شرح متن الآجرومية (1)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا يخفى على من له أدنى عناية بالعلم الشرعي لا سيما ما يتعلق بالكتاب العزيز والسنة النبوية لا يخفى عليه أهمية معرفة اللغة العربية بفنونها العشرة أو الإثني عشر:
النحو، الصرف، متن اللغة، فقه اللغة، البيان، المعاني، البديع، الوضع والاشتقاق.. إلى بقية الأنواع المعروفة عند أهل العلم، هذه الفنون لا يستغني عنها طالب الكتاب والسنة؛ ذلكم لأن القرآن نزل بلغة العرب، نزل على محمد بن عبد الله وهو عربي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بلغ رسالة ربه بلسانه، بلسان قومه وهم العرب الخلص، فأهمية هذا العلم تأتي من أهمية وحاجة النصوص الشرعية إليه، لا يمكن أن يتصدى لتفسير كتاب الله من يجهل العربية، لا يمكن أن يبيّن معنى كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يجهل اللغة العربية؛ لأنهما –أعني الكتاب والسنة- بلسان العرب، ألا يوجد فرق بين أن يقرأ القارئ: ((إن الله بريء من المشركين ورسولهُ)) (ورسولَه) (ورسولِه) ما في فرق؟ ألا يختل المعنى؟ ينقلب المعنى، البراءة عند من يجر (الرسول) تتناول الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيكون الله -جل وعلا- قد برئ من رسوله كبراءته من المشركين، وهذا يقلب المعنى؛ ولذا لما سمعت أعرابية من يقرأ الآية هكذا قالت: أوقد برئ الله من رسوله؟" فبتغير الإعراب يتغير الحكم الشرعي، ((ذكاة الجنين ذكاة أمه))رواية الأكثر والحكم الشرعي على هذا أن الجنين لا يحتاج إلى تذكية؛ لأن ذكاتَه ذكاة أمه، القول الآخر: أن الجنين يحتاج إلى تذكية كتذكية أمه، وأنه يذكى ولا تكفي ذكاة أمه، وهذا على رأي من يقرأ الحديث: (ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه) فاختلف الحكم تبعًا لتغير الإعراب.
يقول بعضهم: إنه يخشى أن يدخل من يلحن في الحديث النبوي في حديث من كذب، يعني إذا قال القارئ: (إنما الأعمالَ بالنيات) يقول: أخشى أن يكون قد دخل في الحديث من كذب، كيف يدخل في الحديث من كذب؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قال هكذا؟ أنت افتريت على النبي -عليه الصلاة والسلام-، بل قال -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما الأعمالُ)).
على كل حال أهمية معرفة اللغة العربية بفروعها لا تخفى على من له أدنى عناية بالعلم الشرعي، وإن حاول بعض ممن ينتسب إلى طلب العلم التقليل من شأن العربية، فالنصوص فهمها مبني على فهم اللغة، فلا يمكن أن يستغني طالب العلم الشرعي عن هذه اللغة، ومن أهم علوم اللغة النحو والصرف، وهما علمان، كل واحد مستقل عن الآخر، وإن قال بعضهم: إن الصرف داخل في النحو، لكن الصرف يبحث في حروف الكلمة، حروفها التي تبنى منها، والنحو يبحث في عوارض الكلمة، ونسبة التصريف إلى النحو كنسبة التشريح إلى الطب، النحو يبحث في العوارض، وكذلك الطب، بينما التشريح يبحث في الأعضاء كالتصريف.
مما ينبغي أن يعنى به طالب العلم من فروع العربية متن اللغة، ينبغي أن يكون عنده رصيد من مفردات اللغة، ومن المهمات أيضًا: فقه اللغة، وعلوم البلاغة الثلاثة أيضًا لا يستغني عنها طالب علم، كيف يتذوق بلاغة القرآن وفصاحة القرآن وإعجاز القرآن من لا يعرف علوم البلاغة؟ الوضع والاشتقاق يدخلون معها المناظرة والخطابة وقرض الشعر، وغير ذلك من الفنون المطلوبة لطالب العلم الشرعي، وإن لم تكن مقاصد إلا أنها وسائل تعين على فهم الكتاب والسنة.
النحو الذي نحن بصدد شرح اللبنة الأولى فيه، وهو هذه المقدمة المباركة الآجرومية، بمد الهمز نسبة إلى ابن آجُروم بضم الجيم والراء المشددة (آجروم) وهو عند المغاربة بمعنى: الفقير، والفقير يطلق في عرف تلك الجهات بل عند المشارقة أيضًا الفقير يطلق على المتعبد، الذي هو عندهم الصوفي، في ترجمة الإمام أحمد -رحمه الله-: إمام في السنة، إمام في الأحكام، إمام في الزهد، إمام في الفقر، يعني في العبادة والتأله، فهو إمام في هذه الأبواب كلها.
ابن آجروم: أبو عبد الله محمد الصنهاجي، نسبة إلى صنهاجة قبيلة في المغرب، هذه المقدمة لا تحتاج إلى تعريف، وإن كانت المعرفة بمؤلفها يسيرة لا توجد له ترجمة وافية؛ لكن كتابه يدل على أنه كُتب بإخلاص، ولا يطلع على ذلك إلا علام الغيوب؛ لكن القرائن تدل على ذلك، بدليل أنه كتاب اعتمد عند أهل العلم وتداولوه بالحفظ والإقراء والتصنيف، عشرات الشروح والحواشي على هذا الكتاب الصغير، وهو اللبنة الأولى في هذا الفن العظيم الذي هو النحو، يوصي بعضهم بأن يقرأ بل يحفظ مع هذا الكتاب الصغير كتاب (العوامل الجرجانية) في بعض الجهات من أقطار العالم الإسلامي يضمون هذا إلى هذا ليتكامل الفن، ويبقى أن هذا القدر من معرفة النحو مفيد جدًّا للمبتدئ، وإن أراد أن يصعد اللبنة الثانية فيقرأ القطر، شرح القطر، ثم بعد ذلكم يتأهل للألفية، وحينئذٍ لا يحتاج إلى غيرها من كتب العربية، وإن كان هناك كتب في غاية الأهمية؛ لكن هذا العلم وسيلة وليس بغاية، فهو كالملح للطعام، النحو للكلام كالملح للطعام، لا ينبغي أن يكثر منه، وطالب العلم الشرعي لا يطالب بقراءة شرح المفصل مثلًا، لا يلزمه ذلك؛ لأنه تمشي أمور بغير هذا الطول الذي يعوقه دون تحصيل ما هو بصدده من حفظ النصوص وفهمها والإفادة منها، لكن لا بد من معرفة ما يكفي؛ فإذا حفظ الآجرومية وفهمها وقرأ عليها الشروح، حضر الدروس، ثم إن تيسر له القطر مع شرحه طيب، ثم بعد ذلكم يتأهل للألفية، وإن اكتفى بالملحة فهي كتاب نفيس وسهل، الألفية فيها شيء من الطول، وفيها شيء من الصعوبة في الأبيات، لكنها أساس متين لهذا الفن.
مما يعنى به أهل العلم من كتب هذا الشأن كافية ابن الحاجب، الكافية لابن الحاجب، وفيها من العلوم والفوائد على اختصارها ما لا يوجد في المطولات، وهي أيضًا مشروحة ومطروقة في كثيرٍ من جهات العالم الإسلامي، ووجد من يُعنى بها، بل وجد من لا يعرف غيرها من الكتب حتى نسب إليها، فقيل: الكافيجي نسبة إلى كافية بن الحاجب.
النحو سبب التأليف فيه أولًا: كانت الأمة ليست بحاجة إلى مثل هذه العلوم التي يسمونها علوم الآلة لا علم النحو ولا غيره من علوم العربية؛ لأنها سليقة بالنسبة للعرب.
ولستُ بنحويٍ يلوك لسانه |
| ولكن سليقيٌ أقول فأعربُ |
سليقة ما يحتاج، لكنهم لما فتحت الأمصار، واختلط العرب بغيرهم، وامتزجوا بهم، وساكنوهم، وصاهروهم تغيرت لغتهم، دخلها ما دخلها من الضعف فخيف على اللغة، حتى إن أبا الأسود الدؤلي واضع هذا العلم سألته ابنته: يا أبتِ (ما أحسنُ السماء؟) لأنها نظرت إلى السماء في ليلةٍ صافية فقالت له: (ما أحسنُ السماء؟) فقال: أي بنية نجومها، ظنها تسأل: ما الشيء الذي جعلها حسنة؟ فقال: نجومها، قالت: لا أسأل عن ذلك، إنما هي تتعجب، فقال لها: قولي: (ما أحسنَ السماء) إذا أردتِ أن تتعجبي، انقلب المراد، فأحسّ أهل العلم بضرورة التدوين في هذا الفن والحاجة داعية إلى التأليف فيه، ولا يقال: إن هذا من البدع، وإن زعم بعضهم أنه من البدع الواجبة؛ لأنه ليس في البدع ما يمدح فضلًا عن أن يوجب على الناس، بل هو مما لا يتم الواجب إلا به، فهم الكتاب والسنة متوقف عليه، فلا بد منه حينئذٍ، فيكون شرعيًّا، وليس من البدع، وكل بدعةٍ ضلالة.
علي بن أبي طالب أدرك الحاجة إلى هذا الفن، إلى التأليف فيه، فأمر أبا الأسود أن يؤلف، وبعضهم يقول: إن عليًّا وضع بعض القواعد والأسس لهذا العلم وقال لأبي الأسود: "انح نحو هذا" فسمي العلم بالنحو، علي -رضي الله عنه- من العرب الأقحاح، يغار على هذه اللغة التي هي لغة الكتاب والسنة؛ ولذا استدل الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- بعدم صحة ما نسب إليه من مصحف ينسب إلى علي -رضي الله عنه- مصحف خاص به، فاستدل الحافظ ابن كثير على عدم صحة النسبة؛ لأنه كتب في آخره: "وكتب علي بن أبو طالب" فقال -رحمه الله-: لا يليق بالإمام علي -رضي الله عنه- مثل هذا اللحن الشنيع.
وأيضًا وثيقة الصلح بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين اليهود في آخرها: "وكتب علي بن أبو طالب" فأبطلها الحافظ ابن كثير من وجوه، وهذا منها في التاريخ، مع الأسف أنه يوجد في تفسير ابن كثير في الطبعات الموجودة المتداولة وكتب: "علي بن أبي طالب" على الجادة، الحافظ ابن كثير يريد أن يضعف النسبة بهذا اللحن، فالذين طبعوا الكتاب صححوا اللحن، هذا لا يسوغ، ومثله من طبع التاريخ، هذا لا يسوغ، كيف تبطل النسبة؟ يريد الحافظ ابن كثير أن يبطل النسبة بهذا اللحن ونصحح اللحن؟ المقصود أن هذا العلم ليس بحاجة إلى بيان، بل مزيد بيان عن فضله وحاجة طالب العلم إليه، قد يكون طالب العلم مكثر من القراءة في هذا الفن ومن الحفظ ومعرفة القواعد، وضابط لقواعد هذا الفن؛ لكن إذا قرأ لحن، والعكس، قد يوجد من لا يعرف من القواعد إلا الشيء اليسير ومع ذلكم لا يلحن إذا قرأ، ومردّ ذلك المران، فالذي يقرأ على الشيوخ الضابطين المتقنين يندر أن يلحن؛ لأنهم يصححون، والذي لا يقرأ ويهاب القراءة عليهم يستمر، يلحن ولو ضبط القواعد.
سبب التسمية في النحو قول علي -رضي الله عنه-: "أنحُ نحو هذا" والنحو يطلق ويراد به القصد أو الجهة (ذهب زيد نحو المسجد) يعني قصد المسجد وجهة المسجد، يطلق ويراد به المقدار (عندي نحو ألف ريال) يعني مقدار ألف ريال، يطلق ويراد به الشبه والمثيل، (زيد نحو عمرٍ) يعني شبيه له ومثيل له.
ولا يخفى عليكم الفرق بين نحو ومثل، وإن قالوا: إن النحو يطلق ويراد به الشبيه والمثيل، إلا أن أهل الاصطلاح -أعني أهل الحديث- يفرقون بين: رواه فلان بنحوه، أو بمثله، بنحوه يعني بمعناه، وبمثله بحروفه، مثل: ((من توضأ نحو وضوئي هذا)).
النحو: علم بقواعد والمتأخرون يسمونه القواعد، كتاب القواعد، المادة: قواعد، يسوغ وإلا ما يسوغ؟ صحيح هو علم بقواعد، وهو علم بقوانين، كما أن الأصول علم بقواعد وعلم بقوانين، والمصطلح علم بقواعد وعلم بقوانين، تخصيص القواعد بالنحو فيه ما فيه، يعني كل العلوم الآلة التأصيلية قواعد، هذه تسمية محدثة، فينبغي أن يعاد إلى التسمية الأصلية فيقال: النحو: علمٌ بقواعد يعرف بها ما يعرض للكلمة من تغيير وعدمه من إعرابٍ وبناء، هذا العلم المهم قلنا: إن من قرأ هذا الكتاب، وقرأ عليه الشروح، وسمع شروح أهل العلم المسجلة عليه وحضر الدروس يستفيد منه، وهذه المقدمة المباركة فيها من دقائق العلم ما يخفى على من درج في التعليم النظامي كله، يعني من أولى ابتدائي إلى أن يتخرج من الجامعة قد يخفى عليه بعض ما في هذه المقدمة، على صغر حجمها، وهذه المقدمة فيها النَّفس الكوفي؛ لأنكم تعلمون أن مدارس النحو اثنتان، بصرية وكوفية، والمرجح عند الجمهور مذهب البصريين، وفي المقدمة هذه نَفَس الكوفيين، ويأتي التنبيه على ذلك في مواضعه. اقرأ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، وأقسامه ثلاثة"
الكلام والمراد به هنا عند النحويين، وإن اختلف معناه عند الفقهاء وعند المتكلمين، وعند اللغويين، يختلف، ما يلفظ به الإنسان كلام عند اللغويين، وما يفهم منه المراد كلام عند الفقهاء ولو قلّ، ولو كان من حرفٍ واحد، والمتكلمين وأقصد بذلك من تلبّس بشوب بدعة عندهم الكلام هو النفسي، وعند النحويين الكلام هو اللفظ، وبهذا يرد على المتكلمين؛ لأنه لا ينسب لمن لم يلفظ كلام، هم يقولون: هو الكلام النفسي، نعم الشخص يزور ويؤلف الكلام في نفسه ثم ينطق به، لكنه قبل النطق به لا يسمى كلامًا، وإنما يسمى حديث نفس، وحديث النفس ليس بكلام، بدليل أن حديث النفس معفو عنه ما لم يتكلم، فدل على أن حديث النفس غير الكلام، حديث النفس غير الكلام، والمبتدعة هؤلاء من المتكلمين زعموا أن الكلام هو الحديث النفسي، حديث النفس لكيلا لا يصفوا كلام الله -جل وعلا- بأنه حرف وصوت، كما قال سلف الأمة وأئمتها، ثم لا يثبتون الكلام الحرفي الصوتي، الله -جل وعلا- تكلم، تكلم ويتكلم، تكلم في الأزل في الماضي، ويتكلم متى شاء بكلام وصوت وحرف يسمع، وهؤلاء لا يثبتون الحرف ولا الصوت وأن كلامه أزلي، تكلم به في القدم ولا يتكلم بعد ذلك، وهذا كلام مردود، سلف الأمة وأئمتها على خلاف ذلك؛ ولذا قال المؤلف: "الكلام" لأنه هو المقصود بالذات فبدأ به "هو اللفظ" اللفظ مصدر يراد به اسم المفعول الملفوظ، والأصل في اللفظ: الطرح والإلقاء كما تقول: (لفظت النواة) إذا طرحتها، "المركب" من كلمتين فأكثر، فالكلمة الواحدة ليست بكلام؛ لأنها وإن كانت لفظًا إلا أنها غير مركبة من كلمتين فأكثر، "المفيد" قد يكون الملفوظ به مركب من كلمتين أو ثلاث أو أربع كلمات لكنه لا يفيد وحينئذٍ لا يسمى كلامًا، (إن قام زيد) هذا كلام وإلا ليس بكلام؟ دعونا من اصطلاح اللغويين كلام، لكن هل هو مفيد؟ لا يفيد، حتى تتم أجزاء الجملة بالجزاء، وحينئذٍ يكون مفيدًا، وإن تركب من ثلاث كلمات إلا أنه غير مفيد فليس بكلام على هذا، "اللفظ المركب المفيد فائدة يحسن السكوت عليها"، فإذا قلت: (زيد قائم) هذا لفظ مركب من كلمتين مفيد فائدة يحسن السكوت عليها، فائدة (زيد قائم) هل يمكن أن يقول لك السامع: كيف قائم؟ إيش معنى قائم؟ يعرف معنى قائم، إذا سمع هذا الكلام سكت، (زيد قادم) يسكت؛ لأن الجملة تامة من مبتدأ وخبر، والخبر الجزء المتم الفائدة، يحسن السكوت عليها من قبل المتكلم والسامع.
"بالوضع" المراد به الوضع العربي، يعني ما كان بلغة العرب، وعلى هذا تخرج جميع لغات الأعاجم، فلا تسمى كلامًا، لغات الأعاجم كلها لا تسمى كلامًا، إنما الكلام ما كان بالوضع العربي، فكلام الفرس والروم والبربر والهنود والزنوج وغيرهم من أصناف الأعاجم لا يسمى كلامًا؛ لأنه يخرج بالقيد الأخير بالوضع العربي، ومنهم من يقول: المراد بالوضع هنا القصد، يدخل الكلام المقصود وإن كان بغير العربية، الكلام المقصود يدخل وإن كان بغير العربية إذا كان مفهمًا ويخرج بذلك الكلام وإن كان مفيدًا اجتمعت فيه القيود السابقة يخرج بذلك إذا لم يكن مقصودًا ككلام النائم مثلًا، هذا ليس بكلام، كلام الساهي والغافل ليس بكلام؛ لأنه غير مقصود، كلام بعض الطيور المعلمة لا يسمى كلامًا؛ لأنه غير مقصود؛ لأن الطيور لا قصد لها، يقول ابن مالك -رحمه الله تعالى- في تعريف الكلام:
كلامنا لفظٌ مفيدٌ كاستقم |
| .............................................. |
(لفظ) تقدم بيانه منطوق به، مشتمل على الحروف المعروفة الثمانية والعشرين، مفيد فائدة يحسن السكوت عليها، كاستقم: هذا مثال، وبالمثال استغنى عن إيش؟ المركب؛ لأن (استقم) مركب، استقم فعل أمر، وفعل الأمر لا بد له من فاعل، ضمير مستتر فيه وجوب تقديره أنت، وابن مالك -رحمه الله تعالى- لما جاء بهذه الكلمة لأهمية الاستقامة حتى قال بعضهم: إن سورة هود، وقد جاء فيها ما جاء من الأخبار التي منها: ((شيبتني هود))سبب ذلك الأمر بالاستقامة {فَاسْتَقِمْ}[(112) سورة هود] فيها الأمر بالاستقامة، ولأهمية الاستقامة في حياة المسلم، فينبغي أن يذكر بها طالب العلم، فاختار هذا المثال -رحمه الله تعالى-.
طالب:...........
اللسان دليل عندهم، اللسان دليل على ما في القلب عندهم، يستدلون ببيت الأخطل.
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما |
| جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
"وأقسامه ثلاثة: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى"
أقسامه ثلاثة، أقسام الكلام ثلاثة، أولًا: قبل ذلك عندنا كلام، وبه بدأ المؤلف؛ لأنه هو المفيد، وهو المبحوث فيه، وبعضهم يقدم قبل الكلام الكلمة؛ لأنها الجزء الذي يتركب منه الكلام، وينبغي أن تكون الأجزاء قبل المجموع، قبل الكل، كما أن الجدار المبني من لبنات يبدأ بهذه اللبنات بالأجزاء، ثم يتم المجموع، تطلق الكلمة ويراد بها الكلام، كما في قوله: (لا إله إلا الله) كلمة الإخلاص كلمة، وألقى فلان كلمة والمراد بذلك كلام، فيطلقون الكلمة ويريدون بذلك الكلام.
أقسام الكلام ثلاثة لا رابع لها، وسبب الحصر الاستقراء للغة العرب، فلا يوجد غير هذه الأقسام الثلاثة، وإن زعم بعضهم أن هناك قسمًا رابعًا هو الخالف، ما معنى الخالف؟ اسم وفعل وحرف وخالف، الذي يخلف الفعل، والمراد به: اسم الفعل، "أقسامه ثلاثة: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى" الاسم هو الكلمة التي تدل على معنىً غير مقترن بزمن، الاسم كلمة تدل على معنى غير مقترن بزمن، والفعل كلمة تدل على معنىً أو على حدث مقترن بزمن، فإن كان الزمن قد مضى فهو الماضي، وإن كان في الحال أو الاستقبال فهو المضارع وإن تمحض للاستقبال فهو الأمر، المقصود أنه يفرق بين الاسم وبين الفعل أن الاسم لا يقترن بالزمن، والفعل يقترن بالزمن، والحرف ما لا يتبيّن معناه إلا بغيره، لا يتبين معناه إلا بغيره، تأتي بحرف تقول: (على) إيش تفيد على؟ إذا قال زيد: (على) تكلم بكلمة على، إيش معنى على؟ بمفردها لا تفيد إلا إذا قرنت بغيرها من اسمٍ أو فعل.
"حرف جاء لمعنى" يخرج بالحرف الذي جاء لمعنى حروف المباني، يعني المبحوث عنها في الكلام حروف المعاني التي هي جزء من أجزاء الكلام، بينما حروف المباني لا تبحث هنا، وحرف المبنى يختلف عن حرف المعنى، حرف المبنى الذي يتركب منه الكلمة، فعندنا (على) حرف لكنه مركب، هذا حرف معنى، مركب من ثلاثة حروف بناء، العين واللام والألف اللينة، و (في) حرف مركب من إيش؟ حرفين من حروف البناء التي هي الفاء والياء، فمرادهم بالحرف هنا حرف المعنى؛ ولذا قال: "وحرف جاء لمعنى" يقصد بذلك حروف المباني، والخلاف بين أهل العلم في الحرف الذي جاء في حديث الترغيب بقراءة القرآن، كل حرف بعشر حسنات ((لا أقول: ألم حرف؛ ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف))بين أهل العلم معروف، هل المراد بذلك حروف المباني وحروف المعاني، والأثر المترتب على الخلاف معروف.
"فالاسم يعرف بالخفض والتنوين ودخول الألف واللام عليه، وحروف الخفض"
(فالاسم) الفاء هذه يسمونها إيش؟
طالب: استئناف.
استئناف، ها طيب غيره، هذا الذي نقول: يمكن طالب العلم يتخرج من الجامعة ما يعرف بعض ما في هذه المقدمة من شروحها.
طالب: تقسيم.
كيف؟ تقسيم؟! كذا؟ من معانيها التقسيم؟
طالب: الفصيحة.
الفصيحة، الفاء هذه الفصيحة، وهي واقعة في جواب شرط مقدر إذا أردت معرفة ما تقدم "فالاسم يعرف فالخفض والتنوين ودخول الألف واللام عليه"، "فالاسم" بدأ به؛ لأنه أشرف من الفعل والحرف، "يعرف" يتميز "بالخفض" وهذا تعبير كوفي، والبصريون يقولون: "الجر" هذا تعبير كوفي، هم الذين يقولون: الخفض ومخفوض، هذا حرف خافض، بينما البصريون يقولون: جر مجرور، وهذا جار، بالخفض، والخفض أصله ضد الرفع؛ وذلكم لأن العلامة تكون تحت الحرف، وهذا معنى الخفض، بخلاف الرفع، فالعلامة تكون فوق الحرف، "بالخفض والتنوين" التنوين: نون ساكنة تلحق أواخر الكلمات المعربة لفظًا لا خطًّا، تقول: (جاء زيد)، (رأيت زيدًا)، (مررت بزيدٍ)، هذا تنوين، وهو نون ملفوظ بها، نون ساكنة ملفوظ بها؛ لكنها لا تثبت في الخط، ويستغنى عن هذه النون بتكرير العلامة، فبدلًا من أن تكون الضمة واحدة ضمتين، وبدلًا من أن تكون النصب حركة واحدة تكون مكررة، وكذلك علامة الجر، هذا التنوين، "بالخفض والتنوين ودخول الألف واللام عليه"، (أل) ابن مالك -رحمه الله تعالى-:
بالجر والتنوين والنداء وأل |
| ومسندٍ للاسم تمييزٌ حصل |
وهنا قال: "بالخفض والتنوين ودخول الألف واللام عليه"، اكتفى بثلاث؛ لأن الكتاب مؤلف للمبتدئين ويأخذون ما زاد على ذلك من كتب المرحلة التي تلي مرحلة المبتدئين، (بالجر والتنوين والندا وأل) وهناك قال: "ودخول ألف واللام" أيهما أولى أن يقال: بـ(أل) أو بالألف واللام؟
طالب:.........
نعم، (أل) لماذا؟ نعم الأولى (أل) لماذا؟ الآن الداخل الحقيقي هو (أل) بمعنى حرفين من حروف المباني أو ألف وللام حروف معاني وليست حروف مباني، فالداخل على الاسم حرف مبنى وإلا حرف معنى؟ حرف مبنى، ويختلفون أيضًا هل الداخل على الاسم (أل) هذه بالحرفين معًا أو اللام فقط؛ ولذا يقول الإمام مالك:
أل حرف تعريفٍ أو اللام فقط |
| ............................................. |
"بالخفض" علامة الاسم دخول الخافض عليه، حرف الجر، قد يقول قائل: هذه العلامة لا تختص بالاسم، لماذا؟ لأنها قد تدخل على حرف؟ كيف تدخل على الحرف؟ إذا قلنا: (مررت بزيدٍ) زيد مجرور بالباء، الباء حرف فدخلت عليها الباء، بالباء، مجرور بـ (مِن) ومِن حرف، مجرور بـ (إلى) وإلى حرف، كيف دخل الحرف على الحرف؟ وهم يقولون: الجر من علامات الاسم؟
طالب:.......
كيف؟ ما أسمع؟ اسم الحرف، طيب و(من) و(على)؟ نعم أنت تريد تسمية هذا الحرف لا تريد الحرف نفسه،
إذا قلت في الإعراب: (مِن حرف جر) كيف تعرف (مِن) هذه؟ (مِن حرف جر) هذه جملة مفيدة، تعرب (مِن) إيش؟ مِن حرف جر، من هذه إعرابها مبتدأ؛ لأنه ليس المراد من الكلمة اعتبارها حرفًا، وإنما المراد تسمية هذا الحرف بهذا اللفظ، فلا يرد مثل هذا على قولهم: إن الجر أو الخفض من علامات الاسم.
"التنوين" قد يدخل على إيش؟ هو يدخل على الاسم، (رأيت زيدًا)، (مررت بزيدٍ)، (جاء زيدٌ) ما في إشكال يدخل على الاسم ومن علامات الاسم؛ لكن يدخل على الفعل وإلا ما يدخل؟ التنوين؟
طالب:........
نعم! {لَنَسْفَعًا}[(15) سورة العلق]؟ النون هذه تنوين وإلا نون توكيد؟ نون توكيد خفيفة، وهنا ينبغي التنبه لشيء، وهو أن القرآن متلقىً بالرواية فيبقى رسمه كما تلقي، ويبقى لفظه كما سمع؛ ولذا تجدون في القرآن بعض ما يختلف عن قواعد العربية {وَيَدْعُ الإِنسَانُ}[(11) سورة الإسراء]، {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ}[(64) سورة الكهف] هو من حيث العربية الأصل (يدعو) لكن هذا الرسم لا يجوز تغييره، (ذلك ما كنا نبغي) ما يوجد جازم، {لَنَسْفَعًا} وإن كتبت بالتنوين إلا أنها نون توكيد مخففة من الثقيلة، {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا}[(32) سورة يوسف] مثلها، مخففة وهذه تأتي في علامات الفعل، ودخول الألف واللام عليه، قد تدخل (أل) هذه على الفعل:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته |
| ............................................. |
لكن (أل) هذه ليست (أل) التعريف، ليست (أل) التعريفية، وإنما هي موصولة، أصلها (الذي ترضى حكومته)
بعد هذا ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- حروف الجر، حروف الخفض على حد تعبيره، وأطال فيها ذكر منها:
"وحروف الخفض وهي: مِن وإلى وعن وعلى"
"من وإلى وعن وعلى" حروف الخفض منها (مِن) وهي لابتداء الغاية، و(إلى) هي لانتهاء الغاية: (سرتُ من الرياض إلى مكةَ) حرفا جر أولهما لابتداء الغاية، والثاني لانتهائها، ابتداء الغاية من الرياض ونهاية الغاية إلى مكة، و(عن) والحروف هذه حروف معاني؛ ولذا يحسن بطالب العلم أن يعنى بالعوامل الجرجانية، وأيضًا ما فوق العوامل كـ(مغني اللبيب) فيه معاني جميع الحروف، و(عن) للمجاوزة والمفارقة، و(على) للعلو والاستعلاء.
"وفي ورب والباء والكاف واللام".
و(في) وهي للظرفية، (الماء في الكوز) و(رب) وتستعمل للتقليل والتكثير، (رب رجلٍ كريمٍ لقيته) و(الكاف) وهي للتشبيه، (زيد كعلي)، و(اللام) وهي للملك، (المال لزيد) وشبهه (الجل للفرس) و(القفل للدار).
"وحروف القسم وهي الواو والباء والتاء".
من حروف الجر حروف القسم، وهي (الواو) وتختص بالاسم الظاهر، ولا يجوز القسم بغير الله -جل وعلا-، ((من حلف بغير الله فقد أشرك))فهي مختصة بالاسم الظاهر، تقول: (والله، والرحمن، والرحيم)، و(الباء) وهي تدخل على الظاهر والمضمر كيف تقول؟ بالله؟ تدخل على المضمر؟ الباء؟! كيف؟! به وتسكت كذا؟
طالب:.......
بالله انتهى على الظاهر، صارت على الظاهر، (أقسم به) الآن الباء هذه حرف قسم أو جار ومجرور متعلق بأقسم وفهم القسم من أقسم؟ هم يمثلون بقسمٍ لا يجوز: (بك لأفعلن) يمثلون بهذا، ويقولون: إنها تدخل على الظاهر والمضمر، إذا مضى ذكر الرب -جل وعلا-، أثنيت على الله -جل وعلا-، وذكرت اسمه فقلت: (به لأفعلن كذا) هذا حرف قسم، فتكون إذًا دخلت على الضمير، كما تقول: بالله، فتدخلها على الظاهر.
(التاء) {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ}[(57) سورة الأنبياء] تالله، وهي مختصة بهذا اللفظ وإن سمع (تارب الكعبة) الأصل: (برب الكعبة) و(التاء) من حروف القسم (تالله)، وهي مختصة بلفظ الجلالة، وسمع (تارب الكعبة) كالباء؛ لكنه قليل.
"والفعل يعرف بـقد والسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة".
الفعل هو الذي يلي الاسم باعتبار أن له علامة مثل الاسم فألحق به، وعقّب به، يعرف بـ(قد)، وتدخل على الماضي، فتفيد التحقيق، وتدخل على المضارع فتفيد التقليل، (قد قام زيد) تحقيق، تدخل على المضارع، (قد يقوم زيد) (قد ينجح الكسلان) للتقليل، لكنها قد تأتي هذه للتحقيق، {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ}[(18) سورة الأحزاب] لكن الغالب فيها التقليل، "بقد والسين" السين هذه حرف تنفيس، وهي تمحض المضارع للاستقبال القريب (سيقوم زيد)، {سَيَقُولُ السُّفَهَاء}[(142) سورة البقرة]، و(سوف) هي حرف تنفيس أيضًا، وتمحض المضارع للاستقبال مع التراخي، (سوف يقوم زيد) {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ}[(98) سورة يوسف] تنفيس مع التراخي، "وتاء التأنيث الساكنة" (قامت هند) هذه تاء تأنيث ساكنة، علامة من علامات الفعل، يقول ابن مالك -رحمه الله-:
بالجر والتنوين والندا وأل |
| ومسند للاسم تمييزٌ حصل |
يعني مما يتميز به الاسم الإسناد إليه، بأن يكون فاعلًا أو مبتدأ:
بالجر والتنوين والندا وأل بتاء فعلت وأتت ويا افعلي |
| ومسند للاسم تمييزٌ حصل ونون أقبلن فعلٌ ينجلي |
تاء التأنيث الساكنة المقصود بها المفتوحة، هي التي من علامات الفعل، وتدخل على الفعل الماضي.
"والحرف ما لا يصلح معه دليل الاسم ولا دليل الفعل".
الحرف هو ثالث الأقسام ولا رابع لها كما سمعنا، يعرف بعلامةٍ عدمية، علامة الاسم وجودية، وعلامة الفعل وجودية، وعلامة الحرف عدمية، بمعنى أن الحرف يعرف بعدم قبول علامات الاسم، وعدم قبول علامات الحرف:
والحرف ما ليس له علامة |
| فقس على هذا تكن علاّمة |
ابن مالك نظّر الأقسام الثلاثة بالجيم والحاء والخاء، ويتم التنظير لو كان المهمل هو الأخير، الجيم علامته الإعجام من أسفل، والخاء علامته الإعجام من أعلى، والحاء علامته العدم، عدم النقط، فجعلوا الحاء بمنزلة الحرف، والجيم جعلوها بمنزلة الاسم، والخاء بمنزلة الفعل، وهذا مجرد تنظير؛ لكن لو كان الإهمال في الأخير تمّ التنظير وطابق.
"باب الإعراب: الإعراب هو تغيير أواخر الكلم باختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا"
نعم، الإعراب انتهى المؤلف من تعريف الكلام وأقسامه، وبدأ بالإعراب الذي هو فائدة هذا العلم، فائدة هذا العلم معرفة الإعراب، الإعراب وهو مصدر: أعرب يُعرب إعرابًا، مثل: أكرم يكرم إكرامًا، والإعراب أصله الإفصاح والتبيين، هنا يريدون به التغيير، تغيير أواخر الكلمة، الإعراب تغيير، والصرف تغيير وإلا ليس بتغيير؟ الصرف تغيير، بم يخرج الصرف من الحد؟ الإعراب تغيير الأواخر، والصرف؟ ما عدا الآخر هو التصرف فيما عدا الآخر.
"تغيير أواخر الكلم" حسب العوامل، تبعًا للعوامل، جمع عامل، والمراد بها المؤثرة "تحقيقًا أو تقديرًا"، هناك عامل مؤثر تأثير محقق، وعامل مؤثر وهو مقدر، عامل مؤثر محقق، وعامل مؤثر مقدر، فرق بينهما، تغيير عندنا تغيير، فـ(زيد) مثلًا قبل تركيبه مع غيره يتغير وإلا ما يتغير؟ وما حركته؟ قبل دخول العوامل عليه؟ حركته إيش؟ مرفوع بإيش؟ العامل إيش؟ نحن قلنا: قبل العامل، أنا أقول قبل العامل، نعم؟ موقوف، زيد موقوف قبل دخول العامل عليه، والعامل إما أن يكون لفظيًّا أو معنويًّا، العامل إما أن يكون لفظيًّا كـ(جاء) مثلًا (جاء زيد)، أو (إن زيدًا قائم) أو (رأيت زيدًا) هذا عامل لفظي، هناك عوامل معنوية وليست لفظية كالابتداء مثلًا، الابتداء الآن (زيد قائم) مرفوع بأي شيء؟ العامل فيه الابتداء، لا تقل: مرفوع بالضمة، ما ينفع، مرفوع بالابتداء علامة رفعه الضمة الظاهرة، هذا عامل لكنه معنوي، ليس بلفظي، تغيير أواخر الكلم تحقيقًا أو تقديرًا، تحقيقًا إذا سلم من المانع من ظهور الحركة، فـ(جاء زيد) جاء: فعل ماض، وزيد: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، (رأيت زيدًا) رأيت: فعل وفاعل، وزيدًا: مفعول منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، تنوين هنا، (مررت بزيدٍ) مررت: فعل وفاعل، والباء: حرف جر، وزيد: مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة، هذا الإعراب تحقيق، تحقّق فيه الإعراب.
نأتي إلى مثل: (جاء الفتى)، جاء: فعل ماضي، والفتى: فاعل مرفوع بضمةٍ مقدرة على الألف، منع من ظهورها التعذّر؛ لأنه يتعذّر ظهور الإعراب في المقصور، (رأيتُ الفتى) رأيت: فعل وفاعل، والفتى: مفعول به منصوب بفتحةٍ مقدرة منع من ظهورها التعذّر، (مررت بالفتى) كذلك، الكفراوي في بعض المواضع أعرب ستة عشر مثالًا، وبقي اثنان، فقال: "وإعرابهما كما مرّ"، طيب لو ما بقي إلا اثنين لو أعربهما كان ما ضرّ.
(مررت بالفتى) هذا تقديرًا؛ لأن الضمة والفتحة والكسرة لا تظهر على المقصور، طيب لو أتينا إلى المقصور وأتينا به بدون (أل) (جاء فتىً) (ورأيت فتىً)، (ومررت بفتىً) إيش المانع من ظهور الحركة؟
طالب: الثقل.
لا، الثقل ما بعد جيناه، يختلف الكلام بين وجود أل مع عدمها؟ هل يختلف وإلا ما يختلف؟ هل يختلف قولنا: (جاء الفتى) عن قولنا: (جاء فتىً) من حيث الإعراب؟ هو فاعل في الموضعين، والضمة غير ظاهرة في الموضعين منع من ظهورها مع (أل) التعذر، وإيش الحركة المناسبة هنا؟ التنوين عبارة عن نون ساكنة، التنوين هنا عبارة عن نون ساكنة، والأصل فيه أن ينوّن على وجهٍ آخر، الأصل فيه أن ينوّن؛ لأنه تجرد عن (أل) وهو فاعل أن ينوّن بضمتين، لماذا لا ينون بضمتين بدلًا من أن ينون بفتحتين؟ التنوين حلّ محل الألف وهو عبارة عن نون ساكنة والتنوين بالضم عبارة عن نون ساكنة فلا يجتمع نونان ساكنان، واضح وإلا ما هو واضح؟ أو نتجاوز هذا؟
طالب:........
إيه، لكن هل هناك استعداد لفهم مثل هذه الأمور؟ وإلا نتجاوز الأمور الواضحة باعتبار أن الكتاب للمبتدئين؟ لأن مثل هذا الكتاب يعني كتاب في النحو شامل لكثيرٍ من الأبواب يصلح أن يدرس المبتدئين، طلاب الصف الأول الابتدائي ويدرس أساتذة، والكلام فيما يعرض حول هذا الكتاب، تقديرًا فيما يتعذر ظهوره كالمقصور وفيما يثقل إظهاره كالمنقوص، المقصور انتهينا منه، والمنقوص: وهو ما اتصل آخره بالياء، (جاء القاضي) و(رأيت القاضي)، و(مررت بالقاضي)، المنقوص في حالتين الرفع والجر يثقل النطق بالضمة والكسرة، ثقيل وإلا ممكن ليس بمستحيل، الفتى لا يمكن أن تقول: (جاء الفتيُ) ما يمكن، انقلبت الألف ياءً، تحريف هذا، لكن يمكن أن تقول: (جاء القاضيُ) لكنه ثقيل، (مررت بالقاضيي) القاضيي ثقيل، لكن (مررت بالقاضي) مجرورٍ بكسرة مقدرة منع من ظهورها الثقل، ونعرف الفرق بين التعذر وبين الثقل، التعذر لا يمكن النطق به، والثقل يمكن النطق به مع ثقل الكلمة على اللسان وعلى السامع، المنقوص: الذي آخره ياء في حالة النصب (رأيتُ القاضيَ) الفتحة خفيفة فعلامة النصب ظاهرة؛ لأنها خفيفة وليست ثقيلة؛ لأن المانع من الضمة والكسرة الثقل، وفي حالة النصب خفيفة، المنقوص هذا إذا لم يقترن بأل: (جاء قاضٍ) و(مررتُ بقاضٍ) و(رأيت قاضيًا) من يعرب قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} [(6) سورة القمر]؟
طالب:.......
ظرف زمان ماله؟ هو يبنى الظرف؟ كيف الظرف مبني؟ متى يبنى الظرف؟ ((كيوم ولدته أمه))متى يبنى الظرف؟ {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ}[(119) سورة المائدة] مبني وإلا معرب؟ هو الأصل فيه معرب، هو معرب؛ لكن متى يبنى؟ ((كيوم ولدته أمه)) متى يبنى؟
طالب:.......
إذا أضيف إلى جملةٍ... ها كمل ما هي مطلقة، فعلية {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ} إذا أضيف إلى جملةٍ صدرها مبني، ((كيوم ولدته أمه)) ولدَ مبني، لكن إذا كان صدرها معرب {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ} يعرب.
(يومَ) ظرف متعلق بـ(يدعُ)؟ لكن أين متعلق الظرف؟ الظرف والجار ومجرور لا بد له من متعلق؟ يمكن يتعلق بمتأخر؟ (بزيدٍ مررت) جار ومجرور متعلق بإيِش؟
طالب:.......
طيب {يَوْمَ يَدْعُ}؟ نفسه، أو تقدر فعل (أذكر يوم).
ها (يدعُ)؟.
طالب: فعل مضارع.
(يدعُ) فعل مضارع مرفوع بضمة ظاهرة وإلا ايش؟ معتل وإلا صحيح؟
طالب:.......
طيب، أصله (دعا يدعو) والمعتل إيش أعرابه؟ يدعو.... إيش؟ هو يرفع بثبوت حرف العلة كما أنه يجزم بحذف حرف العلة، أيوه، ثقيلة.
طالب:.......
الداعِ. كيف؟ ضمة على إيش؟ يعني ضمة مقدرة على الياء المحذوفة، محذوفة لإيش؟ ليش حذفت؟ أصلها: الداعي، إيش اللي حذف الياء هنا؟ محذوفة وإلا غير محذوفة في القرآن؟ محذوفة، وإيش اللي حذفها؟
طالب:.......
ما في إضافة أبدًا، بعدين مقترن بألـ، مثل القاضي والعاصي والهادي، حذفت اتباعًا للرسم، فهو مرفوع بضمةٍ مقدرة على الياء المحذوفة اتباعًا للرسم، هذا ما يتعلق بالاسم.
عندكم الفعل (جاء) منصوب أو مبني؟ مبني، والبناء على النصب وإلا على الفتح؟ على الفتح، فالفتح علامة بناء، والنصب علامة إعراب، طيب (يقوم زيد) مرفوع لماذا؟ لتجرده عن الناصب والجازم، وعلامة رفعها الضمة الظاهرة، (يقوم زيد) (يدعو) ذكرناه، (يخشى موسى ربه) كيف نعرب هذه؟ مبني وإلا مرفوع؟ متعذر، منع من ظهوره التعذر على ما تقدم، مثل الفتى، صح وإلا لا؟ متعذر عن موسى، مقصور متعذر، وربه؟ ظاهر، رب: مضاف.
طيب (لن يكرم زيد أخاه) يكرم: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه فتحة ظاهرة، هاتوا لنا فعل آخره ياء، يمشي (يمشي زيد إلى المسجد) هل هو معتل؟ مشى يمشي معتل، طيب والمعتل؟ علامته تقريبية صحيح أو ثبوتية؟ بم يجزم؟ بحذف حرف العلة، وبم ينصب؟ بالفتحة الظاهرة، وبم يرفع؟ ضمة مقدرة، طيب تحقيقًا أو تقديرًا عرفنا هذا.
"وأقسامه أربعة: رفع ونصب وخفض وجزم".
أقسام الإعراب أربعة، رفع ونصب وخفض وجزم، هذه الأربعة رفع ونصب وخفض وجزم، اثنان مشتركان، الرفع والنصب بين الأسماء والأفعال، تختص الأسماء بأي شيء؟ بالخفض، تختص الأفعال بالجزم، لا جزم في الأسماء، ولا خفض في الأفعال.
"فللأسماء من ذلك الرفع والنصب والخفض ولا جزم فيها".
لا جزم في الأسماء، ولا خفض في الأفعال، للأفعال من ذلك الرفع والنصب والجزم ولا خفض فيها؛ لأنه تقدم أن الجر من علامات الاسم.
والرفع والنصب اجعلن إعرابا |
| لاسمٍ وفعلٍ نحو لن أهابا |
الاسم له من علامات الإعراب الثلاث، الرفع والنصب والجر فتقول: (رأيت زيدًا)، و(جاء زيدٌ)، و(رأيت زيدًا) و(مررت بزيدٍ) وسبق إعرابها، والفعل له ثلاث علامات، ولا يدخله الجر لما تقدم من أن الجر والخفض من علامات الاسم، الرفع: (يقومُ)، والنصب: (لن يقومَ)، والجزم: (لم يأكلْ)، (لم يشربْ)، (لم يقمْ)، هذه علامات الإعراب، والإعراب إنما يكون للمتمكن، أما غير المتمكن فإنه يبنى، المتمكن من الأسماء يعرب بخلاف غير المتمكن، وغير المتمكن هو المشبه للحرف، والمتمكن ينقسم إلى قسمين: متمكن أمكن تظهر فيه جميع العلامات، ومتمكن غير أمكن تظهر فيه بعض الحركات، كالممنوع من الصرف، تظهر عليه الضمة والفتحة ولا يظهر عليه الجر، الجر بالفتحة، وتفصيل هذا كله سيأتي.
بالنسبة للاسم منه المعرب وهو المتمكن، ومنه المبني المشبه للحرف، فسبب البناء شبه الحرف، ويأتي بيان ذلك -إن شاء الله تعالى-، الفعل منه المعرب وتظهر عليه علامات الإعراب الثلاث التي هي: الرفع والنصب والجزم، وهو إيش؟ من الأفعال؟ المضارع، بخلاف الماضي فإنه مبني، بخلاف أيضًا الأمر فإنه مبني أيضًا، (جاء زيد) جاء: فعل ماضي مبني على إيش؟ الفتح، (يجيء يزيد) فعل مضارع معرب مرفوع، علامة رفعه الضمة الظاهرة، وزيد: فاعل، (لن يجيء زيد) يجيء فعل مضارع معرب منصوب بلن، علامة نصبه فتحة ظاهرة، (لم يجيء زيد) علامة جزمه (لم يجيء) سكون، لم يجيء على آخره على الهمزة، طيب {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ}[(11) سورة الإسراء] ويدع: أصله (دعا) الماضي، والمضارع (يدعو)، من يعرب (ويدع الإنسان؟)
طالب:.........
دعنا من الوقف، كيف الوقف؟ يدعُ، يهمنا الفعل.
طالب:.........
إيش؟ طيب، ماله؟ مرفوع بالضمة وين الضمة؟ الضمة وين؟ على إيش؟ مقدرة على العين ظاهرة، العين ظاهرة، على الواو الإيش؟ فيه واو؟ طيب، مقدرة على الواو المحذوفة اتباعًا للرسم.
"البداية والنهاية معروف، طبعة ابن تركي لا بأس بها بالنسبة للطبعات الأولى، وتفسير الحافظ ابن كثير هناك طبعة يقال لها: طبعة أولاد الشيخ في خمسة عشر جزءًا، فيها عناية، وفيها مقابلة نسخ، وتحقيق وتخريج.
يعني في الحديث: ((من قرأ حرفًا من القرآن فله بكل حرف عشر حسنات)) الثمرة المترتبة أن العدد يختلف، إذا قلنا: إن المراد بالحديث حروف المباني فالقرآن أكثر من ثلاثمائة ألف حرف، وإذا قلنا حروف المعاني فهو سبعين ألف، الربع، فرق بين أن يحسب لك ثلاثة ملايين حسنة على الختمة الواحدة، أو يكتب لك سبعمائة ألف، فرق كبير.
يعالج النية ويتحسسها، ويداوم التفقد، يتفقد نفسه باستمرار، ويصدق اللجأ إلى الله -عز وجل-.
من يتمكن من الحضور يحضر، من يتمكن من الحضور ولا يحضر هذا لا يحصل له أجر سلوك الطريق، لكن الذي لا يتمكن من الحضور ويسمع الأشرطة، ويسأل أهل العلم بالهاتف لبعده عنهم وعدم استطاعته الحضور يكتفى بذلك -إن شاء الله- أفضل من الترك.
نقول: الإعراب يوضح ويبين وهو مطلب لكثيرٍ من الإخوان، فإن كان بالفعل يعني ممل نتركه.
طالب:.........
يعني نقتصر منه على ما خفي فقط دون الظاهر؟ على كل حال يراعى هذا -إن شاء الله-، وإن كان الإعراب مهمًّا بالنسبة لهذا الفن على وجه الخصوص، يعني الشروح، كيف سيقرأ الشروح الذي يقول هذا الكلام؟ الشروح كلها إعراب؛ لأن هذا لبنة أولى للطالب المبتدئ، ولا يمكن أن يتمرن الطالب إلا إذا أكثر من الأمثلة وإعرابها.
لا ينصح بحفظه لا سيما وأنه متن قصير ما يكلف شيئًا، يعني وإذا أخذناه بالتدريج بخمسة أسطر لمدة أسبوع ما تكلف شيئًا.
النحو لا شك أن له فوائد منها: أنه سبب في عصمة اللسان من اللحن، وهذا يستفيد منه الخطيب، والداعية، والمدرس، والذي يحرص أن يقرأ على الشيوخ ويقومون له الخطأ، وهذا في الغالب يستفيد، أما الذي يقرأ القواعد النظرية ويسمع الشروح لكنه لا يطبق ذلك في خطابةٍ ولا قراءة ولا تعليم ولا غير ذل ك، فإنه في الغالب لا بد أن يقع منه اللحن، إذا احتاج إلى شيءٍ من ذلك مستقبلًا، لكن الفائدة في فهم الكلام المقروء، هذا ولو لحن وسبق لسانه إلى اللحن إذا ألقى كلمة أو خطبة أو درسًا فإنه إذا أتقن المادة وطبق عليها فإنه لن يخطئ فيما إذا قرأ كتابًا يتوقف فهمه على فهم العربية، مثل: نصوص الكتاب والسنة، الإنسان إذا ألقى خطابًا مثلًا يلحن؛ لأنه ما اعتاد ذلك، إذا ألقى خطبة لحن، ألقى كلمة يلحن؛ لأنه ما تعود على ذلك، قرأ بين يدي الشيخ ولو كان من أحفظ الناس لقواعد العربية ومن أفهم الناس لها قد يلحن، وهذا خلل لا شك؛ لكنه أقل من الخلل الثاني الذي يقع فيه ما لا يعرف العربية البتة، وهو أن مثل هذا لا يفهم الكلام الذي يحتاج إلى فهمه أو في فهمه إلى العربية، وإذا أراد الإنسان أن يختبر فهمه لهذا العلم ما عليه إلا أن يمسك الفاتحة، سورة الفاتحة ويعرب الفاتحة، يعرب سورة الفاتحة إعرابًا تفصيليًا، ثم يقارن بين إعرابه وبين كتب إعراب القرآن في الفاتحة، كتب إعراب القرآن كثيرة للمتقدمين والمتأخرين والمعاصرين، كلهم كتبوا في إعراب القرآن وأكثرهم تفصيلًا من تأخر، فإذا طابق إعرابه إعرابهم يكون قد أتقن هذا العلم، إذا نقص بنسبةٍ يسيرة لا يضر تسعين بالمائة، خمسة وثمانين بالمائة، إذا وافق سبعين بالمائة يكون أنجز إنجازًا طيبًا، لكن عليه أن يقرأ كتابًا آخر، ويحضر بعض الدروس ليستكمل ما فاته؛ لأنه لا يتصور في كتابٍ واحد أن يتقن جميع ما يحتاج إليه؛ ولذا أهل العلم لا يقتصرون على كتاب واحد، تجد العالم الواحد يقرئ الآجرومية ويقرئ القطر ويقرئ الألفية لتتكامل في الإفادة، فبعض الناس يضيق ذرعًا إذا لحن، وقد تعب على تعلم العربية، نقول: ما يضيرك، صحيح خلل لكن يبقى أن الفائدة الكبرى أنك إذا قرأت كلامًا فهمتَه، عرفت أن هذه الكلمة؛ لأن كثيرًا من الألفاظ يتوقف فهمها على فهم موقعها من الإعراب، فأنت إن لحنت لكونك لم تعتد النطق على مقتضى القواعد؛ لأنك لم تتعود يعني من زاول الخطابة وعنده ما يكفيه من النحو هذا في الغالب لا يلحن، مثلًا الذي يعنى بالقراءة على الشيوخ، ويحرص على ذلك عند الشيوخ أهل العناية الذين يعنون بالرد على الطالب إذا لحن، مثل هذا يستفيد كثيرًا، لكن الإشكال أنه قد يكون القارئ بعض طلاب العلم المدركين، ليس بطالبٍ مبتدئ يسهل الرد عليه فيتأخر الشيخ من باب الإحراج لهذا الشخص ولا يرد عليه، نقول: ليس من مصلحة الطالب أن يترك، وإن كان بعضهم يتحرج من كثرة الرد على الطالب، فأقول: هؤلاء الذين يلحنون لا يضيق ذرعهم، هم إن لم يفيدوا من النحو في هذا الباب أفادوا منه الفائدة الكبرى، والنتيجة العظمى المرجوة من هذا الفن، وهو فهم نصوص الكتاب والسنة.
هناك كتاب اسمه (الإملاء) للشيخ حسين والي من شيوخ الأزهر، ومعه أيضًا كتاب بحجمه اسمه (تمرين الإملاء) هذا كتاب نافع في بابه وتمرينه يمرن على الكتاب.
هو المقصود به المبتدئ.
يعني بين كل شيء هذا معناه، معنى هذا يريد أن يبيّن كل شيء ولو كان بدهيًّا، والطلب يحقق -إن شاء الله تعالى-.
معروف كلام ابن مالك:
وصالحًا لبدلية يرى
ونحو بشر تابع البكري
في غير نحو يا غلام يعمرا
...................................................
...الخ، تراجع الألفية.
يعني إذا قلنا: المراد به بالوضع العربي فماذا يسمى كلام الأعاجم؟ يسمى كلامًا وإلا ما يسمى كلامًا؟
ما يسمى كلامًا، وإن كان نطقًا ملفوظًا به، لا يسمى كلامًا اصطلاحيًّا.
لكن هذه المداخلات أحيانًا يحتاج إليها لتوضيح ما شرح، أو قُصِّر في شرحه أحيانًا، أو عدم وضوحه في بعض الأحيان.
نعم، تحية المسجد المقصود بها شغل البقعة، تدخل في جميع الصلوات، يعني الفريضة تجزي عنها، يعني إذا جئت وقد أقيمت الصلاة لا يحتاج أن تصلي ركعتين، الراتبة تكفي عنها القبلية.
يعني من شروح الأجرومية من أهمها شرح الكفراوي، والعشماوي، وشرح الشيخ خالد الأزهري، هذه شروح نفيسة.
ابن مالك اكتفى بالمفيد، وبالمثال عن أن يكون عن التصريح بكونه مركبًا.
يراعى ذلك -إن شاء الله-.
يعني ما هو من العمالة، من أجل العمالة، ليدعو العمالة، يخاطبهم بما يفهمون لا بأس.
نعم، منعًا لالتقاء الساكنين، ومثله: لم يقمْ زيد.
"وللأفعال من ذلك الرفع والنصب والجزم ولا خفض فيها".
الأفعال تشترك مع الأسماء -وهذه ذكرناها- في الرفع والنصب، وتنفرد بالجزم، ولا جرّ فيها، ولا خفض فيها على ما تقدم من أن الخفض الذي هو الجر من خواص الأسماء، كما أن الفعل مخصص بالجزم، ويجزم من الأفعال إيش؟ المضارع، ويبنى الأمر على ما يجزم به مضارعه، قد يكون الكلام مركّب ومفيد، وهو من حرف، من حرفٍ واحد مثل: (قِ)، وأيضًا: (عِ)، إيش معنى (قِ)؟ فعل أمر من الوقاية، فهذا الفعل -فعل الأمر- مع فاعله المستتر كالأمر، و(عِ) فعل أمر من إيش؟ من الوعي، وهذا الفعل الأمر أصله (وعى يعي عِ) وفعل الأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه، ومثله (قِ) من الوقاية، أصله: (وقى يقي).
"أقسامه ثلاثة" سبق شرح ذلك كله، لكن نريد أمثلة للكلام، مثال للكلام المفيد المركب.
طالب: الله واحد.
نعم (الله واحد) طيب، مبتدأ وخبر، نحرص -يا إخوة- أن تكون الأمثلة من القرآن، (الله واحد) الله: مبتدأ وواحد: خبر، (الله أكبر) كذلك، بعض المؤذنين يقول: (أشهد أن محمدًا رسولَ الله) كلام مفيد وإلا غير مفيد؟ غير مفيد، كلام غير مفيد، لماذا؟ نعم الخبر الجزء المتمّ الفائدة، ما جاء الخبر، ولذلك يخطئ من المؤذنين من يقول: (أشهد أن محمدًا رسولَ الله) ولا يصحّ أذانه بذلك، لا يصح الأذان بهذا.
وعرفنا أن أقسام الكلام ثلاثة: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى، يخرج بذلك حرف المبنى كما تقدم، وللاسم علامات بالخفض والتنوين ودخول الألف واللام عليه، وحروف الخفض عدّها المؤلف -رحمه الله-، إن أردتم أن نسأل عن أمثلتها، ونعرب كل مثال طيب ترى، وإن أردتم أن نتجاوز ذلك ونشرح الباب الذي يليه؟ إيش ترون؟ ترون أن السؤال عنها وإعراب الأمثلة يثبت ما تقدم؟ ولو ترتب عليه التأخير؟ أو ترون أن نتجاوز مثل هذا اكتفاءً بما تقدم، وإن كان هناك تسجيل يسمع؟ إضافةً إلى أن أريد أن أنبه أن الكتاب لا بد من حفظه، لا بد أن يحفظ الطالب القسم المقرر وفي الغالب أربعة أسطر، ثلاثة أسطر، ما تزيد، يحفظ ويراجع عليه شرح من الشروح المعتمدة، إما شرح الكفراوي أو العشماوي أو الأزهري أو غيرها من الشروح، كلها موجودة.
وأنبه إلى أن العناية بالشراح المتقدمين أولى من قراءة كلام المتأخرين، وإن كان كلام المتأخرين فيه وضوح، لكن المتقدمين ينبهون على قواعد وضوابط لا يلتفت إليها المتأخرون، قد يقول قائل: (التحفة السنية) يعتني بها كثير من طلاب العلم، لكن قارن التحفة السنية مرة في العمر، قارن بين التحفة السنية وشرح العشماوي مثلًا، وما يذكره من قواعد وضوابط يمكن ما تمرّ عليك عمرك كله، شرح الأزهري شرح واضح ومتين وطيب، الكفراوي فيه ميزة لا توجد في غيره، وهو أنه عنده جلد غريب على الإعراب، بمعنى أنه لا ينتهي الطالب من قراءته، إن صبر على قراءته وإلا فهو ممل، إن صبر الطالب على قراءته لا ينتهي منه إلا وقد أوتي ملكةً إعرابية، لكن على طالب العلم أن يصبر، فلا شك أن الكتاب معتنىً به من المتقدمين والمتأخرين، وهناك شروح كثيرة جدًّا يعني ما يمكن حصرها، شروح للمتقدمين، وشروح أيضًا للمعاصرين الموجودين الآن، فأقول: على طالب العلم أن يعنى بالشروح المتقدمة ويكثر من التطبيق عليها، ويختبر عمله بإعراب القرآن.
نقول: نقتصر على مثال واحد في كل حرف من حروف المعاني وإلا مغني اللبيب كفيل بجميع المعاني، وأشرت في بداية الدرس أن طالب العلم لو يعنى بالعوامل المائة للجرجاني مع هذه المقدمة يحصل التكامل -إن شاء الله تعالى-.
حفظ المتن هو الأصل، ثم بعد ذلكم إن أراد أن يحفظ نظمه لا بأس.
هو في معناه معنى الفعل، (صهٍ) يعني: اسكت، و(مهٍ): اكفف، و(بخٍ) يعني: أستحسن، لكن لقبوله علامات الاسم جعلوه اسمًا.
العلم بالتعلم، وبالإمكان أن يدرك الإنسان ولو كان كبير السن، وصالح بن كيسان يعد من كبار الآخذين عن الزهري، وقد بدأ التعلم وهو كبير، حتى قيل في ترجمته: إنه بدأ في طلب العلم وهو عمره تسعين سنة، فلا ييأس الإنسان ولو كان كبيرًا أن يبدأ التعلم من جديد بالمتون الميسرة السهلة، ثم بعد ذلك إلى ما فوقها، وبالمناسبة حضر عندنا طالب كبير السن، وهو من الأعراب الذين يصعب عليهم التعلم، حضر الآجرومية منذ زمن وحضر الرحبية، ويقول: إنه حضر القطر عند بعض المشايخ، وحضر الألفية، وقلت له: ماذا صنع الله بك؟ قال: حفظنا الأجرومية والقطر والألفية وما بقي إلا الزرادية.
الذي ما يريد الله له شيء يكفيه أن يكتب في زمرة المتعلمين، يكفيه أن يسلك الطريق للتحصيل، ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة)) وإن لم يدركه.
نعم.