دور العُلماء في أوقات الفِتن

الأنترنت هذه الشَّبكة التِّي وُجِدت أخيراً، لا شكَّ أنَّ الذِّي صنعها غير المُسلمين، ويُريدُون أنْ يُفيدُوا منها في أُمُورِ دُنياهُم، وأيضاً في أُمُور دينهم، للدَّعوةِ إلى دينهم، ولِصَرْف المُسلمين عن دينهم، وحصل منها -ولله الحمد- نفعٌ عظيم، بُثَّت من خِلالها الدُّرُوس والمُحاضرات، فَحَصل بسببها نفعٌ عظيمٌ جدًّا، ووصل العلم، ووصل الخير، ووصلت الدَّعوة إلى زوايا وأماكن لا يخطُرُ على البال أنَّها تَصِل، وتأتي الأسئلة من شرق الأرض وغربها أثناء الدَّرس ويُجاب عليها أثناء الدَّرس، وتُقدَّم أسئلتهم على أسئلة الحاضرين مُراعاةً لِظُرُوفهم؛ لكن هذه الآلات فيها من السُّمُوم الشَّيء الكثير، فَكُلُّ داعيةٍ يَبُثُ ما في جُعبتِهِ، داعية الهُدى يبثُّ ما عندهُ من عِلْمٍ وفَضْل، وداعية الضَّلال يبُثُّ ما عندهُ، كما قال الله -جلَّ وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل / 4]؛ لكنْ على أهل العلم، وعلى الغيُورين من هذه خيار الأُمَّة أنْ يَتَصَدَّوا لمثل هؤُلاء، والإشكال فيما تَبُثُّهُ القنوات وتُوصِلُهُ إلى قَعْرِ البُيُوت من شُبُهات وشَهَوات هذه لا شكَّ أنَّها تحتاج إلى وَقْفَةٍ صادقة، وتظافر جُهُود لِصَدِّ هذا الغزُو، يُتصَوَّر أنَّ بعض عوامِّ المُسلمين عَلِق بِأَذْهَانِهم من الشُّبُهات ما لا يُسْتَطاعُ اجْتِثَاثُهُ، فهؤُلاء لا شكَّ أنَّهُم أمانة في أعناقِ أهل العلم، فعليهم أنْ يُبيِّنُوا لهم الحق، ويَرُدُّوا الباطل بقوَّة نشر هذا الباطل، نعم يُوجد من يَتَصَدَّى لكثيرٍ من هذه الأُمُور؛ لكنْ المأمُول أقوى وأوسع، والجُهُود لا بُدَّ أنْ تتظافر خِدْمةً لهذا الدِّين، ودَفْعاً لهذا الغزُو الذِّي وصل إلى قَعْرِ البُيُوت، كان النَّاس في السَّابق في غفلةٍ عن كثير من هذه الأُمُور، الآن تَفَتَّحَت أذْهَانُهُم، وعَرِفُوا شيء لا يَعْرِفُهُ سَلَفُهُم، ونحنُ بِحَاجَة مَاسَّة إلى بثِّ العقيدة الصَّحيحة السَّليمة بين المُسلمين، وتبلِيغِها لغيرهم، وأيضاً بِحاجةٍ مَاسَّة لِصَدِّ هذا العُدوان الفِكْري الذِّي هُو أشد من العُدوان العَسْكَري؛ لأنَّ النَّاس إذا شَكُّوا في دِينِهم، ثُمَّ انْسَلخُوا منهُ لا يحتاجُون إلى عُدوان عسكري صارُوا لُقمةً سائِغة للعدو، ولا يقف في وجه العدو إلاَّ منْ تمسَّك بدِينِهِ الصَّحيح، ولذلك العدو الآن يُركِّز على الدَّعوة الصَّحيحة السَّلفِيَّة الصَّافية؛ لأنَّ المذاهب الأُخرى أمرُها يسير؛ لكنْ علينا جميعاً أنْ نَتَظَافر، ونَتَعاونْ، والذِّي يستطيع بِنفسِهِ وإلاَّ يشحذ همَّة غيرِهِ، وعلينا أنْ نكُون على صِلَةٍ وثيقة بأهل العلم، ونُبَلِّغُهم، ونُبَصِّرُهم بما يحصُل؛ لِكي يتِم التَّعاون على صدِّ هذا العُدوان.