تعليق على تفسير سورة آل عمران من أضواء البيان (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله تعالى-:

"سورة آل عمران بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} [سورة آل عمران:7] يحتمل أن المراد بالتأويل في هذه الآية الكريمة التفسير وإدراك المعنى، ويحتمل أن المراد به حقيقة أمره التي يؤول إليها، وقد قدمنا في مقدَّمة هذا الكتاب أن من أنواع البيان التي ذكرناها فيه أن كون أحد الاحتمالين هو الغالب في القرآن يبين أن ذلك الاحتمال الغالب هو المراد؛ لأن الحمل على الأغلب أولى من الحمل على غيره، وإذا عرفت ذلك فاعلم أن الغالب في القرآن إطلاق التأويل على حقيقة الأمر التي يؤول إليها كقوله {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ} [سورة يوسف:100] وقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [سورة الأعراف:53] الآية، وقوله: {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [سورة يونس:39] وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [سورة النساء:59] إلى غير ذلك من الآيات قال ابن جرير.."

هذا من الغالب وغيره والمراد به التفسير دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام- لابن عباس« اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» هل المراد بالتأويل ما يؤول إليه الأمر المراد به التفسير.

"قال ابن جرير الطبري وأصل التأويل من آل الشيء إلى كذا إذا صار إليه ورجع، يؤول إذا صار إليه ورجع يؤول أولاً وأولته أنا صيرته إليه، وقال وقد أنشد بعض الرواة بيت الأعشى:

على أنها كانت تأول حبها

 

 

 

تأوُّل ربعي السقاب فأصحبا

 

قال ويعني بقوله تأوَّل حبها مصير حبها ومرجعه وإنما يريد بذلك أن حبها كان صغيرًا في قلبه فآل من الصغر إلى العظم فلم ينبت حتى أصبح فصار قديمًا كالصقب الصغير الذي لم يزل يشب حتى أصحب فصار كبيرًا مثل أمه قال: وقد ينشد هذا البيت:

على أنها كانت توابع حبها

 

 

 

توالي ربعي  الصقاب فأصحبا

 

وعليه فلا شاهد فيه والربيع الصقب الذي ولد في أول النتاج ومعنى أصحب انقاد لكل من يقوده ومنه قول امرئ القيس:

ولست بذي رئية أمر

 

 

 

إذا قيل...............

 

يعني مثل الصاحب يكون مطاوِعا لصاحبه ينقاد له والغالب أن الصاحب يكون مقاربا لصاحبه في السن والفهم وما أشبه ذلك، الكبير لا يصاحب طفلا وإنما يصاحب كبيرا؛ ولذا يقولون في الولد لاعبه سبعًا، ثم أدبه سبعًا، ثم صاحبه يعني بعد ذلك يكون صاحب والله المستعان.

طالب: ..........

أصحبا يعني أنه كبر ربعي الصقاب صغير هذا.

"ومنهم قول امرئ القيس:

ولست بذي رِئْيَة أَمِر

 

 

 

....................."

 

ولست بذي رَئِيَّة.

ولستُ.

نعم.

 

"ولستُ بذي رِئْيَة أَمِر

 

 

 

إذا................"

 

لا، إِمَّر بتشديد الميم.

طالب: ولست بذي رئِيَّة أو رِئْيَة؟

رِئْيَّة.

 

"ولستُ بذي رِئْيَة إمَّرَ

 

 

 

إذا قيد مستكرها أصحبا

 

والرِّئْيَة وجع المفاصل والأَمِر بكسر الهمزة."

والإمَّر.

"والإمَّر بكسر الهمزة وتشديد الميم مفتوحة بعدها راء هو الذي يأتمر لكل أحد لضعفه."

كالإمَّعة إمَّرة كالإمعة.

"وأنشد بيت الأعشى المذكور الأزهري وصاحب اللسان:

ولكنها كانت نوى أجنبية

 

 

 

توالي ربعي السقاب فأصحبا

 

وأطالا في شرحه، وعليه فلا شاهد فيه أيضًا. تنبيه: اعلم أن التأويل يطلق ثلاثة إطلاقات الأول: هو ما ذكرنا من أنه الحقيقة التي يؤول إليها الأمر وهذا هو معناه في القرآن، الثاني: يراد به التفسير والبيان ومنه بهذا المعنى قوله -صلى الله عليه وسلم- في ابن عباس «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» وقول ابن جرير وغيره من العلماء القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا أي تفسيره وبيانه، وقول عائشة الثابت في الصحيح كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده «اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» يتأول القرآن تعني.."

طالب: ..........

«سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي».

"يقول في ركوعه وسجوده «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» يتأول القرآن تعني يمتثله ويعمل به والله تعالى أعلم."

يعني يفسره بفعله.

"الثالث: هو معناه المتعارف عليه في اصطلاح الأصوليين وهو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى محتمل مرجوح بدليل يدل على ذلك، وحاصل تحرير مسألة التأويل عند أهل الأصول أنه لا يخلو من واحدة من ثلاث حالات بالتقسيم الصحيح الأول: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره بدليل صحيح في نفس الأمر يدل على ذلك وهذا هو التأويل المسمى عندهم بالتأويل الصحيح والتأويل القريب كقوله -صلى الله عليه وسلم-."

إذا وجدت القرينة الصارفة الصحيحة بحيث يكون المعنى المتبادر غير مراد هذا تأويل لأنه عدول عن اللفظ عن معناه المتبادر إلى غيره لكن لقرينة صارفة صحيحة بحيث لو فُسِّر بالمعنى المراد لفسد المعنى حينئذ يكون التأويل مقبولاً.

"كقوله -صلى الله عليه وسلم- الثابت في الصحيح «الجار أحق بصقبه» فإن ظاهره المتبادر منه ثبوت الشفعة للجار وحمل الجار في هذا الحديث على خصوص الشريك المقاسم حمل له على محتمل مرجوح إلا أنه دل عليه الحديث الصحيح المصرِّح بأنه إذا صُرِّفت الطرق وضُربت الحدود فلا شفعة."

نعم الجار في الحديث دل الدليل على أن المراد به الشريك، الشريك هو الذي له شفعة أما إذا صرّفت الطرق وحدّت الحدود معناه أن الجار بينهما حد معروف لا يلتبس ملك هذا بملك هذا حينئذٍ فلا شفعة، على أن من أهل العلم من أثبت الشفعة للجار لأنه يتضرر بورود جار آخر لا يعرف خلقه ولا طبائعه ولا تعامله فله الشفعة عندهم «والجار أحق بصقبه» سئل الأصمعي عن الصقب ما المراد به قال أنا لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا من ورعه والأصمعي يخفى عليه المعنى من حيث العربية لأنه بالنسبة لتفسير النصوص لا يكفي أن يكون المفسر عالمًا بالعربية فقط، قال لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن العرب تزعم أن الصقب اللصيق، يعني الجار الملاصق، يعني شخص يحفظ ستة عشر ألف قصيدة منها ما هو في مائتي بيت يتورع مثل هذا الورع، وعندنا ناس لا يعرفون أبجديات العلوم ويهجمون على النصوص ويحرفونها تحريفا ظاهرا جليا ويشغِّبون في ذلك ومن يرد عليهم يتهمونه ويجلبون عليه والله المستعان.

"الحالة الثانية: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره لأمر يظنه الصارف دليلاً وليس بدليل في نفس الأمر وهذا هو المسمى عندهم بالتأويل الفاسد والتأويل البعيد، ومثّل له الشافعية والمالكية والحنابلة بحمل الإمام أبي حنيفة- رحمه الله- المرأة في قوله -صلى الله عليه وسلم- «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل على المكاتبة والصغيرة» وحمله أيضا- رحمه الله- المسكين في قوله {سِتِّينَ مِسْكِيناً} [سورة المجادلة:4] على المد فأجاز إعطاء ستين مدا لمسكين واحد."

بعيد كل البعد رحمة الله عليه.

"الحالة الثالثة: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره لا لدليل أصلاً وهذا يسمى في اصطلاح الأصوليين لعبا كقول بعض الشيعة."

مثل تأويل مالك وأبي حنيفة للتفرق في حديث «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» حملوه على التفرق بالكلام مع أنه قبل الاتحاد في الكلام يعني أثناء التفرق في الكلام لا وجود للبيع أصلاً ما لم يتفقا فلا بيع.

"كقول بعض الشيعة {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} [سورة البقرة:67] يعني عائشة-رضي الله عنها-وأشار في مراقي السعود."

يخرج من بطونها شراب قالوا من بطونها بطون أهل البيت ففيه الشفاء.

طالب: ..........

كيف؟

طالب: ..........

قيل هذا التأويل بحضرة المنصور، قال شخص من الحاضرين جعل الله شفاءك فيما يخرج من بطونهم، ما الذي يخرج من بطون أهل البيت؟ مثل غيرهم.

"وأشار في مراقي السعود إلى حد التأويل وبيانا لأقسام الثلاثة بقوله معرفاً للتأويل:

حمل لظاهر على المرجوح

 

 

 

واقسمه للفاسد والصحيح

 

صحيحه وهو القريب ما حمل

 

 

مع قوة الدليل عند المستدل

 

وغيره الفاسد والبعيد

 

 

وما خلا فلعبا يفيد

 

إلى أن قال:

فجعل مسكين بمعنى المد

 

 

 

عليه لائح سمات البعد

 

كحمل مرآة على...........

 

 

.......................

 

كحمل امرأة «أيما امرأة نكحت».

"كحمل امرأة على الصغيرة

 

 

 

وما ينافي الحرة الكبيرة

 

وحمل ما ورد في الصيام

 

 

على القضاء مع الالتزام

 

وأما التأويل في اصطلاح خليل بن إسحاق المالكي الخاص به في مختصره فهو عبارة عن اختلاف شروح المدونة في المراد عند مالك- رحمه الله- وأشار له في المراقي بقوله:

والخلف في فهم الكتاب

 

 

 

صِيّر................"

 

صَيَّرَ."

.................صَيِّرَ

 

 

 

إياه تأويل............"

 

لا، صَيِّرِ.

والخلف في فهم الكتاب صِيَّر

 

 

 

.....................

 

صَيَّرَ."

......................صَيَّرَ

 

 

 

إياه تأويلا لدى المختصِر"

 

لا، صَيِّرِ."

والخلف في فهم الكتاب صَيِّرِ

 

 

 

إياه تأويلاً لدى المختصِر"

 

يعني صاحب المختصَر وهو خليل بن إسحاق المالكي من أشهر المتون الفقهية وهو عند المالكية له وزن لا يدانيه أي مختصر وشروحه كثيرة جدًا مثل مختصر الخرقي عند الحنابلة.

طالب: ..........

ما هو؟ الشرح الصغير على مختصر خليل.

طالب: ..........

لا، ليس عندهم غيره والواقع يشهد بذلك كم من شرح كم عليه من حاشية.

"والكتاب في اصطلاح فقهاء المالكية المدونة."

يعني الكتاب يعني إذا أُطلق على حسب من أطلقه فإذا كان مالكي لا شك أنهم يريدون بذلك المدونة التي فيها علم الإمام مالك، والكتاب عند النحاة مفروغ منه كتاب سيبويه، والكتاب عند عموم المسلمين المراد به القرآن.

طالب: ..........

أين؟ في الأول.

طالب: ..........

في الأول ما يؤول إليه الكلام.

طالب: ..........

لا هو على الأول.

طالب: ..........

على الخلاف فيما سيأتي الجمهور في الوقف على إلا الله المراد به ما يؤول إليه الكلام، وإذا على قراءة مجاهد والراسخون في العلم التفسير المراد به.

"قوله تعالى {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [سورة آل عمران:7] الآية لا يخفى أن هذه الواو محتملة للاستئناف فيكون قوله {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [سورة آل عمران:7] مبتدأ وخبره يقولون وعليه فالمتشابه لا يعلم تأويله إلا الله وحده والوقف على هذا تام على لفظ الجلالة ومحتملة لأن تكون عاطفة فيكون قوله {وَالرَّاسِخُونَ} [سورة آل عمران:7] معطوفًا على لفظ الجلالة، وعليه فالمتشابه يعلم تأويله الراسخون في العلم أيضا، وفي الآية إشارات تدل على أن الواو استئنافية لا عاطفة قال ابن قدامة في روضة الناظر ما نصه:"ولأن في الآية قرائن تدل على أن الله سبحانه متفرِّد بعلم المتشابه وأن الوقف الصحيح عند قوله تعالى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} [سورة آل عمران:7] لفظًا ومعنى، أما اللفظ: فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال ويقولون آمنا به بالواو، أما المعنى: فلأنه ذم مبتغي التأويل ولو كان ذلك للراسخين معلومًا لكان مبتغيه ممدوحًا لا مذمومًا؛ ولأن قولهم آمنا به يدل على نوع تفويض وتسليم لشيء لم يقفوا على معناه لاسيما إذا أتبعوه بقولهم {كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} [سورة آل عمران:7] فذكرهم ربهم هاهنا يعطي الثقة به والتسليم.."

لكن قد يقول المقابل أن عدم العلم بالشيء لا يمدح به كيف استحقوا أن يكونوا راسخين وهم لا يعلمون؟

طالب: ........

لا، التسليم شيء لكن يستوي فيه الراسخ وغير الراسخ، حتى غير الراسخ العاجز عن حقيقة المعنى يسلم ويسكت ماذا يقول؟ لأن وصفهم بالرسوخ لا يمكن أن يوصف بالرسوخ مع عدم العلم لكن ومع ذلك قد يكون راسخا وعنده علم كثير وسعة اطلاع وفهم ثاقب في كثير من المسائل، لكن بطبيعة البشر أنه لا يمكن أن يحيط بكل شيء، فإذا عجز عن شيء ما يبحث أو يحاول بعبارات مثل ما يفعله بعض الناس يلف ويدور يبحث لا بد وما أدري إيش؟ خلاص قف بثقة تامة الله أعلم؛ لأن بعض الناس وهذه في العادة عند أنصاف المتعلمين أو المتعالمين تجده إذا سئل يخشى أن يقال من أين جاه العلم ما يعرف ثم يحاول أن يدور أو يلف على معان لا تعطيه شيئًا ولا تجدي فالراسخ المتمكن ما يضيره أن يقول الله أعلم ويكل العلم إلى عالمه.

طالب: ........

معروف أنه إذا وقف الراسخ فمَنْ دونه من باب أولى، لكن أهل القول الثاني وجه بأنهم يقولون كيف يمدح بعدم العلم ويوصف بأنه راسخ في هذه المسألة بغض النظر عن الألوف المؤلفة من المسائل.

"فذكرهم ربهم هاهنا يعطي الثقة به والتسليم لأمره وأنه صدر من عنده كما جاء من عنده المحكم ولأن لفظة أما لتفصيل الجمل."

للتفصيل.

"ولأن لفظة أما لتفصيل الجمل فذكره لها في الذين في قلوبهم زيغ مع وصفه إياهم باتباع المتشابه وابتغاء تأويله يدل على قسم آخر يخالفهم في هذه الصفة وهم الراسخون ولو كانوا يعلمون تأويله لم يخالفوا القسم الأول في ابتغاء التأويل، وإذ قد ثبت أنه غير معلوم التأويل لأحد فلا يجوز حمله على غير ما ذكرناه انتهى من الروضة بلفظه."

طالب: ........

هو من أين أتى به القاضي إلا من المستصفى وغيره.

"ومما يؤيد أن الواو استئنافية لا عاطفة دلالة استقراء في القرآن أنه تعالى إذا نفى عن الخلق شيئا وأثبته لنفسه أنه لا يكون له في ذلك الإثبات شريك كقوله {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [سورة النمل:65] وقوله {لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ} [سورة الأعراف:187] وقوله {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [سورة القصص:88] فالمطابق لذلك أن يكون قوله {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} [سورة آل عمران:7] معناه أنه لا يعلمه إلا هو وحده كما قاله الخطابي، وقال لو كانت الواو في قوله والراسخون للنسق لم يكن لقوله {كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} [سورة آل عمران:7] فائدة، والقول بأن الوقف تام على قوله {إِلاَّ اللَّهَ} [سورة البقرة:83] وأن قوله والراسخون ابتداء كلام هو قول جمهور العلماء للأدلة القرآنية التي ذكرنا، وممن قال بذلك عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وابن مسعود وأبي بن كعب نقله عنه القرطبي وغيره ونقله ابن جرير عن يونس عن أشهب عن مالك بن أنس وهو مذهب الكسائي والأخفش والفراء وأبي عبيد، وقال أبو نهيك الأسدي إنكم تصلون هذه الآية وإنها مقطوعة وما انتهى علم الراسخين إلا إلى قولهم {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} [سورة آل عمران:7] والقول بأن الواو عاطفة مروي أيضًا عن ابن عباس وبه قال مجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير والقاسم بن محمد وغيرهم وممن انتصر لهذا القول وأطال فيه ابن فَورك."

فُورك.

"ابن فُورك ونظير الآية في احتمال استعمال العطف قول الشاعر:

الريح تبكي شجوَها

 

 

 

والبرق يلمع في الغمامة

 

فيحتمل أن يكون والبرق مبتدأ والخبر يلمع كالتأويل الأول فيكون مقطوعًا مما قبله، ويحتمل أن يكون معطوفًا على الريح ويلمع في موضع الحال على التأويل الثاني أي لامعًا واحتج القائل."

ويكون الفعل تبكي مسلَّطًا على الريح والبرق.

"واحتج القائلون بأن الواو عاطفة بأن الله سبحانه وتعالى مدحهم بالرسوخ في العلم فكيف يمدحهم بذلك وهم جهَّال قال القرطبي: قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمرو هذا القول هو.."

القرطبي صاحب المفهم الذي هو صاحب التفسير وشيخه صاحب المفهم في شرح مسلم.

طالب: ........

ابن عمر الظاهر ابن عمر نعم أحمد بن عمر.

طالب: ابن عمر؟

نعم والقرطبي أبو عبد الله.

طالب: ........

قال شيخنا أبو العباس وسألت شيخنا أبا العباس لكن لو قال ابن عمر ما يغلط.

طالب: ........

نعم نقل رأي شيخ الإسلام من تفسير القرطبي وعمر شيخ الإسلام عشر سنوات عندما توفى القرطبي.

"قال القرطبي قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر هذا القول هو الصحيح فإن تسميتهم راسخين يقتضي أنهم يعلمون أكثر من المحكم الذي يستوفي في علمه جميع من يفهم كلام العرب وفي أي شيء هو رسوخهم إذا لم يعلموا إلا ما يعلم الجميع انتهى منه بلفظه، قال مقيده- عفا الله عنه- يجاب عن كلام شيخ القرطبي المذكور بأن رسوخهم في العلم هو السبب الذي جعلهم ينتهون حيث انتهى علمهم ويقولون فيما لم يقفوا على علم حقيقته من كلام الله- جل وعلا- {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} [سورة آل عمران:7] بخلاف غير الراسخين فإنهم يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وهذا ظاهر وممن قال.."

الواقع والمشاهد أنه كلما ازداد العلم سهلت كلمة لا أعلم، وكل ما قلَّ العلم صعبت على الشخص أن يقول الله أعلم وهذا يؤيد ما نحن فيه.

"وممن قال بأن الواو عاطفة الزمخشري في تفسيره الكشاف والله تعالى أعلم ونسبة العلم إليه أسلم وقال بعض العلماء والتحقيق في هذا المقام أن الذين قالوا هي عاطفة جعلوا معنى التأويل التفسير جعلوا معنى التأويل التفسير وفهم المعنى كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «اللهم علِّمه التأويل» أي التفسير وفهم معاني القرآن والراسخون يفهمون ما خُوطبوا به وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه، والذين قالوا هي استئنافية جعلوا معنى التأويل حقيقة ما يؤول إليه الأمر وذلك لا يعلمه إلا الله وهو تفصيل جيد ولكنه يشكل عليه أمران الأول قول ابن عباس- رضي الله عنهما-."

بناءًا على هذا الكلام يمكن تصحيح القولين بتحرير محل الخلاف كان المراد بالتفسير التأويل ما يؤول إليه إن كان المراد بالتأويل ما يؤول إليه الكلام فالمتعين الأول قول الجمهور وإن كان معناه التفسير والكشف والبيان عن المعاني فالقول الثاني هو المتجه.

"الأول قول ابن عباس- رضي الله عنهما- التفسير على أربعة أنحاء: تفسير لا يعذر أحد في فهمه، وتفسير تعرفه العرب من لغاتها، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله فهذا تصريح من ابن عباس أن هذا الذي لا يعلمه إلا الله بمعنى التفسير لا ما تؤول إليه حقيقة الأمر، وقوله هذا ينافي التفصيل المذكور، الثاني: أن الحروف المقطعة في أوائل السور لا يعلم المراد بها إلا الله إذ لم.."

من أراد يطلع أو يتبين مثل هذا الكلام ينظر في تفسير آيات أشكلت لشيخ الإسلام ابن تيمية كيف يجيب عنها شيخ الإسلام وكثير من أهل العلم يتوقف فيها؟! {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [سورة يوسف:76].

"إذ لم يقم دليل على شيء معين أنه هو المراد بها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا من لغة العرب فالجزم بأن معناها كذا على التعيين تحكم بلا دليل تنبيهان:."

طويل يا شيخ.

المقصود من تفسير النصوص من الكتاب والسنة لا يعرفه إلا أهل العلم بالكتاب والسنة ولا يمكن أن يوصف بأنه عالم بالكتاب والسنة حتى يعرف من لغة العرب ما يكفيه، وأما معرفته بلغة العرب فقط و نحن نرى في كتب المعاجم اللغوية المطوّلة اللفظ الواحد له معاني كثيرة قد تصل إلى عشرة أو عشرين اللغة كيف ينزلها على النص ويعرفها من سياق النص وقد لا تعرف ولا يعرف تحديدها وسياقها إلا بمعرفة طرق الحديث وجمع الآيات المتشابهة ليُنظر أي المعاني أليق بهذا السياق هذا لا يتسنى للغوي محض كما أنه لا يمكن أن يوصف بأنه عالم أو عالم بالكتاب والسنة وهو لا يعرف لغة العرب.

"هذا يقول مَرَّ بالدرس الماضي صفحة ثلاثمائة وتسعة.."

ليست بالتي معك يا شيخ من نسختنا.

"يقول مر في الدرس الماضي صفحة ثلاثمائة وتسعة طبعة عالم الفوائد قال الطبري: وهذا لا معنى له موجود في الربع الأخير من الصفحة، وفي بعض الطبعات قال القرطبي: وفي بعض الطبعات قال القرطبي وبعد الرجوع إلى تفسير القرطبي تبين أن الصحيح الطبري وهذا الكلام موجود بمعناه في تفسير الطبري لكن القرطبي نقله عن النحاس في الناسخ والمنسوخ والنحاس نقل كلام الطبري بمعناه وتصرف في لفظه وفي درس سابق صفحة مئتين وتسعين نقل المؤلف".

طالب: ........

الطبري أصح على كلامه لأنه رجع.

"وفي درس أيضًا سابق صفحة مئتين وتسعين نقل المؤلف عن تكملة المجموع قول ابن المنذر والنعمان ويعقوب ومحمد بن علي وهو كذلك في تكملة المجموع-يعني التكملة للسبكي-وهو كذلك في تكملة المجموع لكن في كتاب الإشراف على مذاهب العلماء- يعني الأشراف لابن المنذر- وقد أجمع عوام علماء الأمصار منهم النعمان ويعقوب على أنه لا يجوز بيع ذهب بذهب.."

طالب: ........

نعم على أنه لا يجوز ابن علي تكون ابن هذه زائدة لأنه يتصور أنه يكون محمد علي ما تصلح محمد علي فزيدت ابن.

طالب: ........

نعم ولعل الصواب محمد بن الحسن يقول لكن في الأصل يقول ومحمد بن علي في تكملة المجموع، وفي الإشراف: وقد أجمع عوام علماء الأمصار منهم والنعمان ويعقوب ومحمد أبو حنيفة وصاحباه يعقوب أبو يوسف ومحمد بن الحسن لكن ليس فيه ابن علي ولا ابن الحسن ومحمد على أنه لا يجوز فلما رأى الطابع محمد على قال ما تصلح إلا أن نضع ابن وعلى فهمه ووهمه تصرّف.

 

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.