ترك الصلاة قبل العيدين وبعدهما

باب ترك الصلاة قبل العيدين وبعدهما:

ثبت في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما" وبهذا قال الإمام أحمد: أنه لا صلاة قبل العيد ولا بعدها، سواءٌ صليت العيد في المصلى أو في المسجد، إذا دخل يجلس؛ لأنه لا صلاة للعيد، الشافعي -رحمه الله- يرى الكراهة في الصلاة، لا قبلها ولا بعدها.

النبي -عليه الصلاة والسلام- لما خرج ودخل المصلى فصلى مباشرة كما يدخل يوم الجمعة، ثم يصعد المنبر، فعله -عليه الصلاة والسلام- باعتباره إمام أو باعتبار هذا تشريع عام؟ باعتباره إمام، إذاً المأمون مخاطبٌ بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) لو قلنا: بهذا أن المأمون لا يصلي، ولو كانت في مسجد، لقلنا أيضاً في يوم الجمعة لا يصلي؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- الملحوظ عنه أنه يصعد المنبر، لو قلنا: بهذا ما يصلي.

المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في مثل هذه الأحوال باعتباره إمام، فيقتدي به الأئمة، فلا يصلون لا قبلها ولا بعدها، من دخل إلى الجمعة يصعد المنير، من دخل إلى العيد يصعد إلى الصلاة، نعم. يعني مثل ما قيل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد)) هل المأمون يقول: سمع الله لمن حمده كما يقول الشافعية؟ ما يقول، لكن هذا قاله باعتباره إمام، فمن أفعاله -عليه الصلاة والسلام- ما يمكن حمله على حالٍ دون حال.

يقول: حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها، يعني اتباعاً للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو المعروف في مذهب الحنابلة، أنه لا صلاة قبل العيد، لا قبلها ولا بعدها، وعندهم أيضاً سواءٌ صليت في المسجد أو في المصلى، ومنهم من يفرق بين المسجد والمصلى، فيقول: المسجد له تحية؛ لأن مجرد ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يُعارض به مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) ولا شك أن دخول المصلى أسهل من دخول المسجد، يعني لو دخل شخص مصلى العيد وما صلى ما يثرب عليه؛ لكن لو دخل المسجد لا بد أن يصلي ركعتين تحية المسجد، ومجرد ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- لانشغاله بصلاة العيد، وفي حكمه الأئمة.

قال الشافعي: لا كراهة في الصلاة لا قبلها ولا بعدها، وهذا محمولٌ على المأموم، كما قاله النووي. والكوفيون يصلون بعدها لا قبلها، والبصريون يصلون قبلها لا بعدها، والمدنيون لا يصلون لا قبلها ولا بعدها.

والحاصل أن صلاة العيد ليس لها سنة لا قبلها ولا بعدها؛ لكن من جاء وصلى تحية المسجد لا سيما إذا كان في المسجد فهذا أحسن، هذا امتثال الأمر.

والأولى أن لا يصليها في مكانها، ينتقل إلى بيته، ويصلي ما شاء، حتى أن بعض أهل العلم يقول: ولا في بيته يصلي، ما في صلاة بعد العيد.

طالب:.......

على كل حال هذه محمولة على أنها صلاة الضحى.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يغدو إلى المصلى بعد أن يصلي الصبح قبل طلوع الشمس، يعني مبادرة إلى صلاة العيد، يبادر إلى صلاة العيد قبل طلوع الشمس؛ لكن من صلى في المسجد صلاة الصبح، وجلس في مصلى يذكر الله حتى ترتفع الشمس، وصلى ركعتين، ثم ذهب إلى صلاة العيد، لا شك أنه استعمل جميع السنن وما فاته شيء؛ لكن لو خشي فوات صلاة العيد ما انتظر إلى أن ترتفع صلاة الشمس ثم تفوته صلاة العيد يقال لهذا: بادر إلى صلاة العيد؛ لأنها تفوت، وصلاة الضحى لا تفوت.