شرح كتاب الإيمان من صحيح مسلم (13)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول الإمام مسلم رحمه الله تعالى "حدثنا محمد بن عبّاد المكي قال حدثنا سفيان وهو ابن عيينة قال قلت لسهيل" يعني ابن أبي صالح "أن عمرًا حدثنا عن القعقاع عن أبيك قال ورجوت أن يسقط عني رجلاً" لأنه بدلاً من أن يرويه سفيان عن عمرو عن القعقاع عن أبي صالح "قال قلت لسهيل إن عمرًا حدثنا عن القعقاع عن أبيك قال ورجوت أن يسقط عني رجلاً" يعني إذا حدثتني عن أبيك مباشرة فيكون سهيل في مقابل عمرو سهيل عن أبيه في مقابل عمرو عن القعقاع عن أبيه أبي صالح فيسقط راوي وهم يحرصون على العلو في الأسانيد لأن الإسناد في أصله نازل محمد بن عباد قال حدثنا سفيان عن عمرو عن القعقاع عن أبي صالح عن تميم الداري إسناد نازل ولو رواه سفيان عن سهيل عن أبيه سقط عنه رجل واحد ولذلك قال "قلت لسهيل إن عمرًا حدثنا عن القعقاع عن أبيك قال ورجوت أن يسقط عني رجلاً" أن يُسقِط قال ورجوت أن يُسقِط يعني سهيل عني رجلاً بحيث يرويه عن أبي مباشرة "قال فقال سمعته من الذي سمعه منه أبي" فسقط عنه رجلان بدل واحد سقط عنه رجلان بدل واحد فيكون سفيان عن سهيل عن عطاء بن يزيد عن تميم فسقط عنه رجلان وهو يرجو أن يسقط عنه رجل واحد فسقط عنه رجلان وهذا ما يسمى عند أهل العمل بالحديث العلو في الأسانيد وهو قلة الوسائط وقلة الرواة فبدلاً من أن يكون الإسناد نازلاً يكثر فيه الرواة بعضهم عن بعض يكون عاليًا فيقل عدد الرواة لأن كثرة الوسائط تقوِّي احتمال الخطأ وإن كان الحديث هنا في صحيح مسلم لكن ما من راوي من الرواة إلا ويحتمل أن يتطرق الخطأ إليه وكلما قل عدد الرواة قل احتمال الخطأ ولذلك كانت رغبتهم في الأسانيد قوية وهو من سنن أهل الحديث يرغبون في علو الأسانيد وقيل لإمام من أئمة الحديث ولعله علي بن المديني في مرض موته ما تشتهي قال أشتهي بيت خالي وسند عالي هذه أمنية بيت خالي وسند عالي! هذه لذتهم وجنتهم ونعيمهم لكن يختبر منا الواحد منا نفسه هل يطيق الجلوس منفرد أو لا بد أن يبحث عمن يؤنسه ويتحدث إليه ويضيع معه الوقت في القيل والقال أهل العلم يرغبون في الوحدة والانفراد لشدة وعِظم أنسهم بالله جل وعلا فبدلاً من أن يمضي الوقت في القيل والقال يمضيه بالذكر والتلاوة والتعبد ومدارسة العلم ومراجعة الحفظ إلى غير ذلك مما هو دأبهم وديدنهم والله المستعان المقصود أن سفيان استفاد علو الإسناد وبدلاً من أن كان يتمنى أن يسقط عنه رجلاً سقط عنه اثنان "فقال يعني سهيل سمعته من الذي سمعه منه أبي كان صديقًا له بالشام" ثم قال "ثم حدثنا سفيان عن سهيل عن عطاء بن يزيد" هذا الذي حدث أبا صالح بحضور سهيل ابنه هو عطاء بن يزيد "عن تميم الداري" تميم بن أوس أبو رقية تميم بن أوس الداري كان نصرانيًا فأسلم وصحب النبي -عليه الصلاة والسلام- وليس له في البخاري رواية ويروي في صحيح مسلم هذا الحديث فقط مع أن حديث الجساسة مخرج عنه في صحيح مسلم ما ذكروا حديث الجساسة حتى النووي يقول ليس له في صحيح مسلم إلا هذا الحديث لأن حديث الجساسة لا يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وإنما النبي -صلى الله عليه وسلم- يرويه عنه هو الذي رأى الدجال في الجزيرة ثم قصه على النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا يرد أن على كلامهم أنه لا يوجد له في صحيح مسلم من الحديث إلا هذا "عن تميم الداري" منسوب إلى داريَّا بالشام ونسبة إليها داري وديري "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «الدين النصيحة»" الدين النصيحة بدون تكرار وفي رواية غير مسلم بالتكرار ثلاثًا «الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة» ثلاثًا "قلنا لمن" يا رسول الله قلنا لمن الدين النصيحة لمن؟ من ننصح؟ والدين النصيحة بتعريف جزئي الجملة يفيد الحصر والحصر هنا إضافي لأن الدين النصيحة وغيرها من شرائع الإسلام ومنهم من يقول أن الدين النصيحة حصر حقيقي وجميع شرائع الإسلام تدخل فيه لأن المسلم إذا فعلها فقد نصح لنفسه إذا صلى نصح لنفسه إذا أخلص فقد نصح لله إذا اعتنى بسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- قلنا انصح لرسوله فالدين النصيحة على حقيقته حتى قال بعضهم أن هذا الحديث أحد أربعة أحاديث يدور عليها الإسلام ورجح النووي وغيره أن الإسلام كله يدور على هذا الحديث مثل ما ذكرنا أو أشرنا إليه «الدين النصيحة» إما أن يقال الحصر هنا إضافي للاهتمام بشأن النصيحة والعناية بها كما في الحديث «الحج عرفة» أسلوب حصر وهنا الدين النصيحة أسلوب حصر والدين الذي هو الإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [سورة آل عمران:19] وهو إذا أطلق يدخل فيه الإيمان النصيحة حيازة الحظ للمنصوح حيازة الحظ للمنصوح وهي كلمة جامعة لا يوجد ما يقوم مقامها من لغة العرب حيازة الحظ للمنصوح سواء كان في أمور دينه أو في أمور دنياه من قولهم نصحت الثوب نصحت الثوب إذا سددت ما فيه من خلل بالخياطة والإبرة يقال لها مِنصحة والخياط يقال له ناصح لأنه يسد الخلل والناصح يسد الخلل الموجود عند المنصوح يرفو الخلل عند المنصوح أو من قولهم نصحت العسل إذا خلصته من الشوائب إذا خصلته ونقيته من الشوائب فالناصح ينصح أخاه المنصوح ليصفو من شوائب المخالفات بنصيحة هذا الناصح "«الدين النصيحة» قلنا لمن" يا رسول الله "قال «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»" النصيحة لله النصيحة حيازة الحظ للمنصوح النصيحة لله في حقيقتها ترجع إلى فائدتها ونفعها إلى الناصح وإلا فالله جل وعلا لا يحتاج إلى النصيحة بهذا المعنى الذي ذكرناه مما يحتاج المخلوق النصيحة لله الإيمان به والإخلاص له وطاعته واتباع أوامره واجتناب نواهيه وتقواه في السر والعلن هذه هي النصيحة وفائدتها أولاً وآخرًا للمنصوح لله «ولكتابه» النصيحة بكتاب الله يعني يهتم به المسلم ويعتني به ويحفظه ويقرأه ويتدبره ويستنبط منه الأحكام ويعمل به ويرتله بأن يقرأه على الوجه المأمور به ويتدبر ما فيه من عظات وأحكام وعبر ويحترمه ويعظمه ولا يمتهنه ولا يترك مجالا لمن أراد أن يمتهنه ويذب عنه بقدر استطاعته ولا يعرضه للامتهان وكم رأينا من المسلمين ومع الأسف من يقرأ القرآن وهو غافل أو منشغل ثم إذا أراد أن يسجد قلبه على الأرض قلبه على الأرض وجعل الآيات تباشر الأرض لا مانع من وضع المصحف على الأرض يعني مطوي يوضع على الأرض يقول أهل العلم لا مانع منه لكن إما إما أن يقلبه على الأرض بأن يجعل الأرض تباشر الصفحات والآيات هذا لا شك أنه سوء أدب بل قال بعض أهل العلم أنه أن القرآن لا يترك منشورًا يعني مفتوح إذا أراد الإنسان أن يسجد يغلق المصحف ويسجد إذا أراد أن يشرب أو يتحدث مع أحد أو كذا يغلق المصحف ليس من الأدب أن يترك القرآن منشور فضلاً عن أن ينكّس على الأرض فضلاً عن أن يلقى على الأرض أو يمتهن حتى قال أهل العلم أنه من سوء الأدب أن تمد الرجلان إلى المصحف كل هذا نبهوا عليه «ولكتابه» وعلى المسلم أن يعتني بمصحفه ومع الأسف أن أن تجد بعض المسلمين يسافر وهو لا يحفظ القرآن وليس معه مصحف وش معنى هذا؟ يعني لا رغبة له في القرآن لأن ما يتصور أن تسنح له فرصة يقرأ فيها شيئًا من كتاب الله بل المفترض في المسلم أن يكون له ورد من كتاب الله نصيب محدد يقرؤه كل يوم لا يخل به يسافر وهو غير حافظ بغير مصحف؟! هذا لا يليق بمسلم الآن في الأجهزة في الجوالات موجود المصحف يقول أنا لا أحتاج مصحف في الجوال أطلع الصفحة وأخرج السورة التي أريد فأقرأها قد يجزي ويغني هذا عن حمل المصحف لكن قد يحتاج هذا الجهاز ويكون انتهى شحنه مثلاً علما بأن الأصل اقتفاء الاقتداء بمن سلف القراءة بالمصحف ويجعلها كثير من أهل العلم أفضل من القراءة عن ظهر قلب على كل حال إذا تجاوزنا وقلنا أن هذا الجوال وإن كان من المحدثات يقوم مقام المصحف بأن الصفحة كاملة وبخط المصحف وبرسمه لا مانع لكن الأصل أن يصحب مصحفه الذي ينظر فيه كل يوم ويعتني به ويجعله في مكان طاهر وإن جعل له لفافة كما هو المعهود كان هذا أفضل وأدل على احترام هذا المسلم وتعظيمه وتقديره لكتاب الله ولا يتركه بين يدي الأطفال يلعبون به ويمزقونه أو يكتبون عليه ولا يكتب عليه كتابات إلا شيء يدل على أنه في حوزة فلان وبعض المصلين يأتي بطفل غير مميِّز سنتين والا ثلاث سنوات ويجعله يصلي بجانبه وقبل الصلوات يذهب إلى المصاحف ويعبث بها وإذا صلى والده وانشغل بصلاته ذهب إلى المصاحف وعبث بها وقد يمزق بعض الأوراق ويعرضها يعرض المصحف للامتهان وقد رأيت بنفسي شخصًا معه طفله وهو صافّ يصلي في الصلاة الفريضة قام الطفل وذهب إلى المصاحف وعبث بها وأبوه لا يحرك ساكن منشغل في صلاته لكن تقدم قليلاً إلى المروحة الهوائية فخشي أن يدخل أصابعه فقطع صلاته وذهب إليه مباشرة والمصاحف يعبث بها ولا يحرك ساكن؟! والله إن هذه مشكلة هذه خلل هل هذه من النصحية لكتاب الله؟! لا والله حق كتاب الله تعظيمه لأنه كلام الله جل وعلا.
هو الكتاب الذي من قام يقرؤه |
|
كأنما خاطب الرحمن بالكلم |
كأنك تناجي ربك تخاطب ربك والله المستعان قلنا لمن؟ قال «لله ولكتابه ولرسوله» -عليه الصلاة والسلام- ولرسوله النصيحة لرسوله نصره في حياته والدفاع عنه وفداؤه بالنفس والمال ومحبته أعظم من محبة النفس فضلاً عن الولد والوالد فضلاً عن غيرهما وبعد وفاته محبته وتعظيمه وإجلاله وتقديره والصلاة عليه بل الإكثار من الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- وطاعته وبعض الناس يزعم أنه يحب الرسول يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو مخالف لأوامره مرتكب لنواهيه هذا حبه كاذب {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [سورة آل عمران:31] فالاتباع والائتساء والاقتداء هو علامة المحبة هذا الدليل على أنك تحب الله ورسوله ولرسوله والذب عنه في حياته وبعد مماته والتأثر إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يذب عنه وليست لديه القدرة على ذلك أقل الأحوال أن يتأسى يتحسر ويهتم ويغتم إذا سمع من ينال من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما حصل من من طوائف الكفر ومع الأسف من بعض من ينتسب إلى الإسلام مع أنه إذا سبّ الله وسبّ رسوله كفر لا حظ له ولا نصيب في الإسلام حتى قال أكثر أهل العلم أنه لا توبة له لا تقبل توبته يقتل على كل حال وقد كثر لا كثرهم الله من ينال من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وسائل الإعلام على مرأى ومسمع من العالَم والله المستعان «ولرسوله» من ذلكم العناية بسنته -عليه الصلاة والسلام- بحفظها وفهمها وتعلمها وتعليمها والعمل بها والاهتمام بكتبها والاهتمام بكتب السنة يقال حتى إذا كان ممن ينسخ ويكتب الأحاديث عليه أن يعتني بضبط الكتابة وإتقانها وهذا من النصيحة لرسوله -عليه الصلاة والسلام- ويكثر من الصلاة عليه ويسطرها عند كتابة الأحاديث فلا يفوت ذكره -عليه الصلاة والسلام- إلا مقرونا بالصلاة والسلام عليه "«ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»" أئمة المسلمين هم الولاة ولاة الأمور من المسلمين ينصح لهم ويمحضون النصيحة فإذا حصل منهم أدنى مخالفة أو أي تقصير على المسلم أن يبادر بنصحهم بالطريقة التي تحقق المصلحة ولا يترتب عليها أدنى مفسدة لأنه إذا ترتب عليها مفسدة وهي من باب الأمر بالمعروف أهل العلم يتفقون على أنه إذا ترتب على الإنكار منكر أعظم منه فإنه لا يجوز إنكاره فالنصح لولاة الأمر وتقديم النصيحة لهم بالوسائل والطرق المناسبة بما لا يثير العامة عليهم ومن نصحهم جمع الكلمة لهم وقال أهل العلم إن من غشهم غش الولاة غرهم بالثناء الكاذب يعني عكس النصيحة يعني بدلاً من أن تنصح له وتقدم له ما ينفعه في دينه ودنياه وما ينفع رعيته تغره بالثناء الكاذب متى يعرف أنه مخطئ وهو يغر بمثل هذا الثناء ومع ذلك يجب أن تكون النصيحة سرًا إن أجدت لأن النصيحة علانية قد تثير بعض الناس لاسيما في بعض الظروف والظروف تختلف من وقت إلى آخر ونوعيات الناس تختلف أبو سعيد أنكر على مروان وهو على المنبر لكن هل ترتب على إنكاره فوضى أو ترتب على إنكاره مظاهرات أو نبذ لطاعة ولي الأمر؟ أبدًا تختلف الظروف والأحوال قبل ثلاثين سنة يتجاوز في بعض أنواع النصيحة وضروبها ما لا يتجاوز عنه الآن لأن الناس في ذلك الوقت لا يثيرهم مثل هذا يستفيدون منه ولكنه لا يؤثر فيهم ما يحدث الخلل ويوجد شروخ في المجتمع الآن الظرف لا يحتمل الذي نعيشه والمحافظة على المكتسبات الموجودة هو المفترض والواجب في هذا الظرف الذي نعيشه ومع ذلك تبذل النصيحة لولي الأمر ولمن يصل إلى ولي الأمر ومن يستطيع أن يؤثر على ولي الأمر ليس معنى هذا إذا قلنا أن الظرف لا يحتمل ويخشى من الفوضى وكذا أن يترك ولي الأمر بلا نصح ولأئمة المسلمين هنا الذين هم الولاة وبعضهم يدخل فيهم العلماء وهم في الواقع أئمة أئمة فالولاة والعلماء هم أئمة المسلمين ولا غنى للوالي عن العالِم ولا يستطيع العالم أن يستقل بنفسه دون الوالي وعلى كل حال يقول «ولأئمة المسلمين وعامتهم» عامة المسلمين ينصح لعامة المسلمين ويحب لهم ما يحب لنفسه إذا وجد شخصًا يبيع سلعة لا يتغانم غفلته وعدم معرفته بالقيمة إنما ينصح له يعطيه ما تستحقه هذه السلعة وينصح له أيضًا إذا أخطأ في أمر دينه أو وجد خللاً في عبادته فإنه ينصح له ويرشده إلى الحق في هذه المسألة وكثير من المسلمين يصلي صلاة فيها خلل كبير ومع ذلك لا يجد من ينصحه ويمضي على ذلك عشرات السنين وهو لا يعرف كيف يصلي كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يعرف كيف يصوم ولا يعرف كيف يؤدي مناسكه كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا لا شك أنه تقصير وإخلال بهذا الحديث الدين النصيحة العقائد يفد إلينا من البلدان من يحمل عقائد مخالفة لما عليه سلف الأمة وأئمتها ويعيشون معنا سنين طويلة قد يعيش عشرين ثلاثين سنة وهو على عقيدته ويرجع كما كان تجد العالم عند صاحب العمل ويعرف وقد يكون صاحب العمل طالب علم وتجد المعلم في الأقسام الشرعية تجده يدرس تفسير والا حديث وعقيدته مخالفة لعقيدة السلف الصالح ويجلس مع زملائه في القسم من أهل السنة والجماعة ومن يتقنون الدعوة والتأثير ومع ذلك يرجع كما جاء بعد عشرين سنة يرجع كما.. هل هذا من النصيحة؟ والله ليس من النصيحة هذا خلل وعدم امتثال لحديث «الدين النصيحة» لأن هذا الذي ينتسب إلى العلم إما فقيه وإما مفسر وإلا له عناية بالحديث أو غير ذلك وفي عقيدته خلل هذا إذا انتفع واستفاد وهداه الله بسببك «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» وهذا المعلم يرجع إلى بلده ويعلم الناس العقيدة الصحيحة ويكون لك من الأجور مثل أجورهم فهذا الحديث العظيم ينبغي أن يعتني به المسلم عمومًا وطالب العلم على وجه الخصوص لا يفرط لا يسوف لا يحقر نفسه كم رأينا ممن يصلي وهو باسط ذراعيه وبجواره طالب علم مشكلة وقد جاء النهي عن ذلك كم من رأينا كم رأينا من يسجد وهو رافع رجليه عن الأرض ولا ينبه أو ساجد على بطون أصابعه دون راحته هذا كثير في الناس ولا ينبه إلى ذلك ليس هذا من النصيحة النصيحة أن ترشده إلى ما يصحح عبادته ليترتب عليها أثرها من القبول والثواب قال "وحدثني محمد بن حاتم قال حدثنا ابن مهدي" الإمام عبد الرحمن بن مهدي "قال حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح يعني بالإسناد المذكور "عن عطاء بن يزيد الليثي عن تميم الداري عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بمثله" «الدين النصيحة» الدين النصيحة بمثل ما تقدم قال "وحدثني أمية بن بسطام" حدثنا أمية بن بسطام العيشي "قال حدثنا يزيد يعني ابن زريع قال حدثنا روح وهو ابن القاسم" قال حدثنا روح وهو ابن القاسم ويؤتى بيعني كما في قول يعني ابن زريع وهو كما قوله في قوله وهو ابن القاسم إذا لم توجد النسبة في سياق الشيخ يعني قال مسلم حدثنا أمية بن بسطام قال حدثنا يزيد ما قال أمية بن بسطام يزيد بن زريع قال حدثنا يزيد فبينه ووضحه الإمام مسلم بقوله يعني ابن يزيد قال حدثنا روح ولم يبين فقال مسلم وهو ابن القاسم يأتون بيعني ويأتون بهو إذا لم يذكر النسب في سياق الشيخ الراوي عنه فيبيَّن ويأتي بالزيادة بيعني وهو من أجل أن يوضح أن النسبة ليست من أصل الإسناد وإنما هي من زيادات المؤلف وهو ابن قاسم "قال حدثنا سهيل عن عطاء بن يزيد سمعه وهو يحدث أبا صالح" عطاء بن يزيد الليثي سمعه وهو يحدث أبا صالح "عن تميم الداري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أبو صالح عبد الله بن ذكوان "عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثله" ثم قال "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة حماد بن إسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن جرير" وهو ابن عبد الله البجلي "قال بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم" بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولم يذكر غيرهما من أركان الإسلام فلم يذكر الصيام ولا الحج وإنما اقتصر على الصلاة وإيتاء الزكاة لأنها قرينتها الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين تليها الزكاة والذي يصلي في كل وقت في كل يوم خمس صلوات يسهل عليه أن يصوم شهر في السنة ويسهل عليه أن يحج مرة في عمره وإذا جادت نفسه بالماء بإيتاء الزكاة فما دونها مما يدخل في هذا الباب من باب أولى "والنصح لكل مسلم" النصح لكل مسلم ويوجد في أسواق المسلمين ضروب وأنواع من الغش والضحك على الناس نسأل الله العافية مع أن المفترض في المسلم أن ينصح أخاه وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه تجده يغشه ويظهر له السلعة ويمدح له السلعة بغير ما هي عليه قال "والنصح لكل مسلم" امتثل جرير ابن عبد الله هذه النصيحة وطبقها فبعث غلامه ليشتري له فرسا فوجد فرس مع رجل فقال له بكم؟ فقال بثلاثمائة بثلاثمائة فذهب به إلى جرير لينقده الثمن فلما رآه جرير قال فرسك يستحق أكثر أتبيعه بأربعمائة؟ قال نعم فقال له فرسك يستحق أكثر من أربعمائة أتبيعه بخمسمائة؟ قال نعم فمازال به حتى أوصله الثمانمائة الآن عرف جرير أن هذه القيمة الحقيقية يستحق ثمانمائة ولو كان يستحق أكثر منها لبين له هذه هي النصيحة التي بايع جرير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليها وطبقها لكن مع الأسف أنه في أوساط المسلمين اليوم لو جئت إلى شخص وجدت عنده سلعة رخيصة وقلت له لا تقول بمائة أنا أعطيك مائة وخمسين السلعة تستحق أكثر ماذا يقولون؟ يقولون ناصح والا مغفل؟ ما يترددون في وصفه بالتغفيل وهو في الحقيقة ناصح في بعض المحلات التجارية يرفعون الأسعار أضعاف مضاعفة محتجين بأنهم لو ذكروا السعر الحقيقي لكسدت السلع لكسدت السلع لأن الناس يستدلون على جودة السلع بأقيامها وتجد وهذا في الغالب إذا كان الزبائن من النساء أو أشباه النساء المتر من القماش في محل بعشرة وفي محل بثلاثمائة والناس يذهبون إلى المحل الغالي أكثر مما يذهبون إلى المحل الرخيص لأنهم يستدلون بالأقيام على الجودة وشخص لما قيل ألا تخاف الله تبيعه بثلاثمائة وهو عند جارك بعشرة؟! قال أستطيع أن أبيع عليك بخمسة لكن لو قلت لهذه المرأة بعشرة ما اشترت هل هذا مبرر لأن يرفع القيمة أو السعر إلى هذا الحد؟ لا والله الرزق على الله جل وعلا والقليل المبارك أفضل من الكثير منزوع البركة تمحق البركة بهذه الطريقة لو جمع ما جمع من المال فإنه لن يستفيد منه والله المستعان وهذا خلاف ما كان عليه صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كجرير وغيرهم وما عليه سلف هذه الأمة حينما كانت الدنيا وسيلة إلى الهدف الذي من أجله خلق وهو تحقيق العبودية تحقيق العبودية لله جل وعلا {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات:56] وأما الدنيا يؤخذ منها بقدر ما يحتاجه الإنسان للوصول إلى الهدف ولا تنس نصيبك من الدنيا لا تنس نصيبك من الدنيا لكن ليس بمعنى أن تكون الدنيا هي الهدف ومع الأسف بعض الناس يتخذ الدنيا وسيلة لتحقيق هدفه وهو الوصول إلى الدنيا وهذا أسوأ الأنواع نسأل الله السلامة والعافية قال "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير قالوا" يعني ثلاثتهم "حدثنا سفيان عن زياد بن علاقة سمع جرير بن عبد الله يقول بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على النصح لكل مسلم حدثنا سُريج بن يونس ويعقوب الدورقي قالا حدثنا هشيم عن سيار عن الشعبي عن جرير يقول بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة" على السمع والطاعة لحديث عبادة بن الصامت بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره على أن نقول أو نقوم بالحق لا نخاف في الله لومة لائم "يقول بايعت النبي -عليه الصلاة والسلام- على السمع والطاعة فلقنني «فيما استطعتَ»" فيما استطعت اللفظ هذا منه -عليه الصلاة والسلام- يقول لجرير فيما استطعتَ لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها مقرون بالاستطاعة وفي بعض الروايات «فيما استطعتُ» وعلى هذا يكون جرير نطق بها بعد أن لقنه النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- إياها "«والنصح لكل مسلم» قال يعقوب في روايته قال حدثنا سيار" قال حدثنا سيار في الرواية قالا حدثنا هشيم عن سيار وفي الرواية الأخيرة قال يعقوب وفي روايته سريج قال حدثنا هشيم عن سيار ويعقوب الدورقي قال عن هشيم قال حدثنا سيار ونستفيد من الرواية الثانية تصريح هشيم بالتحديث وهو معروف بالتدليس فانتفت تهمة تدليسه وعُرف اتصال الإسناد وأنه أخذه عن سيار بدون مباشرة ثم بعد هذا قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى حدثني حرملة بن يحيى بن عبد الله "حدثني حرملة بن يحيى بن عبد الله بن عمران التجيبي قال أنبأنا ابن وهب قال أخبرني يونس" ابن وهب عبد الله بن وهب ويونس بن يزيد الأيلي "عن ابن شهاب" محمد بن مسلم بن شهاب الزهري "قال سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن" بن عوف أحد الفقهاء السبعة "وسعيد بن المسيب" وهو كذلك منهم من الفقهاء السبعة "يقولان قال أبو هريرة" رضي الله تعالى عنه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمرة حين يشربها وهو مؤمن»" «لا يزني حين يزني وهو مؤمن» ترجم النووي رحمه الله تعالى بقوله باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله وهو مؤمن يعني كامل الإيمان لا أنه يرتفع عنه الإيمان بالكلية إنما يرتفع كماله الإيمان الكامل بدليل أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة قيل يا رسول الله وإن زنا وإن سرق؟ قال «وإن زنا وإن سرق» والحديث صحيح فدل على أن قوله «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» يعني مؤمن كامل الإيمان ومنهم من يقول أن هذا في حق المستحل للذنب لا شك أن من يستحل الزنا كافر من يستحل السرقة كافر ومن يستحل شرب الخمر لا شك في كفره لأنها أمور معلومة من الدين بالضرورة إما أن يقول المنفي كمال الإيمان أو يقال هذا بالنسبة للمستحل ومن أهل العلم من يقول في مثل هذا أنه يمر كما جاء من نصوص الوعيد يمر كما جاء لأنه أبلغ في الزجر أبلغ في الزجر «ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن» منهم من يقول أن الإيمان يرتفع عن المسلم عن المؤمن إذا باشر هذه الأمور ويكون كالظلة فوقه فإن تاب رجع إليه وإلا لايزال منفصلاً عنه وهذا قول جاء فيه بعض الآثار لكن المعتمد والمعول عليه عند أهل العلم أن النفي كمال الإيمان أو نقول أن هذه من نصوص الوعيد تمر كما جاءت وهو أبلغ في الزجر ومنهم من يقول للمستحل وهو مروي عن جمع من أهل العلم وله وجهه ولا شك أن المستحل يخرج من الدين باستحلاله هذه المحرمات المجمع عليها «ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» الحسن البصري والطبري يقولان إن النفي هنا للاسم الذي يمدح به المسلم وهو الإيمان لا يطلق عليه الإيمان وإنما يطلق عليه المرتبة التي تليها وهي الإسلام وبدلاً من أن يقال مؤمن يقال زاني ويقال سارق ويقال شارب وهكذا ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن "قال ابن شهاب وأخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن أن أبا بكر كان يحدثهم هؤلاء عن أبي هريرة" يعني هؤلاء الجمل لا يزني الزاني لا يسرق السارق لا يشرب الشارب.. "ثم يقول وكان أبو هريرة يلحق معهن" معهن يعني من روايته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا من كيسه لكن أحيانًا يقتصر على ما ذكر وأحيانًا يزيد عليهن وهي من روايته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وكان أبو هريرة يلحق معهن "«ولا ينتهب نهبة ذات شرف»" يعني يلتفت إليها الناس ليست شيء حقير والا شيء يسير بعض الناس يدخل المحلات البقالات والا.. ويأخذ من المكسرات الحبة والحبتين ويأكل ثم ينتقل إلى غيرها وهذه أشياء يسيرة جدًا هذه ما تسمى نهبة ولا تدخل في الحديث وإن كان الورع تركها وإن قيل بالمنع كان هو الأصل لكن لا ينتفي عنه الإيمان المذكور في الحديث لأنها ليست ذات شرف "«يرفع الناسُ إليه فيها أبصارهم»" يعني مر على هذا وأخذ حبة فستق ومر على هذا وأخذ زبيبة وأخذ من هذا هو يمكن يرجع بوجبة كاملة من سائر المحلات لكن لا شك أن هذا لؤم وخسة لكن رفع الإيمان عنه رفع الإيمان عنه بهذه بهذا المأخوذ الذي لا يرفع الناس إليه رؤوسهم ينتفي بهذا القيد ولا ينتهب نهبة النهبة الأخذ علانية والسرقة الأخذ بخفية "«ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليهم فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن» وقال عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد" عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد "قال حدثني أبي عن جدي" أبوه شعيب وجده الليث بن سعد الإمام قال حدثني أبي عن جدي قال حدثني عقيل" عقيل بن خالد "قال قال ابن شهاب أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام" أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة وش قلت أنا أولاً عن أبي بكر بن عبد الرحمن..؟
طالب: ..........
إيه هو ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أحد الفقهاء السبعة "أنه قال إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «لا يزني الزاني» واقتص الحديث" يعني ذكر الحديث بمثله "بمثله يذكر مع ذلك النهبة" يعني مما يتصل بالخصال الثلاث السابقة ولا ينتهب نهبة "ولم يذكر ذات شرف" لم يذكر القيد وإنما النهبة مطلقة سواء كانت ذات شرف أو كانت يسيرة حقيرة يدخل في الحديث لكن القيد معتبر والمطلق يحمل على المقيد ولا يعني هذا الاستخفاف بحقوق الناس والاستهانة بها وأنه يدور على المحلات ويأخذ منها اليسير ثم اليسير ثم اليسير ثم يحصل به الكثير والله المستعان قال "حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن" وأبو سلمة بن عبد الرحمن "عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثل حديث أبي بكر هذا إلا النهبة" يعني لم يذكرها قال "وحدثني محمد بن مهران الرازي قال أخبرني عيسى بن يونس قال حدثنا الأوزاعي" الإمام عبد الرحمن بن عمرو "عن الزهري عن ابن المسيب وأبي هريرة وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثل حديث عقيل عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وذكر النهبة" الحاصل أن النهبة أحيانًا يذكرها أبو هريرة فتروى عنه وأحيانًا لا يذكرها وأحيانًا يذكرها موصوفة بكونها ذات شرف وأحيانًا يذكرها مطلقة وذكر النهبة ولم يقل ذات شرف في الرواية التي قبلها إلا النهبة يعني لم يذكرها وفي الرواية الثانية التي تليها ذكر النهبة ولم يذكر الوصف "وحدثني حسن بن علي الحلواني قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا عبد العزيز بن المطلب عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار مولى ميمونة وحميد بن عبد الرحمن" الحميري "عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ح" يعني حاء التحويل من الإسناد الأول إلى الثاني "وحدثنا محمد بن رافع قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" ولم يقل هنا بمثله ولا بنحوه لكن المقصود أنه في الحديث السابق قال "حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كل هؤلاء بمثل حديث الزهري السابق غير أن العلاء وصفوان بن سليم ليس في حديثهما «يرفع الناس إليه فيها أبصارهم»" يعني بدون ذكر القيد وقد يكون بدون ذكر بعض القيد لأن القيد فيه الوصف بأنها ذات شرف وبأنها يرفع الناس إليها أبصارهم يرفع الناس ليس في حديثهما يرفع الناس إليه فيها أبصارهم ومعلوم أنها إذا كانت ذات شرف رفع الناس إليه فيها أبصارهم وإذا رفع الناس في.. أبصارهم كانت ذات شرف فالجملتان بمعنى واحد "وفي حديث همام بن منبه «يرفع إليه المؤمنون أعينهم فيها»" يرفع المؤمنون أعينهم فيها أعينهم يعني أبصارهم التي مرت في الروايات السابقة "«وهو حين ينتهبها وهو مؤمن»" النهبة الأخذ علانية وبسرعة هذه النهبة بخلاف السرقة التي هي أخذ بخفية "وزاد «ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن»" الغلول الأخذ من الغنيمة قبل أن تقسم ويطلق ويراد به الخيانة ويراد به الخيانة استعملناه على شيء فليأتنا بقليله وكثيره {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [سورة آل عمران:161] نسأل الله العافية "«ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن فإياكم إياكم»" احذروا احذروا النبي -عليه الصلاة والسلام- يحذر أمته يحذر أمته فلا خير إلا دلهم عليه ولا شر إلا حذرهم عنه -عليه الصلاة والسلام- «فإياكم إياكم» ثم قال "حدثني محمد بن المثنى قال حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان عن ذكوان عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "عن ذكوان عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكوان السمان هو أبو صالح "عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمرة حين يشربها وهو مؤمن»" يعني على ما تقدم تفسيره في الرواية الأولى "«والتوبة معروضة بعد والتوبة معروضة بعد»" في الرواية السابقة «فإياكم إياكم» تحذير وترهيب وفي هذه الرواية الترغيب «والتوبة معروضة بعد» فلا يأس فمن قارف بعض هذه المنكرات وبعض هذه الجرائم لا ييأس فـ«التوبة معروضة بعد» مبني على الضم لقطعه عن الإضافة مع نية المضاف إليه {لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [سورة الروم:4] أما بعد فالتوبة معروضة مفتوح بابها ومأمور بها وهي واجبة فمن تاب تاب الله عليه فالتوبة تهدم ما كان قبلها بالشروط المعروفة عند أهل العلم أن يقلع عن الذنب فورًا وأن يندم على ما فات وأن يعزم على ألا يعود إذا جاءت بهذه التوبة بشروطها في وقت الإمكان قبل أن تطلع الشمس من مغربها وقبل أن يغرغر فإنها حينئذٍ مقبولة وتهدم ما كان قبلها وتبدَّل بها السيئات حسنات إلا الذين تابوا {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [سورة الفرقان:70] وهذا ترغيب في التوبة ولا شك أن التوبة مرغَّب فيها بل هي واجبة فعلى الإنسان أن يبادر مادام في زمن الإمكان ولا يسوف لئلا يبغته الأجل وهو على حاله من المعصية قبل أن يتوب فيعاقب عليها إن لم يغفر الله له ويتجاوز عنه والله جل وعلا أفرح بتوبة عبده من فاقد الراحلة التي عليها متاعه في مفازة وأيس من وجودها وخاف من أن يموت من الجوع والعطش فنام تحت ظل شجره فاستيقظ فهي على فإذا هي على رأسه قائمة وعليها متاعه وشرابه الله يفرح بتوبة عبده أشد فرحًا من هذا الذي وصل إلى حد اليأس من الحياة ثم جاءت دابته التي عليها متاعه ثم قال رحمه الله "حدثني محمد بن رافع قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان عن الأعمش عن ذكوان عن أبي هريرة رفعه" رفعه يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وليس موقوفًا عليه إذا قال رفعه قال التابعي بعد ذكر الصحابي رفعه أو يرفعه أو يبلغ به أو ينميه أو رواية كل هذا صريح في الرفع "رفعه قال «لا يزني الزاني» ثم ذكر بمثل حديث شعبة" من ذكر الخصال المذكورة.
اللهم صل على محمد...
نترك فرصة للإخوان في آخر ساعات الجمعة ليدعون ويشتغلوا بأذكار المساء والدعاء في هذه الساعة المباركة.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.