((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيراً أو لِيصمُت)) الأصل أنَّ الإنسان مُحاسب بجميع ما يلفظُ به؛ فإنْ قال: خيراً كُتب في ميزان حسناتِه في صحيفة الحسنات، وإنْ قال: شرًّا كُتب في الصحيفة سَّيِّئة، وإنْ قال: لا هذا ولا هذا، فالخلاف بين أهل العلم معرُوف هل يُكتب أو لا يُكتب؟ مع أنَّ قولهُ -جل وعلا-: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [(18) سورة ق] يدل على أنَّ كل شيء يُكتب، وعلى هذا على الإنسان أنْ يحتاط لنفسِهِ؛ لأنَّ كثرة الكلام لابُدَّ أنْ تُوقِع في المحظُور والممنُوع؛ فمن كَثُر كلامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ، لِيَقُل خير أو لِيَصْمُت، وفاز من جُبِل على الصَّمت؛ لأنَّ أكثر الكلام في القيل والقال الذِّي لا فائدة فيه فضلاً عن الكلام المُحرَّم، فعلى الإنسان أنْ يهتم لمثل هذا، ولذا قال مُعاذ بن جبل: وهل يُؤاخذُ النَّاس على حصائد ألسنتهم؟ على الكلام يعني، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((وهل يُكبُّ النَّاس على وُجُوههم -أو قال:- على مناخرهم إلاّ حصائد ألسِنتِهِم؟!)) لاشكَّ أنَّ من يحتاط لِنفسِهِ ويتحرَّى في هذا الباب، والنَّاصِح لِنفسِهِ أنْ يلزم الصَّمت إلاّ فيما ينفع.