التعليق على تفسير القرطبي - سورة غافر (02)

تخريج؟

طالب: .......

 طيب، جزاك الله خيرًا، جزاك الله خيرًا، هذه أذكار، أذكار بخط الشيخ العثيمين، خرجها هنا، جزاه الله خيرًا، لكن نسخة واحدة، ورقة واحدة.

طالب: المسعى.......

 ماذا؟

طالب: المسعى.

المسألة هذه عند الكبار، عند الشيوخ، ليست عندنا، المسائل هذه ليست لأفراد الناس، لاسيما من لم يدرك الواقع قبل البناء، هذا ليس له كلام، الذي ما يدرك الواقع قبل البناء، ولا يعرف الحدود بدقة، هذا ليس له كلام في هذا الباب؛ لأنه لا يُدرك في النصوص.

طالب: .......

 ما فيه شهود، ما فيه، نعرف، نعرف ما فيه إلا كلام الشيخ ابن جبرين فقط.

طالب: .......

هذا المشكلة، كلام ابن إبراهيم هو المشكلة، هو المشكلة كلام الشيخ ابن إبراهيم.

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 قال الإمام القرطبي- رحمه الله تعالى- "قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ، إِذْ كُلُّ مَا هُوَ آتِ قَرِيبٌ. وَأَزِفَ فُلَانٌ أَيْ: قَرُبَ يَأْزَفُ أَزَفًا، قَالَ النَّابِغَةُ:

أَزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا
  

لَمَّا تَزَلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قَدِ
  

أَيْ: قَرُبَ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} أَيْ: قَرُبَتِ السَّاعَةُ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَتَمَثَّلُ وَيَقُولُ:

أَزِفَ الرَّحِيلُ وَلَيْسَ لِي مِنْ زَادِ
  

غَيْرِ الذُّنُوبِ لِشِقْوَتِي وَنَكَادِي
  

{إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} عَلَى الْحَالِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى إِذْ قُلُوبُ النَّاسِ لَدَى الْحَنَاجِرِ فِي حَالِ كَظْمِهِمْ. وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَأَنْذِرْهُمْ كَاظِمِينَ. وَأَجَازَ رَفْعَ كَاظِمِينَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِلْقُلُوبِ. وَقَالَ: الْمَعْنَى إِذْ هُمْ كَاظِمُونَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: يَجُوزُ رَفْعُ كَاظِمِينَ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِ" يَوْمِ الْآزِفَةِ ".

يعني على ما تقدم مرارًا، تجويز هذا كله من حيث العربية، وأما تجويزه القراءة فهو مبني على الرواية.

"وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِ {يَوْمِ لْآزِفَةِ} يَوْمَ حُضُورِ الْمَنِيَّةِ، قَالَهُ قُطْرُبٌ. وَكَذَا {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِر} عِنْدَ حُضُورِ الْمَنِيَّةِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: وَقَعَتْ فِي الْحَنَاجِرِ مِنَ الْمَخَافَةِ فَهِيَ لَا تَخْرُجُ وَلَا تَعُودُ فِي أَمْكِنَتِهَا، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}. وَقِيلَ: هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ نِهَايَةِ الْجَزَعِ ، كَمَا قَالَ: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِر}".

كاظمين كما هو معلوم، حال، مثل ما قال المؤلف وغيره، وهي حالٌ من الناس، لمجموعهم أو لأفرادهم، بمجموعهم أو لأفرادهم، فإذا قلنا لمجموعهم، قلنا هذا يوم القيامة؛ لأنهم لا يتصفون بهذا الوصف مجتمعين إلا في يوم القيامة، وإذا قلنا بالنظر إلى أفرادهم فإنه عند احتضارهم؛ عند موتهم، كل إنسان يموت بمفرده، والحال في مثل هذه الصورة، يُشكل، فمثلاً في حديث المسح على الخفين ‹‹دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين›› هل المقصود حال كونهما طاهرتين مجتمعتين، أو هما طاهرتان ويصدق الوصف ولو لم تكونا مجتمعتين، ويترتب على هذا إذا قلنا: حال كونهما طاهرتين معًا، أنه لا يجوز أن تدخل الرجل اليمنى في الخف قبل غسل الأخرى، قبل غسل اليسرى، وإذا نظرنا للأفراد كما هنا، قلنا: يجوز أن تدخل الرجل اليمنى قبل غسل اليسرى، وإذا استتم إدخال القدمين في الخفين صح أنهما طاهرتان، والحال كما هو معلوم: وصف يبين هيئة الفاعل، أو يبين هيئة المفعول، والمفعول في حديث المسح، المفعول القدمان، نعم، المفعول المراد به القدمين، فيبين هيئة المفعول، والأصل عدم التجزئة، مادام أدخلتهما طاهرتين، وهو حالٌ من القدمين، حال كونهما طاهرتين، فالأصل عدم التجزئة، لكن الكلام في ما يحتمله اللفظ، فيما يحتمله اللفظ ما هو خلاف الأصل، ولذا بعضهم يجيز أن  تغسل رجلك اليمنى وتدخلها في الخف، ثم تغسل اليسرى وتدخلها الخف، ومنهم من يقول: نمشي على الأصل، نمشي على الأصل، فلا ندخل اليمنى قبل غسل اليسرى؛ لأنه لا يصدق حينما أدخل اليمنى في الخف، لا يصدق أنهما طاهرتان، لا يصدق على القدمين أنهما طاهرتان في هذا الوقت.

ويؤيد صاحب القول الثاني أنه لا مانع من ذلك؛ بأن صاحب القول الأول يحل الإشكال بما هو مجرد شبه العبث، على وجهة نظره، يقول: ما الذي يصحح كونهما طاهرتين؟ يقول: اخلع اليمنى ثم البسها ثانيه فقط، وضوءك صحيح، ثم بعد ذلك تمسح عليها مسحًا عاديًّا، يقول: هذا مجرد خلع الخف ثم لبسه ثاني هذا عبث، لكن الكلام في الاتباع، إذا كان المقصود طاهرتين، ‹‹دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين›› معًا، فلا بد من القول به، ولو كان في بادئ الأمر لا أثر له ولا حقيقة له أنه مجرد خلع ولبس، فالمسألة اتباع، اتباع للنص. وهذا هو الأحوط.

 وعندنا {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} "كاظمين" حال من القلوب أو من أربابها، حال كونهم كاظمين مجتمعين هذا يكون في يوم القيامة، وإذا قلنا: كاظمين عند موت كل واحد منهم قلبه لدى الحناجر، لدى حنجرته، وهذا وصفٌ متحقق في الأفراد كما هو متحقق في الجماعة، وكل إنسان في هذا الوقت، وقت الاحتضار، يحصل له هذا الوصف، ولا مانع من أن يراد الأمران، يراد الأمران، يوصفون بهذا جماعات وأفرادًا.

"وَأُضِيفَ الْيَوْمُ إِلَى الْآزِفَةِ عَلَى تَقْدِيرِ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ الْآزِفَةُ أَوْ يَوْمُ الْمُجَادَلَةِ الْآزِفَةُ. وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ هُوَ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ مِثْلَ مَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَصَلَاةِ الْأُولَى".

البصريون لا يجيزون مثل هذا، إضافة الشيء إلى نفسه لا يجوز عندهم، بل لا بد من التقدير، مثل مسجد المكان الجامع، مسجد المكان الجامع، لو قدرنا المكان، فالجامع هو المكان، فالجامع هو المكان، والصلاة صلاة الوقت أو صلاة الفريضة الأولى وهكذا، البصريون لا يجيزون إضافة الشيء إلى نفسه، بخلاف الكوفيين.

 "مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ أَيْ مِنْ قَرِيبٍ يَنْفَعُ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ فَيَشْفَعُ فِيهِمْ.

 قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} قَالَ الْمُؤَرِّجُ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ أَيْ: يَعْلَمُ الْأَعْيُنَ الْخَائِنَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الرَّجُلُ يَكُونُ جَالِسًا مَعَ الْقَوْمِ فَتَمُرُّ الْمَرْأَةُ فَيُسَارِقُهُمُ النَّظَرَ إِلَيْهَا. وَعَنْهُ: هُوَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ غَضَّ بَصَرَهُ، فَإِذَا رَأَى مِنْهُمْ غَفْلَةً تَدَسَّسَ بِالنَّظَرِ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ غَضَّ بَصَرَهُ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْهُ أَنَّهُ يَوَدُّ لَوْ نَظَرَ إِلَى عَوْرَتِهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ هِيَ مُسَارَقَةُ نَظَرِ الْأَعْيُنِ إِلَى مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْهَمْزَةُ بِعَيْنِهِ وَإِغْمَاضُهُ فِيمَا لَا يُحِبُّ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ: مَا رَأَيْتُ، وَقَدْ رَأَى، أَوْ رَأَيْتُ، وَمَا رَأَى. وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّهَا الرَّمْزُ بِالْعَيْنِ. وَقَالَ سُفْيَانُ: هِيَ النَّظْرَةُ بَعْدَ النَّظْرَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: {خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} النَّظْرَةُ الثَّانِيَةُ "وَمَا تُخْفِي الصُّدُورَ" النَّظْرَةُ الْأُولَى. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} أَيْ: هَلْ يَزْنِي بِهَا لَوْ خَلَا بِهَا أَوْ لَا. وَقِيلَ: وَمَا تُخْفِي الصُّدُورَ تُكِنُّهُ وَتُضْمِرُهُ".

يعني دخول هذه الأقوال كلها في الآية، كلها مما تحتمله الآية، لكن الدخول الظاهر، يعني أظهر ما يدخل في الآية، وهو ما ذكره أولاً، {خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ}، ومثله الغمز في أمٍر لا يجوز فيه الغمز، أحيانًا يكون الغمز مباحًا، كما أن النظر إلى المرأة أحيانًا قد يكون مباحًا، لكن هذا فيما حرَّمه الله- جلّ وعلا-؛ لأنه سماها خيانة، والخيانة محرمه.

 ‹‹وَلَمَّا جِيءَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ مَا اطْمَأَنَّ أَهْلُ مَكَّةَ وَطَلَبَ لَهُ الْأَمَانَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، صَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: " نَعَمْ " فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ حَوْلَهُ: مَا صَمَتُّ إِلَّا لِيَقُومَ إِلَيْهِ بَعْضُكُمْ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: فَهَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ لَا تَكُونُ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ››.

خرجه؟

نعم.

ماذا يقول؟

طالب: يقول: أخرجه أبو داود والنسائي من حديث سعد بن أبي وقاص... حديث عبد الله بن أبي سرح ....

طالب: .......

طيب، مستفيض الصياغة.

"{وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ}؛ أَيْ يُجَازِي مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا، وَمَنْ عَزَمَ عَلَى مُوَاقَعَةِ الْفَوَاحِشِ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا".

{يَقْضِي بِالْحَقّ} فيجازي كل إنسان ما يستحقه، فمجازاة مَن غض بصره عن المحارم بالأجر والثواب من الله -جلّ وعلا- وصدق النية واليقين، وفوائد غض البصر لا تكاد تحصر، ومن نظر إليها يجازَى بما يستحقه من عقاب؛ لكنه دون من عزم على مواقعة الفواحش إذا قدر عليها، نسأل الله العافية.

"{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ}؛ يَعْنِي الْأَوْثَانَ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا لَا تَعْلَمُ شَيْئًا وَلَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا تَمْلِكُ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ عَنِ الظَّالِمِينَ وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَشَيْبَةُ وَهِشَامٌ: " تَدْعُونَ " بِالتَّاءِ.

 {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} هُوَ زَائِدَةٌ فَاصِلَةٌ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بَعْدَهَا خَبَرٌ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ".

ذكرنا مرارًا أن الزيادة المراد بها هنا أن الكلام يستقيم بدونها، من حيث الإعراب، وأما من حيث المعنى فلا تزاد إلا للتأكيد، لتأكيد الكلام.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا} فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ عَطْفٌ عَلَى " يَسِيرُوا" وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ، وَالْجَزْمُ وَالنَّصْبُ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَاحِدٌ".

يعني أن الجزم والنصب يكون بحذف النون، واحد، بحذف النون في هذا الموضع؛ لأنها من الأفعال الخمسة تجزم وتنصب بحذف النون، والنصب هنا على إضمار (أن)، الواقعة بعد (الفاء) في جواب العرض، "أَوَلَمْ يَسِيرُوا".

"كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ " اسْمُ كَانَ وَالْخَبَرُ فِي "كَيْفَ". وَ"وَاقٍ" فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى اللَّفْظِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْمَوْضِعِ، فَرَفْعُهُ وَخَفْضُهُ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْيَاءَ تُحْذَفُ، وَتَبْقَى الْكَسْرَةُ دَالَّةً عَلَيْهَا، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَأَغْنَى عَنِ الْإِعَادَةِ".

يعني "واقٍ" أصله واقي بالياء منقوص، والمنقوص إذا جُرّد عن (ال) في موضع الجر والرفع تحذف ياؤه، إذا كان مجردًا من (ال)، "جاء قاضٍ"، و"مررت بقاضٍ"، لكن مع النصب تثبت، "رأيت قاضيًا".

طالب:.......

يقال: صلة، صلة، يعني شبيهًا بصلة الموصول التي لا محل لها من الإعراب، لفظ صريح، هذا هو الأدب.

طالب:......                       

الأصل أنه بالياء، الأصل أنه بالياء، لكن إذا كثر استعماله بدونها تخفيفًا، فمخالفته غير سائغة، وإلا فالنووي يقول: لا بد أن يكتب بالياء، "عمرو بن العاصي"، "شداد بن الهادي".

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا} وَهِيَ التِّسْعُ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} وَقَدْ مَضَى تَعْيِينُهَا. وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ أَيْ بِحُجَّةٍ وَاضِحَةٍ بَيِّنَةٍ، وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالسُّلْطَانِ التَّوْرَاةَ.

 {إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ} خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ مَدَارَ التَّدْبِيرِ فِي عَدَاوَةِ مُوسَى كَانَ عَلَيْهِمْ، فَفِرْعَوْنُ الْمَلِكُ وَهَامَانُ الْوَزِيرُ وَقَارُونُ صَاحِبُ الْأَمْوَالِ وَالْكُنُوزِ فَجَمَعَهُ اللَّهُ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ فِي الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ كَأَعْمَالِهِمَا".

وقد يمدهما بالمال، وقد يمدهما بالمال، قد يحتاج إلى ماله، فلا يتأخر في بذله في عداوة -موسى عليه السلام-.

"{فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} لَمَّا عَجَزُوا عَنْ مُعَارَضَتِهِ حَمَلُوا الْمُعْجِزَاتِ عَلَى السِّحْرِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا} وَهِيَ الْمُعْجِزَةُ الظَّاهِرَةُ {قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ} قَالَ قَتَادَةُ: هَذَا قَتْلٌ غَيْرُ الْقَتْلِ الْأَوَّلِ".

الذي يحصل عند الولادة، هذا غير القتل الأول الذي يحصل عند الولادة؛ لأن هذا بعد مدةٍ مديدة، بعد أن جاءهم موسى بالحق.

"لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ بَعْدَ وِلَادَةِ مُوسَى، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسَى أَعَادَ الْقَتْلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ عُقُوبَةً لَهُمْ فَيَمْتَنِعُ الْإِنْسَانُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَلِئَلَّا يَكْثُرَ جَمْعُهُمْ فَيَعْتَضِدُوا بِالذُّكُورِ مِنْ أَوْلَادِهِمْ. فَشَغَلَهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ، كَالضَّفَادِعِ وَالْقُمَّلِ وَالدَّمِ وَالطُّوفَانِ إِلَى أَنْ خَرَجُوا مِنْ مِصْرَ، فَأَغْرَقَهُمُ اللَّهُ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}؛ أَيْ فِي خُسْرَانٍ وَهَلَاكٍ، وَإِنَّ النَّاسَ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنَ الْإِيمَانِ وَإِنْ فُعِلَ بِهِمْ مِثْلَ هَذَا فَكَيْدُهُ يَذْهَبُ بَاطِلًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} "أَقْتُلْ" جَزْمٌ؛ لِأَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ".

إما أن يكون جواب الطلب، أو يكون جواب شرط مقدّر، "ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى"؛ يعني إن تذروني أقتل موسى.

"وَلْيَدْعُ" جَزْمٌ; لِأَنَّهُ أَمْرٌ".

لأن اللام لام الأمر.

 "وَ"ذَرُونِي" لَيْسَ بِمَجْزُومٍ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا وَلَكِنَّ لَفْظَهُ لَفْظُ الْمَجْزُومِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ. وَقِيلَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ لِفِرْعَوْنَ: إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْكَ فَيُجَابَ، فَقَالَ: {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} أَيْ: لَا يَهُولَنَّكُمْ مَا يَذْكُرُ مِنْ رَبِّهِ فَإِنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَأَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى.

 {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} أَيْ عِبَادَتَكُمْ لِي إِلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ إِنْ لَمْ يُبَدِّلْ دِينَكُمْ فَإِنَّهُ يُظْهِرُ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ. أَيْ: يَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ بِسَبَبِهِ الْخِلَافُ. وَقِرَاءَةُ الْمَدَنِيِّينَ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَابْنِ عَامِرٍ وَأَبِي عَمْرٍو: "وَأَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" وَقِرَاءَةُ الْكُوفِيِّينَ "أَوْ أَنْ يَظْهَرَ" بِفَتْحِ الْيَاءِ "الْفَسَادُ" بِالرَّفْعِ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مَصَاحِفِ الْكُوفِيِّينَ: أَوْ بِأَلِفٍ وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ حَرْفٍ وَفِيهِ فَصْلٌ، وَلِأَنَّ أَوْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ. النَّحَّاسُ: وَهَذَا عِنْدَ حُذَّاقِ النَّحْوِيِّينَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ بُطْلَانَ الْمَعَانِي، وَلَوْ جَازَ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْوَاوِ لَمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا هَاهُنَا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْوَاوِ إِنِّي أَخَافُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، وَمَعْنَى أَوْ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَيْ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينكُمْ فَإِنْ أَعْوَزَهُ ذَلِكَ أَظْهَرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ".

إتيان "أو" بمعنى "الواو" هذا ما نص عليه علماء العربية ابن مالك وغيره، وربما عاقبت الواو إذا، إذا لم يوجد لَبس، إذا أُمن اللَبس كانت بمعنى الواو، ونفيه هنا، وهذا عند حذاق النحويين لا تجوز أن تكون بمعنى الواو؛ لأن في ذلك بطلان المعاني، وهذا قولٌ يقول به جمع من أهل العلم، ويميل إليه شيخ الإسلام في كثير من الأحوال؛ لأن إبدال حرف بحرف استعمله المبتدعة في نفي ما يريدون، وجعلوا الحرف هذا بمعنى هذا.

 المقصود أن مقارضة الحروف وتعاقب الحروف بعضها بعضًا، هذا مقر من حيث العربية، وعليه عمل أكثر النحات، ونفيه هنا من قبل النحاس، وهو من أئمتهم؛ لأنه يترتب عليه إبطال المعاني، معاني الحروف، والحروف لكل حرٍف منها معنى، وكلٌّ له معانٍ، وإذا قلنا بأن هذا بمعنى هذا، أبطلنا هذا المعاني، وخلطنا بعضها ببعض، فتخصيص كل حرف بمعناه هذا هو الأصل، لكن أحيانًا لا مندوح من أن يكون الحرف مضمنًا لمعنى حرف آخر؛ لأن السياق يقتضيه، شيخ الإسلام يخرج من هذا الإشكال بتضمين الفعل، بتضمين الفعل معنًى يتعدى به إلى الحرف المذكور، فيكون عنده تضمين الأفعال أولى من تضمين الحروف.

طالب: .......

 نعم.

طالب:.......

إذا إيش؟

طالب:.....

ليس بمجزوم، الأصل أن الأمر يبنى، يبنى على ما يُجزم به مضارعه، يُبنى على ما يُجزم به مضارعه، لكن هل نقول: إنه مجزوم أم مبنى؟

طالب:.....

صورته صورة الجزم، ما فيها إشكال، صورته صورة الجزم، لكن هل نقول: إنه مجزوم باضطراد أو نقول: إنه مبني؟ مبني على ما يُجزم به مضارعه، وحينئٍذ لا نقول: مجزوم..

طالب:......

ماذا؟

طالب: .......

ليست نون الفعل، لا.

طالب: .......

 بحسب الكلام في حروف الجر هي أكثر شيء.

طالب: .......

 ما فيها إشكال، نفسها، حتى (من)، و(عن)، و(على)، "أصلبنكم في جذوع النخل".

طالب:.......

يعني هل كلام النحاس مطلق، بحيث يمنع تبادل الحروف، وتقارض الحروف، وتضمين الحروف مطلقًا؟ هذا قول معروف عندهم، أو أنه في هذا المعنى يترتب عليه فساد المعنى، وأما أصل المسألة لا إشكال فيها؛ لأنه يقول: وهذا عند حذاق النحويين لا يجوز أن تكون بمعنى الواو؛ لأن في ذلك بطلان المعاني، المعاني، يعني في الجملة.

طالب: .......

 ما يقصد الموضع، لا يقصد هذا الموضع فقط.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ} لَمَّا هَدَّدَهُ فِرْعَوْنُ بِالْقَتْلِ اسْتَعَاذَ مُوسَى بِاللَّهِ {مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ}؛ أَيْ مُتَعَظِّمٍ عَنِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَصِفَتُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}.

فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:

الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ} ذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ اسْمَ هَذَا الرَّجُلِ حَبِيبٌ. وَقِيلَ: شَمْعَانُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَهُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ. وَفِي تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: اسْمُهُ خَبْرَكُ. وَقِيلَ: حِزْقِيلُ: ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. الزَّمَخْشَرِيُّ: وَاسْمُهُ سَمْعَانُ أَوْ حَبِيبٌ. وَقِيلَ: خَرْبِيلُ أَوْ حِزْبِيلُ.

وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ إِسْرَائِيلِيًّا أَوْ قِبْطِيًّا فَقَالَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ: كَانَ قِبْطِيًّا. وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ ابْنُ عَمِّ فِرْعَوْنَ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي نَجَا مَعَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَلِهَذَا قَالَ: {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى} الْآيَةَ. وَهَذَا قَوْلُ مُقَاتِلٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَكُنْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ مُؤْمِنٌ غَيْرَهُ وَغَيْرَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ وَغَيْرَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي أَنْذَرَ مُوسَى فَقَالَ: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ}".

يعني قوله: " مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ "، هل هو وصف له، هذا الرجل مؤمن من أهل فرعون، أو من بني إسرائيل، لكنه يكتم إيمانه من آل فرعون؛ يعني عنهم؟ مستخفيًا بإيمانه من آل فرعون، فمتعلق الجار والمجرور من آل فرعون، يحتمل أن يكون محذوفًا، محذوفًا ووصفٌ ثانٍ لرجل، رجلٌ مؤمنٌ من آل فرعون، أو يكون حالاً من الرجل، والحال لا يأتي من الصاحب النكرة، لكنه لما وصف جاز أن يأتي منه الحال، أو يكون كتمانه إيمانه من آل فرعون، يعني بسبب خشيته منهم، فالمسألة خلاف.

طالب:.........

أيهما به تقدير؟

طالب: .......

لابد من تقدير متعلق، لا، لا، الثاني هو الذي يحتاج إلى تقدير. يعني كونه صفة لا بد من تقدير متعلق الجار والمجرور، لا بد من تقدير متعلق الجار والمجرور، إذا كان الجار والمجرور متعلقًا ب"يكتم"، "يكتم إيمانه"، فما نحتاج إلى تقدير.

طالب:........

مؤمن، اسم فاعل أم ماذا يصير؟ آمن فهو مؤمن، يتعلق بمؤمن. لكن ما تجيء، ما تجيء، لا، لا، على كل حال الخلاف موجود، ومن حيث المعنى كونه من آل فرعون ويسكت عنه وينجو فهذا هو الأقرب، أما لو كان من بني إسرائيل، فكيف يترك يقول مثل هذا الكلام القوي، ويتركه فرعون المعروف بظلمه وشدته؟

 على كل حال المؤلف يذكرها. 

 "وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: الصِّدِّيقُونَ حَبِيب النَّجَّارُ مُؤْمِنُ آلِ يَس، وَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ الَّذِي قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} ، وَالثَّالِثُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ. وَفِي هَذَا تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيْ: لَا تَعْجَبْ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ. وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ لَهُ وَجَاهَةٌ عِنْدَ فِرْعَوْنَ، فَلِهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِسُوءٍ. وَقِيلَ: كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، عَنِ السُّدِّيِّ أَيْضًا. فَفِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ. فَمَنْ جَعَلَ الرَّجُلَ قِبْطِيًّا فَ "مِنْ" عِنْدِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةُ الرَّجُلِ، التَّقْدِيرُ: وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مَنْسُوبٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، أَيْ: مِنْ أَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ. وَمَنْ جَعَلَهُ إِسْرَائِيلِيًّا فَ "مِنْ" مُتَعَلِّقَةٌ ب"يَكْتُمُ" فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِ"يَكْتُمُ". الْقُشَيْرِيُّ: وَمَنْ جَعَلَهُ إِسْرَائِيلِيًّا فَفِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: كَتَمَهُ أَمْرَ كَذَا، وَلَا يُقَالُ: كَتَمَ مِنْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} ، وَأَيْضًا مَا كَانَ فِرْعَوْنُ يَحْتَمِلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ.

الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}، أَيْ لِأَنْ يَقُولُ، وَمِنْ أَجْلِ أَنْ يَقُولَ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَ"أَنْ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِنَزْعِ الْخَافِضِ. {وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}؛ يَعْنِي الْآيَاتِ التِّسْعَ "مِنْ رَبِّكُمْ، وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ" وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِشَكٍّ مِنْهُ فِي رِسَالَتِهِ وَصِدْقِهِ، وَلَكِنْ تَلَطُّفًا فِي الِاسْتِكْفَافِ، وَاسْتِنْزَالًا عَنِ الْأَذَى".

مثل هذا في باب المناظرة على سبيل التنزّل، على سبيل التنزّل، {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}[الزخرف:81]؛ يعني على سبيل التنزّل، ولو كان له ولد، وهنا {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} هو يجزم بأنه صادق، لذا وُصف بأنه مؤمن، ولا يكون الإيمان مع الشك، لا يكون الإيمان مع الشك، بل هو جازم بأنه صادق، لكنه على سبيل التنزُّل والتلطف للمخاطب، وهذا أمرٌ مألوف في المناظرات.

"وَلَوْ كَانَ وَ"إِنْ يَكُنْ" بِالنُّونِ جَازَ، وَلَكِنْ حُذِفَتِ النُّونُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ، وَلِأَنَّهَا نُونُ الْإِعْرَابِ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ. {وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}".

نعم يجوز أن يقول: "إن يكن"، و"إن يكُ" حذف النون للتخفيف، وإلا فالأصل "إن يكن"، والجزم وقع على النون، وحذف الواو، حذف الواو؛ لئلا يلتقي ساكنان، لالتقاء الساكنين، فالأصل يكون، نعم.

"أَيْ إِنْ لَمْ يُصِبْكُمْ إِلَّا بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ بِهِ هَلَكْتُمْ. وَمَذْهَبُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ مَعْنَى "بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ" كُلُّ الَّذِي يَعِدُكُمْ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ لَبِيَدٍ:

تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَا
  

أَوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا
  

(فَبَعْضُ) بِمَعْنَى: كُلُّ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ إِذَا أَصَابَهُمْ أَصَابَهُمُ الْكُلُّ لَا مَحَالَةَ لِدُخُولِهِ فِي الْوَعِيدِ، وَهَذَا تَرْقِيقُ الْكَلَامِ فِي الْوَعْظِ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَنَّ الْبَعْضَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِ الْكُلِّ تَلَطُّفًا".

يعني قوله: {بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} لا شك أنه ترقّق وتلطُّف في المخاطبة، لو قال: "يصيبكم كل الذي وعدكم به"، عاندوا وأصروا، واستكبروا، وقالوا: يصيبنا الذي يجيء، لكن قال: يصيبكم بعض الذي يعدكم، يعني يعطيهم شيئًا من الثقة بأنفسهم؛ لكي يدخل إلى قلوبهم، فيستجيبوا، نعم.

"وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَنَّ الْبَعْضَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِ الْكُلِّ تَلَطُّفًا فِي الْخِطَابِ وَتَوَسُّعًا فِي الْكَلَامِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ
  

وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ
  

وَقِيلَ أَيْضًا: قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَذَّرَهُمْ أَنْوَاعًا مِنَ الْعَذَابِ، كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا مُهْلِكٌ، فَكَأَنَّهُ حَذَّرَهُمْ أَنْ يُصِيبَهُمْ بَعْضُ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ".

لن تقع عليهم جميع الأنواع إذا كان بعضها مهلكًا، إذا كانت مهلكة، فبعضها يكفي؛ لأنه يحصل الهلاك ببعضها، بواحد منها أو اثنين، يبقى الباقي لا موقع له، فالإصابة بالبعض المهلك، والذي يليه من الأبعاض الأخرى المهلكة لن يقع موقعه لو وقع، هذا معنى كلامهم.

"وَقِيلَ: وَعَدَهُمْ مُوسَى بِعَذَابِ الدُّنْيَا أَوْ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ إِنْ كَفَرُوا، فَالْمَعْنَى يُصِبْكُمْ أَحَدُ الْعَذَابَيْنِ. وَقِيلَ: أَيْ: يُصِبْكُمْ هَذَا الْعَذَابُ الَّذِي يَقُولُهُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ بَعْضُ الْوَعِيدِ، ثُمَّ يَتَرَادَفُ الْعَذَابُ فِي الْآخِرَةِ أَيْضًا. وَقِيلَ: وَعَدَهُمُ الْعَذَابَ إِنْ كَفَرُوا وَالثَّوَابَ إِنْ آمَنُوا، فَإِذَا كَفَرُوا يُصِيبُهُمْ بَعْضُ مَا وُعِدُوا.

 {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} عَلَى نَفْسِهِ. كَذَّابٌ عَلَى رَبِّهِ، إِشَارَةٌ إِلَى مُوسَى وَيَكُونُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُؤْمِنِ. وَقِيلَ: مُسْرِفٌ فِي عِنَادِهِ كَذَّابٌ فِي ادِّعَائِهِ، إِشَارَةٌ إِلَى فِرْعَوْنَ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى.

 الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا كَتَمَ إِيمَانَهُ، وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ بِلِسَانِهِ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا بِاعْتِقَادِهِ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَوَى بِقَلْبِهِ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، كَمَا يَكُونُ مُؤْمِنًا بِقَلْبِهِ وَكَافِرًا بِقَلْبِهِ. فَجَعَلَ مَدَارَ الْإِيمَانِ عَلَى الْقَلْبِ وَأَنَّهُ كَذَلِكَ، لَكِنْ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ".

الطلاق بالقلب هذا من حديث النفس، هذا من حديث النفس لا يقع عند جمهور أهل العلم، إلا إذا وصل إلى حدٍّ هو العزم الذي يؤاخذ به الإنسان وهو ليس بمتفق عليه أيضًا، حتى لو عزم على طلاقها، وأعد العدة للذهاب إلى المحكمة لإيقاع الطلاق وتسجيله، ولم ينطق به ثم رجع، ولو كان عازمًا، يعني وصل إلى باب المحكمة ثم ندم فرجع، ما تلفَّظ به، لا يؤاخذ؛ لأنه من حديث النفس حينئٍذ، كما أن من عزم على الحج وذهب إلى أن وصل إلى المحرم، ثم رجع قبل أن يتلبس بالنسك، لا يلزمه الدخول فيه، فحديث النفس معفوٌ عنه، وأما بالنسبة للإيمان إذا وقر القلب، ولم ينطق بالشهادتين، فحكمه في الدنيا حكم الكفار؛ لأن الغاية التي حدّدها النبي -عليه الصلاة والسلام- للكفّ عنهم، حتى يقولوا: "لا إله إلا الله" وهذا ما قال: "لا إله إلا الله"، ولكن في الآخرة إذا كان قد وقر الإيمان في قلبه وعزم عليه وصدق به وآمن واعتقده، ولم ينطق به ينفع عند الله -جلّ وعلا-، وإنما في أمور الدنيا يُعامَل معاملة الكفار.

طالب:.......

لا، إذا صلى، فمسلم حكمًا، وإذا نطق بالشهادة فمسلم، لكن إذا نقضها يكون مرتدًا، لا يكون أصليًّا.

طالب:......

نعم.

طالب: .......

يقصد الأم أم البنت؟

طالب:......

طيب.

طالب: .......

 الأم التي تذكر الصلوات؟

طالب:.....

على كل حال، من صلى مسلمٌ حكمٌ، من صلى مسلمٌ حكمٌ، فإن أتى بناقض عوقب عليه، قامت عليه الحجة يكون مرتدًا.

"وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِمَا لُبَابُهُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذْ نَوَى الْكُفْرَ بِقَلْبِهِ كَانَ كَافِرًا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِلِسَانِهِ، وَأَمَّا إِذَا نَوَى الْإِيمَانَ بِقَلْبِهِ فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا بِحَالٍ حَتَّى يَتَلَفَّظَ بِلِسَانِهِ".

إذا نوى، إذا نوى الكفر بقلبه، كان الصحابة- رضوان الله عليهم- يتحرَّجون من أشياء تقع في قلوبهم، مما لو نطق بها الإنسان لكانت أمرًا عظيمًا، ويمنعهم من ذلك خوف الله- جلّ وعلا-، والإنسان قد يتردد في نفسه شيء من حديث النفس، يعني لو نطق به كفر، قال لهم النبي- عليه الصلاة والسلام-: ‹‹ذلك صريح الإيمان›› صريح الإيمان، فما يتردد في النفوس من غير نطٍق ولا عمل، هذا لا يؤاخذ عليه إلا إذا كان العمل أو هذا المتردد من محض عمل القلب، مثل الحسد مثلاً، الحسد هذا يؤاخَذ عليه ولو لم ينطق به؛ لأنه من محض عمل القلب، وليس للسان فيه مدخل، أما الإيمان والكفر، فإنه لا يُؤاخذ ولا يُحكم به إلا إذا نطق أو عمل.

طالب:.....

بما لبابه؛ يعني من خلاصته، بما لبابه.

طالب:.....

نعم.

طالب: .......

يعني لو عَمِل عْملًا غير مقصود.

طالب:.....

يعني باقٍ على كفره، هل ينوي أنه كافر، أو ليس بكافر؟ لا يلزم.

طالب:......

فرق، هناك فرق بين كافرٌ أصلي لا يدخل في الإسلام إلا بيقين، وبين مسلم أصلي لا يحكم بكفره إلا بيقين، فالمسألة مردها إلى الأصل، ولذلك النبي- عليه الصلاة والسلام- في قصة هرقل قال: ‹‹كذب الخبيث، مات على نصرانيته››، هو ادّعى أنه مسلم في آخر الوقت، ادّعى أنه مسلم، وأعلن إسلامه في أول الأمر ثم خاف من بطارقته، فرجع، وقال: إنه أراد اختبارهم، منهم من يقول: لإن الرجوع مجرد الظاهر، لا في الباطن، بدليل أنه فيما بعد أرسل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن ما ينفع هذا، الكافر الأصلي لا بد أن يسلم بيقين، كما أن المسلم الأصلي ما يخرج منه إلا بيقين.

 ولذلك الاستدلال على بعض المكفِّرات، أنه لا يُعذر فيها الخائف، لا الهازل ولا الخائف، ولا يقع فيها الإكراه، لا يقع فيها الإكراه، استدلالاً بقصة هرقل، استدلالاً بقصة هرقل أنه أُكره، ومع ذلك ما عُذر، نقول: فرقٌ بين المسلم الأصلي لا يخرج إلا بيقين، والإكراه ينفعه، {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ}[النحل:106]، وبين الكافر الأصلي لا يدخل فيه إلا بيقين.

طالب:.....

لا بد، ‹‹أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله››، هذه الغاية لا بد منها، هذا بالنسبة لأحكام الدنيا، أما في الآخرة فيتولاه الله -جلّ وعلا-، يتولاه الله -جلّ وعلا-، والغزالي وغيره نص على أنه ينفعه إيمانه في هذه الحالة، إذا لم ينطق، والكلام كله فيه إذا لم يكن هناك مانع من النطق، إذا لم يكن هناك مانع من النطق كالأبكم مثلاً.

طالب:......

ممكن، ما معنى نوى؟

طالب: .......

 يعني كأنه خرج بالكلية من دين الإسلام؟ لكن ما تكلم؟

طالب:.....

حديث النفس، مادام ما تكلم فلا يؤاخَذ به.

طالب:.....

لا، المنافق قوله وعمله كله، وظاهره وباطنه، واحد عند غير المسلمين، عند غير المسلمين، ولذلك نفرِّق بين المنافق الذي لا يقوم للصلاة إلا كسلان، {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى}[النساء:142]، وبين المسلم الذي لا يقوم للصلاة إلا وهو كسلان، هل نقول: منافق هذا؟ فرق بينهما، المنافق منافق لن يصلي إلا للناس، ما يصلي لله -جلّ وعلا-، ما في قلبه شيء من الإيمان.

طالب:......

مسألة العزم، العزم عليه مؤاخذة، لكن ما شأننا بالعزم، العزم الذي ليس بينه وبين التنفيذ إلا الفعل فقط.

طالب: إذا وصل لهذا الحد؟

إذا وصل لهذا الحد فكثير من أهل العلم يؤاخذه؛ إلا الأخير ففيه الإثم، وفيه الأخذ قد وقع، لكن فرق بين شخص ذهب إلى بلاد الكفار مثلاً وهو مسلم، ثم عزم أن ينتقل إلى ملتهم من نصرانية أو يهودية أو غيرهما، وذهب ليسجل عزمه هذا في الجهات الرسمية؛ من أجل أن تغّير ديانته في الإقامة، هو بعد ما نطق إلى الآن، فأصيب بحادث ومات، مثل هذا بذل الأسباب، مثل الذي كان حريصًا على قتل صاحبه، ‹‹هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: كان حريصًا على قتل صاحبه››، هذا مثله.

طالب:......

النجاشي أعلن إسلامه، أعلن إسلامه، لكن ما بلغه من الشرائع شيء بالتفصيل ليعمل به، ومات مسلمًا، وصلى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:.....

ما الذي يمنع؟ لكن صلاة النبي-عليه الصلاة والسلام- تدل على أنه أسلم، وعندنا نصوص محكمة أنه حتى يقول: "لا إله إلا الله".

طالب:.....

بلا شك، نعم.

"وَلَا تَمْنَعَهُ التَّقِيَّةُ وَالْخَوْفُ مِنْ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِلِسَانِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، إِنَّمَا تَمْنَعُهُ التَّقِيَّةُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْإِيمَانِ أَنْ يَسْمَعَهُ الْغَيْرُ فِي صِحَّتِهِ مِنَ التَّكْلِيفِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ الْغَيْرِ لَهُ لِيَكُفَّ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ.

الرَّابِعَةُ: رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: ‹‹أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ؟ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثٍ فَأَرَادُوا قَتْلَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَقْبَلَ هَذَا يَجَؤُهُ، وَهَذَا يُتَلْتِلُهُ، فَاسْتَغَاثَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يُغِثْهُ أَحَدٌ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ وَلَهُ ضَفِيرَتَانِ، فَأَقْبَلَ يَجَأُ ذَا وَيُتَلْتِلُ ذَا وَيَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: وَيْلَكُمْ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ، فَقُطِعَتْ إِحْدَى ضَفِيرَتَيْ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ. فَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ لَيَوْمُ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ، إِنَّ ذَلِكَ رَجُلٌ كَتَمَ إِيمَانَهُ، فَأَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ، وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ أَظْهَرَ إِيمَانَهُ وَبَذَلَ مَالَهُ وَدَمَهُ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-››.

 قُلْتُ: قَوْلُ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِنَّ ذَلِكَ رَجُلٌ كَتَمَ إِيمَانَهُ، يُرِيدُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ بِخِلَافِ الصِّدِّيقِ فَإِنَّهُ أَظْهَرَ إِيمَانَهُ وَلَمْ يَكْتُمْهُ، وَإِلَّا فَالْقُرْآنُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ أَظْهَرَ إِيمَانَهُ لَمَّا أَرَادُوا قَتْلَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ.

 فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ أَيْضًا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالُوا لَهَا: ‹‹ مَا أَشَدُّ شَيْءٍ رَأَيْتِ الْمُشْرِكِينَ بَلَغُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَتْ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ، وَيَتَذَاكَرُونَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يَقُولُ فِي آلِهَتِهِمْ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَامُوا إِلَيْهِ بِأَجْمَعِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا سَأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ صَدَقَهُمْ، فَقَالُوا: أَلَسْتَ تَقُولُ كَذَا فِي آلِهَتِنَا؟ قَالَ: (بَلَى) فَتَشَبَّثُوا فِيهِ بِأَجْمَعِهِمْ فَأَتَى الصَّرِيخُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ: أَدْرِكْ صَاحِبكَ. فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِنَا وَإِنَّ لَهُ غَدَائِرَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ يَقُولُ: وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ؟ فَلُهُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَقْبَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلَ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنْ غَدَائِرِهِ إِلَّا جَاءَ مَعَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، إِكْرَامٌ إِكْرَامٌ››".

مخرج هذ؟

طالب: .......

الحديث هذا الأخير.

طالب:....

نعم، عناية المؤلف بكتاب نوادر الأصول للحكيم الترمذي ظاهرة، هو كتاب يجمع الأحاديث الضعيفة، والموضوعة، والقصص، والأخبار الواهية، والمطبوع منه مجرد عن الأسانيد، وإلا فالأصل أنه كتابٌ مسند، لكن ما يتفرد به محكوم بضعفه تلقائيًّا؛ لأنه من مظان الضعيف عند أهل العلم.

طالب:......

الحميدي.

طالب: .......

 جدائل، يسمونها جدائل الآن، الجدائل هذه الشعر المضفور، ضفائر.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْم} هَذَا مِنْ قَوْلِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ، وَفِي قَوْلِهِ يَا قَوْمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قِبْطِيٌّ، وَلِذَلِكَ أَضَافَهُمْ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ لِيَكُونُوا أَقْرَبَ إِلَى قَبُولِ وَعْظِهِ {لَكُمُ الْمُلْكُ} فَاشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ. {الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ}؛ أَيْ غَالِبِينَ، وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْ: فِي حَالِ ظُهُورِكُمْ. وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ أَرْضُ مِصْرَ فِي قَوْلِ السُّدِّيِّ وَغَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ}. أَيْ فِي أَرْضِ مِصْرَ. {فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا}؛ أَيْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَحْذِيرًا لَهُمْ مِنْ نِقَمِهِ إِنْ كَانَ مُوسَى صَادِقًا، فَذَكَّرَ وَحَذَّرَ فَعَلِمَ فِرْعَوْنُ ظُهُورَ حُجَّتِهِ فَقَالَ: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى}".

يعني ما عنده جواب إلا الكبر، ما عنده حجة ولا برهان، {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى}، الله المستعان، نعم.

"قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: مَا أُشِيرُ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا أَرَى لِنَفْسِي. {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} فِي تَكْذِيبِ مُوسَى وَالْإِيمَانِ بِي".

يعني سبيل الرشاد والنصح، وإذا كان الإنسان يدعو إلى غير نفسه، يمكن أن يصدق، لكن إذا كانت دعوته إلى نفسه، فكيف يصدق أنه يدعوهم إلى سبيل الرشاد، الله المستعان.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ} زَادَهُمْ فِي الْوَعْظِ {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} يَعْنِي أَيَّامَ الْعَذَابِ الَّتِي عُذِّبَ فِيهَا الْمُتَحَزِّبُونَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِيمَا بَعْدُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} زَادَ فِي الْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ، وَأَفْصَحَ عَنْ إِيمَانِهِ، إِمَّا مُسْتَسْلِمًا مُوَطِّنًا نَفْسَهُ عَلَى الْقَتْلِ، أَوْ وَاثِقًا بِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَهُ بِسُوءٍ، وَقَدْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّهُمْ بِقَوْلِهِ الْحَقَّ: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا}. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ التَّنَادِ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:

وَبَثَّ الْخَلْقَ فِيهَا إِذْ دَحَاهَا
  

فَهُمْ سُكَّانُهَا حَتَّى التَّنَادِ
  

سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُنَادَاةِ النَّاسِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، فَيُنَادِي أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ، وَيُنَادِي أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ: {أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا} وَيُنَادِي أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ: {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ} وَيُنَادِي الْمُنَادِي أَيْضًا بِالشِّقْوَةِ وَالسَّعَادَةِ: أَلَا إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ شَقِيَ شَقَاوَةً لَا يَسْعَدُ بَعْدَهَا أَبَدًا، أَلَا إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ سَعِدَ سَعَادَةً لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا. وَهَذَا عِنْدَ وَزْنِ الْأَعْمَالِ. وَتُنَادِي الْمَلَائِكَةُ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ: {أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وَيُنَادَى حِينَ يُذْبَحُ الْمَوْتُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ. وَيُنَادَى كُلُّ قَوْمٍ بِإِمَامِهِمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النِّدَاءِ.

 وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَابْنُ السَّمَيْقَعِ وَيَعْقُوبُ وَابْنُ كَثِيرٍ وَمُجَاهِدٌ: "التَّنَادِي" بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ عَلَى الْأَصْلِ . وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَعِكْرِمَةُ  "يَوْمَ التَّنَادِّ" بِتَشْدِيدِ الدَّالِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: هَذَا لَحْنٌ; لِأَنَّهُ مِنْ نَدَّ يَنِدُّ إِذَا مَرَّ عَلَى وَجْهِهِ هَارِبًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

وَبَرْكٍ هُجُودٍ قَدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِي
  

نَوَادِيَهَا أَسْعَى بِعَضْبٍ مُجَرَّدِ
  

قَالَ: فَلَا مَعْنَى لِهَذَا فِي الْقِيَامَةِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وَهَذَا غَلَطٌ، وَالْقِرَاءَةُ بِهَا حَسَنَةٌ عَلَى مَعْنَى: يَوْمَ التَّنَافُرِ".

يعني إن ثبتت القراءة فمعناها واضح، من قوله: "ند البعير إذا شرد"، كل واحد يشرد في جهة خشية أن يدركه العذاب، المعنى ظاهر، لكن العبرة بثبوت القراءة.

طالب: .......

نعم.

"قَالَ الضَّحَّاكُ: ذَلِكَ إِذَا سَمِعُوا زَفِيرَ جَهَنَّمَ نَدُّوا هَرَبًا، فَلَا يَأْتُونَ قُطْرًا مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ إِلَّا وَجَدُوا صُفُوفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَوْمَ التَّنَادِ.

وَقَوْلُهُ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ بِمَعْنَاهُ".

طالب:........

نعم.

طالب: .......

من قطور الأرض، المشار إليها في آية الرحمن، {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[الرحمن:33] أنه قبل التبديل أو بعده، الله أعلم.

طالب:.......

نعم.

طالب: .......

 لا، لو صارت ملتصقة صارت واحدة.

"ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ بِمَعْنَاهُ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمَانَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} ثُمَّ تَسْتَجِيبُ لَهُمْ أَعْيُنُهُمْ بِالدَّمْعِ فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْفَدَ الدَّمْعُ، ثُمَّ تَسْتَجِيبُ لَهُمْ أَعْيُنُهُمْ بِالدَّمِ فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْفَدَ الدَّمُ، ثُمَّ تَسْتَجِيبُ لَهُمْ أَعْيُنُهُمْ بِالْقَيْحِ. قَالَ: يُرْسَلُ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ أَمْرٌ فَيُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ، ثُمَّ تَسْتَجِيبُ لَهُمْ أَعْيُنُهُمْ بِالْقَيْحِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْفَدَ الْقَيْحُ فَتَغُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالْخِرَقِ فِي الطِّينِ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا يَكُونُ عِنْدَ نَفْخِ إِسْرَافِيلَ-عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي الصُّوَرِ نَفْخَةَ الْفَزَعِ. ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَالطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ: فَتَكُونُ الْأَرْضُ كَالسَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ تَضْرِبُهَا الْأَمْوَاجُ، فَيَمِيدُ النَّاسُ عَلَى ظَهْرِهَا، وَتَذْهَلُ الْمَرَاضِعُ، وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ مَا فِي بُطُونِهَا، وَتَشِيبُ الْوِلْدَانُ، وَتَتَطَايَرُ الشَّيَاطِينُ هَارِبَةً فَتَلْقَاهَا الْمَلَائِكَةُ تَضْرِبُ وُجُوهَهَا، وَيُوَلِّي النَّاسُ مُدْبِرِينَ يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يَضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} الْحَدِيثُ بِكَمَالِهِ.

 وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ هُنَاكَ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو إِسْكَانُ الدَّالِ مِنَ "التَّنَادِ" فِي الْوَصْلِ خَاصَّةً. وَرَوَى أَبُو مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ زِيَادَةَ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ خَاصَّةً وَهُوَ مَذْهَبُ وَرْشٍ. وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو حَذْفُهَا فِي الْحَالَيْنِ. وَكَذَلِكَ قَرَأَ سَائِرُ السَّبْعَةِ سِوَى وَرْشٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ وَسِوَى ابْنِ كَثِيرٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: سُمِّيَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوْمَ التَّنَادِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُنَادَى فِيهِ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَالْحَسْرَةِ. قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. وَقِيلَ: فِيهِ إِضْمَارٌ أَيْ: إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمِ التَّنَادِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

 {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} عَلَى الْبَدَلِ مِنْ{ يَوْمَ التَّنَادِ}. {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}؛ أَيْ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ الضَّلَالَ فَلَا هَادِيَ لَهُ. وَفِي قَائِلِهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا مُوسَى. الثَّانِي مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

يعني قوله: من خلق الله في قلبه الضلال، "من خلق الله في قلبه الضلال فلا هادي له"، ومر بنا مرارًا أن هذا من تعبير الأشاعرة. وليس من تعبير أهل السنة، الله -جلّ وعلا- بين له السبيل والطريق وهداه النجدين، لكنه أختار، مع أن الله -جلّ وعلا- كتب عليه الشقاوة فيما مضى في الأزل.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} قِيلَ: إِنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ مُوسَى. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ تَمَامِ وَعْظِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ، ذَكَّرَهُمْ قَدِيمَ عُتُوِّهِمْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَأَرَادَ يُوسُفَ بْنَ يَعْقُوبَ جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هُوَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولًا إِلَى الْقِبْطِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَلِكِ مِنْ قَبْلِ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ وَهِيَ الرُّؤْيَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ يُوسُفُ بْنُ إِفْرِائِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ".

ابن يوسف، ابن يوسف بن يعقوب.

هُوَ يُوسُفُ بْنُ إِفْرِائِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ. أَقَامَ فِيهِمْ نَبِيًّا عِشْرِينَ سَنَةً. وَحَكَى النَّقَّاشُ عَنِ الضَّحَّاكِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا مِنَ الْجِنِّ يُقَالُ لَهُ: يُوسُفُ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: إِنَّ فِرْعَوْنَ مُوسَى هُوَ فِرْعَوْنُ يُوسُفَ عُمِّرَ. وَغَيْرُهُ يَقُولُ: هُوَ آخَرُ. قَاَلَ النَّحَّاسُ: وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَتَى بِالْبَيِّنَاتِ نَبِيٌّ لِمَنْ مَعَهُ وَلِمَنْ بَعْدَهُ فَقَدْ جَاءَهُمْ جَمِيعًا بِهَا وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ بِهَا.

يعني من كذَّب موسى فقد كذَّب يوسف، ولو لم يدركه فرعون كان قبله بقرون، من كذّب موسى كذّب يوسف، وهكذا من كذّب واحدًا من الأنبياء كذّب البقية. أما قوله: بعث إليهم رسولاً من الجن يقال له: يوسف فهذا كلام ليس بصحيح، هذا كلام باطل، لكن الأصل أنه يوسف بن يعقوب، {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ}؛ يعني جاء آباءكم.

"قَاَلَ النَّحَّاسُ: وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ; لِأَنَّهُ إِذَا أَتَى بِالْبَيِّنَاتِ نَبِيٌّ لِمَنْ مَعَهُ وَلِمَنْ بَعْدَهُ فَقَدْ جَاءَهُمْ جَمِيعًا بِهَا وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ بِهَا.

{فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ}؛ أَيْ أَسْلَافُكُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ. {حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا}؛ أَيْ مَنْ يَدَّعِي الرِّسَالَةَ {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ}؛ أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الضَّلَالِ {يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} شَاكٌّ فِي وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى.

 قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ}؛ أَيْ فِي حُجَجِهِ الظَّاهِرَةِ {بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُم}؛ أَيْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ وَ"الَّذِينَ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ "مَنْ" وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ: كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ فَ "الَّذِين " نَصْبٌ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا عَلَى مَعْنَى هُمُ الَّذِينَ، أَوْ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ {كَبُرَ مَقْتًا}. ثُمَّ قِيلَ: هَذَا مِنْ كَلَامِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ. وَقِيلَ: ابْتِدَاءُ خِطَابٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. مَقْتًا عَلَى الْبَيَانِ أَيْ: كَبُرَ جِدَالُهُمْ مَقْتًا، كَقَوْلِهِ: {كَبُرَتْ كَلِمَةً} وَمَقْتُ اللَّهِ تَعَالَى ذَمُّهُ لَهُمْ وَلَعْنُهُ إِيَّاهُمْ وَإِحْلَالُ الْعَذَابِ بِهِمْ".

قوله: نصب على البيان، ما الذي يراد به؟ البيان والتفسير في أساليب المتقدمين يراد به التمييز عند المتأخرين.

"كَذَلِكَ أَيْ كَمَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ هَؤُلَاءِ الْمُجَادِلِينَ فَكَذَلِكَ {يَطْبَعُ اللَّهُ} أَيْ يَخْتِمُ {عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّار} حَتَّى لَا يَعْقِلَ الرَّشَادَ وَلَا يَقْبَلَ الْحَقَّ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ {عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّر} بِإِضَافَةِ "قَلْبِ" إِلَى الْمُتَكَبِّرِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ.

وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالْمَعْنَى: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ} عَلَى كُلِّ {مُتَكَبِّرٍ جَبَّار} فَحَذَفَ " كُلِّ" الثَّانِيَةِ لِتَقَدُّمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا. وَإِذَا لَمْ يُقَدَّرْ حَذْفُ " كُلِّ" لَمْ يَسْتَقِمِ الْمَعْنَى; لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَطْبَعُ عَلَى جَمِيعِ قَلْبِهِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ يَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُتَكَبِّرِينَ الْجَبَّارِينَ قَلْبًا قَلْبًا. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى حَذْفِ " كُلِّ " قَوْلُ ابن دُؤادَ:

أَكُلَّ امْرِئٍ تَحْسِبِينَ امْرَأً
  

وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارَا"
  

هذا فيه العاطف، فيه العاطف، والعاطف على نية تكرار العامل؛ لأنه كما قال: "وكل ناٍر"، لكن الآية ما فيها عطف.

طالب:......

هو ظاهر من وجه، لكن خفاءه من الوجه الذي بينه، إذا قلنا: على كل قلب، على كل قلب متكبر، صارت الكلية للقلب الواحد، القلب كله طُبع عليه، ولو كان المراد به شخص واحد، ولكن المراد عموم المتكبرين، لا عموم قلب المتكبر، يعني فرقٌ بين أن يكون الطبع على عموم قلب المتكبر الواحد، عموم قلب متكبرٍ واحد وبين أن يكون المراد عموم قلوب المتكبرين كلهم، وعلى هذا لا بد من تقدير كل على ما ذكروا.

طالب:.....

الآن انظر، "كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ"، كل قلب، "مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ"، هل المراد يُطبع على قلبه بكامله بغض النظر عن غيره، أو المراد الطبع على قلوب كل المتكبرين؟ هذا المعنى.

"يُرِيدُ: وَكُلُّ نَارٍ. وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ "عَلَى قَلْبِ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ" فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ وَالْإِضَافَةِ".

يعني لا على التلاوة، ولا على أنها قرآن.

"وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ ذَكْوَانَ عَنْ أَهْلِ الشَّامِ "قَلْبٍ" مُنَوَّنٍ عَلَى أَنَّ "مُتَكَبِّر" نَعْتٌ لِلْقَلْبِ فَكَنَّى بِالْقَلْبِ عَنِ الْجُمْلَةِ; لِأَنَّ الْقَلْبَ هُوَ الَّذِي يَتَكَبَّرُ وَسَائِرَ الْأَعْضَاءِ تَبَعٌ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَّا وَهِيَ الْقَلْبُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ: عَلَى كُلِّ ذِي قَلْبٍ مُتَكَبِّرٍ، تَجْعَلُ الصِّفَةَ لِصَاحِبِ الْقَلْبِ".

اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.