شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب الصوم (عام 1428 هـ) - 05

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في شرح كتاب الصوم من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، والذي يتولى شرح أحاديثه صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لا زلنا في حديث عمران بن حصين -رضي الله عنهما- في الحديث عن سرر هذا الشهر، وخلاف أهل العلم حول السرر، هل هو سرر شعبان أو رمضان؟ وما قيل في المسألة، نستكمل أحسن الله إليكم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد؛

فقد مضى الكلام في معنى سرر والخلاف فيه هل هو آخر الشهر؛ كما يقوله الجمهور أو هو، أو هو منتصفه ووسطه، أو هو أوله.

والقول بأنه أول الشهر قول ضعيف مردود عند أهل العلم؛ لأن السرر من الاستسرار وهو الخفاء، وأول الشهر يشتهر بين الناس، ويعرفه الخاص والعام بعد إعلانه.

وأما القول بأنه منتصف الشهر، فالداعي إليه كون آخر شهر شعبان قد نُهي عن صيامه، الذي جاء في النهي عن تقدم بيوم أو يومين، وأُيِّدَ القول بأنه منتصف الشهر وإن كان الاستسرار من حيث الاشتقاق لا يتجه إلى منتصف الشهر بمعنى الاستسرار الذي هو الخفاء؛ لأن منتصف الشهر هو أوضح ما فيه من حيث القمر لكن قالوا: إنه بمثابة السرة من البدن، فهي منتصفه، ودعاهم إلى ذلك ما ذكرنا من أن سرر شهر شعبان بمعنى آخره منهي عنه، وأيضًا جاء الحث على صيام الأيام البيض، وهي سرر الشهر، بمعنى سرته، هذا انتهينا منه.

ثم بعد ذلك قال: أظنه يعني رمضان، في الحديث.

وهذه الكلمة طال فيها كلام أهل العلم، ومضى كلام الخطابي، ولا مانع من إعادته حيث يقول: هكذا جاء في الحديث: أظنه يعني رمضان، وجاءت الأحاديث كلها بخلافه، وإنما هو شعبان، إذ لا معنى لأمره إياه بصيام شهر، سرر رمضان إذ كان ذلك مستحقًّا عليه -يعني واجبًا عليه- نحو الفرض في جملة الشهر -يعني أوله وآخره ومنتصفه ووسطه كله فرض-، وكذلك رواه حماد عن ثابت عن مطرف، والجريري عن أبي العلاء عن مطرف قال: «هل صمت من سرر شعبان؟»، وهو ما أشار إليه الإمام البخاري في نهاية الحديث قال: قال أبو عبد الله:.. وقال ثابت عن مطرف عن عمران عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من سرر شعبان»، قال، هكذا قال، وذَكَر، وذِكْر رمضان وهم، والله أعلم. هذا كلام الخطابي. وذِكْر رمضان وهم.

وأطال ابن حجر -رحمه الله- في تقرير هذا الوهم، ثم قال: ويحتمل أن يكون قوله: في رمضان، يعني رمضان، ويحتمل أن يكون قوله: رمضان يعني، قال: أظنه يعني رمضان، ظرفًا للقول الصادر منه، ظرفًا للقول الصادر منه -صلى الله عليه وسلم- لا لصيام المخاطب، فيوافق رواية الجريري عن مطرف، فإن فيها عند مسلم: فقال له: «فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين مكانه».

المقدم: فالظرف هنا رمضان؟

نعم.

المقدم: ظرف الكلام؟

يعني القول، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال هذا الكلام في رمضان، يعني بعدما انتهى سرر شعبان.

المقدم: سأل هل صام أمس أو قبل أمس مثلًا؟

صام أمس أو، نعم، فكان الجواب: لا، قال الرجل، فقال له: «فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين مكانه»، «فإذا أفطرت» هنا مجمل، أو مبهم، لكنه بين عند رواية مسلم، فإن فيها: «فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين مكانه».

قال الرجل، أي: الذي سأله النبي -صلى الله عليه وسلم- سواء كان عمران أو غيره: لا، يا رسول الله، أي: لم أصم سرر الشهر، لم أصم، يعني ما صمت سرر الشهر، قال: «فإذا أفطرت» أي: من رمضان؛ كما في مسلم، «فصم يومين بعد العيد عوضًا عن سرر شعبان، عوضًا عن سرر شعبان»، والأكثر على أن قوله: يعني رمضان، وهم، أكثر الشراح على هذا، وهو الظاهر لكن العيني لما أُورد إشكالات على الحث، على الحث على صيام سرر شعبان، أُورد عليه أكثر من إشكال في هذا الحديث؛ لأنه صح النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، ومقتضى الحديث الحث عليه، الأمر الثاني: أمره بالقضاء «فإذا أفطرت فصم يومين»، ومعلوم أن سرر شعبان على ما يفيده هذا الحديث مستحب لا يجب قضاؤه، ولم يقل أحد بوجوبه إلا بالنذر.

العيني -رحمه الله- أراد أن يخرج من هذا الإشكال، وقرر أن قوله: أظنه يعني رمضان، «صمت من سرر هذا الشهر»، يعني: رمضان، من سرر رمضان.

المقدم: هذا ما يصلح أبدًا.

ما يمكن؛ لأنه لا معنى لأمره، لسؤاله، لا معنى لسؤاله.

المقدم: أوله ووسطه وآخره كله واجب.

لا معنى للسؤال: هل صمت سرر رمضان؟

العيني يقول: في قوله: «فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين»، نقول: هذا ابتداء كلام معناه أنك إذا تركت السرر من رمضان، يعني آخر رمضان الذي هو فرض فصم يومين عوضه؛ لأن السرر يومان من آخر الشهر- كما ذكرناه- بخلاف سرر شعبان، بخلاف سرر شعبان فإنه ليس بمتعين عليه، فلذلك لم يأمره بالقضاء بعد قول الرجل: لا يا رسول الله، يعني ما صمت سرر هذا الشهر الذي هو شعبان، يقول: فإن قلت: كيف قال: «فصم يومين» في رواية مسلم بعد قوله: «فإذا أفطرت رمضان»، والذي يفطر رمضان هل يكتفي في قضائه بيومين؟

لأنه قال: «فإذا أفطرت رمضان» عندنا في الحديث: «فإذا أفطرت».

المقدم: «فصم يومين».

نعم، وفي رواية لمسلم: «فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين مكانه»، هذه ما فيها إشكال، يقول العيني: فإن قلت: كيف قال: «فصم يومين»، وفي رواية مسلم بعد قوله: «فإذا أفطرت رمضان»، والذي يفطر رمضان هل يكتفي في قضائه بيومين؟

المقدم: لا.

الآن أفطر رمضان، الرواية الواضحة المبينة: «إذا أفطرت من رمضان»، «إذا أفطرت من رمضان»، يعني بعدما أكملت صيام الشهر كله، فصم يومين مكان السرر الذي تركته من شعبان، هذه الرواية واضحة ما فيها إشكال، لكن رواية؟

المقدم: «فإذا أفطرت رمضان».

«فإذا أفطرت رمضان»، يقول: والذي يفطر رمضان هل يكتفي في قضائه بيومين؟

المقدم: لا.

لا، قلت: تقديره من رمضان، أفطرت من رمضان، يعني أفطرت شيئًا من رمضان، وحذفت لفظة (من)، وهي مرادة كما في الرواية الأخرى، وهي من قبيل قوله تعالى: { وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ } [الأعراف: 155]، أي: من قومه، وهذا هو تحرير هذا الموضع الذي لم أر أحدًا من شراح البخاري ومن شراح مسلم حرر هذا الموضع كما ينبغي ولا سيما من يدعي في هذا العلم بدعاوى عريضة بمقدمات ليس لها نتيجة.

الآن العيني في قوله: أظنه رمضان، يعني رمضان، «إذا أفطرت من سرر رمضان»، أو «من رمضان فصم يومين مكانه»، ما الداعي إلى تحديد يومين؟ إن كان عملًا بالرواية المطلقة «إذا أفطرت رمضان»، فمن أفطر رمضان فعدة من أيام آخر سواء كان الشهر كله أو بعضه، لا بد من العدة الكاملة يوم بيوم، وإن كان أفطر بعض الأيام فيصوم بعدد ما أفطر، ثلاثة أيام يصوم ثلاثة، أفطر يومين يصوم يومين، ولا داعي لقوله: «فصم يومين مكانه»، اللهم إلا إذا كان علم من هذا الشخص أنه أفطر يومين من رمضان، لكن أي يومين من رمضان؟ هل يمكن أن يقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له في شوال: «أصمت سرر هذا الشهر؟»، فقال: لم أصمه، ولا بد أن يكون له عذر في فطر اليومين الأخيرين من رمضان، لكن يبقى قوله: «فإذا أفطرت فصم يومين» متى قيل هذا الكلام؟ الظاهر أنه قيل له أثناء الصيام في رمضان، وعلى كل حال؛ كلام العيني وإن أعجبه لكنه...

المقدم: غير متوجه.

غير متوجه، يقول: وهذا هو تحرير هذا الموضع الذي لم أر أحدًا من شراح البخاري ومن شراح مسلم حرر هذا الموضع كما ينبغي ولا سيما من يدعي في هذا العلم، في هذا الفن بدعاوى عريضة بمقدمات ليس لها نتيجة.

المقدم: ابن حجر.

يقصد -والله أعلم- ابن حجر؛ لأن ابن حجر أطال في تقرير هذا الوهم، وابن حجر حينما يقرر إنما يقرر بالروايات الأخرى لا بالمعقول كما يفعل غيره من الشراح.

وعلى كل حال؛ لا شك أن قوله: أظنه يعني رمضان، هذا وهم، بدليل أن الرواة كلهم قالوا...

المقدم: من سرر شعبان.

من سرر شعبان.

يبقى الإشكال، يبقى الإشكال في الحث على صيام سرر شعبان، ومعارضته للنهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين.

يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري بعد أن ذكر الخلاف في المراد بالسرر: هل هو آخر الشهر أو أوله، وترجيح بعضهم أن المراد وسط الشهر، بعضهم وجه أو رجح أن المراد وسط الشهر، وقال: إن السرر جمع سرة، وسرة الشيء وسطه، ويؤيده الندب إلى صيام البيض، وهو وسط الشهر، وأنه لم يرد في صيام آخر الشهر ندب، لم يرد في صيام آخر الشهر ندب، بل ورد فيه نهي خاص وهو آخر شعبان لمن صامه لأجل رمضان، «لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين»، وبهذا يتبين لنا دقة الإمام البخاري في الترجمة، باب الصوم من آخر الشهر، «أما صمت سرر هذا الشهر؟»، الذي هو شعبان، فيحثه على صيام آخر الشهر، والبخاري حمله على العموم على ما تقدم، أي شهر، سرر أي شهر صمه لكي تعتاد صيام آخر الشهر، فإذا جاء سرر شعبان تصوم؛ لأن من كانت له عادة مستثنى من النهي.

قال: ويؤيده الندب إلى صيام البيض وهو ووسط الشهر، وأنه لم يرد في صيام آخر الشهر ندب بل ورد فيه نهي خاص وهو آخر شعبان لمن صامه لأجل رمضان، ورجحه النووي بأن مسلمًا أفرد الرواية التي فيها سرة، سرة هذا الشهر عن بقية الروايات، أفرد الرواية التي فيها سرة هذا الشهر عن بقية الروايات، وأردف بها الروايات التي فيها الحث، الحض على صيام البيض، وأردف بها الروايات التي فيها الحض على صيام البيض، وهي وسط الشهر؛ كما تقدم.

يقول ابن حجر: لكن لم أره، لم أر في جميع طرق هذا الحديث، أو لم أره في جميع طرق هذا الحديث باللفظ الذي ذكره -يعني سرة هذا الشهر- بل هو عند أحمد من وجهين بلفظ: «سرار»، وأخرجه من طرق عن سليمان التيمي بلفظ: «سرر»، وفي بعضها: «سرار»، وهذا يدل على أن المراد آخر الشهر، يعني كما هو قول الجمهور.

لكن كون الإمام مسلم يردف الشهر، الحديث هذا «سرر هذا الشهر» بالروايات التي تحث على صيام ثلاثة الأيام، ثلاثة أيام من كل شهر التي جاء بيانها في السنن أنها البيض.

المقدم: كأنه يرجح أنها السرر.

يعني ميل منه إلى أن السرر الوسط.

قال الخطابي: قال بعض أهل العلم: سؤاله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك سؤال زجر وإنكار.

«يا فلان أما صمت سرر هذا الشهر؟»، لكن ما يحسن أن يقال: أما صمت، لو كان سؤال زجر لقال: أصمت سرر هذا الشهر ليزجره، لكن هل يستحق الزجر وهو ما صام؟ يستحق الزجر وهو ما صام؟

المقدم: إذا كان في حقه.

الزجر، لو عرف النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صام يستحق الزجر...

المقدم: أنه صام؟

أنه صام سرر شعبان.

المقدم: كيف وهو أمره بقضائه؟

دعنا من قضائه، الآن يقولون: قال الخطابي: قال بعض أهل العلم: سؤاله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك سؤال زجر. بغض النظر عن بقية الحديث، إحنا ما زلنا في: «أما صمت سرر هذا الشهر؟».

المقدم: إذًا؛ زجر في حقه هو ليس في حق...

يعني الذي ترك، الذي ما صام يستحق زجرًا؟

المقدم: كل أحد لا، لكن مرادهم أنه زجر في حق هذا؛ لأنه أمره بالقضاء.

دعنا من بقيته، هذا الأمر بالقضاء يهدم هذا القول من أوله، من أساسه يهدمه.

هم يريدون أن ينفى صوم السرر، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأله سؤال زجر؛ لأن السرر هو الذي جاء النهي فيه عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، فسأله النبي -عليه الصلاة والسلام- سؤال زجر، كيف يقول: أما صمت، هذا زجر؟ ويستحق الزجر لو عرف النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صام، يعني دعنا من بقية الحديث الذي يهدم كلامهم، لكن من تحرير اللفظ، قال بعض أهل العلم: سؤاله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك سؤال زجر وإنكار، يعني يفهم من الحديث سؤال زجر؟ يفهم؟

المقدم: لا.

ما يفهم إطلاقًا، يعني إذا قيل الحديث بكامله هذا من الهدم لهذا القول بالكلية؛ لأنه قد نهى أن يستقبل الشهر بيوم أو يومين.

سؤال زجر وإنكار؛ لأنه قد نهي أن يستقبل الشهر بيوم أو يومين، وتُعقب بأنه لو أنكر ذلك لم يأمره بقضاء ذلك، بأنه لو أنكر ذلك لم يأمره بقضاء ذلك، وأجاب الخطابي باحتمال أن يكون الرجل أوجبها على نفسه، فلذلك أمره بالوفاء، وأن يقضي ذلك في شوال. انتهى.

أجاب الخطابي بأن يكون الرجل أوجبها على نفسه، ولذلك أمره بالوفاء، وأن يقضي ذلك في شوال. انتهى.

وقال ابن المنير في الحاشية: قوله: سؤال إنكار، فيه تكلف، ويدفع في صدره قول المسؤول: لا، يا رسول الله، يدفع في صدره قول المسؤول: لا، يا رسول الله، فلو كان سؤال إنكار لكان -صلى الله عليه وسلم- قد أنكر عليه أنه صام، والفرض أن الرجل لم يصم، فكيف ينكر عليه فعل ما لم يفعله؟! ويحتمل أن يكون الرجل كانت له عادة في صيام آخر الشهر، فلما سمع نهيه -صلى الله عليه وسلم- أن يتقدم أحد رمضان بصوم يوم أو يومين، ولم يبلغه الاستثناء ترك الصيام.

يحتمل أن يكون الرجل له عادة بصيام آخر الشهر، فلما سمع نهيه -صلى الله عليه وسلم- أن يتقدم أحد رمضان بصوم يوم أو يومين، ولم يبلغه الاستثناء «إلا من كانت له عادة»، لم يبلغه الاستثناء ترك صيام ما كان اعتاده من ذلك، ترك صيام ما كان اعتاده من ذلك، فأمره بقضائها لتستمر محافظته على ما وظّف على نفسه من العبادة؛ لأن «أحب العمل إلى الله تعالى ما دام عليه صاحبه»؛ كما تقدم، «أحب العمل إلى الله تعالى ما دام عليه صاحبه»؛ كما تقدم -يعني في كتاب الإيمان-.

وقال ابن التين: يحتمل أن يكون هذا كلامًا جرى من النبي -صلى الله عليه وسلم- جوابًا لكلام لم ينقل إلينا، قال ابن التين: يحتمل أن يكون هذا كلامًا جرى من النبي -صلى الله عليه وسلم- جوابًا لكلام لم ينقل إلينا.

قال ابن حجر: ولا يخفى ضعف هذا المأخذ.

لماذا؟

لأننا بهذا الكلام، أي كلام أي حديث لا نفهمه أو يوجد فيه تعارض بينه وبين غيره، نقول: إن هذا الحديث فيه كلام مطوي ما نفهمه، وهذه علة عليلة.

المقدم: تفتح بابًا.

بلا شك.

وقال آخرون، تفتح للموافق والمخالف حتى المخالف إذا استُدل عليه بكلام قال: الحديث فيه طوي، فيه طي، فيه كلام ما فهمناه ولم ينقل إلينا.

على كل حال؛ قال آخرون: فيه دليل على أن النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين إنما هو لمن يقصد به التحري لأجل رمضان، وأما من لم يقصد ذلك، فلا يتناوله النهي، ولو لم يكن اعتاده، وهو خلاف ظاهر حديث النهي؛ لأنه لم يستثن منه إلا من كانت له عادة، قال آخرون: فيه دليل على أن النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين إنما هو لمن يقصد به التحري لأجل رمضان، وأما من لم يقصد ذلك، فلا يتناوله النهي، ولو لم يكن اعتاده، وهو خلاف ظاهر حديث النهي؛ لأنه لم يَستثن منه إلا، أو لم يُستثن إلا من كانت له عادة.

يعني إنسان غافل عن النهي إنما ما قصد أن يتقدم رمضان وليست له عادة، يقول: هذا الحديث يمكن أن ينصرف إلى مثله لكن الحديث ما فيه استثناء إلا شيء واحد "من كانت له عادة".

وأشار القرطبي إلى أن الحامل لمن حمل سرر الشهر على غير ظاهره وهو آخر الشهر الفرارُ من المعارضة لنهيه -صلى الله عليه وسلم- عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، وقال: الجمع بين الحديثين ممكن بحمل النهي على من ليست له عادة بذلك، وحمل الأمر على من له عادة، حملًا للمخاطب بذلك على ملازمة عادة الخير حتى لا يقطع..، الجمع بين الحديثين ممكن بحمل النهي على من ليست له عادة بذلك، وحمل الأمر -في حديث الباب- على من له عادة، حملًا للمخاطب بذلك على ملازمة عادة الخير حتى لا تُقطع.

طيب؛ القضاء، يعني من كانت له عادة يُؤمر بالقضاء؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لما...

المقدم: للاستحباب ذكرنا.

نعم، لكن يبقى أن من كانت له عادة، عمل مستحب وليس بواجب، إذا أخل به، يقضيه ولا نقول: سنة فات وقتها؛ كما يقول أهل العلم في كثير من السنن، كثيرًا ما يقولون: سنة فات محلها، مع أنه جاء القضاء لبعض السنن؛ كالوتر، وراتبة الصبح بعدها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة الظهر بعد العصر، فلعله من هذا.

قال: وفيه إشارة إلى فضيلة الصوم في شعبان، وأن صوم يوم منه يعدل صوم يومين في غيره.

من أين أخذ؟ قال: «فصم يومين»، والمفترض أنه يوم واحد، وإن كان السرر يشمل اليوم واليومين؛ كما قرر أهل العلم.

قال: وفيه إشارة إلى فضيلة الصوم في شعبان، وأن صوم يوم منه يعدل صوم يومين في غيره أخذًا من قوله في الحديث: «فصم يومين مكانه» -يعني مكان اليوم الذي فوته من صوم، من صيام شعبان-.

قال ابن حجر: وهذا لا يتم إلا إن كان عادة المخاطب بذلك أن يصوم من شعبان يومًا واحدًا، وإلا؛ فقوله: «فهل صمت من سرر هذا الشهر شيئًا؟» أعم من أن يكون عادته صيام يوم منه أو أكثر، نعم وقع في سنن أبي مسلم الكجي: «فصم مكان ذلك اليوم يومين»، وفي الحديث مشروعية قضاء التطوع، وقد يؤخذ منه قضاء الفرض بطريق الأولى خلافًا لمن منع ذلك، قضاء الفرض بطريق الأولى خلافًا لمن منع ذلك.

كيف؟

المقدم: عجيب! منع أحد من قضاء الفرض؟

نعم، إذا أفطره متعمدًا، إذا أفطره متعمدًا، قال بعضهم: لا يُقضى؛ كالصلاة إذا تركها، أخرجها عن وقتها متعمدًا، قال: لا يقضيها، لكنه إذا أُمر بالقضاء مع عدم الإثم، فلأن يؤمر بالقضاء مع الإثم من باب أولى.

وتقدم في باب صوم شعبان عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرًا أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كله، وكان يقول: «خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا» الحديث.

قال ابن حجر: لا تعارض بين هذا وبين ما تقدم من الأحاديث في النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وكذا ما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني، فإن الجمع بينهما ظاهر بأن يحمل النهي على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده، فإن الجمع بينهما ظاهر بأن يحمل النهي -صوم يوم أو يومين أو النصف الثاني- بأن يحمل النهي على من لم يكن يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده.

والحديث خرّجه مسلم، فهو متفق عليه.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم، أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب الصوم من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، للتذكير، الإخوة والأخوات بإمكانهم أيضًا أن يتابعوا هذه الحلقات عبر الموقع الخاص لفضيلة الشيخ الدكتور، وهو khudheir بإمكانهم أن يتابعوا بث هذه الحلقات -بإذن الله تعالى-، شكرًا لطيب المتابعة.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.