الدرس إما:
- أن يكون إلقاءً ابتدائيًّا من المُلقي، وهذا له وضع.
- أو يكون قراءةً في كتاب، وعلى حسب سعة الكتاب وطوله يكون التعليق عليه.
فإن كان الإلقاء ابتداءً، فيعتمد من التفاسير المتنوِّعةِ المشارب من كل مشربٍ واحدًا؛ لئلا يتشتَّت، فيأخذ من الكتب التي تُعنى بالأثر مثلًا: (الطبري)، أو (ابن كثير)، أو (البغوي)، يقتصر على واحد.
ويأخذ من كتب التفسير التي تُعنى بالصناعة اللفظية كتابًا واحدًا، فإما أن يُعنى بـ(الـزمخشري) إن كانت لديه قدرةٌ على التخلُّص من اعتزالياته، وإلا أقل منه قليلًا (البيضاوي)، ويراجع حواشيه، وإن اعتنى بكتاب (البحر المحيط) لأبي حيان استفاد فائدة كبيرة في هذا الجانب، فهذه كتبٌ تُعنى بالصناعة اللفظية.
وفي أحكام القرآن إن أخذ (ابن العربي) مع (الجصَّاص) مع (إلكيا الطبري)، مع ما يُضيفه من كتب الحنابلة على هذه الكتب، فكل هذه الكتب ما تعدل (القرطبي)، بل أقل بكثير، فبإمكانه أن يمر عليها.
لكن لو اعتنى بالكتب المطوَّلة في بداية الأمر، فاعتمد -مثلًا- على (الطبري)، و(القرطبي)، و(الرازي)، و(الألوسي)، فمتى سينتهي؟ هذا ما يستطيع أن ينتهي، لكن يعتني بالكتب المتوسطة؛ لأن هناك مختصرات يبدأ بها طالب العلم، ويقرؤها على نفسه، أو على شيخ، كـ(الجلالين)، و(تفسير الشيخ ابن سعدي)، و(تفسير الشيخ فيصل بن مبارك)، وقبل ذلك يُعنى بغريب القرآن، كـ(نزهة القلوب) للسجستاني، ثم بعده (غريب القرآن) لابن قتيبة، ثم (المفردات في غريب القرآن)، ويستفيد فائدة عظيمة تُمهِّد له التفسير، والله المستعان.
بقي الشق الثاني، وهو: إذا كان سيجعل الدرسَ قراءةً في كتاب، كما هو السائد عندنا، وبدون مجاملة ولا مداراة لدينا تقصير كبير في هذا الجانب؛ لأن أكثر الدروس تُعنى بكتاب كـ(تفسير ابن كثير)، ويُعلَّق عليه بكلمة، أو كلمتين، أو شيء يسير، وتمرُّ أخطاء وأشياء وتمشي، وهذا تقصير كبير في التفسير، وحضرنا دروسًا على شيوخ من هذا النوع، لكن يبقى أن التفسير له شأن، وشرفُه يأتي من شرف ما يُعنى به، وهو كتاب الله -عزَّ وجلَّ-، فلا ينبغي أن يُهمَل بهذه الطريقة، ويُسمَّى: درسَ تفسيرٍ، وهو مجرد قراءة! هذا ما يصلح، فما وفَّينا مع كتاب الله، فإما أن يكون تأليفًا ابتداءً، أو يكون حاشية تأتي على جميع مشكلات الكتاب في كتاب معيَّن، وحينئذٍ يكون هناك درس تفسير.
ومَن أراد أن يَضم إلى (تفسير ابن كثير) باعتباره يُعنى بالأثر (حاشية الشهاب على البيضاوي) يستفيد فائدة كبيرة.