شرح مختصر الخرقي - كتاب قطاع الطريق (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب قطاع الطريق: والمحاربون..."

باب؟ نعم.

"والمحاربون هم الذين يعرضون للقوم بالسلام في الصحراء فيغصبونهم المال مجاهَرة. فمن قتل منهم، فمن قَتل منهم وأخذ المال قُتل وإن عفا صاحب المال، وصُلِب حتى يشتهر ودُفِع إلى أهله، ومن قَتل منهم ولم يأخذ المال قُتل ولم يصلب، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ثم رجله اليسرى في مقام واحد، ثم حسم وخُلِّي."

اليد والرجل حسمتا اليد والرجل.

"ثم حسمتا وخُلِّي، ولا يقطع منهم إلا من أخذ ما يُقطع السارق في مثله، ونفيهم أن يشردوا ولا يتركون يأوون في بلد، فإن تابوا من قبل أن يُقدَر عليهم سقطت عنهم حدود الله تعالى وأخذوا بحقوق الآدميين من الأنفس والجراح والأموال إلا أن يعفى لهم عنها. والله أعلم."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب قطاع الطريق. وقلنا مرارًا إن مثل هذا على الاصطلاح المأثور عند أهل العلم والجادة التي مشوا عليها أنه باب وليس بكتاب؛ لأنه من كتاب الحدود. وقطاع الطريق هم المحاربون، ولذا درج كثير من أهل العلم أن يسموا هذا الباب باب حد الحرابة، والأصل في ذلك الآية {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} [سورة المائدة:33] فهي حرابة ومحاربة وهم قطاع الطريق، وهذا اصطلاح كثير من أهل العلم أيضًا، وهذا الباب ضمه إلى أهل البغي الذي تقدم، وأيضًا الردة فيه حد المرتد وقتال أهل البغي وقطاع الطريق بينهم تشابه، ولذا درج المتأخرون من مصنفي الحنابلة أن يجعلوها متتالية وراء بعض، لو نظرنا إلى الزاد مثلاً وأصول الزاد التي اختُصِر منها، وجدناهم يجعلونها وراء بعض.

 يقول -رحمه الله تعالى-: والمحاربون الذين يعرضون للقوم بالسلاح في الصحراء فيغصبونهم المال مجاهرة لا خفية وخلسة، وإنما هم بالسلاح، وأن يكونوا في الصحراء، يعرضون للقوم يتعرضونهم في طريقهم، ويأخذون أموالهم، وقد يقتلونهم، وهذا الأمر عظيم جدًّا وهو إخافة السبيل وقطع الطريق، كان الناس لا يأمنون على أنفسهم ولا على أموالهم ولا على أعراضهم؛ بسبب القطاع. كم سمعنا في الرحلات إلى الحج سواء كانت من المشرق أو من المغرب يُختطف منهم الكثير، وكثير من الناس لم يحج؛ بسبب عدم أمن الطريق. أمن الطريق شرط في وجوب الحج، ولا شك أنه تعاقَب على بلاد المسلمين دول متفاوتة في الأمن والعدل وضبط السبل، فمنهم المفرِّط، ومنهم المضيِّع، وقد يعتري بعض الجهات اختلال في الأمن وعدم انضباط في الحكم، وذكروا في كتب الرحلات بلدانًا بعينها من بلاد المسلمين أنها لا يأمن فيها الإنسان ولا في طريقها منها وإليها، وذكروا الرحالة ابن بطوطة وغيره ذكروا في مصر بلدًا يقال له: عيذاب ما أدري هو مندرس أو موجود.

طالب: ..........

ماذا؟

المقصود أنهم ذكروا أنه كاسمه يعذَّب فيها الناس ويسلبون وقد يُقتلون، وأما أنواع العذاب وصنوف العذاب التي ذكرها الرحالة فشيء لا يخطر على البال، المسألة مسألة إذا كان القصد المال يعني لماذا يتعدى على الأنفس والأعراض، وذكروا في جهات أخرى، لكن ذكروا عن هذه البلدة شيئًا لا يطيقه عقل. أقول: لعله فيه نوع مبالغة، لكن أكثر من مصنِّف في الرحلات ذكروا ذلك عن هذه البلدة على وجه الخصوص، وأظنها على البحر الأحمر من بلدان مصر، والحمد لله، الذي بدَّل الخوف بالأمن على مدة طويلة جدًّا تزيد على ثمانين عامًا في الدولة السعودية الثالثة- ولله الحمد-، يعني الشخص يمشي معه أهله وأمواله في الطريق وحده، نسأل الله جل وعلا أن يديم هذه النعمة، وهي من أعظم النعم التي يمتن بها الله -جل وعلا- على عباده؛ لأنها بسببها وبوجودها يتمكن الناس من عبادة الله -جل وعلا- قد لا يتمكنون من أداء عباداتهم مع الخوف.

 يعني وصل الخوف في بلاد الأندلس في آخر الحكم الإسلامي أنهم استفتوا عن الصلاة بغير تيمم، ما يستطيعون ولا التيمم حتى قالوا في كتب تواريخ الأندلس إن منهم من يتذرع بحك ظهره فيمسح الجدار، وهذا التيمم، نسأل الله العافية؛ لأنهم في آخر الوقت خلعوا الأبواب من البيوت؛ ليدخلوا في أي وقت شاؤوا، النصارى، فأمور مهولة لا تخطر يعني العقول لا تحتملها؛ لأننا ما أدركنا شيئًا من هذا، ولله الحمد.

 الطبقة التي قبلنا أدركوا شيئًا من الجوع والذين قبلهم أدركوا شيئًا من الخوف، وأما طبقتنا -ولله الحمد- ما أدركنا شيئًا، ونسأل الله -جل وعلا- أن يديم هذه النعم، وذكرت في مناسبات أن الحج من شرق المملكة والحجاج لا يستطيعون أن يحجوا عن طريق البر؛ لعدم أمن الطريق، فيضطرون أن يحجوا عن طريق البحر، يذهبون إلى البحرين ويحجون عن طريق البحر مع حجاج البحرين؛ لأنه عن طريق البحر، البر مستحيل، وقوبل شخص من كبار السن توفي قبل سنين من أهل الأحساء وسئل عن حجته الأولى، شيء ما تتصورونه أنتم ولا أنا ولا.. لأنا ما أدركنا شيئًا من هذا. يقول: ذهبنا إلى البحرين؛ لنحج معهم فقالوا: إنه ما فيه حجاج هذه السنة، ما هنا إلا عن طريق بومباي بالهند، يقول: رحنا للهند؛ لنحج عن طريق البحر، يعني كلام مكرر قلته في أكثر من مناسبة لكن التذكير به في غاية الأهمية، وفي الرياض صائم يوم عرفة مع أولاده بالرياض، فلما انصرف الناس من عرفة بكى، شيخ كبير السن فقال له ابنه: ما يبكيك؟ قال: الناس يحجون وأنا جالس بالرياض ما حججت، قال: ودك أن تحج؟ قال: أظنه يظن أنه ما يمكن معه الحج، ويصلح له مكانًا بالمرتبة الثانية بالجيب ويذهب به من الرياض ويمر به المحرم، وأحرم ومر عرفة وهو ماشٍ، ومزدلفة، وحج مع الناس.

 لا شك أننا نتفيأ هذا الأمن ونعيشه، وكثير من الطبقة بعد التي أصغر منا ومن بعدهم قد لا يقدرون هذه النعم قدرها، ولذلك ترون التصرفات من بعضهم كأن الأمر إلا ملك واستحقاق لهم، فعلى الجميع من جميع الطبقات حكام ومحكومين السعي بكل ما يستطاع وما يقدر عليه لتثبيت هذا الأمن واستمرار هذا الأمن بتطبيق شرع الله، والأخذ على أيدي السفهاء والمفسدين بقوة وبحزم؛ من أجل أن تستمر هذه النعمة، وفي آية البقرة {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ} [سورة البقرة:155]. قرر العلماء أن الأمن أهم من الأكل والشرب.

الرازي ذكر مثالًا يقول: لو أتيت بشاة كسيرة ووضعت عندها الطعام أكلته، لكن لو أتيت بشاة وربطت قدامها ذئبًا ما تأكل، ما يمكن أن تأكله، والله المستعان.

 والمحاربون الذين يعرضون للقوم بالسلاح في الصحراء، وبعضهم لا يرى هذا القيد، ويرى أنهم محاربون ولو كانوا في القرى والبلدان مادام يخيفون الناس، وينشرون الرعب في قلوبهم والذعر فهم محارِبون. ويغصبونهم المال مجاهرة يعني لا خفية ولا خلسة، ومن قتل منهم وأخذ المال المؤلِّف جرى على المذهب وهي أن آية المائدة للتقسيم وليست للتخيير، ومن أهل العلم من قال: إنها {يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} [سورة المائدة:33] من يرى أنها للتخيير، والأمر في ذلك راجع إلى الإمام، فينفذ فيهم ما هو الأصلح من الأحكام المذكورة، والمؤلف وغيره من فقهاء المذهب، وهو قول معروف عند أهل العلم أن قول هنا للتقسيم، فتكون أقسامًا، وابن مالك يقول:

خيِّر أبح قسم بأو وأبهم

 

 

 

............................

 

خيِّر أبح قسِّم بأو وأبهم

 

 

............................

 

فهي ترد للتقسيم كما ترد للتخيير، لكن هنا مشى على أنها للتقسيم.

 قال: من قَتل منهم وأخذ المال قُتل وإن عفا صاحب المال، وصُلِب حتى يشتهر. طيب من قَتل وأخذ المال قُتل وإن عفا صاحب المال، طيب عفا صاحب المال ما يعفيه عن القتل؟ وصُلِب حتى يشتهر، يعني وإن عفا صاحب المال يأتي هنا، وصُلِب حتى يشتهر؛ لأن الصلب في مقابل أخذ المال، والقتل في مقابل القتل، لكنه الفرق بينه وبين القتل في الظروف العادية أنه القتل لا يتحتم، بل يمكن العفو هنا يتحتم قتله وصلبه أيضًا، قُتل وإن عفا صاحب المال وصُلب حتى يشتهر، قد يقول قائل: متى يُنَزَّل من مكان الصلب إذا عَرف الناس اشتهر أمره وعُرِف أن هذا قطع الطريق، ونُفِّذ فيه حكم الله القتل والصلب، انتهى المقصود.

طالب: ..........

لا، هم قالوا حتى يسيل صديده بحيث يستبشع ويعرف الناس في أطراف البلد أن هذا مقتول لكذا. وإن عفا صاحب المال؛ لأن الحق لله -جل وعلا-، كالسارق إذا رفع أمره إلى ولي الأمر. وصلب حتى يشتهر ودفع إلى أهله، يعني بعد أن ينتهى من صلبه يدفع إلى أهله يغسلونه ويكفنونه ويصلون عليه؛ لأنه مسلم، ومن قَتل ولم يأخذ المال قُتل ولم يصلب، هذا القسم الثاني ولم يصلب، ومن أخذ المال ولم يَقتل، ومن أخذ المال ولم يَقتل، هذا أمره أعظم من السارق ودون القاتل، قال: قطعت يده اليمنى من مفصل الكف ثم رجله اليسرى، وهذا معنى قوله -جل وعلا- {مِنْ خِلَافٍ}، وتقدم هذا في حد السرقة حينما يسرق للمرة الثانية، ثم رجله اليسرى في مقام واحد، ثم حُسمتا وخلي في مقام واحد، تقطع اليد اليمنى ثم تُحسَم بالزيت على ما تقدم، ثم الرجل اليسرى، ثم تحسم في المقام نفسه، ما يقال: تقطع يده حتى يندمل جرحه، ثم يؤتى به لتقطع رجله، لا، إنما هو في مقام واحد.

 ثم حسمتا وخلي ولا يقطع منهم إلا من أخذ ما يقطع في مثله السارق، يعني نصاب، ربع دينار أو ثلاثة دراهم، أو ما قيمته ثلاثة دراهم على ما تقدم، ما يقطع في مثله السارق ونفيهم {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} [سورة المائدة:33] متى الحكم هذا متى؟ إذا لم يقتلوا ولم يسرقوا، وإنما أخافوا السبيل، ونفيهم أن يشردوا فلا يتركون يأوون في بلد، فإن تابوا، لكن هل الأنفع أن يشردوا في مثل ظروفنا، ولايزال تخويفهم للناس قائمًا، أو يسجنون ويكف شرهم بذلك؟ وإن كان السجن في غير بلدهم فهو تم الحكم الشرعي، وأُمنت المفسدة التي ترتبت على ما غيَّره الناس، قبل الناس متعاونون كل واحد يعرف الثاني، الآن والله ما يدرى من المشرد وما المشرد.

طالب: ..........

لا، ما يكفي هذا رأي الحنفية، لكن إذا أبعد عن أهله وعشيرته وسجن ترتبت المصالح وانتفت المفاسد.

 فإن تابوا من قبل أن يقدر عليهم، فإن تابوا من قبل أن يقدر عليهم جاؤوا وسلموا أنفسهم تائبين سقطت عنهم حدود الله -عز وجل-، وأخذوا بحقوق الآدميين، يعني من قتل وسرقة، وأما حق الله -جل وعلا- فيسقط للنص {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ} [سورة المائدة:34] فإن تابوا من قبل أن يقدر عليهم سقطت عنهم حدود الله -عز وجل- وأخذوا بحقوق الآدميين من الأنفس والجراح والأموال إلا أن يعفا لهم عنها، في الأول قال: ولو عفا صاحب المال، ولو عفا صاحب الدم يتحتم قتلهم وصلبهم، لكن الآن إذا تابوا من قبل أن يقدر عليهم إذا عفا صاحب الدم أو صاحب المال لا يتحتم الحد.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

يتحتم عليهم إضافة إلى.. لو ما فعلوا إلا انتهاك الأعراض مثلاً هذا الذي تقصده؟

طالب: ..........

لعل القرطبي.. فيه شيء؟

طالب: ..........

يصير فيه شرعًا.. يصير مباركًا.. خذه يا شيخ..

بسم الله الرحمن الرحيم.

قال القرطبي -رحمه الله تعالى- في تفسيره:

قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة المائدة:33-34] فيه خمس عشرة مسألة:

 الأولى: اختلف الناس في سبب نزول هذه الآية، فالذي عليه الجمهور أنها نزلت في العرنيين، روى الأئمة واللفظ لأبي داود عن أنس بن مالك أن قومًا من عُكَل -أو قال: من عُرينة- قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاجتووا المدينة، فأمر لهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بلقاح وأمرهم أن..

اجتووا: استوخموا يعني تغير عليهم الجو فمرضوا بسبب ذلك.

فأمر لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا، فلما صحوا قتلوا راعي النبي -صلى الله عليه وسلم- واستاقوا النعم فبلغ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم-..

النبيَّ.. النبيَّ..

فبلغ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- خبرَهم من أول النهار..

خبرُهم.

فبلغ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- خبرُهم من أول النهار، فأرسل في آثارهم، فما ارتفع النهار حتى جيء بهم، فأمر بهم فقُطِّعَت أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، وألقوا في الحرة يَستسقُون فلا يُسقَون، قال أبو قلابة: فهؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله، وفي رواية..

هم قتلوا الراعي، سَمَلوا سَمَروا أعينه، يعني ما تحتم قتلهم مع أنهم قتلوه؟

طالب: ..........

نعم حتى مات لكن..

طالب: ..........

هذا أشد من القتل مع المبادرة؛ لأن مآلهم بهذه الطريقة إلى الموت، وهو القتل، ما يقول قائل: إنه لا يتحتم قتلهم؛ لأن النبي ما قتل العُرنيين، هم في حكم المقتولين، لكنه أشد.

وفي رواية: فأمر بمسامير فأحميت فكحلهم وقطع أيديهم وأرجلهم وما حسمهم، وفي رواية..

ما حسمهم لماذا؟ لأن الهدف أن يموتوا.

طالب: ..........

لكن هل هذه مُثلة أم مماثلة؟

طالب: ..........

لا، هل هذه مثلة أم مماثلة؟ مماثلة، هم فعلوا بالراعي هكذا.

طالب: ..........

مماثلة.

طالب: ..........

ما حُرِّقوا.

طالب: ..........

نعم هم فعلوا هذا وفُعل بهم لا هذا ما هو بتحريق هذا بنفس الآلة التي التي فعلوا بها.

وفي رواية بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في طلبهم قافة فأتى بهم فأتي بهم قال: فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً} [سورة المائدة:33] الآية، وفي رواية قال أنس: فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشًا حتى ماتوا. وفي البخاري: قال جرير بن عبد الله في حديثه: فبعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نفر من المسلمين حتى أدركناهم وقد أشرفوا على بلادهم فجئنا بهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال جرير: فكانوا يقولون: الماء ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «النار». وقد حكى أهل التواريخ والسير أنهم قطعوا يدي الراعي ورجليه وغرزوا الشوك في عينيه حتى مات وأدخل المدينة ميتًا، وكان اسمه يسارًا، وكان نوبيًّا، وكان هذا الفعل من المرتدين سنة ست من الهجرة وفي بعض الروايات عن أنس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحرقهم بالنار بعدما قتلهم.

 وروي عن ابن عباس والضحاك أنها نزلت بسبب قوم من أهل الكتاب كان بينهم وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد فنقضوا العهد وقطعوا السبيل وأفسدوا في الأرض. وفي مصنف أبي داود عن ابن عباس قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [سورة المائدة:33] إلى قوله: {غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة البقرة:173] نزلت هذه الآية في المشركين، فمن أخذ منهم قبل أن يقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام عليه الحد الذي أصابه، وممن قال: إن الآية نزلت في المشركين عكرمة والحسن، وهذا ضعيف يرده قوله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [سورة الأنفال:38] وقوله -عليه الصلاة والسلام-: «الإسلام يهدم ما قبله» أخرجه مسلم، والصحيح الأول؛ لنصوص الأحاديث الثابتة في ذلك. وقال مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي: الآية نزلت فيمن خرج من المسلمين يقطع السبيل ويسعى في الأرض بالفساد قال ابن المنذر: قول مالك صحيح، قال أبو ثور محتجًّا لهذا القول: وفي الآية دليل على أنها نزلت في غير أهل الشرك وهو قوله- جل ثناؤه-: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ} [سورة المائدة:34]، وقد أجمعوا على أن أهل الشرك إذا وقعوا في أيدينا فأسلموا أن دماءهم تحرم، فدل ذلك على أن الآية نزلت في أهل الإسلام، وحكى الطبري عن بعض أهل العلم أن هذه الآيةِ نسخت..

الآيةَ.

أن هذه الآيةَ نسخت فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في العرنيين، فوقف الأمر على هذه الحدود، وروى محمد بن سيرين قال: كان هذا قبل أن تنزل الحدود، يعني حديث أنس، ذكره أبو داود. وقال قوم منهم الليث بن سعد: ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- بوفد عرينةُ.

عرينةَ.

بوفد عرينةَ نسخ؛ إذ لا يجوز التمثيل بالمرتد. قال أبو الزناد: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما قطع الذين سرقوا لقاحه وسمل أعينهم بالنار عاتبه الله -عز وجل- في ذلك فأنزل الله تعالى في ذلك {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ} [سورة المائدة:33] الآية أخرجه أبو داود، قال أبو الزناد: فلما وعظ ونهي عن المثلة لم يعد. وحكي عن جماعة أن هذه الآية ليست بناسخة لذلك الفعل؛ لأن ذلك وقع في مرتدين لاسيما وقد ثبت في صحيح مسلم وكتاب النسائي وغيرهما قال: إنما سمل النبي- صلى الله عليه وسلم- أعين أولئك؛ لأنهم سملوا أعين الرعاة، فكان هذا قصاصًا، وهذه الآية في المحارب المؤمن. قلت: وهذا قول حسن، وهو معنى ما ذهب إليه مالك والشافعي، ولذلك قال الله تعالى {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ} [سورة المائدة:34] ومعلوم أن الكفار لا تختلف أحكامهم في زوال العقوبة عنهم بالتوبة بعد القدرة كما تسقط قبل القدرة، والمرتد يستحق القتل بنفس الردة دون الحرابة، ولا ينفى ولا تقطع يده ولا رجله ولا يخلى سبيله، بل يقتل إن لم يسلم، ولا يصلب أيضًا، فدل أن ما اشتملت عليه..

في الصحيح أن المشرك والمقاتِل الذي قطع يد الصحابي فلما رفع السيف عليه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وحينئذ إذا قال: لا إله إلا الله بعد أن قطع يده في حديث أسامة قالها متعوذًا، خائف من السيف، قتل في المسلمين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- تغيَّظ وقال: «أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟! فما تصنع بلا إله إلا الله» ومازال يكررها -عليه الصلاة والسلام- يدل على أنه لو كان كافرا ثم أسلم الإسلام يهدم ما كان قبله ولو قطع يده.

فدل على أن ما اشتملت عليه الآية ما عني به المرتد، وقال تعالى في حق الكفار: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [سورة الأنفال:38] وقال في المحاربين: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ} [سورة البقرة:160] الآية، وهذا بيِّن، وعلى ما قررناه في..

من قبل أن تقدروا عليهم، مفهومها أنهم لو تابوا بعد القدرة فإنهم لا يعفى عنهم.

طالب: .........

أين؟

طالب: .........

إذا جاء مستسلمًا وكان تائبًا.

طالب: .........

ماذا تريد أن يفعل؟ سيلجأ لغيره.

طالب: .........

ما يؤمَن إذا ما سلَّم نفسه ما يؤمَن.

نعم قل يا أبا عبد الله.

طالب: .........

هو جاء في بعض الروايات عند أبي داود وغيره: فنزلت آية المائدة، وكون الآية تنزل عقب حدث لا يلزم منه أن يكون هو السبب، قد يتزامن معه مع الحدث نزول آية فلا يلزم أن يكون هو الباعث إلا أن الترتيب بالفاء عند أهل العلم يعتبرونه سببًا من الأسباب، قد يتعدد السبب، ولكن يكون هذا سببًا.

طالب: .........

هو ما فيه شك أن التشابه موجود، لكن التطابق، هو موجود؟

طالب: لا.

ما هو موجود.

وعلى ما قررناه في أول الباب لا إشكال ولا لوم ولا عتاب؛ إذ هو مقتضى الكتاب قال الله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [سورة البقرة:194] فمَثَّلوا فمُثِّل بهم، إلا أنه يحتمل أن يكون العتاب إن صح على الزيادة في القتل، وذلك تكحيلهم بمسامير محماة وتركهم عطاشى حتى ماتوا. والله أعلم.

لما فعلوا بالراعي أو الرعاة وقتلوهم هذه مماثلة.

وحكى الطبري عن السدي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يسمل أعين العرنيين وإنما أراد ذلك فنزلت الآية ناهية عن ذلك، وهذا ضعيف جدًّا فإن الأخبار الثابتة وردت بالسمل في صحيح البخاري: فأمر بمسامير فأحميت فكحلهم، ولا خلاف بين أهل العلم إلا أن حكم هذه الآية مترتب في المحاربين من أهل الإسلام، وإن كانت نزلت في المرتدين أو اليهود، وفي قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [سورة المائدة:33] استعارة ومجاز؛ إذ الله سبحانه وتعالى لا يحارَب لا يحارَب ولا يغالَب لما هو عليه من صفات الكمال ولما وجب له من التنزيه عن الأضداد والأنداد، والمعنى يحاربون أولياء الله، فعبر بنفسه العزيزة عن أوليائه إكبارًا لإذايتهم، كما عبَّر بنفسه عن الفقراء الضعفاء في قوله: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} [سورة البقرة:245] حثًّا على الاستعطاف عليهم، ومثله في صحيح السنة: «استطعمتك فلم تطعمني» الحديثُ، أخرجه مسلم، وقد تقدم..

الحديثَ.

الحديثَ أخرجه مسلم، وقد تقدم في البقرة الثانية..

في آيات الربا {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [سورة البقرة:279] المرابي محارب لله ورسوله، لكن وإن كان السبب أكل الربا والسبب هنا قطع الطريق فلا يعني أن الحرب المقصود بها ما يحصل بين الخَلْق إنما شأنه عظيم مثل شأن الحرب.

الثانية: واختلف العلماء فيمن يستحق اسم الحرابة؛ فقال مالك: المحارِب عندنا من حمل على الناس في مصر أو في برِّية، وكابرهم عن أنفسهم.

في مصر أو برية خلافًا لما مشى عليه المؤلف أنه في الصحراء.

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

نعم إذا ولاهم على أنهم.

طالب: .........

لا لا، في الأخبار في بعض الأخبار ما هو في الآية في بعض الروايات في خبر العرنيين هو ما نزلت الآية من أجل ما حصل من الزيادة على الآية.

وكابرهم عن أنفسهم وأموالهم دون نائرة ولا دخل ولا عداوة. قال ابن المنذر: اختُلِف عن مالك في هذه المسألة.

الدَّخَل والدَّغَل بمعنى واحد: الحقد.

فأثبت المحاربة في المصر مرة، وقال ذلك مرة. وقالت طائفة: حكم ذلك في المصر أو في المنازل والطرق وديار أهل البادية والطرق سواء، وحدودهم واحدة. وهذا قول الشافعي وأبي ثور قال ابن المنذر: كذلك هو؛ لأن كلاًّ يقع عليه اسم المحاربة، والكتاب على العموم وليس لأحد أن يخرج من جملة الآية قومًا بغير حجة. وقالت طائفة: لا تكون المحاربة في المصر إنما تكون خارجًا عن المصر هذا قول سفيان الثوري وإسحاق والنعمان، والمغتال كالمحارِب وهو الذي يحتال في قتل إنسان على أخذ ماله، وإن لم يشهِر السلاح، لكن دخل عليه بيته أو صحبه في سفر فأطعمه سمًّا فقتله فيقتل حدًّا لا قَوَدًا.

سُمًّا غيلة.

الثالثة: واختلفوا في حكم المحارب فقالت طائفة: يقام عليه بقدر فعله، فمن أخاف السبيل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف، وإن أخذ المال وقتل قُطعت يده ورجله ثم صلب، فإذا قَتل ولم يأخذ المال قُتل وإن هو لم يأخذ المال ولم يقتل نفي، قاله ابن عباس، وروي عن أبي مِجلَز والنخعي وعطاء الخراساني.

ما اسمه أبو مجلد؟

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

نسيت؟ تذكر، ما هو اسمه لاحق بن حميد..

طالب: .........

كيف ما تدري؟! كل هذه السنين قاعد بهذه الربعة ولا تدري؟! قاعد بهذه الربعة كل هذه السنين ولا تدري؟! أين لاحق الألف واللام أين تصير؟ أين تصير؟ في ترتيبها.

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

يبحث عنه بالكنى، يعني ما أنت برائح للاحق؛ لأن لاحق في آخر الحروف لام ألف وما قبل الياء وإلا فالأصل عندهم اللام قبل الميم والنون والواو والهاء، لكن عندهم لام ألف بعدها كلها وقبل الياء.

طالب: قبل الياء؟

نعم لام ألف.

طالب: يعني بعد الواو وقبل الياء.

نعم آخر شيء.

هذا هو؟

طالب: .........

طالب: وروي عن أبي مجلز والنخعي.

... يا أبا عبد الله..

اليوم واحد أرسل رسالة مبحوث بأحد الملتقيات أو مسؤول سؤال عن حفظ القاموس، وجاءت الردود واحد يقول: من أهم المهمات، ورأيت شناقطة يحفظونه يحفظون القاموس بالمدينة، وذكروا في معرِض الكلام واحدًا يحفظ لسان العرب في مصر شنقيطي، وواحد يقول: لا، أبدًا الحفظ هذا كله لا يجدي، إنما تديم النظر في كتب اللغة، تديم النظر في كتب اللغة، وتنظر إلى الضبط؛ لأنك إذا حفظت القاموس خفي عليك ما في تهذيب اللغة أو الصحاح أو غيره من الضبط الذي قد يكون القاموس فيه مخطئًا، فأنت إذا احتجت شيئًا تديم النظر في كتب اللغة وتضبط، ونقول: هنا مثله حفظ التقريب مثلاً أو معرفة الرجال من خلال الشروح، وهذا مهم جدًّا من خلال الشروح.

وروي عن أبي مجلز والنخعي وعطاء الخراساني وغيرهم، وقال أبو يوسف: إذا أخذ المال وقَتل صلب وقُتل على الخشبة. قال الليث: بالحربة مصلوبًا. وقال أبو حنيفة: إذا قَتل قُتل، وإذا أخذ المال ولم يَقتُل قطعت يده ورجله من خلاف، وإذا أخذ المال وقَتل فالسلطان مخيَّر فيه إن شاء قطع يده ورجله، وإن شاء لم يقطع وقَتله وصلبه. قال أبو يوسف: القتل يأتي على كل شيء، ونحوه قول الأوزاعي، وقال الشافعي...

يعني يكتفى بالقتل عن غيره؛ لأنه يأتي على كل شيء كما قيل في الرجم، وأنه لا يجلد الزاني المحصَن.

طالب: ... يُصلب ثم يُقتل وهو مصلوب بالحربة...

نعم هذا هو، هذا هو، يُصلَب ثم يُقتل.

قال الشافعي: إذا أخذ المال قطعت يده اليمنى وحسمت ثم قطعت رجله اليسرى وحسمت وخلي؛ لأن هذه الجناية زادت على السرقة بالحرابة، وإذا قتل قُتل، وإذا أخذ المال وقَتل قُتل وصُلب، وروي عنه أنه قال: يصلب ثلاثة أيام، قال: وإن حضر وكثَّر وهيب وكان ردءًا وكان ردءًا للعدو حُبس. وقال أحمد: إن قتل قُتل، وإن أخذ المال قطعت يده ورجله كقول الشافعي. وقال قوم: لا ينبغي أن يصلب قبل القتل فيحال بينه وبين الصلاة والأكل والشرب، وحكي عن الشافعي: أكره أن يُقتَل مصلوبًا لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المثلة. وقال أبو ثور: الإمام مخيَّر على ظاهر الآية، وكذلك قال مالك.

وأيضا اتخاذه غرض وجاء النهي عن اتخاذ ما فيه روح غرضًا.

وكذلك قال مالك، وهو مروي عن ابن عباس وهو قول سعيد بن المسيَّب وعمر بن عبد العزيز ومجاهد والضحاك والنخعي كلهم قال: الإمام مخيَّر في الحكم على المحاربين يحكم عليهم بأي الأحكام التي أوجبها الله تعالى من القتل والصلب أو القطع أو النفي بظاهر الآية، قال ابن عباس: ما كان في القرآن أو فصاحبه بالخيار، وهذا القول أشعر بظاهر بالآية فإن أهل القول الأول..

أشعرُ.

أشعرُ، أحسن الله إليك.

وهذا القول أشعرُ بظاهر الآية، فإن أهل القول الأول الذين قالوا: إن أو للترتيب، وإن اختلفوا فإنك تجد أقوالهم أنهم يجمعون أجمعون عليه حدين فيقولون: يقتل ويصلب، ويقول بعضهم: يصلب ويقتل، ويقول بعضهم: تقطع يده ورجله وينفى، وليس كذلك الآية، ولا معنى أو في اللغة، قاله النحاس، واحتج...

ولا معنى.. ماذا يقول؟

ولا معنى أو في اللغة.

لا، التقسيم معروف من معاني أو.

واحتج الأولون بما ذكره الطبري عن أنس بن مالك أنه قال: سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبريل -عليه السلام- عن الحكم في المحارِب فقال: من أخاف السبيل وأخذ المال فاقطع يده للأخذ، ورجله للإخافة، ومن قتل فاقتله، ومن جمع ذلك فاصلبه، قال ابن عطية: وبقي النفي للمخيف فقط، والمخيف في حكم القاتل، ومع ذلك فمالك يرى فيه الأخذ بأيسر العذاب والعقاب استحسانًا.

الرابعة: قوله تعالى: {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} [سورة المائدة:33] اختلف في معناها فقال السدي: هو أن يطلب أبدًا بالخيل والرجل حتى يؤخذ فيقام عليه حد الله أو يخرج من دار الإسلام هربًا ممن يطلبه عن ابن عباس وأنس بن مالك ومالك بن أنس والحسن والسدي والضحاك وقتادة وسعيد بن جبير والربيع بن أنس والزهري حكاه الرماني في كتابه، وحكى عن الشافعي أنهم يُخرَجون من بلد إلى بلد ويُطلَبون لتقام عليهم الحدود، وقاله الليث بن سعد والزهري أيضًا، وقال مالك أيضًا: ينفى من البلد الذي أحدث فيه هذا إلى غيره ويحبس فيه كالزاني. وقال مالك أيضًا والكوفيون: نفيهم سجنهم فينفى من سعة الدنيا إلى ضيقها، فصار كأنه إذا سجن فقد نفي من الأرض إلا من موضع استقراره، واحتجوا بقول بعض أهل السجون في ذلك:

خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها

 

 

 

فلسنا من الأموات فيها ولا الأحياء

 

إذا جاءنا السجان يوما لحاجة

 

 

عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا

 

حكى مكحول أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أولَ من حبس..

أولُ.

أولُ من حبس في السجون وقال: أحبسه حتى أعلم منه التوبة، ولا أنفيه من بلد إلى بلد فيؤذيهم، والظاهر أن الأرض في الآية هي أرض نازلة، وقد تجنب الناس قديمًا الأرض التي صار فيها الذنوب، ومنه الحديث الذي ناء بصدره نحو الأرض المقدسة.

يعني من قتل المائة.

وينبغي للإمام إن كان هذا المحارِب مخوف الجانب يُظَن أنه يعود  إلى حرابة أو إفساد أن يسجنه في البلد الذي يغرب إليه، وإن كان غير مخوف الجانب، فظن أنه لا يعود إلى جناية سُرِّح. قال ابن عطية: وهذا صريح مذهب مالك أن يغرب ويسجن حيث يغرب، وهذا على الأغلب في أنه مخوف، ورجحه الطبري وهو الواضح؛ لأن نفيه من أرض النازلة هي نص الآية، وسجنه بعد بحسب الخوف منه، فإن تاب فإن تاب وفُهمت حاله سُرِّح.

 الخامسة: قوله تعالى: {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} [سورة المائدة:33] النفي أصله الإهلاك، ومنه الإثبات والنفي..

باقٍ؟

الخامسة قصيرة ثلاثة أسطر.

أعطني إياها.

الخامسة: قوله تعالى: {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} [سورة المائدة:33] النفي أصله الإهلاك ومنه الإثبات والنفي، فالنفي الإهلاك بالإعدام، ومنه النفاية لردي المتاع، ومنه النفل لما تطاير من الماء عن الدلو، قال الراجز:

كأن مُتَيْنه من النفي............

 

 

 

................................

 

كأن...

كأن مَتْنِيِّه؟ مَتْنَيْه؟

كأن مَتْنَيْه من النفي

 

 

 

مواقع الطير على الصفي

 

ما ذكر فيها شيئًا.

علَّق؟

قال: جاء في اللسان مادة نفى أن الصحيح كأن متى؛ لأن بعده من طول إشراف على الطوى.

ماذا بعده؟

السادسة؟

طويلة السادسة؟

نصف صفحة.

الباقي خمسة عشر مسألة.

خمسة عشر..

قف على السادسة.

جزاك الله خيرًا.

طالب: .........

نعم حتى تحسن حاله، ويُشهَد له بذلك.