فقه الإمام البخاري في الحج (10)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم مستمعينا الكرام إلى هذا اللقاء الذي يسعدنا أن يجمعنا بفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله والذي استضفناه طيلة حلقات هذا البرنامج في هذه اللقاءات التي تتكلم حول فقه الإمام البخاري رحمة الله تعالى عليه في الحج في مطلع هذا اللقاء أرحب بكم فضيلة الشيخ فأهلاً وسهلاً.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

إخوتنا المستمعين الكرام لايزال الحديث موصولاً في المسائل والتراجم التي أوردها الإمام البخاري رحمة الله تعالى عليه في الطواف ولو تفضلتم فضيلة الشيخ فما تعرّض له الإمام البخاري رحمة الله عليه في مسائل الطواف بعد صلاتي الصبح والعصر وأداء ركعتي الطواف في أوقات النهي.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فقد ترجم الإمام البخاري رحمه الله تعالى بقوله باب الطواف بعد الصبح والعصر باب الطواف بعد الصبح والعصر وكان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي ركعتي الطواف ما لم تطلع الشمس وطاف عمر رضي الله عنه بعد الصبح فركب حتى صلى الركعتين بذي طوى وأورد فيه ما ورد في الصلاة في هذين الوقتين قال ابن حجر وقد ذكر فيه آثارًا مختلفة ويظهر من صنيعه أنه يختار فيه التوسعة يعني من طاف لا يمنع ومن امتنع لا يثرب عليه من طاف وأجل الصلاة حتى يخرج وقت النهي لا يثرب عليه من طاف وصلى في وقت النهي لا يثرب عليه هذا ما يختاره الإمام من وجهة نظر الحافظ ابن حجر لأن الإمام رحمة الله تعالى قد ذكر في هذا الباب آثار مختلفة منها على سبيل المثال المنع من الصلاة بعد الصبح وبعد العصر ومنها أنه كان يصلي ركعتي راتبة الظهر بعد العصر مما يدل على الجواز مما يدل على المنع على ما في المسألة من خلاف طويل في فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي ذكر ابن عبد البر رحمه الله تعالى أن الثوري والكوفيين كرهوا الطواف بعد العصر والصبح قالوا فإن فعل فليؤخر الصلاة قال ابن حجر ولعل هذا عند بعض الكوفيين وإلا فالمشهور عند أبي حنيفة أن الطواف لا يكره وإنما تكره الصلاة وقال ابن المنذر رخص في الصلاة بعد الطواف في كل وقت جمهور الصحابة ومن بعدهم ومنهم من كره ذلك أخذًا بعموم النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر وهو قول عمر والثوري وطائفة وذهب إليه مالك وأبو حنيفة منهم من كره ذلك، كره الصلاة بعد الطواف في  أوقات النهي وقال أبو الزبير رأيت البيت يخلو بعد هاتين الصلاتين ما يطوف به أحد يعني بعد الصبح وبعد العصر وروى الإمام أحمد بإسناد حسنه الحافظ ابن حجر عن أبي الزبير عن جابر قال كنا نطوف فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة ولم نكن نطوف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس نعم نكن نطوف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس في قوله كنا نطوف ونمسح الركن الفاتحة والخاتمة دليل على الإشارة والتكبير بعد الفراغ من الطواف يعني في خاتمة الطواف ويؤيده حديث كلما حاذى الركن كبّر هذه فائدة قبل أن نتعدى الحديث الحديث حسن حسن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري وهو من طريق أبي الزبير عن جابر والمعروف عن أبي الزبير من مدلس ورواه بالعنعنة وفي إسناده أيضًا ابن لهيعة على كل حال قابل للتحسين عند على طريقة ابن حجر احتج من لم ير بذلك بأسًا بما رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن خزيمة وغيرهما من حديث جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئًا فلا يمنعن أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار» لكن إيراد البخاري رحمه الله تعالى لأثر ابن عمر أنه كان يصلي ركعتي الطواف ما لم تطلع الشمس هو جار على مذهب ابن عمر في اختصاص الكراهة بحال الطلوع وحال الغروب يعني في الوقت المضيق أما الوقت الموسع فلا تشمله الكراهة ولا حرج حينئذٍ وروي عنه عن ابن عمر أنه كان لا يطوف بعد العصر ولا بعد الصبح.

مطلقًا.

نعم وروي أنه إذا طاف بعد الصبح لا يصلي حتى تطلع الشمس وهكذا العصر وأورد الإمام رحمه الله تعالى في الترجمة قوله طاف عمر بعد الصبح فركب حتى صلى الركعتين بذي طوى خبر عمر طاف بعد الصبح فركب حتى صلى الركعتين بذي طوى رواه مالك عنه موصولاً وهو أورده البخاري معلق بصيغة الجزم يفسره ما جاء في بعض الروايات أن عمر رضي الله عنه طاف بعد الصبح سبعًا ثم خرج إلى المدينة فلما كان بذي طوى وطلعت الشمس وطلعت الشمس صلى ركعتين فدل على أن المانع له من صلاة الركعتين بعد الطواف مباشرة في المسجد وصلاتها في المسجد أفضل وإن جاز فعلها في أي مكان إلا أنه لم يمنعه إلا أن شمسًا تطلع فهذه الرواية تفيد أن سبب التأخير خروج وقت النهي وأخرج ابن أبي شيبة بإسناد حسنة الحافظ عن عائشة أنها قالت: إذا أردت الطواف بالبيت بعد صلاة الفجر أو العصر فطف وأخر الصلاة حتى تغيب الشمس أو حتى تطلع يعني حتى تغيب الشمس إذا طفت بعد العصر وحتى تطلع إذا إذا طفت بعد صلاة الصبح وصل لكل أسبوع ركعتين وهذا يدل على عدم الصلاة في أوقات النهي وإن جاز الطواف ويدل أيضًا على أنها ترى جواز جمع الأسابيع متتالية ثم يعقب ذلك بصلاة ركعتين لكل أسبوع المسألة هي فرع من مسألة كبرى وهي فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي والجمهور على أنه لا يفعل شيء من ذوات الأسباب أعني الحنفية والمالكية والحنابلة لا يجيزون بل يكرهون الصلاة في هذه الأوقات يسمونها أوقات الكراهة ودل لها نصوص صحيحة صريحة حديث عقبة بن عامر ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا والنهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس والنهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وهي خمسة أوقات الشافعية يقولون أن هذه النهي في أحاديث النهي عن هذه الصلاة عام في جميع الصلوات وأحاديث ذوات الأسباب خاص بهذه الصلوات فيقولون الخاص مقدم على العام والجمهور أيضًا يقولون بمثل هذه الدعوى يقولون أن أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات والخاص مقدم على العام وعلى كل حال المسألة من عضل المسائل والإنسان في سعة مادام هناك أوقات تجوز فيها الصلاة من غير كراهة والإنسان يريد أن يتقرب فإذا طاف بعد العصر أو بعد الصبح يؤخر الصلاة إلى أن يخرج وقت النهي ترجم الإمام البخاري رحمه الله تعالى باب بقوله باب إذا وقف في الطواف يعني قطع الطواف لأمر ما وقال عطاء فيمن يطوف وتقام الصلاة أو يدفع عن مكانه أو يدفع عن مكانه إذا سلم يرجع إلى حيث قطع عليه يعني أنه يبني على ما مضى عطاء فيمن يطوف وتقام الصلاة أو يدفع عن مكانه إذا سلم يرجع إلى حيث قطع  عليه يعني من حيث يبني من حيث ما وقف عليه ويذكر نحوه عن ابن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما وأشار البخاري رحمه الله تعالى بذلك إلى رد ما روي عن الحسن أن من أقيمت عليه الصلاة وهو في الطواف فقطعه أنه يستأنف ولا يبني على ما مضى لأن النبي عليه الصلاة والسلام طاف مرِتبًا متواليًا إلى أن فرغ من غير قطع وقال خذوا عني مناسككم وخالفه الجمهور فقالوا يبني هذا قطعه لأمر شرعي مأذون بفعله بل مأمور بفعله شرعًا والذي قطعه هو من أمر به وقاطعه لأمر أهم نعم قطع الطواف لأمر أهم يتجه لكن قطعه لأمر ليس ذا بال نعم يقال فيه مثل ما قال الحسن خالفه الجمهور فقالوا يبني وقيده مالك بصلاة الفريضة يعني لا يقطع الطواف إلا صلاة الفريضة.

وله أن يبني على ما...

يبني على ما مضى وهو قول الشافعي وفي غيرها إتمام الطواف أولى فإن خرج فلا حتى في غير الفريضة عند الشافعي وقال أبو حنيفة وأشهب يقطعه ويبني واختار الجمهور قطعه للحاجة نعم إذا دعت الحاجة إلى ذلك معه من رفقته من احتاج إلى الدورة مثلاً وهو لا يعرف الطريق وكذا أو احتاج إلى أن يرتاح لأنه تعب تعبًا شديدًا يبني بلا شك أو لكن هل يقطعه لصلاة الجنازة مثلاً.

وهذا يكثر.

وهل يسجد إذا مر بآية سجدة أثناء طوافه ويقرأ القرآن في الطواف لأنه من أعظم من أفضل الأذكار إذا مر بآية سجدة يسجد ويصلي الجنازة لأنها تفوت صلاة الجنازة تفوت فالأولى قطعه والبناء على ما مضى وكذلك سجدة التلاوة لا سيما إذا كان الطواف نفل فالنفل فيه سعة يباح فيه الكلام ويباح فيه غيره فمن باب أولى أن يقطع لمثل هذه الأمور المهمة أما ما عدا ذلك مما لا يحتاج إليه فالنبي عليه الصلاة والسلام طاف متواليًا مرتبًا وقال خذوا عني مناسككم وهي عبادة ينبغي أن تفعل على مراد الله وعلى ضوء ما جاء عن نبيه عليه الصلاة والسلام.

نعم هنا مسألة صغيرة يا شيخ لو قطعه للراحة احتاج إلى أن يرتاح.

إذا احتاج إلى أن يرتاح تعب في الطواف يقطعه ويجلس ويرتاح ثم يستأنف وهل يبني..؟

يبني والا يستأنف؟

لا يبني على ما مضى لكن إن بدأ من أولى الشوط فهو أحوط وإن بدأ من أثنائه من حيث وقف كفى وأجزأه إن شاء الله تعالى.

 

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم أيها الإخوة المستمعون الكرام في ختام هذا اللقاء نتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله شكرًا لكم أنتم وتقبل الله منا ومنكم وعيدكم مبارك ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيده على الجميع وهم بأحسن حال وخيره إنه جواد كريم نلقاكم بإذن الله تعالى في لقاء مقبل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.