الشمائل النبوية (06)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلاً بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم الشمائل النبوية مع بداية حلقتنا نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض فأهلاً وسهلاً بكم يا شيخ عبد الكريم.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

وعدنا الإخوة والأخوات في الحلقة الماضية أن نتحدث معهم في شرح الحديث التاسع، الحديث التاسع كما هو في الشمائل النبوية قال رحمه الله حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت جابر بن سمرة يقول كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضليع الفم أشكل العين منهوس العقب قال شعبة قلت لسماك ما ضليع الفم قال عظيم الفم قلت ما أشكل العين؟ قال طويل شِق العين قلت ما منهوس العقب قال قليل لحم العقب.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الحديث مخرج في صحيح مسلم في كتاب الفضائل باب في صفة فم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعينيه وعقبيه، وهو أيضًا عند أحمد في المسند وغيره قوله في الحديث "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضليع الفم" ضليع فسره الراوي بأنه عظيم الفم، قال القاري: أي واسعه والفم بتخفيف الميم وتشدد في لُغية وهو محمود عند العرب، وهو كناية عن كمال الفصاحة وتمام البلاغة.

المحمود  هو كبر الفم؟

وسعته هذا بالنسبة للرجال محمود بلا شك، ومحمود عند العرب؛ لأنه كناية عن كمال الفصاحة وتمام البلاغة وقوله "أشكل العينين"المراد الجنس، جنس العين لا يراد به واحدة بل المراد الجنس، وفي نسخة: العينين بيصغة التثنية تصريحًا بالمقصود، أي في بياضها شيء من الحمرة كما في النهاية، وفسره الراوي بأنه طويل شق العين، الراوي عندك ماذا قال "قال شعبة قلت لسماك ما ضليع الفم؟ قال عظيم الفم قلت ما أشكل العين قال طويل شَق العين" هكذا فسره الراوي بأنه طويل شق العين، قال القاضي عياض: هذا وهم من سماك، والصواب ما اتفق عليه العلماء وجميع أصحاب الغريب من أن الشكلة بالكاف حمرة في بياض العين وهو محمود عند العرب جدًا، والشهلة بالهاء حمرة في سواد العين وهو مذموم، فالشكلة محمودة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أشكل العين وهي حمرة في بياض العين، والشهلة بالهاء حمرة في سواد العين كذا في شرح النووي على مسلم.

لكن الشَّق بالفتحة يا شيخ هكذا لأن في النسخ التي بين أيدينا شِق العين طويل شِق العين بالكسر بكسر الشين.

الشَّق مصدر شق يشق شقًا، والمراد طويل شَقها يعني فتحتها بلا شك هذا المراد.."قلت" والقائل من هو شعبة يعني سماك "ما منهوس العقب قال قليل لحم العقب" قوله "منهوس العقب" فسره الراوي بأنه قليل لحم العقب، وفي شرح النووي: وأما المنهوس فبالسين المهملة هكذا ضبطه الجمهور، وقال صاحب التحرير وابن الأثير: روي بالمهملة والمعجمة منهوس ومنهوش وهما متقاربان ومعناه قليل لحم العقب، كذا قال والله أعلم. صاحب التحرير من هو؟ صاحب التحرير مر بنا مرارًا، وهو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الأصبهاني، والتحرير شرح صحيح مسلم ينقل عنه النووي كثيرًا وأما ابن الأثير فهو صاحب النهاية وجامع الأصول أيضًا، وفي القاموس: المنهوس من الرجال قليل اللحم منهم، وفي الحديث قُيد بالإضافة إلى العقب، منهوس العقب يعني ما أطلق قيل منهوس ليكون قليل اللحم إنما قُيد بالإضافة فهو "منهوس العقب" وهذا يفيد نفي ما عدا العقب، يعني أنه ليس منهوس جميع بدنه وإنما منهوس العقب فقط، والعقب مؤخر القدم.

نعم أحسن الله إليك ربما أيضًا يرد في مثل هذا الموضوع ما يتعلق مثلاً بالفم والعين بعض الأسئلة الآن ظهر ما يسمى بتقويم الأسنان وهذا كثر في الآونة الأخيرة تفصيل القول فيه يا شيخ ؟.

أولاً في الحديث: ضليع الفم، وضليع الفم يعني عظيم الفم، وواسع الفم، وإن قال بعض الشراح أنه كبير الأسنان فأنت تريد أن تدخل من هنا وإلا فالأسنان ما جاءت بعد، وأما بالنسبة للتقويم فإن كان وضع الأسنان مؤذيًا بحيث يتأذى صاحبها بها إما حسيًا أو معنويًا فلا بأس بالتقويم، وأما ما عدا ذلك إذا كان لا يتأذى بذلك لا حسيًا ولا معنويًا فإن كان من الرجال فلا ينبغي لأنه من باب التجمل، والتجمل إذا كان غير مؤذي بالنسبة للرجال فلا داعي له لاسيما في خلق الله جل وعلا؛ لأن هذا من تغيير خلق الله، وإن كان من النساء وتتأذى به بين أقرانها وعند زوجها فلا مانع من التقويم مطلقًا لأنه لا يدخل في الوشر ولا في التفليج.

لأنه في الحديث الذي قبله كان في أثره ضعف كما أشار المحقق هنا أنه قال فيه عنه -عليه الصلاة والسلام- ضليع الفم مفلج الأسنان فيعني غاير بين ضلاعة الفم والأسنان.

لا شك أن المعتمد في ضليع الفم أنه عظيم الفم واسعه وقلنا أن هذا بالنسبة للرجال محمود؛ لأنه يدل على البلاغة والفصاحة.

قوله: "أشكل العين" أيضًا أشرتم إلى أن المراد الحمرة التي في البياض يعمد بعض النساء بالذات إلى لبس ما يسمى بالعدسات الملونة للزينة لتغيير لون البياض أو السواد، بعضها يغير لون البياض إلى حمرة وبعضها يغير لون السواد مثلاً  إلى أخضر أو نحو ذلك.

مثل هذه التصرفات التي لا داعي لها، فإذا كانت العين سوية ليس فيها ما يقذرها وليس فيها ما تعاب به فالأولى عدم التعرض لها؛ لأن هذا في الجملة من تغيير خلق الله، أما إذا كانت العين في شكلها أو في وضعها مؤذية الشكل مثلاً  بحيث تُقذر بها المرأة وتعاب بها فلا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى.

أستأذنك أيضًا في قراءة ما كتبه محقق إحدى النسخ عن الحديث قال: إسناده حسن فإن سماك بن حرب حسن الحديث لا يرتقي حديثه إلى مراتب الصحة التامة، على أن المصنِّف قد صححه كيف قال هذا مع أنه في مسلم كما أشرتم يا شيخ إلا إذا كان السند عند مسلم يختلف؟

عند مسلم عن سماك.

كيف يشير إلى أنه لا يرتقي إلى مراتب الصحة التامة؟

إذا كان الحديث في الصحيحين فلا كلام لأحد فالحديث صحيح بكل حال، نعم قد يخطئ سماك في تفسير لغوي كما هنا، "أشكل العين" فأخطأ ومن يعرى من الخطأ والنسيان، لكنه لا ينسبه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيضعّف به هذا خطأ من رأيه وليس معصوما من الخطأ.

محمد بن جعفر هذا الذي يروي عن شعبة هو الطبري؟

محمد بن جعفر هذا غندر، أبو موسى محمد بن المثنى العنَزي معروف، من رجال الصحيحين وشعبة بن الحجاج كذلك، كلهم ليس فيهم إشكال.

 

جزاكم الله خير وأحسن إليكم إذًا ننتهي بهذا من الحديث التاسع على أن نعد الإخوة والأخوات بالحديث الثالث عشر يا شيخ؟ إذًا حلقتنا القادمة أيها الإخوة والأخوات سنقرأ فيها الحديث الثالث عشر مطلعه «عرض علي الأنبياء فإذا موسى عليه السلام» إلى آخر الحديث فليتابعنا الإخوة والأخوات بإذن الله في الحلقة القادمة شكرًا لطيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.