لا تَكُنْ كَالمُنْبَتّ؛ لا ظَهْراً أبْقَى ولا أرْضًا قَطَعْ

فمثلُ ما خانت الكسلان هِمَّتَهُ، الكسلان لا يعمل الواجِبات؛ لأنَّهُ كسلان! وقد لا يترك المُحَرَّمات، ويَتَمنَّى على اللهِ الأَمَانِي، وعنده هِمَّة عالية أنَّهُ سوفَ يَصِل إلى  منازل المُقرَّبين وهو على وَضْعِهِ على الكَسَل،  يُقصِّر في الواجبات، وقد يرتكب بعض المَحْظُوراتْ، ويتطاول على منازل الأبرار والمُقرَّبِين،

فَمثلُ ما خانت الكَسْلَانَ هِمَّتَهُ

 

فَطَالمَا حُرِمَ  المُنْبَتُّ بالسَّأَمِ

الكسلان يعني نَضْرِب مثلاً بالقُرآن أو بالصَّلاة أو بالصِّيَام، الكسلان الذِّي يقول اليوم والله أنا تعبان؛ نقرأ  إنْ شاء الله غداً! أو أنا والله اليوم أَحِسّ بتعب، الرَّواتب اليوم مع التَّعب نتركها؛ غدا إنْ شاء الله نبدأ بمُلازمة هذهِ الرَّواتب!!! صِيَام النَّوافل يقول والله اليوم حرّ؛ اصبر اصبر لين يبرد الجو! هذا كلهُّ تَسْوِيف – نعم – هذا الكَسْلَان إذا تَمنَّى، قال: خلاص إنْ شاء الله السَّنة الجاية الآنْ ما بقي في السَّنة إلا شهر الحج؛ أبى أحج وإذا جيت وتفرَّغت أبى أتعبَّد؛ هذا الذِّي يُسَوِّفْ ولو يُوم واحد؛ كسلان، وتَخُونهُ هِمَّتُهُ إذا جَاءَ من الغَدّ تَخُونهُ هِمَّتُهُ؛ لكنْ بالمقابل أيضاً إذا زاد عن الحد صار مُنْبَتًّا، يعني نفترض إنّ طالب علم قَرَّر يحفظ القرآن، فالكسلان يقول: اليوم مشغول غداً إنْ شاء الله، وغداً والله نزل بنا ضيف غداً إنْ شاء الله، وبعدُهُ وهكذا، وتمضِي عليه الأيَّام والسُّنُون ما يحفظ! المُنْبَتْ، يقول: خلاص من اليوم إنْ شاء الله بحفظ القرآن، ويُنفِّذ، ثُمَّ يأخُذ على نفسِهِ أنْ يحفظ جُزء في اليوم، هذا اليوم حفظ جُزء، لمَّا أوى إلى فِراشِهِ قال: تعبان! وأَخَلَّ بالواجب وواجِب الوالدين، وانْقَطَع عن بعضِ الأعمال، وقد يكُون تَرَتَّب على ذلك ترك واجِب أُنِيطَ بِهِ هذا مُنْبَت؛ لَكِنْ هل يَسْتَمِرّ على هذهِ الطَّرِيقة كل يُوم يحفظ جُزء؟!  لَنْ يَسْتَمِرّ، هذا مُجرَّب أنَّهُ أخذ على نَفْسِهِ قَدْر أكثر مِمَّا تُطِيق فإنَّهُ غداً لَنْ يَسْتَمِر، وإنْ استمر غداً فلن يَسْتَمِرّ بَعْدَهُ! يقول:

فَمثلُ ما خانت الكَسْلَانَ هِمَّتَهُ

 

فَطَالمَا حُرِمَ  المُنْبَتُّ بالسَّأَمِ

يَمَلّ ويَسْأَم ((إنَّ الدِّينَ يُسْر، ولَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحدٌ إلاَّ غَلَبَهُ)) ، ((وأَحَبُّ العَمَلِ إلى الله أَدْوَمُهُ وإنْ قَلّ)) فعلى الإنْسَانْ أنْ لا يُحَمِّل نَفْسَهُ أَكْثَرْ مِمَّا تَحَمَّلْ؛ لا سِيَّما في أَوَّلِ الأَمْر، في وقتِ المُجاهَدة، الآنْ مَا زِلْتْ في وقت جِهاد للنَّفْس، ثُمَّ تُحَمِّلْها أكثر مِمَّا تَحمَّل هذا لا يَصْلُح، هذا يُؤَدِّي بِكَ إلى الانْقِطَاع، ولا مَحالة؛ لكنْ إذا أنْت تَدَرَّجتْ، تقول: والله أنا حافظتي ما تُسعف، وعِنْدِي أعمال كثيرة، فأنا أحفظ آية آيتين، وأرَاجِع عليهنّ تفسير بحيث أفْهَمْ، ومن الغد ثلاث آيات، وبعدهُ تستمر لك أسبُوع على ثلاث آيات، الأُسبُوع الثَّاني تزيد آية وهكذا، ثُمَّ بعد ذلك  تَنْشَطْ نَفْسُك، وهِمَّتُكْ، والحَافِظَة أيْضاً تَتَجَدَّدْ إلى أنْ يَصِلْ بِكَ الحَدّ إلى ما وَصَل إليهِ سَلف هذهِ الأُمَّة الذِّينَ قَضوْا أعْمَارَهُم وأَنْفَاسَهُم فيما يُرْضِي الله -جلَّ وعلا-، هؤُلاء تَعَدَّوْا مرحلة المُجاهَدَة، وبَدَؤُوا بمرحلة التَّلَذُّذ، جَاهَدُوا سِنين، ثُمَّ تَلَذَّذُوا سِنين، النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- قام حتَّى  تَفَطَّرَتْ قَدَماهُ، لا يقول واحد أنا بسوي مثل النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-! وقام ليلة واحدة إلى أنْ سَقَط من التَّعب! الأقْدَام لَنْ تَتَفَطَّرَ بِليلة! معرُوف هذا، فمن الغد يُمكن ما يُوتر ولا بركعة هذا مُنْبَت، لا ظَهْراً أبْقَى ولا أرْضاً قَطَع، المُنْبَتّ الذِّي يُتابِع السَّير على الدَّابَّة حتَّى تَسْقُط وتهلك! ثُمّ بعد ذلك يَجْلِس مِنْ دُونِ دَابَّة.