فتح الباري شرح صحيح البخاري

تصنيف الكتاب
كشاف الكتاب

الحافظ ابن حجر رحمه الله جدّ واجتهد وبرع في فنون كثيرة، ثم حبّب إليه علم الحديث، فقصر نفسه عليه مطالعة وقراءة وإقراءً وتصنيفاً ونشراً، وشهد له أعيان عصره بالحفظ والإتقان حتى صار إطلاق لقب الحافظ عليه كلمة إجماع، ورحل الطلبة إليه من الأقطار، وطارت مؤلفاته في حياته، وانتشرت في البلاد، وتكاتبت الملوك من قطر إلى قطر في شأنها. ومنهجه في العقيدة مضطرب ليس على طريقةٍ واحدة، إنما هو نقال في هذا الباب، ينقل أقوال السلف والأئمة المقتدين بهم، ممن يثبت لله -سبحانه وتعالى- ما أثبته لنفسه، وينقل أقوال الخلف من المخالفين لعقيدة السلف، ولا يتعقب شيئاً من ذلك.
وكتاب فتح الباري أعظم شروح البخاري، اللهم إلا أنه لو كمل شرح ابن رجب لكان منافساً له، ويقع الكتاب في ثلاثة عشر مجلداً كباراً إضافةً إلى مقدمة وافية في مجلد كبير أسماها مؤلفها (هدي الساري) مرتبة على عشرة فصول.
طبعة بولاق هي أجود طبعات فتح الباري على الإطلاق وهي الأصل التي أخذت منها الطبعة السلفية، إن لم تتيسر طبعة بولاق فالطبعة السلفية الأولى، وليست الثانية ولا الثالثة، لأن الطبعة الثانية فيها أسقاط كثيرة وأوهام، والثالثة فرع عنها، مصورة عنها، وإن سموها طبعة ثالثة، لكن الطبعة السلفية الأولى متقنة إلى حدٍ ما.
 
فالفتح طُبع للمرة الأولى في بولاق ثم بعد ذلك طبعه صديق حسن خان في الهند في ثلاثين جزءًا, وهي طبعة نفيسة ونادرة إلا أن الاستفادة منها من قبل أوساط المتعلمين في غاية الصعوبة لعدم تعلمهم وتمرنهم على الخط الفارسي, فهو باللغة العربية لكن الخط الفارسي متعب بالنسبة لآحاد المتعلمين, ثم بعد ذلك طبع طبعات كثيرة, فطبع في المطبعة الخيرية وهي طبعة جيدة, ليست مثل بولاق إلا أنها طيبة, ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها إذا لم يتيسر له طبعة بولاق, ثم طبع بالمطبعة البهية, ثم طبع بالمطبعة السلفية وبعناية الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله, وقد راجع مجلدين وشيء من الثالث؛ لكن بقية الكتاب طبع بحروفه بطبعة بولاق، ثم طبع أخيراً طبعات كثيرة من آخرها طبعة الشيخ نظر الفاريابي وهي طبعة جيدة وفيها تعليقات للشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله على بعض مسائل الاعتقاد.