أَهَميَّة وُجُود العُلَمَاء

جعل الله -جلَّ وعلا- للإنسانِ مخرجاً، ما كُل إنسان يستطيع أنْ يكُون عالم، وما كُل إنسان تُتيح لهُ الظُّرُوف  ظُرُوف مَعِشَتِهِ، ومن يمون أن يكُون مُتعلِّماً، ولا كُل إنسان يستطيع أنْ يَقْهَر نفسَهُ على حُب العُلماء والمُتعلِّمين، قد يَتَظاهر بذلك؛ لكن المسألة مسألة المَحَبَّة القَلْبِيَّة، ما كُل إنسان يستطيع ذلك؛ لكنْ أقلّ الأحوال جاهِدْ قَلْبَك ونَفْسِك على عَدَمِ بُغْضِهِم، لَو أدْرَك النَّاس قِيمة العِلْم وأهَمِيَّة العُلماء، وأنَّهُ لا صلاح للعِبَاد في دينهم ولا دُنْيَاهُم إلاَّ بِواسِطَةِ أهل العِلم لَأَحَبَّهُم من سُوَيْدَاء قَلْبِهِ، منْ عُمْقِ فُؤَادِهِ، حتَّى أَفْتَى جَمْعٌ من أهلِ العلم بأنَّهُ يَحْرُمُ البَقاء في بلدٍ ليسَ فيهِ عالم يُفتِي النَّاس ويُبَصِّرَهُم، يعني تَصَوَّر نَفْسَك أنَّك في وادٍ مُظْلِم، مُوحِشْ، كثير السِّبَاع، وطريق طويل بين أشْجَارٍ مُظلِمة مُوحِشَة وسِبَاع وحَيَّاتْ وصُخُور وجِبال ووهاد مُظلم ، ثُم جاء أحد معهُ نُور، كشَّاف ولو صغير يدُلُّك الطَّريق، لهُ مَعرُوفٍ عليك و إلاَّ ما لهُ مَعْرُوفٍ عليك؟! نعم هذا أنْقَذَك من المَهْلَكة، يعني أقلّ الأحوال تَفْقِدَ العقل، هذا إذا سَلِمَ الجِسْم، فَجاء صاحبُ هذا النُّور وأَنَار لَكَ الطَّريق ولو كان يسير، والعُلماء بهذهِ المَثَابة، يعني طالب العلم عِنْدَهُ نُورٌ يسير يمشِّي نفسهُ، ويُمشِّي بعض النَّاس معهُ؛ لكنْ العالم مثل الشَّمس يُغطِّي أَرْجَاء الدُّنيا، هذا فَضْلُهُ على الأُمَّة قدْ لا يُدْرِكُهُ كثيرٌ من النَّاس، تَصَوَّر نفسك وَقَعت في مأزق، وَقَعْت في بَلِيَّة، وَقَعْت في هَفْوَة، في زَلَّة، وبَحَثْتْ عن أحد يُنْقِذَك منها ما وَجَدْتْ! كيف تتصوَّر نفسك؟! لكنْ أهل العلم هُم أهل هذهِ المُشكلات وحلِّ للأزَماتْ، وهذا المِثال ذَكَرَهُ أبُو بكر الآجُرِّي في كِتَابِهِ أخْلاقُ العُلماء؛ فالعُلماء النَّاس بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إليهِم ، يعني إذا كانُوا بِحاجة إلى الأطِبَّاء الذِّينَ يُعَالِجُونْ أمْرَاض الأَبْدَانْ، فَهُمْ أَحْوَج إلى العُلَماء الذِّين يُعَالِجُونْ أَمْرَاضُ القُلُوب.