خطر الوقوع في أهل العلم

يقُول: مَا حُكمُ الوُقُوعْ فِي أَهْلِ العِلْم وإِنْ صَدَرَ مِنْهُم بَعْضِ الفَتَاوَى التِّي تُخَالِفُ إِجْمَاعُ أَهْلِ العِلْمْ؟

الوُقُوعْ فِي أَعْرَاضِ المُسْلِمِينْ كَمَا يَقُول ابْنُ دَقِيق العِيدْ يقُول: "أَعْرَاضُ المُسْلِمِينْ حُفْرَة مِنْ حُفَر النَّارْ، وَقَفَ عَلَى شَفِيرِهَا العُلَمَاءُ والحُكَّامْ" فَعَلَيْكَ أَنْ تَحْفَظَ لِسَانَك وتَصُون مَا اكْتَسَبْتَهُ مِنْ حَسَنَاتْ، لا تُوَزِّعْ حَسَنَاتِكْ عَلَى فُلانْ وفُلانْ و فُلانْ، فَاحْرِصْ عَلَى مَا جَمَعْتْ يَعْنِي لَوْ أَنَّكَ اجْتَهَدْتَ فِي يَوْمِكَ وكَسِبْتَ دَرَاهِمَ مَعْدُودَة مِئَاتْ أَوْ أُلُوفْ أَو عَشَرَاتْ ثُمَّ وَضَعْتَهَا فِي صُنْدُوقٍ عِنْدَ البَابْ وَلَمْ تَنْوِ بِذَلِكَ التَّقَرُّبْ إِلَى اللهِ -جل وعلا- إِنَّمَا مِنْ بَابِ السَّفَه فَجَاءَ الصِّبْيَان وجَاءَ الأَطْفَالْ وأَخَذُوهَا و رَمَوْهَا أَوْ مَزَّقُوهَا مَاذَا يُقَالُ عَنْك؟ يُقُال: مَجْنُونْ مَا فِيه أَحَد بيترَدَّدْ أَنَّ مَنْ يَصْنَعْ هَذَا العَمَلْ مَجْنُونْ، لَكِنْ هَذِهِ الحَسَنَاتْ التِّي تَعِبْتَ عَلَيْهَا وهِيَ زَادُكَ إِلَى الآخِرَة عَلَيْكَ أَنْ تُحَافِظَ عَلَيْهَا والنَّبِي -عليه الصلاة والسلام- يَقُول لِصَحَابَتِهِ الكِرَام: ((أَتَدْرُونَ مَنِ المُفْلِسْ؟)) قَالُوا: المُفْلِسُ مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ ولا مَتَاعْ، قَال: ((إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ)) فَعَلَيْكَ أَنْ تَحْفَظ لِسَانَك لا بِالنِّسْبَةِ لِلْعُلَمَاءْ ولا لِغَيْرِهِمْ، والعُلَمَاء أَوْلَى مِنْ أَنْ تَحْفَظَ أَعْرَاضِهِمْ؛ لِأَنَّ الكَلامَ فِيهِمْ يُهَوِّنُ مِنْ شَأْنِهِمْ، والتَّهْوِينُ مِنْ شَأْنِهِمْ لا لِأَنَّهُم فُلانْ أوعِلاَّنْ هَذَا لا يَضُرُّ كَثِيراُ مِثْلْ مَا يَضِر مِنْ التَّهْوينْ مِنْ أَهْلِ العِلْمْ الذِّينَ هُمْ فِي الحَقِيقَة قُدُوَاتْ لِلنَّاسْ.

يقُول: وإِنْ صَدَرَ مِنْهُم بَعْضِ الفَتَاوَى التِّي تُخَالِفُ إِجْمَاع أَهْلِ العِلْمْ؟

إِذَا لاحَظْتَ مِثْلَ هَذِهِ الفَتْوَى فَعَلَيْكَ أَنْ تَتَثَبَّتْ بِالفِعْل هَلْ قَالَ هَذَا العَالِمْ؛ لِأَنَّ بَعْض النَّاسْ يَتَسَرَّعْ فِي النَّقْل وقَدْ يَنْقُلْ خَطَأْ، فَأَنْتَ تَتَثَبَّتْ مِنْ صِحَّةِ نِسْبَتِهَا ومِنْ صِحَّةِ مَفَادِهَا ومِنْ صِحَّةِ حَقِيقَتِهَا، ومِنْ صِحَّةِ نِسْبَتِهَا إِلَى القَائِلْ ومِنْ صِحَّةِ القَوْل فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِك عَلَيْكَ أَنْ تُنَاقِشْ هَذَا القَائِلْ وبِأُسْلُوبٍ مُؤَدَّبٍ ومُحْتَرَم وتقُول لَهُ: سَمِعْنَا كَذَا فَهَل هُو صَحِيح، وإِنْ كَانَ صَحِيح فَمَا وَجْهُهُ، وأَهْلُ العِلْمِ سَلَفاً وخَلَفاً يقُولُونْ كَذَا وتَصِلْ إِلَى مُرَادِكْ مِنْ غَيْرِ أنْ تَضُرَّ نَفْسَك.