شرح كتاب الإيمان من صحيح مسلم (16)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام مسلم رحمه الله تعالى في الاستدلال على زيادة الإيمان ونقصانه وأن زيادته تكون بالطاعات وأن النقصان يكون بالمعاصي والسيئات يقول رحمه الله حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر المصري قال أخبرنا الليث" وهو ابن سعد الإمام المشهور "عن ابن الهاد" عن ابن الهاد يزيد بن عبد الله والهاد كما هو معلوم اسم منقوص إذا اقترن بـ(ال) القاعدة أن تثبت الياء فيكون الأصل فيه الهادي وأما إذا جُرِّد من (ال) فتُحذَف في حالتي الرفع والجر ويجوز حذفها مع اقترانه بـ(ال) كما في الكبير المتعال الكبير المتعال "عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال « يا معشر النساء»" المعشر القوم الذين يجمعهم وصف واحد فالرجال معشر والنساء معشر والإنس معشر والجن معشر المقصود أن الذين يضمهم ويجمعهم وصف واحد يقال لهم معشر "«يا معشر النساء»" ويجمع على معاشر "«تصدقن يا معشر تصدقن وأكثرن الاستغفار»" هذا الخطاب موجَّه للنساء معلَّل بما ذُكر "«فإني رأيتكن أكثر أهل النار»" والرجال كذلك عليهم أن يتصدقوا وأن يكثروا من الاستغفار لاسيما وأن المعاصي مشتركة يقع فيها الرجال كما تقع فيها النساء لكن ما ذكر «فإني رأيتكن أكثر أهل النار» لأن النساء في الغالب أقل في التحري من الرجال لنقص عقولهن ودينهن كما سيأتي «فإني رأيتكن أكثر أهل النار» "فقالت امرأة منهن جزلة فقالت امرأة منهن جزلة" عاقلة حصيفة "وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟" يعني ما السبب الذي كنا فيه أكثر من الرجال في النار "فقال -عليه الصلاة والسلام- «تكثرن اللعن»" واللعن الدعاء على المعلون بالطرد والإبعاد عن رحمة الله وهو محرَّم وجاء في الحديث الصحيح في البخاري وغيره «لعن المؤمن كقتله لعن المؤمن كقتله» يعني في التحريم وهذا التشبيه تشبيه اللعن بالقتل للتنفير لأن القتل أمره وشأنه عظيم وخطير وهذا مما تقرر عند الناس كلهم بالنسبة للقتل وهم يتساهلون في اللعن فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينفِّر من اللعن فشبهه بالقتل في أصل الحرمة وإلا فالقتل شأنه لا شك أعظم وأنه هو الذي.. الشرك {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [سورة الفرقان:68] فالقتل شأنه خطير جدًا وهو الذي يلي الشرك من المعاصي وتشبيه اللعن به وهو الدعاء على الملعون بأن يطرد من رحمة الله هذا أمر لا يقبله مسلم لنفسه أن يطرد من رحمة الله فكيف يقبله لأخيه؟ «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» إذا كان ما يرضى لنفسه أن يطرد من رحمة الله فكيف يرضاه لأخيه؟! وليس اللعن وإن كان في المسلم أشد ففي الحيوانات أيضًا لما لعنت الدابة ناقتها قال «لا تصحبنا دابة ملعونة» فسُيِّبَت وتُرِكَت وكثير من الناس لسوء خلُقه لأدنى سبب يصدر اللعن على من يعقل ومن لا يعقل وعلى كل حال في وقته -عليه الصلاة والسلام- كان النساء أكثر بالنسبة للعن يتساهلون فيه وهو موجود في كثير من الأقطار لكن في بعضها قد لا يسمع اللعن في المرأة ألبتة وإن كثر في الرجال المسألة مسألة تغيُّر أزمان وأحوال وعادات وبعضهم يصدر اللعن على ما يعجبه فقد سمع ما أشعره لعنه الله يمدحه في الشعر ويقول لعنه الله! يعني أجرى هذا الكلام الشنيع على لسانه فصار يوقعه على من يستحق ومن لا يستحق ولعن المرأة ولعن المؤمن المسلم محرَّم بالإجماع وهو من الكبائر لأنه مقرون بالقتل وأما بالنسبة لغير المسلم فلعن الكافر المعيَّن يتورع كثير من أهل العلم عن إطلاق الجوائز لأنه لا يدرى عن عاقبته فقد يختم له بخير فيتوقف في أمره وأما من مات على الكفر وعرف بذلك وجزم به فهو مستحق للعن ومن جاء لعنه في النصوص على سبيل التخصيص يلعن على سبيل التخصيص ومن جاء على سبيل العموم يلعن على جهة العموم ولا يخصص لعن الله السارق ولعن الله شارب الخمر ولعن الله الواشمة والمستوشمة والمتبرجات من النساء والمترجلات من النساء والمخنثين من الرجال المقصود أنه جاء لعن على سبيل العموم وحينئذٍ لا يجوز التخصيص ولذا لما جيء بالشارب وقيل له ما أكثر ما يشرب الخمر لعنه الله قال لا تكن عونًا للشيطان على أخيك فالمعيَّن لا يُلعن وإن جاء لعنه مع غيره في جملة من اتصف بهذا الوصف قال "«تكثرن اللعن وتكفرن العشير وتكفرن العشير»" العشير هو المعاشِر الذي هو الزوج لأدنى سبب تقول المرأة ما رأيت خيرًا قط وإن عاشت مع زوجها في نعيم ورغد عيش وترف تقول ما رأيت خيرًا قط لأدنى سبب وهذا جبلَّة في النساء كثير كثير جدًا فيهن والكفر هنا كفر النعمة لا الكفر الذي يخرج من الملة تكفرن العشير لأنه جاء في بعض الروايات أيكفرن بالله؟ قال يكفرن العشير وهذا نص وتكفرن العشير «وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن»؛ لأن المرأة ناقصة عقل ودين منذ أن خلق الله الخلق إلى قيام الساعة ناقصة عقل ودين والعلة الموجودة المذكورة في النص موجودة في النساء إلى يوم القيامة لأن بعض الكُتّاب إذا تطرق لهذا الحديث ناقصات عقل ودين طعن في الحديث كيف تكون ناقصة عقل وقد أخذ حصلت على أعلى الشهادات وفاقت الذكور في الدرجات وتسلمت أعلى المناصب ونجحت في القيادات كيف تكون ناقصة عقل؟ يقول هذا خاص بالنساء في وقته -عليه الصلاة والسلام- يعني الصحابيات ما تعلموا جهال يعني أميون هن النواقص في العقل والدين سبحان الله! كل هذا مجاراة لأعداء الإسلام الذين يرفعون من شأن المرأة فوق ما أنزلها الله إياه المرأة إنسان وهي شقيقة الرجل لكن الله فضل الجنس على الجنس جنس الرجل على جنس المرأة {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [سورة البقرة:228] وطعن بعضهم ومع الأسف أنه أمضى عمره في الدعوة في حديث «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» الحديث في البخاري وقال الحديث ليس بصحيح لماذا ليس بصحيح؟ قال الواقع يرده يقول غاندي حكمت الهنود أكثر من مليار شخص ونجحت في حكمهم وتاتشر حكمت الإنجليز وهم من هم يعني في..  على حد زعمه وقلدامائير هزمت العرب كيف يقول لن يفلحوا وقد أفلحوا؟ المشكلة أنه لا يعرف وش معنى الفلاح؟ لا يعرف معنى الفلاح والميزان والمقياس عنده غير شرعي؛ لأنه ينظر إلى أمر دنيوي لا ينظر إلى أمر الآخرة مع الأسف الشديد مع أنه مثل ما ذكرت ممن يزاول الدعوة وإلا فغيره كثير لكن من علمانيين ولبرانيين ومنحلين هذولا أمرهم سهل يعني ما هم مثل من ينتمي وينتسب إلى الدعوة "«وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب»" يعني عقل من الرجال هن يغلبن الرجال لاسيما الكرام منهم يغلبن الكريم ويغلبهن اللئيم "«أغلب لذي لب منكن»" قلت "قالت يا رسول الله المرأة الجزلة سألت سؤال ثاني "قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين؟" وما نقصان العقل والدين؟ "قال «أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل»" يوجد في النساء من تفوق كثيرًا من الرجال في عقلها وفي دينها كثير من الرجال وليس المقصود مقابلة الأفراد بالأفراد إنما المقصود مقابلة الجنس بالجنس "أما نقصان عقلها «أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل»" واحد شهادة امرأتين تعدل.. {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [سورة البقرة:282] والسبب في ذلك الضبط في النساء أضعف منه في الرجال {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [سورة البقرة:282] يعني الضبط في النساء أقل ولذلك تجدون في الرواة الرجال أضعاف أضعاف النساء في الرواية لضعف ضبطهن وهنا {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [سورة البقرة:282] "«فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل» فهذا نقصان العقل" والمرأة في خمس مواضع أو خمسة مواضع هي على النصف من الرجل فشهادتها على النصف وديتها على النصف وعقيقتها على النصف والميراث على النصف وأيضًا العتق على النصف العتق على النصف «من أعتق امرأتين كأنما أعتق رجل» "فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان" يعني إذا نزل عليها الحيض فإنها لا تصلي وتفطر في رمضان لا تصوم ولا يصحان منها بل يحرمان يعني الصيام والصلاة وتقضي الصيام ولا تقضي الصلاة وهذا أمر مقرر ومجمع عليه بين أهل العلم "هذا نقصان الدين" يعني إذا كان الأسرة في البيت في رمضان كلهم صيام إلا امرأة من أم أو بنت تأكل في رمضان هذا لا شك أنه نقصان لكنه ليس بيدها ليس بيدها ولذلك لا تأثم به ولكن هل يُكتَب لها من الصلاة والصيام ما يكتب لها وهي في الطهر كما يكتب للمريض والمسافر ما كان يفعله صحيحًا مقيمًا المانع ليس منها المانع ليس بيدها حيضتها ليست بيدها كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعائشة فهل يُكتَب لها ذلك؟ من العلماء من يقول أنها أن الحيض مرض {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [سورة البقرة:222] فيلحق بالمرض فمن أفطرت بسبب الحيض كمن أفطرت بسبب المرض ومنهم من يقول لا يكتب لها ولو كتب لها لما صار نقصان في الدين لما صار نقصان في الدين لأن الرجال يسافرون ويفطرون ويمرضون فيفطرون وما أعد ذلك نقصان نقصان الدين هذا دليل على نقص الدين والدين يشمل الإيمان والإسلام والإحسان كما جاء في حديث جبريل لما سأل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام والإيمان والإحسان قال «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» وهذا دليل على نقصان الإيمان بترك الطاعات وأما الزيادة فأدلتها كثيرة متظاهرة متظافرة منها ثمان آيات في كتاب الله جل وعلا وجاء في السنة ما هو أكثر من ذلك وهو قول عامة أهل السنة وأن الإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية قال "وحدثنيه" يعني الحديث "أبو الطاهر قال أخبرنا ابن وهب عن بكر بن مضر عن ابن الهاد بهذا الإسناد مثله" يعني بالإسناد المتقدم عن ابن الهاد إلى "آخره وحدثني الحسن بن علي الحلواني وأبو بكر بن إسحاق واسمه محمد قالا حدثنا ابن أبي مريم واسمه سعيد بن الحكم المصري قال أخبرنا قال أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرني زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري" اسمه سعد بن مالك بن سنان "عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ح وحدثنا يحيى بن أيوب" ح هذه حاء التحويل يستعملها مسلم كثيرًا ومرت بنا مرارًا "ح وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قالوا حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو" عن عمرو بن أبي عمرو "عن المقبري" وهو سعيد أو أبوه أبو سعيد كيسان لأن هم تكلموا في المهمل في الصحيحين ترددوا هل هو عن سعيد أو أبيه وهو محتمل وكلاهما يروي "عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعنى حديث ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثل" معنى حديث ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني ليس بلفظه لكنه بمعناه ثم قال بعد ذلك رحمه الله "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية" أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب محمد بن العلاء قال حدثنا أبو معاوية الضرير محمد بن خازم "عن الأعمش" سليمان بن مهران "عن أبي صالح" ذكوان السمان "عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد إذا قرأ ابن آدم السجدة في القرآن يعني سجدة التلاوة فسجد اعتزل الشيطان يبكي اعتزل الشيطان يبكي يقول يا وليه»" وفي رواية أبي كريب «يا ويلي» ومن الأدب ألا ينسب مثل هذا الكلام لنفسه من الأدب في العبارة ألا ينسب مثل هذا الكلام القبيح لنفسه مثل ما جاء في قصة أبي طالب وقد تقدمت قال هو على ملة عبد المطلب والأصل أن يقول ينسبه لنفسه أبو طالب ماذا قال؟ قال أنا لكن لما كان الكلام قبيحًا لم يستسغ الراوي والناقل أن ينسبه لنفسه وهذا من باب الأدب اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله يعني نفسه وفي رواية أبي كريب يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود يعني إذا كان التصريح والنسبة للنفس النسبة للنفس يترتب عليها حكم شرعي ونسبتها إلى الغير من باب الأدب يترتب عليها خلل في هذا الحكم فإنه حينئذٍ لا بد من التصريح جاء ماعز إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال يا رسول الله إني زنيت كل الرواة يسوقونها بهذا اللفظ لأنه لو نقل إنه زنى ما فيه تصريح بالزنى الذي يلزم بالحد "«إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويله» وفي رواية أبي كريب «يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد أمر ابن آد بالسجود فسجد»" امتثل امتثل الأمر "«فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار»" سجود التلاوة في أربعة عشر موضعًا أو خمسة عشر على اعتبار سجدة ص أو عدم اعتبارها وعلى اعتبار سجدات المفصل أو عدم اعتبارها خلاف بين أهل العلم لكن هي أربعة عشر والخامسة عشرة سجدة ص وسجود التلاوة سنة عند جماهير أهل العلم وقال أبو حنيفة هي واجبة ومن أدلته هذا الحديث لأنه رتب على عدم السجود النار «وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» وعلى رأيهم على رأي الحنفية وعندهم أن من لم يسجد متوعَّد بالنار وهذا فيه ما فيه جماهير أهل العلم على أن سجود التلاوة وسجود الشكر عند تجدد النعم كله كلها من السنن المؤكَّدة شيخ الإسلام رحمه الله كأنه يميل إلى رأي أبي حنيفة على كل حال لما قرأ النبي -عليه الصلاة والسلام- السجدة وقال «إنا نسجد فمن شاء فعل ومن شاء ترك» وسجد مرة في سجدة ص ومرة لم يسجد فيدل على أن في الأمر سعة لكن على المسلم أن يحرص ألا يشابه إبليس حينما أمر بالسجود فرفض "حدثني زهير بن حرب قال حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش بهذا الإسناد مثله غير أنه قال «فعصيت فلي النار»" إذا كان الحنفية يستدلون على وجوب سجدة التلاوة بمثل هذا الحديث ووجه الدلالة منه أنه تُوعد بالنار أو حكم عليه بالنار لأنه رفض السجود طيب الذي لا يسجد ألا يشبهه؟ فرق بين المعصية مواجهة قال له الله جل وعلا اسجد لآدم فقال لا، هل هذا مثل من يرد عليه كلام ليس فيه إلزام أولاً وليس فيه مواجهة لا شك أن الأمر يختلف المواجهة أمرها شديد يعني الذي رد على النبي -عليه الصلاة والسلام- هل هو مثل الذي جاء بعده بمدد متطاولة وسمع أمره فلم يمتثل يعني الذي يقول لمن يأمره لا، فرق بين أن يأمر الأب ولدًا من أولاده فيقول اذهب لكذا فيقول لا، وبين من يقول لولده اذهب لكذا فيخرج مع الباب كأنه ما سمع من غير تصريح ولا مواجهة بالمعصية ما بينهم فرق؟ بينهم فرق.

طالب: ..........

سجود التلاوة في أوقات النهي ذكرنا مرارًا أن أوقات النهي تنقسم قسمين منها الموسع ما بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وما بعد صلاة العصر إلى أن تتضيف الشمس للغروب ومنها المضيَّق التي جاء ذكرها في حديث عقبة بن عامر ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا إذا طلعت الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب هذه الثلاثة أشد من الاثنين وجاء في الموسع إقرار من قضى راتبة الصبح بعد صلاة الصبح وقضى النبي -عليه الصلاة والسلام- راتبة الظهر بعد صلاة العصر فالأمر هنا فيه سعة وأما الأوقات المضيقة فلا أمرها أشد نهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا هذا فيه أشد ووقتها قصير لا يضير الإنسان أن ينتظر عشر دقائق ربع ساعة حتى يزول وقت النهي بخلاف الوقتين الموسعين وعمومها محفوظ بخلاف عموم الوقتين الموسعين فإنه دخله التخصيص قد يقول قائل وقد قيل من قِبَل بعض أهل العلم أن ما دون الركعة لا يسمى صلاة فالسجدة لا تسمى صلاة وما لا يسمى صلاة لا يمنع منها لأن النهي جاء عن الصلاة والسجدة لا تسمى صلاة لأنها دون الركعة كذا قالوا لكن أيهما أقرب إلى المشابهة النهي عن الصلاة في هذه الأوقات بسبب مشابهة الكفار الذين ينتظرون غروب الشمس وطلوعها فيسجدون لها أيهما أقرب في المشابهة للكفار من يصلي صلاة كاملة أو من يسجد؟ هم يسجدون لها فإذا قرنّا النص المانع من الصلاة في هذه الأوقات بالعلة المذكورة للنهي قلنا أن من يسجد سجدة أقرب إلى مشابهة الكفار من يصلي ركعتين مثلاً وإذا منع من الصلاة فالسجدة من باب أولى لأنها أقرب إلى مشابهة الكفار قال رحمه الله "حدثنا يحيى بن يحيى التميمي" وفي طبقته يحيى بن يحيى الليثي راوي الموطَّأ عن مالك وليس له ذكر في الكتب الستة "وعثمان بن أبي شيبة كلاهما عن جرير قال يحيى أخبرنا جرير" كلاهما عن جرير "قال يحيى أخبرنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان" طلحة بن نافع "قال سمعت جابرًا يقول سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر تركَ الصلاة ترك الصلاة»" «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» يستدل بهذا الحديث أن تارك الصلاة كافر من يقول أن تارك الصلاة كافر ويستوي في ذلك من جحد ومن ترك تهاونًا وكسلاً لأنه قال «بين الشرك وبين الكفر» ترك الصلاة فإذا ترك الصلاة فقد دخل في الشرك والكفر «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» ومسألة كفر تارك الصلاة مسألة معروفة عند أهل العلم ما كان الصحابة ومن بعدهم من التابعين ما تركه كفره إلا الصلاة كأنه نقل الا تفاق بينهم أما من جحد وجوبها فهذا مجمع على كفره كمن جحد أي ركن من الأركان وما ثبت من الإسلام بالضرورة الأحكام القطعية أما بالنسبة لترك الصلاة وقد قال بكفره جمع من أهل العلم وهو قول الإمام أحمد وبعض المالكية وبقية الأركان الزكاة والصيام والحج الجماهير على عدم الكفر إذا أقر بوجوبها أما إذا جحد وجوبها فهو كافر بالإجماع والقول بكفر تارك الزكاة والصيام والحج قول معروف عند المالكية ورواية عند الحنابلة قال رحمه الله حدثنا أبو غسان المسمعي" مالك بن عبد الواحد "قال حدثنا الضحاك بن مخلد" وهو أبو عاصم النبيل "عن ابن جريج" عبد العزيز بن عبد الملك "قال أخبرني أبو الزبير" محمد بن مسلم بن تدرس "أنه سمع جابر" بن عبد الله سمع جابر بن عبد الله أبو الزبير معروف وموصوف بالتدليس وصرَّح بالسماع وعند أهل العلم أنه لا يقبل ما حدث به إلا ما صرح به إلا ما صرح بسماعه وهنا صرح وعلى كل حال جاءت أحاديث في صحيح من طريق أبي الزبير عن جابر من غير تصريح وتلقاها أهل العلم بالقبول أما في غير الصحيح فلا بد أن يصرح أنه سمع جابر بن عبد الله "يقول سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»" كما تقدم «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» والشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد وحكمهما واحد بمعنى أن المشرك والكافر محكوم عليهما بالخلود في النار لكن بعضهم يخص الكفر بالجحود وبعضهم.. والشرك بتشريك غير الله معه فيما هو من خصائصه يقول بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ومثله المرأة لأنهن شقائق الرجال ويشتركن معه مع الرجال في جميع الأحكام إلا ما دل الدليل على اختصاص الرجال به ثم قال رحمه الله تعالى في تفضيل الإيمان وأنه شرط لصحة جميع الأعمال وذكر بعض الأعمال الفاضلة بعد الإيمان على اختلاف بينها في الروايات يقول رحمه الله "وحدثنا منصور بن أبي مُزاحم" وأبو مزاحم اسمه بشير "قال حدثنا إبراهيم بن سعد ح وحدثني محمد بن جعفر بن زياد قال أخبرنا إبراهيم يعني ابن سعد" الذي في السند السابق في الطريق الأول قال حدثنا إبراهيم بن سعد وفي الثاني قال أخبرنا إبراهيم يعني ابن سعد لماذا جاء بيعني في الطريق الثاني ولم يأتِ بها في الطريق الأول؟ الراوي منصور بن أبي مزاحم نسبه فقال إبراهيم بن سعد والراوي في الطريق الثاني محمد بن جعفر قال أخبرنا إبراهيم ولم ينسبه فزاد المصنف نسبته وبيَّن أنها أن هذه النسبة لم تكن في سياق شيخه وإنما زاده من تلقاء نفسه فقال يعني ابن سعد وقد يقولون هو ابن سعد ليبين أنها مزيدة من عنده "عن ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري "عن سعيد بن المسيب" الإمام الذي هو أفضل التابعين عند أحمد وهذا من حيث العلم وإلا جاء في صحيح مسلم وغيره تفضيل أويس القرَني وقال بفضله عامة أهل العلم لكن من الناحية من ناحية العلم والرواية لا شك أن سعيد بن المسيب أعلم وأكثر رواية "عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟" هنا مسألة تتعلق بالتفضيل هناك وجهان للمفاضلة الأول من جهة العلم كما قالوا في سعيد والثاني من جهة العمل والزهد والعبادة كما قالوا في أويس ولا شك أن العلم الذي نفعه يتعدى مفضَّل عند أهل العلم إذا جاء من اتصف به بجميع ما أمر به ما يكون عالم يعلِّم الناس ويرشدهم ويوجههم ويقصِّر هو بنفسه لا، المسألة مفترضة في مثل سعيد إمام في العلم والعمل لكن أويسا في باب العمل والزهد كأنه فضل عليه كما جاء في الحديث ومن جهة العلم سعيد عمر بن الخطاب أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يطلب من أويس أن يدعو له عمر بن الخطاب فكيف بمن دونه وعلى هذا إذا احتجت إلى دعاء أو احتجت إلى رقية مثلاً وعندك أعلم من في البلد وأزهد من في البلد تذهب إلى الأعلم ليرقيك أو إلى الأزهد والأورع لا شك أن الزهد والورع له أثر في إجابة الدعوة له أثر في إجابة الدعوة لأن الأزهد والأورع أحرى أن يكون أطيب كسبًا ومطعمًا أحرى أن يكون أطيب كسبًا ومطعمًا وجاء في الحديث «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة» ولذلك تجدون الناس يتزاحمون على من اتصف بشيء من العبادة والزهد ليرقوهم أكثر مما يزدحمون على أهل العلم مع أن أهل العلم فيهم الزهد والورع والتقى لكن همهم وما انتشر بين الناس عنهم أنهم يعلمون الناس ويقضون أوقاتهم للتصدي لحوائج الناس وهذا يرونه صلاة وصيام وقراءة قرآن تلاوة وابتهال وبكاء فكأنهم يرونهم أكثر في هذا الباب وأدخل من بسط نفسه للناس بالتعليم والتوجيه فتجدهم لا يقصدون العالِم لرقية أو شبهها إلا فيما قل قصدهم لهؤلاء الذين عرفوا بالعبادة والزهد كما هو شأن أويس وهذا له أصل وما جاء من فراغ جاء رجل يسأل في المدينة فدُل على ابن عباس ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن قال السائل هذا ذاك رجل مالت به الدنيا ومال بها فقصد ابن عمر لأنه زاهد ابن عمر يعني المسألة ما جاءت من فراغ لها أصل ولذلك الذي يقول لماذا يجيب ولده ليرقيه أو يأتي ليرقيه فلان وهو أشبه بالعامي ويترك العالم الفلاني والفلاني والعالم الفلاني؟ لأنهم يرون العالِم شغله العلم والتعليم وقضاء حوائج الناس والتصدي لهم عن العمل المرئي الذي يراه الناس هذاك ما عنده شيء الزاهد ما يجي للناس يقرؤون عليه ويعلمهم ويوجههم يتعبد فما للناس إلا الظاهر وقد يكون العالم أكثر عبادة في الخفاء من هذا الزاهد وهذا المظنون بأهل العلم وانشغالهم بالعلم والتعليم مبرر لأن يكونوا أقل في العمل لأن هذا يكون نفع متعدي وذاك قاصر والنفع المتعدي لا شك أنه أفضل وأنفع من النفع القاصر "عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟" أي الأعمال أفضل؟ قال «إيمان بالله»" وهذا لا إشكال فيه ولا خلاف لأن الإيمان شرط لصحة جميع الأعمال فلا يُقبَل أي عمل مع تخلف هذا الشرط الذي هو الإيمان بالله "قال ثم ماذا؟ قال «الجهاد في سبيل الله»" ولا شك أن الجهاد ذِروة سنام الإسلام وتركه يورِث الذل والمسكنة كما جاء في حديث «إذا تبايعتم بالعينة وتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله أورثكم ذلاً لا يرفعه حتى تراجعوا» فالجهاد شأنه في الإسلام عظيم "قال ثم ماذا؟ قال «الجهاد في سبيل الله»" يعني لإعلاء كلمة الله "قال ثم ماذا؟ قال «حج مبرور»" قد يقول قائل الحج ركن من أركان الإسلام والجهاد دونه ليس بركن والتفضيل في مثل هذه الرواية للجهاد على الحج من جهة أن الجهاد فيه الذب عن الدين وأهله وكف من يطمع في بلاد المسلمين فنفعه متعدي والحج قاصر فإذا تعين الجهاد صار أفضل من الحج أما إذا كان من فروض الكفايات فلا شك أن الحج أفضل منه وأولى ويقدَّم عليه لاسيما الفرض قال ثم ماذا؟ قال حج مبرور الجهاد في سبيل الله يعني من جاهد قاتل لإعلاء كلمة الله لتكون كلمة الله هي العليا وله شروط وله أحوال فُصِّلت في كتب أهل العلم وإذا لم يتعين لا بد فيه من إذن الوالدين قال «أحي والداك؟» قال نعم قال «ففيهما فجاهد» بخلاف ما إذا تعيَّن ويتعين في حالات ثلاث الأولى إذا استنفره الإمام والثانية إذا حضر الصف لا يجوز له أن يتولى من الزحف والثالثة إذا دهم العدو بلده تعيَّن عليه وما عدا ذلك فهو من فروض الكفايات قال «الجهاد في سبيل الله» وجاء في أحاديث في أكثر من حديث يأتي الصحابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأذنه في الجهاد يستأذنه في الجهاد مما يدل على أنه لا بد من الإذن لا بد من إذن الولي ولي الأمر المسلم في الجهاد في سبيل الله ولو تُرك المجال كل يحمل سيفه وسلاحه ويخرج لصارت المسألة فوضى لا بد من راية تجمع وفي الأحاديث التي ذكرنا محتواها أنه جاء يستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجهاد قرر أهل العلم أنه لا بد من الإذن في الجهاد والاستئذان "قال ثم ماذا؟ قال «حج مبرور»" «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيومَ ولدته أمه» الحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم لا يخالطه إثم وقال بعضهم هو المقبول كيف تدري أنه مقبول لتعلم أن حجك مبرور؟ قالوا القبول له علامة بأن تكون حاله بعد الحج أفضل من حاله قبل الحج "وفي رواية محمد بن جعفر قال «إيمان بالله ورسوله»" لا بد من الإيمان بالرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ولو لم يصرَّح به لأنه داخل في الإيمان بالله لأن تعريف الإيمان كما في حديث أبي عمر وأبي هريرة في أسئلة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر خيره وشره وتؤمن بالبعث فالإيمان بالرسول ركن لا بد منه ولا يصح الإيمان بالله دون إيمان برسوله -عليه الصلاة والسلام- "وحدثنيه محمد بن رافع وعبد بن حميد عن عبد الرزاق" بن همَّام الصنعاني "قال أخبرنا معمر" قال أخبرنا معمر وهو ابن راشد "عن الزهري بهذا الإسناد مثله" ثم قال "حدثني أبو الربيع الزهراني" واسمه سليمان بن داود قال "حدثنا حماد بن زيد" بن درهم "قال حدثنا هشام بن عروة" بن الزبير "ح وحدثنا خلف بن هشام واللفظ له قال حدثنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة" عن هشام بن عروة "عن أبيه" عروة بن الزبير "عن أبي مراوِح" عن أبي مراوح قال كثير من أهل العلم أنه لا اسم له اسمه كنيته اسمه كنيته وسماه مسلم في الكنى بسعد وهو غفاري أو ليثي ومنهم من قال الغفاري ثم الليثي "عن أبي مراوح الليثي عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله" أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري "قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ أي الأعمال أفضل؟ قال «الإيمان بالله والجهاد في سبيله»" قال قلت أي الرقاب أفضل؟ أي الأعمال أفضل؟ قال «الإيمان بالله والجهاد في سبيله» "قال قلت أي الرقاب أفضل؟" يعني للعتق "قال «أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنًا»" قال «أنفسها عند أهلها» يعني أغلاها عند أهلها لما تتصف به من الصفات النافعة لا شك أن هذا يشح به أهله ببيعه إلا بثمن أغلى «أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنًا» والعلماء بالنسبة إلى الأضحية يفضلون السمين الثمين على غيره وإن تعدد يعني كبش كبير سمين ثمين أفضل من اثنين صغيرين لأنه أوفر لحم والمنظور إليه كثرة اللحم وفي العتق قالوا إن تعدد الرقاب أفضل من عتق واحد ولو كان أنفس لأن المنظور إليه في الأضحية نفع الفقير الآكل وينتفع بوفرة اللحم أكثر من انتفاعه بالعدد بينما في العتق تعدد الرقاب أفضل من واحدة ولو كانت أنفع وأنفس لأن من أعتق رقبة أعتق الله بها أعتقه الله بها من النار كل عضو بعضو فإذا زاد وأعتق ثانية وثالثة أفضل من أن يعتق واحدة ثمنها كبير لأن هؤلاء سوف يتجردون ويتفرغون لعبادة الله وذلك سوف يتفرغ لعبادة الله ما فيه فرق ونفعه بصفاته المتعدية التي ينفع وينتفع بها بعد عتقه سوف ينفع بها في حال رقه أما بالنسبة لعبادة الله جل وعلا التي قد يمنعه منها الرق فإنه إذا تحرر فهو واحد يتعبد بعبادة شخص واحد بخلاف العدد ولذا فضل أهل العلم العدد في العتق ووفرة اللحم بالنسبة للأضحية "قال قلت فإن لم أفعل؟" فإن لم أفعل؟ يعني يفعل إيش؟ يعني ما تقدم جميع ما تقدم؟ أو على الأخير؟

طالب: .............

طيب والجهاد؟ هو لا يعود إلى الإيمان اتفاقًا من لم يفعل الإيمان يعين صانع؟ لا، لكن إن لم يجاهد تخلف عن الجهاد لعذر أو لم يجد ما يعتق فإن لم أفعل وإذا تعقَّب الوصف أو الاستثناء أو الشرط جملاً متعددة فهل يعود إليها كلها أو إلى الأخير فقط أو لما تدل عليه القرائن والدلائل الأخرى؟ هنا لا يعود إلى الإيمان بالاتفاق إجماع ولا يوجد ما يمنع من أن يعود من ألا يعود إلى الجهاد لعذر من الأعذار تخلف عن الجهاد لعذر ولم يستطع العتق لقلة ذات اليد يوجه إلى أن يعين صانعًا أو يصنع لأخرق كونه يعود إلى الأخير محل اتفاق والأول في هذا الحديث لا يعود إليه باتفاق والخلاف في الوسط نظير ذلك من يقذف ترتب على فعله ثلاث عقوبات {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ = 4 إِلاَّ الَّذِينَ} [سورة النــور:4-5] يعود إلى الجمل الثلاث؟ إذا تاب يسقط عنه حد القذف بالاتفاق ما يسقط عنه مثل ما عندنا هنا يرتفع عنه الوصف بالفسق وهو الأخير هذا باتفاق لكن هل تقبل شهادته أو لا تقبل؟ هذا محل الخلاف إلا الذين تابوا قال {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} [سورة النــور:4] إلا الذين تابوا ولا شك أن هناك ارتباطًا بين قبول الشهادة والوصف بالفسق فإذا ارتفع الوصف بالفسق ثبتت العدالة وإذا ثبتت العدالة قبل الشهادة "قلت فإن لم أفعل قال «تعين صانعًا أو تصنع لأخرق تعين صانعًا أو تصنع لأخرق»" قالوا في أكثر الروايات لصحيح مسلم يعني من نسخ الصحيح ما هي الروايات التي يرويها مسلم ما يروى به صحيح مسلم قالوا بالضاد المعجمة ضايعًا تائهًا ضالاً تعينه على معرفة الطريق "«أو تصنع لأخرق»" وهنا في الرواية التي عندنا وهي رواية صحيحة وفي كثير من النسخ والأصول الوثقة صانعًا صانعًا أو تصنع متقاربة وهذا مما يرجِّح الرواية بالصاد المهملة تعين صانعًا ولا شك أن دلالة الضائع والتائه شأنها عظيم عند الله جل وعلا لأنه عليه خطر من الموت وعطش والا إنهاك أو ما أشبه ذلك قد يموت وهذا لا شك أنه أفضل من من إعانة الصانع لكن تعين صانعًا أو تصنع لأخرق قال قلت يا رسول الله أرأيت أرأيتَ "قال قلت يا رسول الله أرأيتَ إن ضعفت عن بعض العمل؟" ما استطعت أن أعين أحد لأن بعض الناس ما فيه نفع لا لنفسه ولا لغيره فمثل يوجَّه إلى أن يكف شره عن الناس "قلتُ فإن لم أفعل؟ قال «تعين صانعا أو تصنع لأخرق» قال قلت يا رسول أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل قال «تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك»" حدثني قال "حدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبدٌ أخبرنا وقال ابن رافع حدثنا" وهذا من دقة الإمام مسلم في تفريقه بين صيغ الأداء روى عن محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبدٌ أخبرنا "وقال ابن رافع حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن حبيب مولى عروة بن الزبير عن عروة بن الزبير عن أبي مراوح عن أبي ذر" الزهري تابعي تابعي صغير حبيب مولى عروة بن الزبير تابعي عروة بن الزبير تابعي وأبو مراوح تابعي الأربعة كلهم تابعيون ففي هذا الإسناد أربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض في سند واحد وهذا وارد وموجود والثلاثة أكثر ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض أكثر في الأسانيد والأربعة كما في هذا الإسناد يوجد، والخمسة نادر والستة في حديث واحد يتعلَّق بفضل سورة الإخلاص مخرَّج في سنن النسائي وقال بعده النسائي هذا أطول إسناد في الدنيا وصنَّف فيه الخطيب البغدادي مصنَّفًا حديث الستة التابعين "عن أبي ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بنحوه غير أنه قال «فتعين الصانع أو تصنع لأخرق»" تعين صانعًا أو تعين الصانع وش الفرق بينهما؟ هذاك نكرة يشمل أفراد متعددة وهذا فيه (ال) الجنسية تعين الصانع فأي صانع فيلتقيان أو تصنع لأخرق الذي لا يستطيع ولا يعرف ولا يخدم نفسه هذا أخرق قال رجل أخرق وامرأة خرقاء لا تدبر أمور بيتها تسمى خرقاء والذي لا يدبر أموره بنفسه يقال له أخرق فمثل هذا يعان قال رحمه الله "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني" سليمان بن فيروز الكوفي "عن الوليد بن العيزار عن سعد بن إياس" أبي عمرو الشيباني الشيباني الأول الراوي عن الوليد بن عيزار اسمه سليمان بن فيروز وأبو عمرو الشيباني اسمه سعد بن إياس "عن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أفضل؟" عن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني قائلا أي العمل أفضل؟ "قال «الصلاة لوقتها» قال «الصلاة لوقتها»" يعني في وقتها «الصلاة لوقتها» "قال قلت ثم أيٌّ؟" ما الذي يلي هذا العمل الصلاة لوقتها يعني هل قوله «الصلاة لوقتها» ينافي تفضيل الإيمان على غيره؟ لا، لا شك أن هذا مشروط بالإيمان "قال قلت ثم أيٌّ؟ قال «بر الوالدين» قال قلت ثم أيٌّ؟ قال «الجهاد في سبيل الله» فما تركت أستزيده إلا إرعاءً عليه" يعني ما الذي ترك جعله يترك ثم أي ثم أي.. حتى يعدد عليه أعمال كثيرة إرعاء عليه وإبقاء عليه وشفقة عليه أراد ألا يكلفه وألا يحرجه فتوقف ثم قال "حدثنا محمد بن أبي عمرو المكي قال حدثنا مروان الفزاري قال حدثنا أبو يعفور عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود قال قلت يا نبي الله أي الأعمال أقرب إلى الجنة؟" يعني أقرب طريق يوصل إلى الجنة من الأعمال "قال «الصلاة على مواقيتها» قال قلت وماذا يا نبي الله؟ بعد ذلك قال «بر الوالدين» قال قلت وماذا يا نبي الله؟ قال «الجهاد في سبيل الله»" قال «الجهاد في سبيل الله» ثم قال "وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن الوليد بن العيزار أنه سمع أبا عمرو الشيباني قال حدثني صاحب هذه" الدار وأشار إلى دار عبد الله بن مسعود وهذه الإشارة يستدل بها العلماء على أن الراوي ضبط الخبر أشار إلى صاحب هذه الدار لأن اللفظ بالاسم أو عدم اللفظ به كما في بعض الروايات مع الإشارة إلى بيته ومعرفة داره يدل على أنه ضبط وأتقن لأنه بمجرد ذكر الاسم قد يحصل وهم لكن إذا أشار إلى داره دل على أنه متحقق منه "وأشار إلى دار عبد الله قال سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال «الصلاة على وقتها» قلت ثم أي؟ قال «بر الوالدين» قال قلت ثم أي؟ قال «الجهاد في سبيل الله» قال حدثني بهن ولو استزدته لزادني" يعني لو طلبت أشياء ثانية قلت ثم أي.. لذكر بعد ذلك أشياء لكن ما الذي منعه من ذلك الإرعاء والإبقاء عليه قال "حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر" يستدل أهل العلم بمثل هذه العبارات على أن على الطالب ألا يحرج الشيخ ولا يضجره بكثرة الأسئلة قال "حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر" ابن بشار يلق بندار محمد بن جعفر يلقب غندر قال "حدثنا شعبة وهو ابن الحجاج بهذا الإسناد مثله وزاد وأشار إلى دار عبد الله وما سماه لنا" حدثنا صاحب هذه الدار وما سماه وفي الرواية السابقة عبد الله قال "حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن الحسن بن عبيد الله عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «أفضل الأعمال أو العمل الصلاة لوقتها وبر الوالدين»" سمعنا سؤال واحد يتكرر أي العمل أو أي الأعمال أفضل؟ جاء الجواب بالإيمان بالله ثم الجهاد ثم الحج وجاء الجهاد ثم بر الوالدين بر الوالدين ثم الجهاد جاءت أجوبة متفاوتة وفي الروايات الأخرى غير ذلك غير ذلك والسؤال واحد فإما أن يقدر مِن كما قال بعض أهل العلم يعني من أفضل الأعمال كذا وكذا وكذا فكلها تندرج في كونها من أفضل الأعمال ومنهم من قال أن الأجوبة تختلف باختلاف الأحوال والظروف والسائلين فأحيانًا تكون الحاجة داعية إلى الجهاد لأن العدو أحاط بالمسلمين ودهمهم فالحاجة إلى الجهاد أشد فيرجح الجهاد في هذا الظرف وأحيانًا تكون الحاجة إلى الجهاد أقل فيرجح ما هو أقل منه من الأركان كالحج وغيره وبر الوالدين لمن كانت حاجة والديه ماسة أكثر من فضل بر الوالدين لمن كان عندهم من يخدمهم المقصود أن هذه تختلف باختلاف الظروف والأحوال فيجاب كل شخص بحسب ما يناسبه ويليق به لو جاء شخص له بنية قوية شديدة ومن خلال ما مخاطباته وأسئلته وسؤاله وكذا تبين أن فهمه أقل وأن الحافظة عنده ضعيفة هذا يوجه لأي شيء؟

طالب: .............

أو لطلب العلم؟ لا، للجهاد لو جاء شخص بنيته ضعيفة وذكاؤه متميز متوقد وحافظته قوية هذا يوجه للجهاد والا لطلب العلم فكل شخص يوجَّه إلى ما هو أنسب له وهو الأنفع له ولغيره.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ونترك ربع الساعة الباقية أو الثلث للدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة نسأل الله جل وعلا أن يعيننا على ما يرضيه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى وصحبه أجمعين.

"