((من أَهْدَى هَدْياً حَرُمَ عليهِ ما يَحْرُمُ على الحَاج حتَّى يُنْحَر الهدي)) وهذا هَدْي تَطَوُّع، يُبْعَثُ من الآفَاق إلى البَيْت، يَبْعَثُهُ النَّاس وهُم في بُلْدَانِهِم، فَيُقَلَّد، وتُفْتَل لهُ القَلائِد، يعني تُظَفَّر حبال، وتُرْبَط في عُنُقِهِ، ويُعلَّق عليهِ نَعْل إنْ كان من الغَنَم، ويُشْعَر إنْ كانَ من الإبل، والخلافُ في البقر هل تُلْحَق بالإبل أو الغَنَم، والأكْثَر على إلْحَاقِها بالإبِل فَتُشْعَر مثلها، والتَّفريق سَبَبُهُ أنَّ الغَنَم ضعيفة لا تتحمل الإشعار وهي ضربُها بالسِّكِّين يعني كَشْطُها بالسِّكِّين في جانب ظهرها الأيْمَن، هي ضعيفة لا تتحمَّل مثل هذا، وأيضاً هذا الإشْعَار يُغَطَّى بالشَّعَر، شعر الغَنَم كثيف بينما هو في الإبل أو البقر لا يَتَقَطَّع، وسَبَبُهُ لكي يُعْرَف أنَّ هذا هَدْي فلا يُتَعَرَّض لهُ، وأَنْكَر الحَنَفِيَّة الإشْعَار وقالوا إنَّهُ تعذيب للحيوان، وما دام ثَبَت فِعْلُهُ عن النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- كالوسم، النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- وسم إبل الصَّدقة بيدِهِ، والوسِم حَرْق بالنَّار، وما دام ثَبَتَ هذا عنْ اَرْحَم الخَلْق فكيف يُقال إنَّهُ تعذيب؟؟! المقصُود أنَّهُ ثابت عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((أنَا فَتَلْت قلائد هَدْي رسُول الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-)) يعني ظَفَرَتها ثُمَّ بعد ذلك رَبَطَتْها في عُنقها ثُمَّ رَبَطَتْ فيها نَعْل لِتُعْرَفْ أنَّها هَدْي ((بِيَدَيَّ، ثُمَّ قلَّدها رسُول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بِيَدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ بها رسُول الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- مع أبي)) تَعْنِي أبا بَكْر ((فلَم يَحْرُمْ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- شيءٌ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ حتَّى نُحِرَ الهَدْيُ))، وهذهِ السُّنَّة مَهْجُورة، يَنْبَغِي أنْ تُحْيَا، فَيُبْعَث الهَدْي، والآنْ الأُمُور ما تُكَلِّفْ شيء إذا اشْتَرَى شخص خرُوف بخمسمائة ريال، وقَلَّدَهُ وبَعَثَ بِهِ مع ثِقَة بِحيث يَذبَحُهُ ويُوكِّل من يَذبَحُهُ يُوزِّعها على مساكين الحَرم تَكُون هذهِ السُّنَّة أُحْيِيَتْ، وهذهِ لا تُكَلِّفُ شيئاً، وذكرنا في مُناسبات أنَّ سبب موت هذهِ السُّنَّة هي كون كُتب المناسك وما يتعلَّق بالحج لا تُقْرَأ إلاَّ في موسِم الحج، يعني تُقرأ قُبيل الحج وبعد الحج خلاص تُهْجَر، فَتُنْسَى هذهِ السُّنَن! وإلاَّ لو قُرِئت في صَفر في ربيع في رجب، وتَذَكَّر النَّاس هذهِ السُّنَّة وبَعَثُوها ما نُسِيَت! يعني هل يعرف أحدٌ منَّا أحَدًا بَعَثْ بالهَدْي إلاَّ القليل النَّادر يعني الأُمَّة ما تزال فيها خير، يعني على مُستوى الجميع أو المجمُوع لا تَكَاد تُذْكَر هذهِ السُّنَّة!!!