ما يرويه ابن إسحاق وهو إمام في باب المغازي والسِّيَر، وكذلك الواقدي، وكاتبه ابن سعد صاحب (الطبقات)، الواقدي ضعيف، وابن إسحاق مضعَّف ومدلِّس، لكنه إذا صرَّح بالتحديث فإنه يُقبَل عند أهل العلم، والعلماءُ عمومًا يتساهلون في مرويات المغازي والسِّيَر ولا يتشددون لها مثلما يتشددون في أحاديث الأحكام، والقول المعتبر في هذه المرويات أن هذه المرويات إن كانت مشتملة على أحكام؛ لأن أحاديث السيرة منها ما هو مجرد سرد تاريخي لا يترتب عليه حكم، فهذه أمرها سهل، وهي أسهل مما يترتب عليه حكم شرعي؛ لأن في بعض القصص ما يتضمن أحكامًا شرعية، فلا بد فيها من شروط تنطبق على ما يشترطه أهل العلم لرواية أحاديث الأحكام، وإذا خلت هذه المرويات من الأحكام الشرعية وكانت لمجرد السرد التاريخي فإن الأمر في ذلك أسهل. وانبرى بعض المعاصرين ممن له يد في الجرح والتعديل لينقِّح السيرة ويخلصها من الأحاديث الضعيفة، واقتصر على صحيحها، لكن وأنت تقرأ في مثل هذا الكتاب تجد الخلل في السياق؛ لأن فيه حلقة مفقودة؛ بسبب حذف هذا الخبر الذي هو مجرد سرد تاريخي وفي سنده مَن يُرغب عنه، المقصود أن مثل هذا -مثل ما وضَّحنا- إن كان الخبر يتضمن حكمًا شرعيًّا فلا بد من التحري فيه والتشديد كما فعله الأئمة في أحاديث الأحكام، وإن كان لمجرد السرد التاريخي أو للربط بين الوقائع أو ما أشبه ذلك فالأمر فيه سهل.