شرح الموطأ - كتاب الحدود (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والسامعين والحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

كتاب الحدود

باب: ما جاء في الرجم

حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: جاءت اليهود إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟)) فقالوا: نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، ثم قرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما، فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة".

قال مالك -رحمه الله-: يعني يحني يكب عليها حتى تقع الحجارة عليه.

حدثني مالك -رحمه الله تعالى- عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أسلم جاء إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فقال له: إن الآخر زنى، فقال...

إن الأخر بالقصر.

فقال له: إن الأخر زنى، فقال له أبو بكر -رضي الله عنه-: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟ فقال: لا، فقال له أبو بكر: فتب إلى الله، واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، فلم تقرره نفسه حتى أتى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر، فلم تقرره نفسه حتى جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: إن الأخر زنى، فقال سعيد: فأعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، كل ذلك يعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إذا أكثر عليه بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أهله، فقال: ((أيشتكي أم به جنة؟)) فقالوا: يا رسول الله، والله إنه لصحيح، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أبكر أم ثيب؟)) فقالوا: بل ثيب يا رسول الله، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم.

حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من أسلم يقال له: هزال: ((يا هزال لو سترته بردائك لكان خيراً لك)) قال يحيى بن سعيد: فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي فقال يزيد: هزال جدي، وهذا الحديث حق.

حدثني مالك عن ابن شهاب أنه أخبره أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وشهد على نفسه أربع مرات، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم.

قال ابن شهاب: فمن أجل ذلك يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه.

حدثني مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن أبي مليكة أنه أخبره أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته أنها زنت وهي حامل، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبي حتى تضعي)) فلما وضعت جاءته، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبي حتى ترضعيه)) فلما أرضعته جاءته، فقال: ((اذهبي فاستودعيه)) قال: فاستودعته، ثم جاءت فأمر بها فرجمت.

حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر -وهو أفقههما-: أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي في أن أتكلم؟ قال: ((تكلم)) فقال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، فأخبرني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة، وتغريب عام، وأخبروني أنما الرجم على امرأته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فرد عليك)) وجلد ابنه مائة، وغربه عاماً، وأمر أنيساً الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها.

قال مالك -رحمه الله-: والعسيف: الأجير.

حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت لو أني وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)).

حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: "الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء، فإذا أحصن...

إذا أحصن، أذا أحصن.

أحسن الله إليك.

الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف".

حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن أبي واقد الليثي أن عمر بن الخطاب أتاه رجل وهو بالشام فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلاً، فبعث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أبا واقد الليثي إلى امرأته يسألها عن ذلك، فأتاها وعندها نسوة حولها، فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب، وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله، وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع، فأبت أن تنزع، وتمت على الاعتراف، فأمر بها عمر فرجمت.

حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة بطحاء، ثم طرح عليها رداءه واستلقى، ثم مد يديه إلى السماء، فقال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط، ثم قدم المدينة فخطب الناس، فقال: أيها الناس قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة، إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً، وضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، أن يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها: "الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة" فإنا قد قرأناها.

قال مالك -رحمه الله-: قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر -رحمه الله-.

قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: قوله: الشيخ والشيخة يعني الثيب والثيبة فارجموهما ألبتة.

وحدثني مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر، فأمر بها أن ترجم، فقال له علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: ليس ذلك عليها، إن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] وقال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [(233) سورة البقرة] فالحمل يكون ستة أشهر، فلا رجم عليها، فبعث عثمان بن عفان في أثرها فوجدها قد رجمت.

حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب عن الذي يعمل عمل قوم لوط، فقال ابن شهاب: عليه الرجم، أحصن أو لم يحصن.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الحدود

الكتاب مضى تعريفه مراراً، وأنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، والحدود جمع حد، والمراد بها ما يمنع ويفصل ويحجز بين شيئين، والحدود المشروعة لتمنع من الوقوع في هذه المعاصي التي حددت لها، الحد المراد به القدر المحدد شرعاً المرتب على معصية، لتمنع من الوقوع فيها، أو من المعاودة إليها ممن وقع فيها، فالحدود إنما شرعت لردع الجاني ولاعتبار غيره به؛ لئلا يقع في مثل ما وقع فيه، والحدود المقدرة الزنا، والسرقة، والقذف، والخمر، والردة، والسرقة.

الزنا، والقذف به، والسرقة، والشرب، والردة.

طالب: اللواط.

اللواط ملحق، نعم؟

طالب:......

حد وإلا قصاص؟

طالب: قصاص.

قصاص هذا.

طالب:......

قطع الطريق.

طالب:......

الساحر مرتد، نعم؟

طالب: التعزير.

لا، التعزير غير الحد، التعزير قسيم وليس بقسم.

هذه العقوبات المقدرة المحددة التي ثبتت فيها الحدود لا شك أنها رتبت على جرائم تعد من كبائر الذنوب عند أهل العلم؛ لأن ضابط الكبيرة عندهم ما رتب عليه حد في الدنيا، أو توعد عليه بدخول النار في الآخرة، وحرمان الجنة، أو جاء في حقه اللعن، وغير ذلك من الضوابط التي ذكرها أهل العلم.

ثم بدأ بحد الزنا.

باب: ما جاء في الرجم

وهو الحد الأغلظ في جريمة الزنا؛ لأن الزاني لا يخلو إما أن يكون محصناً فحده الرجم ثيباً، أو يكون بكراً فيكون حده الجلد مع التغريب.

في حديث عبادة بن الصامت ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيب بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة)) فإذا زنا المحصن وهو من وطأ في نكاح صحيح فإن حده الرجم، وإذا زنا غير المحصن وهو من لم يطأ في نكاح صحيح، ولو وطئ بنكاح فاسد أو بزنا -نسأل الله العافية- فلا يسمى ثيب، إنما يقال له: بكر، سواءً كان رجل أو امرأة، أما من وطئ بنكاح صحيح هذا ثيب، ولو طلق من ليلته، نعم؟

طالب: .......الثيب بالثيبث.....

جلد مائة والرجم إيه.

طالب:......

بيجي الكلام فيه، نعم؟

طالب:......

لا، لا ما يكفي، العقد ما يكفي، يعني لو طلق قبل الدخول ليس بثيب، ولو طُلقت قبل الدخول ليست بثيب، إنما الثيب من وطئ بنكاح صحيح.

طالب:......

أشمل نعم، هذا اصطلاح عند أهل العلم، اصطلاح خاص، وإلا فحدود الله جاء فيها لا تعتدوها ولا تقربوها، فلا تتعدى الحدود ولا تقرب، فما أمر به لا يتعدى، وما نهي عنه لا يقرب، وهي أعم من أن تكون مقدرة أو غير مقدرة، لكن يراد بها في مثل هذا الكتاب المقدرة، في مقابل التعزيرات، وفي مقابل ما لا حد فيه ولا عقوبة له فيه في الدنيا.

باب: ما جاء في الرجم

أي في حكمه، والرجم المراد به رجم الزاني المحصن بالحجارة حتى يموت، والحدود إنما شرعت لمصالح عظيمة؛ لتطهير المجتمعات الإسلامية من هذه القاذورات، فلو لم تشرع هذه الحدود لما وجد ما يردع الناس عن مقارفتها، ولا اشترك الناس المسلمون وغيرهم، والحيوانات في اقتراف هذه الجرائم وهذه القاذورات، وما يرمى به الإسلام بسبب تشريع هذه الحدود من الهمجية ومن الوحشية هذا يقوله المغرضون، دعاة الإباحية، الذين يسعون في الأرض الفساد، ليستبيحوا محارم الناس وأموالهم ودماءهم، وإلا فمن الذي يردع؟ يعني إذا كان في قول الله -جل وعلا-: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [(179) سورة البقرة] ويقولون: إن القتل وحشية، متى يرتدع القاتل إذا لم يقتل؟ ومتى يرتدع غيره إذا لم يقتل الجاني؟ الناس لا يردعهم إلا الحزم، والمناداة بالستر المطلق كما يقول بعضهم، نعم جاء في الحديث الصحيح الستر على المسلم: ((من ستر مسلماً ستره الله)) وجاء أيضاً إعراض النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ماعز ليستتر بستر الله، لكن هذا في حق من؟ في حق من حصلت منه الهفوة أو الزلة، أما من اجترأ على حدود الله، واستمرأ المعاصي، أو انتشرت هذه الجرائم في مجتمع من المجتمعات لا يردعها إلا إقامة شرع الله، إقامة الحدود بعزم وحزم وجد، ولذا لا يجوز للسلطان أن يعفو إذا بلغه الحد، فإن عفا فلا عفا الله عنه، ومن ينادي بالستر المطلق لجميع الناس، وجميع الأصناف هذا لا شك أنه توطئة للإباحية، وإلغاء لحدود الله -جل وعلا-، وإلا فلماذا شرعت الحدود؟ إلا للقضاء على هذه الجرائم، تقام الحدود ومع ذلك يقع ما يقع، فكيف بما لو عطلت الحدود؟ كيف يأمن الناس على أنفسهم وعلى أموالهم وعلى أعراضهم إذا عطلت هذه الحدود؟

فمن محاسن الشرع تشريع هذه الحدود بهذه القوة وبهذه الصرامة، ولا شك أن الأمور تختلف من شخص إلى شخص، هذه الحدود تدرأ بالشبهات، تختلف من شخص إلى شخص، ومن مجتمع إلى مجتمع، فالشخص الذي تقع منه الهفوة والزلة ويتوب، ويستتر بستر الله، هذا لا يبحث عنه، حتى لو اطلع عليه، اطلع عليه من اطلع، وستر عليه يكون مأجوراً، ((من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة)) لكن أصحاب الجرائم، وأرباب المنكرات والسوابق مثل هؤلاء لا يجوز الستر عليهم بحال، وكذا لو انتشرت الفواحش في بلد من البلدان لا يستر على أحد، بل لا بد من أن يؤخذ الناس بعزم وحزم، ولذا جاء قتل الشارب في المرة الرابعة، ((إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه)) ثم في الرابعة قال: ((اقتلوه)) ومن أهل العلم من يرى أنه منسوخ الحد، ومنهم من يرى أنه محكم، فقتل المدمن شرعي، ومنهم من يرى أنه تعزير كقول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، يقول: تعزير إذا استشرى الشرب في بلد من البلدان، ولم يردع الناس الحد يقتل الشارب حتى يرتدع الناس، والله المستعان.

يقول: "حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: "جاءت اليهود إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟))" رجل وامرأة زنيا، والسياق يدل على أنهما إيش؟ أنهما محصنان "فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟))" هذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ويجري عليهم حكم الإسلام إذا تحاكموا إلينا، وإذا تحاكموا إلى الحاكم المسلم هو مخير بين أن يحكم بينهم أو أن يعرض عنهم.

"فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟)) فقالوا: نفضحهم ويجلدون" يعني ما في رجم في التوراة، فيه يفضحون، نفضحهم ويجلدون، يطاف بهم في الأسواق، وتذكر معايبهم، ويقال: إنهم زنوا، ولا رجم "ثم يجلدون" في بعض الطرق ما يدل على أنهم يسودون، تسود وجوههم.

"نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام -وقد كان يهودياً ثم أسلم-: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها" كذبتم إن فيها الرجم، يعني في التوراة، فالرجم ما توطأت عليه الشريعة الإسلامية مع شريعة موسى -عليه السلام- "فأتوا بالتوراة فنشروها" قد يقول قائل: إن الذي نفى وجود الرجم في التوراة اعتمد على نسخة محرفة، مسحت منها آية الرجم، والذي أثبت اعتمد على الأصل أن الرجم موجود في النسخ الموثقة الصحيحة، وإن كان فيها تحريف في مسائل أخرى؛ لأن التحريف قديم عند اليهود وعند النصارى؛ لأنهم استحفظوا على الكتابين فما حفظوا، حرفوا وصحفوا وزادوا ونقصوا، وكتابنا محفوظ، تكفل الله بحفظه فلم يحصل له شيء إلى قيام الساعة.

"كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها" يعني بسطوها وفتحوها وقلبوا في صفحاتها "فوضع أحدهم يده على آية الرجم" اسمه: "عبد الله بن صوريا" كما في الصحيحين، وضع يده على آية الرجم.

"ثم قرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم" صدقوه بعد إيش؟ بعد أن فضحهم، بعد أن اطلع على الحقيقة.

"فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما" لأنهم جاءوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنهم يعرفون عنه ما جاء في وصفه في كتبهم أنه نبي الرحمة، فقالوا: لعل محمداً يأتي بشرع أخف من الرجم، يكتفي بالجلد، أو يكتفي بتوبيخ، أو يكتفي بغرامة، أو يكتفي بتعزير بالمال أو نحوه، ويسلمان؛ لأنه نبي الرحمة، لكنه نبي الرحمة وهذا عين الرحمة، تطبيق الحدود هو عين الرحمة، التي جاء بها النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"فقالوا: صدق يا محمد" نعم؟

طالب:......

يعني هل يحكمون بشرع الله بشرع محمد -عليه الصلاة والسلام- أو بشرعهم هم؟ لأنه قال لهم: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟)).

طالب:......

فماذا يصنع؟ لو كان في التوراة الجلد؟

طالب:......

وهو يحكم بينهم بحكم الله، لكن لعله مما أخبر بأن الرجم موجود في شريعتهم، فأراد أن يقررهم بشريعتهم، وإلا شرعهم منسوخ، لا يحكم به، ولا يتحاكم إليه، لكنه أراد أن يقررهم بشرعهم، وإذا أردي الخصم بسلاحه كان أنكى، وأقبل له، ويذعن أكثر مما لو كان بسلاح غيره.

"فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم" نعم؟

طالب: النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟))....

الحكم، في شأن الرجم، ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟)) يعني في شأن هذا الحد، هم قالوا: ما فيه شيء، ما عندنا شيء اسمه رجم، يفضحون أو يجلدون؟

طالب:......

يعني هو حكم عليه بالرجم ابتداءً، فماذا تجدون في شأن الرجم؟ يعني ما سألهم عن حكم الزاني في شرعهم، ما قال: ما حكم الزاني في شرعكم؟ إنما قال: ما تجدون في شأن الرجم، هو محكوم عليه بالرجم.

طالب:......

نعم، إي نعم، إيه بلا شك.

طالب: سألهم على حالة....

لأنه قال: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟)) أولاً: ما في شك أن القصة فيها اختصار، وهي مبسوطة في الصحيحين وغيرهما بأبسط من هذا، المقصود أن الرجم شرع محكم جاء به موسى -عليه السلام-، وجاء به محمد الخاتم -عليه الصلاة والسلام- "فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما" فدل على أن أهل الكتاب تقام عليهم الحدود.

"فقال عبد الله بن عمر: "فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة" يحني بالحاء يعطف عليها وينثني، وبعض الروايات: "يجني" وأكثر الرواة على أنها: "يجنأ عليها" المعنى واحد، يجنأ عليها يعني يميل وينثني وينحني عليها لكيلا تصاب بأذى.

"قال مالك: يعني يحني يكب عليها حتى تقع الحجارة عليه" يعني يفديها بنفسه، والله المستعان.

طالب:......

إذا تُمكن منهم، وأعلنوا بالمخالفات تقام عليهم.

طالب:......

حتى من التزم بحكم الإسلام بلا شك تقام عليه، لكن لا يطالبون بالواجبات، نعم؟

طالب:......

ما في شك أنها بعدها، لو لم يكن في شرعنا رجم، ما قال: ((ما تجدون في شأن الرجم؟)).

طالب:......

معروف يعني حتى...، مبينة في حديث عبادة.

"حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أسلم" اسمه ماعز بن مالك "جاء إلى أبي بكر الصديق فقال له: إن الأخر" يعني الأرذل المتأخر المؤخر "إن الأخر زنى، فقال له أبو بكر: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟" يعني جاء في بعض الروايات التصريح، قوله: إني زنيت، مثل هذا الأدب في التعبير ألا ينسب الأمر المكروه إلى النفس، ومع ذلك تواطأ الرواة على نقل قول ماعز: إني زنيت؛ لأن هذا وإن كان من حيث الأسلوب خلاف الأدب المتقرر إلا أنه يترتب عليه حكم شرعي، فلا بد من صريح الاعتراف، ولما كان الأمر غير لازم في قصة أبي طالب قال: هو على ملة عبد المطلب، والرواة يقولون كلهم: هو على ملة عبد المطلب، لكن هنا في إقامة حد، والحد لا يقوم إلا بصريح الاعتراف.

"فقال: هل ذكرت ذلك لأحد غيري؟ فقال: لا، قال له أبو بكر: فتب إلى الله، واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده" هذه هفوة وزلة وقعت من ماعز، وتاب إلى الله -جل وعلا-، وأناب وصدق في توبته، وقدم نفسه، مثل هذا لو استتر ما يلام، لكنه أراد العزيمة، ولم يكتفِ بالرخصة، أراد العزيمة؛ لأن الحدود كفارات، وإنه الآن لينغمس في أنهار الجنة، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذه عزيمة، ولا يلام من طلب العزيمة، ومع ذلك يمكن أن يدل على الرخصة، والدين فيه فسحة لمثل هذا.

"فقال أبو بكر: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟ فقال: لا، فقال له أبو بكر: فتب إلى الله، واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، فلم تقرره نفسه" فلم تقرره: أي لم تمكنه نفسه من الاستتار، والاكتفاء بالتوبة دون إقامة الحد والتطهير؛ لأنه يريد الكفارة لما حصل من ذنبه، فالحدود كفارات.

"لم تقرره نفسه حتى أتى عمر بن الخطاب، فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر، فلم تقرره نفسه حتى جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ما اطمأن، يعني النفس ما زال يحيك فيها إثم ما اقترف، فجاء إلى أبي بكر، ثم إلى عمر، فلم تطمئن نفسه إلا بأن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعترف بين يديه، ويلتزم باللازم.

"حتى جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: إن الأخر زنى، فقال سعيد: فأعرض عنه" الحديث موصول في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- "فأعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، كل ذلك يعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إذا أكثر عليه" فتمت الإقرارات الأربعة، واستفهم عما يمكن الاستفهام عنه مما يدرأ الحد "كل ذلك يعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا أكثر عليه بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أهله، فقال: ((أيشتكي؟))" يعني يشتكي من شيء يدرأ عنه الحد؟ ((أم به جنة؟)) يعني فيه جنون، والحدود والتكاليف، مناطها العقل، فإذا كان به جنة فإنه يرتفع عنه الحد، وإذا كان يشتكي من شيء يدفع عنه الحد مؤثر على العقل، يعني هل فيه جنون مرض؟ أو فيه جنون بسبب تلبس الجنة به؟ سأل عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- وسأل: "((ما تقولون في ماعز بن مالك؟ هل به من علة؟)) قالوا: ما رأيناه إلا وفي العقل، من صالحينا" وفي رواية قال: ((استنكهوه)) شربت خمراً استنكهوه، فكل هذا ليدرأ عنه الحد، ومثل هذا يشرع أن يدرأ عنه مثل هذا الحد؛ لأنه جاء تائباً منيباً صادقاً في توبته، مقدماً نفسه، ومع ذلك أصر.

"فقالوا: يا رسول الله والله إنه لصحيح، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أبكر أم ثيب؟)) قالوا: بل ثيب يا رسول الله، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم" ذهبوا به فرجموه، في رواية: حفر له حفيرة، والروايات والألفاظ كثيرة في قصة ماعز إلا أن هذه خلاصتها، أنه اعترف ولقن ولم يقبل، عُرض عليه ما يدرأ عنه الحد فلم يقبل ارتكاباً للعزيمة، وليس هذا من عفو السلطان؛ لأنه لما انتفت عنه جميع الشبهات أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- به فرجم.

طالب:......

لا، ما يسأل، ما سئل، ولو قال: إنه زنى بفلانة...

طالب:......

نعم لا بد من اعترافها ما يكفي رميه بها، ولا يجلد حد القذف؛ لأنه لم يأتِ قاذفاً، نعم؟

طالب:......

معروف بالإفساد أبداً، هذا لا بد من تطبيق حد الله عليه، تطبيق الشرع عليه، مثل هذا يختلف وضعه عن وضع ماعز.

طالب:......

لا يقرر ولا يلقن، لا يضر ولا ينفع، مثل هذا يتوسط في أمره، نعم؟

طالب: إذا..... ذهب إلى السلطان أبلغ عنه ما فعل، يعني يلزم أن يقام عليه الحد؟

واعترف كم؟

طالب: اعترف بالحادثة....

يعني بحضور الناس أو بعدم حضورهم، يعني السلطان يحكم بعلمه أو لا يحكم؟ السلطان لا يحكم بعلمه، لكن هذا إذا اعترف بين الناس، وأقر أربع مرات، وشهد على نفسه أربع شهادات فرجم.

طالب:......

لا، لا أربع أربع مرتين يعني ثلاث مرات يعني بثلاثة مجالس، أربع مرات، أو مرتين، ثنى على ذلك مرتين، يعني كرر، نعم؟

طالب:......

إي نعم لما أذلقته الحجارة فر، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو تركتموه لعله يتوب)) وهو تائب من الأصل.

على كل حال مثل هذا لا يعني أن من طبق عليه الحد أن كل إنسان بمنزلة ماعز، ماعز له ظروفه، وجاء تائب ومنيب، والقضايا كل القضايا في عصره -عليه الصلاة والسلام- خمس، يعني على طول مدة الرسالة ثلاثة وعشرين سنة، خمس قضايا، قضايا الزنا، والآن يطنطنون ويقولون: إن المجتمعات لا بد أن يقع فيها الهفوات، وعصر النبوة ما سلم، بينما وقع في عصر النبوة مما يقع في عصرنا في بلادنا وفي غيرها أكثر وأشد، هذه الخمس تحصل من شخص فضلاً عن بلد، أو عن...، وبعضهم يقرر أن عشرة بالمائة هذه ما هي بظاهرة مقلقة، عشرة بالمائة شيء يسير، يعني إذا كان الرياض خمسة ملايين بخمسمائة ألف ما هي ظاهرة هذه، على كلامه -نسأل الله السلامة والعافية- نعم؟

طالب: الأولى يا شيخ فيمن يقع في هذا أنه يستر على المسلم...؟

والله الأمر إليه، لكن إن ارتكب العزيمة كفرت سيئته، الحدود كفارات، وإن استتر بستر الله، وأكثر من الحسنات، وترك المعاصي، والتزم بشرع الله، واستكثر من القربات هذا بعد أيضاً كله طيب.

طالب: في آخر الزمان يكثر الزنا عند المسلمين وإلا في العالم...؟

جاء عموماً، جنسه.

طالب: أحسن الله إليك بالنسبة لقضية الزنا يطلق على من أتى من القبل يشترط له ذلك أو من أي جهة....؟

الزنا الأصل القبل مع القبل، الإيلاج في القبل هذا هو الزنا، والإيلاج في الدبر بالنسبة للذكور هذا يسمونه اللواط، وبالنسبة للإناث إتيان المرأة مع دبرها محرم إجماعاً، وهو اللوطية الصغرى كما يقول أهل العلم، فلا شك في تحريمه.

طالب: سعيد بن المسيَب أو المسيِب؟

هو مشهور عند أهل العلم بالفتح، والدعوة التي تذكر عنه ما تثبت، نعم؟

طالب: أحسن الله إليك من القاضي....

لا، الحاكم هو القاضي، كل هؤلاء أعوان، الهيئات والشرط أعوان، الحاكم والسلطان، السلطان نائبه القاضي، نعم؟

طالب:......

لا، لا إذا عفوا هذا تعاون على الإثم والعدوان، يعني مثل هذا يأتي من باب آخر، نعم.

قال: "حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من أسلم" يعني من جماعة ماعز "يقال له هزال: ((يا هزال لو سترته بردائك لكان خيراً لك))" لو سترته بردائك يعني حال الرجم؟

طالب: حال الزنا....

((لو سترته بردائك لكان خيراً لك)) يعني هل يكنى بهذا عن الستر على ماعز؟ نعم؟ عن الاعتراف ومنعته من الاعتراف، أو أنه لو سترته بردائك حين إقامة الحد؟ أما بالنسبة للاعتراف جاء هو بنفسه يعترف، يعني هل معنى هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اطلع على أن هزالاً عرف الواقعة قبل مجيئه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وصرفه عن المجيء؟ هو يمكن أن يكون كناية عن هذا، مو بصريح كناية عن هذا، أن يستتر بالرداء ما يمنع من الاعتراف.

طالب: قد يكون من المصيب بجنون....

يقول: نعم يقول: به جنون وهو ليس بمجنون؟ لا، لا ما يمكن هذا.

طالب: في رواية النسائي: أن هزالاً كانت له جارية، وأن ماعزاً وقع عليها فقال له هزال: انطلق إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

انطلق فأخبر أو أنطلق...؟

طالب: أنطلق وأخبر....

يعني هو صاحب الجارية المزني بها؟

طالب: فانطلق فأخبره فأمر به فرجم.

على كل حال مسألة الستر بالرداء كناية عن صده عن الاعتراف، والحيلولة دونه ودون هذا الاعتراف الذي ألزمه بالحد.

"((لكان خيراً لك)) قال يحيى بن سعيد: فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي فقال يزيد: هزال جدي وهذا الحديث حق" والحديث من مراسيل سعيد، وهو موصول عند أبي داود.

قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب أنه أخبره أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وشهد على نفسه أربع مرات، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم" يلزم الاعتراف أربع مرات أو يكفي الاعتراف مرة واحدة؟

طالب:.....

إيه لكنه مجمل، حديث ماعز صريح بالاعتراف أربع مرات، وقياساً على الشهود الأربعة، وبهذا قال جمع من أهل العلم، وهو الراجح، وأما من يقول بأنه يكفي الاعتراف مرة واحدة وليس بأشد من القتل وغيرها من الحدود قياساً مع النص، يعني في مقابل نص فهو فاسد الاعتبار.

جاء في الزنا الاعتراف الإجمالي من غير عدد، ولا شك أن التفصيل يقضي على الإجمال.

"وشهد على نفسه أربع مرات، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم" قال ابن شهاب: فمن أجل ذلك يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه.

ولا شك أن الاعتراف أقوى من البينة؛ لأن الإنسان أعرف بنفسه، وأدرى بما حصل منه من غيره.

قال: "حدثني مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن أبي مليكة" وبعض النسخ بدل عن ابن، "ابن عبد الله بن أبي مليكه أنه أخبره أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرته أنها زنت وهي حامل، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبي حتى تضعي))" يعني فلا ترجم الحامل، ولا يقام عليها الحد حتى تضع الحمل؛ لئلا يتعدى الضرر إلى غيرها "فلما وضعته جاءته، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبي حتى ترضعيه))" لأنه يتضرر برجمها قبل رضاعه "فلما أرضعته جاءته، فقال: ((اذهبي فاستودعيه))" أي: اجعليه عند من يحفظه ويحضنه "قال: فاستودعته ثم جاءت، فأمر بها فرجمت" في بعض الروايات: أنها جاءت به وفي يده كسرة خبز، على كل حال مثل هذا لا بد منه، لا بد أن تؤجل الحامل حتى تضع، ثم ترضع، فإذا وجد من يكفله فإنها يقام عليها الحد.

لو قالت: ما وجدت، استودعيه قالت: ما أجد من أودعه عنده، يقام عليها حد وإلا ما يقام عليها حد؟

طالب:......

لأنه قال: ((اذهبي حتى ترضعيه)) ((اذهبي فتستودعيه)) الآن الصيغة اختلفت، ما جعل الاستيداع غاية مثل ما جعل الوضع والرضاعة؛ لأنه قال: ((اذهبي حتى تضعي)) يعني ما في إقامة حتى تضعي ((اذهبي حتى ترضعيه)) يعني لا يقام الحد حتى ترضعيه، ثم قال: ((اذهبي فاستودعيه)) قال: فاستودعته، ما قال: اذهبي حتى تستودعيه، لا يقام الحد حتى...، لا ((اذهبي فاستودعيه)) يعني ضعيه عند أحد يكفله ويحضنه، ثم جاءت فأمر بها فرجمت.

طالب: الآن هذه المرأة كانت محصنة؟

محصنة نعم.

طالب: طيب في غير المحصنة لو جاءت مثلاً وبها الحمل؟

يقال: حتى تضع؛ لأنه قد يسقط الحمل، ويتعدى الضرر.

طالب: والحد كيف يقام؟

جلد، جلد ما دامت بكر تجلد ولو حبلت.

قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر -وهو أفقههما-: أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي أن أتكلم؟" من أين جاء وصفه بالفقه؟ نعم كونه استأذن، أذن لي أن أتكلم "فقال: ((تكلم)) فقال: إن ابني كان عسيفاً على هذا" يعني أجيراً عنده، ومعروف أن الأجير يعني يخالط المستأجر مخالطة تختلف عن غيره، ولذا أكثر ما يوجد من المصائب والمشاكل في المخالطة، الأجير والمستأجر، فتجد السائق له دالة على البيت وأهل البيت أكثر من غيره، سائق الأسرة، وكذلك الخادمة في الأسرة، يعني بينهم صلة ودالة ويمونون عليها أكثر من غيرها، والتساهل جر المصائب والنكبات إلى البيوت، فلا بد من الاحتياط، وإذا وجد هذا في عصر النبوة فكيف يأمن الإنسان على نفسه وعلى ولده وبنته وزوجته؟! لا بد من أخذ الاحتياط الشديد في هذا الباب؛ لأنها إذا وقعت المصيبة ما يمكن أن تستدرك، العار لن يرتفع، نعم الإثم يجبه التوبة، يجبه إقامة الحد، لكن العار، الألم يعتصر القلب مدى الحياة، ومصائب وكوارث لا يمكن تصحيحها، كثيراً ما يسأل يعني بسبب التساهل مع الخدم والسائقين، الأسئلة تكثر عن مسألة الستر عن النفس، والإخبار بما حصل، أو لا يخبر عند الخطبة؟ يعني إذا حصل من البنت هفوة وإلا زلة مع سائق أو نحوه، تقول: هل أخبر الخاطب أو لا أخبره؟ هذه مسألة كارثة حقيقة، إن أخبرت تعطلت، وإن لم تخبر غشت، وإذا علم الخاطب فيما بعد ماذا يكون مصيره؟ وماذا يكون وضع أولاده فيما بعد؟ كل هذه جرائم يصعب تصحيحها فالاحتياط هو الواجب، وهو المتعين؛ لئلا يقع مثل هذا نسأل الله السلامة والعافية.

وأدخل على بعض الناس ممن هم محسوبين على الأخيار بسبب تساهلهم، أدخل عليهم ما ليس منهم، وحصل من الخدم في البيوت من عبث الصبيان والأولاد وما أشبه ذلك، كل هذا بسبب التساهل، فعلى المسلم أن يكون حازماً، لا سيما فيما يتعلق بالأعراض، الأموال أمرها سهل، الإشكال في الأعراض، والله المستعان.

وهذا الأجير وهذا العسيف زنى بامرأة مستأجره "فأخبرني" يعني الزوج، زوج المرأة المزني بها قال لوالد العسيف: إن على ابني الرجم "فافتديت منه" يعني من الرجم، بدل الرجم بمائة شاة وبجارية لي، ظن أن الحدود تباع وتشترى لا، الحدود حق لله -جل وعلا- لا يتصرف فيها ولا يتدخل، وأخذ البدل عنها لا شك أنه تغيير لشرع الله، وهذا موجود في بعض البلدان -نسأل الله السلامة والعافية-.

"فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني" شوف لما أخبره هذا الجاهل بأن على ابنه الرجم ذهب يفتدي من الرجم بمائة شاة وبجارية ليفدي ولده بذلك "ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام" هذا هو الصحيح، وتغريب عام ((البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة)) ولا بد من النفي سنة في بلد يبعد عن بلده أكثر من مسافة قصر، مسافة قصر فأكثر ليسمى تغريب، وقد يقول قائل: إنه إذا غرب الزاني ذكراً كان أو أنثى، فإنه يفقد أهله وعشيرته الذين يستحيي منهم، فقد يزيد شره، ولا شك أن التغريب جزء من الحد لا يعطل بمثل هذه التعليلات، وإلا فالحنفية لا يرون التغريب بمثل هذه الأمور، بهذه التعليلات، وأيضاً لو كان المغرب امرأة لزم أن يغرب معها المحرم، ومن أهل العلم من يرى أن السجن يقوم مقام التغريب، المقصود أنه يحال بينه وبين وقوع الفاحشة مرة ثانية، والمجال للاجتهاد لا سيما في السجن، وإن سجن في بلد يجتمع فيه السجن مع التغريب كان أولى؛ لئلا يقع في الجريمة مرة أخرى.

طالب:......

مثل هذا ما هو لهذا يا أخي، ينتقل إلى بلد يكون فيه أهل الصلاح أكثر، ويبعد عن رفقة السوء، كما قيل للتائب الذي قتل مائة: انتقل إلى بلد كذا فإنه...، من باب المشورة لا على سبيل الإلزام.

"فأخبروني أنما الرجم على امرأته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله))" يعني بحكم الله "((أما غنمك وجاريتك فرد عليك))" يعني مردودة عليك، ولا يلزمك أن تبذل فداء لولدك، ولا يقبل منك لو بذلت، وجلد ابنه مائة، وغربه عاماً "وأمر أنيساً الأسلمي، فقال: واغدوا يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها".

"وأمر أنيساً الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها" اعترفت الاعتراف المعتبر في هذه الجريمة، وهي أن تعترف أربع مرات، كما جاء في حديث ماعز المبين المفصل المفسر، فيرجع إليه، وليس فيه أنه جلدها ولا أمر بجلدها، والقضايا التي ذكرت الخمس في عصره -عليه الصلاة والسلام- ليس فيها أنه جلد، وفي حديث عبادة وهو في الصحيح: ((الثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) ولذا جمهور أهل العلم لا يرون الجلد بالنسبة للزاني المحصن، وإنما يكتفى برجمه، والمعروف عند جمع من أهل العلم منهم الحنابلة يرون الجلد، والجمع بين الجلد والرجم، وعلي -رضي الله عنه- جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، ولا شك أن حديث عبادة صريح في الموضوع، وما عداه فيه عدم الذكر فقط، ما فيه نفي، فيه عدم الذكر، والحكم يثبت بخبر واحد، فإذا لم يذكر حمل على الأحاديث التي فيها الذكر، والحجة تقوم بخبر واحد، فالمرجح أنها تجلد، يجلد الزاني المحصن ثم يرجم.

"حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت لو أني وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم))".

لا بد من الشهداء، وإلا لو أعطي الناس بدعاواهم لادعى أناس أموال أناس ودماءهم، المقصود أن مثل هذا لا يترك لاجتهاد الأفراد، فلو اكتفى بعلمه وقتله بمجرد وجوده مع امرأته، أو مع ولده، أو مع بنته، ولو كان مستحقاً للقتل، بأن كان زانياً محصناً، وتأكد من الفعلة بنفسه، لا يجوز له أن ينفذ الحد؛ لأن هذا من حق السلطان، ولي الأمر، وهذا افتيات عليه، ولو ترك المجال لأفراد الناس لكان من كانت بينه وبين غيره خصومة أو مشاحنة يذهب به إلى بيته، ويدعي عليه ثم بعد ذلك يقتله، ويقول: إنه وجده على بنته أو على امرأته، وليس له ذلك، ولو كان مستحقاً للقتل بأن كان محصناً، وفي حديث القذف في حديث اللعان، الرجل يجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ قال: ((نعم)) يقتل به، بلا شك؛ لأن هذا يفضي إلى فوضى، لو أن كل إنسان ترك له الأمر ليحكم بنفسه وينفذ بنفسه كانت الأمور فوضى.

"حتى آتي بأربعة شهداء" نعم لا بد أن يأتي بأربعة شهداء، ولو نقصوا واحداً لجلدوا حد القذف.

قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: "الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء، إذا أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف".

في حديث العسيف وفي آخره: ((واغدوا يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)) فيه دليل على أن الحسبة من أعمال الرجال، وليست من أعمال النساء، ولو كانت من أعمال النساء، لقال: اغدي يا فلانة وفلانة وفلانة من الصالحات إلى امرأة هذا؛ لأن الأمر متعلق بامرأة، إن اعترفت فارجموها، لا، الحسبة من خصائص الرجال، وليس للنساء فيهن دخل، نعم للمرأة أن تأمر وتنهى وتنكر على غيرها، لكن في مثل هذه المواطن التي فيها التنفيذ هي من خصائص الرجال.

طالب:......

ما هو بوالد.

طالب:......

نعم؟ ويش فيه؟

طالب:......

ولو كان غني ويش الفرق؟

طالب:......

يكون ابنه خادم ولو كان غني؛ لأنه ما يلزمه أكثر من نفقته، يكون أجير ويش المانع؟

طالب: الآن في مسألة الشخص....

لا، لا بد من الرجوع إلى الإمام، إذا خولهم الإمام وقال: من رأى منكم منكراً يغير يغير، وإلا فالتغيير باليد من خصائص الإمام.

نعم إذا عرف أن الإمام لا ينكر ذلك، يعني كان الناس في السابق ينكرون، ويعرفون أن الإمام لا يكره مثل هذا، إذا عرفوا من حال الإمام أنه لا يكره مثل هذا ولا ينكره، لا مانع، وهو الأصل؛ لأنهم يأتمرون بأمر نبوي، ((فليغيره بيده)) لكن إذا عرفوا أن السلطان يمنع من هذا، لكن لا بد أن يقوم بهذا الأمر أحد، هذا فرض كفاية، لا بد أن يقوم به السلطان، من مهماته، نعم؟

طالب:......

والناس....

طالب: وقام به بيده...

لا شك أن مثل هذا، وأراد أن يتحمل الآثار المترتبة عليه الأمر لا يعدوه، يتحمل....

طالب:......

لكن يتحمل ما يأتيه من قبل السلطان، نعم؟

طالب: الطرف الأول هل يدخل في الحديث الطرف الأول إذا ذهب إلى الوالي أن اليوم.... فإن اعترف....؟

مثل ما قال، يعني لو لم تعترف ما أقيم عليها حد، ما يكفي أن يعترف عليها غيرها، ما يكفي، وسيأتي ما يدل على أنها قد تصرف وتلقن ويستر عليها، يأتي ما يدل على هذا، نعم؟

طالب: لو مثلاً أحد العبيد زنا بأمة....

إيه لا ما يغرب العبد، العبد ينصف عليه العذاب ولا يغرب، وجاء في الحديث: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليبعها ولو بضفير))

طالب: حتى لو كان محصن؟

نصف، نصف العذاب، فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب.

طالب: نعم محصن.

محصن محصن، الرجم لا يتبعض ولو كان محصناً.

طالب:......

على كل حال إن أراد أن يتحمل العزيمة، وإلا فالأصل أن الأمر معلق بالاستطاعة.

يقول: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: "الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن إذا قامت البينة" حق في كتاب الله، يعني الآية التي ذكرت في الصحيح المنسوخة اللفظ، منسوخة التلاوة مع بقاء حكمها: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة" وستأتي.

"على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن إذا قامت البينة" يعني شهد عليه أربعة "أو كان الحبل" يعني الحمل "أو الاعتراف" يعني إذا حملت المرأة غير ذات زوج لا شك أنها زانية، هذا من أقوى البينات، إذا حملت من غير زوج لا شك أنها زانية، فهو يقوم مقام البينة، وكذلك إذا تقيأ الخمر على ما سيأتي، فلا يمكن أن يتقيأها حتى يشربها، أو الاعتراف على نفسه أربع مرات، فإنه يقام عليه الحد حينئذٍ.

قال: "حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن أبي واقد الليثي أن عمر بن الخطاب أتاه رجل وهو بالشام فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلاً، فبعث عمر بن الخطاب أبا واقد الليثي إلى امرأته يسألها عن ذلك، فأتاها وعندها نسوة حولها، فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب، وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله" يعني الاعتراف عليها ما يكفي، يعني كون زوجها أخبر ما يكفي، لا بد من اعترافها هي "وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع" يعني لتنكر وترجع عن الاعتراف "فأبت أن تنزع" أصرت على الاعتراف "وتمت على الاعتراف" يعني ثبتت عليه "فأمر بها عمر فرجمت".

قال بعد ذلك: "حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح" يعني لما انتهى حجه أناخ بالأبطح كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم كوم كومة بطحاء، ثم طرح عليها رداءه واستلقى، يعني جعله له من البطحاء وساد، وجعل عليها الرداء واستلقى، يجوز النوم مستلقياً إذا أمن من انكشاف العورة، جاء النهي عن النوم مع الاستلقاء، ولا شك أنه محمول على ما إذا خشي من انكشاف العورة.

"ثم مد يديه إلى السماء، فقال: اللهم كبرت سني" ثلاثة وستين، أبو ثلاثة وستين يخطط لستين ثانيات، والله المستعان، طول الأمل صحيح، كثير من الناس تخطيطه من قرار التعيين ماذا يفعل بعد التقاعد؟ يخطط مشاريع تجارية، وبعضهم في العلمية، بيألف إذا تقاعد بيسوي بيفعل ويترك، نعم، حب الدنيا، شب ابن آدم ويشب منه خصلتان: حب الدنيا وطول الأمل.

"اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي" شعور بالمسئولية "انتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط، ثم قدم المدينة" يعني بعد حجه "فخطب الناس، فقال: أيها الناس قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة" يعني ما في شيء يحتاج إلى بيان بعد موت النبي -عليه الصلاة والسلام-، بين وبلغ البلاغ المبين الواضح، إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً؛ لأنكم حملة الدين، يعني أنتم إن استقمتم استقام الناس، وإن ضللتم ضل الناس، بكم يقتدون، أنتم حملة الدين، أنتم صحابة الرسول -عليه الصلاة والسلام-... إلى آخر ما قال.

"ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم قال: إياكم" تحذير "أن تهلكوا عن آية الرجم، أن يقول القائل: لا نجد حدين في كتاب الله" ما نجد إلا حد واحد وهو الجلد {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [(2) سورة النــور] لا نجد إلا واحد "يقول القائل: لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا معه، والذي نفسي بيده" يقسم عمر -رضي الله عنه-، ويحلف من غير استحلاف على أمر في غاية الأهمية "لولا أن يقول الناس: زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها: "الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة" فإنا قد قرأناها".

هو يخشى الناس وإلا يخشى الله؟ لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله تعالى لكتبتها، هو يخشى الناس وإلا يخشى الله -جل وعلا-؟ يخشى الله -جل وعلا-، لكن من الناس من لا يدرك مثل هذه الأمور فيقع في مثل ما يقع فيه، مثل هذا عمر -رضي الله تعالى عنه- يخشى الله -جل وعلا-، والآية ثابتة عنده، إلا أنه لم يؤمر بكتابتها في المصحف، وإلا فهي مما أنزل على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإنا قد قرأناها.

"قال مالك: قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة" الحجة بكسر الحاء، عكس القَعَدة "فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر -رحمه الله-" ورضي عنه وأرضاه.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: قوله: الشيخ والشيخة يعني الثيب والثيبة فارجموهما ألبتة" يعني إذا زنيا، وهذه الآية مما نسخ لفظه وبقي حكمه، نعم؟

طالب: إيش معنى ألبتة؟

ألبتة يعني بدون تردد، يعني من دون تردد، ألبتة، إعرابها؟ الهمزة همزة قطع، حال، يعني باتين في أمركم.

طالب:......

قطع، نعم.

"وحدثني مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر، فأمر بها أن ترجم، فقال له علي بن أبي طالب" يعني عثمان استقر في ذهنه كما استقر في أذهان الناس كلهم، أن أقل الحمل تسعة أشهر؛ لأن هذا هو الغالب، فلما ولدت لستة أشهر أمر بها أن ترجم، فقال له علي بن أبي طالب، يعني تزوجت في محرم وولدت في آخر جماد، يعني ستة أشهر، قبل رجب، أو على دخول رجب، ولدت في ستة أشهر، استقر في أذهان الناس بناءً على العادة المطردة أن الحمل مدته تسعة أشهر، فأمر بها أن ترجم؛ لأنها ثبت أن هذا الوطء، وهذا الولد قبل النكاح.

"فقال له علي بن أبي طالب: ليس ذلك عليها" ليس عليها الرجم "إن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] وقال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [(233) سورة البقرة]" فإذا حسمنا الحولين أربعة وعشرين من الثلاثين بقي ستة أشهر، فالدليل مستنبط من آيتين "فالحمل يكون ستة أشهر، فلا رجم عليها" وهذا من فقه علي -رضي الله عنه وأرضاه-، وعرف بذلك، لكن ليس هذا قدح بعثمان؛ لأنه قد يخفى على الفاضل ما يعرفه المفضول، وخفي على أبي بكر ما يعرفه غيره، وخفي على عمر ما عرفه أبو موسى وأبو سعيد وغيرهم، نعم؟

طالب:......

نعم المقصود أنه قد يخفى على الفاضل ما يدركه المفضول، فليس في هذا مطعن أو طعن في عثمان، لكنه أيضاً منقبة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فبعث عثمان بن عفان في أثرها فوجدها قد رجمت، لكن، نعم؟

طالب:......

إيه.

طالب:......

هذه لو قالت: ما زنيت ما حدت.

طالب:......

ويش هو؟

طالب:......

ليش؟

طالب:......

زوجها يريد؟

طالب:......

إيه يريدها نعم لقنها.

طالب:......

إيه هذيك حبلت من الزنا فلا بد من اللعان، وهذه ما حبلت الطلاق يكفي يا أخي، فرق بين الأمرين، يعني اللعان إنما يشرع لانتفاء الولد بالدرجة الأولى، يعني هل كل من زنت امرأته يلزمه أن يخبر؟ ما عنده مندوحة، يطلقها وينتهي الإشكال، لكن إذا حبلت لا بد من اللعان، لا بد أن يخبر ويلاعن.

يقول: "فبعث عثمان بن عفان في أثرها فوجدها قد رجمت" الشرح ويش يقول؟ الشارح بعد فرجمت؟

طالب: الجهني...... عثمان في ستة أشهر، فانطلق إلى عثمان، فأمر برجمها فقال له علي: أما سمعت الله يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] وقال: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [(14) سورة لقمان] فلم نجد بقي إلا ستة أشهر، قال عثمان: والله ما فطنت لهذا.

روى عبد الرزاق في المصنف عن الأسود الديلي قال: رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر، فسأل عنها أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال علي: ألا ترى أنه يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] ، وقال: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [(14) سورة لقمان] فكان الحمل ها هنا ستة أشهر فتركها، فلعل عثمان -رضي الله عنه- لم يحضر هذه القصة في زمن....

لكن الكلام على "فوجدها قد رجمت".

طالب:......

معروف إيه قبل، هذا قبل.

قال: "حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب" يعني خطأ القاضي، خطأ الحاكم إذا كان من أهل الاجتهاد فخطأه معفو عنه، والدية تقع في بيت المال، معفو عنه، وإذا لم يكن من أهل الاجتهاد أثم إثماً عظيماً؛ لأنه قتل من لا يستحق القتل.

"حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب عن الذي يعمل عمل قوم لوط، فقال ابن شهاب: عليه الرجم أحصن أو لم يحصن" والمسألة خلافية بين أهل العلم في حد اللواط، والحنابلة عندهم أن حد اللوطي كالزاني "وحد لوطي كزان" يعني إن كان محصناً يرجم، وإن كان بكراً يجلد، ومنهم من يرى أنه يقتل على كل حال، أحصن أو لم يحصن، ومنهم من يرى أنه يرجم، ومنهم من يرى أنه يلقى من شاهق، ويتبع بالحجارة، ومنهم من يرى أنه يحرق بالنار، ومنهم الحنفية يرون أن فيه التعزير، وليس فيه الحد، وعلى كل حال...، نعم؟

طالب: الصحابة؟

الصحابة أجمعوا على قتله، لكن اختلفوا في كيفية القتل، على كل حال المسألة خلافية، والمتجه هو القتل، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب:......

المرأة يحفر لها أستر لها.

طالب:......

 

أعمق إيه....

"