شرح الموطأ - كتاب قصر الصلاة في السفر (5)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أترون قبلتي هذه؟))" وهذا استفهام إنكاري لما يلزم منه أنهم يظنون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يراهم، بدليل: ((أترون قبلتي هاهنا)) أتظنون قبلتي هنا فقط؟ ((فوالله ما يخفى علي خشوعكم)) يعني في جميع الأركان من الصلاة، وقال بعضهم: إن هذا العلم وعدم الخفاء إما بوحي وإما بإلهام، لكن هذا فيه نظر، للتصريح الآتي بأنه -عليه الصلاة والسلام- يراهم من وراء ظهره ((فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم)) رؤية حقيقية خاصة به -عليه الصلاة والسلام- من باب خرق العادة له -صلى الله عليه وسلم- ((من وراء ظهري)) يراهم -عليه الصلاة والسلام- من وراء ظهره، ومن المعلوم المقطوع به أن عينيه كغيره في وجهه، لكن خرق الله له العادة فجعل ينظر مَن وراءه مِن وراء ظهره كما ينظر من هو أمامه، وهل هذا خاص بالصلاة أو في جميع الأوقات؟ النص يدل على أنه في الصلاة، بعضهم يقول: إنه كان له -عليه الصلاة والسلام- عين خلف ظهره، وبعضهم يقول: بين كتفيه، لكن لم يدل على هذا دليل، ويستغل بعض المبتدعة مثل هذا النص ويجعل أن الإبصار غير متعلق بالبصر، أن البصر مجرد سبب والسبب لا قيمة له عند هذا المتكلم، ولا أثر له، وإنما الله -جل وعلا- يجعل الأثر عنده لا به، يعني لا فرق في الإنسان بين وجهه وقفاه ما في فرق، ولذا يقررون وهذا مذكور عندهم بالحرف ما هو بإلزام أنه يجوز أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس، هذا عندهم عند الأشاعرة، الأسباب لا أثر لها، ولا قيمة لها، وإنما توجد المؤثرات والمسببات عندها لا بها، ويستدلون بمثل هذا الحديث: "يراهم من وراء ظهره" لكن هل يوجد عند غيره مثل هذا، هل هو مطرد؟ غير مطرد، هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام- إكرامًا له، وخرقًا للعادة من أجله -عليه الصلاة والسلام-، فمثل هذا الكلام لغو لا قيمة له.

طالب:.......

لكي يقبلوا على صلاتهم، هذا من باب التخويف لهم أن لا ينشغلوا بغير الصلاة، لكي يقبل الصحابة على صلاتهم بكليتهم، ومن لازم الإقبال بالقلب الإقبال بالجوارح، وإلا انصراف القلب لا يُرى بمثل هذا النص لكن إذا أقبل القلب لا شك أن الجوارح تبع له، ولذا ترجم الإمام البخاري على هذا: "باب: عظة الإمام للناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة"، ومسلم: "باب: الأمر.." يعني في صحيح مسلم، وإن كانت الترجمة لغيره: "باب: الأمر في تحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها" على كل حال الخشوع سبق الكلام فيه، وهو عند جمهور أهل العلم سنة، وأوجبه بعضهم، وأطال ابن رجب والغزالي في تقرير وجوبه.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباء راكبًا وماشيًا" يأتي قباء راكبًا تارةً وماشيًا، وقباء بضم القاف وبالموحدة الباء وهو ممدود (قباء) بالهمز عند أكثر اللغويين، وأنكر بعضهم القصر، وهو موضع على ميلين أو ثلاثة من المدينة، موضع معروف فيه مسجد قباء، وهو أول مسجد بناه النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد هجرته قبل دخوله المدينة؛ ولذا يختلف أهل العلم في المسجد الذي أسس على التقوى، أول مسجد أسس على التقوى، وكثيرٌ بل أكثر أهل العلم على أنه قباء، وإن كان النص في مسجده -عليه الصلاة والسلام- أصح، لكن إذا نظرنا إلى الواقع هل نقول: قباء أسس على التقوى أو ما أسس على التقوى؟ أسس على التقوى، هل هو قبل مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- أو بعده؟ قبله، ولا يمنع أن يكون هناك أول وأول، أول أولية مطلقة، وأول أولية نسبية، وإلا فالنص في كون المسجد الذي أسس على التقوى ولعله المراد به المنصوص عليه في الآية في سورة التوبة، ولا ينفي أن يكون مسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى؛ لأن هذا وصفه، أسسه النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن المحال أن يكون على غير تقوى، ووجوده في الأعيان قبل مسجده -عليه الصلاة والسلام-.

"راكبًا وماشيًا" راكبًا تارة وماشيًا أخرى، جاء في البخاري من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن ذلك كل سبت، فليحرص المسلم على هذه السنة إذا انتشرت الشمس يوم السبت يذهب إلى مسجد قباء، ويصلي فيه ركعتين، وليس في ذلك شدٌ للرحل وإن كان راكبًا، كان يأتي قباء راكبًا، ليس في هذا شد رحل؛ لأنه ليس بسفر، فلا معارضة بين هذا وبين قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد))؛ لأن هذا ليس بسفر، وليس فيه شدٌ للرحل.

طالب:.......

المقصود أنه هل نقول: إن هذا الأمر مشروع الذهاب إلى قباء أم غير مشروع؟ كونه كل سبت منه -عليه الصلاة والسلام-، يعني الاتفاق يحصل مرة، لكن كونه يتكرر منه مرارًا يدل على أنه مقصود، فالسبت أولى من غيره.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد –الأنصاري- عن النعمان بن مرة" الأنصاري الزرقي، ثقةٌ من كبار التابعين، وهم من عده في الصحابة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما ترون في الشارب؟))" هذا تابعي من كبار التابعين يقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال، فهو مرسل، لكنه حديث صحيح مسند من وجوه عن أبي هريرة وعبد الله بن مغفل وأبي قتادة وأبي سعيد وعمران بن حصين، المقصود أن له طرق كثيرة يصح بها "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما ترون في الشارب؟)) من الخمر؛ لأن هذا أمر يتعاظمونه ((والسارق والزاني؟)) كل هذه من الفواحش، ما ترون في مثل هذا؟ ويريد أن يقرر شيئًا كأن شأنه عندهم أخف، يعني مثل ما قرر الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- قال لشخص خرج من المسجد يوم الجمعة فوقع على أمه بين الناس، ما رأيكم في هذا؟ أمر عظيم في غاية السوء والقبح، لكن ما رأيكم في شخص نزل بيت جديد فذبح كبشًا على عتبته، أيهم أشد؟ الشرك، الشرك أكبر، فإذا أراد أن يقرر الإنسان شناعة أمرٍ فليقرنه بل يجعله أشد مما يستبشعه الناس في حياتهم، هنا سأل قال: ((ما ترون في الشارب والسارق والزاني؟)) وذلك قبل أن ينزل فيهم، قالوا: الله ورسوله أعلم" هذا من أدب الصحابة حيث ردوا العلم إلى الله -جل وعلا-، وإلى رسوله، إلى عالمه "قال: ((هن فواحش، وفيهن عقوبات)) لا شك أنها فواحش وكبائر ((وأسوأ السرقة)) بكسر الراء، ويضبط بفتحها السرَقة، السرِقة المعروفة، وهي أخذ الشيء خفية، هذه سرقة، والسرَقة جمع سارق، أسوأ هؤلاء السرَقة جمع سارق مثل كتبة، ومثل حفظة، ومثل فسقة جمع فاسق وحافظ وكاتب ((أسوأ السرَقة الذي يسرق صلاته)) قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله؟" كيف يسرق صلاته؟ يعني هل يتصور أن الصلاة تسرق يعني بالمعنى الحسي؟ لا، الذي يسرق صلاته..، حقيقتها الشرعية بيّنها النبي -عليه الصلاة والسلام-، الذي يسرق صلاته يا رسول الله..، "قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله؟ قال: ((لا يتم ركوعها ولا سجودها)) يعني كأنه يبخس منها ما وجب عليه، وهذه حقيقة شرعية للسرقة، سرقة الصلاة، طيب سرقة الأحاديث كيف تكون سرقة الأحاديث؟ هل يأتي شخص إلى بيت شخص ويجد أحاديثه مكتوبة فيسرقها منه هذه المكتوبة في الصحف وفي الكتب؟ هذه سرقة حسية معروفة، لكن هل السرقة التي يرمى بها الرواة؟ السرقة واضحة هذه ولا يسرقها راوٍ بهذه الطريقة، الرواة ما يسرقون يسرقها السراق يأخذ كتابًا يسرقه من بيته يبيعه، لكن سرقة الأحاديث بالرواية غير هذه، يعني تركيب إسناد أو..

طالب:.......

نعم، نعم، بلا شك، فهذه حقائق خاصة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم)) وجاء النهي عن تشبيه البيوت بالقبور، وجاء أيضًا بيان أن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم)) لأن هذا أبعد عن الرياء، وأقرب إلى الإخلاص، وليقتدي بالمصلي عوامر البيوت من نساء وأطفال، ولا شك أن المراد بذلك النافلة، أما الفريضة فالنسبة للرجال لا بد أن تؤدى في المساجد حيث ينادى بها، فلا يسوغ لمن يسمع النداء أن يصلي في بيته، أو في دكانه، أو في مقر عمله، إلا أن يصليها في المسجد حيث ينادى بها.

قد يعرض لبعض الأماكن كمحل العمل مثلًا أو محل حراسة بحيث يضيع ما وكل إليه حفظه يسوغ له أن يصلي في مكانٍ في مقر عمله، وإذا كان بعيدًا عن المسجد فالأرض جعلت مسجدًا وطهورًا، كما في حديث الخصائص، يستثنى من ذلك ما جاءت النصوص باستثنائه.

وذكرنا أن التخصيص لحديث: ((جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا)) هو قول جمهور أهل العلم، فمما تخص به هذه الجملة من حديث الخصائص المقبرة، فالنهي عن تشبيه البيوت بالمقابر دليلٌ على أن المقابر لا يصلى فيها ((لا تصلوا إلى القبور)) وإن قال بعضهم: إن حديث الخصائص لا تقبل التخصيص كابن عبد البر، لكن قوله مرجوح، وبيّنا ذلك في مناسبات كثيرة.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماء" يعني إلى الأرض، يومئ برأسه، وكذلك إذا لم يستطع الركوع والسجود أومأ بهما، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، ومر بنا هذا "ولم يرفع إلى جبهته شيئًا" يعني يسجد عليه من وسادة أو تكأة أو شيء من ذلك، ولا يضع يده أيضًا يسجد عليها؛ لأن بعض الناس يرفع يده هكذا ليسجد عليها، هذا ليس بمشروع، النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى الذي يسجد على وسادة فرمى بها، وأمره بالإيماء، فبعض الناس إذا أجرى عملية في عينيه أو في إحداهما، ونهاه الطبيب عن السجود وعن الركوع يومئ إيماءً، بقدر ما يستطيع، ولا يلزمه أن يرفع شيئًا يسجد عليه، لكن إذا كان هذا الشيء الذي يمكن السجود عليه ما يحتاج إلى رفع ولا وضع ولا حمل بأن يكون شخص يقرأ على مكتب يقرأ القرآن، يقرأ القرآن على مكتب ثم مر بآية سجدة هل يلزمه أن ينزل على الأرض أو يسجد على نفس المكتب؛ لأنه مناسب يعني كأنه على الأرض ولم يرفع شيئًا ولا يعوقه هذا على السجود الكامل؟ أما كونه يرفع شيئًا يسجد عليه فهذا مكروه عند جمهور العلماء.

يقول: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عبد الله بن عمر كان إذا جاء المسجد وقد صلى الناس بدأ بصلاة المكتوبة ولم يصلِّ قبلها شيئًا" جاء في وقتٍ الاحتمال أن يكون متسعًا، وأن يكون الاحتمال الآخر أن يكون قد ضاق عليه الوقت، ابن عمر النقل عنه بهذا الإسناد الصحيح أنه كان يبدأ بالمكتوبة، يعني يأتي وقد صلى الناس الظهر، وبقي على خروج وقتها ساعتان يبدأ بالمكتوبة، ثم بعد ذلكم يقضي الرواتب القبلية والبعدية.

أقول: ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا جاء المسجد والناس قد انتهوا من صلاة الفريضة، كان إذا جاء المسجد وقد صلى الناس (كان) هذه تدل على استمرار، وهل هذا من ديدن ابن عمر أنه يجيء والناس قد صلوا؟ أو قد تقال هذه الكلمة مع أنه لم يحصل إلا مرة واحدة مثلًا؟ ولا يظن بابن عمر أن حاله مثل حالنا وحال كثير من طلاب العلم الذين لا تجد فرقًا بينهم وبين عوام الناس في كونه فاتته ركعة، ركعتين، أحيانًا الصلاة كلها وأحيانًا يركب السيارة ويصلي قدام، وتفوته الصلاة بهذه الطريقة، هذا كثير في أوساط طلاب العلم، مع الأسف الشديد يوجد هذا، فكان ابن عمر -رضي الله عنهما- "إذا جاء إلى المسجد وقد صلى الناس بدأ بصلاة المكتوبة" يعني لا فرق بين أن يدرك الإمام وقد أقيمت الصلاة يصلي مع الإمام وبين أن تفوته الصلاة فيبدأ بالمفروضة اهتمامًا بشأنها، اهتمامًا بالفريضة قبل النافلة مع سعة الوقت، ومع هذا لم يصلِّ قبلها شيء، هذا رأي ابن عمر، لكن لو بدأ بالنافلة القبلية مع سعة الوقت، لا سيما وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما فاته وقت صلاة الصبح بدأ بالنافلة، يعني مع فوات الوقت، فعندنا صور لهذه المسألة، يأتي الإنسان وقد صلى الناس وبقي من الوقت ما يستوعب النوافل كلها مع الفريضة ويزيد عليها، هل الأولى أن يأتي بالنوافل القبلية ويبدأ بالفريضة؟ نعم الأولى أن يأتي بالنوافل؛ لأن الوقت فيه متسع، وكون النوافل تؤدى أفضل من كونها تقضى؛ لأن الإتيان بها بعد الصلاة قضاء؛ ولذا تقدم عليها النافلة البعدية، يعني لو شخص جاء والصلاة قد أقيمت، صلاة الظهر مثلًا، والقبلية أربع ركعات وبعدها ركعتان، إذا سلم وجاء بالأذكار الموقوتة في هذا الوقت يصلي النافلة البعدية أداءً، ثم بعد ذلك يقضي النافلة القبلية، الراتبة القبلية، هنا إذا جاء والوقت فيه متسع يبدأ بالنوافل القبيلة ثم الفريضة ثم البعدية، ومثله لو نام عنها حتى خرج وقتها يأتي بها على هذا الترتيب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى ركعتي الصبح قبل صلاة الصبح وقد طلعت الشمس، لكن إذا انتبه من نومه وقد بقي من الوقت ما يكفي للفريضة فقط نقول: يبدأ بالفريضة؛ لأنه يؤدي الفريضة أفضل من أن ينشغل بنافلة، فلو قدم النوافل القبلية مع اتساع الوقت كان أولى، وعلى كل حال هذا اجتهاد ابن عمر، وابن عمر صحابي من أهل التحري والاقتداء والائتساء، لكن لا يعني أن قوله راجح في كل شيء.

طالب:.......

يعني هو مصلي النافلة في بيته أو يريد أن يؤجلها إلى أن ينتهي؟ نعم؟

طالب:.......

مصليها ومنتهي؟ طيب، وكيف  يصليها والناس يصلون؟

طالب:.......

لا، لا، ما يمكن أن ينشغل ابن عمر يصلي النافلة في بيته ويعرف وقت الإقامة، طيب الآن إذا عرف وجزم يقينًا أن الصلاة انتهت، يذهب إلى المسجد ليؤدي الفريضة أو يصليها في بيته؟

طالب:.......

فله مثل أجرهم، هذا إذا جاء، لكن إذا عرف يقينًا، جزم يقينًا أن الناس قد صلوا ما يلزم إتيان المسجد؛ لأن المسجد إنما جعل لأجل الجماعة والجماعة انتهت، صلاة في المسجد مشروعيتها لأجل الجماعة، والصلاة قد انتهت.

على كل حال هذا اجتهاد ابن عمر حرصًا على الفريضة ومبادرة ومسارعة لإبراء الذمة من عهدتها، لكن لا يعني أنه هو الراجح.

طالب:.......

نعم، لعله من باب التأديب، إنك طالع، طالع، كونك تتأخر ما ينفعك هذا، نعم؟

ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا تأخر عن أول الوقت وجاء والناس قد صلوا هو يفترض أن الناس لم يصلوا، فأول ما يبدأ به الفريضة حرصًا عليها، فكأن الناس لم يصلوا فينشغل بالفريضة، فكما أنه ينشغل بالفريضة لو لم يسلم الإمام فكذلك ينشغل بالفريضة إذا سلم الإمام.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر مر على رجل وهو يصلي فسلم عليه فرد الرجل كلامًا" يعني قال: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته" وهو يصلي بكلامٍ يسمع "فرجع إليه عبد الله بن عمر فقال له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم" يعني برد السلام؛ لأنه مفسد للصلاة عند الجمهور، هذا كلام، والصلاة لا يصلح فيها كلام الناس، رجع إليه عبد الله بن عمر فقال له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم، يعني هل ابن عمر خاطب هذا الرجل قبل أن يسلم من صلاته أو بعد السلام؟ فرجع إليه عبد الله بن عمر فقال له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم.

طالب:.......

نعم، رجع، مشى خطوتين ورجع، عندما سمعه يرد كلامًا رجع عليه، على كل حال هو احتمال؛ لأنه ما يدرى هل هو بالركعة الأولى باقي عليها ثلاث ركعات، أو قبيل السلام، هذا احتمال، وفي مثل هذه الحالة إذا احتيج إلى تنبيه المصلي، إذا احتيج إلى تنبيه المصلي يكلم بكلام أو ما يكلم؟ لأنه احتمال يأتي واحد ثان يسلم عليه ويرد -عليه السلام- وهو بالصلاة، فيكلم وهو في الصلاة؟ يعني نظير لما حولت القبلة وجاء إلى أهل قباء وهم يصلون كلمهم لمصلحة الصلاة.

يقول: "وهو يصلي فلا يتكلم" طيب لو قدر أن واحد سلم رد عليه وقال له مثل هذا الكلام، إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم فقال: جزاك الله خيرًا، ماذا يقال له؟ هذا يصير، ماذا نقول: بطلت صلاته وإلا..؟

طالب:.......

فلا يتكلم يا أخي، هو ينهاه، الآن أخبره بالحكم، لمَ..؟

طالب:.......

رد السلام مبطل للصلاة يعني مع العلم به، رد السلام مبطل للصلاة، لكن هذا جاء له قال له: لا ترد على أحد، لا تتكلم، فقال له: جزاك الله خيرًا.

طالب:.......

نعم، عرف الحكم.

طالب:.......

لا، هذا عرف الحكم قيل له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم، وليشر بيده، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يرد السلام بالإشارة، ثم بعد هذا هل يشرع السلام على المصلي وعلى قارئ القرآن أو لا يشرع؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- يسلمون عليه ويرد بالإشارة ولم ينكر عليهم، نعم يحصل بعض التصرفات من بعض الناس من لا شعور، واحد دخل المسجد فلما وصل الصف قال: كم صلوا؟ يسأل واحدٍ بجواره.........، يعني ما أدري، يعني مسبوق مثله ما يدري، هذه إشارة مفهمة، هذه لها أثر في الصلاة أو لا أثر لها؟ هذا من لا شعور، يعني ما يشعر.

على كل حال إذا كان مغلوبًا على أمره، أقول: تكلم من لا شعور أو مغلوب، يعني مثل لو جاء واحد وضربه، ضربه بيده فتكلم كلامًا مثل ما يقول أي مضروب قال: أح مثلًا، هذا يحصل لا سيما من المراهقين، يحصل كثير هذا، المراهقون يحصل منهم كثير، هل تقول له: أعد الصلاة؟ الصلاة لما نزل قوله -جل وعلا-: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] أمروا بالسكوت ونهوا عن الكلام، وهذه الصلاة لا يصلح فيها كلام الناس، فالكلام الذي ليس من أصل الصلاة يبطلها، تبطل الصلاة بالكلام، لكن الكلام المقصود المراد به المقصود؛ ولذا مر علينا في درس الآجرومية في تعريف الكلام: هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، يعني بالقصد، فغير المقصود لا يسمى كلامًا، ككلام النائم مثلًا، وبعض الشراح يقول: بالوضع يعني بالوضع العربي، فيخرج كلام الأعاجم، لكن هل كلام الأعاجم تبطل به الصلاة أو لا تبطل؟ تبطل به الصلاة بلا إشكال.

طالب:.......

في النافلة؟ والله الفريضة يجب الاحتياط لها، لكن إذا كان هناك هلكة خطر من النار أن تحرق من حولها، أو ذهب إليها طفل أو شخص، هذا لا بد منه حتى في الفريضة.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

والله حسب علمها وجهلها، إذا كانت جاهلة تنبه إلى أن مثل هذا لا يصلح.

على كل حال رد السلام مفسد للصلاة عند الجمهور، وقال قتادة والحسن وطائفة: يجوز رده كلامًا، وأما النبي -عليه الصلاة والسلام- فكان يرد السلام بالإشارة.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام" نسي صلاة الظهر ثم لما دخل مع الإمام في صلاة العصر ذكر أنه ما صلوا الظهر، هل تجزئه هذه الصلاة عن الظهر؟ تجزئ؟

طالب:.......

لماذا؟ لأنه دخلها بنية العصر؛ لأن المسألة مفترضة فيمن نسي الظهر لكن من فاتته الظهر وعرف أنها فاتته، ورأى الناس يصلون العصر دخل معهم بنية الظهر تجزئ على القول الراجح، وإن كانت المسألة خلافية.

شخص دخل المسجد فوجدهم يصلون العشاء، وفي ظنه أنهم يصلون المغرب، هو صلى المغرب مع الجماعة ونسي أنه صلى المغرب فدخل والناس يصلون العشاء، وفي ظنه أنهم يصلون المغرب، لما قاموا إلى الرابعة جلس وسبح -هذه واقعة- وقبيل ركوع الإمام تذكر أنها العشاء فقام ليأتي معهم بالرابعة، صلاته صحيحة وإلا غير صحيحة؟

طالب:.......

لماذا؟ النية هو ما نوى صلاة العشاء.

هنا يقول: "من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام" يعني نسي الظهر فصلى العصر مع الإمام بنية العصر مقتضى كلامه أنه لا يقطع الصلاة "فإذا سلم الإمام فليصلّ الصلاة التي نسي" يصلي الصلاة التي نسي، يصلي الظهر إذا سلم الإمام "ثم ليصلّ بعدها الأخرى" يعني يعيد الصلاة الأخرى، لماذا؟ لأن الترتيب واجب، بهذا قال الأئمة الثلاثة والشافعي -رحمه الله- يقول: يعتد بالصلاة التي صلاها مع الإمام، وفي كتب الفقه بيان أن الترتيب واجب، يقولون: ولا يسقط الترتيب إلا بنسيانه أو بخشية فوات وقت اختيار الحاضرة، فإذا نسي وصلى العصر قبل الظهر ناسيًا صحت صلاة العصر ولا يلزمه إعادتها، وهنا في الصورة التي معنا نسي لكن هل نسي حتى صلى العصر أو ذكرها في أثناء الصلاة؟ فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام، هنا ذكرها وهو مع الإمام، طيب إذا نسي صلاة الظهر ودخل مع الإمام في صلاة العصر وصلى ركعتين مع الإمام ثم تذكر، هل يقطع الصلاة أو يكملها؟ مقتضى كلامه أنه يتمها، لا يقطع صلاته، لكن هل يعتد بها عن الظهر أو العصر؟ لا، لا يعتد بها عن شيء، لكن يلزمه متابعة الإمام، وهذا اجتهاد من ابن عمر -رضي الله عنه-، لكن لو قطعها وأدرك ركعتين بنية الظهر وأكملها ثم جاء بالعصر يدرك الجماعة أولى أم ليس بأولى؟ إي نعم كان هذا هو المتجه.

طالب:.......

الحاجة، نعم.

طالب:.......

وهي نافلة؟ أنت افترض أن المسألة ما هو مع إمام هو نفسه المأموم، ناوٍ يصلي يوتر بإحدى عشرة، ضاق عليه الوقت وخشي أن يطلع عليه الصبح زاد ركعة توتر له ما قد صلى من غير سلام تصح صلاته أم لا؟ ((فإذا خشي أحدكم الصبح فليصلّ ركعة توتر له ما قد صلى)).

طالب:.......

لا، لا، من باب متابعة الإمام لا بأس، لا سيما وأن المسألة صلاة الليل يعني فصلها عن الوتر، والوتر جزءٌ منها، ويجوز وصله وفصله، الأمر فيه سعة.

يقول: "وحدثني.." نعم؟

طالب:.......

والله إذا خشي أن يكون سببًا في بطلان صلاته لا يسلم عليه، إذا ما خشي وعرف أن هذا يعرف الحكم وأنه سوف يرد بالإشارة يجوز.

طالب:.......

إن في الصلاة لشغلًا، هو منشغل بصلاته، هو منشغل بصلاته، يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أنكر عليه دليل على الجواز، وإلا فالأصل ((إن في الصلاة لشغلًا)).

طالب:.......

والله إن كان يترتب عليه انشغال المصلي، ينشغل، الأحسن الترك، لكن السلام عليه جائز بلا شك.

طالب:.......

هذه لا تجزئ لا ظهر ولا عصر؛ لأن الترتيب واجب ولا يسقط إلا بنسيانها، الآن هو نسي أنه ما صلى الظهر حتى فرغ منها؟

طالب:.......

حتى فرغ منها، هذه منصوص عليها، النسيان يسقط الترتيب، ثم يأتي بالظهر، ما في إشكال، منصوص عليها إلا بنسيانها.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -يعني الأنصاري- عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر مسند ظهره إلى جدار القبلة" كنت أصلي هذا واسع بن حبان بن منقذ المازني قال: "كنت أصلي وعبد الله بن عمر مسندٌ ظهره إلى جدار القبلة، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر، فقال عبد الله بن عمر: ما منعك أن تنصرف عن يمينك؟ قال: فقلت رأيتك فانصرفت إليك، قال عبد الله: فإنك قد أصبت" الآن ابن عمر أين وجهه؟ وعبد الله بن عمر مسندٌ ظهره إلى جدار القبلة، ما هو بمسألة جهة الغرب، القبلة غير الغرب، دعونا لجهة القبلة أنه مستدبر أو مستقبل، ماذا يصير؟

طالب:.......

ابن عمر؟ ابن عمر مستدبر القبلة، لو كان ابن عمر مستقبلاً أو مستدبرًا  كان هذا ينصرف يمينًا أو شمالاً ما يفرق، يقول: "كنت أصلي وعبد الله بن عمر مسندٌ ظهره إلى جدار القبلة" ما فيه ما يدل على أنه يسار ولا يمين إلا من خلال انصراف المصلي، يقول: "كنتُ أصلي وعبد الله بن عمر مسندٌ ظهره إلى جدار القبلة" مسندٌ ظهره متكئ إلى جدار القبلة "فلما قضيتُ -يعني أتممت الصلاة- انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر" من جهة الشق الأيسر، انصرف إليه هكذا.

طالب:.......

كيف مستقبل القبلة؟ هذا الخبر يقول: "انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر" فقال: "ما منعك.."

طالب:.......

لا، إذا كان خلفه؟ يستوي؛ لأن الحركة واحدة، الدورة واحدة، هو إن كان ابن عمر في الجهة هذه، مستقبل الشام، وينصرف إليه هكذا، لكن هو بالنسبة للمدينة يستقبل مصر، نفترض أنه هذا المسجد؛ لأن هذا ما له أثر في تغيير المكان، نفترض أنه في هذا المسجد، إذا أراد أن ينصرف إلى جهته اليسرى يكون بالجهة هذه، إلى الجهة هذه، يكون يسار القبلة، لكن هل يمكن أن يسمى جدار القبلة ذاك؟ لأنه لو كان في جدار القبلة الذي هو أمامه ما احتاج إلى الانصراف أصلًا، وإن كان خلف ظهره يستوي يمين وإلا يسار، الدورة واحدة.

طالب:.......

نحن نريد تحليل نص أمامنا الآن "فلما قضيت الصلاة انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر" يعني استدار إليه من جهة شقه الأيسر "فقال عبد الله بن عمر: ما منعك أن تصرف عن يمينك؟ قال: فقلت رأيتك فانصرفت إليك، قال عبد الله: فإنك قد أصبت، إن قائلًا يقول: انصرف عن يمينك، فإذا كنت تصلي فانصرف حيث شئت، إن شئت عن يمينك، وإن شئت عن يسارك" وهذا يخاطب به الإمام والمنفرد، إن شئت عن يمينك وإن شئت عن يسارك، وجاء في حديث أنس: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينصرف عن يمينه" وجاء في حديث ابن مسعود: "أكثر ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينصرف عن شماله" فدل على أن المسألة فيها سعة، انصرف عن يمينه أو عن شماله لا إشكال -إن شاء الله تعالى-.

الآن ظهر موقع ابن عمر من المصلي؟

طالب:.......

أين؟

طالب:.......

كان ينصرف عن يمينه ويساره........ أنت تقول........ هو خلفه مباشرة؟ إذا كان عن يساره سواءً على الجدار ذا أو الجدار ذاك ما يفرق.

طالب:.......

على كل حال هذا جدار القبلة، هو جدار القبلة، ويمكن أنه عن يساره فانحرف إليه قليلًا من أجل أن يستقبله، نعم؟

طالب:.......

الانصراف الاستدارة عن جهة القبلة، ليس المراد به السلام، السلام اليمين قولًا واحدًا، الانصراف عن جهة القبلة الاستدارة، أو مجرد الانحراف المهم أنه إلى جهة القبلة إذا سلم، يعني نفترض أن هذا المسجد، المسجد الأصلي جيد، والتوسعة من أمامه، طيب ابن عمر الأظهر على جهة القبلة وإلا جهة الشرق الجهة المعاكسة؟ وجهه إلى جهة الشمال لا إلى جهة القبلة، وهذا بينه وبينه جدار، طيب كيف يراهم؟ كيف يستدير ليراهم؟ يعني بالباب الذي يدخل في التوسعة؟ على كل حال الصورة ما هي بواضحة إلا أنه عن يساره، ابن عمر يقع عن يسار واسع بن حبان؛ ولذا انصرف إليه سواءً كان خلفه أو أمامه، المقصود أن الانحراف إليه من جهة اليسار أقرب من الانحراف إليه من جهة اليمين، هذا كل ما في المسألة، والمقصود من سياق الخبر واضح، وهو أنه يستوي أن ينصرف المصلي عن يمينه أو عن شماله، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- كان ينصرف عن يمينه وثبت عنه أنه كان ينصرف عن شماله.

يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل من المهاجرين لم ير به بأسًا" من المهاجرين يعني صحابي وإلا من أبنائه؟ ما معنى: لم ير به بأسًا، يحتاج أن يقال هذا؟

طالب:.......

نعم؟ يقول عن رجل من المهاجرين: "إنه لم ير به بأسًا" أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص.. أين المهاجرون الأولون..؟ نعم؟

طالب:.......

احتمال أن تكون الهجرة غير الهجرة الأولى، احتمال أنه هاجر بعد ذلك، وقد يحتمل أن يكون بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ما المانع؟

طالب:.......

من المهاجرين، لا ما يلزم من مكة، من البوادي، من البوادي مهاجر، نعم ما يلزم؛ لأن قوله: "لم يرَ به بأسًا" يدل على أنه لو كان من المهاجرين الأولين ما يحتاج إلى أن يقال فيه مثل هذا، وإن كان أبو حاتم الرازي قال في بعض الرواة: من المهاجرين الأولين مجهول.

طالب:.......

لا، لا، أبو حاتم يطلق الجهالة بإزاء إطلاقات كثيرة.

طالب:.......

لم يرَ به بأسًا لا سيما وأن الإمام مالك من أهل التحري، على كل حال يأتينا..، الخبر يقول: "أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص: أأصلي في عطن الإبل؟" يعني موضع بروكها عند الماء خاصة، وقيل: مأواها مطلقًا "فقال عبد الله: لا" يعني لا تصلي فيها "ولكن صلّ في مراح الغنم" والمراد مجتمعها في آخر النهار وموضع مبيتها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن الصلاة في مرابض الغنم وعن الصلاة في مبارك الإبل، فمنع من الصلاة في مبارك الإبل وأذن في الصلاة في مرابض الغنم، فدل على أن هناك فرق بين مبارك الإبل ومرابض الغنم، وأرواثها وأبوالها طاهرة، الجميع أبوالها وأرواثها طاهرة، لكن أهل العلم يلتمسون حكمًا من هذا التفريق، منهم من يقول: إن الإبل لا تكاد تهدأ فإذا صلى في مباركها وبقربها خشي عليه أن يتضرر إذا نفرت، ومنهم من يقول: إن مباركها مأوى للشياطين بخلاف مرابض الغنم، المقصود أنها استنباطات من أهل العلم، ويبقى أن الحكم في هذا هو النص، الحكم في هذا هو النص، وأما العلة الحقيقية فتحتاج إلى نقل، لا سيما وأن مثل هذه الأمور مما يخفى، يعني ظاهرًا فيما يظهر للناس هل هناك فرق؟ المكان طاهر سواءً كان في مبارك الإبل أو في مرابض الغنم، كلها طاهرة، والذين يقولون بنجاسة أبوال وأرواث الإبل يقولون بنجاسة أرواث وأبوال الغنم لا فرق، والذين يقولون بطهارة هذه يقولون بطهارة هذه، فالأمر الحسي لا فرق.

يعني جاء في بعض الأخبار مثل ما قيل في الوضوء من لحم الإبل وعدم الوضوء من لحم الغنم، التمسوا قيل: فيهن شياطين أو جن خلقت من جن، أو أمور يعني..، كلام، استنباطات من أهل العلم، الدسومة زائدة أو الدهونة تخفف بالوضوء.

على كل حال الكلام كثير لأهل العلم في هذا، والأصل والمعول عليه هو النص الذي فرق بين الأمرين.

جاء في بعض الأخبار أنها -لا أعلم صحته الآن- أنها جن خلقت من جن، جنٌ، خلقت من جن بهذا اللفظ، لكنه لا أخاله يثبت، ولا يمكن أن ترد الشريعة بالتفريق بين المتماثلات أو الجمع بين المختلفات، لكن قد يكون عدم إدراكنا هذا لقصورنا أو تقصيرنا، ما ننسب هذا للشريعة، فيبقى الحكم المعقولة مؤثرة، بولها طاهر وروثها طاهر، ما المانع من الصلاة؟ يعني كونها في باب الهدي والأضحية ملحقة بالإبل هذا أمر ثان.

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلاة يجلس في كل ركعة منها؟" سعيد بن المسيب يطرح هذه المسألة، وطرح العالم للمسألة على جلسائه وطلابه له أصل، ترجم البخاري -رحمه الله-: "باب: طرح الإمام المسألة" وأورد حديث النخلة من حديث ابن عمر تشبيه النخلة بالمؤمن، على كل حال هذا له أصل لكن لا يقصد بذلك التعنيت والتعجيز، ولا يبالغ في التعمية، إنما يقصد بذلك معرفة قدرات الطلاب ومدى استيعابهم، وشحن هممهم أيضًا، وهنا يقول سعيد بن المسيب: "ما صلاة يجلس في كل ركعة منها؟" يعني بعد كل ركعة تشهد، وأقول: "ما صلاةٌ التشهد فيها أكثر من عدد الركعات؟" هو جوابها المغرب، وفي سؤالنا أيضًا المغرب، يعني جلس مع الإمام التشهد الأول، فاته ركعتان وأدرك التشهد الأول يتشهد معهم، ثم يتشهد معه ثانية، ثم يأتي بركعة فيتشهد ثم يأتي بالثانية فيتشهد فيكون أربع تشهدات في ثلاث ركعات، وهنا يقول: "هي المغرب إذا فاتتك منها ركعة" تتشهد ثلاث مرات، ونقول: يمكن أن تصور بأربع تشهدات كما سمعنا "وكذلك سنة الصلاة كلها" الثنائية ما فيها إشكال إذا فاتك ركعة، الثنائية ما فيها إشكال، لكن الرباعية كيف يتصور أن تجلس في كل ركعة في الرباعية؟

طالب:.......

إذا أدركت الرابعة؟ يجلس مع الإمام هذا أول تشهد، ثم يأتي بركعة..، ثم يأتي بركعتين ويتشهد، صح؟ ثلاث تشهدات، والركعات أربع، أقول: كيف نتصور أن الرباعية يأتي فيها أربع تشهدات؟ يعني الثلاثة متصور أن تأتي أربع تشهدات.

طالب:.......

يعني يسهو ويتشهد؟

طالب:.......

لا، لا، يطرح المسألة على أساس أنها تشهد مع الذكر، مقصود وإلا مع السهو بعد..، الله المستعان، نعم؟

طالب:.......

لكن ما يجلس في كل ركعة منها، تشهدين متواليين؟

طالب:.......

لا، لا، الآن يتشهد في كل ركعة منها هي المغرب إذا فاتتك، وكذلك سنة الصلاة كلها، الفجر كذلك.

طالب:.......

نعم، لا أنا الإشكال عندي في الرباعية، يقول: "وكذلك سنة الصلاة كلها".

طالب:.......

لا، لا يعني طريقتها، طريقة الصلاة كلها.

طالب:.......

ذكرنا في السهو يعني متصور أنه يتشهد ما لا نهاية، سهل، لكن يبقى أنه في الذكر هنا وهو ذاكر، وهذا مما يثبت تبعًا، لكن لو صلى شخصٌ المغرب استقلالًا بثلاثة تشهدات بطلت صلاته، أما هذا يثبت تبعًا.

طالب:.......

لا هو المغرب انتهينا منها، يعني وفي حكمها جميع الصلوات، في حكمها جميع الصلوات، فيه من الشراح ذكر شيء؟ أظن إذا سبقه الحدث من الضرورة، ثم خرج بعد الثالثة ثم عاد.

طالب:.......

نعم أدرك مقيم من صلاة مسافر ركعة، هذه مسألة مستقلة، هذه غير تلك، طيب أدرك مقيم من صلاة مسافر ركعة، الآن المقيم يلزمه الإتمام وإلا يكفيه القصر؟ مقيم يلزمه الإتمام، أدرك ركعة يجلس معه للتشهد، ثم يأتي بركعة ويجلس للتشهد، ما فيه فرق، لكن دعونا في مسألة الرعاف كيف يتصور في الرعاف أن يتشهد أربع تشهدات؟ طيب كيف يبني؟ كيف يتصور أربع تشهدات؟ يعني يتشهد معهم التشهد الأول، ثم سبقه الحدث فذهب ليتوضأ وبنى على ما مضى، وأدركهم في التشهد الثاني، تشهد معهم التشهد الأول، هو فاته كم ركعة؟

طالب:.......

يعني ما نستفيد، لا، ترى أهل العلم ما هو من فراغ يتكلمون، لا سيما الباجي في غاية الدقة.

طالب:.......

لا، لا، تأملوها جيدًا، قد يختلف تصويرها في مذهبهم عن المالكية عن بقية المذاهب، لكن لا بد من أن يكون لها أصل، يعرفون يعني كيف يحررون المسائل ويضبطونها.

فإذا أدرك التشهد الأول معهم، يعني ما أدرك شيء إلا التشهد الأول، جاء والإمام جالس أو فاتته الركعة الثانية فلحق بهم فأدرك التشهد الأول، تشهد معهم، ثم سبقه الحدث، ثم جاء وقد فاتته الرابعة.

طالب:.......

يعني ما أدرك شيء من الأولات الثنتين؟

طالب:.......

لا، إذا أدرك سقطت عنه و...... تشهد، الثانية أولى تشهد معهم ثم لما أنهى التشهد الأول سبقه الحدث وذهب، ثم رجع وهم في التشهد الأخير، طيب هي أربع تشهدات، لكن ما يتسنى أن يجلس في كل ركعة.

طالب:.......

لا،....... بين كل ركعتين يرعف ويطلع يتوضأ إذا جلس للتشهد أرعف وطلع ثم....... ما هو بتصوير مسائل علمية.

طالب:.......

أولى بالنسبة له، ويبقى له ثنتين، إذا سلموا يأتي بهن؟ يأتي ثنتين؟ يبقى له ثنتين يأتي بهن سردًا بدون تشهد، ما يصلح، ويقول: تجلس في كل ركعة، يعني ما يتم هذا التصوير أبدًا.

طالب:.......

طيب الآن فاته ركعة وإلا أدرك ركعة؟ فاته ركعة رباعية.

طالب:.......

نعمـ يدرك الثالثة والرابعة ما بينهن تشهد مع الإمام.

طالب:.......

ما يلزم لا، لا، ما فيه أحد يقول: يلزمه الجلوس حتى عند من يقول: إن ما يدركه المسبوق آخر صلاته، ما يلزمه الجلوس.

طالب:.......

...... من غير تعرض لصورة ما يدركه مع الإمام؛ لأنه يدرك مع الإمام الثالثة والرابعة ما بينهن تشهد، ثم ينخرم كلامه.

طالب:.......

طيب، بدون ركعة.

طالب:.......

لكن يصير ركعتين متواليتين بدون تشهد، فما ينفع، ما يأتي على كلامه يجلس في كل ركعة، يجلس في كل ركعة منها، على كل حال ما هو بنص هذا.

طالب:.......

الظاهر أن سعيد قاصد أهل الكلام هذا.

طالب:.......

الثاني، ثم قام قضى ركعة فجلس، ثم عاد ثنتين متواليات، يبقى الإشكال هو هو.

طالب:.......

أربع تشهدات، لكن لا ما يفصل بينهم بالتشهد، ما يمكن تصويره هذا.

طالب:.......

نعم، لا نحن ما تصورنا أن المسألة في السهو، وإلا الذي يفتح باب السهو ما ينتهي.

طالب:.......

مسائل صور السهو ما تنتهي إطلاقًا.

طالب:.......

على كل حال تصورها صعب، يعني تصور أربع تشهدات في المغرب سهل، يعني سهل، لكن الرباعية تصور تشهد بعد كل ركعة فيه صعوبة.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول: ما رأيكم فيمن يقول بأفضلية صيام أربعة أيام ليتحقق من عاشوراء: يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، ولو أضف فيها السبت والخميس تصير خمسة أو ستة؟

المسألة عبادة، إن كان يتعبد بهذا هو مخالف، إذا كان يتعبد بهذا في عبادة مؤقتة بوقتها هذه مخالفة، المنصوص عليه يوم عاشوراء، ثم في الأخير قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) يعني مع العاشر، ولولا رواية: ((صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده)) لما قلنا: إن الأحوط أن ينظر في هلال محرم، فإن لم يرَ الهلال فليكمل ذي الحجة، أو يصوم إن كان الشهر مكملًا ولو بالتقويم يصوم التاسع والعاشر، وإن كان ناقصًا يصوم العاشر والحادي عشر ليصيب العاشر بيقين، يعني في مثل شهرنا هذا إذا صام الاثنين والثلاثاء أصاب عاشوراء بيقين، لكن لو كان ذي الحجة كاملًا يعني في التقويم أو في عرف الناس لقلنا: يصام الأحد والاثنين، ونكون حينئذٍ أصبنا العاشر بيقين، وذلك بإكمال شهر ذي الحجة؛ لأنه لم يرد عليهم من يثبت رؤيته فأكملوه، وهذا هو الأصل، وهذا هو الأصل في الأشهر الشرعية إن رؤي الهلال وإلا فأكملوا، كما في هلال رمضان، لا يحصل........، على كل حال على الإنسان أن يتحرى، وإذا أمكنه صيام العاشر بيقين فلا مفر منه، لا بد من هذا.

طالب:.......

لا هو إذا تردد كما لو قال: إن كان غدًا من رمضان فهو فرضي؛ لأنه ليس بإمكانه أكثر من هذا، ولن يكلف أكثر من هذا.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الصلاة.

حدثني يحيى عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وهو حاملٌ أمامة بنت زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس: فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)).

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مروا أبا بكر فليصل للناس)) فقالت عائشة: إن أبا بكر يا رسول الله إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمُر عمر فليصل للناس، قال: ((مروا أبا بكر فليصل للناس)) قالت عائشة: فقلت لحفصة: قولي له: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل للناس، ففعلت حفصة فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل للناس)) فقالت حفصة لعائشة -رضي الله عنهما-: "ما كنت لأصيب منك خيرًا".

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس بين ظهراني الناس إذ جاءه رجل فسارّه فلم يدر ما ساره به حتى جهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا هو يستأذنه في قتل رجل من المنافقين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين جهر: ((أليس يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؟)) فقال الرجل: بلى، ولا شهادة له، فقال: ((أليس يصلي؟)) قال: بلى ولا صلاة له، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أولئك الذين نهاني الله عنهم)).

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك -رضي الله عنه- كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر، فصلِّ يا رسول الله في بيتي مكانًا أتخذه مصلى، فجاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أين تحب أن أصلي؟)) فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستلقيًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما- كانا يفعلان ذلك.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال لإنسان: إنك في زمان كثير فقهاؤه، قليل قراؤه، تحفظ فيه حدود القرآن، وتضيع حروفه، قليل من يسأل، كثير من يعطي، يطيلون فيه الصلاة، ويقصرون الخطبة، يبدون أعمالهم قبل أهوائهم، وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثيرٌ قراؤه، يحفظ فيه حروف القرآن، وتضيع حدوده، كثير من يسأل، قليل من يعطي، يطيلون فيه الخطبة ويقصرون الصلاة، يبدون فيه أهواءهم قبل أعمالهم.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: بلغني أن أول ما ينظر فيه من عمل العبد الصلاة فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله، وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله.

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان أحب العمل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يدوم عليه صاحبه.

وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: كان رجلان أخوان فهلك أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلة، فذكرت فضيلة الأول عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ألم يكن الآخر مسلمًا؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، وكان لا بأس به، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وما يدريكم ما بلغت به صلاته؟ إنما مثل الصلاة كمثل نهر غمر عذب بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فما ترون ذلك يُبقي من درنه؟ فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته)).

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عطاء بن يسار كان إذا مر عليه بعض من يبيع في المسجد دعاه فسأله ما معك؟ وما تريد؟ فإن أخبره أنه يريد أن يبيعه قال: عليك بسوق الدنيا، وإنما هذا سوق الآخرة.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى البطيحاء، وقال: من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعرًا أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الصلاة" والترجمة التي قبلها: "باب: العمل في جامع الصلاة" وهذه الترجمة: "باب: جامع الصلاة" يقول الشراح في الفرق بين الترجمتين: إن الأحاديث التي أوردها في تلك -الترجمة الأولى- تتعلق بذات الصلاة، والأحاديث التي أوردها في هذه الترجمة لا تتعلق بذاتها، وإنما تتعلق بأمورٍ خارجةٍ عنها كحمل الصبية، وتعاقب الملائكة، وتقديم الأفضل للإمامة وما أشبه ذلك.

يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير -بن العوام- عن عمرو بن سليم الزرقي –الأنصاري- عن أبي قتادة الأنصاري -الحارث بن ربعي الأنصاري- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وهو حاملٌ أمامة بنت زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أمامة: إعرابها؟ مفعول لاسم الفاعل، والإضافة ما يمكن؟ حاملُ أمامةَ {مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا} [(45) سورة النازعات] بالإضافة، أو "منذرٌ من يخشاها؟" {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ} [(3) سورة الطلاق] طيب والقراءة الثانية؟ بالغٌ..

طالب:......

أو أمرُهُ؟ يجوز الوجهان، وهناك صور يترجح فيها الإضافة، وصور يترجح فيها العمل، وبنت: نعت أو بدل أو بيان من أمامة، وعلى رواية العمل تكون بنتَ، وعلى الإضافة تكون بنتِ، زينبَ بنتِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نسبت لأمها لشرف النسبة إليه -عليه الصلاة والسلام-، وإلا فأبوها معروف، ولذا قال: "ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس" ذكر أبوها، أمامة بنت أبي العاص "لأبي العاص بن ربيعة" أبو العاص أبوها أسلم قبل الفتح وهاجر، وأسلمت قبله زينب وبقيت، وردها النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه بالعقد الأول "ولأبي العاص بن ربيعة" وهذه رواية الجمهور عن مالك، ورواه يحيى بن بكير ومعن بن عيسى القزاز وأبو مصعب الزهري وغيره من الرواة عن مالك فقالوا: (ابن الربيع) "ولأبي العاص بن الربيع" وهو الصواب، وزعم الكرماني أن المخالفة من البخاري، في البخاري: "ولأبي العاص بن ربيعة" يعني إذا تسنى للكرماني أن يقول: إن المخالفة من البخاري في كتابه هل يتسنى له أن يقول: إن المخالفة من البخاري في الموطأ؟ ما يمكن، هذا وهم زعم الكرماني أن المخالفة من البخاري، والصواب أنه ممن روى عن مالك ممن ذكر، وزعم بعضهم أنه منسوبٌ إلى جده، وأنه ابن الربيع بن ربيعة، ورده عياض والقرطبي وغيرهما لإطباق النسابين على خلافه، هو أبو العاص بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد الشمس، النسابون يتفقون على هذا.

أمامة هذه تزوجها من؟ علي -رضي الله عنه- بعد وفاة فاطمة "فإذا سجد وضعها" وهذا صريح في كون العمل منه -عليه الصلاة والسلام-، وأنه هو الذي يحملها، وهو الذي يضعها "وإذا قام حملها" لأن منهم من زعم كالخطابي أنها تعلق به من غير عملٍ منه، تتعلق به، ألفته -عليه الصلاة والسلام- فكانت تتعلق به إذا قام وإذا سجد، فصريح الرواية تردها "فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها".

وأشكل مثل هذا العمل على بعض العلماء لا سيما من المالكية؛ لأن هذا العمل لا يجوز عندهم في الصلاة، أشكل عليهم مثل هذا، فمنهم من قال: هذا في النافلة لا في الفريضة، جاء في رواية: أنه يؤم الناس، وفي رواية: كنا ننتظر النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة الظهر أو العصر إذ خرج علينا وهو حاملٌ أمامة، هذه نافلة وإلا فريضة؟ فريضة، روى أشهب عن مالك أن ذلك للضرورة لعدم وجود من يكفيه أمرها، وهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن بيوته -عليه الصلاة والسلام- معمورة.

روى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك أن الحديث منسوخ، يقول ابن عبد البر: لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة، لكن لا داعي للقول بالنسخ؛ لأن هذا العمل عند جمهور أهل العلم لا إشكال فيه، صحيح فيه حركة لكنها غير متوالية، والآدمي طاهر، وما في جوفه معفوٌ عنه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل مثل هذا الفعل لبيان الجواز، الطمأنينة موجودة، ولولا مثل هذا العمل منه -عليه الصلاة والسلام- الذي فعله لبيان الجواز لتحرج كثيرٌ من الناس حينما يحتاجون إلى مثل هذا العمل، يعني لولا وجود هذا الأصل الذي يبيح مثل هذا العمل لوجد الحرج والمشقة من كثيرٍ من الناس، لا سيما أهل التحري والحرص؛ لأنه قد يوجد الحاجة إلى مثل هذا العمل، وإذا لم يوجد له أصل لا شك أنهم سوف يتحرجون.

على سبيل المثال قد لا يوجد من يقرأ القرآن عن ظهر قلب، لكن يوجد من يقرأ القرآن نظر، وأراد أن يصلي بالناس ومعه المصحف نقول: الحديث أصل في جواز القراءة في المصحف وحمله ووضعه عند الحاجة؛ لأن مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، ولا يتوسع فيها.

على كل حال النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل هذا لبيان الجواز، ولرفع الحرج والمشقة عن أمته، هو فعله -عليه الصلاة والسلام- لبيان الجواز، فإذا وجد الشخص في مجتمعٍ أو بين أناس يشددون في هذا الأمر، وأن الإنسان إذا تحرك ظنوا به الظنون، أو يعني ممن يراد تخفيف مثل هذا الأمر عندهم، وبيان السنة لهم لا بأس من فعله، نقول: هذا من باب التعليم؛ لأن هذه النصوص ينبغي أن يعنى بها طلاب العلم والعلماء في تطبيقها علاجًا لمشاكل الناس، يعني لو رأيت واحدًا يتحرك قلت: قوموا لله قانتين، والحركة..، وتكلم عن الحركة، وأنها مؤثرة في الصلاة، لكن لو وجدت شخصًا يبالغ في هذا الأمر، ويرى أن كل حركة مبطلة للصلاة، لا مانع أن تحمل طفل وتقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- حمل.

يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج" حدثني عن مالك عن أبي الزناد اسمه عبد الله بن ذكوان، عن الأعرج عبد الرحمن بن هرمز لا نخلط بينهما "عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) يتعاقبون فيكم: أي تأتي طائفة عقب الطائفة الأخرى، يتعاقبون فيكم بمعنى أن الطائفة الثانية تأتي عقب الطائفة الأولى، وهذا يرد عليه قوله: ((ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر)) كيف يتعاقبون وهم يجتمعون؟! أن عددهم كبير بحيث يكون بعضهم يأتي عقب ذهاب البعض، وبعضهم يجتمع مع بعض الدفعات ((يتعاقبون فيكم ملائكة)) من يعرب يتعاقبون؟ ملائكة: بدل، لكن من قال: إن الملائكة هم الفاعل، يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار على لغة بلحارث التي يسمونها لغة: أكلوني البراغيث، وهذه لها ما يشهد لها من النصوص، وفي لغة العرب أيضًا.

الحديث في بدء الخلق من صحيح البخاري: ((الملائكة يتعاقبون ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) وفي مسلم: ((والملائكة يتعاقبون فيكم)) وحينئذٍ لا يكون فيه شاهد لهذه اللغة، لكن هذا المثال يذكر في كتب النحو على هذه اللغة "يتعاقبون فيكم" بل بعضهم جعل هذه اللغة منسوبة إلى هذا الحديث، على لغة: يتعاقبون فيكم، وعلى كل حال هي لغة قبيلة من العرب، ولها شواهدها من النصوص ومن الشعر.

يلومونني في اشتراء النخيل أهلي

 

...................................

 ولها الشواهد موجودة في شروح الألفية وغيرها.

((ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) وهل هؤلاء الملائكة هم الحفظة أو غيرهم؟ خلافٌ بين أهل العلم، لكن المرجح أنهم هم وإلا غيرهم؟ غيرهم، لماذا؟ لأن الحفظة لا يفارقون.

((ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر)) يجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، صلاة الفجر لا إشكال فيها؛ لأنها مشهودة، هذا مع كون صلاة الفجر مشهودة {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [(78) سورة الإسراء] والمراد بقرآن الفجر صلاة الفجر، وهي مشهودة يشهدها الملائكة ملائكة الليل والنهار، لكن ماذا عن صلاة العصر؟

طالب:.......

لكن هل هي مشهودة وإلا غير مشهودة؟ ما معنى تخصيص الفجر بكونها مشهودة والمعنى الموجود فيها موجود في العصر على هذا الحديث؟ هو المقصود بالقرآن الصلاة، القرآن المقصود به الصلاة، نعم؟

طالب:.......

ما تكون مشهودة على هذا؟ إذا صارت سرية ما تكون مشهودة؟! الحديث الذي عندنا: ((يجتمعون)) معنى الشهود في صلاة الصبح موجود في صلاة العصر، ما معنى كون الفجر مشهودة والعصر غير؟ يعني ما جاء في صلاة العصر معروف ومحفوظ، وكونها إحدى البردين معروف مع الصبح، لكن إشكالنا واضح ومحدد، صلاة الفجر مشهودة، ما معنى مشهودة؟ يجتمع فيها ملائكة الليل والنهار، إذًا لمَ خصت بكونها مشهودة دون العصر؟

طالب:.......

نعم، يعني كون العصر تجمع جمع تقديم في أول صلاة الظهر مثلًا إذا زالت الشمس، يعني هل تشهد والنهار باقٍ فيه؟ لأن معنى التعاقب هذا ملائكة ليل وملائكة نهار، فإذا جمعت صلاة العصر في منتصف النهار يحصل هذا التعاقب وإلا ما يحصل؟ يعني باقي على النهار نصفه.

على كل حال النص الذي بين أيدينا يدل على أنها مشهودة، ويبقى أن كونها مشهودة يعني على أصلها في وقتها، يعني كون من يشهدها أكثر، وتسمية صلاة الفجر بقرآن الفجر يدل على أن القراءة فيها لها مزية، وجاء أيضًا مقرونًا بمثل هذا الحديث: ((فإن استطعتم أن لا تضاموا عن صلاةٍ -أن لا تغلبوا- على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وصلاةٍ قبل غروبها)) ولذا جاء في الخبر أن الرؤية للباري -جل وعلا- في طرفي النهار، وأن أسعد الناس بها من يحافظ على هاتين الصلاتين، وهما البردان، وذكرنا أن ابن القيم -رحمه الله تعالى- في طريق الهجرتين وهو يصف حال المقربين، ويصف حرصهم على القرب من الإمام في صلاة الصبح، وتدبرهم لقراءته له أثرٌ كبير في صلاح القلب؛ لأن هذه الصلاة مشهودة.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
يقول: أفضل الكتب لإعراب القرآن؟

ذكرنا مرارًا أن المتقدمين لهم كتب لإعراب القرآن للنحاس وللعكبري، وللمتأخرين أيضًا مساهمات جيدة، كتب مبسوطة في إعراب القرآن، يحسن أن يتمرن عليها طالب العلم، ولعل من أجودها: (إعراب القرآن) لمحي الدين درويش معاصر، هناك كتب منها ما يبلغ العشرات المجلدات، ومنها ما يزيد، فهذه الكتب نافعة، كتاب محي الدين درويش هذا إعراب تفصيلي لكل كلمة من كلمات القرآن.
هناك كتب من كتب التفسير تعنى بإعراب القرآن ووجوهه العربية والبلاغية منها: (البحر المحيط) لأبي حيان، عنايته بالنحو فائقة والإعراب، هناك أيضًا: (بيان وجوه المعاني والبيان) في تفسير أبي السعود، والكتب في هذا كثيرةٌ جدًّا، وحريٌ بطالب العلم أن يعنى بها؛ لأنه بهذه الطريقة يضبط العربية، ويستعين بذلك على فهم كتاب الله -عز وجل-.

هل معنى ذلك وجود بدعة حسنة وبدعة سيئة؟

ذكرنا أنه ليس في البدع ما يمدح ولا يستحسن؛ لأن الحديث يقول: ((وكل بدعة ضلالة)).

هذا يقول: أنا طالب في الهند وعائش مع عائلة يقول: مسيحية يعني نصارى؛ ليتعلم اللغة الإنجليزية، ويأكل ويشرب معهم، فما الحكم الشرعي؟

هذا شخص عائش في بيت فيه رجال ونساء ليسوا من محارمه، لا يجوز له البقاء معهم ولا لحظة، إلا إذا كان في قسم الرجال فقط، ولا يدخل على النساء؛ لأنهن لسن من محارمه.

ما حكم من يسب الله أو الدين، والنبي -عليه الصلاة والسلام-.. يقول: وماذا أعمل إذا كنتُ واقفًا عنده؟

سب الدين وسب الله -جل وعلا- هذا نسأل الله العافية خطرٌ عظيم، وكفر عند أهل العلم، وبعضهم يقول: إنه لا تقبل توبته، لا تقبل من سب الله وسب الرسول -عليه الصلاة والسلام- وسب الدين، نسأل الله العافية، وإذا كنت واقفًا عنده عليك الإنكار.

يقول: قناة فضائية تبث مجموعة من البنات يعرضن أنفسهم للزواج على التلفاز، وتقوم القناة بعرض تصرفاتهن من أكلٍ وشرب ولبس، ومعظم الناس تتحدث عنهم، السؤال: هل متابعة مثل هذه القناة حرام؟

أقول: عرض هذه الصور -صور النساء في مثل هذه القنوات- لا شك أنه يتيح النظر إليهن من قبل الرجال الأجانب، وهذا بحد ذاته حرام، فضلًا على أن تعرض هذه النساء على أوضاعٍ تغري بهن، المقصود أن مثل هذا لا يجوز النظر إليه بحال، والله المستعان.

ما حكم من تأخر عن الصلاة ثم لم يدرك الإمام إلا في الركعة الأخيرة، ثم سلم الإمام وقام ليكمل ما تبقى عليه من الصلاة، ثم عاد الإمام ليسجد سجود السهو، فهل يجب عليه أن يسجد مع الإمام أو يكمل ما تبقى عليه من الصلاة؟

إذا كان قد انفصل عن الإمام وشرع في الركعة ركعة القضاء فيسجد بعد ما يسلم هو.

يقول: هل يجوز للفتاة نصح الشباب من المسلمين للدين الإسلامي عبر الإنترنت بحيث يسمعون صوتها؟ تقول: تدخل مواضع الدردشة وتنصحهم بما يفيدهم في دينهم؟

هذه يخشى عليها من أن تفتن، فخيرٌ لها أن لا تكلم الرجال، وكلامُ المرأة للرجال الأجانب لا يجوز إلا بقدر الحاجة، إذا لم يوجد لها من يقضي حاجتها، وكان صوتها طبيعيًّا، بمعنى أنه ليس فيه خضوع تقضي حاجتها، تشتري ما تضطر إلى شرائه، المقصود أن مثل هذا التوسع غير مرضٍ في الشرع، ويفتح أبواب من الشرور لا يمكن السيطرة عليها، فعليها أن تقتصر بالدعوة على محيطها من النساء.

يقول: أنا على أبواب الزواج -هذا من امرأة- تقول: أنا على أبواب الزواج من خطيبي الذي دامت خطبتنا سنة كاملة، وخطبتها...،

وكان لا زال أبوها على قيد الحياة، وتوفاه الله قبل فترة قصيرة، قبل أن يتم العقد بيننا، وليس لها إخوة نهائيًا سوى أربع أخوات كلهن متزوجات، ولها خال وأبناء الخال ولها أبناء العم فمن الأولى؟
الأولى أبناء العم، لكن بعد أن يعينوا من قبل القاضي والحاكم؛ لأن السلطان ولي من لا ولي له، فإذا عين الحاكم أحدًا وليكن ابن العم؛ لأنه عاصب، أما الخال ليست له ولاية إلا بالوصية، إذا أوصى الأب.

يقول: هل الذي ملك على خطيبته وسجل المبلغ في العقد، ومن ثم طلبوا الزيادة، هل الزيادة تكتب في العقد أم لا؟ الزيادة تكتب في العقد؟

يعني الآن عقد على مهرٍ معين على مبلغ معين هو المهر والصداق لا يجوز لهم أن يطلبوا الزيادة بعد ذلك، وإذا طلبوا وألحقها بالمهر وأراد كتابتها بالعقد من أجل أن تحفظ له حقوقه فيما لو طلبوا الفراق فهي جزءٌ من المهر، إذا كانت هذه الزيادة بقصد المهر لا على سبيل الإهداء، إذا كانت تبعًا للمهر فإذا أرادوا حل هذا العقد بخلع يلزمهم دفع جميع ما دفعه إليهم.

يقول: هل ورد شيء في السنة عن صيام يوم عاشوراء وأنه يجب أن تصوم يومًا قبله ويومًا بعده؟

جاء في السنة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية)) هذا بالنسبة ليوم عاشوراء، ثم من باب مخالفة اليهود قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) يعني مع العاشر، وجاء أيضًا قوله: ((صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده)) أما وجوب أن يصام يوم هو الصيام هو ليس بواجب فضلًا عن اليوم قبله أو يومًا بعده.

هذا يقول: إذا دعا الإمام إلى صلاة الاستسقاء وكنتُ مقيمًا في بلدٍ الأمطار فيه غزيرة، هل يستحب لنا إقامة صلاة الاستسقاء؟

نعم يستحب لكم صلاة الاستسقاء؛ لأن الاستسقاء ليس لبلدٍ واحد من بلدان المسلمين بل لعموم البلدان، فإذا احتيج إلى نزول المطر في بلدٍ من البلدان شرعت صلاة الاستسقاء، وإذا دعا إليها الإمام تأكدت، وقد يكون نزول المطر في بلد أو في منطقة من المناطق لا يعني اكتفاء هذه المنطقة من المخزون من المياه الجوفية، لا سيما وأن المخزون من المياه مهدد فيه نقص كبير، فالمطر يطلب نزوله للخصب، وأيضًا ليدخر في الأرض عند الحاجة إليه.

يقول: امرأةٌ تأخذ حبوب منع الحمل من وراء زوجها، يعني خفيةً عليه؛ لتمنع الإنجاب وذلك لتضررها منه، وتسأل هل يجوز لها ذلك؟

لا يجوز لها إلا بموافقته؛ لأن الولد حقٌ للطرفين، لا يجوز له أن يجبرها، ولا يجوز لها أن تأخذ هذه الحبوب من غير علمه؛ لأنه حقٌ للجميع، لكن إذا ثبت أنها تتضرر بتقريرٍ طبي من طبيبٍ ثقة لا يجوز له أن يلزمها بما يضرها، لكن الشرع لم يتركه دون حل، لم يتركه الشرع دون حل، له أن يتركها حتى تنظم إنجابها بما لا يتعارض مع صحتها وقدرتها، وله أن ينظر إلى زوجةٍ أخرى للإنجاب، على كل حال الشرع ما ترك مثل هذه الأمور دون حل.

تقول: بأنه كان لديها أربع خواتم فضية لم تكن تعرف قيمتها، ومكثت معها قرابة الخمس والثلاثين عامًا لم تخرج زكاتها، وتقول: أنها لم تكن تلبسها وتحتفظ بها، بل كانت مهملة مما أدى لضياعها، وقبل سبع سنين وجدت شبيهًا لها في السوق وكانت قيمتها ستون ريالًا؟

أربع خواتم في ستين مائتين وأربعين ريالاً أقل من النصاب فلا زكاة فيها، والله أعلم.

يقول: هل يجوز قول: الله أخفى قدرته خلف إبداعه؟ وقول: شاءت الأقدار؟

الله أخفى قدرته..، الله أيضًا أظهر قدرته، الله -جل وعلا- أظهر قدرته، وأخفى منها ما شاء، فيظهر لبعض المخلوقين ما لا يظهر لغيره، كل شيء من هذه المخلوقات يدل على قدرة، على قدرة الخالق -جل وعلا-، فأظهر منها ما شاء، وأخفى منها ما شاء.
قول: "شاءت الأقدار" المشيئة من صفات الله -جل وعلا-، فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي يشاء، والأقدار إن كان المراد بها ما قدره الله وقضاه فنسبة المشيئة إليها تجوز، وإلا فالذي يشاء هو الله -جل وعلا- مقدر هذه الأقدار.

يقول: امرأة منفصلة عن زوجها ولديها طفلان منه، لكنه يهددها بأنه سيأخذ -الظاهر- أبناءه منها؛ لأنها تعلمهم الدين الإسلامي وهو لا يريدهم أن ينشأوا على الدين فكلما يذهب هذا الولد إلى أبيه

-أخطاء مطبعية كثيرة- كلما يذهب هذا الولد إلى أبيه يعود وقد تغير تفكيره ويقول لوالدته: لا أريدك، والدي اشترى لي جوالا وسأتحدث معه، وسأذهب إليه، فما نصيحتكم؟
إذا خشي على الولد ومن أعظم ما يخشى عليه في أمر دينه إذا خشي عليه من والده أو من والدته فللطرف الآخر المطالبة عند القضاء برفع يده عن الحضانة، وحينئذٍ لها ذلك، لها أن تطالب برفع يد الأب إذا كان غير موثوق في تربيته لولده فالحضانة تنتقل منه، وكذلك الأم إذا خشي على الولد أو على البنت منها فإنها ترفع يدها عن الحضانة.

يقول: هل جهاد الدفع يسقط عند تمكن العدو من الدولة؟

هو يسقط عند العجز يعني، فإذا تمكن العدو من الدولة من بلد من بلدان المسلمين، وإذا نوزع هذا العدو خشي منه أن يقضي على المسلمين بالكلية هذا عجز بلا شك.

يقول: في هذا الوقت ارتفعت أسعار الحديد وأنا أريد بناء بيت في المستقبل القريب -إن شاء الله تعالى- فهل يجوز لي دفع عربون لحجز كمية الحديد التي أريد، على أن أدفع بقية الثمن عند الطلب حتى يكون شرائي للحديد بالسعر المعتاد؟

على كل حال إذا اشتريت من الآن عقدت الصفقة مع صاحب الحديد من الآن ودفعت له عربونًا، ورضي بتأجيل الثمن، ورضيت بتأجيل المثمن على أن يكون دفع الثمن عند استلام البضاعة ما فيه شيء، وأهل العلم يختلفون في العربون هل هو ملزم، بمعنى أنه يضيع على الدافع في مقابل حجز السلعة أو هو من أكل أموال الناس بالباطل؟ على كل حال الحديث الوارد فيه ضعيف، والقضاة كلٌ له اجتهاده في هذه المسألة؛ لأنها اجتهادية، لا شك أن من أمضاه له حظٌ من النظر باعتبار حبس السلعة وتفويت الزبائن، ومن قال: إنه أخذُ مالٍ من غير عوضٍ مقابل أيضًا له وجه، فالمسألة اجتهادية.

هل الإسبال حرام أم مكروه؟

الإسبال حرام، الإسبال حرام، فإن كان من غير خيلاء ففي النار، وإن كان مع الخيلاء فالأمر أشد، نسأل الله العافية.

يقول: شاب عمره تسعة عشرة سنة، يقول: إن أمه تكون معه بوجهين، إذا أرادت مني شيئًا تستلطفني وتدلنني، وإذا رأت مني شيئًا لا تريده تصيح علي وتغضب، علمًا بأن هذا الشاب يريد أن يقيم بعدًا عن والدته ومقصر في الصلاة ولا يعلم عن الدين الإسلامي كثيرًا؟

على كل حال الأم لها حقوق، وبرها واجب، بل من أوجب الواجبات بعد حق الله -جل وعلا- حقها أعظم من حق الأب، فإذا طلبت منك شيئًا تستطيعه لا تتردد في تلبية طلبها بما لا يضرك، وعليها أن تغير من أسلوب معاملتها، ولا يلزم أن تصيح وتغضب؛ لأن المؤمن ليس على هذه الشاكلة، بل عليه أن يسلك الأسلوب المناسب للطلب، والأسلوب المناسب للتربية، فالرفق الرفق، والرفق ما دخل في شيء إلا زانه، والعنف لا يأتي بخير، والغضب مذموم، وهو من الشيطان.

يقول: ذكر السيوطي استدراكًا على ابن حجر أن الحفظة يفارقون الإنسان وذكر على ذلك أحاديث.

هم لا يفارقونه إلا في حال غير كمال، يعني في قضاء حاجة، وهو جنب، لكنه مع ذلك هؤلاء يتعاقبون بمعنى أنهم يفارقون، ملائكة ينزلون، وملائكة يصعدون.
لو قلنا: إنهم هم الحفظة لما صار لصلاتي الصبح والعصر مزية، الحفظة موجودون في الظهر، موجودون في صلاة المغرب، موجودون في صلاة العشاء، لو قلنا: إنهم هم الحفظة، موجودون في كل الصلوات، موجودون في النوافل.
((ثم يعرج الذين باتوا فيكم)) هذا دليلٌ على أنهم الذين شهدوا صلاة الفجر، الذين باتوا فيكم ثم شهدوا صلاة الفجر يعرجون، الذين شهدوا صلاة الفجر، يعني هل يمكن أن يقال مثل هذا في الذين شهدوا صلاة العصر باتوا؟ نعم؟ كيف؟ البيتوتة بالليل ((ثم يعرج الذين باتوا فيكم)) هم قالوا: تخصيص الذين باتوا دون الآخرين من باب الاكتفاء، كما في قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [(81) سورة النحل] يعني والبرد، ومراده بهذا أن الذين يعرجون الذين باتوا هذا بالنسبة لصلاة الصبح، ويعرج الذين شهدوا صلاة العصر، ممن وجد في النهار غير الذين باتوا، الذين كانوا هذه أشمل.
على كل حال تخصيص هؤلاء يقول أهل العلم: إن الليل مظنة معصية؛ لأن فيه استتار، وفيه خفاء، اختفاء عن الأنظار، فالتنصيص على هؤلاء الذين باتوا؛ لتحذير العصاة، تظنون أنكم ما كتب عليكم شيء في هذا الليل لخفاء فعلكم؟ هؤلاء الذين باتوا فيكم يعرجون، مسجلين ما صنعتم، ومع ذلكم يسألهم الله -جل وعلا- وهو بهم أعلم لإظهار الحكمة في خلق الإنسان ((يسألهم وهو أعلم بهم)) يسأل الملائكة ((كيف تركتم عبادي؟)) ليظهر في عالم الشهود للملائكة، ويبين لهم أن قولهم السابق: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء} [(30) سورة البقرة] أنه له حقيقة وإلا ما له حقيقة؟ ليس على إطلاقه؛ لأنهم عمموا {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا} [(30) سورة البقرة] لأنه وإن وجد من يفسد إلا أنه وجد ((تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)) فيوجد من يفسد، ويوجد من يتعبد، كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل].
((كيف تركتم عبادي؟)) كيف تركتموهم؛ لأن الأعمال بالخواتيم، ولم يقل: كيف وجدتموهم، يعني لما وصلتم إليهم كيف وجدتموهم؟ المقصود كيف تركتموهم في آخر الأمر؛ لأن الأعمال بالخواتيم ((فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)) فبدأوا بالترك؛ لأن ختم العمل أولى من بدايته، وإن كانت البداية من حيث الزمن متقدمة، لكن من حيث الأهمية الختم أولى من البداية.

يقول: أنا لا أحضر من العمل إلا مع أذان المغرب، فأصلي وأنام لآخذ قسطًا من الراحة، وأوصي أهلي بإيقاظي إلى أذان العشاء للصلاة وحضور الدرس فهل عليه شيء؟

لا هم قالوا: كراهية النوم قبلها لمن يخشى عليه فوات الصلاة.

هذا يسأل يقول: هل يسن الخروج إلى المسجد إذا تيقن فوات الجماعة الأولى، وكان يرجو أن يدرك جماعة أخرى بعدها؟

نعم، إذا كان يرجو جماعة أخرى فالخروج له مبرر؛ لأن صلاة الرجل مع آخر أزكى من صلاته وحده، وفيه تحصيل لأجر الجماعة، ولا شك أن هذا هدفٌ صحيح، ومقصدٌ شرعي.

يقول: من أحس بأنه سب نفسه ثم انتبه لما قال واستغفر فهل يمحو ذلك ما سب من نفسه؟

إن شاء الله تعالى.