يوجبه على من تنبعث منه الروائح الكريهة المؤذية دون غيره.

طالب:.......

لا لا، ما يقولون، ليس بالإنكار إلى حد يعني عثمان خليفة راشد ويتأخر ويأتي والخطيب يخطب، يعني هذا بحد ذاته يستحق أكثر من هذا الإنكار.

قال: "والوضوء أيضاً؟!" يعني إضافة إلى كونك متأخر الأمر سهل يعني ليس إلى حد ملزم.

طالب:.......

يعني ((من غسل واغتسل)) يعني تسبب في غسل زوجته، واغتسل بنفسه، منهم من يقول: غسل رأسه، واغتسل في بدنه، أقوال كثيرة، المقصود أنه إذا اغتسل وإن غسل، أو تسبب في غسل إن كان لديه من يتسبب في غسله، فلا شك أنه أكمل، وله أجره ((وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، كان له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها)) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، الإنسان يجاهد وينازع نفسه ليدخل قبل الإمام وينجح مرة ويخفق أخرى، الذنوب تقيد أصحابها، ومثل ما ذكرنا سابقاً في مسألة من لا يستطيع القيام في آخر الليل يوتر من أول الليل، وبعض الناس إذا نام لا يستطيع أن يحده إلا شيء ملزم مثل الصلاة، لكن ما قبل ذلك لا يحده إلا القيام، فهل نقول لمثل هذا الذي لا يستطيع أن يبكر أن يأخذ نصيبه من التعبد قبل النوم مثل من يؤمر بالوتر قبل النوم، أو نقول: إنه عليه أن يبذل السبب وينام مبكرا ويحرص ويجتهد في الاستيقاظ؟ هذه المسألة طرحناها سابقاً؛ لأنه بالإمكان أن يصلي الفجر ويجلس ساعتين أو ثلاثا؛ لأنه ما دام لم ينم بعد فليس عنده مشكلة، المشكلة إذا نام، بعض الناس لا يقوم إلا بشيء يعني حد شرعي، يعني صلاة أو شبهها.

يقول: ما الصارف للأمر في الحديث من الوجوب إلى الاستحباب؟

الصارف المراد بالوجوب ((غسل الجمعة واجب)) يعني متحتم، مثل ما تقول: حقك علي واجب، وهذا أسلوب مستعمل في لغة العرب، وأما تنزيل الألفاظ الشرعية على المعاني الاصطلاحية هذا يوقع في حرج عظيم في كثير من النصوص، وقلنا: من الأمثلة أنك تجعل الشرك مكروها، تجعل الزنا مكروها، وعلى كل حال هذه المسألة عامة أهل العلم على عدم الإيجاب، ومن قال بالوجوب له سلف، يعني قيل به.

طالب: أحسن الله إليك ألا يقال: من الصوارف أنه جاء في الحديث الآخر لما قال: ((حق على كل مسلم أن يغتسل جمعته ويتطيب)).

ويستاك.

طالب: نعم ويستاك.

ويتطيب.

طالب: وهذا ليس بواجب إجماعاً.

المهم أنها تتعلق بالوجوب، لو كانت باستحباب وقلنا: يستدل بالاستحباب، قلنا: دلالة اقتران؛ لأن الوجوب له أدلة أخرى، لكن كلها تدل على حكمها واحد، نعم؟

طالب:.......

بلى إلزام إلا، كذلك.

طالب:.......

لا، هو متفاوت، قوة الإلزام الذي لا يترتب عليه إثم، يعني مثل: حقك علي واجب.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

لا ما صرف عن ظاهره، قلنا مراراً: إن الاصطلاحات الشرعية لها مدلولات غير الاصطلاحات العرفية، قلنا مراراً: لو أن شخصاً من أهل البادية من رعاة الإبل عمره مائة سنة، وأقسم بالله أنه منذ خلق ما رأى جملا أصفر، نقول: أنت مكذب لله عليك التوبة والإقلاع فوراً، وأن تعترف بأن هناك جمالة صفر؟ على حد اصطلاحه هو، هل يوجد جمل بمثل هذا اللون؟ هذا اللون الأصفر؟ نعم؟ هذا عُرف بين أهل العرف، لو أقسم ما يحنث ولا يؤثم؛ لأن قسمه منصب إلى جهة منفكة عن الجهة التي ورد فيها النص.

الغسل مضاف إلى الجمعة، وحكمته الاجتماع لرفع ما يعلق بالبدن مما يؤثر على المجتمعين، فهو للجمعة يعني لصلاة الجمعة، وإن حمله أهل الظاهر على عمومه، وأنه ليوم الجمعة فيغتسل ولو العصر، ويكون امتثل، ويوم الجمعة يبدأ من طلوع الفجر، ومنهم من يقول: يبدأ من وقت الرواح إليها، نعم؟

طالب:.......

لا ما يغتسل إلا بعد طلوع الفجر، لكن قبله لابأس، يعني بعد طلوع الفجر يغتسل ولو لم يصل، ولو قبل صلاة الفجر.

"ويستحب لمن أتى الجمعة إن يغتسل ويلبس ثوبين نظيفين ويتطيب" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- عرف أنه يتجمل للأعياد والجمع والوفود، فهذا محل اجتماع ينبغي أن يعتنى به، وإذا كان من عرف البلد أن يلبس شيئا معينا للجمعة فمن عدم المروءة الإخلال بما يعتاده الناس، وجاء: ((ويمس من طيب أهله)) لا شك أن هناك طيب للرجال وطيب للنساء، وطيب الرجال رائحته أشد ولا لون له، وطيب النساء رائحته أقل وله لون، فلنساء ما يخصهن، وللرجال ما يخصهم، حتى قال بعضهم: إن تطيب الرجل من طيب النساء تشبه، والعكس تشبه النساء وتلك تتشبه بالرجال، لكن هنا يمس من طيب أهله، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

من بيته من طيب أهله، يعني أهله زوجته، ما قال: من طيبه، فهل نقول: إن هناك تشبه إذا تطيب الرجل من عطور النساء؟ أو نقول: إنه تطيب من طيب أهله؟ ونقول: مثل هذا التشبه لا يضر؟ هاه؟

طالب:.......

قلنا: للنساء طيب وللرجال طيب، وإذا تطيب الرجل قال بعضهم من طيب النساء قال: هذا تشبه، أو العكس تطيبت المرأة من طيب الرجال قالوا: هذا تشبه، لكن مفهوم قوله: ((وأن يمس من طيب أهله)) أن له أن يتطيب من طيب زوجته ولا يعد تشبهاً.

طالب:.......

ويش المقصود؟

طالب:.......

 معروف عطر النساء، معروف عطر الرجال، معروف عطر الرجال من طيب النساء، وهذا الذي جعل بعضهم يقول: إن هذا تشبها، يعني كأنه ما جاء في الخبر يعني مسألة إلجاء لأهمية الطيب أنه لا يترك بحال، ولو لم يجد الإنسان إلا من طيب أهله.

"وإن صلوا الجمعة قبل الزوال في الساعة السادسة أجزأتهم" تقدم الخلاف في وقت الجمعة، وأنه عند جمهور أهل العلم هو وقت صلاة الظهر، من زوال الشمس إلى مصير ظل شيء مثله، وتقدم الكلام فيه، وقول الحنابلة: إن أول وقتها أول وقت صلاة العيد من ارتفاع وقت النهي إلى خروج وقت الظهر، وهذا أمر تقدم، لكن المؤلف كأنه هنا لا يرى القول بأن وقت صلاة الجمعة يبدأ من خروج وقت النهي، إنما يبدأ قبل الزوال ما في إشكال، لكن في الساعة السادسة بعد نهاية الساعات الخمس الأولى والثانية والثالثة والرابعة من راح في الساعة الأولى، من راح في الساعة الثانية، إلى أن قال: الخامسة، السادسة يدخل الإمام، لكن يلزم عليه أن تكون هذه الساعات معلومة المقدار، وعامة أهل العلم على أن الساعات التي جاءت بها النصوص ليست محددة المقدار، إنما هي مقدار من الزمان غير محدد بوقت لا يزيد ولا ينقص.

على كل حال هو قال: "في الساعة السادسة" لأنه انتهت الساعات الخمس التي فيها التبكير، فالتي يليها السادسة، إضافة إلى أن الثابت في النصوص أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعجلها، حتى حصل الاضطراب في بعض النصوص هل للحيطان ظل؟ وما كنا نقيل ونتغدى يوم الجمعة إلا بعد الصلاة، والقيلولة معروفة أنها قبل الزوال، الغداء ما يسمى غداء إلا إذا كان في الغداة، لكن جاء ما يدل على أن للحيطان فيء، لكنه لا يستظل به، يعني لا يستوعب الناس، مما يدل على أنه يبادر بها ويبكر بها.

وإن صلوا الجمعة قبل الزوال في الساعة السادسة أجزأتهم، وتجب الجمعة على من بينه وبين الجامع فرسخ.

تجب الجمعة على من بينه وبين الجامع فرسخ، دليل هذا الإيجاب والإلزام هل نقول: إن الفرسخ يمكن معه سماع النداء؟ ثلاثة أميال يعني خمسة كيلو الفرسخ، هل نقول: إنه يمكن معه سماع النداء؟ لا يمكن، سماع النداء، أو نقول: إن الصحابة الذين يفدون إلى المدينة في عصره -عليه الصلاة والسلام- كانت هذه مسافاتهم؟ هاه؟

طالب:.......

ويش فيه؟

طالب:.......

لا، الكلام على من يرد إليها من العوالي، لكن داخل البلد لو عشرة فراسخ ولا يوجد إلا جامع يلزمهم الورود إليه داخل البلد، الكلام فيمن كان خارج البلد وبينه وبين الجامع فرسخ، أما من كان داخل البلد فيلزمه، ولو كان فراسخ.

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

معروف أن من كان في البلد يلزمه، تصور شخصا مقيما مستوطنا في بلد لا تجب عليه جمعة؟، ولو كانت بينهم وبين المسجد عشرة فراسخ ، وقرر أن البلد لا يحتاج إلى جامع ثاني يلزمه.

طالب:.......

لا لا، الكيلو والكيلوين..، الكيلوان ممكن يعني يسمع النداء، النداء العادي بدون أسباب معينة على السماع وبدون موانع تمنع السماع، يعني بدون سيارات، وبدون مكيفات، وبدون مصانع، وبدون مكبرات، الكيلوين يسمع، لكن خمسة كيلو –الفرسخ- والله فيه بُعد، نعم؟

طالب:.......

لا، عشرون كيلو! بلد ثاني يسمعه!.

طالب:.......

لماذا لا تجب عليهم؟

طالب:.......

هؤلاء مستوطنون ، في بيوت، لكن يوجد فاصل بينه وبين القرية ميل أو ميلين، أما البادية....

طالب:.......

العوالي تتبع المدينة، ما هم رحل مستوطنون مقيمون.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
يقول: الإمام الذهبي انتقد على محمد بن سعيد الدارمي مبالغة في الإثبات في كتابه الرد على الجهمية، بينما أثنى ابن تيمية على الكتاب.

يعني قد تكون المبالغة في الإثبات يعني لها مبرر في وقته؛ لظهور الجهمية الذين ينكرون الأسماء والصفات، ويعاندون في الإنكار، يثبت ويبالغ في الإثبات من أجل أن تكسر حدة ذلك المذهب، وإلا فالأصل أنه يثبت لله -جل وعلا- ما أثبته لنفسه، وأثبته له نبيه -عليه الصلاة والسلام- من الأسماء والصفات على ما يليق بجلاله وعظمته.
نعم؟
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
ويش فيه؟
طالب:.......
هما اثنان عثمان بن سعيد، إيه الرد على بشر؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
عثمان بن سعيد، إيه عثمان بن سعيد.

يقول: بعضهم يذكر أنه ممن لا نشك فيه أنه من أهل الجنة، يقول: كالإمام أحمد وشيخ الإسلام وابن باز وغيرهم فإننا نجزم له بالجنة.

هذا الكلام ليس بصحيح، لا يجزم لأحد بجنة ولا نار إلا من جزم وشهد له النبي -عليه الصلاة والسلام-، على أننا نرجو للمحسن، ونخشى على المسيء، ومع ذلك هناك قول لبعض أهل العلم أن من اتفقت ألسنة الناس على الثناء عليه ومدحه، فإنه يشهد له بالجنة؛ لحديث أنه مر بجنازة فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وجبت)) ومر بأخرى فقال: ((وجبت)) قال: ((الأول وجبت له الجنة لأنهم شهدوا له بالخير، والثاني وجبت له النار لأنهم شهدوا له بالشر)).

يقول: جاء في صحيح مسلم عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حسر ثوبه لما نزل المطر، وقال: إنه حديث عهد بربه، والسؤال يقول: ما يذكر في كشف الرأس هل هو داخل في ما جاء في حديث أنس؟

نعم الرأس من بدنه، بل هو أعلى بدنه وأولى أن يصيبه الماء.

يقول: كيف تقضى الراتبة القبلية لصلاة الظهر؟ هل تقضى قبل البعدية أو بعدها؟

تقضى فيما قرره أهل العلم بعد البعدية، يعني إذا جاء والإمام قد شرع في الصلاة يصنع كما يصنع الإمام، يدخل مع الإمام، ثم يقضي بعد ذلك، يصلي بعد الصلاة الراتبة البعدية، ثم يقضي الراتبة القبلية.

يقول: إذا فاتت راتبة المغرب وأراد قضاءها بعد العشاء هل يبدأ براتبة العشاء أو المغرب؟

يبدأ براتبة العشاء كما تقدم في راتبة الظهر، مع أن أهل العلم في مثل هذه الصورة يقولون: سنة فات محلها، ومنهم من يقول: تقضى إذا شغل عنها، أما إذا فرط فيها وضيعها لا يقضيها.
طالب:.......
ويش هو؟
طالب:.......
نعم الصلاة المجموعة إلى الأخرى، صلوا المغرب والعشاء، فماذا عن راتبة المغرب؟ راتبة المغرب وأذكار صلاة المغرب كلها تذهب، فات محلها، فينشغل بصلاة العشاء وأذكارها.

هذا يقول: إذا تغيب الموظف عن عمله يوماً أو أكثر بدون عذر، فهل يحل له راتب الشهر كاملاً، أم يتبرع بالأيام التي غابها؟

لا يحل له أن يأخذ أجرة الأيام التي تغيبها، اليوم أو الأيام التي تغيبها لا يجوز له أن يأخذ مقابلها من الأجرة.
قد يقول قائل: إن المسيرات تأتي كاملة ولا تفصل، فيلزمه أن يأخذها كاملة حينئذٍ يلزمه أن يعيد أجرة هذه الأيام التي تغيبها، يعيدها إلى نفس المصلحة؛ لأنه إذا عرف صاحب الحق لا يجوز أن يتبرع بها، أو يتصدق بها على نية أن أجرها لصاحبها، لا، إذا عرف صاحبها لا يجوز أن تصرف لغيره، أما إذا خفي صاحبها وتعذر الوصول إليه يتبرع بها، ويتصدق بها عنه.
طالب:.......
وقد لا تقبل، لكن يوجد صندوق تبع الدولة لإبراء الذمة، هاه؟
طالب:.......
هم يعلمون، لكن مع ذلك.., المقصود أنه أخذ الأجر كاملاً شريطة أن يكون العمل كاملاً، هذا شرط معروف، بعض الناس يتسامح في مثل هذا يقول: هذا من بيت المال، وجاءنا من غير استشراف، فلا يلزم رده، وهذا أقل ما نستحقه، كثير من الناس يقول مثل هذا الكلام، هذا أقل ما نستحقه من بيت المال، وتجد كثيرا من الناس يستعمل الحسابات، ويحسب ما يدخل على الدولة، وما يخرج منها، والباقي ونصيب كل فرد، هذا ليس من شأنك، أنت تؤدي الذي عليك، وتسأل الله -جل وعلا- الذي لك.

يقول: فرض العامي التقليد فيمن يثق بأمانته وورعه عند اختلاف الأقوال في المسألة، كيف يكون التفضيل بالنسبة للأئمة الأربعة؟

على كل حال الاستفاضة بالنسبة للعامي كافية، إذا استفاض بين أهل العلم أن هذا العالم تبرأ الذمة بتقليده يكفي؛ لأنه ليس من أهل الموازنة والمفاضلة الدقيقة بين أهل العلم؛ لأنه لو كلف بهذا كلف ببحث المسائل.

يقول: ذكر ابن حجر في بلوغ المرام في تخريج حديث أنس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن الخمر تتخذ خلاً، قال: أخرجه مسلم والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والسؤال: ما فائدة ذكر تصحيح الترمذي وهو في صحيح مسلم؟

نعم هو من حيث الفائدة العملية لا فائدة عملية؛ لأن الحديث مخرج في مسلم، لكن الإمام الترمذي أيضاً إمام فإذا صحح ينبغي أن يعتنى بأقواله كغيره من الأئمة.

يقول: هل المقصود بالسبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب الحصر على هذا العدد؟

الأصل أن العدد له مفهوم إلا إذا عورض مفهومه بمنطوق أقوى منه، فإنه حينئذٍ يلغى {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة] مفهومه أنه لو استغفر واحدا وسبعين مرة غفر لهم، مع أن الله -جل وعلا-قال: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء].

يقول: هل صحيح ما نقل عن الإمام أحمد من قوله بأن مع كل واحد من السبعين سبعين ألفاً، ويكون بذلك.. إلى آخره؟

هذا ورد به خبر لكن في تصحيحه خلاف بين أهل العلم، أن مع كل واحد سبعين ألفا، وفي رواية مع كل واحد ألفاً.

يقول: ورد في سير أعلام النبلاء للذهبي في ترجمة الإمام مالك أنه أنكر حديث الساق، وكذلك فوض حديث الصوت، وعقب الإمام الذهبي على ذلك بقوله: "قد يكون للإمام مالك في المسألة قولان".

على كل حال الأئمة لا يلزمون بما ثبت عند غيرهم، يعني إذا ثبت عند غيره لا يلزم الإمام الناقد أن يكون ثابتاً عنده، وقد يخفى عليه، قد لا يبلغه أصلاً الخبر، يبلغ من دونه ولا يبلغه إن كان إماماً، لا يتصور أن يكون العلم مجموعا عند واحد، يكون عند هذا ما ليس عند هذا.