خُرُوج العَواتِق وذَوَاتِ الخُدُور والحُيَّض لصلاة العيد

حديث أم عطية وهي نُسيبة أو نَسِيبة بالتَّصغير والفتح بنت الحارث أو بنت كعب هذهِ صحابيَّة جَليلة رَوَتْ أحادِيث صَارَتْ مَرْجِعاً في بعضِها، مرجِع للصَّحابة والتَّابعين في بعضِها, لاسِيَّما حديث تَغْسِيل المَيِّت؛ لأنَّها غَسَّلت ابْنَةَ النَّبِي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-, فَصَار الصَّحَابَة والتَّابِعُون يَسْأَلُونَها عن كَيْفِيَّة تَغْسِيل المَيِّت، أُم عطيَّة هذهِ قالت أُمِرْنا، مَبْنِي للمَجْهُول، حُذِف الآمِرْ للعِلْمِ بِهِ, وهو النَّبِي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-, فِي رِوَاية للبُخَاري: "أَمَرَنَا رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم- أنْ نُخْرِج العَوَاتِق"، ومَرَّ بنا مِراراً أنَّ الصَّحابي إذا قال أُمِرْنَا حُكْمُهُ الرَّفْعْ أُمِرْنَا أنْ نَفْعَل كذا حُكْمُهُ الرَّفْع؛ لأنَّ الصَّحابي لا يُطْلِق الأمر والنَّهي إلاّ لمَن لهُ الأمر والنَّهي في مِثِل هذهِ المَسَائل وهُو النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، وأمَّا إذا صَرَّحَ بالآمِرْ كما في الرِّوايَةِ الأُخْرَى: "أَمَرَنَا رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم-" فهُو مَرفُوعٌ  قَطْعاً،

قولُ الصَّحابي من السُّنَّة أو ولو بعد النَّبيِّ قَالَهُ بِأَعْصُرِ

 

 

نحو أُمِرنا حُكمُهُ الرَّفْع على الأَصَحِّ وهُو قولُ الأكْثَرِ

المَقْصُود أنَّ المَسألة مرَّت مِرَاراً و "أَمَرَنَا رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم-" كَقَولِهِ افْعَلُوا كذا، كأنَّهُ قال أَخْرِجُوا العَواتِق والحُيَّض، ولا فَرْق بين صِيغة الأمر وبين التَّعبير عن الأمر، ولا الْتِفَاتَ لِقَول من يقُول إنَّهُ لا حُجَّة فيهِ حتَّى ينقُل اللَّفظ النَّبويّ لا التِفات لمِثْلِ هذا القول؛ لأنَّ الصَّحابة أعْرَف بِمَدْلُولاتْ الأَلْفَاظ الشَّرْعِيَّة "أُمِرْنا أنْ نُخْرِج العَواتِقْ والحُيَّض" العَواتِقْ البَنَات الأبْكَار البَالِغَات, والحُيَّض مَنْ تَلَبَّسْنَ بِالحَيْض, وذَوَاتِ الخُدُور اللَّواتِي لا يَبْرُزْنَ لِلأَسْوَاق، وذَوَاتِ الخُدُور والمُخَدَّرات وَصْفٌ مَعْرُوف بَين, ويُوجَد فِي بَعْضِ الجِهَات إِلى الآن، يُوجَد مِنَ النِّسَاء مَن لا تَخْرُج البَتَّة, وخُرُوج النِّسَاء على خِلافِ الأَصل, تُسَمَّى المَرْأَة التِّي تَخْرُج بَرْزَة، وهي على خِلافِ الأصل، واللهُ المُسْتَعان، والآنْ تَجِد النِّسَاء لا يَقُرُّ لهُنَّ قَرار في البُيُوت وهذا على خِلاف الأمر الإلَهِي {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب/ 33] ولِذا لو تَجِد المرأة في بيتِها ليلة الخَمِيس أو ليلة الجُمُعة تَجِدْها كأنَّها في مَأْتَم! ليلة خميس أو ليلة جُمعة نَجْلِسْ في البيت؟! مع الأسَف جمِيع النَّاس على هذا يعني لا يُقال فِئَة من النَّاس أو طائِفَة من النَّاس، كُل النَّاس على هذا! ولاشكَّ أنَّ هذا قَلْب للحَقَائِق، عَبَث بالمَوازِينْ الشَّرْعِيَّة، فالأصل أنَّ النِّساء ذَوَاتْ خُدُور مَأْمُوراتْ بالقَرَار في البُيُوت،  نعم إذا كان هُناك حاجَة راجِحَة لا مَانِع، "أُمِرْنا أنْ نُخْرِج العَواتِقْ والحُيَّضْ في العِيديْنْ يَشْهَدْنَ الخير" ، يَشْهَدْنَ الخير مِن مَجْمُوع ما يَحْصُل مِنَ الصَّلاة وغيرِها من الانْتِفَاع بِالخُطْبَة، والتَّأْمِينْ على دُعَائِها؛ ولِذَا قال: "ودَعْوَة المُسْلِمِين" والمُؤَمَّنْ دَاعِ، عَلَّه أنْ يُوجَد فِي هذا الجَمْع رجُل يكُونْ مُسْتَجَاب الدَّعْوَة أو امْرَأَة صَالِحَة تكُون مُسْتَجَابَة الدَّعْوَة، فَشُهُود مثل هذهِ المَوَاطِنْ لا شكَّ أنَّهُ مُشْتَمِل على مَصَالِح لا يُقْدَرْ قَدْرُها؛ ولِذا عَمَّمْ قال: "يَشْهَدْنَ الخير" ما قال يَشْهَدْنَ الصَّلاة فقط؛ لأنَّ منهُنَّ من لا تُصلِّي، الحُيَّض لا يُصلِّين، فَيَشْهَدْنَ الخير من مجمُوعِ ما يَحْصُل، "ودَعْوَة المُسْلِمِينْ" ففيهِ ما يدُل على أنَّ الخُطب يَنْبَغِي أنْ يَشْتَمِل على الدُّعَاء الذِّي يُؤمَّن عليهِ مِنْ قِبَل هَؤُلاء الأخْيَار الذِّين جَاؤُوا وخَرَجُوا إلى ربِّهِم رَاغِبينَ راهِبين، "يَشْهَدْنَ الخير، ودَعْوَة المُسْلِمِينْ، ويَعْتَزِل الحُيَّض المُصَلِّى"، فيكون للحُيَّض ولِذَواتِ الأعْذَار أَمَاكِنْ مُخَصَّصَة لِسَمَاعِ الخَيْر والدَّعْوَة ولِحُضُور الدروس ولِمَجَالِسْ الذِّكِر؛ لَكِنْ خَارِج المَسْجِد؛ لِأَنَّ الحَائِض لا يَجُوزُ لهَا أنْ تَمْكُثْ فِي المَسْجد "ويَعْتَزِل الحُيَّض المُصَلِّى"؛ فإذا كان مُصَلَّى العِيد ولا تَثْبُتْ فيهِ جَمِيع أَحْكَام المَسْجِد هُو أقل من المَسْجِد في الأحْكَامْ - يَعْتَزِلَهُ الحُيَّض فَمِنْ بَابِ أَوْلَى المَسْجِد, وإنْ قَالَ بَعْضُهُم إنَّ المُرَاد بالمُصَلَّى مَوْضِعَ الصَّلاة التِّي يُصَلِّي فيهِ النَّاس؛ لِئَلاَّ تُضَيِّقْ عَلَى النَّاس فَلَيْسَتْ مُطَالَبَة بالصَّلاة فَكَوْنُها تَجْلِس فِي مُصَلَّاهُم تُضَيِّق عليهم؛ لكنْ هَذَا فِيهِ بُعْد.