شرح كتاب الإيمان من صحيح مسلم (09)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام مسلم رحمه الله تعالى حدثنا هداب بن خالد الأزدي" حدثنا هداب بن خالد الأزدي هداب بن خالد الأزدي يقال له أيضًا هدبة ورواه مسلم على الوجهين روى عنه الإمام مسلم على الوجهين أحيانًا يقول حدثنا هداب وأحيانًا يقول حدثنا هدبة ترجمه الإمام البخاري في تاريخه واقتصر على هدبة ولم يذكر هدابًا وقال بعضهم إن هداب اسمه وهدبة لقبه وقال بعضهم العكس على كل حال أمره واضح وجلي هداب والا هدبة ابن خالد يعني لا يوجد راوٍ باللفظ الثاني يعني لو وجد راوي باللفظ الثاني يلتبس به لكان التحري لا بد أن يكون أشد أما في مثل هذه الحالة فيذكر سليمان ويذكر سليم في بعض الروايات وهو شخص واحد وقد يستروح بعضهم لاسيما من لا خبرة له ولا دراية له بأحوال الرجال أنه إذا روى عنه باسم هداب كما هنا وروى عنه في موضع آخر باسم هدبة أنهما اثنان بعض من لا خبرة له ولا معرفة قد يقول هما اثنان لكن على كل حال المقرر عند أهل العلم أنهما واحد وأُلِّف في مثل هذا النوع من أنواع علوم الحديث المتعلِّقة بالرجال الموضِح بين أوهام الجمع والتفريق لأن من الرواة الواحد من جعله بعض العلماء اثنين ومنهم الاثنان جعلهم بعض الرواة واحدًا ولكن تعيش لها الجهابذة يعني إذا خفي على آحاد المتعلمين فإن هذا لن يمش على الأئمة قال "حدثنا هداب بن خالد الأزدي قال حدثنا همام" وهو ابن المنبه "قال حدثنا قتادة" وهو ابن دعامة السدوسي قال حدثنا معاذ "قال حدثنا أنس بن مالك عن معاذ بن جبل" صحابي عن صحابي "قال كنت" رِدف رسول الله "ردف النبي -صلى الله عليه وسلم-" ردف بكسر الراء وإسكان الدال وفي بعض الروايات رديف والمعنى واحد وضُبط في بعض الروايات من صحيح مسلم رَدِفْ ردف إما بلفظ الفعل أو بلفظ صيغة المبالغة ردفٌ كما يقال فَعِل حَذِر صيغة مبالغة وعلى كل حال المعنى واحد الردف والرديف والردف كلها بمعنى واحد وهي معنى ويراد بها من يركب خلف الراكب يركب خلف الراكب ولابن منده مؤلَّف في أرداف النبي -عليه الصلاة والسلام- أوصلهم إلى نحو الثلاثين جزء فيه أرداف النبي -عليه الصلاة والسلام- أوصلهم  ابن منده إلى نحو الثلاثين "ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل" ليس بينه "بيني وبينه" بينه -عليه الصلاة والسلام- "إلا مؤخرة الرحل" يعني قريب منه جدًا مُؤخِرَة هكذا في بعض الروايات وضبط في بعضها مؤخِّرة وفي بعضها آخرة وقد تنطق أَخَرة أَخَرة يقال في بعض التراجم مر عليكم في التقريب وغيره اختلط بأَخَرَة يعني في آخر عمره ليس بيني وبينه إلا مُؤخِرَة الرحل سيأتي في الرواية اللاحقة أنه على حمار يقال له عُفَيْر على حمار يقال له عُفَيْر والرحل لا يكون إلا على الإبل خاص بالإبل فكيف على حمار يقال له عُفَير ويقول مؤخرة الرحل والرحل لا يكون إلا على الإبل والحمار يكون عليه إكاف؟ إكاف فإما أن يقول فإما أن يقال هما قصتان مرة على حمار ومرة على بعير وتمشي الأمور بهذه الطريقة بهذا الجمع أو يقال أنه على حمار وبينه وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذا الحمار الذي يقال له عفير مسافة بقدر مؤخرة الرحل والأمر سهل يعني موضوع الحديث لا يتعلق بمثل هذا "فقال" النبي -عليه الصلاة والسلام- "«يا معاذ بن جبل يا معاذُ بنَ جبل»" وضبطها بعضهم «يا معاذَ بنَ جبل» ومعلوم أن المنادى إذا كان مضافًا فإنه يُنصَب وإذا كان مفردًا يعني غير مضاف فإنه يُبنَى على الضم في محل نصب «يا فاطمةُ بنتَ محمد» ولكونه في محل نصب جاء التابع له ابن منصوبًا والتابع لفاطمة بنتَ جاءت منصوبة لأن الأصل في المنادى النصب لكن إذا كان مفردًا فإنه يبنى على الضم في محل نصب هنا «يا معاذ» مضاف والا مفرد؟ مفرد فالأصل فيه أن يقال «يا معاذُ بنَ..» لكن بعضهم يتساهل في مثل هذا ويجعله من باب الإتباع مثل ما قالوا الحمدُ لُله بضم اللام ومثل ما قيل في كلمات أخرى من باب الإتباع «يا معاذُ بنَ..» ابن هذه كما تقدم مرارًا أنها بدل أو عطف بيان أو نعت ابن مضاف وجبل مضاف إليه "قلت لبيك يا رسول الله" هذه الإجابة بهذا الأسلوب تكررت في النصوص جاءت أيضًا في استجابة الله جل وعلا.. في الاستجابة لله جل وعلا في الحج تقول.. وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ } الحج: ٢٧  دعاك الله إلى أن تحج تقول لبيك اللهم لبيك يعني أنا مقيم على إجابتك إقامة بعد إقامة وأنا مستمر عليها والتثنية هنا تعنيك التكثير "لبيك يا رسول الله وسعديك" مثلها يعني إسعادًا بعد إسعاد ثم سار ساعة ساعة مقدار من الزمان لا تحد بدقائق ولا.. قد تكون أكثر من ساعة فلكية وقد تكون دقائق المقصود أنها مدة سار مدة "ثم سار ساعة ثم قال «يا معاذ يا معاذُ ابنَ..» أو «يا معاذَ ابن..»" على ما اختاره النووي "«جبل» قلت لبيك رسول الله وسعديك" لبيك رسولَ الله في الموضعين رسول الله منادى أصله يا رسول الله حذف حرف النداء وبقي أثره الذي هو النصب كما تقول حينا ربنا بالسلام يعني يا ربنا "ثم سار ساعة ثم قال «يا معاذ بن جبل» قلت لبيك رسول الله وسعديك" ثلاث مرات من أجل إيش؟ أن ينتبه ويحرص ويستوعب ما يلقى إليه لأنه أمر في غاية الأهمية "قال «هل تدري»" قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لمعاذ "«هل تدري ما حق الله على العباد؟»" حق الله على العباد الذي أوجبه عليهم بل هو أوجب الواجبات "قال قلت الله ورسوله أعلم" الله ورسوله أعلم ما يدري من غير أن يُخبر من قِبَله -عليه الصلاة والسلام- من أين له ذلك؟ قد يجتهد الصحابي ويجيب سواء أخطأ أو أصاب لكن رد العلم  إلى عالمه لا شك أنه أكمل والا ما فيه إشكال أن يجتهد الإنسان في مجال الاحتمال وفي مجال المدارسة لعله كذا ولعل المراد بكذا ويصحح الخطأ ولعل من هذا إجابة الأسئلة في الامتحانات الطالب حينما يجيب ليس معناه أنه يفتي أو يقرر مسائل علمية من غير علم إنما هو يعرض ما عنده النبي -عليه الصلاة والسلام- قال «أتدرون من المفلس؟» قالوا المفلس من لا درهم له ولا متاع قال «لا» الجواب خطأ يعني خطأ في هذا الموضع وإن كان في باب آخر في باب الحجر والتفليس الجواب صحيح لما ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- السبعين الألف حاولوا تفسير ما ورد في كلامه من هذا العدد فكل ذكر قولاً ولا فيهم ولا واحد وافق ما في نفسه -عليه الصلاة والسلام- ولا ثرّب عليهم يعني إذا طرح مسألة علمية أو آية أو حديث مع أن القرآن لا يجوز القول فيه بالرأي ولا الحديث لا بد أن يتحرى طالب العلم ويتوقى إذا أراد أن يقرر شيئًا أما أن يورده على سبيل الاحتمال وعلى سبيل البحث مع زملائه هذا الأمر فيه سهل لعلهم الذين ولدوا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولعلهم ولعلهم ثم ذكر السبعين الألف فيما بعد، "قال قلت الله ورسوله أعلم" الرسول في حياته يعلم لأنه مؤيَّد بالوحي هو لا يعلم الغيب لكنه مؤيَّد بوحي في مسائل العلم في مسائل الشرع لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى لكن بعد وفاته إذا كانت مسألة علمية شرعية مصدرها الكتاب والسنة ولو قال الجاهل الله ورسوله أعلم مازاد على الحقيقة أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أعلم بهذه الأمور من غيره لكن في الأمور الأخرى في أمور الدنيا في المستحدثات في المستجدات أبدًا لا يعلم الغيب -عليه الصلاة والسلام- قال قلت الله ورسوله أعلم "قال «إن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا»"  حق الله على العباد أن يعبدوه يعني يوحدوه كما تقدم أن يقولوا لا إله إلا الله «ولا يشركوا به شيئًا» ومفهوم هذه الجملة مؤكِّد لمنطوق الجملة الأولى لأن مقتضى التوحيد ومقتضى الإخلاص في العبادة ألا يشرك به شيئًا والجملة الثانية مؤكدة مفهومها مؤكد لمنطوق الجملة الأولى "ثم سار ساعة" كما تقدم مقدار من الزمان "ثم قال «يا معاذ بن جبل» قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك»" يعني هناك كرر ثلاث مرات وهنا مرة واحدة هناك الأهمية هناك رأس المال هناك التوحيد احتاج إلى تأكيد وهذا حق مضمون ما يحتاج إلى أن يؤكَّد لكن ما عند العبد ليس بمضمون لكن الذي عند الله في مجازاة العبد على عمله هذا شيء مضمون وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ } فصلت: ٤٦  إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ } النساء: ٤٠  فما يحتاج إلى تأكيد «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟» قلنا هناك حق واجب متأكد بل آكد الواجبات وهنا هل يجب على الله جل وعلا شيء لعباده؟ الله جل وعلا أكده وأوجبه على نفسه وإلا في الأصل ما يجب عليه شيء لأنه هو الموجب والأصل أنه لا يسأل عما يفعل لكن الله من كرمه وجوده أوجبه على نفسه والتزم به قال «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟» وما تقدم هو خلاف قول المعتزلة الذين يقولون إنه يجب على الله رعاية الأصلح لخلقه تعالى الله عما يقولون "قال قلت الله ورسوله أعلم قال «ألا يعذّبهم»" قال «ألا يعذبهم» يعني من لا يعذبهم يعني من مر ذكرهم الذين يعبدونه لا يشركون به شيئًا قال رحمه الله "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو الأحوص سلّام بن سليم" أبو بكر بن أبي شيبة من شيوخ الإمام مسلم وهو مكثر من الرواية عنه لكن أبو الأحوص سلام بن سليم أحد يذكر عن وفاته شيء؟ أبو الأحوص؟ أحد يذكر شيء؟ وين طلاب الحديث ووين طلاب السنة ووين..؟! في تاريخ ابن أبي خيثمة عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه كيف؟! يعني حدث بالقصة بعد ما قتل والا..؟! هذا منصوص عليه في كتب المصطلح اللي درسوا المصطلح يعرفون هذا وهو أن عن تأتي لا يراد بها الرواية وإنما يراد بها ذكر القصة يعني عن قصة أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه كما تقول حديثنا اليوم عن موضوع كذا أنت تحدث عن الموضوع تروي عنه تتحدث عنه وتقص عنه "عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ بن جبل قال كنت ردف.. ردف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ويقال في هذا مثل ما قيل فيما تقدم "على حمار يقال له عُفَير" وهناك في الرواية الأولى قال مُؤخِرة الرحل والرحل لا يكون إلا في البعير وهنا قال حمار يقال له عفير وتقدم الجواب عن هذا الإشكال قال "فقال «يا معاذ تدري»" تدري بدون همزة وتحذف الهمزة وهي مرادة لأنها استفهام "«تدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟» قال قلت الله ورسوله أعلم قال «فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا»" هذا كما تقدم ما فيه يعني خلاف "«وحق العباد على الله عز وجل ألا يعذب من لا يشرك به شيئًا»" الذي لا يشرك من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه يدخل الجنة على ما تقدم وعلى ما سيأتي إن شاء الله تعالى قال "قلت يا رسول الله ألا فأبشر الناس" ألا.. أفلا أبشر الناس؟ "قال «لا تبشرهم فيتكلوا»" لأن الناس ما يحتاجون إلى من يدلهم على ما فيه شيء من التساهل والتراخي الناس بطبعهم لأن التكاليف فيها ثقل وفيها شدة على كثير من النفوس لا تبشرهم خلهم يشتغلون مثل ما قيل في ليلة القدر المؤيد بالوحي يستطيع أن يقول هي ليلة كذا لكن ترك الناس تواطأت الرؤيا على ليلة واحدة أرى رؤياكم قد تواطأت فالتمسوها في كذا وكذا من أجل أن يكثر العمل وهاللي يتهجدون طول الليالي في رمضان لو يعرفون ليلة القدر خلاص وش تسوي ليالٍ معدودة معدودات في مقابل ألف شهر خلاص يكفي «ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» يقول يكفيني هذا بليلة واحدة أكسب ثلاث وثمانين سنة وش له أتعب باقي عمري ومثلها ساعة الجمعة وجاء فيها من النصوص ما يدل على التعمية وعدم الدلالة عليها بدقة لئلا يتكل الناس حنا نشوف إذا أشيع من خلال الرؤى ومن خلال بعض الاجتهادات أن ليلة القدر ليلة كذا تجد الخلل في المساجد في غيرها أفلا أبشر الناس؟ قال «لا تبشرهم فيتكلوا» قال رحمه الله "حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار" بن المثنى ومحمد بن بشار المعروف ببندار "قال ابن المثنى "حدثنا محمد بن جعفر" قال ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر "قال حدثنا شعبة عن أبي حصين" طيب مسلم روى الحديث عن اثنين ثم نص على واحد حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر قالوا إذا نص على واحد من أحد شيوخه وترك البقية فاللفظ له فهو صاحب اللفظ والا هو يرويه عن محمد المثنى وابن بشار قال المثنى وترك محمد بن بشار هو صاحب اللفظ قال حدثنا محمد بن جعفر المعروف بغندر "قال حدثنا شعبة عن أبي حصين والأشعث بن سليم أنهما سمعا الأسود بن هلال يحدث عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟» قال الله ورسوله أعلم" وهذا كما تقدم ما فيه اختلاف عما تقدم "قال «أن يعبد الله»" يعبدوه "«ولا يشركوا به شيئًا»" هنا أن يعبد الله يعني يعبده المكلفون من الجن والإنس ولا يشرك به شيء قال "«أتدري ما حقهم عليه إذا فعلوا ذلك؟» قال الله ورسوله أعلم قال «ألا يعذبهم»" وهذا كله كما تقدم ثم قال رحمه الله "حدثنا القاسم بن زكريا قال حدثنا حسين" وهو ابن علي الجعفي "عن زائدة عن أبي حصين عن الأسود بن هلال قال سمعت معاذا يقول دعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأجبته" قال دعاني قال يا معاذ فأجبته فقلت لبيك يا رسول الله وسعديك "فأجبته فقال «هل تدري ما حق الله على الناس؟»" هناك على العباد وهنا على الناس ويشمل الجن والإنس "نحو حديثهم" يعني نحو حديث الأربعة الذين سبقوا هدّاب الذي في أول رواية وأبو بكر بن أبي شيبة في الرواية الثانية وابن المثنى وابن بشار في الرواية الأخيرة والخامس القاسم بن زكريا نحو حديثهم نحو حديثهم يعني حديث الأربعة الذين تقدموا الذين تقدموا من شيوخ مسلم وهم هداب وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار قال رحمه الله "حدثني زهير بن حرب قال حدثنا عمر بن يونس الحنفي قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو كثير" يزيد بن عبد الرحمن بن أُذينة ويقال ابن غفيلة "قال حدثني أبو هريرة قال كنا قعودًا حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معنا أبو بكر وعمر" كنا قعودًا يعني مجموعة وبدال ما يعددهم كلهم فلان وفلان وفلان وفلان قد يطول الأمر قال معنا أبو بكر وعمر اقتصر على أشرفهم وأفضلهم "في نفر" يعني في مجموعة من الجلوس فقال رسول الله "فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بين أظهرنا" قام لأمر يريده "فأبطأ علينا" فأبطأ يعني تأخر انتظرناه مدة ثم انتظرناه ما جاء -عليه الصلاة والسلام- قلقوا عليه لأنهم يحبونه أكثر من حبهم لأنفسهم ويخافون عليه أكثر مما يخافون على أنفسهم -عليه الصلاة والسلام- "فأبطأ علينا وخشينا أن يُقتطع دوننا" خشينا أن يقتطع إما أن يصاب بمكروه أو يدركه عدو فيأسره أو ما أشبه ذلك وهذا من شدة حرصهم عليه -عليه الصلاة والسلام- "وفزعنا" خشينا عليه أشد الخشية "فقمنا" فقمنا يعني قمنا لنبحث عنه "فكنت أول من فزع" أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه فكنت أول من فزع يعني أول من ذُعر وأول من هُرع وأول من ذهب وأسرع ليبحث عنه -عليه الصلاة والسلام- "فخرجت أبتغي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتينا حائطًا" وهو البستان إذا كان عليه سور حائط محوط بسور "للأنصار لبني النجار" وهم فرع من الأنصار "فدرت به" على هذا السور يبحث عن باب ليدخل "فدرت به هل أجد له بابا فلم أجد" هل يتوقع أن يكون هناك سور ما له باب أصل؟ يبنى سور ما عليه باب؟ اللي من داخل وش لون يطلع واللي من برا وش لون يدخل؟ هذا كلام أبي هريرة "فدرت به فلم أجد له بابًا" ولعله يعني مفتوحًا لعله يعني بابًا مفتوحًا "فإذا ربيع يدخل" فإذا ربيع قال والربيع الجدول والمراد بالجدول النهر الصغير النهر الصغير "فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئرٍ خارجة" من بئر خارجة يعني تخرج فاعلة بمعنى مخرجًا خارجة بمعنى مخرجة يأتي هذا خارجة أو من بئرِ خارجة شخص يقال له خارجة كل هذا أبداه الشرّاح لكن إذا قلنا من بئرٍ خارجة صارت وصف وإذا قلنا من بئرِ خارجة صارت مضاف إليه مضافة إلى صاحبها خارجة "والربيع الجدول".. "فإذا ربيع يدخل في جوف حائط الربيع الجدول" والجدول معروف أنه النهر الصغير النهر الصغير "فاحتفزت" بالزاي كما يحتفز الثعلب وفي بعض الروايات فاحتفرت كأن الفتحة ما تسع فوسعها احتفرت بالراء هذه رواية والرواية الأخرى وهي الأكثر فاحتفزت بالزاي أي تضاممت تضاممت من أجل أن أستطيع الدخول "كما يحتفز الثعلب فدخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال «أبو هريرة؟»" يعني أأنت أبو هريرة "فقلت نعم يا رسول الله قال «ما شأنك؟»" استغرب النبي -عليه الصلاة والسلام- من أن يُدخَل عليه في موضع قد لا يرضى في مثل الحال أن يُدخَل عليه لكن الفزع هو الذي جعلهم يتصرفون مثل هذا التصرف والا الإنسان إذا دخل على مكان مغلق قد لا يكون من رغبته أن يُدخل عليه إلا في مثل هذه الحالة إذا تأخر الآن لو أن الأب مع الأم على فراشهما والباب مغلق الأصل أنه ما يُدخل عليهما لكن أذن الفجر وصلوا الناس وطلعت الشمس واحترت الشمس وأذن الظهر وما فتحوا ولا طلعوا يكسر الباب هل الأولاد بيصبرون؟! حب الرسول عند الصحابة أشد من هذا -عليه الصلاة والسلام- استغرب "قال «أبو هريرة؟» قلت نعم يا رسول الله قال «ما شأنك؟» وش اللي جابك؟ قال كنتَ بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا فخشينا أن تقتطع دوننا ففزعنا فكنت أول من فزع فأتيتُ هذا الحائط فاحتفزت" هذا كله تقدم "كما يحتفز الثعلب وهؤلاء الناس ورائي" هذا هم وراء الحائط ما دخلوا "وهؤلاء الناس ورائي فقال يا أبو هريرة وأعطاني نعليه" أبو هريرة ثقة حافظ الصحابة وحمل نصف الدين رضي الله عنه ما يحتاج إلى أن يعزَّز خبره هو مقبول بالاتفاق "وأعطاني نعليه فقال «اذهب بنعلي هاتين»" يعني علامة وأمارة وقرينة تدل على صدقه إضافة إلى ما كان متصفًا به والخبر إذا احتفت به قرينة يدل على القطع عند أهل العلم "«اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها»" لا يكفي أن ينطق بها لا بد أن يكون مستيقنًا بها موقنًا بها مصدقًا بها غلاة المرجئة يقولون يكفي النطق ولذا المنافقون عندهم مؤمنون نسأل الله العافية لا، لا بد من هذا القيد "«مستيقنًا بها قلبه فبشره بالجنة» فكان أول من لقيت عمر" رضي الله عنه وأرضاه "فقال ما هاتان النعلان؟" أحيانًا يرسل الشخص إلى أهله يطلب منهم شيء ثم الأهل يترددون والله يمكن هذا كذاب يقول أبوكم أعطوني ألف ريـال ثم يكون ما هو صادق لكن إذا جاء بقلم أبيهم الذي يعرفونه وقال هذا قلمه أو هذا أي شيء مما يستعمله وهو معروف ومختص به وإن أعطاه كتابه اللي عليه اسمه وتعليقاته خلاص انتهى الإشكال هذه قرينة ومازالت مستعملة إلى الآن وأمارة تدل على صدق المتكلم "«مستيقنًا بها قلبه فبشره بالجنة» فكان أول من لقيت عمر فقال ما هاتان النعلان يا أبا هريرة؟ فقلت هاتان نعلاً رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هاتان نعلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي بعض الأصول هاتين نعلا يعني العبارة التي لا تحتاج إلى تأويل هاتان نعلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما جاء في الرواية الأخرى وهي صحيحة وفي بعض الأصول الصحيحة هاتين يتأول على تقدير يعني يعني هاتين وهما نعلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "بعثني بهما من لقيت" يعني أن أقوم وأبلغ هذا الكلام "من لقيت أن يشهدوا أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه بشرته بالجنة فضرب عمر بيده" رضي الله عنه من شدة غيرته على الناس وحرصه على حب الخير لهم فضرب بيده بين ثديي فخررت لاستي والألف هذه في هذا الموضع من المواضع الستة التي هي همزة وصل "فخررت لاستي" ثديي جاء في نصوص وشواهد عربية تدل على إطلاق الثدي بالنسبة للرجل وإن كان بعضهم ينكر أن يطلق الثدي إلا على المرأة والثندوة للرجل وهذا دليل على جواز إطلاق ذلك "فخررت لاستي" وهو اسم من أسماء الدُّبر اسم من أسماء الدبر.

والتغلبي إذا تمثل للقرى

 

حك استه وتمثل الأمثال.

ما عنده إلا واللام في قوله لاستي بمعنى على يَخِرُّونَۤ لِلۡأَذۡقَانِۤ } الإسراء: ١٠٧  يعني على الأذقان "فقال ارجع يا أبا هريرة" عمر رضي الله عنه ارجع يا أبا هريرة "فرجعت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأجهشت بكاءًا" فأجهشت بكاء يعني كان متماسك إلى أن وصل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- انفجر كما يأتي الصبي إذا ضرب يتماسك إلى أن يصل إلى أمه ثم بعد ذلك يجهش بالبكاء يقبل عليه "فأجهشت بكاءً وركبني عمر" يعني تبعني ومشى خلفي في الحال ما فيه فاصل "فركبني عمر فإذا هو على إثْري" أو على أثَري ضبطت بالضبطين "فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما لك يا أبا هريرة؟» قلت لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به فضرب بين ثديي ضربة خررت لاستي فقال ارجع فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يا عمر ما حملك على ما فعلت؟»" يعني عمر رضي الله عنه في تصرفه هذا يحتاج إلى من يؤدبه؟ أو هو ناصح؟ يعني إذا صار الضرر قد لحق بشخص واحد وسوف يستحله أو يرضيه أو يعطيه مقابل حتى يرضى لكن المصلحة أعم للأمة كلها إلى قيام الساعة "قال يا رسول الله بأبي أنت وأمي أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه يبشره بالجنة؟ قال «نعم» قال فلا تفعل" وكل هذا من باب المشورة والصغير يشير على الكبير وكثيرًا ما يجد الكبار عند الصغار أشياء تنفعهم يعني الإنسان ما هو محيط بالأمور كلها وكثيرًا ما يستفيد المعلم من طلابه هذا أمر سهل قد يستفيد من أولاده يشيرون عليه بشيء قد يخفى عليه على كل حال "قال «نعم» قال فلا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون فخلهم يعملون فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «فخلهم»" وهذا من موافقات عمر رضي الله عنه موافقاته كثيرة جاءت بها النصوص حتى من القرآن أشار بأشياء ونزل بها القرآن رضي الله عنه وأرضاه وليس هذا من التدخل في التشريع يعني كلام عمر اكتسب الشرعية من أين؟ من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- له والا لا قيمة له مع وجوده -عليه الصلاة والسلام- فلما أقره اكتسب الشرعية النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل الحائط أبو هريرة دخل الحائط ولا يمكن ما فيه أحد يستأذن منه فمثل هذا يجوز عند أهل العلم والأكل اليسير من غير متخذ خبنة أيضًا جاء به النص فمثل هذا يتسامح الناس فيه لاسيما إذا كان الإنسان يشرف الإنسان أن يؤكل من طعامه أو يدخل مكانه كالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال رحمه الله "حدثنا إسحاق بن منصور" حدثنا إسحاق بن منصور "قال أخبرنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم-" إسحاق بن منصور نيسابوري وبقية الإسناد بصريون "عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ بن جبل رديفه" الواو هذه واو الحال يعني والحال أن معاذ بن جبل رديفه على الرحل على ما تقدم "قال «يا معاذ» قال لبيك رسول الله وسعديك قال «يا معاذ» قال لبيك رسول الله وسعديك" يعني في رواية نسبه وفي رواية لم ينسب معاذ بن جبل ومرة بدون والأمر لا يختلف لأنه لا يلتبس بغيره قال لبيك رسول الله وسعديك "قال يا معاذ قال لبيك رسول الله وسعديك قال «ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.. ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله إلا حرم الله عليه النار»" لا بد من النطق بالشهادتين ولا بد من أن يكون مستيقنًا بها قلبه لا بد من النطق مع الاعتقاد لا يكفي النطق وحده ولا يكفي الاعتقاد وحده فالإيمان كما هو متفق عليه عند أهل السنة قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان «يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله إلا حرم الله على النار إلا حرمه...» وش عندك؟

طالب: ........

إيه على كل حال الأصل حرمه الله على النار يعني من قال لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه وإذا لم تذكر الهاء فهي مقدرة على كل حال أو حرم الله على النار جسده أو شيئًا من ذلك "قال يا رسول الله أفلا أخبر بها الناس أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- «إذًا يتّكلوا إذًا يتّكلوا»" يعني يتركوا العمل اتكالاً على هذا على هذا الخبر وعلى هذا الوعد وفي البخاري «من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له دخل الجنة» قال البخاري ولا تغتروا ولا تغتروا صحيح لأن قول سهل توضأ ويشهد أن لا إله إلا الله ويضمن الجنة قال ولا تغتروا لأن هناك أسباب وهناك موانع وهناك أشياء تحتاج إلى إلى تحقيق "فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا" فأخبر بها معاذ أخبر بهذه الكلمة وبهذه البشرى عند موته رضي الله عنه وأرضاه تأثمًا خشية أن يأثم بكتمان هذا العلم الذي اختصه به النبي -عليه الصلاة والسلام- تأثمًا يعني خروجًا من الإثم التحنث التعبد والمراد بالتعبد الخروج من الحنث الذي هو الإثم قال رحمه الله "حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا سليمان" يعني بن المغيرة "قال حدثنا ثابت عن أنس بن مالك قال حدثني محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك" أنس صحابي محمود بن الربيع صحابي عتبان بن مالك أيضًا صحابي اجتمع في الإسناد ثلاثة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض "قال قدمت المدينة" محمود بن الربيع صحابي صغير أنس بن مالك أكبر منه أنس بن مالك لما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- المدينة كان عمره عشر سنين ومحمود بن الربيع عقل المجة التي مجها النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجهه وهو ابن خمس سنين وهو ابن خمس سنين ففي هذا كما يقول أهل العلم رواية الأكابر عن الأصاغر "عن عتبان بن مالك قال قدمت المدينة فلقيت عتبان" يقول محمود بن الربيع قدمت المدينة "فلقيت عتبان فقلت حديث بلغني عنك" حديث بلغني عنك يعني فحدثني به "قال أصابني في بصري بعض الشيء" وفي بعض الروايات أنه عمي أصابني في بصري بعض "الشيء فبعثت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فإما أن يكون عمي بالكلية أو يكون في مقدمات أو بدايات العمى قبل أن يفقد البصر بالكلية وفي النهاية عمي "أصابني في بصري بعض الشيء فبعثت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي" إني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي "فأتخذه مصلى قال فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن شاء من أصحابه فدخل وهو يصلي ويصلي في منزلي وأصحابه يتحدثون بينهم" النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى في بيت عتبان استجابة لطلبه ليتخذ هذا المكان مصلى ويتبرك به لأنه صلى فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- فيكون أولى من غيره والمبرر الآن يبي يصلي بالبيت والمبرر أنه عمي طيب ابن أم مكتوم رجل أعمى وبعيد الدار شاسع الدار ولم يأذن له النبي -عليه الصلاة والسلام- والفرق بين عتبان وابن أم مكتوم كما عُلم في تواريخ المدينة من معرفة بيوتهم أن ابن أم مكتوم يسمع النداء قال «أوتسمع النداء؟» قال نعم وعتبان أبعد وأشسع في الدار فلا يسمع النداء فلا تلزمه الإجابة هذا من وجه الأمر الثاني أن ابن أم مكتوم أعمى وهو صغير والإنسان إذا عمي من صغره ما يشكل عليه شيء بل بعض العميان رأيناهم أفضل من كثير من المبصرين فلا يكون عذر وابن أم مكتوم من هذا النوع لكن عتبان الذي عمي بعد الثمانين وش يبي يصير؟ هذا يضيع في داره ومشاهد هذا هذا مشاهد فهذا الفرق بينه وبينه فلا يضرب حديث ابن أم مكتوم بحديث عتبان "فأتى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ومن شاء من أصحابه فدخل وهو يصلي في منزلي وأصحابه يتحدثون بينهم ثم أسندوا عُظْم ذلك" عُظْم يعني معظم عُظْم ذلك والمراد بذلك ما يلقونه من أذى المنافقين أسندوا عُظْمه وكُبْره إلى مالك بن الدخشم لأنهم يرون أن جلوسه يحصل مع المنافقين ويرون ويستشفون من ذلك والا ما هو بصحيح أن نفسه مع المنافقين فيكون داعمًا لهم ولو تركهم ارتاحوا منهم المقصود قال "ثم أسندوا" يعني أضافوا عظم ذلك معظمه ما يلقوه من "المنافقين وكبره إلى مالك ابن دخشم".

المؤذن يؤذن.

قال رحمه الله "ثم أسندوا عظم ذلك" أي معظمه "وكبره" كبره يقال بضم الكاف وكسرها وفي قوله جل وعلا وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُ }  النور: ١١  كِبره قراءة السبعة بكسر الكاف والضم قراءة شاذة إلى مالك بن دُخشم مكبرًا ومصغّرًا دخشم ودخيشم بالميم عند مسلم دخشم ودخيشم وبالنون عند غيره دخشن بالنون ودخيشن "قالوا ودوا أنه دعا عليه فهلك" ودوا الصحابة مادام هذا نفسه مع المنافقين ويجلس عندهم ودوا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خلصهم منه بدعوة مستجابة وينتهون منه "ودوا أنه دعا عليه فهلك وودوا أنه أصابه شر" النبي -عليه الصلاة والسلام- يسمع كلامهم وهو يصلي في المكان الذي ارتضاه لعتبان "فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة وقال «أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟!» قالوا إنه يقول ذلك وما هو في قلبه قال «لا يشد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه»" يعني النار "قال أنس فأعجبني هذا الحديث فقلت لابني اكتبه فكتبه" أولاً مالك بن دخشم هذا شهد بدرًا وهو من جلة الصحابة وقد يكون له اجتهاد قد يكون له دعوة قد يكون له تأليف أمور بمقاصدها خفيت عليهم وهم ما لهم إلا الظاهر لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- رد عليهم بالأصل العام «أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟!» "ودوا أنه دعا عليه فهلك" يقول العلماء فيه دليل على جواز تمني هلاك أهل النفاق والشقاق ووقوع المكروه بهم ومثلهم الكفار لأنهم في الأصل أعداء والعدو لا مانع أن تتمنى له أن تتخلص منه لاسيما إذا كانت العداوة في الدين "فقلت لابني اكتبه فكتبه" كتابة الحديث حصلت في عصره -عليه الصلاة والسلام- «اكتبوا لأبي شاه» عبد الله بن عمرو كان يكتب كما قال أبو هريرة ما كان أحد أكثر مني حديثًا إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب «اكتبوا لأبي شاه» وفي حديث أبي سعيد عند مسلم «لا تكتبوا عني شيئًا سوى القرآن من كتب شيئًا سوى القرآن فليمحه» حديث صحيح حديث أبي سعيد فقالوا أن هذا كان في أول الأمر لئلا يختلط بالقرآن أو لئلا يتكل الناس على الكتاب فينسوا الحفظ ومثل هذا يتجه إلى من كانت حافظته قوية فيعتمد على الحفظ أفضل بلا شك الحفظ هو الأصل أما من كانت حافظته ضعيفة فيكتب ليردد ويراجع ويتعاهد هذا هذه قدرته "حدثني أبو بكر بن نافع العبدي قال حدثنا بهز" وهو ابن أسد "قال حدثنا حماد قال حدثنا ثابت عن أنس قال حدثني عتبان بن مالك" هناك أنس بن مالك يرويه عن عتبان بواسطة محمود بن الربيع وهنا يرويه عن صاحب القصة بدون واسطة ولا يمنع أن يروي بواسطة ثم يقابل أو يلتقي صاحب القصة فيأخذها منه مباشرة "قال حدثني عتبان بن مالك أنه عمي" يعني في آخر عمره "فأرسل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فإما أن يقال أنه عمي وقال أصابني بعض الشيء من باب تخفيف المصيبة وعدم التضجر منها بعض الناس إذا ضعف بصره قال عميت وبعضهم يعمى ويقول أصابني بعض الشيء وذكر عن بعض السلف والله أعلم أنه إحدى عينيه فقدت البصر ومكث سنين قالوا عشرين أو ما أدري ثلاثين وزوجته لا تعلم حتى عميت الأخرى إنه عمي "فأرسل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال تعال" التماس منه -عليه الصلاة والسلام- "فقال تعال فخط لي مسجدًا فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني هل يظن بعتبان أنه يريد أن يتكاسل ويتراخى ويكسل فيصلي في بيته أو أنه هذه قدرته؟ "فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجاء قوم.." بعض الناس عند أدنى سبب يترك الجماعة أصيب في ركبته وترك الجماعة ويرونه الجيران إذا تعشى بعد العشاء طلع بالشوارع يتمشى وإذا قيل له قال والله ركبتي يتذرع بعض الناس بأدنى سبب وكأنه يتعامل مع المخلوق هذا الذي يعلم السر وأخفى وأنت بأمس الحاجة إلى الله جل وعلا والله المستعان "فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجاء قومه ونعت رجل منهم يقال له مالك بن الدخشم ثم ذكر نحو حديث سليمان بن المغيرة" يعني الرواية السابقة في فوائد في هذا الحديث ذكرها النووي في شرحه قال فيها أنواع من العلم تقدم كثيرًا منها ففيه التبرك بآثار الصالحين يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه مبارك وجعل الله فيه من البركة ما ليس في غيره وفيه.. لكن إذا خشي من الافتتان بهذا المكان وأن يصرف له شيء من أنواع العبادة فعمر بن الخطاب قطع الشجرة وفيه زيارة العلماء والفضلاء والكبراء أتباعهم وتبريكهم إياهم وفيه جواز استدعاء المفضول للفاضل لمصلحة تعرض وفيه جواز الجماعة في صلاة النافلة يعني هم صلوا النبي -عليه الصلاة والسلام- أول ما بدأ بدأ بإيش بالصلاة لأنه دعي للصلاة وفي حديث أم سليم أول ما بدأ بالطعام لأنه دعي للطعام ثم صلى صلى ركعتين قال فيه أن السنة في نوافل النهار ركعتان كالليل وفيه جواز الكلام والتحدث بحضرة المصلين ما لم يشغلهم ويدخل عليهم لبسًا لأنه تحدثوا والرسول -عليه الصلاة والسلام- يصلي وفيه جواز إمامة الزائر المزور برضاه لأنه جاء النهي على أن يؤم الرجلُ الرجلَ في سلطانه وفي بيته وفي ولايته لكن هذا بإذنه وبرضاه وفيه ذكر من يتهم بريبة أو نحوها للأمة وغيره ليتحرز منه لكن من يخشى ضرره وشره هذا لا بد أن يوقف عند حده ولا يكون من الغيبة من المصلحة ويبقى أن هذا يكون بقدر الضرورة ولا يسترسل في ذلك؛ لأن أعراض المسلمين كما قرر أهل العلم حفرة من حفر النار وفيه جواز كتابة الحديث وغيره من العلوم الشرعية وفيه البداءة بالأهم فالأهم فإنه -صلى الله عليه وسلم- في حديث عتبان بدأ بالصلاة ثم أكل وفي حديث زيارته لأم سليم بدأ بالأكل ثم صلى وفيه جواز استتباع الإمام والعالم أصحابه لزيارة أو ضيافة عتبان قال للنبي -عليه الصلاة والسلام- تعال وأم سليم دعته إلى طعام فاستتبع أتباعه -عليه الصلاة والسلام- لكن يُتوقى الإحراج الرسول -عليه الصلاة والسلام- لو حصل ما حصل من قلة الطعام...

اللهم صل وسلم...

"