الشمائل النبوية (11)

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم الشمائل النبوية نحن نختار جملة من الأحاديث في كتاب شمائل النبي -صلى الله عليه وسلم- للإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي رحمه الله مع مطلع حلقتنا نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بالرياض فأهلاً بكم يا شيخ عبد الكريم.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

قال رحمه الله في باب ما جاء في عيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن محمد بن سيرين قال كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط في أحدهما فقال بخ بخ يتمخط أبو هريرة في الكتان لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحجرة عائشة مغشيًا علي فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي جنونًا وما بي جنون وما هو إلا الجوع.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الحديث مخرج في صحيح البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة في باب ما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- وحض على اتفاق أهل العلم وما اجتمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بهما من مشاهد النبي -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين والأنصار ومصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- والمنبر والقبر. يقول الحافظ ابن حجر: الغرض من حديث أبي هريرة قوله: وإني لأخر ما بين المنبر والحجرة وهو مكان القبر الشريف كذا قال، فأخر ما بين المنبر والحجرة وهو مكان القبر.

جاء في لفظ...

هذا عند الحافظ ابن حجر، لكن مكان القبر هو الحجرة، لو قال هو مكان الروضة، فهي التي بين المنبر والبيت، وقال ابن بطال عن المهلب: وجه دخوله في الترجمة الإشارة إلى أنه لما صبر على الشدة التي أشار إليها من أجل ملازمة النبي -صلى الله عليه وسلم- في طلب العلم جوزي بما انفرد به من كثرة محفوظة ومنقوله من الأحكام وغيرها، وذلك ببركة صبره على المدينة.. نعم له وجه لكن فيه بعد، الحديث منصوص على أنه فيما بين منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحجرة عائشة، والترجمة فيها والمنبر يعني في ترجمة صحيح البخاري، أما بالنسبة لترجمة الترمذي فذكر هذا الحديث في عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- والقصة لأبي هريرة لا ذكر للنبي -عليه الصلاة والسلام- فيها؛ قالوا لأنه دل على ضيق عيشه -صلى الله عليه وسلم- لأن أصحابه كأبي هريرة وغيره ما كانوا كذلك ويصبرون إلا لكون حالتهم كحالته ولو كان عنده -عليه الصلاة والسلام- شيء لما ترك أبا هريرة جائعًا مغشيًا عليه مع قول الله تعالى في حق هؤلاء: "ولا تعد عيناك عنهم"  يعني لو لم تكن حاله -عليه الصلاة والسلام- كحال أبي هريرة ليس عنده ما ينقذه به وما يعطيه منه لما وصلت حال أبي هريرة لهذا الحد، وذكر البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الرقاق من صحيحه: بابٌ كيف كان عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وتخليهم عن الدنيا، وأورد فيه ثمانية أحاديث: الأول حديث أبي هريرة: آالله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع..."  الحديث بطوله وفيه قصة القدح من اللبن ومطول. والحديث الثاني: أورد حديث سعد بن أبي وقاص قال: "إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله ورأيتنا نغزو وما لنا طعام إلا ورق الحبلة وهو السمر وإن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ما له خلط" والحديث الثالث: حديث عائشة قالت: "ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعًا حتى قبض".  الرابع حديث عائشة قالت: "ما أكل آل محمد -صلى الله عليه وسلم- أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر" والخامس أورد حديثها أيضًا قالت: " كان فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أدم وحشوه ليف". والسادس أورد حديث أنس وفيه: "ما أعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رغيفًا مرققًا حتى لحق بالله ولا رأى شاة سميطًا بعينه قط". والسابع: أورد حديث عائشة من طريقين: الأول عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة-رضي الله عنها- قالت: "كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارًا إنما هو التمر والماء إلا أن نُؤتى باللحيم" الطريق الثاني: عن يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة أنها قالت لعروة ابن أختي: "إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نار فقلت ما كان يعيشكم قلت الأسودان التمر والماء إلا أنه قد كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيران من الأنصار كان لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أبياتهم فيسقينا". والحديث الثامن: أورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «اللهم ارزق آل محمد قوتًا» ووقع عند مسلم من حديث عتبة بن غزوان: "لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا"  وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يؤثر ذلك ويختاره مع إمكان حصول التوسع والتبسّط في الدنيا له. كما أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة «عرض عليَّ ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا فقلت لا يا رب ولكن أشبع يومًا وأجوع يوما فإذا جعت تضرعت إليك وإذا شبعت شكرتك» قال القرطبي في المفهم: جمع الله سبحانه وتعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- الحالات الثلاث: الفقر والغنى والكفاف، فكان الأول أول حالاته فقام بواجب ذلك من مجاهدة النفس يعني والصبر على الفقر وعدم التسخط والتذمر والشكوى إلى المخلوق، ثم فتحت عليه الفتوح فصار بذلك في حد الأغنياء فقام بواجب ذلك من بذله لمستحقه والمواساة به والإيثار مع اقتصاره منه على ما يسد ضرورة عياله وهي صورة الكفاف التي مات عليها. قال القرطبي: وهي حالة سليمة من الغنى المطغي والفقر المؤلِم، وأيضًا فصاحبها معدود في الفقراء؛ لأنه لا يترفه في تغييبات الدنيا بل يجاهد نفسه في الصبر عن القدر الزائد على الكفاف، فلم يفته من حال الفقر إلا السلامة من قهر الحاجة وذل المسألة، أما الترفه والتوسع في أمور الدنيا فلا، إذا عرفنا هذا تصورنا حال النبي -عليه الصلاة والسلام- فالعلماء يختلفون في المفاضلة بين الغنى والفقر أيهما أفضل أن يكون الشخص غنيًا أو فقيرًا ولكل واحد من الوصفين ما يرجحه.

الغنى فقط هكذا أم يقيد الغني الشاكر والفقير الصابر؟

ستبسط المسألة- إن شاء الله- لكن مسألة ذات الغنى وذات الفقر بغض النظر عما يحتف بهما أيهما أفضل؟ لأنه قد يحتف بالغنى الشكر، ويحتف بالفقر الصبر، وقد يحتف بالغنى البطر والطغيان، وقد يحتف بالفقر ما يكاد أن يكون كفرًا، كما جاء في الحديث، المقصود أن المفاضلة بين الغني والفقر مسألة معروفة عند أهل العلم، والخلاف فيها طويل والأدلة محتملة والمسألة مفترضة في فقير صابر وغني شاكر مع اتصاف كل منهم بالتقوى.

ما تبقى معنا وقت لبسط هذه المسألة لكن هل  يعني ألفاظ الحديث نفسه انتهينا منها .

الآن في عيش النبي -عليه الصلاة والسلام-.

لكن الآن يعني مثل فعل أبي هريرة رضي الله تعالى عنه تقول إن مثل الإمام الترمذي عندما ترجم له في باب ما جاء له في عيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لو كانت حاله ميسورة لما ترك أصحابه على هذا الفقر وهذه الحاجة، لكن يوجد من الصحابة- رضي الله عنهم- من كانت حاجه ميسورة ويوجد من الصحابة من كان فقيرًا شديد الفقر.

ومع ذلكم الغني يواسي الفقير لكن الصبغة العامة لحال النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه في أول الأمر الحاجة.

أحسن الله إليكم يعني ستأخذ منا وقت نرجئها إلى حلقة قادمة يا شيخ، إذًا لعلنا نكتفي بهذا على أن نعد الإخوة والأخوات بأن نتحدث في بسط هذه المسألة بإذن الله في الحلقة القادمة، أيها الإخوة والأخوات حلقتنا القادمة بإذن الله سوف نتحدث في بسط هذه المسالة التي تفضل صاحب الفضيلة بذكرها حول المفاضلة بين الغنى والفقر وبالذات في المفترض في الغني الشاكر والفقير الصابر، لقاؤنا بكم بإذن الله في الحلقة القادمة وأنتم على خير، شكرًا لطيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.